ماجدولين الرفاعي
29/10/2006, 04:57 PM
http://magdolen.jeeran.com/images/livre.jpg
الروائية الجزائرية ياسمينة صالح :أنا جزائرية حد الوجع/حاورتها ماجدولين الرفاعي
. ليس هنالك أجمل من امراة تعرف اين تضع اقدامها في ردهات زمن مليء بالعقبات
. ياسمينة صالح اسم معروف في عالم الادب وبالاخص الرواية فهي كاتبة وصحفية يشغلها الهم العام وهم المراة بوجه خاص ولدت ياسمينة صالح سنة 1969 ، درست العلوم الإجتماعية في جامعة الجزائر ، وأصبحت مدرسة للغة العربية في مدرسة إبتدائية . غادرت التعليم سنة 1988 ، وإنتقلت إلى العمل في الصحافة الثقافية .
اشتهرت ياسمينة صالح بروايتها الأولى "بحر الصمت" التي ترجمت إلى اللغة الفرنسة ، وهي بصدد الترجمة الى اللغة الإسبانية .
. ويوجد في هذه الرواية ما يشبه محاكمة لماضي وحاضر الجزائر . ويبقى الجرح الجزائري نازفا فيها ، إنها رواية البحث عن أسباب الإنحراف عن الحرية ، وقد كتب عنها الناقد المغربي محمد برادة تحملان بصمات اتجاهين سميناهما بالترميز الرومانسي وعنف النص ، وهما اتجاهان موجودان في التجربة الروائية الجزائرية والعربية مع تلاوين مختلفة . وهذا التصنيف لا يلغي تباين التحققات النصية في المستقبل ، لأن من رهانات الروائي ، البحث عما يجدد عوالمه " .
. من الأعمال الأخرى لياسمينة صالح مجموعة قصصية ظهرت عن منشورات جمعية المرأة بعنوان "أحزان إمرأة من برج الميزان" ، وهي عبارة عن قصص قصيرة قريبة من الخاطرة بسبب أسلوبها الغارق في الشعر والمأساة .
. كما نشرت مجموعة أخرى بعنوان وطن الكلام ، ثم مجموعة ثالثة بعنوان ما بعد الكلام عن منشورات الكتاب العربي بدولة الإمارات .
. الجوائز الأدبية في عدد من الدول العربية منها تونس، العربية السعودية، العراق ولبنان و فرنسا.
. • "جائزة مالك حداد للرواية سنة 2001 من أجل روايتها الأولى "بحر الصمت
. في حوار اجري معها قالت عن الكتابة: "الكتابة مساحة للتعبير ..، لقول أشياء نعتقد أنها الأصدق و الأهم .. دعيني أقول لك أنني في عمق إحساسي بالفجيعة أكتب، إنها لحظة من الحرب مع الورق، و بالتالي محاولة للتأريخ .. تأريخ الجرح بكل العري الذي فيه .. لهذا لا نكتب لأجل قضية دون غيرها، نكتب كي نوجد في النهاية داخل أحزاننا اليومية و داخل إحساسنا باليتم السياسي معا"
. نرحب بالروائية الجزائرية ياسمينة صالح اجمل ترحيب
. 1-بداية وكما العادة احب ان اعرف القارئ العربي بهويتك الشخصية فمن هي ياسمينة صالح؟.
• من الصعب الرد على هذا السؤال بالبساطة التي طرحته بها. لست أدري سوى أنها ورطة لا تخلو من رهبة أن تسألين نفسك "من أنا" أو تسألين الآخر "من أنت؟" و مع ذلك أقول لك أنا امرأة من وطن مجروح حتى العظم.. كاتبة في واقع من الشتات اليومي و المكرر بإصرار. إنسانة في زمن الخراب بكل تفاصيله الراهنة.
. أنا جزائرية حد الوجع، و لا أقول هذا سوى لتبني هذه "الأكذوبة" بكل ما فيها من عري، و أن أكذوبة " الأوطان لنا" التي تغنى بها الشعراء أيام كانت كذبة الوحدة تنطلي على الناس لمجرد أنها تقال على شرف المأساة كيفما كانت مسمياتها.
