Prof. Ahmed Shafik Elkhatib
29/10/2006, 06:44 PM
اجتهادات لغوية
كيمياوي
تطالعنا وسائل الإعلام في هذه الأيام بعبارة "السلاح الكيماوي" وبجمعها "الأسلحة الكيماوية". ولكن من رأي مجمع اللغة العربية أن نقول "الكيمياوي" (بياء أخرى بعد الميم) أو "الكيميائي" (مثل "السينمائي" و "الفيزيائي").
ففي الدورة السادسة ، أصدر المجمع القرار التالي : "يقال في النسب إلى كلمة "كيمياء" كيمياوي وكيماوي" . (لاحظ "كيماوي"). ولكن في الدورة الخامسة عشرة التي عقدت سنة 1949 أعاد المجمع النظر في قراره السابق ، ورأت لجنة الأصول أنه "يجوز في النسب إلى كيمياء إثبات الهمزة وقلبها واواً ، ولكن القلب أولى. (إذن فالأولوية لكلمة "كيمياوي" ثم "كيميائي").
وفي الدورة الخامسة والثلاثين ، بعد مناقشات طويلة ، توصل المجمع إلى القرار التالي : "يجوز إثبات الهمزة في النسب إلى كيمياء على اعتبار أن الهمزة للإلحاق أو على اعتبار أن الهمزة للتأنيث استناداً إلى ما نقله الصبان من قوله : "من العرب من يقر هذه الهمزة" ولكن قلب همزة "كيمياء" واواً عند النسب أولى". (المقصود بالإلحاق هنا أن تعريب كلمة "كيميا" اليونانية اقتضى زيادة همزة في آخرها لتكون على وزن يشبه الأسماء العربية الوضع ، مثـل "سيمياء").
إذن فلنقل "الأسلحة الكيمياوية" أو "الأسلحة الكيميائية" ، ومفردها "السلاح الكيمياوي" أو السلاح الكيميائي" ، ولا نقل "الأسلحة الكيماوية" ومفردها "السلاح الكيماوي".
ولقد كنت أتمنى أن يلتزم المعجم الوسيط الصادر عن مجمع اللغة العربية بهذا القرار الأخير ، فيورد كلمة (كيمياوي) أولاً ثم كلمة (كيميائي) في المدخل الخاص بالنسب إلى (كيمياء) (ص 808) وأيضاً في جمع الكلمة ، حيث وردت كلمة (كيميائيون) أولاً وكذا في شرح المدخل حيث وردت العبارات "التفاعل الكيميائي" و "تركيبها الكيميائي" ، و "تغيير كيميائي" هذا إذا كان الترتيب يفيد الأولوية أو التفضيل.
العدسات المماسة
نقول "العدسات اللاصقة"[1] ، واقترح البعض أن نقول "العدسات اللامسة" أو "العدسات الملامسة للعين". ولكني أعتقد أننه لا يمكن استخدام أياً منهما إلا إذا كنا نعني أنها عدسات تذهب بالبصر ، أو أنها تُركَّب في اليد لا في العين !
يقول المعجم الوسيط : "(لمسه) لمساً : مسه بيده. فهو لامس . (..) ويقال لكذا شعاع يكاد يلمس البصر : يخطفه أو يطمسه".
وينطبق الشيء نفسه على الفعل (لامسه) ملامسة ولماساً : ماسه.
ولما كانت كلمة (لامسة) هي اسم الفاعل المؤنث من الفعل (لمس) ، وكلمة (ملامسة) هي اسم الفاعل المؤنث من الفعل (لامس) ، لذا لا يمكننا استخدام أي منهما في عبارة "العدسات اللامسة" أو "العدسات الملامسة للعين".
وأقترح أن نقول "العدسات المماسة " (بتشديد السين) المشتقة من الفعل (ماس). يقول المعجم الوسيط ماس الشيءُ الشيءَ : لقيه بذاته.
