المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رواية: عصابة يقودها سقراط تهاجم لوقيان السوري (ج1)



عبدالسلام زيان
09/06/2007, 07:58 PM
درجنا علي تقدير بعض من رجال الغرب ووصفهم بالفلاسفة وبالحكماء وفي الحقيقة ما هم إلا عصابة من المجرمين .. هذه العصابة التي يقودها سقراط تهاجم لوقيان السوري.

وقد عايش لوقيان العنصرية وذاق مرارتها، وقد حاربها بكل جهده ورفع سلاحه ضدها.. بل بحث عن جذورها ووجد أن من نلقبهم بالفلاسفة لا علاقة لهم بالفلسفة، بل يروج لهم جماعة من المحتالين وسيئي السمعة من الذين يتمسحون بالفلسفة للوصول لأغراضهم الدنيئة .. ؟
وفي هذه الرواية يفتخر لوقيان بأصله السوري، ويسخر من العنصريين حيث يقول بكل شموخ:
( أنا لوقيان السوري المتوحش الهمجي)

ونجد لوقيان أيضا يبعث إلى الجحيم علي طريقته كل من سقراط وأفلاطون وأرسطو وغيرهم حين يتكلم عن حقدهم، وكراهيتهم للآخر .
( لا أظن أن هناك إنسانا عاقلا وحرا يقبل أفكارهذه العصابة من الدجالين ، فأفلاطون، وأرسطو وكل من سار علي دربهما، يقول لكم حرفيا :
(يا أهل المشرق إنكم عبيد حسب قانون الطبيعة وستبقون عبيدا إلى الأبد)

ويعني أنكم آلات ناطقة أو أشياء بسيطة. instrument genus vocale )



أما الهراطقة الشرقيين في العهد الأندلسي والعباسي الذين مجدوا العقل الإغريقي ونفوا المشرق أؤكد لكم أنهم لو قرؤوا للوقيان لما احترموا هذه العصابة ولا لقبوهم بالشيوخ، والحكماء، كما أن لا علاقة للهراطقة بالحكمة والفلسفة.

وأحفاد الهراطقة في القرون الأخيرة هم أيضا السبب في المرض العضال الذي استشري في بلاد المشرق من حبهم لهؤلاء المدعين.

فمن يعرفون في زمننا هذا بالمفكرين والفلاسفة، ما هم إلا عصابة لا علاقة لها إلا بالدولار وأكل فضلات الغرب ، هذه العصابة تمجد العقل الغربي وترى مثلا أن "فولتير" هو نبي التمساح ولذلك يعبدوه، و"بنت" له معبد في كل قرية بها أسماء لشوارعها ، مع العلم أن هذا المتعصب المريض قال حرفيا :

(دوسوا رقاب أهل المشرق وحولوهم إلى عبيد)
ونادى بحرب مقدسة ضدنا...الخ

لوقيان ، سوري، فينيقي ، شرقي، حرّ ، يرفض أن يكون عبدا عند الآخر. ويرفض أيضا تصريحاتهم بأن أهل المشرق الهمج المتوحشين خلقتهم الطبيعة ليحكمهم الآخر، وليست لديهم المقدرة علي الحكم
( أرسطو , السياسة : الكتاب الأول ص 5 )

وبنفس الصفحة عبارة تقول : الإغريق أحرار وخلقوا ليحكموا الآخر .. وإلى يومنا هذا نسمع من أهل الغرب مفاهيم أرسطو العنصرية للشعوب الأخرى، وآخر شخص استعمل مصطلحات أرسطو هو جورج بوش رئيس الولايات المتحدة في كلمته البارحة ( 8 جوان 2007 ) حيث قال نحن العالم الحر .. وخطابه واضح جدا وليس في حاجة لتحليل وتفسير إنه يقول لكم : نحن الأحرار وأنتم العبيد وستخدموننا

رب الحكمة أرسطو يقول حرفيا: إن كل شيء وراثي
( أنظر السياسة: الكتاب الأول ص 11 )
ويفسر ذلك بأن الأحرار يلدون الأحرار، والعبيد يلدون العبيد.. ويقول : إن ذلك مُقرر منذ لحظة ولادتك

أما أفلاطون فمن يقرأ كتابه القوانين يظن أنه يعيش في عالم الثعالب والحيوانات المفترسة

هل فهم الهراطقة العرب الذين ضربوا المشرق الضربة القاضية ومازلنا نعاني منها إلى الآن أرسطو وافلاطون ؟؟
لا أظن ذلك.. فالرجلان يقولان لهم أنتم عبيد. فيردون عليهما وأنتم أرباب الحكمة .
(انظر العداء بين الأندلس والعباسيين ... الخ)


........................................

الرواية


فلاسفة من الرواية السابقة وبعض الآخرين , لوقيان , الفضيلة ,الفلسفة ,القياس أو الإدانة والمعروض


سقراط : اهجموا , اهجموا ! اسحقوا هذا النذل اللئيم بوابل من الحجارة , ضاعفوا الهجوم بالطوب : إلى الأمام يا قشور المحار , انقضوا عليه ضربا هذا الفاجر الطائش بعصيكم , اتخذوا كل التدابير اللازمة لكي لا يلوذ بالفرار, هاجمه يا أفلاطون وأنت كذلك يا كريسيب , لنجهز السلحفاة ضده ( آلة حربية).

عصا, تساعد عصا, خرج, يساعد خرجا (1)

إنه عدو مشترك, أهاننا وشتمنا جمعيا, ولا أحد منا نجى من لسانه. أنت يا ديوجين , يجب أن تستفيد مرة في حياتك من عصاك , حان الوقت لاستعمالها . لا تفشلوا : لينال مشوه السمعة وناشر الفضائح العقوبة التي يستحقها , ما هذا يا عريستيب وإيبيكور لا تكونا ضعيفان ؟ لا تأخذا وقتا طويلا .

أيها الحكماء , تذكّروا شجاعتكم الغاضبة (2)

أرسطو : لنتحمس أكثر ! يا له من حلم رائع ! القينا القبض على الوحش البشع , إنك بين أيادينا أيها النذل , ستعرف من هم الرجال الذين شتمتهم , كيف سنعاملك ؟ لنخترع عدة أساليب مختلفة للموت, التي يمكن أن ترضينا , إنه يستحق أن يقتله كل واحد منا سبعة مرات .

أفلاطون : أنا لي رأي آخر , بحق زيوس ! لنرفعه على خازوق بعد أن نفقع عينيه , قبل كل شيء يجب تقطيع لسانه إربا : ما هو رأيك يا أمبيدوكل ؟

أمبيدوكل : لنرمي به في بركان أتنا , ليتعلم كيف لا يهين من هم أعلى منه مقاما .

أفلاطون : لا من الأفضل أن نفعل به مثلما فعلوا بالملك بنتي عندما رفض عبادة ديونوسيس أو مؤسس المدرسة الأورفيسية أورفي ونقطع رأسه ونرميه بالنهر
لقى حتفه تحت كوم من الحجارة ( سخرية أيوريبيد )
ليمشي كل منا بقطعة لحم من جسمه

لوقيان : أوه ! لا , لا ! بحق زيوس ! رب المتضرعين , أنقذوني !

