المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة في قصيدة الفارس الرسالي



عبد ربه محمد سالم اسليم
17/06/2007, 11:56 PM
قراءة في قصيدة الفارس الرسالي
بقلم الدكتور / مصطفى عطية جمعة
الشاعر عبد ربه المبدع الثائر
هنا نجد علاقة شعرية فريدة ، بين فتحي الشقاقي الذي اغتالته إسرائيل وهو عائد من ليبيا وكان متنكرا ، وهو نموذج للتضحية والفداء ، حيث أسس حركة الجهاد ، وكان له دور كبير في الساحة السياسية والعسكرية ، وحسنا فعلت أن أهديت هذا النص إليه ، فقد تهيأ المتلقي نفسيا لحوارية حميمية بينك وبينه ، وبين الأرض وبينه ، وبين الامة وبينه .
وقد اشار العنوان " الفارس الرسالي " إلى طبيعة الدور الذي لعبه الشقاقي ، فهو ذو رسالة ، واضحة ، وكان له أثر كبير ، والفارس تحيلنا إلى طبيعة الفارس حيث الشجاعة والنبل الاخلاقي .
تقول :
كان يسافر في أوردة الصحو ,
يرسم المحار لحيظات برقا أخضر .
يشبك بين الماء وأوردتي نخلا حين انهمر العشق رصاصا .
جفف في القلب برد الليل وأسكرني .
في دائرة الخوف توارى انشطار لعابي في جنبات ضحكي .
تتداعى في الصدر جروحا خلف كلماتي أشجارا ...

مطلع النص يشير إلى سفره إلى ليبيا وهي الدلالة الاولى ، التي تليها الدلالة الثانية انه سفر غير طبيعي ، سفر في فضاء الرسالة ، وجاءت المفردات الشعرية معبرة عن غاية من الدلالات : الماء ، المحار ، بكل ما في البحر من اتساع ورحابة وكرم . ثم جاء مشهد الاغتيال ، ليتحور إلى دلالة العشق المنهمر رصاصا ، دلالة عجيبة توقظ الذهن إلى طبيعة الرصاص ، فليس رصاص غدر بقدر ما هو رصاص شهادة للفارس . وتكون العلاقة الخاصة بين الشاعر وبين الفارس من خلال الكلمات ذات ضمائر المتكلم : أوردتي ، اسكرني ، ضحكي ، كلماتي ، ولو تمعنا فيها وهي مجتمعة لاتضح لنا أنها تحوي الحياة ، فكأن الفارس قدم باستشهاده الحياة للشاعر وللأمة ، إنها حميمية شديدة الخصوصية .
تستمر الحميمية مفعمة بروح الإسلام ، في خطاب قائم على التناص بشكل باهر ، تقول :
يحدثنا بأن " جاسوا ... " قاب قلبين أو أدنى .
القوس يقاسمنا صلاة الجرح " إن عادوا فعدنا ... " .
على حدود بوابات " سبحان الذي أسرى ... " تضاحكنا .
والليل وسادة للشمس فتحنا جراحينا وبكينا ...

جاسوا ، إن عادجوا ، سبحان ، ألفاظ قرآنية أضاءت المشهد الشعري ، وربطت الفارس بالرسالة القرآنية في عمقها ، والألفاظ مستعارة من سورة الإسراء حيث إنها سورة الصراع العقدي الوجودي بين اليهود وبين المسلمين . ولم ترد الآيات ، وإنما هو تناص جزئي ، باللفظة ، واللفظة أو شطر الجملة كافيان للتعبير عن الإحالة المقصودة .
كم اتسعت بنا الأرض وامتدت بنا اللغة مدد ؟!.
أسرع بنا ، قال : وخذ طريق البحر ، فالشوق يندلع فينا ...
تورد وجهه الشجر ... يتقدم ... يشعل بيديه النار ...
أنبي ؟! ...
الصوت صوت الله ، والقلب قلب نبي . العشق يقتلني ، وأحبتي في أوردتي مر لذيذ .
نبادل الله عشقاً بعشق وصلاة بصلاة ...

التساؤل يتصل بطبيعة الدور : إنه دور يقترب من مهمة النبوة ، ويظهر التوحد بين الذات الشاعرة وبين الفارس من خلال السطرين الأخيرين أحبتي ، أوردتي ، نبادل ، فكاننا أمام حوارية إيمانية عنوانها الأخوة ، ونلحظ تحور دلالة العشق إلى دلالة التعلق بمهمة الفارس الرسولي .
النص رائع ، والجماليات متجددة ، والدلالات لا تنتهي
إنك شاعر مميز