خطاب مهم
درجت وسائل الإعلام على استخدام عبارة "خطاب هام" ، والصحيح أن نقول "خطاب مهم" . وتأويل ذلك أن كلمة "هام" هي اسم الفاعل من الفعل (همَّ) بفتح الميم وتشديدها. ومعنى الفعل : هم بالأمر أراده أو عزم على القيام به ولم يفعله ، مثلما في الآية الكريمة : "ولقد همت به وهم بها" (يوسف 24) فهو هام وهي هامة. كما أن الهامة هي الدابة. وهي أيضاً كل ذي سم يقتل سمه ، وجمعها هوام. أما كلمة (مهم) فهي اسم الفاعل من الفعل (أهم) ومضارعه (يهم). ومعنى الفعل : أهم الأمر فلاناً : أي همه وأثار اهتمامه. وفي القرآن الكريم : "وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق".. (آل عمران 154). كما أن كلمة (المهم) باعتبارها اسماً معناها : الأمر الشديد المفزع. كما تعني أيضاً : ما يدعو إلى اليقظة والتدبير ، وجمعها (مهام).
إذن فلنقل (خطاب مهم) بدلاً من (خطاب هام).[2]
الألمانياتان
شاعت في وسائل الإعلام في فترة من الفترات عبارة "توحيد الألمانيتين". والصحيح أن نقول : "توحيد الألمانياتين". إذ إننا بصدد الحديث عن دولتين تحمل كل منهما اسم "ألمانيا" في الجزء الأول من اسمها ، ولسنا بصدد الحديث عن سيدتين أو آنستين من ألمانيا !
يناهز
عندما ننعى واحداً من الناس ، كثيراً ما نقول إنه توفي عن عمر "يناهز كذا من السنين". ولكننا كثيراً مالا ننتبه إلى أن هذا التعبير لا يجوز إلا إذا كان الشخص الذي نقصده لم يبلغ هذا العدد من السنين حين وفاته. أما إذا كان قد تعدى عمره هذا العدد فإن التعبير بالفعل "يناهز" يصبح غير صحيح.
يقول المعجم الوسيط : (ناهز) الأمر : داناه وقاربه. يقال ناهز الصبي البلوغ. ويقال : ناهز الرضيع الفطام.
الجيل[3]
كثيراً ما نستخدم كلمة "الجيل" دون أن نعرف معناها الصحيح حتى إن أحد كبار الكتاب كتب يقول إن مدة الجيل خمسة عشر عاماً. ولكن للمعاجم اللغوية رأياً آخر. فمن معاني (الجيل) الأمة. و(الجيل) : الجنس أو الصنف من الناس : فالترك جيل ، والروم جيل. و(الجيل) القرن من الزمن. و(الجيل) ثلث القرن يتعايش فيه الناس.
إذن فالجيل إما مائة عام أو ثلاثة وثلاثون عاما وثلث العام (أو خمسة وثلاثون عاماً على وجه التقريب). ولكنه ليس خمسة عشر عاماً بأي حال من الأحوال.
الكهل والشيخ والهرم
أيهما أكبر سناً : الكهل أم الشيخ ؟ ومن هو الهرم – بفتح الهاء وكسر الراء – ؟ وإذا كنت قد تجاوزت الثلاثين ، فهل أنت كهل أم شيخ ؟
تقول معاجم اللغة : (الكهل ) : من جاوز الثلاثين إلى نحو الخمسين.[4] وجمعها كهول، وكهل – بضم الكاف وفتح الهاء وتشديدها وكهلان – بضم الكاف وسكون الهاء.
أما (الهرم) فهو : الشيخ يبلغ أقصى الكبر.
أما (الشيخ) فهو : من أدرك الشيخوخة ، وهي غالباً عند الخمسين[5] ، وهو فوق الكهل ، ودون الهرم. وجمعها شيوخ ومشايخ – وصدق أو لا تصدق – ومشيوخاء !!
ولعل العزاء الوحيد في هذا التعريف لكلمة (الشيخ) هو أنها أيضاً على كل ذي مكانة من علم أو فضل أو رئاسة.
