المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آخر المقامات



عبد العزيز غوردو
02/06/2007, 08:07 PM
آخر المقامــــــــات...

"... يحكى أن بديع الزمان الهمذاني "نام" ذات مساء...
وبينما هو ثاوٍ على الفراش دون حراك، قام أهله إليه فغسلوه وكفنوه ودفنوه، لكنه استيقظ في قبره وبدأ بالصراخ،
وقد سمع بعض المارة صراخه فراحوا ينبشون عليه التراب...
لكن السيف كان أسبق من العذل، ومن كل أنواع العتاب..."

ها هو الآن يستيقظ من رقدته دون أن يعرف أين هو...
دون أن يعرف طبعا بأن خلانه قد غسلوه وكفنوه ودفنوه، بل وتلقوا فيه التعازي أيضا...
يفتح عينيه ويحملق في الظلام... لكن الظلام دامس جدا... دامس وثقيل...
يحاول تحريك يمناه، فيجدها محاصرة بالقماش... يتحسس جسده فيجده عاريا كالشرنقة:
– "يا إلهي، هل أكون قد أصبت بالعمى؟ أذكر جيدا أنني قبل أن أنام كنت أحد نظر من الزرقاء!
فماذا دهاني؟ ولماذا أنا مكبل في هذا الرداء؟"
يعتقد لأول وهلة أنه مزاح ثقيل فيصرخ مناديا من حوله... لكن ما من مجيب...
وحتى صراخه ارتد إليه مزمجرا مكتوما... فهل من مجيب؟
لأمزق هذا الدثار أولا لأعرف أين أنا... يا الله، أنا في جحر للفئران، بل هو قبر من دون شك...
فلأتحسس جدرانه بيدي... ما أضيقه... ما أضيقه وما أقرب سقفه... أجل، لم يعد عندي أدنى شك في أنه قبر...
إنه بارد، بارد وشديد الرطوبة... وقاس كأنما قَدْ قُدَّ من إحدى ليالي الشتاء!
– "رباه! أهذا كل نصيبي من دنياي؟ شبر بارد مقدود من ليالي الشتاء، وظلام يصيب بالجنون! فلأصرخ قليلا لعل أحدا يسمعني:
الغوث... الغوث... أنقذوني... هل من أحد في الخارج... أيها الناس!"
لا يبدو أن أحدا قد سمعني! بل لا يبدو أن أحدا بالخارج أصلا؟ أو ربما يكون قد سمعني جيراني من الأموات... فالقبور مساكنهم الأبدية...
عفوا على الإزعاج أيها الأموات... يا جثث الذئاب الهمجية!
يا لي من مخرف! وهل أنا ميت حتى أحكم على الآخرين بالموت؟ ترى كم يوجد من شخص مثلي دفنه "خلانه" حيا؟
كم في هذه المقبرة من "حي" يعوي تحت التراب؟ لعل جاري يعوي الآن دون أن تفهمه الذئاب... دون حتى أن تسمعه الذئاب!
لأهدأ قليلا وأنصت لعلي أسمع شيئا من هذا العواء! ...
ماذا...؟ لا شيء غير السكون! لا شيء يمزق ليل الشتاء، ليته يعوي فيمزق هذا الليل اللعين... ليته يعوي، أم تراه قد مل العواء؟
قد يكون نائما... وهل يجرؤ أحد على أن ينام... بعد الذي حصل لي، هل يجرؤ أحد على أن ينام؟
لقد ضاقت الدنيا بالناس حتى أصبحوا يدفنون نيامهم أحياء! يتخلصون من كل من غفت له عين...
فويل لمن وسنت عيناه، ويل للإنسان من أخيه الإنسان!
يا إلهي أكاد أختنق، أما من أحد في الخارج؟
– "أيها العالم... أيها الخلق الرجيم... أيها الشيطان..."
لا أحد في الخارج، حتى الشيطان هجر هذا المكان المشؤوم! وبعد... ماذا يفعل الشيطان في مقبرة؟
ترى، من يكون جاري؟ من يرقد خلف الجدار؟
هل هو شاب صريع هوى، أم صبي أرضعته أمه دعافا كي ينام؟
هل هي فتاة تنتظر السندباد الذي لا يعود، أم تراها عجوزا شمطاء حطمتها السنون فتآكلت أوصالها حتى النخاع؟ من... من...؟"
فلأنصت جيدا خلف الجدار، يخيل إلي أنني الآن أسمع أنفاس جاري... إنها تصعد وتهبط بهدوء:
ويلاه أيكون كل سكان المقبرة من مثل حالي؟ هل ضاقت الدنيا بالناس حتى أصبحوا يتخلصون من كل من غفت له عين؟
فويل لمن وسنت عيناه... ويل للإنسان من أخيه الإنسان!
ما زالت أنفاس جاري تصعد وتهبط بهدوء... أم تراها محض صدى لأنفاسي؟ إنها تزداد حضورا وتسارعا...
هي الآن تملأ علي أجواء القبر في هذا الظلام اللعين...
– "أيها الناس... أيها الخلق الرجيم..."
لا شيء غير الأنفاس تتعالى... تتعالى... تتعالى... ترتطم بالجدران...
جدران في كل اتجاه وفي كل مكان... جدران تحاصر حتى الأنفاس، وظلام يصيب بالجنون...
ظلام تجحظ فيه العيون فترتد إلى محاجرها كليلة مهزومة... ظلام يخيل إليك أن مصدره ينبع من جوف الناس، فيحاصر الأنفاس...
– "أيها الناس... أيها الخلق الرجيم... أيها العالم/ الجحيم:
افتح جدرانك الديماسية... افتح جدرانك الهارية... افتح فجاري الذي لا أعرفه، قد حطمته الجدران...
افتح باللعنة بالشيطان!!"
فلتهدأ يا جاري فالعالم قد صم آذانه عنك... فلتهدأ يا صاحبي فلا جدوى من العويل... لا جدوى من العويل...
يا صاحبي، كم كان هناك في عالمك العلوي من ألم، ومن جرح، ومن قتيل...
ولم تك يا صاحبي بكل هذا العويل... لم تك يا صاحبي بكل هذا العويل...
فلتهدأ يا صاحبي وحاول أن تنام... حق لك الآن أن تنام... وسأحكي لك من بدء الكلام، عن صاحبي المرصوص تحت الركام...
عن صاحبي الذي قالوا عنه: "قد مات!"...
سأحكي لك عن آخر ما كتبت من مقامات:
" "
" "
... يحكى أن بديع الزمان الهمذاني "نام" ذات مساء...

