المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في ذكرى النكسة :هوامش على دفتر النكسة لنزار قباني



فؤاد بوعلي
01/06/2007, 09:49 PM
1

أنعي لكم، يا أصدقائي، اللغةَ القديمه

والكتبَ القديمه

أنعي لكم..

كلامَنا المثقوبَ، كالأحذيةِ القديمه..

ومفرداتِ العهرِ، والهجاءِ، والشتيمه

أنعي لكم.. أنعي لكم

نهايةَ الفكرِ الذي قادَ إلى الهزيمه

2

مالحةٌ في فمِنا القصائد

مالحةٌ ضفائرُ النساء

والليلُ، والأستارُ، والمقاعد

مالحةٌ أمامنا الأشياء

3

يا وطني الحزين

حوّلتَني بلحظةٍ

من شاعرٍ يكتبُ الحبَّ والحنين

لشاعرٍ يكتبُ بالسكين

4

لأنَّ ما نحسّهُ أكبرُ من أوراقنا

لا بدَّ أن نخجلَ من أشعارنا

5

إذا خسرنا الحربَ لا غرابهْ

لأننا ندخُلها..

بكلِّ ما يملكُ الشرقيُّ من مواهبِ الخطابهْ

بالعنترياتِ التي ما قتلت ذبابهْ

لأننا ندخلها..

بمنطقِ الطبلةِ والربابهْ

6

السرُّ في مأساتنا

صراخنا أضخمُ من أصواتنا

وسيفُنا أطولُ من قاماتنا

7

خلاصةُ القضيّهْ

توجزُ في عبارهْ

لقد لبسنا قشرةَ الحضارهْ

والروحُ جاهليّهْ...

8

بالنّايِ والمزمار..

لا يحدثُ انتصار

9

كلّفَنا ارتجالُنا

خمسينَ ألفَ خيمةٍ جديدهْ

10

لا تلعنوا السماءْ

إذا تخلّت عنكمُ..

لا تلعنوا الظروفْ

فالله يؤتي النصرَ من يشاءْ

وليس حدّاداً لديكم.. يصنعُ السيوفْ

11

يوجعُني أن أسمعَ الأنباءَ في الصباحْ

يوجعُني.. أن أسمعَ النُّباحْ..

12

ما دخلَ اليهودُ من حدودِنا

وإنما..

تسرّبوا كالنملِ.. من عيوبنا

13

خمسةُ آلافِ سنهْ..

ونحنُ في السردابْ

ذقوننا طويلةٌ

نقودنا مجهولةٌ

عيوننا مرافئُ الذبابْ

يا أصدقائي:

جرّبوا أن تكسروا الأبوابْ

أن تغسلوا أفكاركم، وتغسلوا الأثوابْ

يا أصدقائي:

جرّبوا أن تقرؤوا كتابْ..

أن تكتبوا كتابْ

أن تزرعوا الحروفَ، والرُّمانَ، والأعنابْ

أن تبحروا إلى بلادِ الثلجِ والضبابْ

فالناسُ يجهلونكم.. في خارجِ السردابْ

الناسُ يحسبونكم نوعاً من الذئابْ...

14

جلودُنا ميتةُ الإحساسْ

أرواحُنا تشكو منَ الإفلاسْ

أيامنا تدورُ بين الزارِ، والشطرنجِ، والنعاسْ

هل نحنُ "خيرُ أمةٍ قد أخرجت للناسْ" ؟...

15

كانَ بوسعِ نفطنا الدافقِ بالصحاري

أن يستحيلَ خنجراً..

من لهبٍ ونارِ..

لكنهُ..

واخجلةَ الأشرافِ من قريشٍ

وخجلةَ الأحرارِ من أوسٍ ومن نزارِ

يراقُ تحتَ أرجلِ الجواري...

16

نركضُ في الشوارعِ

نحملُ تحتَ إبطنا الحبالا..

نمارسُ السَحْلَ بلا تبصُّرٍ

نحطّمُ الزجاجَ والأقفالا..