سقراط : إتخذنا القرار , لن نطلق سراحك ! أتعرف ماذا يقول هوميروس :
لا يوجد يمين مقدس بين الانسان والأسد (3)

لوقيان : بحق هوميروس أتوسل إليكم : لربما تحترمون شعره وتشفقوا على حالي عندما تسمعوا روايتي :
أتركوا رجلا طيبا يعيش وخوذوا مقابل ذلك
هذا البرنز والذهب المادة التي تحبونها (4)

أفلاطون: لن نشعر بالحرج لأنك تواجهنا بهوميروس:
أيها النذل لن ينقذك ذهبك
أُلقي عليك القبض ويدي محروقة لتعاقبك

لوقيان : التعاسة لي !! هوميروس عديم الفائدة , هوميروس , أملي الغالي , لنحاول إذا مع إيروبيد ونرى هل ينقذني :
لا تقتلوا مستعطفين
لا تملكوا حق حياته


أفلاطون : وهذا , ألم يقله إيروبيد ؟
من يفعل الشر يجب عليه أن يتذوقه

لوقيان : " من أجل خطاب عابث تتوعدونني بالموت "

أفلاطون: بدون شك,
" فم بدون كمامة , وقاحة قصوى
يجر النذل إلى أفظع المصائب "

لوقيان : نظرا لكونكم صممتم أن تميتوني , ولا توجد أية وسيلة للبقاء , لنرى إذا , لتقولوا لي من أنتم , أي شنيعة لا تغتفر ارتكبتها لتشعلوا ضدي غضبا متعذرا إخماده , ولماذا تعتقلونني لكي تقتلوني ؟

أفلاطون : أي شنائع ارتكبتها ضدنا ؟ أسئل نفسك أيها الفاجر . تأمل في الخطابات الجميلة التي تشتم بها, الفلسفة بنفسها تحتقرنا بها , وتضعنا للبيع بالمزاد العلني , كما يفعلون في الأسواق , أناس حكماء , وزد على ذلك أكثر الأحرار بين الرجال , نتيجة السخط الذي أصابنا من جراء ما فعلت , أتيناك من عمق الجحيم لننتقم منك , بعدما تحصلنا عن عطلة من طرف بلوتون, وأمامك الآن كريسيب , إيبيكور , أنا أفلاطون, أرسطو, الصامت بيثاغوريس , وديوجين , مع بقية كل من سخرت منهم في كتاباتك .

لوقيان : أتنفس , عندما تعرفون أي جاذبية لي نحوكم لن تقتلوني, أرموا بحجارتكم : أو بالأحرى احتفظوا بها , سوف تستعملوها ضد الذين يستحقون الرجم .


أفلاطون : هل تمزح ! يجب أن تموت اليوم وقريبا :
" الرداء الكهنوتي للحجارة سيقتل جرائمك "


........................


1 - تقليد ساخر لهوميروس الإلياذة 2 V 363
2 – تقليد ساخر لهوميروس الإلياذة VI , v 112.
3 – الإلياذة 22 v 262
4 – تقليد ساخر للإلياذة


.......................


يتبع


.......................................


شكرا للسيدة نادية كيلاني على المساعدة
أديبة وروائية وكاتبة صحفية مصرية
* تعمل صحفية بدار الهلال
* عضو اتحاد كتاب مصر
* عضو نادي القصة
* عضو رابطة الأدب الإسلامي
* عضو جمعية الأدباء، والكاتبات المصريات

عبدالسلام زيان
12/06/2007, 11:59 PM
ج 2


عصابة يقودها سقراط تهاجم لوقيان السوري ( ج 2 )

أرى أنك بهذه الرواية تحتقرها ولم تذكر حتى اسمها ولقبتها بمعلمة " رقصة السلاحية " للقردة , وهل هناك شرقي عاقل يعتبرها بطلة ؟ لكن في هذا الزمن العاهر , تحولت الراقصة كليوبترا إلى بطلة .
إنه زمن المثقفين , المفكرين , المنظرين , والفلاسفة , انه زمن منساز ( ماسينيسا ) وكليوبترا !!!



ج 2

لوقيان : لتعلموا كذلك يا معالي الفلاسفة , أنكم مدينين لهذا الرجل لأنه أشاد بكم كثيرا , وصديق ممتاز لكم ويحترم مذاهبكم وجهودكم , وأخيرا إن هو مسموح لي أن أقول هذا : هو الذي أنقذ أعمالكم , لتعلموا أنكم ستقتلونه إن تقتلوني , أنا الذي عانيت من أجلكم الكثير . حذار أن تتصرفوا مثل فلاسفة عصرنا هذا , بمعنى أنكم ستظهرون كافرين بالنعمة , حقودين , ناسين الخدمات التي قُدمت لكم.

أفلاطون : يا لها من سفاهة ووقاحة ! يجب أن نشكرك من أجل وشايتك ؟ تظن في الحقيقة أنك تتكلم مع عبيد ! هل تضع في صف الخدمات الوقاحة والغضب المخمور بخطبك ؟

لوقيان : لكن متى وكيف أهنتكم , أنا الذي عشت دائما معجبا بالفلاسفة ! أنا الذي غمرتكم بالمدح , لا أتوقف عن التجارة بما تركتموه لنا ؟ ما أقوله ممن اقترضته إن لم يكن منكم ؟ لقد جمعت زهوركم مثل النحلة لأعرضها على البشر ! وبعدها يؤجرها البشر ويعرفون لمن تنتمي كل زهرة ! ونظرا لكوني جمعتهم وعرضتهم يهنئوني على خطابي , لكن في الحقيقة يوجهون المجد لكم , إلى مرجكم الذي ينتج طاقات ثرية وبألوان متنوعة , من اللحظة التي نعرف فيها كيف سنختار الزهور ونرتبهن ونوفق بينهن لكي لا تتنافر الواحدة مع الأخرى , هل يعقل أن إنسانا مدينا لكم بكل هذا يتجرأ أن يشتمكم , أنتم الذين قدمتم كل هذا الفضل له , التي يجب أن تكون شيئا ؟ إلا إذا كان يشبه ثميريس وأوريليس اللذين كانا على استعداد لتحدي التسعة آلهة اللاتي علمته الفن , أو النزاع مع أبولون عن الثمن رغم أنه علمه الرمي بالقوس

أفلاطون : هذا هو الحشو يا عزيزي , مثل الخطباء المتصنعين ! خرجت عن الموضوع ولم تفعل شيئا بل أثبت بشكل أفضل جرأتك الزائدة, تقول لنا بأنك اقترضت أفضل عبقريتنا لكن لترميها بعنف ضدنا, وهدفك الوحيد هو إهانتها بدون تحفظ. هذه مكافأتنا لأننا سمحنا لك أن تدخل مروجنا, وتزرع وتحصد ما تشاؤه , هذه العملية , أكثر من جميع الآخرين تجعلك تستحق الموت .

