الدكتور ياسر منجي
29/10/2006, 04:43 PM
قضية المصطلح و أزمة العقل الثقافي
1- الحاجة للمصطلح : حتمية أم نخبوية ؟
التتبع التاريخي لمسألة ميل الذهنية الإنسانية نحو تمييز مقولات و ألفاظ بعينها لبناء منظومة كودية - لتصير مفاتيح دالة و إيماءات مميزة تحيل إلى مفاهيم و سياقات متفق بشأنها على مستوى فئة من البشر معنية في الأساس بالاشتغال بمجال هذه المفاهيم و السياقات – لابد و أن يقود إلى مجموعة من المباحث التي تتعلق على سبيل المثال لا الحصر : بمسألة البناء العقلي للإنسان و ميكانيزمات التفكير و الإدراك ، تقنيات التعليم و توصيل المعلومة ، تقنيات تسجيل و حفظ و استرجاع مقولات العلوم و نتائج التجارب العملية ....... الخ .
غير أن استقصاء جوهر مسألة المصطلح - كظاهرة عقلية و ثقافية – على مستوى السلوك الإنساني قد يقود – في رأيي – إلى بحث ظاهرة اجتماعية ربما لم يخل منها مجتمع إنساني منذ فجر التاريخ ؛ ألا و هي ظاهرة النخبوية .
و السؤال الأساسي فيما أذهب إليه هنا هو : هل من الممكن أن تكون الحاجة إلى المصطلح نابعة من نزوع جماعات إنسانية بعينها – قد يجمعها رابط عقائدي أو طبقي أو علمي أو حرفي ... الخ – إلى تمييز نفسها عما عداها من جماعات أخرى ؟ و إذا صح ذلك ، فهل من الممكن أن يكون المحرك الأساسي لهذا النزوع هو الإحساس العام لدى أفراد هذه الجماعات بكونهم نخبة أكثر رقيا من حيث اشتراكهم في العناية بمسائل أو علوم أو حيازتهم لما لا يمكن أن تشاركهم فيه جماعة أخرى أو أفراد آخرين ؟ و إذا كان الحال كذلك ، فهل يمكن أن تكون المسألة الاصطلاحية برمتها محض آلية دفاعية بغرض حجب ما لا تود الجماعة الفرعية أن تتشارك فيه مع غيرها من الأفراد و الجماعات ؟ و في هذه الحالة تكون الآلية الدفاعية مشتملة على مفارقة أساسية ؛ و هي أنها تفترض أن تميز الجماعة معرض للزوال و التلاشي بمجرد ذيوعه و انتشاره في دوائر أخرى ، و هو ما يتعارض منطقيا مع فرضية التميز المطلق الذي لا يمكن انتزاعه كونه هبة فطرية !! و يقودنا هذا النسق من التفكير إلى سؤال أكثر التباسا هو : هل يعبر المصطلح في ضوء هذا التفكير عن شعور كامن بالنخبوية أم عن شعور كامن بالتهديد ؟ و في حالة استقرار الجماعة الفرعية و تمتعها بالامتيازات النسبية التي يحققها الاستئثار بالعلم أو الثروة أو الأسرار الدينية ، هل تتحول القضية المصطلحية في هذه الحالة إلى مسألة كون المصطلح مجرد آلية حافظة للمكتسبات و تعزيز تراكم النفوذ و الثروة ؟
في الواقع تتراوح تجليات الظاهرة الاصطلاحية بين قطبين يمثلان طرفي الشدة في معيار حسن النوايا ؛ فمن أقصى درجة من حسن النية – كما في المثال الأشهر لاصطلاحات العلوم – إلى أقصى درجة من هاجس الحاجة إلى التعتيم – نظم الشفرة في الجماعات السرية كمثال – مرورا بدرجات مختلفة من نوايا إضفاء هالات الفخامة و الجلال بغرض المفارقة الاجتماعية – قواعد البروتوكول لدى النخبة الأرستقراطية مثلا – و توخي التعتيم عن طريق إضفاء صيغ معقدة مركبة للفظ الاصطلاحي بغية التماس مظهر التفوق .