ابراهيم عبد المعطى داود
02/06/2007, 09:22 PM
الفاضل العزيز د/ عبد العزيز غوردو
تحيه لكلماتك الرشيقه المعبره عن أحوال الموت 00بتفاصيله المؤلمه وظلم ألأنسان لأخيه ألأنسان
بقهره وإستعباده ( لقد ضاقت الدنيا بالناس حتى أصبحوا يدفنون نيامهم أحياء 00!!يتخلصون من كل من غفت له
عين ) والوحده القاتله ( ظلآم يصيب بالجنون 00ظلآم تجحظ فيه العيون فترتد الى محاجرها كليله مهزومه 000)
وإستمرار الظلم وتواتره عبر ألأزمنه ( سأحكى لكم من بدء الكلآم 00عن صاحبى المرصوص تحت الركام 000)
صور معبره جمعها النص فى مهاره وحبكه شديده 000 ألف تحيه لقلمك المبدع الرشيق 00وحروفك التى تتوهج بالرقى 00
مع مودتى
ابراهيم عبد المعطى ابراهيم

عبد العزيز غوردو
02/06/2007, 09:52 PM
أخي العزيز ابراهيم عبد المعطى ابراهيم:
قمة العبث/الجريمة أن يكتشف المرء "موته" بعد فوات الأوان...

حضورك نور قصتي وأضاف إلى دفء المكان
فلتتفضل بقبول خالص مودتي
ودمت مبدعا

يحي غوردو
15/08/2007, 02:52 PM
تصوير ممزق لحالة اغتراب داخل وسط انعدمت فيه الثقة..

نهاية/مأساة... وقفلة دائرية محكمة

دمت مبدعا كما أنت

محبتي

محمد فؤاد منصور
15/08/2007, 10:43 PM
أخى الدكتور عبد العزيز غوردو
أحييك على هذا الإبداع المتميز والذى أقشعر له بدنى فرقاً .. وجعلنى أتأمل أحوالى قسراً ..ياإلهى أيمكن أن يجد الإنسان نفسه سجين جدران ،تحت ركام لايحس به أحد ولايسمعه ؟ إن الفكرة تهدد أمان النفس وتدفع للتساؤل كم من بين الأحياء من يشعر نفس الشعور ألاّ يحس به من حوله فيصبح كميتٍ يسير على قدمين فى عالم لايسمع فيه أحد إلا نفسه وصوته.إبداع يثير الخيال ويحض على التفكير فشكراًليراعك المتألق.
دكتور/ محمد فؤاد منصور
الأسكندرية :fl:

عبد العزيز غوردو
19/08/2007, 12:40 AM
تعليقك جامع مانع...

وفي اختصار بليغ، أيها المبدع يحي...

مودتي

عبد العزيز غوردو
19/08/2007, 12:47 AM
ردك باذخ، أخي الدكتور محمد فؤاد منصور...

باذخ جدا...

وتشريح للنفس، لحظة الفاجعة الكبرى، بلغ مداه...

وبدوري أطرح السؤال الذي تفضلتم بطرحه: كم منا يشعر بإحساس غياب الأمن، وفقدان الثقة فعلا؟؟؟

دمت رائعا، متألقا، فذا...

حنين حمودة
19/08/2007, 07:16 PM
استاذي غوردو
البداية تشد القارئ وتجبره على الاستمرار
بديع الزمان الهمذاني
والمقامات ..
تقديري

ريمه الخاني
19/08/2007, 07:24 PM
العنوان يشد
والنص رشيق
فعلا
سلم قلمك

نزار ب. الزين
19/08/2007, 10:25 PM
أخي الدكتور عبد العزيز غوردو
مثل هذا الحدث يتكرر و إن كان في ندرة ، و قد شاهدت يوما كهلا أصيب بلوثة ، حمل بيده صحيفة يومية ، فكان يوقف كل من يراه ، و يريه الصحيفة قائلا : " هذا الموضوع عني ، هذه الصورة صورتي ، لقد دفنوني حيا ، و الملائكة أخرجتني من القبر . "
أما وصفك لهلع هكذا شخص و دخولك لأعماق نفسه فكان لوحة فنية رسمتها يد مرهفة باتقان قل مثيله .
دمت و دام إبداعك ..
نزار ب. الزين

عبد العزيز غوردو
20/08/2007, 10:04 PM
ألمبدعة الأنيقة حنين حمودة..

ممتن أنا لزيارتك الكريمة... ولتوشيتك النص بهذا التطريز البديع...

مودتي.. أختي

عبد العزيز غوردو
22/08/2007, 12:06 AM
أختي المبدعة ريمة

سلمت أناملك التي خطت هذا الرد المضيء..

ران له القلب فأسعده..

مودتي

عبد العزيز غوردو
22/08/2007, 12:11 AM
أستاذي المتوهج نزار:

هو التراث الذي خرجت من رحمه القصة... مصدر إلهام خصب..