نمدحُ كالضفادعِ

نشتمُ كالضفادعِ

نجعلُ من أقزامنا أبطالا..

نجعلُ من أشرافنا أنذالا..

نرتجلُ البطولةَ ارتجالا..

نقعدُ في الجوامعِ..

تنابلاً.. كُسالى

نشطرُ الأبياتَ، أو نؤلّفُ الأمثالا..

ونشحذُ النصرَ على عدوِّنا..

من عندهِ تعالى...

17

لو أحدٌ يمنحني الأمانْ..

لو كنتُ أستطيعُ أن أقابلَ السلطانْ

قلتُ لهُ: يا سيّدي السلطانْ

كلابكَ المفترساتُ مزّقت ردائي

ومخبروكَ دائماً ورائي..

عيونهم ورائي..

أنوفهم ورائي..

أقدامهم ورائي..

كالقدرِ المحتومِ، كالقضاءِ

يستجوبونَ زوجتي

ويكتبونَ عندهم..

أسماءَ أصدقائي..

يا حضرةَ السلطانْ

لأنني اقتربتُ من أسواركَ الصمَّاءِ

لأنني..

حاولتُ أن أكشفَ عن حزني.. وعن بلائي

ضُربتُ بالحذاءِ..

أرغمني جندُكَ أن آكُلَ من حذائي

يا سيّدي..

يا سيّدي السلطانْ

لقد خسرتَ الحربَ مرتينْ

لأنَّ نصفَ شعبنا.. ليسَ لهُ لسانْ

ما قيمةُ الشعبِ الذي ليسَ لهُ لسانْ؟

لأنَّ نصفَ شعبنا..

محاصرٌ كالنملِ والجرذانْ..

في داخلِ الجدرانْ..

لو أحدٌ يمنحُني الأمانْ

من عسكرِ السلطانْ..

قُلتُ لهُ: لقد خسرتَ الحربَ مرتينْ..

لأنكَ انفصلتَ عن قضيةِ الإنسانْ..

18

لو أننا لم ندفنِ الوحدةَ في الترابْ

لو لم نمزّقْ جسمَها الطَّريَّ بالحرابْ

لو بقيتْ في داخلِ العيونِ والأهدابْ

لما استباحتْ لحمَنا الكلابْ..

19

نريدُ جيلاً غاضباً..

نريدُ جيلاً يفلحُ الآفاقْ

وينكشُ التاريخَ من جذورهِ..

وينكشُ الفكرَ من الأعماقْ

نريدُ جيلاً قادماً..

مختلفَ الملامحْ..

لا يغفرُ الأخطاءَ.. لا يسامحْ..

لا ينحني..

لا يعرفُ النفاقْ..

نريدُ جيلاً..

رائداً..

عملاقْ..

20

يا أيُّها الأطفالْ..

من المحيطِ للخليجِ، أنتمُ سنابلُ الآمالْ

وأنتمُ الجيلُ الذي سيكسرُ الأغلالْ

ويقتلُ الأفيونَ في رؤوسنا..

ويقتلُ الخيالْ..

يا أيُها الأطفالُ أنتمْ –بعدُ- طيّبونْ

وطاهرونَ، كالندى والثلجِ، طاهرونْ

لا تقرؤوا عن جيلنا المهزومِ يا أطفالْ

فنحنُ خائبونْ..

ونحنُ، مثلَ قشرةِ البطيخِ، تافهونْ

ونحنُ منخورونَ.. منخورونَ.. كالنعالْ

لا تقرؤوا أخبارَنا

لا تقتفوا آثارنا

لا تقبلوا أفكارنا

فنحنُ جيلُ القيءِ، والزُّهريِّ، والسعالْ

ونحنُ جيلُ الدجْلِ، والرقصِ على الحبالْ

يا أيها الأطفالْ:

يا مطرَ الربيعِ.. يا سنابلَ الآمالْ

أنتمْ بذورُ الخصبِ في حياتنا العقيمهْ

وأنتمُ الجيلُ الذي سيهزمُ الهزيمهْ...

