المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وردية



محمد عطية محمود
16/06/2007, 08:23 PM
لم أر من خلال الظلام الدامس إلا بياض عينيه المشعتين بضوء خاطف ، بينما تغتال أذنىّ موجات نباحه .
خطواتي المقطوعة من حدود أسفلت الطريق ، المتوغلة في عمق المدق الترابي ـ منذ لاحت لافتة محل العمل الفوسفورية على البعد ـ انقطع سعيها قسرا قبل عشرات من الأمتار تفصلني عن مصدر النباح ، و تطاير الشرر .

" سوف نكون ورديتك الأولى ليلية ، بعيدا عن جلبة العمل النهاري المضاعف "
هزتني كلمات الرجل الودودة كملامح وجهه الصافية ، دون النظر إلى ساعات انتظاري ؛ كي يفرغ لي ، و تنبسط يده ؛ لتتقاطع مع أشعة الشمس الصباحية ، المخترقة لزجاج شرفة مكتبه ، حتى يستطرد :
" لن يرهقك الوصول إلى المكان ، رغم تطرفه إلا أن المواصلات المتوافرة توصلك إلى ناصية التقاء شارعه مع الطريق الرئيسي .... "

تمثل لي صوت النباح .. يأتي عن شمالي مباغتا ، تهتز له أوصالي ، و يرتج نصفى الأيسر بارتعاشة يلتف معها جسدي مواجها فما بشعا .. يفغر على أسنان متحفزة للانقضاض ، و حوافر تشرع في الوثوب . لكنني تحسست فخذي مطامنآ ، بينما يدي الأخرى تأتنس بحقيبة كتفي ـ المشغولة بملابس عملي ، و بعض الشطائر ، و ( ترمس) الشاي الساخن ـ و عيناى تجوسان في الظلام البارد .. تدوران مع دوائره المتداخلة ، ثم ترتدان إلى الخلف .. تشحذان الضوء المتخلف عن أعمدة الإنارة المتنائية على حافة الطريق ، فتلفح وجهي برودة مغايرة ، و يزداد النباح ؛ فترتد نظراتي مشرئبة إلى الأمام ؛ لعلها تصطدم بأحد الخارجين من الوردية ، أو القادمين من مسارب أجهلها .
كاد الوقت يجاوز ميعاد التبديل ، و لم يبد أحد.
ساورتني فكرة الارتداد ، لكنني تغاضيت عنها خوفا من انقضاضة مباغتة ، و ازداد تشبث قدمي بالأرض .
لمع ضوء خافت عن يميني ؛ فانطلقت عقيرتي .. تفارق صمت الإحساس ، و كلما علا صوتي كلما زاد النباح ، و انقدح الشرر ، و اضمحل الضوء ، و تسربت البرودة تخترق مسامي ....
محمد عطيــــــة محمود
عضو اتحاد كتاب مصر
الإسكندرية

معتصم الحارث الضوّي
27/06/2007, 10:05 PM
لأول مرة أعانق نصوصك يا أخي الفاضل ، و أجدها قريبة إلى روحي و قلبي .

تقديري لك ، و إعجابي بثمرة قلمك

محمد عطية محمود
28/06/2007, 02:11 PM
الصديق العزيز المبدع / معتصم الحارث الضوى .. المحترم
أشكرك على اطلالتك الوارفة على نصى المتواضع
أتمنى أن أكون أهلآ لهذه الثقة الغالية ، و أن تحوز عطاءاتى القصصية رضى المنتدى و الأخوة المبدعين ، و أن أنال شرف صداقتك و صداقتهم
يشرفنى أن تقرأ نصوصى فى ميدل ايست أون لاين ، و ديوان العرب ، و صفحتى الخاصة فى موقع اتحاد كتاب الانترنت العرب على الرابط :
www.arab-ewriters.com/ateyah
و هناك أيضآ صفحة فى دروب تحت رابط :
www.doroob.com/?author=915
مع تمنياتى بدوام التواصل