المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مشكلة تفسير القرآن بالرأي



منذر أبو هواش
31/05/2007, 09:07 AM
مشكلة تفسير القرآن بالرأي
لكل منحى من مناحي الحياة مثل الطب والهندسة واللغة وغيرها علوم متأصلة مبنية على قواعد وأصول محددة تراكمت عبر التاريخ البشري الإنساني، وهذه العلوم يتم التخصص فيها وتحصيلها ولا يسمح بالعمل فيها إلا بعد المرور بامتحانات والحصول على إجازات. فالأمور الطبية لا يستطيع العمل فيها والإفتاء في شؤونها إلا طبيب، والأمور الهندسية لا يفتي فيها إلا مهندس، ولا يجوز أن يفتي في اللغة إلا عالم لغة. أي أن لكل تخصصه، ولا يجوز لكل أحد أن يتحدث كأنه مرجع في غير مجال تخصصه، وذلك لأن التفسيرات التي تخرج من العامة في "معمل الحياة" تكون أبعد ما تكون عن الفهم الصحيح المبني على العلم الراسخ.

لكن الغريب أن نرى بعض غير المتخصصين في الأيام الأخيرة يسمحون لأنفسهم بتفكيك آيات التنزيل الكريم بشكل واضح فاضح ويضربون بعرض الحائط كل ما ورد عن السلف الصالح، ويعيدون تفسير آيات القرآن الكريم بالرأي بشكل يخالف جمهور علماء المسلمين.

ومن أشد ما يثير الدهشة والغضب أنهم يقومون بنشر أفكارهم وتفسيراتهم الغريبة المخالفة لما هو متواتر والمبنية في غالبها على التفسير بالرأي في مختلف وسائل النشر مثل الانترنت والفضائيات بشكل مباشر من دون عرضها على مختصين رغم أنهم لا يملكون الحد الأدنى من أدوات التفسير أو مواصفات المفسر الذي ينبغي عليه أن يكون ملما بعلوم اللغة والنحو والصرف والاشتقاق والمعاني والبيان والبديع والقراءات وأصول الدين وأصول الفقه وأسباب النزول والقصص والناسخ والمنسوخ والفقه والأحاديث المبينة لتفسير المجمل والمبهم، فضلا عن علم الموهبة الذي يورثه الله تعالى لمن يعمل بما يعلم من إخلاص النية وصحة الاعتقاد ولزوم سنن الدين.

ولما كانت العقيدة والفقه والأمور والعلوم الشرعية الأخرى من "العلوم" المتأصلة ذات القواعد والأصول مثلها مثل العلوم الأخرى، فإنه لا يجوز لغير الفقيه العالم أن يفتي في الدين مثلما لا يجوز لغير الطبيب أن يفتي في الطب، ولا يجوز لغير عالم اللغة أن يفتي في اللغة. وليس كل من قرأ كتاباً أو كتب بحثاً بمؤهل للحديث في أمور اللغة أو الدين، ولا يجوز أن يفسر القرآن دون سند من علم، كما لا يجوز الخلط بين الرأي الشخصي وبين ما ينص عليه دين الله. وليس المجتهد طالب العلم، وإنما هو العالم المتخصص الذي توفرت له شروط الاجتهاد، ولا يكون الاجتهاد فيما فيه نص.

من المتعارف عليه بين جمهور علماء المسلمين أن الإفتاء بالرأي أو حسب الفهم الشخصي لا يجوز وخاصة في مجال الدين، وأن على كل صاحب رأي حين يتحدث في الأمور الشرعية ألا يفتي برأيه .

قال رسول صلى الله عليه وسلم: (من قال في القرآن برأيه فقد أخطأ ولو أصاب)؟ رواه الترمذي بألفاظ مختلفة منها: "فليتبوأ مقعده من النار"، والمقصود من الحديث التحذير من تفسير القرآن بغير علم والتوقف على ما تواتر إلينا عن الصحابة رضوان الله عليهم عن النبي عليه الصلاة والسلام.

قال ابن تيمية -رحمه الله-: فمن قال في القرآن برأيه، فقد تكلف ما لا علم له به، وسلك غير ما أُمِر به، فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ، لأنه لم يأتِ الأمر من بابه، كمن حكم بين الناس على جهل فهو في النار، وإن وافق حكمه الصواب ( مجموع الفتاوى 13/371).

والأصل في تفسير القرآن أن يفسر بالقرآن، أو بالحديث النبوي، ثم بأقوال الصحابة، وإن لم يجد في تفسير الصحابة، فقد رجع كثير من أئمة التفسير إلى أقوال التابعين كمجاهد وغيره، فمن خالف هذه الأصول فهو مخطئ وإن أصاب.

لذلك يرجى الانتباه والحذر، والله أعلم

منذر أبو هواش

سمير الشناوي
31/05/2007, 09:51 AM
اقتباس : والأصل في تفسير القرآن أن يفسر بالقرآن، أو بالحديث النبوي، ثم بأقوال الصحابة، وإن لم يجد في تفسير الصحابة، فقد رجع كثير من أئمة التفسير إلى أقوال التابعين كمجاهد وغيره، فمن خالف هذه الأصول فهو مخطئ وإن أصاب.