اسماعيل عبد الكريم
04/06/2007, 01:46 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قصيدة ...لبست ثوب القضية..و لخصت كل القضية

لا داعي ...بأن نغوص في الأعما ق حتى لا نغرق و الطفو علر سطح مساحة مائية يبقي بعض الأمل في النجاة

توقيع/اسماعيل عبد الكريم

زاهية بنت البحر
04/06/2007, 03:23 PM
الشعراء يقولون الشعر جميلا، بعضهم ينفثه نارًا يحرق بها الأخضر واليابس بما يحبِّط به النفوس ،ويزرع اليأس في القلوب التي أرهقتها الأيام بتطاول المغرضين على الحق ،فيكون عليهم إثم شعوبهم ،ومنهم من يزرع الأمل، فتشرق الشمس فوق الأرض المخضبة بدما الشهداء شعراء الحق الذين يفعلون مايقوله الشعراء الثوار ضد التخاذل والانهزام ..من يجعلني أعيش بالأمل هو شاعر مخلص ،ومن يقتل بي الأمل فهو مجرم يستحق محاكمة الأوفياء للأمة ..نحن قوم بحاجة للشمس تنتشلنا من ظلام اليأس ،وتخرس أبواق الأعداء بطابورهم الخامس الذي يسعى لإغراقنا بالذل أكثر من خلال تحطيم معنويات الشباب الصاعد ..يريدونه أن يفتح عينيه فيرى مدى التدني الذي وصلت إليه الأمور ..فلنكن أكثر تفاؤلا وأكثر تبصرًا بمصير الأمة الذي كما نراه بقبضة المبطلين من الأعداء وأعوانهم المارقين ..
لك الشكر أستاذ فؤاد بوعلي
أختك
بنت البحر

فؤاد بوعلي
04/06/2007, 07:08 PM
الأخت الفاضلة زاهية
الشعر شعور من وراء الوجود يبعث في المتلقي حالة وجدانية من الأحاسيس تشبه إلى حد كبير الوجد الصوفي .... أما الشاعر ـ وهنا أتحدث عن الشعراء الحقيقيين وليس المنتسبون للمجال ـ فهو إنسان فوق العادة يخلق من الكلمات آليات للتبتل ... يحكي همومنا ...يعلمنا كيف نحيا أوة نموت ...يروي لنا قصصا من الزمن الموءود ... الشعر مدرسة للوجود ... لذا قد يظهر لنا أن شاعرا ما يدمر أمنا الوجود ويغلق الرؤية أمامنا بلا حدود ... فمن قرأ (أزهار الشر les fleurs du mal) لبودلير سيجد نظرو ةسوداوية للكون والحدود مؤطرة بالثورة على القيم والمبادئ ... لكنها تعبير عن فكرة التمرد والرفض .... وعندما لقب نزار ببودلير العرب كان الغرض هو إثبات هذه القدرة الرافضة أو قدرة الممانعة ...تجلت أولا مع الغزل والحب فعلمنا صيغ العشق الجميلة وقال لنا :
الحب ليس رواية شرقية
بختامها يتزوج الابطال
لكنه الابحار دون سفينة
وشعورنا ان الوصول محال
هو ان تظل على الاصابع رعشة
وعلى الشفاه المطبقات سؤال
هو هذه الكف التي تغتالنا
ونقبل الكف التي تغتال
كرهه البعض ...انتقدوه ...قال عنه خارج عن الإسلام ولم يصلو عليه ... لكنه علمنا ايضا أن حب الوطن هو الغزل الحقيقي وأول درجات الحب أن تتثور على من تحب لأنك تريده أكثر مما تريد نفسك فنشر قصيدته الرائعة (تقرير سري من بلاد قمعستان)... نزار السفير الذي لم تثنه مناصبه عن قول الشعر الجميل والهادف في زمن ضاعت فيه كلمة الشعرواصبح مستهلكا في سوق العمالة ....رحم الله نزار أبكانا وضحكنا وعلمنا العشق والثورة ...مات بدون صلاة .... وبدون عشق