. 2- ما شكل المستقبل الذي تتخيله الاديبة ياسمينة صالح؟.
• مستقبل؟ كأنك تسألين عن شكل الهباء الذي يمكننا الحلم به بأقل ( أو أكثر) فظاعة ممكنة، و لا تظني في كلامي تشاؤما باعتبار أنني لم أعد معنية بالمستقبل كرؤية تفتقد إلى الأساس. هل يمكن أن تتخيلي مستقبل شعب يعيش على هذا الفراغ و الفظاعة و الكبت و العنف و الإرهاب بكل أشكاله؟ هل يمكن أن تسألي فلسطينيا تطارده الأباتشي الإسرائيلية و يطارده الإعلام الغربي، و تطارده "اللا نخوة" العربية ما نوع المستقبل الذي يتخيله أو يحلم به؟ هل بإمكانك أن تسألي شاب عراقي فقد كل شيء بجرة قلم عن المستقبل و كيف يتخيله؟ لماذا علينا أن نبدو أكثر تفاؤلا منهم و هم الذين يعيشون واقعا ندركه جيدا و نعيشه معهم بنفس الحدة و الرعب و قد عشنا في الجزائر واقعا مماثلا و إن اختلفت صوره إلى حد ما، و لكن قبالة المجزرة من الصعب أن تتكلمي عن المستقبل، و أعني مجزرة الراهن في هذا النوع من التنازلات التي يقدمها الأنظمة باسمنا، و في زمن " الفيديو كليب" التي يتعرى فيها الجميع لإثبات للعالم أننا أكثر تحضرا من "المعقدين" و أن ثقافة الشطح و النط و الرقص و "الانحلال" هي " المقاومة" التي يجب التمسك بها لمناهضة " الظلاميين" ! فكيف تسألينني عن المستقبل بعد ذلك؟ !
. 3- ثورة الانترنت والثقافة الرقمية عالم جديد تأثر به العالم العربي بقوة برايك هل هذا التاثير ايجابي ام سلبي؟.
• أجمل ثورة حققها الانترنت أنه ألغى تلك الحدود بين الناس جميعا، و أن الرسائل التي كان يراقبها حراس البوابات العربية صار يراقبها "الكونجرس" عبر أجهزة مغايرة ـ كما يزعمون على الأقل ـ ربما متعة الانترنت أنه خلق فضاء مغايرا بحيث أن الثقافة الرقمية كما أسميتها أنت صارت متاحة فعلا. يمكنك قراءة صحف العالم كله في يوم واحد، و يمكن قراءة العالم كله في نظرة واحدة أيضا.
. أليس هذا جميلا و مبهرا و إن لم يكن الانترنت خاليا من العيوب طبعا مع انتشار ثقافة الرداءة عبره أيضا و لكن هذا في نظري أمر طبيعي باعتبار أن الجيد و الرديء في كل مكان، إنهما كما الخير و الشر متلازمان.
. 4- يقال هنالك فقر في القراءة عند الشعب العربي بعكس الامم الاوربية فما سبب ذلك برايك وماهي افضل الطرق لتشجيع القراءة في زمن احتلته الفضائيات الغنية بالتفاهات؟
. • هنالك من يربط عدم القراءة بالانترنت، و صدقيني أن أزمة القراءة ليس سببها الانترنت و ليس سببها الإعلامي الرقمي كما يظن البعض. أعتقد أن الدول التي لم يدخلها الانترنت و لم تدخلها الفضائيات التافهة لم يدخلها الكتاب أيضا.
. أزمة القراءة عندنا مرتبطة بأزمة الأمية أيضا، ففي الوقت الذي نحكي فيه عن الثقافة الرقمية نكتشف النسبة الرهيبة من الأمية في الوطن العربي. في الجزائر الأمر يبدو مخيفا أيضا كما هو الحال في المغرب و تونس و ليبيا و موريتانيا و السودان الخ.