----------------------------------------------------------------------------------
على هذا ، فما قولك في التفسير العلمي اذا كان الامر سيقف عند التابعين كمجاهد وغيره ، حيث يستند الى اصول غير الاصول . واحسب انك كنت من المدافعين عن هذا النوع من التفسير اخي منذر؟


سمير الشناوي

منذر أبو هواش
31/05/2007, 10:39 AM
اقتباس : والأصل في تفسير القرآن أن يفسر بالقرآن، أو بالحديث النبوي، ثم بأقوال الصحابة، وإن لم يجد في تفسير الصحابة، فقد رجع كثير من أئمة التفسير إلى أقوال التابعين كمجاهد وغيره، فمن خالف هذه الأصول فهو مخطئ وإن أصاب.

------------------------------------------------
على هذا ، فما قولك في التفسير العلمي اذا كان الامر سيقف عند التابعين كمجاهد وغيره ، حيث يستند الى اصول غير الاصول . واحسب انك كنت من المدافعين عن هذا النوع من التفسير اخي منذر؟


سمير الشناوي


أخي الحبيب سمير،

إرجع إلى كتاباتي وتأكد، أنا أقول بالأخذ بالتفسير المأخوذ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن صحابته والتابعين من بعده وبعدهم، وأطالب بالإلتزام بالأصول والقواعد التي اعتمدوها في التفسير، وعدم الابتداع في التفسير مثل التفسير بالأرقام والأعداد وطرق احتسابها، والتفسير بالأحرف وأشكالها وطرق كتابتها وما إلى ذلك من الأساليب التي ما تواترت عن السلف الصالح عن الرسول عليه الصلاة والسلام، وغير ذلك من الأساليب التي ما أنزل الله بها من سلطان، لأن ذلك لا أساس له في الشرع الحنيف، ولأنه يدخل في باب التفسير بالرأي المنهي عنه بصحيح الحديث النبوي وصريحه. هذا بالنسبة لتفسير أيات الذكر الحكيم. لكني في الوقت نفسه لا أعارض ولا أمانع أن يؤخذ القرآن الكريم وآياته وتفسيره المعتمد أساسا لتفسير بعض الجوانب والظواهر الكونية الغامضة للعظة وللعبرة وللموعظة ولاطمئنان القلوب.

لا أتكلم عن تفسير القرآن بالعلم، بل أتحدث عن تفسير العلم بالقرآن، وهما أمران مختلفان وإن اختلطا على كثير من العلماء ومعارضيهم.

والله أعلم،

منذر أبو هواش

سمير الشناوي
31/05/2007, 11:46 AM
اخي الحبيب الدكتور منذر

مع خالص تقديري لشرحك الكريم:fl:

سمير الشناوي

خليل حلاوجي
15/06/2007, 01:10 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... استاذنا الفاضل

جئتك مستفتيا ً لاناقدا ً .... وكلي ثقة بسعة صدرك وحلمك معي

السؤال هو : هل ان رأي المفسرين يعد مقدسا ً ؟
وهل ان التقادم مرفوض فالآلوسي في تفسيره نعده أفضل من القرطبي مثلا ً وبن عباس أفضل الاثنين ... وهكذا ؟
هناك آيات تتحدث عن علوم ارضية كالفيزياء والكيمياء وعلوم الجينوم والفلك ... وهذه العلوم تنمو معرفيا ً ... والامر الرباني ان نسير في الارض فننظر آيات الانفس والآفاق ..... فكيف نفعل والحال هذه ؟

اخيرا ً ...القاعدة العلمية تقول ب .... ( الحذف والاضافة ) ، أن نحذف من مسلماتنا ماهو ضار ... ونضيف اليها مسلمات تنفعنا في ساعتنا الحضارية هذه ولاأعني هنا الجانب القيمي فمنهاج الاسلام ثابت لايتغير مهما تطور الزمان واهله بل مااعنيه هو مسلمات العرف والتقاليد .
والقرآن نطق بذلك ليعلمنا عن مانأخذه ومانرفضه من الآبائية
{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ }الأحقاف16

تقبل بالغ تقديري لشخصك الكريم ولعلمك النافع الغزير ... وجمعة مباركة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

منذر أبو هواش
15/06/2007, 02:59 PM
ينبغي أن تكون الأدلة الشرعية هي المقياس لكافة الأمور
ولا يجوز الاجتهاد لمن لم يكن على معرفة جيدة بها
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأستاذ خليل حلاوجي،

لو جئتني ناقدا لأجبتك، أما وقد جئتني مستفتيا فلن أفتيك لأنني لا أملك من أدوات الإفتاء الكثير، ولأن المسئول ليس أعلم بهذه الأمور من السائل.

في رأيي أن آراء المفسرين لا تكتسب صفة القداسة إلا في جوانبها المستندة إلى الأدلة والنصوص الشرعية المقدسة، فهي تكتسب قداستها منها، أما اجتهادات المفسرين التي لا يوجد لها أساس من الشرع، فليست من المقدسات ولا من المحرمات، ويمكن تشريحها، ونقدها إذا كانت هناك أدلة أقوى منها.

وعلى هذا الأساس فإن أفضلية التفاسير لا تقاس بالتقادم بل تقاس بمدى استناد تلك التفاسير إلى الأدلة والثوابت الشرعية المعتبرة، كذلك الحكم على ما هو ضار وما هو نافع لا يكون بالاستناد إلى العلوم المادية المتغيرة بل يكون قياسا على القواعد والأدلة الشرعية الثابتة المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة.

من جهة أخرى، فإن الأمر الرباني هو أن تسير في الأرض فتنظر آيات الأنفس والآفاق بما ينفعك في دنياك، أما ما يكون فيه مخالفة صريحة للشرع الإسلامي الحنيف فينبذ ويترك ويرفض ويرد على أصحابه.

هذا هو تصوري البسيط للأمور، والله أعلم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

منذر أبو هواش

...............