لوقيان : ألا ترون ؟ تسمعون سوى تطرفكم وتغلقون أذنيكم للعدالة. في الحقيقة لم أكن أظن أن أفلاطون وكريسيب وأرسطو أو أي شخص آخر منكم سيغضب ,من هذا التصرف، كنت أظن أنكم الوحيدين بين كل الأموات بعيدين عنه كل البعد . لكن على الأقل أيها الفلاسفة المتميزون لا تعدموني بدون محاكمة وبدون أن تتكرموا بسماعي. حسب مبادئكم لن تتصرفوا بالعنف والقوة على الإطلاق . بالعكس تريدون أن ننهي خلافاتنا بالعدل, وأن نطرح ونسمع حجج كلا الطرفين. لنأخذ حاكما , وهكذا , دعونا نتخذ قاض , وجهوا تهمكم لي , إما كلكم أو عن طريق فم شخص تقومون باختياره ليمثلكم , وأنا سأدافع عن نفسي ضد تهمكم . ثم , إذا كان من الواضح أنني كنت على خطأ , وإذا المحكمة أدانتني أتحمل العقوبة التي أستحقها , وأنتم , لم تتصرفوا نهائيا بغضب عنيف . لكن , بالعكس إذ بعد سماع الدعوى أظهر لكم بريء ولست بمجرم والقضاة أعفوا عني , إذن ستوجهون غضبكم ضد الذين ضللوكم وحرضوكم علي .

أفلاطون : إنك تضع"الحصان في السهل " , أملك هو إغراء القضاة والهروب . نقول لك أيها الخطيب الجميل , والمحامي البارع , حديثك مليء بالحذق والرشاقة . من الذي تريده أن يكون قاضيا ؟ أين سنجد رجلا لا ترشيه كلماتك الرنانة المتوافقة مع عادات عدالتكم الجميلة , وهل هناك من لا يخضع لكلماتك ؟

لوقيان : كونوا هادئين في هذه النقطة : أنا شخصيا لا أريد أن يكون قاضيا من هذا النوع , حاكم تشكون في نزاهته ويبيع صوته لي : أنظروا : الفلسفة نفسها ستكون القاضي بيننا .

أفلاطون : نحن من سيرفع دعوى ضدك إذن سنكون القضاة ؟

لوقيان : ستكونان في نفس الوقت القاضي والخصم : هذا لا يخيفني نهائيا مادمت واثقا من قضيتي العادلة ومن براءتي

أفلاطون : ماذا سنفعل يا سقراط وبيتاغوريس ؟ يطلب منا الرجل أن نحاكمه وهذا غير مخالف لنداء العقل.

سقراط : لا يوجد حل أفضل من الذهاب إلى المحكمة , ولنأخذ الفلسفة معنا ونستمع إلى دفاعه , إدانته بدون أن نسمعه ستكون غير جديرة بنا : هذا جيد بالنسبة للعامة , الرعاع , الذين تقوم عدالتهم عن طريق العنف . سنقدم لعبة جميلة لمن يريد أن يتهمنا بأننا رجمنا رجلا بالحجارة بدون دعوى شكلية , نحن من عادتنا نمجد حبنا للعدالة . ماذا سأقول عن أتبتوس ومليتوس اللذان رفعا دعوة ضدي , والقضاة الذين حاكموني , إذن سأقتل هذا الرجل دون أن أسمح له بالدفاع عن نفسه خلال الوقت المحدد بالساعة المائية ( ساعة في العهد القديم ) ؟

أفلاطون : مجلسكم رائع يا سقراط , دعونا نجد الفلسفة : لتكون القاضية , وسنعمل حسب قرارها .

لوقيان : رائع وممتاز أيها الفلاسفة الممتازون , هاهنا تصرفات قيادة أكثر حكمة ووفقا للقوانين , لكن وكما قلت احتفظوا بهذه الأحجار , ستحتاجون لها " قبل قليل " بالمحكمة . لكن من يمكن له العثور على الفلسفة ؟ إني لا أعرف نهائيا مقر سكناها, لقد فتشت زمنا طويلا عن منزلها لأتعرف عليها . التقيت ببعض الشخصيات , مغلفة بمعاطف كبرى , وذقونهم طويلة وادعوا أنهم أتوا من عندها , ظننت أنهم يعلمون أين هي , ووجهت لهم أسئلة . لكنهم لا يعرفونها أكثر مني ولم يجيبوني عن شيء , ليسوا مقتنعين بالجهل , أو يشيرون إلى باب بدلا من باب آخر , حتى الى غاية هذا اليوم كان من المستحيل إلي أن أجد سكناها .
غالبا استنادا إلى تخميني الخاص أو عن طريق عقيدة البعض من المرشدين , وصلت الى بعض الأبواب المتأكدة مع أملي الوطيد بأنني قد أجتمع أخيرا بها , يبدو لي أن أرى جمهورا من الداخلين والخارجين , رجال وجوههم عابسة وصارمة , وقورين , عليهم علامات الجد والتأمل , اندسست بينهم ودخلت . ماذا أرى ؟ صنفا من النساء لا يملكن شيئا بسيطا, بالرغم من محتوياتهن إعطاء نفسهن جوا من الهجر والإهمال: أدركت حالا أن شعرها الذي تركته يسبح عشوائيا غير خال من الزخارف , وطيات فستانها غير خالية من التكلف , وأخيرا أثبتت لي هذه الفوضى الظاهرة بأنها بحث عن الزينة , و أرى حتى التألم مركب , ملامحها ملامح عاهرة , تحب مجاملة ونفاق عشاقها عندما يتكلمون عن فتنتها وجمالها : تقبل الهدايا بشوق , وعندما تجالس الأثرياء , لا تنظر للمتوددين الفقراء , وأحيانا , بدون أن تفكر تترك نفسها عارية ليراها الآخرون , أكتشف أساور ذهب أكبر من الأنقليس . عندما شاهدت هذا , انسحبت بسرعة وسادني شعور بالأسى للتعاسة التي تعيشها , ليس عن طريق الأنف لكن عن طريق اللحية ( الذقن ) التي تشبه إكسيون الذين حكموا عليه بالأبدية وسط الجحيم لأنه ترك نسيبه يشتعل بالفحم , عوض أن تكون جوون زوجة زيوس . الفلسفة لا يداعبها إلا شبح .

أفلاطون : ما قلته صحيح , الباب الصحيح ليس من السهل التعرف عليه , ولا يجده الجميع . لكننا لسنا في حاجة إلى الذهاب للبحث عن الفلسفة بمنزلها , سنترقبها بحي السيراميك بأثينا ( حي صناعة الفخار ) ستنزل هناك بعد عودتها من الأكاديمية , لكي تواصل نزهتها إلى " البوئيسيل " ( قاعة الفلسفة ) : لقد اعتادت على ما يبدو كل يوم على الظهور هكذا . لكن ها هي أمامك. هل ترى تلك المرأة اللائقة صاحبة النظرة اللطيفة البشوشة التي تمشي بهدوء طبقا لأفكارها ؟

لوقيان : أرى الكثير ممن لهن هذا الوقار والهيبة في مشيتهن ومظهرهن مثلما قلت : لكن يجب أن تكون هناك واحدة فقط من بينهن جميعا التي ستكون الفلسفة الحقيقية .

أفلاطون : أنت على حق , ولكنها بمجرد أن تتكلم سيعرفونها

………………………..


شكرا للسيدة سها جلال جودت من محافظة حلب , سوريا على المساعدة
- عضو اتحاد الكتاب العرب - عضو نادي التمثيل للفنون والآداب - تكتب القصة والقصة القصيرة جداً والرواية والخاطرة والمقالة وقصائد للطفل والدراسة الأدبية، صدرت لها مجموعة قصصية عام 2001 بعنوان رجلٌ في المزاد عن دار الثريا رواية السفر إلى حيث يبكي القمر ، إصدارات اتحاد الكتاب العرب عام 2004 مجموعة قصصية بعنوان / دماء الفرس ، مطبعة الأصيل حلب ، عام 2005 مجموعة قصصية مشتركة لملتقى القصة القصيرة جداً بعنوان/ قطوف قلم جريء، حلب دار الثريا عام 2004 -


..............................


يتبع

عبدالسلام زيان
16/06/2007, 11:24 PM
هنا يوجه لوقيان سلاحه ضد عنصرية وثرثرة وتناقض " الفلاسفة " الذين يعبدهم البعض من أهل المشرق .

العنصري ومن يساند العنصرية هو الإرهابي الحقيقي.

لن نتحرر من الغرب إن لم نفهمه كيف يفكر , ولن نتحرر إن لم نفهم خطابه العنصري , والحرب ضد العنصرية بين الأجناس بقطع النظر عن معتقداتهم واجب مقدس .


.......................................

الفلسفة : ما هذا ! أفلاطون وكريسيب بين الأحياء ؟ أرسطو أيضا وجميع الآخرين , أمراء مذاهبي ؟ أي شيء عاد بكم إلى الحياة ؟ هل ألّمكم شخص عندما كنتم بالجحيم ؟ تظهر عليكم علامات الضجر , من هو هذا السجين الذي بين أيديكم ؟ هل هو سارق ملابس , قاتل , أو دنّس المقدسات ؟

أفلاطون : نعم يا فلسفة , وأكبر المدنسين والكفرة إثما , تحداك وتجرأ على إهانتك , أنت أقدس المقدسات , ونحن جميعا , الذين تركنا للأجيال التي بعدنا التعليمات التي تلقيناها منك .

الفلسفة : كيف ؟ أتنزعجون من الشتائم ؟ و كلكم تعرفون ما تقوله عني الكوميديا في مهرجانات أعياد باخوس ( إله السكر والعربدة ) ومع ذلك بقينا أصدقاء حميمين , لم أرفع دعوى ضده , ولم أطلب منه أية توضيحات , تركته يمزح مثلما يحلو له , ومثلما هو ملائم في كل الأعياد , مقتنعة بأن نكتة لا يمكن لها أن تستصغر شيئا , وعلى العكس من ذلك , ما هو جميل حقيقي يشابه الذهب , حيث عندما توجه له الضربات يصير أعظم توهجا ولمعانه يصير أكثر حياة وروعة . أيضا, لا أعرف لماذا أنتم غاضبون, وسريعو التأثر. لماذا تشدونه بكل قوة ؟
أفلاطون : طلبنا إجازة لمدة يوم واحد , لكي نأتي به ونعاقبه على كل فسوقه وإثمه . شائعات العامة أعلمتنا بكل ما يضعه على حسابنا بين الجمهور.

الفلسفة : وستقتلوه بدون أن يبرئ نفسه ؟ نرى أنه يريد أن يتكلم

أفلاطون : آه , لا ! سنخضع لكل ما تقولينه, وحسب قرارك ستنتهي الدعوى .

الفلسفة : أنت ماذا تقول ؟

لوقيان : أوافقه على ما قاله , يا فلسفة ! يا ملكتي السامية , أنت فقط قادرة على كشف الحقيقة . لكن إلا بعد عدة جلسات صارت القضية حالة محفوظة لك.

أفلاطون : الآن , يا وغد , تنادي يا ملكتي السامية هذه الفلسفة التي سخرت منها منذ مدة وجيزة , حيث وضعت الكثير منا على خشبة مسرح جميل جدا لبيعنا بالمزاد العلني , وثمن كل من تلامذتها كان فلسان فقط .

الفلسفة : لاحظوا جيدا , هل وجه إلى الفلسفة أو إلى المحتالين السيئي السمعة الذي يتغطون باسمها للقيام بأعمالهم النذلة رسائله الساخرة ؟

لوقيان : ستعرفين ذلك قريبا , إن تريدين الإصغاء إلى الدفاع عن نفسي , لنذهب فقط إلى جبل آراس لنتقابل مع الأعيان المتعلمين أو على الأقل إلى الأكروبول الحصن العالي , ومن هناك , كبرج للمراقبة يمكن لنا أن نشاهد ما يحدث في المدينة

الفلسفة : بالنسبة لكم أيها الأصدقاء , امشوا إلى البويسيل ( قاعة الفلسفة ) وترقبوا , سألتحق بكم حالما الحكم صدرفي القضية .

لوقيان : يا فلسفة من هؤلاء النساء ؟ على ما يظهر لهن نغمة جميلة

الفلسفة : هذه المرأة المترجلة هي الفضيلة , وهذه الأخرى هي الاعتدال , بجانبها العدالة , التي تمشي في البداية هي العلم , وأخيرا , الذين نرى أشباحهن فقط وألوانهن غامضة , هن الحقيقة

لوقيان : لا أرى اللاتي تكلمت عنها

الفلسفة : ألا ترى هذه البنت الحسناء , الجميلة , العارية , الهاربة ؟

لوقيان : آه ! أراها الآن لكن ، بدون حزن, ولماذا لا تقم باستدعائها لتكن المحكمة كاملة وعادلة ؟ أنوي أن تكون الحقيقة لسان الدفاع عن قضيتي

الفلسفة : بحق زيوس ! تعالي معنا , لا أظن أنك ستشعرين بالضجر لتحكمين في قضية لها علاقة بقضايانا

الحقيقة : أذهبوا أنتم ! أنا لست في حاجة لكي أكون حاضرة وأسمع , أعرف هذه الحيثية منذ زمن طويل

الفلسفة : لكن من الضروري لنا يا حقيقة أن تكوني حاضرة معنا وتكشفين كل شيء .