2- الحتمية و النخبوية في الواقع الفني المعاصر :
المتتبع لقضية المصطلح من حيث تجليها في الواقع الفني المعاصر لا يجد بدا من الاصطدام بمفارقة شديدة الدلالة قد تلخص واقع حال المصطلح الفني المعاصر برمته ؛ فالمقارنة بين مسألة توافق المصطلح مع الاتجاه الفني الداعي لنشأته ( أو بمعنى آخر توافق الدال مع محموله ) - بداية من صك مصطلح " الكلاسيكية الجديدة " و انتهاء بصك مصطلح " ما بعد الحداثة " – و بين توافقه مع الاتجاهات الآنية – و التي تتدفق بكثافة أيقظت الرعب بين جمهور المنظرين لفرط اللهاث في متابعتها و رصدها – يبين مدى الأزمة التي أصبحت القضية المصطلحية تعانيها برمتها ؛ فمن الثابت أن المصطلح الفني كان بمثابة كود شفري يلخص الفحوى الفلسفي للمدرسة الفنية بتركيز يكاد يقترب من التجريد الرياضي ، و حتى في حالة أشد الاتجاهات الحداثية جموحا ( الدادا كمثال ) نلاحظ أن المصطلح كان معيارا شديد الصرامة و معبرا بجلاء تام عن فلسفة هذا الاتجاه الاحتجاجي الذي يمثل بحق ( بروتستانتية الحداثة ) ، فاللفظ هنا ( دادا Dada ) لم يكن هو المعول في حد ذاته ، فطبقا للرواية كان من الممكن أن تسفر الصدفة عن وقوع الاختيار العشوائي في القاموس على أي كلمة أخرى ، لكن الدلالة هنا تكمن في فعل إغماض العين و في فعل البحث العشوائي داخل القاموس – الذي هو ذاكرة مجمدة للمنطق اللغوي الإنساني – فإذا بفناني الدادا يعلنون احتجاجهم على هذا المنطق السقيم الذي أسفر عن جنون الحرب ، و ذلك عن طريق فعل جسماني يمثل قمة التخلي عن المنطق و القصدية .
كما أن مصطلح " ما بعد الحداثة " قد عكس مدى وعي التنظير الفني و إدراكه لوصول الواقع الإنساني بعامة و الثقافي بخاصة إلى نقطة فارقة في التاريخ يصح معها أن نشرع في تجاوز مرحلة الحداثة بفعل مقتضيات بررتها تراكمات مادية و ثقافية متعددة ، أي أن الإدراك النظري في الحالتين كان متوافقا بجلاء تام من حيث صك المصطلح مع دواعي صك هذا المصطلح .
أما ما يجري حاليا من حيث لهاث المنظرين و النقاد خلف إفرازات التكنولوجيا و ما يتم إدماجه في النتاجات الفنية – الشبابية منها خاصة – فهو يعكس في نظري هلعا مزدوجا ؛ فمن ناحية يعتبر مؤشرا على خوف كامن غير مصرح به أن تكون ثورة التكنولوجيا مؤذنة بانتفاء الحاجة إلى النقاد كطرف مهيمن في المثلث الفني القديم ( الفنان – الناقد – المتلقي ) ؛ و ذلك من أكثر من وجه : فمن ناحية أصبح التلقي المعرفي لدى قطاع الشباب معتمدا في شطره الأعظم على الاحتكاك المباشر بالمنتج التكنولوجي و على استهلاكه و استخدام مفرداته ، مما سجل تراجعا كبيرا في مستوى التلقي النظري التقليدي ممثلا في اللجوء إلى مرجعية نظرية شارحة أو مباحث تأملية بحتة ، و من جهة أخرى أصبحت الفجوة مريعة بين إمكانية استيعاب نموذج الناقد الكبير سنا لتداعيات الثورة التكنولوجية الاتصالية و التي هي عماد و أساس الأشكال المتلاحقة من التوظيف الفني البصري لأجهزة بعينها ؛ هذا النوع من عدم الإحاطة أصبح نافيا لفكرة الفيلسوف المسن الملم بمعاني و مفاتيح الاتجاه الفني و الذي يمارس حق الوصاية سواء على الفنان المنتج – من حيث توجيهه إلى ( ما يجب أن يكون عليه العمل ) لكي ينتمي ( شرعيا ) لمذهبه الذي يمثله الفنان ، أو على المتلقي الذي يمارس الناقد حق الوصاية عليه بإجباره قسريا على تذوق العمل وفقا لمعايير محددة .