بديع الزمان، على ذمة رواة الأدب، مات مرتين..

النص يرصد حكايته/المأساة...

ويلقي بها في وجوهنا... في زمن بارد العلاقات...

وانعدمت فيه الثقة بالآخر..

" "

زيارتك، أستاذي، تبهجني دائما..

فدمت متألقا فذا.. أبدا

زاهية بنت البحر
28/03/2008, 07:01 AM
مقامة تقشعر لها الأبدان حقيقة وهي مخيفة سواء كانت الأحداث تحت الركام أم فوقه بين الناس ولاأحد يحس بالآخر .ذكرتني مقامتك أخي المكرم كاتبنا الفذ عبد العزيز غوردو بقصتي القصيرة جدا ليل دامس وهي هنا في واتا على ماأعتقد فإن لم تكن فهاهي أضعها بالقرب من مقامتك الرائعة.دمت مبدعًا
أختك
بنت البحر
ليل فاحم.. موحش المكان... شديد الرطوبة.. كريه الرائحة... وهو مقيد بعدة قطع من قماش أبيض لايستطيع منها فكاكًا لضيق المكان الذي يتمدد فيه وحيدًا لايسمع صراخه أحد.. حاول النهوض.. صدم رأسه بشيء ما.. دقق النظر فلم يرَ شيئًا.. رفع يديه المقيدتين بصعوبة بالغة لدفع الجسم الغريب الذي أوجع رأسه لكن دون جدوى, فالثقل فوقه لايقاوم.. فكر للحظات أين هو .. أيعقلُ أن يكون.. كيف حصل ذلك ومتى؟ ل .. لا.. شهق شهقة خرجت بروحه هذه المرة ..
بقلم
بنت البحر
http://www.al3ez.net/vb/attachment.php?attachmentid=482&stc=1

غفران طحّان
29/03/2008, 03:03 AM
ثمّة ما يجعلنا نذوي تحت مزاريب الوحدة
ونلوذ بالصمت...
ونستيقظ بعد فوات الأوان
لنرى العتمة تنهش أرواحنا
وتذرونا كما الريح العابثة بالفتات
لنشعر حينها بالموت...

أيّها الراقي ...
أيقظت في روحي الوجع

كما العادة راااائع
كما العادة
تسرقنا الدهشة
ونقف حيارى...
أمام اللغة...السرد...الوصف...
الفكرة ...وأنت
دمت كما أنت
متألقاً...
وفيضاً من جمال

عبد العزيز غوردو
04/04/2008, 03:32 PM
مقامة تقشعر لها الأبدان حقيقة وهي مخيفة سواء كانت الأحداث تحت الركام أم فوقه بين الناس ولاأحد يحس بالآخر .ذكرتني مقامتك أخي المكرم كاتبنا الفذ عبد العزيز غوردو بقصتي القصيرة جدا ليل دامس وهي هنا في واتا على ماأعتقد فإن لم تكن فهاهي أضعها بالقرب من مقامتك الرائعة.دمت مبدعًا
أختك
بنت البحر
ليل فاحم.. موحش المكان... شديد الرطوبة.. كريه الرائحة... وهو مقيد بعدة قطع من قماش أبيض لايستطيع منها فكاكًا لضيق المكان الذي يتمدد فيه وحيدًا لايسمع صراخه أحد.. حاول النهوض.. صدم رأسه بشيء ما.. دقق النظر فلم يرَ شيئًا.. رفع يديه المقيدتين بصعوبة بالغة لدفع الجسم الغريب الذي أوجع رأسه لكن دون جدوى, فالثقل فوقه لايقاوم.. فكر للحظات أين هو .. أيعقلُ أن يكون.. كيف حصل ذلك ومتى؟ ل .. لا.. شهق شهقة خرجت بروحه هذه المرة ..
بقلم
بنت البحر
http://www.al3ez.net/vb/attachment.php?attachmentid=482&stc=1


............

نص مفعم بالمعاني والإيحاءات...

يشهد، إن كان الأمر ما زال يحتاج إلى شهادة، أننا أمام قلم يعرف كيف يرسم لوحاته...

فجاء إدهاشا على إدهاش...

يشرفني، أختي المتألقة زاهية، أن يتعانق النصان على صفحتي...

وهل للمبدعين غير توارد الخواطر؟؟؟

" "

أخوك عبد العزيز

:fl:

عبد العزيز غوردو
04/04/2008, 03:38 PM
ثمّة ما يجعلنا نذوي تحت مزاريب الوحدة
ونلوذ بالصمت...
ونستيقظ بعد فوات الأوان
لنرى العتمة تنهش أرواحنا
وتذرونا كما الريح العابثة بالفتات
لنشعر حينها بالموت...

أيّها الراقي ...
أيقظت في روحي الوجع

كما العادة راااائع
كما العادة
تسرقنا الدهشة
ونقف حيارى...
أمام اللغة...السرد...الوصف...
الفكرة ...وأنت
دمت كما أنت
متألقاً...
وفيضاً من جمال

.........

معك، أيتها المتألقة غفران، يكتمل سحر اللغة...

وتكتمل دروب الحياة، وتفاصيلها الحميمة...

" "

نص :الموؤودة" من أقدم النصوص التي كتبتها، ربما كنت في مثل سنك...

إن لم تخني الذاكرة...

تعقيبك الباذخ اليوم، جاء ليعيدني إلى لحظات المخاض البعيدة، تلك...

ترى هل كنت سأكتب "النص"، كما كتبته، لو أتيحت لي الفرصة مرة ثانية؟

سؤال عقيم، لأن المرء لا يستحم في النهر مرتين...

لك زهرة.. وابتسامة...