الحقيقة : سيكون معي إذا هذان الداعيتان , المخلصان دوما لي

الفلسفة : ليكون في صحبتك كل من تريدين

الحقيقة : اتبعاني يا حرية وصراحة , لنحاول إنقاذ هذا التعيس الذي يحبني وضحية قضية غير عادلة .
أنت يا يقين ترقبي هناك

لوقيان : لا يا ملكتي , لتصحبنا هي كذلك , وكل الآخرون . إنهم ليسوا بحيوانات وحشية الذين سأتصارع معهم بل رجال محتالين ومكارين, ولا يمكن إقناعهم ,

الفلسفة : نعم , ضروري جدا , ومن الأحسن لو تأتين بالبرهنة

الحقيقة : اتبعوني جميعا , لأننا نرى حضوركن سيكون مفيدا للدعوى

أرسطو : سترين يا فلسفة , سيقنع الحقيقة لتكون ضدنا

الفلسفة : هل أنتم خائفون يا أفلاطون وكريسيب وأرسطو من الحقيقة بأنها ستكذب لصالحه ؟

أفلاطون : لا , لكن , إنه حاذق ولبق , مُـتورّد , مُتملق , باستطاعته إقناعها بما هو غير موجود

الفلسفة : اطمئنوا : لن نقم بشيء غير عادل , والعدالة ستكون حاضرة , هيا بنا , لنذهب الآن .

ولكن قدم نفسك , وما هو اسمك ؟

لوقيان : الصادق الصريح , ابن الحقيقة , من بلدة اليقين

الفلسفة : وطنك ؟

لوقيان : أنا سوري يا فلسفة , من ضفاف نهر الفرات , ولكن ماذا يعني ذلك ؟ أعرف العديد من أعدائي ممن ليسوا أقل مني همجية ووحشية عند ولادتهم , لم أتربى وأدرس مثل خريجي مدارس صولي ( بلاد عراط وكرتطون بتركيا ) , قبرص ( هنا يعني مدرسة زينون الرواقي الفينيقي ) , بابل ( هنا يعني مدرسة وبلاد ديوجين الرواقي ) وصتاجير ( بلد أرسطو )
وهل يهم أن الإنسان يتكلم بلهجة الهمج شريطة إن العقيدة تتماشى مع المنطق والعدالة ؟

الفلسفة : صحيح , سؤالي في غير محله . ما هي مهنتك ؟ من الضروري أن أعرف .

لوقيان : مهنتي هي التجارة في كره ومقت التبجّـح , الدجل , الكذب , الكبرياء والتكبر , الغطرسة , العجرفة وكل عرق من الرجال المصابين بهذه الأمراض والعيوب , وهم عديدون , كما تعلمين .

الفلسفة : بحق هرقل ! إنها مهنة تسبب الكثير من المتاعب والكراهية


...................................

شكرا للسيدة سها جلال جودت من محافظة حلب , سوريا على المساعدة

يتبع

عبدالسلام زيان
20/06/2007, 08:43 PM
لو كان لوقيان حيا لرد على رجال السياسة الغربيين الذين يمجدون ماضي أجدادهم الاستعماري العنصري بجملة واحدة : عندما تتكلموا رائحة أفواهكم أنتن من دبر حمار جيفة ( مع احترامي للحمير ) .

هذا هو التنوير الغربي الحقيقي والحداثة , وهذا ما نادى به المفكرون الغربيون في ذلك العهد , ونحن أهل المشرق نعبدهم الآن , وعن قريب سيتم احتلال المنطقة لكن لا أحد يعرف كيف سيقسمها الغربيون : شفعا أم وترا .

……………………………

لوقيان : أنت على حق : ترين أيضا حقد الناس علي والأخطار التي أتعرض لها من جراء هذه المهنة . بيد أنني أعرف تماما المهنة المعارضة , أعني التي لها الحب كمبدأ .
أحب في الواقع , الحقيقة , الاستقامة , النزاهة , الصدق والبساطة , وكل ما هو لطيف من طبيعته . ولكنني أجد أن قلة من الناس الذين أستطيع أن أمارس معهم هذه المواهب , بعكس عدد الذين ينتمون إلى المعسكر الآخر , ويستحقون الكراهية والحقد يتجاوزون الخمسون ألف , إلى درجة أني أواجه خطر نسيان مهنتي الثانية نظرا لندرة المناسبات , وأصبحت قوية جداً في المجموعة الأخرى .

الفلسفة : لا ينبغي أن تكون هكذا , لأنه مثلما يقولون : الحب والكراهية شعور من نفس القلب , لا يفصل بينهما شيء , يفعلان نفس الفن , رغم ظهورهما كإثنين

لوقيان : تعرفين ذلك أفضل مني يا فلسفة , هذا هو طبعي : أكره الخبثاء الشريرين , في حين أحب وأثني على الناس الطيبين

الفلسفة : وأخيرا ها نحن قد وصلنا المكان الذي ذهبنا إليه , هنا في مجاز صحن معبد حارسة المدينة سنحكم . أيتها الكاهنة هيّــئي لنا مقاعد , ونحن , خلال هذا الوقت دعونا نعبد الآلهة

لوقيان : يا حارسة المدينة ساعديني على الدجالين , تذكري كم مرة يومياً يحنثون باليمين , أنت فقط ترين جرائمهم , لا يمكن لهم تضليل يقظتك : أتتك اللحظة الملائمة للانتقام منهم , بالنسبة لي , إذا رأيت أن الأحجار السوداء أكثر عددا من البيضاء , ضُمـّي إليهم حجارتك وأنقذيني

الفلسفة : جيد ! الآن جلسنا ونحن مستعدين للاستماع إليكم , أيها الفلاسفة , اختاروا من بينكم من تروا له الكفاءة على صياغة التهمة , وعرض الشكوى وإثباتها , لأنه لا يمكن لكم أن تتكلموا جميعا , أنت باررهيسيادي ستبرر نفسك بعد ذلك .

شريسيب : من منا سيكون أكثر منك قدرة لإنجاز مهام المدعي يا أفلاطون ؟ رائع الأفكار السامية , ولغة أثينا الجميلة , الإقناع الأنيق , الفطنة , الدقة , سحر لا يقاوم من أجل التأكد من دقة المنطق , كل هذا يفيض منك , اقبل إذا حق أن تكون المتكلم الأول , وتكلم باسم الجميع ما تراه مناسبا لك . لا تنس أن توجه السهام في سالف الزمان ضد الذين سخرت منهم وهاجمتهم، السفسطائيين، غرغياس وبالوس وبروديسوس معلم سقراط وهبياس . هذا أشد هولاً وأفظع منهم جميعاً , رُشّــه بالسخرية , أرشقه بالأسئلة اللاسعة , واستمر , وبعدها إن ترى أنه مناسب , دسّ بعض الصور الجميلة , قل أن زيوس الأكبر , يجر مركبته المجنحة , سيغضب إن لم يعاقب

أفلاطون : أنا أرفض . بل دعونا نختار شخصاً عنيفاً , ديوجين , ها هنا اللقيط أنتستان (1) , كراتاس أو أنت يا شريسيب , إنها ليست قضية استعمال الأسلوب الجميل والبلاغة , المرء يحتاج إلى لغة مقنعة , يجب جلب أنظاره من النزاع , إنه فصيح وخطيب

ديوجين : إذا أنا الذي سيوجه له التهم , لا أظن أني في حاجة لجمل طويلة , علاوة على ذلك أهانني أكثر منكم جميعاً , باعني بفلسان فقط

أفلاطون : يا فلسفة , ديوجين سيتكلم عنا جميعاً , وأنت أيها الشجاع تذكر أنه ليس قضيتك فقط التي سترافع فيها, لكن القضية المشتركة . أن نختلف في بعض النقاط في مناهجنا لا تسعى في هذه اللحظة لذكر من تعاليمه أقرب للحقيقة , لا تتضايق إلا من أجل الفلسفة المهانة , المفترية في كتاباته : اترك جانبا الطوائف والانشقاقات ودافع على ما هو مشترك بيننا . تأمل جيداً, وقع اختيارنا عليك, على عاتقك ستكون نهاية هذا الخيار, إما الظهور بالمحترم أو المرور بمثل ما وصفنا وقدمنا.

ديوجين : اطمأنوا : لن أخطئ في شيء , سأتكلم باسم الجميع . لذا , فانه حتى وإن أثارت الفلسفة شفقتها على خطاباته لأن طبيعتها خيّرة وليّنة , تنوي أن تغفر له وتبرأه , أنا , لن أفوّت هذه الفرصة , وسأظهر له بأني لا أحمل العصا معي بدون هدف .

الفلسفة : لا أريد ذلك : المنطق هو أكثر تلاءماً , وليس العصا التي ينبغي استخدامها بهذا المكان : لا يمكن التأخير , الساعة المائية بدأت وعيون المحكمة في اتجاهك

لوقيان : ليجلس الآخرون يا فلسفة , ليصوتوا مع القضاة , وليكن ديوجين فقط من يوجه لي الاتهامات

الفلسفة : إذا لا تخشى أن يصوتوا ضدك ؟

لوقيان : بأي حال من الأحوال , أريد على العكس من ذلك أن تكون أكثر الأصوات في صالحي

الفلسفة : إنك تتصرف بشجاعة , اجلسوا , أنت ديوجين لك الكلمة .

ديوجين : يا فلسفة , أي صنف من الرجال أنا، عندما كنا أحياء تعرفينه، ولست في حاجة أن أرويه .
بدون أن أتكلم عن نفسي , من لا يعرف بيتاغوريس , أرسطو , أفلاطون وكريسيب ؟ من إذا يجهل الخدمات التي قدموها للبشرية ؟ والآن أي إهانة يوجهها لنا نحن الثلاثة ، سمح لنفسه أن يرهق بها رجالاً مثلنا ؟ ها هو هنا . بعدما كان , مثلما يقال , شيء ما يشبه المحامي , ترك المحاكم , وتنازل عن الشهرة التي أنجزها بالقوة ورشاقة كلامه , ووجه ضدنا كل عتاده في البلاغة والخطابة , بدون أن يعطي هدنة لوقاحته .
دجالين , منافقين , محتالين , هذه هي الأسماء التي أعطانا إياها , ونصح الحشود أن تسخر منا وتحتقرنا وكأننا لا شيء . وبهذه الطريقة استطاع أن يرفع كراهية الكثير من الرجال ضدنا وضدك , يا فلسفة , وسمّى تُـرهة وهراء مذاهبك , ودروسك المهمة الوقورة التي أعطيتنا إياها , يعرضها , ويحولها إلى غير معقولة ومثيرة للسخرية , ليمدحوه ويشيدون به ويصفقون له استحسانا , ويصرخ المتفرجون مستهزئين بنا , هذه هو واقع طبيعة هذا الفظ : يحب سماع الاستهزاءات والإهانات وبالخصوص الموجهة إلى معظم الأشياء العظيمة والمحترمة . وهكذا كان سابقاً الناس تحب المسرحيات التي يعرضها أريستوفان وأيلوبوس سلموا سقراطنا ليكون أضحوكة للناس , يضعه فوق خشبة المسرح ليلعب دورا أحمقا وسخيفا في الكوميديا . لكن هؤلاء الشعراء لم يتجرؤوا أن يتصرفوا هكذا إلا ضد رجل واحد وبمناسبة حفلات باكوس , حيث سُـمح لهم بترخيص . النكتة فيما يبدو هي جزء من الجدية . والألهة بدون شك تتمتع ومزاجها فرح .
لكن هو , جمع النخبة , وبدأ بالتأمل وإعداد عمله , وألف مجلد ثخين من الشتائم , ثم يأتي بعدها ليتهم زورا بصوت عال أفلاطون , بيتاغوريس وأرسطو , شريسب، وأنا، وكل الآخرين ,بدون أن يحصل على رخصة للقيام بحفلة , وبدون أن يهاجمه أي منا . سيكون معذوراً إن يدافع عن نفسه ولم يكن المعتدي . لكن الوقاحة هي أنه عندما يتصرف هكذا يلجأ تحت اسمك , يا فلسفة , وذلك بتكييف الحوار بصديقنا سابقا , واستعماله كمساعد , ليمثل ويسخر منا . دمج مينيب , أحد رفاقنا ليساهم في مسرحياته الكوميدية , أيضا هذا الفيلسوف هو الوحيد الذي ليس معنا لرفع الدعوى , وخان قضيتنا المشتركة .
هذه هي الاعتراضات التي يستحق عليها العقاب , ماذا يمكن له أن يُجيب بعدما مزق ما هو أسمى أمام عدد غفير من الشهود ؟ هذا العذاب سيكون له فائدة مع الآخرين : عندما يروا أنه تم عقابه , يتعلمون بأنه لا يمكن إهانة الفلسفة . بالنسبة لنا , الزموا الصمت في هذه المناسبة وقدموا الدعم لهذه الجريمة , لم يكن من الاعتدال وإنما من الجبن والغباء , لأنه في النهاية من يمكن له أن يعاني ؟ رجل باعنا بالمزاد العلني وسط سوق الرقيق , ويقومنا البعض ببضعة فلوس والبعض الآخر بأكثر , وأنا , الفاجر باعني بفلسان .
هذه الشتيمة أرجعتنا للحياة ساخطين , نتوسل لك لتنتقم من الإهانة الدامية التي تلقيناها .

………….

يتبع

1 -حسب القانون اليوناني الذي يرفض الاختلاط بين الأجناس كل من والده يوناني وأمه أجنبية من العبيد فهو لقيط , وأنستان كان يقول أنه ليس أكرم نسبا من حلزون أو جرادة

………………………

يتبع

شكرا جزيلا سها جلال جودت على المساعدة( حلب , سوريا )

عبدالسلام زيان
24/06/2007, 02:00 AM
لوقيان يقول عنكم بأنكم قردة وقطط وحمير وكلاب ...