هذه ( الحتمية التكنولوجية ) التي تهدد يوما فيوم ( النخبوية النقدية ) استدعت عددا من ( التكتيكات النقدية ) على مستوى النقد الفني المصري : فمن ناحية أصبح الإلحاح شديدا على ( قدسية المصطلح ) و اعتبار أن كل من المصطلحات التي تم صكها مؤخرا - لرصد الظواهر البصرية المتخلقة تحت تأثير تكنولوجي – إنما هي مصطلحات قصدية و صارمة و وافية الدلالة ( رغم أن مقارنة واقع الحال في كثير منها إنما تعبر عن مجرد اختلاف في الدرجة أو في الشدة بتأثير تطور متلاحق في الأجهزة المستخدمة ، و كأننا هنا بإزاء إصدار أحدث Version من تطبيق إحدى البرمجيات !! ) .
تكتيك آخر يتمثل في الحرص على تثبيت شبه يقين بديمومة الحالة الدوامية السائلة لنتاجات فنون الميديا بزعم أنها هي المسار الأوحد لتطور الحركة الفنية ، على الرغم من أن الواقع الفني العالمي قائم على تجاور كافة الأساليب التي أنتجها تاريخ الفن ( حتى بين جيل الشباب ) ، كما يقوم أيضا على محاولات تطوير استعادي لكثير من هذه الاتجاهات حتى أكثرها قدما ؛ هذا التكتيك يمثل محاولة نقدية لإبقاء ( العماء المنهجي ) على حاله داخل مجال الميديا الاتصالية بغرض كسب ( سيطرة زائفة ) على ما تم الإخفاق في هضم مسبباته على المستوى التقني .
1- الحاجة للمصطلح : حتمية أم نخبوية ؟
التتبع التاريخي لمسألة ميل الذهنية الإنسانية نحو تمييز مقولات و ألفاظ بعينها لبناء منظومة كودية - لتصير مفاتيح دالة و إيماءات مميزة تحيل إلى مفاهيم و سياقات متفق بشأنها على مستوى فئة من البشر معنية في الأساس بالاشتغال بمجال هذه المفاهيم و السياقات – لابد و أن يقود إلى مجموعة من المباحث التي تتعلق على سبيل المثال لا الحصر : بمسألة البناء العقلي للإنسان و ميكانيزمات التفكير و الإدراك ، تقنيات التعليم و توصيل المعلومة ، تقنيات تسجيل و حفظ و استرجاع مقولات العلوم و نتائج التجارب العملية ....... الخ .
غير أن استقصاء جوهر مسألة المصطلح - كظاهرة عقلية و ثقافية – على مستوى السلوك الإنساني قد يقود – في رأيي – إلى بحث ظاهرة اجتماعية ربما لم يخل منها مجتمع إنساني منذ فجر التاريخ ؛ ألا و هي ظاهرة النخبوية .