أيتها الموغلة في الإبداع...

:emo_m1:

الحاج بونيف
04/04/2008, 09:12 PM
أخي الرائع/ د. عبد العزيز غوردو
تحية طيبة
ليس لي من إضافة سوى أن النص بديع، ويشد القارئ..
أهنئك
خالص التقدير والود.:fl:

صلاح م ع ابوشنب
06/04/2008, 01:29 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
استاذ العزيز الدكتور عبد العزيز غوردو
السلام عليكم ورحمةالله وبركاته
شدنى القص الجميل والنص السلس الجزيل ، لولا سواد الليل ومئآسيه اللذان التفا حول الانسان كالاخطبوط فحوطانه وكبلانه تكبيلا ، وأصبح حبيسهما لا يقدر على الفكاك حتى تخرج روحه الى بارئها ، ويسقط فى الحفرة الابديه المظلمه .. سلم يراعك ودام قصك ،،، صلاح ابوشنب

صلاح م ع ابوشنب
06/04/2008, 01:29 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
استاذ العزيز الدكتور عبد العزيز غوردو
السلام عليكم ورحمةالله وبركاته
شدنى القص الجميل والنص السلس الجزيل ، لولا سواد الليل ومئآسيه اللذان التفا حول الانسان كالاخطبوط فحوطانه وكبلانه تكبيلا ، وأصبح حبيسهما لا يقدر على الفكاك حتى تخرج روحه الى بارئها ، ويسقط فى الحفرة الابديه المظلمه .. سلم يراعك ودام قصك ،،، صلاح ابوشنب

عبد العزيز غوردو
17/04/2008, 09:48 PM
أخي الرائع/ د. عبد العزيز غوردو
تحية طيبة
ليس لي من إضافة سوى أن النص بديع، ويشد القارئ..
أهنئك
خالص التقدير والود.:fl:

.................

أخي العزيز الحاج...

لا أعرف كيف أعتذر على هذا التأخر غير المقصود في الرد على تعقيبك الكريم،

فاللوم كل اللوم على حاسوبي الشخصي الذي تعطل منذ أيام،

ولم أتمكن من إصلاحه إلا هذا الصباح...

شكر لمرورك الذي عبق بعطره المكان...

ومعذرة ثانية

محبتي

:fl:

عبد العزيز غوردو
17/04/2008, 09:57 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
استاذ العزيز الدكتور عبد العزيز غوردو
السلام عليكم ورحمةالله وبركاته
شدنى القص الجميل والنص السلس الجزيل ، لولا سواد الليل ومئآسيه اللذان التفا حول الانسان كالاخطبوط فحوطانه وكبلانه تكبيلا ، وأصبح حبيسهما لا يقدر على الفكاك حتى تخرج روحه الى بارئها ، ويسقط فى الحفرة الابديه المظلمه .. سلم يراعك ودام قصك ،،، صلاح ابوشنب

************

أخي العزيز الأستاذ صلاح...

وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته...

أكيد أن السواد يلفنا من كل جانب.. يشدنا إليه بقوة...

لأن حياتنا مليئة بالمآسي...

أما لحظات الفرح فهي قصيرة في دنيانا...

نختلسها من فم الحزن اختلاسا...

شكرا للزيارة والتعليق

ولك خالص المودة والتقدير

:emo_m1:

نانسي زيتون
28/04/2008, 08:58 AM
آخر المقامــــــــات...

"... يحكى أن بديع الزمان الهمذاني "نام" ذات مساء...
وبينما هو ثاوٍ على الفراش دون حراك، قام أهله إليه فغسلوه وكفنوه ودفنوه، لكنه استيقظ في قبره وبدأ بالصراخ،
وقد سمع بعض المارة صراخه فراحوا ينبشون عليه التراب...
لكن السيف كان أسبق من العذل، ومن كل أنواع العتاب..."