. كيف يمكن الدفاع عن القراءة في غياب التعليم الحقيقي؟ التعليم الذي لا ينطلق من "التبويس" و من "تقبيل أيادي الزعماء" في كتاب القراءة ! نحن نعاني من أزمة قراءة لأن الكتاب مربوط ثمنه بالخبز أيضا، كأن يسأل مواطن عليه أن يطعم أطفاله، كيف يشتري كتابا يستمتع بقراءته على حساب خبز أبنائه. و أعود و أقول أن أزمة القراءة مرتبطة بأزمة البطالة بكل أبعادها السياسية و الاجتماعية و الثقافية.
. 5-تحدثت في وروايتك "بحر الصمت" عن الثورة الجزائرية التي تفتخرين بها ثم في روايتك الجديدة "وطن من زجاج " تحدثت عن الوطن بعد الثورة الجزائرية برايك هل الجزائر الان بحاجة الى ثورة جديدة؟
. • دعيني أقول لك أن أكبر حملة انتقاد تعرضت إليه في الجزائر أنها اتهمتني بأني "بهدلت" الثورة، بمعنى أنني لم أمجدها كما تعودنا تمجيدها.. و لكني أعتقد أنني في بحر الصمت كتبت عن الأخطاء التي ارتكبت في الجزائر في ظل أولئك الذين هرعوا للكراسي على حساب الشعب.. أنا ابنة رجل مناضل أعتز كثيرا بانتمائه إلى الثوار إبان الثورة التحريرية، و أنه لم يهرع مثلما هرعوا بعد الاستقلال للنهب و السلب و السلطات القمعية.
. أحمد الله على أن الفقراء يكسبون أبهة الفقر من هذه الخاصية أيضا، بمعنى أنهم لن يتورطوا مع الأغنياء و لا حتى في طريقة الدخول إلى الجنة ! وطن من زجاج رؤية مغايرة في نظري لواقع المجزرة الجزائرية. من يقتل من؟ ذلك السؤال الذي ظل ينهشنا طوال تلك العشرية السوداء قبالة أكثر من 150 ألف ضحية.
. وطن من زجاج هو طريقتي في قراءة تلك المرحلة التي عشتها داخل البلاد و ليس خارجه.
.6- عزيزتي يتهم النقاد دوما كتابة المراة بانها عبارة عن سير ذاتية وانها مغموسة دوما بهمومها فما هو ردك؟.
• صدقيني لست معنية بهذا الطرح باعتبار أنني أعتقد أنهم لن يقولوا أن "الضابطة" في الجيش الأمريكي التي أطلقت النار على الطفل العراقي يوم العيد قد قتلت ضحيتها برصاصة نسائية ( على طريقة الأدب النسائي) !
. 7- في الكثير من كتاباتك تكررت عبارة "نحن أيتام هذا الزمن الكئيب" ماذا تقصدين بتلك العبارة؟
. • أقصد ما جاء في العبارة فعلا. أنا نفسي يتيمة هذا الزمن الذي اعتقدنا أن نولد فيه في ظل أب و أم و وطن لنكتشف ذلك اليتم الشامل.
. كلنا ضحية نفس الأشياء تقريبا و كلنا يتامى بكل ما تعنيه العبارة من "فقر حلم" !
. 8- تتابع الأديبة ياسمينة صالح ماتعرضه الفضائيات والمحطات الاخبارية عما يحصل في العراق وفلسطين من قتل ودمار وتجويع ماهو شعورك كاديبة عربية؟.
• شعوري؟ إنها الفجيعة الكاملة و أعرف أن دورنا قادم. لم يعد ثمة دولة تدعي أنها بمنأى عن الوحش الأمريكي، و لا عن أهداف إسرائيل و لا عن الاختراق الصهيوني الكامل في دولها. الآن كل واحد فينا يجلس في مقعده و ينتظر أن تمر الدبابة الأمريكية أمام بابه باسم "التغير" و باسم " الديمقراطية" و باسم " الفتوحات البابوية الجديدة" !