الرَّجا والشِّلْو
يسأل كتاب اللغة العربية للصف الأول الإعدادي التلاميذ عن مفرد كلمتي (الأرجاء) و (الأشلاء) !
ومفرد (الأرجاء) هو (الرَّجا) بتشديد الراء وفتحها وفتح الجيم. وهو اسم مقصور معناه ناحية البئر ، وكل ناحية رجاً بفتح وتنوين الآخر ، وهما رجوان بفتح الراء والجيم. والجمع أرجاء ويقال : رُمي به الرجوان : طُرح في المهالك. وفي التنزيل العزيز : "والملك على أرجائها" (الحاقة 17).
أما مفرد (الأشلاء) فهو (الشلو) بكسر وتشديد فسكون وهو أيضاً (الشلا) بفتح الشين وتشديدها ، وفتح اللام. فمن معاني كلمة الشلا : الشلو ، والجمع أشلاء.
وكان الله في عون تلاميذ الصف الأول الإعدادي ، أو بمعنى أصح الصف الأول من الحلقة الثانية من التعليم الأساسي ، أو الصف السابع منه!
الهمزة المفتوحة والمكسورة
هذا حديث عن همزات القطع ، هل تكون مفتوحة أو مكسورة بمعنى هل تكتب فوق الألف أو تحتها ؟
ولا تظنن هذا أمراً هيناً ، فكثيراً ما يؤدي الخطأ في وضع الهمزة إلى غرائب في الدلالة ، ومن أمثلة ذلك كلمة "الأجرام" في عبارة مثل "دروس في الأجرام" التي كانت عنواناً لإحدى رسائل بريد الأهرام ! ومنها أيضاً "وزير الأعلام" ، ومنها "الإعلام" في عبارة مثل "رفع الإعلام".
أما ترك الكلمة دون همزة على الإطلاق ، كما حدث بالفعل في الرسالة نفسها المشار إليها آنفا ، حيث وردت عبارة "سيكلوجية الاعلان والأعلام" فأمر ينطوي على تحويل همزة القطع إلى همزة وصل.
ومن طرائف كسر الهمزة بدلاً من فتحها ، تلك اللافتة لطبيب بالقرب من مسكني ، والتي تقول : "د. فلان الفلاني لإمراض المفاصل" (بكسر الهمزة) !!
حكايات لغوية
حدث أن كاتباً لأبي موسى الأشعري كتب : "من أبو موسى إلى .." فكتب إليه الخليفة عمر بن الخطاب يقول : سلام عليك أما بعد فاضرب كاتبك سوطاً واحداً وأخر عطاءه سنة (أي احبس رزقه لمدة سنة).
· نقول : "رفع عقيرته" أي : صوته. وأصل ذلك أن رجلاً عُقرت رجله ، فوضع العقيرة على الصحيحة أو رفعها ، وجعل يصيح ويبكي عليها بأعلى صوته ، فقيل: رافع عقيرته ثم صار الصوت بالغناء عقيرة ، وقيل لكل من رفع صوته رفع عقيرتـه ولم يقيد بالغناء.
· نطلق أحياناً على النساء لفظة "القوارير". وأصل ذلك أن له صلة بسفر النبي عليه الصلاة والسلام. فقد كان أنجشة يحدو بالنساء (أي يسوق الإبل التي يركبنها ويحثها على السير بالحداء) ، وكان البراء بن مالك يحدو بالرجال فإذا اعتقب الإبل (أي خلفها) قال النبي صلى الله عليه وسلم : يا أنجشة رويدك سوقك بالقوارير.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] يرى المجمع اللغوي أن تعبيرا مثل "الشريط اللاصق" يحمل معنى الملتصق بغيره. انظر القرارات المجمعية ، ص 254.
[2] يرى د. أحمد مختار عمر في العربية الصحيحة (ص 202) أن كلا اللفظين صواب لأن العرب تقول "همه الأمر وأهمه" أي أحزنه ؛ و "أهم الأمر فلانا" أي همه ؛ وجاء في المثل : "همك ما همك" ويروى :همك ما أهمك". ويري د. عمر أن معنى هذا أن التبادل بل والتداخل بين الصيغتين موجود في كلام العرب فلا حرج في استعمال اسم الفاعل من أيهما.
[3] يورد كتاب القرارات المجمعية في الألفاظ والأساليب من 1934 إلى 1987(ص 25) كلمة الجيل بوصفها واحدة من ألفاظ الكتَّاب المحدثين ، إذ توسع فيه المولِّدون فاستعملوه على أهل الزمان الواحد. ويضيف الكتاب أنه يظهر أن هذا الاستعمال قديم فقد قال المتنبي : "وإنما نحن في جيل سواسية".
أما د. أحمد مختار عمر فيذكر أن كلمة جيل تطلق على الجماعة من الناس يختلف مكانها. أما إطلاقها على الجماعة من الناس يختلف زمانها فلم يرد في أي معجم قديم. ويضيف أن أول معجم يسجل هذا المعنى هو تاج العروس للزبيدي الذي توفي عام 1205. ثم جاءت المعاجم الحديثة فسجلت هذا المعنى ، مثل المحيط للبستاني ، وأقرب الموارد للشرتوني ، و المعجم الوسيط. ويمضي د. عمر قائلا إنه على تفسيرها بالقرن يكون الخلاف في تحديد مدتها الزمنية كالخلاف في تحديد المدة الزمنية لكلمة قرن.
[4] يضيف د. أحمد مختار عمر في كتابه العربية الصحيحة (القاهرة : عالم الكتب ، الطبعة الثانية ، 1988 ، ص 219) - وهو الكتاب الذي اطلعت عليه بعد الانتهاء من كتابة هذه الاجتهادات – أنه قيل إن الكهل مَن وخطه الشيب وكانت سنِّه مِن الثلاثين إلى الأربعين ، أو ثلاث وثلاثين إلى خمسين.
[5] ويضيف أيضا أن الشيخ هو الذي استبانت فيه السن ، أو مَن فوق الخمسين.
كيمياوي
تطالعنا وسائل الإعلام في هذه الأيام بعبارة "السلاح الكيماوي" وبجمعها "الأسلحة الكيماوية". ولكن من رأي مجمع اللغة العربية أن نقول "الكيمياوي" (بياء أخرى بعد الميم) أو "الكيميائي" (مثل "السينمائي" و "الفيزيائي").
ففي الدورة السادسة ، أصدر المجمع القرار التالي : "يقال في النسب إلى كلمة "كيمياء" كيمياوي وكيماوي" . (لاحظ "كيماوي"). ولكن في الدورة الخامسة عشرة التي عقدت سنة 1949 أعاد المجمع النظر في قراره السابق ، ورأت لجنة الأصول أنه "يجوز في النسب إلى كيمياء إثبات الهمزة وقلبها واواً ، ولكن القلب أولى. (إذن فالأولوية لكلمة "كيمياوي" ثم "كيميائي").
وفي الدورة الخامسة والثلاثين ، بعد مناقشات طويلة ، توصل المجمع إلى القرار التالي : "يجوز إثبات الهمزة في النسب إلى كيمياء على اعتبار أن الهمزة للإلحاق أو على اعتبار أن الهمزة للتأنيث استناداً إلى ما نقله الصبان من قوله : "من العرب من يقر هذه الهمزة" ولكن قلب همزة "كيمياء" واواً عند النسب أولى". (المقصود بالإلحاق هنا أن تعريب كلمة "كيميا" اليونانية اقتضى زيادة همزة في آخرها لتكون على وزن يشبه الأسماء العربية الوضع ، مثـل "سيمياء").
إذن فلنقل "الأسلحة الكيمياوية" أو "الأسلحة الكيميائية" ، ومفردها "السلاح الكيمياوي" أو السلاح الكيميائي" ، ولا نقل "الأسلحة الكيماوية" ومفردها "السلاح الكيماوي".
ولقد كنت أتمنى أن يلتزم المعجم الوسيط الصادر عن مجمع اللغة العربية بهذا القرار الأخير ، فيورد كلمة (كيمياوي) أولاً ثم كلمة (كيميائي) في المدخل الخاص بالنسب إلى (كيمياء) (ص 808) وأيضاً في جمع الكلمة ، حيث وردت كلمة (كيميائيون) أولاً وكذا في شرح المدخل حيث وردت العبارات "التفاعل الكيميائي" و "تركيبها الكيميائي" ، و "تغيير كيميائي" هذا إذا كان الترتيب يفيد الأولوية أو التفضيل.
العدسات المماسة
نقول "العدسات اللاصقة"[1] ، واقترح البعض أن نقول "العدسات اللامسة" أو "العدسات الملامسة للعين". ولكني أعتقد أننه لا يمكن استخدام أياً منهما إلا إذا كنا نعني أنها عدسات تذهب بالبصر ، أو أنها تُركَّب في اليد لا في العين !
يقول المعجم الوسيط : "(لمسه) لمساً : مسه بيده. فهو لامس . (..) ويقال لكذا شعاع يكاد يلمس البصر : يخطفه أو يطمسه".
وينطبق الشيء نفسه على الفعل (لامسه) ملامسة ولماساً : ماسه.
ولما كانت كلمة (لامسة) هي اسم الفاعل المؤنث من الفعل (لمس) ، وكلمة (ملامسة) هي اسم الفاعل المؤنث من الفعل (لامس) ، لذا لا يمكننا استخدام أي منهما في عبارة "العدسات اللامسة" أو "العدسات الملامسة للعين".
وأقترح أن نقول "العدسات المماسة " (بتشديد السين) المشتقة من الفعل (ماس). يقول المعجم الوسيط ماس الشيءُ الشيءَ : لقيه بذاته.
خطاب مهم
درجت وسائل الإعلام على استخدام عبارة "خطاب هام" ، والصحيح أن نقول "خطاب مهم" . وتأويل ذلك أن كلمة "هام" هي اسم الفاعل من الفعل (همَّ) بفتح الميم وتشديدها. ومعنى الفعل : هم بالأمر أراده أو عزم على القيام به ولم يفعله ، مثلما في الآية الكريمة : "ولقد همت به وهم بها" (يوسف 24) فهو هام وهي هامة. كما أن الهامة هي الدابة. وهي أيضاً كل ذي سم يقتل سمه ، وجمعها هوام. أما كلمة (مهم) فهي اسم الفاعل من الفعل (أهم) ومضارعه (يهم). ومعنى الفعل : أهم الأمر فلاناً : أي همه وأثار اهتمامه. وفي القرآن الكريم : "وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق".. (آل عمران 154). كما أن كلمة (المهم) باعتبارها اسماً معناها : الأمر الشديد المفزع. كما تعني أيضاً : ما يدعو إلى اليقظة والتدبير ، وجمعها (مهام).
إذن فلنقل (خطاب مهم) بدلاً من (خطاب هام).[2]
الألمانياتان
شاعت في وسائل الإعلام في فترة من الفترات عبارة "توحيد الألمانيتين". والصحيح أن نقول : "توحيد الألمانياتين". إذ إننا بصدد الحديث عن دولتين تحمل كل منهما اسم "ألمانيا" في الجزء الأول من اسمها ، ولسنا بصدد الحديث عن سيدتين أو آنستين من ألمانيا !
يناهز
عندما ننعى واحداً من الناس ، كثيراً ما نقول إنه توفي عن عمر "يناهز كذا من السنين". ولكننا كثيراً مالا ننتبه إلى أن هذا التعبير لا يجوز إلا إذا كان الشخص الذي نقصده لم يبلغ هذا العدد من السنين حين وفاته. أما إذا كان قد تعدى عمره هذا العدد فإن التعبير بالفعل "يناهز" يصبح غير صحيح.
يقول المعجم الوسيط : (ناهز) الأمر : داناه وقاربه. يقال ناهز الصبي البلوغ. ويقال : ناهز الرضيع الفطام.
الجيل[3]
كثيراً ما نستخدم كلمة "الجيل" دون أن نعرف معناها الصحيح حتى إن أحد كبار الكتاب كتب يقول إن مدة الجيل خمسة عشر عاماً. ولكن للمعاجم اللغوية رأياً آخر. فمن معاني (الجيل) الأمة. و(الجيل) : الجنس أو الصنف من الناس : فالترك جيل ، والروم جيل. و(الجيل) القرن من الزمن. و(الجيل) ثلث القرن يتعايش فيه الناس.
إذن فالجيل إما مائة عام أو ثلاثة وثلاثون عاما وثلث العام (أو خمسة وثلاثون عاماً على وجه التقريب). ولكنه ليس خمسة عشر عاماً بأي حال من الأحوال.
الكهل والشيخ والهرم
أيهما أكبر سناً : الكهل أم الشيخ ؟ ومن هو الهرم – بفتح الهاء وكسر الراء – ؟ وإذا كنت قد تجاوزت الثلاثين ، فهل أنت كهل أم شيخ ؟
تقول معاجم اللغة : (الكهل ) : من جاوز الثلاثين إلى نحو الخمسين.[4] وجمعها كهول، وكهل – بضم الكاف وفتح الهاء وتشديدها وكهلان – بضم الكاف وسكون الهاء.
أما (الهرم) فهو : الشيخ يبلغ أقصى الكبر.
أما (الشيخ) فهو : من أدرك الشيخوخة ، وهي غالباً عند الخمسين[5] ، وهو فوق الكهل ، ودون الهرم. وجمعها شيوخ ومشايخ – وصدق أو لا تصدق – ومشيوخاء !!
ولعل العزاء الوحيد في هذا التعريف لكلمة (الشيخ) هو أنها أيضاً على كل ذي مكانة من علم أو فضل أو رئاسة.
الرَّجا والشِّلْو
يسأل كتاب اللغة العربية للصف الأول الإعدادي التلاميذ عن مفرد كلمتي (الأرجاء) و (الأشلاء) !
ومفرد (الأرجاء) هو (الرَّجا) بتشديد الراء وفتحها وفتح الجيم. وهو اسم مقصور معناه ناحية البئر ، وكل ناحية رجاً بفتح وتنوين الآخر ، وهما رجوان بفتح الراء والجيم. والجمع أرجاء ويقال : رُمي به الرجوان : طُرح في المهالك. وفي التنزيل العزيز : "والملك على أرجائها" (الحاقة 17).
أما مفرد (الأشلاء) فهو (الشلو) بكسر وتشديد فسكون وهو أيضاً (الشلا) بفتح الشين وتشديدها ، وفتح اللام. فمن معاني كلمة الشلا : الشلو ، والجمع أشلاء.
وكان الله في عون تلاميذ الصف الأول الإعدادي ، أو بمعنى أصح الصف الأول من الحلقة الثانية من التعليم الأساسي ، أو الصف السابع منه!
الهمزة المفتوحة والمكسورة
هذا حديث عن همزات القطع ، هل تكون مفتوحة أو مكسورة بمعنى هل تكتب فوق الألف أو تحتها ؟
ولا تظنن هذا أمراً هيناً ، فكثيراً ما يؤدي الخطأ في وضع الهمزة إلى غرائب في الدلالة ، ومن أمثلة ذلك كلمة "الأجرام" في عبارة مثل "دروس في الأجرام" التي كانت عنواناً لإحدى رسائل بريد الأهرام ! ومنها أيضاً "وزير الأعلام" ، ومنها "الإعلام" في عبارة مثل "رفع الإعلام".
أما ترك الكلمة دون همزة على الإطلاق ، كما حدث بالفعل في الرسالة نفسها المشار إليها آنفا ، حيث وردت عبارة "سيكلوجية الاعلان والأعلام" فأمر ينطوي على تحويل همزة القطع إلى همزة وصل.