كفاكم غباوة وتعصب أعمى , الخونة حراس بيت الدعارة بشمال افريقيا مثلما قال عنهم حكيم قرطاج ترتول يزيفون التاريخ مثلما يحلو لهم ويشبهون يوغرطة بمنساز ( ماسينيسا ) ويدعون ان أصلنا يهود , وأنتم الآن تقولون عن لوقيان بأنه أشوري وسرياني ... كتبنا عن لوقيان قبل أن تعرفوا كتابة أسمائكم , ونشرنا عنه بالصحافة العربية أظن في أواخر الثمانينات , ونشرت عنه ببداية التسعينات بمجلة الحضارة التي أسستها ISSN 1402-0419 وكانت توزع عن طريق شركة الإمارات للطباعة والنشر والتوزيع , و ش م ع م روي – مسقط , سلطنة عمان ومؤسسة الهلال بالبحرين ... الخ ( ما عدا تونس والمغرب رفضوها والجزائر وضعت شروطا لم نقبلها ) واشترك بالمجلة عشرات الجامعات من عدة قارات ( ماعدا جامعات شمال أفريقيا بطبيعة الحال لم تشترك : اشتركت جامعة جزائرية فقط ) , لوقيان الذي تكتبون عنه الآن وتقولون أنه أشوري أراه مجرد هراء في هراء وتعصب أعمى , لوقيان تغنى بسماء وشمس المشرق ولم يذكر نهائيا لا من قريب ولا من بعيد مصطلح أشوري فكلامكم الفارغ حول الأرامية وما أعرف ماذا من خرافات لا يقبله أي عقل , حالكم لا يختلف كثيرا عن حال العصابة بشمال أفريقيا الأغبياء الذين ينقلون المعلومات عنا وبغباوة !!!!

...........................................
المبعوثين أحياء ( جماعة سقراط ) : رائع جدا , ديوجين ! قلت باسمنا جميعا ما يجب قوله.

الفلسفة : توقفوا عن التصفيق ! صُـبّ الماء بالساعة المائية للمدعي عليه , أتى دورك , قد بدأ الماء يسيل على حسابك : ابتدأ

لوقيان : يا فلسفة , ديوجين باتهاماته لم يكشف عن كل جرائمي , لا أعرف ما الذي ألهاه , لأنه أغفل على عدد كبير وأشد رعبا . بالنسبة لي , بعيدا عن إنكار ما قلت , وبعيدا عن التفكير من تبرير أي كان . فإنني أضيف إلى اعتراضاته تلك التي أهملت والتي لم أستطع أن أحافظ عليها . من هناك , تعرفون جيدا من الذين قدمتهم للبيع بالمزاد العلني وأهنتهم , حيث قلت عنهم بأنهم دجالون , ثرثارون ومتبجحون . أفحصوا شيئا واحدا فقط , أن أقول كل الحقيقة, وأن خطابي يظهر لكم جارحا وقاس , لا تعاتبوني , من يسعى إلى إرباك الدجل , لكن ما هو أكثر عدالة , في رأيي , اتهموا الدجالين المحتالين .

هناك بالكاد كنت أعلم كل المضايقات لمهنة المحامي , الغش , الكذب , الوقاحة , الصراخ , المعارك زيادة على آلاف الأشياء الأخرى ومع ذلك من أجل العدل تركت هذه المهنة , والتجأت , يا فلسفة , للخير الذي وعدت به : عزمت على قضاء أيامي الأخيرة في ظل قيادتكم , مثل بحار نجا من العاصفة والأمواج ورسا بميناء هادئ .

لم أكن جاهزا لمواجهة الأشياء التي تشغلكم , إني بالطبع استولى علي الإعجاب بكم وبجميع الفلاسفة , والمشرعين لهذه الحياة الجيدة , الذين يمدون أياديهم لأي كان طمح إليها , مما يعطينا أجمل المجالس وأنفعها , ما دمنا لا نضيع فيها ونسلك طريقا منحرفا , لكن عندما ننعم النظر في القوانين التي سننتموها , ونعمل وفقا لهم , ونوفق بين كل سيرتهم : بحق زيوس ! لم يضعهم على حيز التطبيق إلى يومنا هذا إلا قلة من الناس !

المؤشر بذلك أن عدداً كبيراً من الرجال ليسوا متحمسين للفلسفة حبا لها , بل أغراهم المجد الذي يمكن لهم حصده , وليس لهم أي شبه بالناس الصالحين إلا في الجوانب الخارجية والعامة المشتركة , وهذا من السهل تقليده , أعني بذلك : الذقن , المشية البطيئة , الظاهر والهيئة , في حين أن تصرفاتهم تتعارض مع هذا المظهر , وأذواقهم نقيضة لوصيتكم , فأنتم تمتهنون مهنتكم ,أصابني السخط : أعتقد أني أرى فيهم ممثلا مأساويا , مليئا بالليونة ومتخنث , يريد أن يُجسّد أكلّيس بطل طراودة , تيسي بطل أثينا أو هرقل , بدون أن يعرف المشية أو نبرة البطولة , لكن لا أعلم ما هو المزعج وراء القناع المهيب : أبدا بطلة حرب طراودة هيلينا سابقا , أبدا ابنة بريام الصّغرى بوليكسان , يسمحان بأن يُبالغ في محاولة تجسيدهن , ( هنا يتكلم لوقيان عن الرجال الذين يمثلون دورامرأة ) . حسب رأيي , هرقل البطل الممتاز , يدوس على عين المكان الممثل والقناع بهراوته , عندما يرى كريها يُقلد تقليدا ساخرا في زي إمرأة .

عندما رأيت الإهانة التي لحقت بك من فئة من هذا النوع , لم أقدر على دعم هذه الكوميديا المخزية , ولا هذه القردة المتهورة وراء قناع البطولة , أتوا ليقلدوا حمار بلاد سيمي من الهند . هذا الحمار , مرتديا جلد أسد , أعتقد أنه أسد حقيقي , والسيميون الذين لا يعرفونه كانوا يخشون زئيره المرعب , عندما كان الغريب الذي يعرف نفسه في شكل أسد وشكل حمار اكتشف خدعته طارده بعصاه .

لكن ما أراه خصوصا مشمئزا يا فلسفة هو عندما أرى شخص من بينهم ساقط, فاسق, فاحش, قليل الحياء, سفيه وفاجر نجدهم فورا يرمون الخطأ على الفلسفة نفسها , كريسيب , أفلاطون وبيتاغوراس أو على الذي اغتصب المذنب اسمه ويدعي بأنه يُدرس منهجه , سيرته تعطي سمعة سيئة لك خصوصا بعد أن توفيت منذ عدة قرون , لا يمكن لكم أحياء أن تُــقارنوا به , لقد كنتم بعيدين عندما يقدم علنا أبشع الأعمال المخجلة , حيث يلفك في رأيه المجرم ويمزقك بنفس الإهانات دون إمكانية الدفاع عنك .
لا يمكن لي أن أؤيد هذا المشهد : كشفتهم وخلعت عنهم القناع وأبعدتهم عنكم , وأنتم الذين ينبغي أن تكافئوني تجروني إلى المحكمة ! ما هذا ! إني أرى مُسار يفشي سر آلهتنا الإثنين , ويرقص خارج المكان المقدس , إذن , إن في رسالة استنكار أقدم له اللوم , هل سأكون حسب عقولكم صاحب روح إلحادية ؟ إن هذا مجحف , من عادة قضاة المسرحيات جلد الممثل الذي كُـلف بان يلعب دور آلهة المعرفة والحكمة أثينا أو زيوس , أن لا يكون أهلا لهذا الدور وليس له النبالة التي تناسب قدسيتهم , مع ذلك هؤلاء الآلهة لا يظهرن أي غضب لما سلموه للجلاد الذي ارتدى قناعهم , مرتديا لباسهم . ماذا أقول ؟ انهم مبتهجين ومسحورين عندما يروهم يُعاقبون : لأنه عندما نلعب دورا سيئا لعبد أو مُـناد نراها غلطة ليس لها أهمية , لكن إهانة زيوس أو هرقل بسبب دناءة تمثيله أمام المشاهدين هو خرق للحدود المقدسة وكفر ونذالة وعار .