ها هو الآن يستيقظ من رقدته دون أن يعرف أين هو...
دون أن يعرف طبعا بأن خلانه قد غسلوه وكفنوه ودفنوه، بل وتلقوا فيه التعازي أيضا...
يفتح عينيه ويحملق في الظلام... لكن الظلام دامس جدا... دامس وثقيل...
يحاول تحريك يمناه، فيجدها محاصرة بالقماش... يتحسس جسده فيجده عاريا كالشرنقة:
– "يا إلهي، هل أكون قد أصبت بالعمى؟ أذكر جيدا أنني قبل أن أنام كنت أحد نظر من الزرقاء!
فماذا دهاني؟ ولماذا أنا مكبل في هذا الرداء؟"
يعتقد لأول وهلة أنه مزاح ثقيل فيصرخ مناديا من حوله... لكن ما من مجيب...
وحتى صراخه ارتد إليه مزمجرا مكتوما... فهل من مجيب؟
لأمزق هذا الدثار أولا لأعرف أين أنا... يا الله، أنا في جحر للفئران، بل هو قبر من دون شك...
فلأتحسس جدرانه بيدي... ما أضيقه... ما أضيقه وما أقرب سقفه... أجل، لم يعد عندي أدنى شك في أنه قبر...
إنه بارد، بارد وشديد الرطوبة... وقاس كأنما قَدْ قُدَّ من إحدى ليالي الشتاء!
– "رباه! أهذا كل نصيبي من دنياي؟ شبر بارد مقدود من ليالي الشتاء، وظلام يصيب بالجنون! فلأصرخ قليلا لعل أحدا يسمعني:
الغوث... الغوث... أنقذوني... هل من أحد في الخارج... أيها الناس!"
لا يبدو أن أحدا قد سمعني! بل لا يبدو أن أحدا بالخارج أصلا؟ أو ربما يكون قد سمعني جيراني من الأموات... فالقبور مساكنهم الأبدية...
عفوا على الإزعاج أيها الأموات... يا جثث الذئاب الهمجية!
يا لي من مخرف! وهل أنا ميت حتى أحكم على الآخرين بالموت؟ ترى كم يوجد من شخص مثلي دفنه "خلانه" حيا؟
كم في هذه المقبرة من "حي" يعوي تحت التراب؟ لعل جاري يعوي الآن دون أن تفهمه الذئاب... دون حتى أن تسمعه الذئاب!
لأهدأ قليلا وأنصت لعلي أسمع شيئا من هذا العواء! ...
ماذا...؟ لا شيء غير السكون! لا شيء يمزق ليل الشتاء، ليته يعوي فيمزق هذا الليل اللعين... ليته يعوي، أم تراه قد مل العواء؟
قد يكون نائما... وهل يجرؤ أحد على أن ينام... بعد الذي حصل لي، هل يجرؤ أحد على أن ينام؟
لقد ضاقت الدنيا بالناس حتى أصبحوا يدفنون نيامهم أحياء! يتخلصون من كل من غفت له عين...
فويل لمن وسنت عيناه، ويل للإنسان من أخيه الإنسان!
يا إلهي أكاد أختنق، أما من أحد في الخارج؟
– "أيها العالم... أيها الخلق الرجيم... أيها الشيطان..."
لا أحد في الخارج، حتى الشيطان هجر هذا المكان المشؤوم! وبعد... ماذا يفعل الشيطان في مقبرة؟
ترى، من يكون جاري؟ من يرقد خلف الجدار؟
هل هو شاب صريع هوى، أم صبي أرضعته أمه دعافا كي ينام؟
هل هي فتاة تنتظر السندباد الذي لا يعود، أم تراها عجوزا شمطاء حطمتها السنون فتآكلت أوصالها حتى النخاع؟ من... من...؟"
فلأنصت جيدا خلف الجدار، يخيل إلي أنني الآن أسمع أنفاس جاري... إنها تصعد وتهبط بهدوء:
ويلاه أيكون كل سكان المقبرة من مثل حالي؟ هل ضاقت الدنيا بالناس حتى أصبحوا يتخلصون من كل من غفت له عين؟
فويل لمن وسنت عيناه... ويل للإنسان من أخيه الإنسان!
ما زالت أنفاس جاري تصعد وتهبط بهدوء... أم تراها محض صدى لأنفاسي؟ إنها تزداد حضورا وتسارعا...
هي الآن تملأ علي أجواء القبر في هذا الظلام اللعين...
– "أيها الناس... أيها الخلق الرجيم..."
لا شيء غير الأنفاس تتعالى... تتعالى... تتعالى... ترتطم بالجدران...
جدران في كل اتجاه وفي كل مكان... جدران تحاصر حتى الأنفاس، وظلام يصيب بالجنون...
ظلام تجحظ فيه العيون فترتد إلى محاجرها كليلة مهزومة... ظلام يخيل إليك أن مصدره ينبع من جوف الناس، فيحاصر الأنفاس...
– "أيها الناس... أيها الخلق الرجيم... أيها العالم/ الجحيم:
افتح جدرانك الديماسية... افتح جدرانك الهارية... افتح فجاري الذي لا أعرفه، قد حطمته الجدران...
افتح باللعنة بالشيطان!!"
فلتهدأ يا جاري فالعالم قد صم آذانه عنك... فلتهدأ يا صاحبي فلا جدوى من العويل... لا جدوى من العويل...
يا صاحبي، كم كان هناك في عالمك العلوي من ألم، ومن جرح، ومن قتيل...
ولم تك يا صاحبي بكل هذا العويل... لم تك يا صاحبي بكل هذا العويل...
فلتهدأ يا صاحبي وحاول أن تنام... حق لك الآن أن تنام... وسأحكي لك من بدء الكلام، عن صاحبي المرصوص تحت الركام...
عن صاحبي الذي قالوا عنه: "قد مات!"...
سأحكي لك عن آخر ما كتبت من مقامات:
" "
" "
... يحكى أن بديع الزمان الهمذاني "نام" ذات مساء...


متابعة ومخلصة لقلمك

..............................

نانسي زيتون
28/04/2008, 08:58 AM
آخر المقامــــــــات...

"... يحكى أن بديع الزمان الهمذاني "نام" ذات مساء...
وبينما هو ثاوٍ على الفراش دون حراك، قام أهله إليه فغسلوه وكفنوه ودفنوه، لكنه استيقظ في قبره وبدأ بالصراخ،
وقد سمع بعض المارة صراخه فراحوا ينبشون عليه التراب...
لكن السيف كان أسبق من العذل، ومن كل أنواع العتاب..."