. 9- ياسمينة صالح فزت بعدد من الجوائز والكثير من النجاحات فلم تهدين كل هذا المجد؟
. • لروح أبي الذي توفي حزينا كوطن فقد أسباب بقائه.
10- هل من كلمة توجهينها للمراة العربية التي لازالت تحلم بمن يخلصها من ظلمها؟
. • سأكذب عليك لو قلت لك أنني واحدة من الداعيات لتحرر المرأة بالمفهوم "الأمريكي" أو " الغربي" و لكني أرى أن المرأة العربية التي تخدم في الأرض في صعيد مصر و تجني القمح في قرى المغرب أجمل من تلك التي تعتقد أنها "قاعدة" على إيديولوجية مغايرة. الظلام الحقيقي في اللا وعي و في الاعتقاد أن العدو هو ذلك الأخ المقهور أو تلك الأخت المقهورة، و أن الحرب على " القيم" هي الحرب على " التخلف".. هذا لا أعتقده شخصيا و تلك أشياء لا أؤيدها لأني أعتبرها جزء من الخراب السائد عندنا. ظلم المرأة في جهلها و ظلم الرجل في عدم إدراكه أنه يُدفع دفعا نحو الانسداد لخدمة الآخرين أحيانا، و لخدمة مصالح أدت إلى خرابه أيضا. أنا لست امرأة ليبرالية، بل امرأة عربية بسيطة تؤمن أن الأرض لمن يخدمها.
. 11- لك الحرية في توجيه رسالة للشعب العربي ماذا تقولين؟.
• إسقاط الأنظمة جزء من الحرب على الاحتلال الراهن الذي نعيشه في دولنا. و أعني بها الأنظمة بمعناها الشمولي، الغائب و الملغي فيما يخص الأداء الصحيح.
. هذه ليست دعوة إلى الحرب، بل دعوة إلى استعادة المقعد الأمامي من هذا الكون !
. في النهاية اشكر الاستاذة الاديبة ياسمينة صالح على الوقت الذي قدمته لنا.
. • سرتني جلستي معك عزيزتي مجدولين.
.
ثقافة بلاحدود
http://www.thkafa.com/modules.php?name=News&file=article&sid=743
الروائية الجزائرية ياسمينة صالح :أنا جزائرية حد الوجع/حاورتها ماجدولين الرفاعي
. ليس هنالك أجمل من امراة تعرف اين تضع اقدامها في ردهات زمن مليء بالعقبات
. ياسمينة صالح اسم معروف في عالم الادب وبالاخص الرواية فهي كاتبة وصحفية يشغلها الهم العام وهم المراة بوجه خاص ولدت ياسمينة صالح سنة 1969 ، درست العلوم الإجتماعية في جامعة الجزائر ، وأصبحت مدرسة للغة العربية في مدرسة إبتدائية . غادرت التعليم سنة 1988 ، وإنتقلت إلى العمل في الصحافة الثقافية .
اشتهرت ياسمينة صالح بروايتها الأولى "بحر الصمت" التي ترجمت إلى اللغة الفرنسة ، وهي بصدد الترجمة الى اللغة الإسبانية .
. ويوجد في هذه الرواية ما يشبه محاكمة لماضي وحاضر الجزائر . ويبقى الجرح الجزائري نازفا فيها ، إنها رواية البحث عن أسباب الإنحراف عن الحرية ، وقد كتب عنها الناقد المغربي محمد برادة تحملان بصمات اتجاهين سميناهما بالترميز الرومانسي وعنف النص ، وهما اتجاهان موجودان في التجربة الروائية الجزائرية والعربية مع تلاوين مختلفة . وهذا التصنيف لا يلغي تباين التحققات النصية في المستقبل ، لأن من رهانات الروائي ، البحث عما يجدد عوالمه " .
. من الأعمال الأخرى لياسمينة صالح مجموعة قصصية ظهرت عن منشورات جمعية المرأة بعنوان "أحزان إمرأة من برج الميزان" ، وهي عبارة عن قصص قصيرة قريبة من الخاطرة بسبب أسلوبها الغارق في الشعر والمأساة .
. كما نشرت مجموعة أخرى بعنوان وطن الكلام ، ثم مجموعة ثالثة بعنوان ما بعد الكلام عن منشورات الكتاب العربي بدولة الإمارات .
. الجوائز الأدبية في عدد من الدول العربية منها تونس، العربية السعودية، العراق ولبنان و فرنسا.
. • "جائزة مالك حداد للرواية سنة 2001 من أجل روايتها الأولى "بحر الصمت
. في حوار اجري معها قالت عن الكتابة: "الكتابة مساحة للتعبير ..، لقول أشياء نعتقد أنها الأصدق و الأهم .. دعيني أقول لك أنني في عمق إحساسي بالفجيعة أكتب، إنها لحظة من الحرب مع الورق، و بالتالي محاولة للتأريخ .. تأريخ الجرح بكل العري الذي فيه .. لهذا لا نكتب لأجل قضية دون غيرها، نكتب كي نوجد في النهاية داخل أحزاننا اليومية و داخل إحساسنا باليتم السياسي معا"
. نرحب بالروائية الجزائرية ياسمينة صالح اجمل ترحيب
. 1-بداية وكما العادة احب ان اعرف القارئ العربي بهويتك الشخصية فمن هي ياسمينة صالح؟.
• من الصعب الرد على هذا السؤال بالبساطة التي طرحته بها. لست أدري سوى أنها ورطة لا تخلو من رهبة أن تسألين نفسك "من أنا" أو تسألين الآخر "من أنت؟" و مع ذلك أقول لك أنا امرأة من وطن مجروح حتى العظم.. كاتبة في واقع من الشتات اليومي و المكرر بإصرار. إنسانة في زمن الخراب بكل تفاصيله الراهنة.
. أنا جزائرية حد الوجع، و لا أقول هذا سوى لتبني هذه "الأكذوبة" بكل ما فيها من عري، و أن أكذوبة " الأوطان لنا" التي تغنى بها الشعراء أيام كانت كذبة الوحدة تنطلي على الناس لمجرد أنها تقال على شرف المأساة كيفما كانت مسمياتها.
. 2- ما شكل المستقبل الذي تتخيله الاديبة ياسمينة صالح؟.
• مستقبل؟ كأنك تسألين عن شكل الهباء الذي يمكننا الحلم به بأقل ( أو أكثر) فظاعة ممكنة، و لا تظني في كلامي تشاؤما باعتبار أنني لم أعد معنية بالمستقبل كرؤية تفتقد إلى الأساس. هل يمكن أن تتخيلي مستقبل شعب يعيش على هذا الفراغ و الفظاعة و الكبت و العنف و الإرهاب بكل أشكاله؟ هل يمكن أن تسألي فلسطينيا تطارده الأباتشي الإسرائيلية و يطارده الإعلام الغربي، و تطارده "اللا نخوة" العربية ما نوع المستقبل الذي يتخيله أو يحلم به؟ هل بإمكانك أن تسألي شاب عراقي فقد كل شيء بجرة قلم عن المستقبل و كيف يتخيله؟ لماذا علينا أن نبدو أكثر تفاؤلا منهم و هم الذين يعيشون واقعا ندركه جيدا و نعيشه معهم بنفس الحدة و الرعب و قد عشنا في الجزائر واقعا مماثلا و إن اختلفت صوره إلى حد ما، و لكن قبالة المجزرة من الصعب أن تتكلمي عن المستقبل، و أعني مجزرة الراهن في هذا النوع من التنازلات التي يقدمها الأنظمة باسمنا، و في زمن " الفيديو كليب" التي يتعرى فيها الجميع لإثبات للعالم أننا أكثر تحضرا من "المعقدين" و أن ثقافة الشطح و النط و الرقص و "الانحلال" هي " المقاومة" التي يجب التمسك بها لمناهضة " الظلاميين" ! فكيف تسألينني عن المستقبل بعد ذلك؟ !
. 3- ثورة الانترنت والثقافة الرقمية عالم جديد تأثر به العالم العربي بقوة برايك هل هذا التاثير ايجابي ام سلبي؟.
• أجمل ثورة حققها الانترنت أنه ألغى تلك الحدود بين الناس جميعا، و أن الرسائل التي كان يراقبها حراس البوابات العربية صار يراقبها "الكونجرس" عبر أجهزة مغايرة ـ كما يزعمون على الأقل ـ ربما متعة الانترنت أنه خلق فضاء مغايرا بحيث أن الثقافة الرقمية كما أسميتها أنت صارت متاحة فعلا. يمكنك قراءة صحف العالم كله في يوم واحد، و يمكن قراءة العالم كله في نظرة واحدة أيضا.
. أليس هذا جميلا و مبهرا و إن لم يكن الانترنت خاليا من العيوب طبعا مع انتشار ثقافة الرداءة عبره أيضا و لكن هذا في نظري أمر طبيعي باعتبار أن الجيد و الرديء في كل مكان، إنهما كما الخير و الشر متلازمان.
. 4- يقال هنالك فقر في القراءة عند الشعب العربي بعكس الامم الاوربية فما سبب ذلك برايك وماهي افضل الطرق لتشجيع القراءة في زمن احتلته الفضائيات الغنية بالتفاهات؟
. • هنالك من يربط عدم القراءة بالانترنت، و صدقيني أن أزمة القراءة ليس سببها الانترنت و ليس سببها الإعلامي الرقمي كما يظن البعض. أعتقد أن الدول التي لم يدخلها الانترنت و لم تدخلها الفضائيات التافهة لم يدخلها الكتاب أيضا.
. أزمة القراءة عندنا مرتبطة بأزمة الأمية أيضا، ففي الوقت الذي نحكي فيه عن الثقافة الرقمية نكتشف النسبة الرهيبة من الأمية في الوطن العربي. في الجزائر الأمر يبدو مخيفا أيضا كما هو الحال في المغرب و تونس و ليبيا و موريتانيا و السودان الخ.
. كيف يمكن الدفاع عن القراءة في غياب التعليم الحقيقي؟ التعليم الذي لا ينطلق من "التبويس" و من "تقبيل أيادي الزعماء" في كتاب القراءة ! نحن نعاني من أزمة قراءة لأن الكتاب مربوط ثمنه بالخبز أيضا، كأن يسأل مواطن عليه أن يطعم أطفاله، كيف يشتري كتابا يستمتع بقراءته على حساب خبز أبنائه. و أعود و أقول أن أزمة القراءة مرتبطة بأزمة البطالة بكل أبعادها السياسية و الاجتماعية و الثقافية.
. 5-تحدثت في وروايتك "بحر الصمت" عن الثورة الجزائرية التي تفتخرين بها ثم في روايتك الجديدة "وطن من زجاج " تحدثت عن الوطن بعد الثورة الجزائرية برايك هل الجزائر الان بحاجة الى ثورة جديدة؟
. • دعيني أقول لك أن أكبر حملة انتقاد تعرضت إليه في الجزائر أنها اتهمتني بأني "بهدلت" الثورة، بمعنى أنني لم أمجدها كما تعودنا تمجيدها.. و لكني أعتقد أنني في بحر الصمت كتبت عن الأخطاء التي ارتكبت في الجزائر في ظل أولئك الذين هرعوا للكراسي على حساب الشعب.. أنا ابنة رجل مناضل أعتز كثيرا بانتمائه إلى الثوار إبان الثورة التحريرية، و أنه لم يهرع مثلما هرعوا بعد الاستقلال للنهب و السلب و السلطات القمعية.
. أحمد الله على أن الفقراء يكسبون أبهة الفقر من هذه الخاصية أيضا، بمعنى أنهم لن يتورطوا مع الأغنياء و لا حتى في طريقة الدخول إلى الجنة ! وطن من زجاج رؤية مغايرة في نظري لواقع المجزرة الجزائرية. من يقتل من؟ ذلك السؤال الذي ظل ينهشنا طوال تلك العشرية السوداء قبالة أكثر من 150 ألف ضحية.
. وطن من زجاج هو طريقتي في قراءة تلك المرحلة التي عشتها داخل البلاد و ليس خارجه.
.6- عزيزتي يتهم النقاد دوما كتابة المراة بانها عبارة عن سير ذاتية وانها مغموسة دوما بهمومها فما هو ردك؟.
• صدقيني لست معنية بهذا الطرح باعتبار أنني أعتقد أنهم لن يقولوا أن "الضابطة" في الجيش الأمريكي التي أطلقت النار على الطفل العراقي يوم العيد قد قتلت ضحيتها برصاصة نسائية ( على طريقة الأدب النسائي) !
. 7- في الكثير من كتاباتك تكررت عبارة "نحن أيتام هذا الزمن الكئيب" ماذا تقصدين بتلك العبارة؟
. • أقصد ما جاء في العبارة فعلا. أنا نفسي يتيمة هذا الزمن الذي اعتقدنا أن نولد فيه في ظل أب و أم و وطن لنكتشف ذلك اليتم الشامل.
. كلنا ضحية نفس الأشياء تقريبا و كلنا يتامى بكل ما تعنيه العبارة من "فقر حلم" !
. 8- تتابع الأديبة ياسمينة صالح ماتعرضه الفضائيات والمحطات الاخبارية عما يحصل في العراق وفلسطين من قتل ودمار وتجويع ماهو شعورك كاديبة عربية؟.
• شعوري؟ إنها الفجيعة الكاملة و أعرف أن دورنا قادم. لم يعد ثمة دولة تدعي أنها بمنأى عن الوحش الأمريكي، و لا عن أهداف إسرائيل و لا عن الاختراق الصهيوني الكامل في دولها. الآن كل واحد فينا يجلس في مقعده و ينتظر أن تمر الدبابة الأمريكية أمام بابه باسم "التغير" و باسم " الديمقراطية" و باسم " الفتوحات البابوية الجديدة" !
. 9- ياسمينة صالح فزت بعدد من الجوائز والكثير من النجاحات فلم تهدين كل هذا المجد؟
. • لروح أبي الذي توفي حزينا كوطن فقد أسباب بقائه.
10- هل من كلمة توجهينها للمراة العربية التي لازالت تحلم بمن يخلصها من ظلمها؟
. • سأكذب عليك لو قلت لك أنني واحدة من الداعيات لتحرر المرأة بالمفهوم "الأمريكي" أو " الغربي" و لكني أرى أن المرأة العربية التي تخدم في الأرض في صعيد مصر و تجني القمح في قرى المغرب أجمل من تلك التي تعتقد أنها "قاعدة" على إيديولوجية مغايرة. الظلام الحقيقي في اللا وعي و في الاعتقاد أن العدو هو ذلك الأخ المقهور أو تلك الأخت المقهورة، و أن الحرب على " القيم" هي الحرب على " التخلف".. هذا لا أعتقده شخصيا و تلك أشياء لا أؤيدها لأني أعتبرها جزء من الخراب السائد عندنا. ظلم المرأة في جهلها و ظلم الرجل في عدم إدراكه أنه يُدفع دفعا نحو الانسداد لخدمة الآخرين أحيانا، و لخدمة مصالح أدت إلى خرابه أيضا. أنا لست امرأة ليبرالية، بل امرأة عربية بسيطة تؤمن أن الأرض لمن يخدمها.
. 11- لك الحرية في توجيه رسالة للشعب العربي ماذا تقولين؟.
• إسقاط الأنظمة جزء من الحرب على الاحتلال الراهن الذي نعيشه في دولنا. و أعني بها الأنظمة بمعناها الشمولي، الغائب و الملغي فيما يخص الأداء الصحيح.
. هذه ليست دعوة إلى الحرب، بل دعوة إلى استعادة المقعد الأمامي من هذا الكون !
. في النهاية اشكر الاستاذة الاديبة ياسمينة صالح على الوقت الذي قدمته لنا.
. • سرتني جلستي معك عزيزتي مجدولين.
.
ثقافة بلاحدود
http://www.thkafa.com/modules.php?name=News&file=article&sid=743