ومن طرائف كسر الهمزة بدلاً من فتحها ، تلك اللافتة لطبيب بالقرب من مسكني ، والتي تقول : "د. فلان الفلاني لإمراض المفاصل" (بكسر الهمزة) !!
حكايات لغوية
حدث أن كاتباً لأبي موسى الأشعري كتب : "من أبو موسى إلى .." فكتب إليه الخليفة عمر بن الخطاب يقول : سلام عليك أما بعد فاضرب كاتبك سوطاً واحداً وأخر عطاءه سنة (أي احبس رزقه لمدة سنة).
· نقول : "رفع عقيرته" أي : صوته. وأصل ذلك أن رجلاً عُقرت رجله ، فوضع العقيرة على الصحيحة أو رفعها ، وجعل يصيح ويبكي عليها بأعلى صوته ، فقيل: رافع عقيرته ثم صار الصوت بالغناء عقيرة ، وقيل لكل من رفع صوته رفع عقيرتـه ولم يقيد بالغناء.
· نطلق أحياناً على النساء لفظة "القوارير". وأصل ذلك أن له صلة بسفر النبي عليه الصلاة والسلام. فقد كان أنجشة يحدو بالنساء (أي يسوق الإبل التي يركبنها ويحثها على السير بالحداء) ، وكان البراء بن مالك يحدو بالرجال فإذا اعتقب الإبل (أي خلفها) قال النبي صلى الله عليه وسلم : يا أنجشة رويدك سوقك بالقوارير.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] يرى المجمع اللغوي أن تعبيرا مثل "الشريط اللاصق" يحمل معنى الملتصق بغيره. انظر القرارات المجمعية ، ص 254.
[2] يرى د. أحمد مختار عمر في العربية الصحيحة (ص 202) أن كلا اللفظين صواب لأن العرب تقول "همه الأمر وأهمه" أي أحزنه ؛ و "أهم الأمر فلانا" أي همه ؛ وجاء في المثل : "همك ما همك" ويروى :همك ما أهمك". ويري د. عمر أن معنى هذا أن التبادل بل والتداخل بين الصيغتين موجود في كلام العرب فلا حرج في استعمال اسم الفاعل من أيهما.
[3] يورد كتاب القرارات المجمعية في الألفاظ والأساليب من 1934 إلى 1987(ص 25) كلمة الجيل بوصفها واحدة من ألفاظ الكتَّاب المحدثين ، إذ توسع فيه المولِّدون فاستعملوه على أهل الزمان الواحد. ويضيف الكتاب أنه يظهر أن هذا الاستعمال قديم فقد قال المتنبي : "وإنما نحن في جيل سواسية".
أما د. أحمد مختار عمر فيذكر أن كلمة جيل تطلق على الجماعة من الناس يختلف مكانها. أما إطلاقها على الجماعة من الناس يختلف زمانها فلم يرد في أي معجم قديم. ويضيف أن أول معجم يسجل هذا المعنى هو تاج العروس للزبيدي الذي توفي عام 1205. ثم جاءت المعاجم الحديثة فسجلت هذا المعنى ، مثل المحيط للبستاني ، وأقرب الموارد للشرتوني ، و المعجم الوسيط. ويمضي د. عمر قائلا إنه على تفسيرها بالقرن يكون الخلاف في تحديد مدتها الزمنية كالخلاف في تحديد المدة الزمنية لكلمة قرن.
[4] يضيف د. أحمد مختار عمر في كتابه العربية الصحيحة (القاهرة : عالم الكتب ، الطبعة الثانية ، 1988 ، ص 219) - وهو الكتاب الذي اطلعت عليه بعد الانتهاء من كتابة هذه الاجتهادات – أنه قيل إن الكهل مَن وخطه الشيب وكانت سنِّه مِن الثلاثين إلى الأربعين ، أو ثلاث وثلاثين إلى خمسين.
[5] ويضيف أيضا أن الشيخ هو الذي استبانت فيه السن ، أو مَن فوق الخمسين.