ها هو الآن يستيقظ من رقدته دون أن يعرف أين هو...
دون أن يعرف طبعا بأن خلانه قد غسلوه وكفنوه ودفنوه، بل وتلقوا فيه التعازي أيضا...
يفتح عينيه ويحملق في الظلام... لكن الظلام دامس جدا... دامس وثقيل...
يحاول تحريك يمناه، فيجدها محاصرة بالقماش... يتحسس جسده فيجده عاريا كالشرنقة:
– "يا إلهي، هل أكون قد أصبت بالعمى؟ أذكر جيدا أنني قبل أن أنام كنت أحد نظر من الزرقاء!
فماذا دهاني؟ ولماذا أنا مكبل في هذا الرداء؟"
يعتقد لأول وهلة أنه مزاح ثقيل فيصرخ مناديا من حوله... لكن ما من مجيب...
وحتى صراخه ارتد إليه مزمجرا مكتوما... فهل من مجيب؟
لأمزق هذا الدثار أولا لأعرف أين أنا... يا الله، أنا في جحر للفئران، بل هو قبر من دون شك...
فلأتحسس جدرانه بيدي... ما أضيقه... ما أضيقه وما أقرب سقفه... أجل، لم يعد عندي أدنى شك في أنه قبر...
إنه بارد، بارد وشديد الرطوبة... وقاس كأنما قَدْ قُدَّ من إحدى ليالي الشتاء!
– "رباه! أهذا كل نصيبي من دنياي؟ شبر بارد مقدود من ليالي الشتاء، وظلام يصيب بالجنون! فلأصرخ قليلا لعل أحدا يسمعني:
الغوث... الغوث... أنقذوني... هل من أحد في الخارج... أيها الناس!"
لا يبدو أن أحدا قد سمعني! بل لا يبدو أن أحدا بالخارج أصلا؟ أو ربما يكون قد سمعني جيراني من الأموات... فالقبور مساكنهم الأبدية...
عفوا على الإزعاج أيها الأموات... يا جثث الذئاب الهمجية!
يا لي من مخرف! وهل أنا ميت حتى أحكم على الآخرين بالموت؟ ترى كم يوجد من شخص مثلي دفنه "خلانه" حيا؟
كم في هذه المقبرة من "حي" يعوي تحت التراب؟ لعل جاري يعوي الآن دون أن تفهمه الذئاب... دون حتى أن تسمعه الذئاب!
لأهدأ قليلا وأنصت لعلي أسمع شيئا من هذا العواء! ...
ماذا...؟ لا شيء غير السكون! لا شيء يمزق ليل الشتاء، ليته يعوي فيمزق هذا الليل اللعين... ليته يعوي، أم تراه قد مل العواء؟
قد يكون نائما... وهل يجرؤ أحد على أن ينام... بعد الذي حصل لي، هل يجرؤ أحد على أن ينام؟
لقد ضاقت الدنيا بالناس حتى أصبحوا يدفنون نيامهم أحياء! يتخلصون من كل من غفت له عين...
فويل لمن وسنت عيناه، ويل للإنسان من أخيه الإنسان!
يا إلهي أكاد أختنق، أما من أحد في الخارج؟
– "أيها العالم... أيها الخلق الرجيم... أيها الشيطان..."
لا أحد في الخارج، حتى الشيطان هجر هذا المكان المشؤوم! وبعد... ماذا يفعل الشيطان في مقبرة؟
ترى، من يكون جاري؟ من يرقد خلف الجدار؟
هل هو شاب صريع هوى، أم صبي أرضعته أمه دعافا كي ينام؟
هل هي فتاة تنتظر السندباد الذي لا يعود، أم تراها عجوزا شمطاء حطمتها السنون فتآكلت أوصالها حتى النخاع؟ من... من...؟"
فلأنصت جيدا خلف الجدار، يخيل إلي أنني الآن أسمع أنفاس جاري... إنها تصعد وتهبط بهدوء:
ويلاه أيكون كل سكان المقبرة من مثل حالي؟ هل ضاقت الدنيا بالناس حتى أصبحوا يتخلصون من كل من غفت له عين؟
فويل لمن وسنت عيناه... ويل للإنسان من أخيه الإنسان!
ما زالت أنفاس جاري تصعد وتهبط بهدوء... أم تراها محض صدى لأنفاسي؟ إنها تزداد حضورا وتسارعا...
هي الآن تملأ علي أجواء القبر في هذا الظلام اللعين...
– "أيها الناس... أيها الخلق الرجيم..."
لا شيء غير الأنفاس تتعالى... تتعالى... تتعالى... ترتطم بالجدران...
جدران في كل اتجاه وفي كل مكان... جدران تحاصر حتى الأنفاس، وظلام يصيب بالجنون...
ظلام تجحظ فيه العيون فترتد إلى محاجرها كليلة مهزومة... ظلام يخيل إليك أن مصدره ينبع من جوف الناس، فيحاصر الأنفاس...
– "أيها الناس... أيها الخلق الرجيم... أيها العالم/ الجحيم:
افتح جدرانك الديماسية... افتح جدرانك الهارية... افتح فجاري الذي لا أعرفه، قد حطمته الجدران...
افتح باللعنة بالشيطان!!"
فلتهدأ يا جاري فالعالم قد صم آذانه عنك... فلتهدأ يا صاحبي فلا جدوى من العويل... لا جدوى من العويل...
يا صاحبي، كم كان هناك في عالمك العلوي من ألم، ومن جرح، ومن قتيل...
ولم تك يا صاحبي بكل هذا العويل... لم تك يا صاحبي بكل هذا العويل...
فلتهدأ يا صاحبي وحاول أن تنام... حق لك الآن أن تنام... وسأحكي لك من بدء الكلام، عن صاحبي المرصوص تحت الركام...
عن صاحبي الذي قالوا عنه: "قد مات!"...
سأحكي لك عن آخر ما كتبت من مقامات:
" "
" "
... يحكى أن بديع الزمان الهمذاني "نام" ذات مساء...


متابعة ومخلصة لقلمك

..............................

عبد العزيز غوردو
29/04/2008, 11:17 PM
متابعة ومخلصة لقلمك

..............................

**********

شرف لي أن تتابعي قلمي المتواضع...