لكن الغرابة الأكثر سخافة, أغلبية هؤلاء الرجال الذين يظهرون بمعرفتهم العميقة لمناهجكم, يعيشون بطريقة حتى يصبح يعتقدون أنهم لم يقرؤوا ويدرسوا إلا لكي يأخذوا مسارا معاكسا . كل ما يقولونه عن احتقارهم للثروات والتعالي على العظمة والمجد , والجد في السعي لما هو جيد وشريف ونزيه , وعلى ضرورة قمع الغضب , وحول احتقار والازدراء وشتم الكبار واعتبارهم مساوين لنا , , كل هذا , يا إلهي , ممتاز وخال من العيب , حكمة , ملهم ورائع في كل النقاط , لكن نفس الشخص لا يعطي دروسا الا بمقابل , منتش وشاطح أمام الأغنياء , متعطش للمال , أكثر غضبا من الكلاب , أكثر خوفا من الأرنب , أكثر إطراء من القردة , أكثر شهوانية من الحمير , أكبر لصا من القطط , أكثر ميلا للشجار من الديك , أليس هذا موضوع جميل للسخرية عندما نراهم يركضون وراء هذه اللذات , يتزاحمون أمام أبواب الأغنياء , يفتشون عن الولائم الزاهية , يتملقون بدون أن يخجلوا , يتنعمون بعبادتهم للمائدة أكثر من ما تتحمله اللياقة , يشتكون لأنهم لم يخدموهم , فلاسفة بدون منطق , وسط الأواني , وليس لهم القدرة على احتواء الخمر الذي شربوه ؟ بيد ان جميع السُـذج والهبل من المؤاكلين يسخرون ويهزؤون علنا من الفلسفة التي تنتج زبدة المجتمع .

لكن هناك ما هو فعلا مخجلا , وهو أن كل واحد منهم يدعي أنه لا يحتاج إلى أي شيء , يصرخون بأن الحكيم فقط هو حقا غنيا , وبعدها مباشرة يذهبون لجمع الصدقات , ويسخطون أن لا يحصلون على شيء , يشابهون رجلا مُـغطى بلباس ملكي وعلى رأسه تاجا , مُزيّـن بكل شعارات المملكة , يذهب ليطلب الصدقة ( الزكاة ) من الذين أفقر منه . وهكذا حين يأملون في الحصول على شيء , يقدمون أطروحة طويلة عن التعاون , كما يحاولون أن يثبتوا أن الثراء شيء ليس له ولا قيمة : يقول ما هو المال والذهب ؟ هل هناك فرق بينهم وبين الأحجار بالشواطئ ؟ ولكن إذا رفيق قديم في حاجة , إذا رجل تعامل معهم كصديق لسنوات طويلة يأتي ليطلب منهم مساعدة , الصمت الكامل , استحالة , تجاهل , وتراجع كامل في ما قالوه منذ لحظات , هذا هو جوابهم : كل خطبهم الجميلة عن الصداق , والفضيلة والصدق يصعدون ويحلقون بعيدا بمكان أجهله , وكأن هذه الكلمات المجنحة التي يستخدمونها كل يوم في مدارسهم يستعملونها لمحاربة الأشباح .

في الواقع يمكن للمرء أن يكون صديقهم طالما الأمر لا يتعلق بالذهب والمال , عندما تظهر لهم فلسا واحدا , ينهار السلام , لم يعد هناك هدنة ومعاهدات : الكتب تمحى , الفضيلة تفــرّ , وكأنهم كلاب رموا بينهم عظما : ينقضون , يعضون بعضهم بعضا , وينبحون على الأول الذي استولى على العظم .

يقال إن ملكاً مصرياً ( هنا يعني لوقيان كليوبترا ) علّم قردته الرقصة السلاحية , حيوانات تقلد تصرفات البشر بسهولة : عندما تعلموا وكانوا على استعداد للرقص , غطوهم بثياب قرمزية ولثموهم : هذه الحفلة الترفيهية كانت متعة للمشاهدين ونالت شهرة واسعة مدة طويلة , لكن في يوم من الأيام متفرج ليتسلى أخذ معه جوزات تحت عباءته ورمى بهم وسط خشبة المسرح : في هذا المشهد , نسيت القردة الرقصة السلاحية وتذكروا أنهم قردة قبل أن يكونوا ممثلين , قطعوا أقنعتهم ولباسهم وبدؤوا يتقاتلون من أجل الجوزات , هذه هي الرقصة الفوضوية , والضحك بين المتفرجين .

هذه هي سيرة فلاسفتنا , هذه هي الناس الذين ذممتهم , ولن أتوقف عن كشفهم ووضعهم بخشبة المسرح , لكن بالنسبة لكم ومن يشابهكم , لأن هناك من يتبع بإخلاص تعاليم الفلسفة ويراعي قوانينكم , بعيد عني الجنون لأقول كلمات تهكمية وجارحة . لكن ما فائدة ما قلته وصغته بعناية ؟ هل عشتم مثلهم ؟ هؤلاء الدجالين المنافقين , بالعكس , هؤلاء أعداء الآلهة يستحقون كل الكراهية . تكلموا إذا , بيتاغوريس , أفلاطون , شريسيب , أرسطو , قولوا لي أي علاقة يمكن ان تكون بينكم وبينهم ؟ هل هناك أي صلة بينكم ؟ هل هناك قرابة ولو صغيرة بينكم ؟ أي تكافؤ مثلما يقولون بين هرقل وقرد ؟

لأن ذقونهم طويلة نقول عن أنفسهم بأنهم فلاسفة ؟ لأنهم عبوسين , هل يمكن لنا أن نشبههم بكم ؟ أدعمهم إن كانوا حقيقيين في تقليدهم , لكن المرء يرى نسرا يقلد عندليب .

إنني أنهي الآن ما لي أن أقوله حول الدفاع عن نفسي , وأنت يا حقيقة تعالي واشهدي أمام القضاة بأن ما قلته صحيح

...............................................

شكرا جزيلا سها جلال جودت على المساعدة( حلب , سوريا )

..............
يتبع