و السؤال الأساسي فيما أذهب إليه هنا هو : هل من الممكن أن تكون الحاجة إلى المصطلح نابعة من نزوع جماعات إنسانية بعينها – قد يجمعها رابط عقائدي أو طبقي أو علمي أو حرفي ... الخ – إلى تمييز نفسها عما عداها من جماعات أخرى ؟ و إذا صح ذلك ، فهل من الممكن أن يكون المحرك الأساسي لهذا النزوع هو الإحساس العام لدى أفراد هذه الجماعات بكونهم نخبة أكثر رقيا من حيث اشتراكهم في العناية بمسائل أو علوم أو حيازتهم لما لا يمكن أن تشاركهم فيه جماعة أخرى أو أفراد آخرين ؟ و إذا كان الحال كذلك ، فهل يمكن أن تكون المسألة الاصطلاحية برمتها محض آلية دفاعية بغرض حجب ما لا تود الجماعة الفرعية أن تتشارك فيه مع غيرها من الأفراد و الجماعات ؟ و في هذه الحالة تكون الآلية الدفاعية مشتملة على مفارقة أساسية ؛ و هي أنها تفترض أن تميز الجماعة معرض للزوال و التلاشي بمجرد ذيوعه و انتشاره في دوائر أخرى ، و هو ما يتعارض منطقيا مع فرضية التميز المطلق الذي لا يمكن انتزاعه كونه هبة فطرية !! و يقودنا هذا النسق من التفكير إلى سؤال أكثر التباسا هو : هل يعبر المصطلح في ضوء هذا التفكير عن شعور كامن بالنخبوية أم عن شعور كامن بالتهديد ؟ و في حالة استقرار الجماعة الفرعية و تمتعها بالامتيازات النسبية التي يحققها الاستئثار بالعلم أو الثروة أو الأسرار الدينية ، هل تتحول القضية المصطلحية في هذه الحالة إلى مسألة كون المصطلح مجرد آلية حافظة للمكتسبات و تعزيز تراكم النفوذ و الثروة ؟
في الواقع تتراوح تجليات الظاهرة الاصطلاحية بين قطبين يمثلان طرفي الشدة في معيار حسن النوايا ؛ فمن أقصى درجة من حسن النية – كما في المثال الأشهر لاصطلاحات العلوم – إلى أقصى درجة من هاجس الحاجة إلى التعتيم – نظم الشفرة في الجماعات السرية كمثال – مرورا بدرجات مختلفة من نوايا إضفاء هالات الفخامة و الجلال بغرض المفارقة الاجتماعية – قواعد البروتوكول لدى النخبة الأرستقراطية مثلا – و توخي التعتيم عن طريق إضفاء صيغ معقدة مركبة للفظ الاصطلاحي بغية التماس مظهر التفوق .
2- الحتمية و النخبوية في الواقع الفني المعاصر :
المتتبع لقضية المصطلح من حيث تجليها في الواقع الفني المعاصر لا يجد بدا من الاصطدام بمفارقة شديدة الدلالة قد تلخص واقع حال المصطلح الفني المعاصر برمته ؛ فالمقارنة بين مسألة توافق المصطلح مع الاتجاه الفني الداعي لنشأته ( أو بمعنى آخر توافق الدال مع محموله ) - بداية من صك مصطلح " الكلاسيكية الجديدة " و انتهاء بصك مصطلح " ما بعد الحداثة " – و بين توافقه مع الاتجاهات الآنية – و التي تتدفق بكثافة أيقظت الرعب بين جمهور المنظرين لفرط اللهاث في متابعتها و رصدها – يبين مدى الأزمة التي أصبحت القضية المصطلحية تعانيها برمتها ؛ فمن الثابت أن المصطلح الفني كان بمثابة كود شفري يلخص الفحوى الفلسفي للمدرسة الفنية بتركيز يكاد يقترب من التجريد الرياضي ، و حتى في حالة أشد الاتجاهات الحداثية جموحا ( الدادا كمثال ) نلاحظ أن المصطلح كان معيارا شديد الصرامة و معبرا بجلاء تام عن فلسفة هذا الاتجاه الاحتجاجي الذي يمثل بحق ( بروتستانتية الحداثة ) ، فاللفظ هنا ( دادا Dada ) لم يكن هو المعول في حد ذاته ، فطبقا للرواية كان من الممكن أن تسفر الصدفة عن وقوع الاختيار العشوائي في القاموس على أي كلمة أخرى ، لكن الدلالة هنا تكمن في فعل إغماض العين و في فعل البحث العشوائي داخل القاموس – الذي هو ذاكرة مجمدة للمنطق اللغوي الإنساني – فإذا بفناني الدادا يعلنون احتجاجهم على هذا المنطق السقيم الذي أسفر عن جنون الحرب ، و ذلك عن طريق فعل جسماني يمثل قمة التخلي عن المنطق و القصدية .
كما أن مصطلح " ما بعد الحداثة " قد عكس مدى وعي التنظير الفني و إدراكه لوصول الواقع الإنساني بعامة و الثقافي بخاصة إلى نقطة فارقة في التاريخ يصح معها أن نشرع في تجاوز مرحلة الحداثة بفعل مقتضيات بررتها تراكمات مادية و ثقافية متعددة ، أي أن الإدراك النظري في الحالتين كان متوافقا بجلاء تام من حيث صك المصطلح مع دواعي صك هذا المصطلح .
أما ما يجري حاليا من حيث لهاث المنظرين و النقاد خلف إفرازات التكنولوجيا و ما يتم إدماجه في النتاجات الفنية – الشبابية منها خاصة – فهو يعكس في نظري هلعا مزدوجا ؛ فمن ناحية يعتبر مؤشرا على خوف كامن غير مصرح به أن تكون ثورة التكنولوجيا مؤذنة بانتفاء الحاجة إلى النقاد كطرف مهيمن في المثلث الفني القديم ( الفنان – الناقد – المتلقي ) ؛ و ذلك من أكثر من وجه : فمن ناحية أصبح التلقي المعرفي لدى قطاع الشباب معتمدا في شطره الأعظم على الاحتكاك المباشر بالمنتج التكنولوجي و على استهلاكه و استخدام مفرداته ، مما سجل تراجعا كبيرا في مستوى التلقي النظري التقليدي ممثلا في اللجوء إلى مرجعية نظرية شارحة أو مباحث تأملية بحتة ، و من جهة أخرى أصبحت الفجوة مريعة بين إمكانية استيعاب نموذج الناقد الكبير سنا لتداعيات الثورة التكنولوجية الاتصالية و التي هي عماد و أساس الأشكال المتلاحقة من التوظيف الفني البصري لأجهزة بعينها ؛ هذا النوع من عدم الإحاطة أصبح نافيا لفكرة الفيلسوف المسن الملم بمعاني و مفاتيح الاتجاه الفني و الذي يمارس حق الوصاية سواء على الفنان المنتج – من حيث توجيهه إلى ( ما يجب أن يكون عليه العمل ) لكي ينتمي ( شرعيا ) لمذهبه الذي يمثله الفنان ، أو على المتلقي الذي يمارس الناقد حق الوصاية عليه بإجباره قسريا على تذوق العمل وفقا لمعايير محددة .
هذه ( الحتمية التكنولوجية ) التي تهدد يوما فيوم ( النخبوية النقدية ) استدعت عددا من ( التكتيكات النقدية ) على مستوى النقد الفني المصري : فمن ناحية أصبح الإلحاح شديدا على ( قدسية المصطلح ) و اعتبار أن كل من المصطلحات التي تم صكها مؤخرا - لرصد الظواهر البصرية المتخلقة تحت تأثير تكنولوجي – إنما هي مصطلحات قصدية و صارمة و وافية الدلالة ( رغم أن مقارنة واقع الحال في كثير منها إنما تعبر عن مجرد اختلاف في الدرجة أو في الشدة بتأثير تطور متلاحق في الأجهزة المستخدمة ، و كأننا هنا بإزاء إصدار أحدث Version من تطبيق إحدى البرمجيات !! ) .
تكتيك آخر يتمثل في الحرص على تثبيت شبه يقين بديمومة الحالة الدوامية السائلة لنتاجات فنون الميديا بزعم أنها هي المسار الأوحد لتطور الحركة الفنية ، على الرغم من أن الواقع الفني العالمي قائم على تجاور كافة الأساليب التي أنتجها تاريخ الفن ( حتى بين جيل الشباب ) ، كما يقوم أيضا على محاولات تطوير استعادي لكثير من هذه الاتجاهات حتى أكثرها قدما ؛ هذا التكتيك يمثل محاولة نقدية لإبقاء ( العماء المنهجي ) على حاله داخل مجال الميديا الاتصالية بغرض كسب ( سيطرة زائفة ) على ما تم الإخفاق في هضم مسبباته على المستوى التقني .