:fl:

ريهام زمان
19/05/2008, 06:48 PM
بين جدية الموضوع وشاعرية الصياغة، تابعت النص حتى آخر قطرة/
فشكرا للمتعة التي تحققت عبر هذه القراءة/
وسلم قلمك الواعي/

خالص مودتي دكتور

ريهام زمان
19/05/2008, 06:48 PM
بين جدية الموضوع وشاعرية الصياغة، تابعت النص حتى آخر قطرة/
فشكرا للمتعة التي تحققت عبر هذه القراءة/
وسلم قلمك الواعي/

خالص مودتي دكتور

عبد العزيز غوردو
26/05/2008, 11:33 PM
بين جدية الموضوع وشاعرية الصياغة، تابعت النص حتى آخر قطرة/
فشكرا للمتعة التي تحققت عبر هذه القراءة/
وسلم قلمك الواعي/

خالص مودتي دكتور

*******

وبين رقة الكلمات، ودفء المشاعر...

تابعت هذا الرد الأنيق...

فشكرا على الزيارة اللطيفة، والرد الرقيق...

مع أجمل عبير

:fl:

منى حسن محمد الحاج
30/07/2008, 03:04 PM
رائع هذا القلم يا أخي عبد العزيز غوردو..
راقٍ أنت يا فيلسوفنا العزيز...
هي ككل ما تكتب روعة وبهاء وشدا وتشويق..
قرأتها واقشعر لها بدني مع استمرار القراءة..
مايميزك هو أنك تصل لهدفك الذي تريده من ما تكتبه وتترك أثرك على وجه وعيون وقلب القارئ...
إحساس عدم الشعور بالأمان إحساس فظيع وأن يتخلى عنك أعز الناس إحساس أفظع...
لا يبدو أن أحدا قد سمعني! بل لا يبدو أن أحدا بالخارج أصلا؟ أو ربما يكون قد سمعني جيراني من الأموات... فالقبور مساكنهم الأبدية...
عفوا على الإزعاج أيها الأموات... يا جثث الذئاب الهمجية!
أخي العزيز:هل النداء هنا موجه للناس الذين هم بخارج القبر والذين استغاث بهم ولم يجيبوا؟! وأظنك تقصد هذا أم أن المقصود به هم جيران البطل من الأموات؟ ذلك أني لا أرى وصف الأموات بجثث الذئاب الهمجية هنا مناسبا على حسب فهمي والأجدر أن يوصف به من دفن البطل حيا...
كعادتها نصوصك تأسرني وتجعلني أغوص إلى أعماقها وأقرأها بانجذاب شديد وانبهار بما تخطه يدك المثمنة...
لك خالص تحياتي وتقديري..

فايزة شرف الدين
31/07/2008, 12:27 AM
كما عهدتك جزل في سردك نتعلم منك إتقان اللغة .. أجدت تصوير الذي دفن حيا .. لكن قلت أنهي ليلتي ببديع الزمان .. لعلي أقبض بين يدي ذهب وياقوت ومرجان .. لكني وجدت نفسي بين جدران صماء .. والموت الأسود يحيط بالرجل المسكين .
ساذهب للنوم ورأسي يصطخب بالصياح :
– "أيها الناس... أيها الخلق الرجيم... أيها العالم/ الجحيم:

http://www.10neen.com/up/uploads/35ab8d3389.gif (http://www.10neen.com/up/)

عبد العزيز غوردو
31/07/2008, 12:33 PM
رائع هذا القلم يا أخي عبد العزيز غوردو..
راقٍ أنت يا فيلسوفنا العزيز...
هي ككل ما تكتب روعة وبهاء وشدا وتشويق..
قرأتها واقشعر لها بدني مع استمرار القراءة..
مايميزك هو أنك تصل لهدفك الذي تريده من ما تكتبه وتترك أثرك على وجه وعيون وقلب القارئ...
إحساس عدم الشعور بالأمان إحساس فظيع وأن يتخلى عنك أعز الناس إحساس أفظع...
لا يبدو أن أحدا قد سمعني! بل لا يبدو أن أحدا بالخارج أصلا؟ أو ربما يكون قد سمعني جيراني من الأموات... فالقبور مساكنهم الأبدية...
عفوا على الإزعاج أيها الأموات... يا جثث الذئاب الهمجية!
أخي العزيز:هل النداء هنا موجه للناس الذين هم بخارج القبر والذين استغاث بهم ولم يجيبوا؟! وأظنك تقصد هذا أم أن المقصود به هم جيران البطل من الأموات؟ ذلك أني لا أرى وصف الأموات بجثث الذئاب الهمجية هنا مناسبا على حسب فهمي والأجدر أن يوصف به من دفن البطل حيا...
كعادتها نصوصك تأسرني وتجعلني أغوص إلى أعماقها وأقرأها بانجذاب شديد وانبهار بما تخطه يدك المثمنة...
لك خالص تحياتي وتقديري..

*********
أختي الفاضلة منى...

تشرفينني بالزيارة والمتابعة دائما،

فأنا عاجز عن شكرك لذلك...

أيضا تتفضلين بتقديم هذه القراءة المتأنية المتوقفة،وهذا شرف آخر يعلو جبيني..

" "

النص، كما فهمتِه أختي الفاضلة، موجه للأحياء قطعا...

لكن أي أحياء هؤلاء الذين سرقوا الثقة من قلوب بعضهم بعضا؟

وبعد أن تجردوا من إنسانيتهم؟

هؤلاء الذين استحالوا إلى ذئاب، على رأي هوبز،

إذا ما ماتوا، أصبحت جثثهم جثث ذئاب أيضا...

فحتى إذا ما لم يتعاملوا مع بطل القصة هنا، فقد تعاملوا مع غيره، عندما كانوا أحياء...

بمنطق الذئاب...

والبطل نفسه، ليس بريئا أيضا..

ذلك أنه لم يكتشف "براءته" إلا بعد أن وجد نفسه داخل قبر..

ولو انتبهت في آخر النص دعوة له للاستكانة و"النوم/الموت"،

لأنه لم يصرخ بالاحتجاج على أوضاعه وهو في عالمه العلوي/ عالم الجلادين...

