المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رسالة من سمكة كنعانية



حنان الأغا
17/06/2007, 03:06 AM
رسالة من سمكة كنعانية


ها هي رسالتي الأولى إليك ، بعد مرور كل هذه السنوات بكل ما احتفَظَتْ به من صور الأمكنة فهذا هو جل قدرتها ، فهي تفشل في حمل المكان لكنها تستطيع حمل الصور. ستصلك رسالتي هذه وأدري ، رغم المسافة ، ورغم الجدران وأعلَمُ ، أنْ لا جدران تقوى على منعها من الوصول إليك، إلى حبك وثورتك العارمة ، إلى هدوئك وعتوِك ، إلى جبروتك وانكساراتك .
هذا ما كنت أردده طيلة الوقت وها أنا أقوله الآن ، فهل تعرف ماذا كان يسألني عندما يسمع أصداء الهدير في أعماقي؟ كان يقول مستغربا :
_ كيف لمذاق الملح أن يسكنك وأنت ما تذوقته أبدا؟!
وكان يقول :
_ كيف لتلك الروائح أن تعشش في ذاكرتك وهي لم تعيها ؟ !
كنت أرد بأن ذاكرتي هي بعض منه ،و هي أنا أخرى تنطبق على مقاساتي ، فيكونني وأكونه .
وهي بذرة غرسها أسلافي فأنبتت طلوعا ، أما الجذور فقد امتدت وامتدت وطالت واستدقت حتى لامست جلدي، فاخترقت مسامه وصولا إلى روحي فصارت عشقا .
كانت كلماتي تسقط على روحه حجارة ، ولم أكن أغضب ، بل كنت أرثي له . كيف لمثله أن يفهم؟
كيف لمثله أن يعي ذاكرة هي ذرات رمال حملت كل منها خليطا من الأمكنة والأزمنة والماء والملح والروائح ، ثم حملتها الرياح إليّ وحدي هنا.
أنظر إليه طويلا فيرتبك ، ثم كمن يدافع عن نفسه ينبري بلسانه المثقف يحلل التاريخ ويشرح الجغرافيا ويقول :
_ لقد جاء الفلسطينيون من . تقاطعه الذاكرة وتكمل:
_ أما آن لك أن تفهم ؟ أنا سمكة كنعانية قذفها إعصار ما ، فعلقت في شباك ما في حيز خارج الأمكنة والأزمنة ،فلا هي قادرة على العودة إلى بحرها ، ولا هي ترضى ببحار الدنيا عنه بديلا .
ها أنا ما زلت عالقة منذ بدء التكوين ، تكويني الذي ينتمي إلى مكان لا يشبه الأمكنة ، وزمان انتُزِع من شريط الأزمنة .
عالقة أنا هنا يا صديقي ولا أعرف كيف أفسر لك ذلك . أعرفك ذكيا ، وأدرك اهتمامك بي ، واهتمامي بك أيضا ، وأعرف أنك ستعذرني ، فقلبي هناك ، وأنفاسي تغوص عميقا ترقب ميلاد الموجات الهادرة وهي تقبل على الشاطىء بعنفوان الجياد الأصيلة تخب خببا ، هي تعتقد أنها ستنازل هذه البيوت البيضاء ذات الجدران الرخصة التي تقف نهارها وليلها تغازل الماء ، لكن هذه الموجات ما أن تصل إلى جدراننا الرقيقة حتى تتكسر عند أقدامها حبا وتحنانا.
_ كيف وماذا؟ لا تسلني أيها الصديق فالأشياءلا تفسر نفسها . اقبلها كما هي.
رمقها الرجل مبتسما للمرة الأولى :
_ كي أفهمك ، يجب أن أكونك .
ابتسمت المرأة ابتسامة غريبة وهي تنظر إلى الزرقة الممتدة تحتها . وأكمل :
_لكي أكونك لابد من القيام بأشياء تحلمين بها وتحول ضباب الكلمات إلى سطوع الحقيقة .
_نعم . نعم . قالتها بصوت بدا له متهدجا للمرة الأولى منذ عرفها .
فتحت حقيبتها الصغيرة وتناولت منها قارورة عطر أفرغت محتوياتها في الفضاء من عل حيث تجلس ، ثم طوت الرسالة طيات متعددة ودفعتها داخل القارورة ، ثم أغلقتها بإحكام. قبلتها ، ورفعت ذراعها تهم بإلقائها لكنه كان أسرع منها ، فقد مد ذراعه وأمسك يدها والقارورة ، وبحركة دائرية قوية انفلتت القارورة بعيدا لتتلقفها أمواج بحرها رغم اختلاف المكان .

___________
حنان الأغا

جمال عبد القادر الجلاصي
17/06/2007, 12:41 PM
حنان

قصة جميلة جدا

اسلوب كتابة متفرد وأفكار رائعة

نعم حنان هكذا نؤسس مناخنا العاص في الكتابة

هكذا نكوّن خط مسارنا

محبتي واحترامي

خليل حلاوجي
18/06/2007, 03:47 PM
عندما استدعى اليهودي ( هرتزل ) النصوص التوراتية ليؤسس بها دولته الكارتونية فوق ارضنا الغالية بعد ان صدقه قومه الساذجون ... فانه قد ارتكب اباطيل مركبة
الباطل الاول ... انه استشعر ان الصهاينة هم شعب الله المختار ... فاختاروا سلب الناس ارضهم
الباطل الثاني انه أسس لجذر الكراهية ... فصار كل صهيوني مكروه عند كل عاقل وكل منصف فوق الارض

الباطل الثالث .... انه حفر لقبره بيده ... فجمع من كتب الله عليهم وبنص توراتهم الشتات في الارض متفرقين ؟؟؟ جمعهم في ارض كأنها المصيدة ... والتاريخ يقول ان لاحق يضيع وراؤه مطالب

\

النص مدهش
واستفز ذاكرتي ....

فأشكر لك هذا الادب الرفيع ....

تقبلوا مودتي

ريمه الخاني
18/06/2007, 04:37 PM
لك اسلوب متفرد حقا ....
مميز بكل معنى الكلمة...
ابداع
بالتوفيق
تحية دمشقية

سعيد نويضي
20/06/2007, 02:24 PM
بسم الله الرحمان الرحيم

حقيقة قصة توحي بالعديد من المعاني...و إن كنت لست لا من النقاد و لا من المتخصصين...فلقد راقني أسلوبك في طرح الفكرة...التي حاولت جهدا أن أمسك بها...لكنها كالسمكة تنفلت مني كلما حاولت ذلك...كما انفلتت فلسطين الحبيبة ...و القدس الشريف من أيادي العرب و المسلمين عامة...و لكن هي حكمة الله جل و علا و ابتلاء بكل المقاييس...يقول الحق جل و علا:وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً{4} فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً{5}وأخبرنا بني إسرائيل في التوراة التي أُنزلت عليهم بأنه لا بد أن يقع منهم إفساد مرتين في "بيت المقدس" وما والاه بالظلم، وقَتْل الأنبياء والتكبر والطغيان والعدوان.فإذا وقع منهم الإفساد الأول سَلَّطْنا عليهم عبادًا لنا ذوي شجاعة وقوة شديدة، يغلبونهم ويقتلونهم ويشردونهم، فطافوا بين ديارهم مفسدين، وكان ذلك وعدًا لا بدَّ مِن وقوعه؛ لوجود سببه منهم.فوعد الله حق و الحق يعلو و لا يعلى عليه...و لكن سبحان الله...يقول الله جل و علا: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ }الرعد11
لله تعالى ملائكة يتعاقبون على الإنسان من بين يديه ومن خلفه, يحفظونه بأمر الله ويحصون ما يصدر عنه من خير أو شر. إن الله سبحانه وتعالى لا يغيِّر نعمة أنعمها على قوم إلا إذا غيَّروا ما أمرهم به فعصوه. وإذا أراد الله بجماعةٍ بلاءً فلا مفرَّ منه, وليس لهم مِن دون الله مِن وال يتولى أمورهم, فيجلب لهم المحبوب, ويدفع عنهم المكروه.فهل غيرنا ما بأنفسنا حتى يستجيب الله عز و جل لنا لغير ما حل بنا؟؟؟؟؟؟

حنان الأغا
29/06/2007, 11:37 PM
حنان

قصة جميلة جدا

اسلوب كتابة متفرد وأفكار رائعة

نعم حنان هكذا نؤسس مناخنا العاص في الكتابة

هكذا نكوّن خط مسارنا

محبتي واحترامي

___________________--
الأخ الأديب جمال
بوركت
هكذا أحس القصة دون تكلف
شكرا لك

حنان الأغا
29/06/2007, 11:37 PM
حنان

قصة جميلة جدا

اسلوب كتابة متفرد وأفكار رائعة

نعم حنان هكذا نؤسس مناخنا العاص في الكتابة

هكذا نكوّن خط مسارنا

محبتي واحترامي

___________________--
الأخ الأديب جمال
بوركت
هكذا أحس القصة دون تكلف
شكرا لك

حنان الأغا
29/06/2007, 11:43 PM
عندما استدعى اليهودي ( هرتزل ) النصوص التوراتية ليؤسس بها دولته الكارتونية فوق ارضنا الغالية بعد ان صدقه قومه الساذجون ... فانه قد ارتكب اباطيل مركبة
الباطل الاول ... انه استشعر ان الصهاينة هم شعب الله المختار ... فاختاروا سلب الناس ارضهم
الباطل الثاني انه أسس لجذر الكراهية ... فصار كل صهيوني مكروه عند كل عاقل وكل منصف فوق الارض

الباطل الثالث .... انه حفر لقبره بيده ... فجمع من كتب الله عليهم وبنص توراتهم الشتات في الارض متفرقين ؟؟؟ جمعهم في ارض كأنها المصيدة ... والتاريخ يقول ان لاحق يضيع وراؤه مطالب

\

النص مدهش
واستفز ذاكرتي ....

فأشكر لك هذا الادب الرفيع ....

تقبلوا مودتي

_______________________
الأخ خليل حلاوجي
أشكر الله على منحة الذاكرة التي مُنِحناها، ونحمده على أنها ليست كذاكرة السمكة
تعرف كم أحترم قراءتك لأي نص
وأعرف هؤلاء الذين يأتيهم الباطل من أمامهم وخلفهم وعلى جنوبهم
هم أعداء ذاكرتنا ، لذا وجب الحفاظ عليها
شكرا خليل

حنان الأغا
29/06/2007, 11:43 PM
عندما استدعى اليهودي ( هرتزل ) النصوص التوراتية ليؤسس بها دولته الكارتونية فوق ارضنا الغالية بعد ان صدقه قومه الساذجون ... فانه قد ارتكب اباطيل مركبة
الباطل الاول ... انه استشعر ان الصهاينة هم شعب الله المختار ... فاختاروا سلب الناس ارضهم
الباطل الثاني انه أسس لجذر الكراهية ... فصار كل صهيوني مكروه عند كل عاقل وكل منصف فوق الارض

الباطل الثالث .... انه حفر لقبره بيده ... فجمع من كتب الله عليهم وبنص توراتهم الشتات في الارض متفرقين ؟؟؟ جمعهم في ارض كأنها المصيدة ... والتاريخ يقول ان لاحق يضيع وراؤه مطالب

\

النص مدهش
واستفز ذاكرتي ....

فأشكر لك هذا الادب الرفيع ....

تقبلوا مودتي

_______________________
الأخ خليل حلاوجي
أشكر الله على منحة الذاكرة التي مُنِحناها، ونحمده على أنها ليست كذاكرة السمكة
تعرف كم أحترم قراءتك لأي نص
وأعرف هؤلاء الذين يأتيهم الباطل من أمامهم وخلفهم وعلى جنوبهم
هم أعداء ذاكرتنا ، لذا وجب الحفاظ عليها
شكرا خليل

حنان الأغا
29/06/2007, 11:45 PM
لك اسلوب متفرد حقا ....
مميز بكل معنى الكلمة...
ابداع
بالتوفيق
تحية دمشقية

__________________
العزيزة ريمة
كل التقدير لك ولاهتمامك ومتابعتك الرائعة
تحية عربية لك أيتها العزيزة

حنان الأغا
29/06/2007, 11:45 PM
لك اسلوب متفرد حقا ....
مميز بكل معنى الكلمة...
ابداع
بالتوفيق
تحية دمشقية

__________________
العزيزة ريمة
كل التقدير لك ولاهتمامك ومتابعتك الرائعة
تحية عربية لك أيتها العزيزة

حنان الأغا
21/08/2007, 12:50 PM
بسم الله الرحمان الرحيم

حقيقة قصة توحي بالعديد من المعاني...و إن كنت لست لا من النقاد و لا من المتخصصين...فلقد راقني أسلوبك في طرح الفكرة...التي حاولت جهدا أن أمسك بها...لكنها كالسمكة تنفلت مني كلما حاولت ذلك...كما انفلتت فلسطين الحبيبة ...و القدس الشريف من أيادي العرب و المسلمين عامة...و لكن هي حكمة الله جل و علا و ابتلاء بكل المقاييس...يقول الحق جل و علا:وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً{4} فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً{5}وأخبرنا بني إسرائيل في التوراة التي أُنزلت عليهم بأنه لا بد أن يقع منهم إفساد مرتين في "بيت المقدس" وما والاه بالظلم، وقَتْل الأنبياء والتكبر والطغيان والعدوان.فإذا وقع منهم الإفساد الأول سَلَّطْنا عليهم عبادًا لنا ذوي شجاعة وقوة شديدة، يغلبونهم ويقتلونهم ويشردونهم، فطافوا بين ديارهم مفسدين، وكان ذلك وعدًا لا بدَّ مِن وقوعه؛ لوجود سببه منهم.فوعد الله حق و الحق يعلو و لا يعلى عليه...و لكن سبحان الله...يقول الله جل و علا: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ }الرعد11
لله تعالى ملائكة يتعاقبون على الإنسان من بين يديه ومن خلفه, يحفظونه بأمر الله ويحصون ما يصدر عنه من خير أو شر. إن الله سبحانه وتعالى لا يغيِّر نعمة أنعمها على قوم إلا إذا غيَّروا ما أمرهم به فعصوه. وإذا أراد الله بجماعةٍ بلاءً فلا مفرَّ منه, وليس لهم مِن دون الله مِن وال يتولى أمورهم, فيجلب لهم المحبوب, ويدفع عنهم المكروه.فهل غيرنا ما بأنفسنا حتى يستجيب الله عز و جل لنا لغير ما حل بنا؟؟؟؟؟؟
________________________-------
الأخ سعد السعدني

عذرا للتأخر في الرد.
وأهلا ومرحبا بك قارئا متفحصا ومحللا .
أصدقك القول إنني أومن بانتهاء دور الكاتب في نصه أو التشكيلي في لوحته لحظة ترك أداة العمل . ولكن أخي هذه الرسالة ترسل في قارورة لتصل إلى البحر ، بحر الوطن المستلب ، لكن من مكان آخر ، وطن آخر يقطن على شواطىء هي امتدادات للبحر نفسه.هذا ما كان يسكنني وقت كتابتها ولا أفرضه على القارىء.
والخطاب موجه لآخر والكلام عن البحر.
تحياتي وبوركت وبوركت أحاسيسك الوطنية الرقيقة.