بل فقط عندما أصبح في وضع الضحية...

" "

معذرة أختي الفاضلة منى،

عادة ما لا أريد أن أتدخل بالشرح لنصوصي، وأدعها للقارئ يفهمها كما يشاء..

وله الحق في القراءة والتأويل...

أعتقد بأني كنت عاجزا في هذا النص عن تبليغ فكرتي...

سأحاول أن أكون أفضل في نصوصي القادمة...

ولك خالص مودتي وتقدير..

وشكري وامتناني..

" "

:)

عبد العزيز غوردو
31/07/2008, 12:40 PM
كما عهدتك جزل في سردك نتعلم منك إتقان اللغة .. أجدت تصوير الذي دفن حيا .. لكن قلت أنهي ليلتي ببديع الزمان .. لعلي أقبض بين يدي ذهب وياقوت ومرجان .. لكني وجدت نفسي بين جدران صماء .. والموت الأسود يحيط بالرجل المسكين .
ساذهب للنوم ورأسي يصطخب بالصياح :
– "أيها الناس... أيها الخلق الرجيم... أيها العالم/ الجحيم:

http://www.10neen.com/up/uploads/35ab8d3389.gif (http://www.10neen.com/up/)

*********

أختي الفاضلة فايزة..

ابتسمت وأنا أقرأ هذا التعليق،

وآسف فعلا لأني أرسلتك إلى فراشك مع هذا الكابوس...

في المرة القادمة سأكتب عن الياقوت والمرجان...

وإن كنا، نحن الكتاب، لا نعرف شكل الياقوت والمرجان.. إلا في أحلامنا أيضا...

سعدت بقراءة تعليقك..

وسعدت أكثر بالتعليق عليه..

سلال ياسمين لنبضك الذي عطر المكان..

" "

" "

منى حسن محمد الحاج
31/07/2008, 12:56 PM
معذرة أختي الفاضلة منى،

عادة ما لا أريد أن أتدخل بالشرح لنصوصي، وأدعها للقارئ يفهمها كما يشاء..
وله الحق في القراءة والتأويل...

أعتقد بأني كنت عاجزا في هذا النص عن تبليغ فكرتي...

سأحاول أن أكون أفضل في نصوصي القادمة...

ولك خالص مودتي وتقدير..

وشكري وامتناني..

" "

:)

أخي العزيز: عبد العزيز غوردو.......... لك من القلب تحية
أنت لم تكن سيئًا لتعد بالأفضل يا أخي العزيز وأفكارك لا تصل فقط بل تخترق عقولنا وقلوبنا وفيها تستقر...
ثم تعشش هناك وتظل تدعونا لمتابعة كل ما هو جديد...
أولا يجعل كل هذا لنا الحق في الإستفسار عن شئ التبس علينا؟! ليس من سوء النص أو عدم جودته بل ربما لأن نصوصك دائمًا فوق العادة وتتربع على قمة الأدب الرفيع فاعذر قرائك يا أخي... :)
فربما لم أركز في تلك النقطة جيدًا فلم أميز لمن النداء هنا...وذلك من هول أنني كنت أحس وكأنني داخل قبر!!
وهل يستطيع من هو مختنق التفكير؟!
فهل استطعت تخيل مدى تأثير نصوصك في قرائك؟
إن لنا عليك حقًا وأنت ملزم به :) مثلما ألزمنا أدبك الرفيع بلزوم ناصيته المتفردة...
لك مني خالص الود والتقدير... وأشكرك على خرق العادة بالإجابة...

عبد العزيز غوردو
02/08/2008, 02:04 PM
أخي العزيز: عبد العزيز غوردو.......... لك من القلب تحية
أنت لم تكن سيئًا لتعد بالأفضل يا أخي العزيز وأفكارك لا تصل فقط بل تخترق عقولنا وقلوبنا وفيها تستقر...
ثم تعشش هناك وتظل تدعونا لمتابعة كل ما هو جديد...
أولا يجعل كل هذا لنا الحق في الإستفسار عن شئ التبس علينا؟! ليس من سوء النص أو عدم جودته بل ربما لأن نصوصك دائمًا فوق العادة وتتربع على قمة الأدب الرفيع فاعذر قرائك يا أخي... :)
فربما لم أركز في تلك النقطة جيدًا فلم أميز لمن النداء هنا...وذلك من هول أنني كنت أحس وكأنني داخل قبر!!
وهل يستطيع من هو مختنق التفكير؟!
فهل استطعت تخيل مدى تأثير نصوصك في قرائك؟
إن لنا عليك حقًا وأنت ملزم به :) مثلما ألزمنا أدبك الرفيع بلزوم ناصيته المتفردة...
لك مني خالص الود والتقدير... وأشكرك على خرق العادة بالإجابة...

**********
أختي العزيزة الفاضلة منى...

شكرا لكلماتك البهية الثر، النابضة بأنبل المشاعر...

وصدقت في قولك، من حق القارئ علينا، نحن جميعا، أن يطرح التساؤل...

تذكرينني هنا بأفلاطون الذي كان يحتقر الكتابة (في رسالته السابعة على لسان سقراط)

ويفكر فيها على أنها تكنولوجيا خارجية، دخيلة، على الفكر:

إنها الكلام الميت البارد، الشبيه بالشيء، عكس الشفاهية الدافئة النابضة بالحياة...

" "

أنتِ تكبليني بجميل اللفظ.. ووارف الكلام،

أتفيأ في ظله أنى أريد.. فكم أنا محظوظ حقا...

وأشكر الله على ذلك...

وأسأله أن يديم جميع النعم عليك...

ويسكن والدك الفقيد واسع جنانه...

" "

مودتي وتقديري

:fl: