المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حوار مع الشاعرة مليكة صراري أجراه عبد الله المتقي



مصطفى لغتيري
18/06/2007, 02:25 AM
الشاعرة مليكة صراري

الصالون الأدبى هدية ثمينة لمدينة الدار البيضاء



عبد الله المتقي

مليكة صرارى شاعرة، لا تبوح بأسرارها إلا وهى حزينة، بدأت قاصة، ثم اختطفها جنون القصيدة، تكتبه ومن يديها تنبعث رائحة المطبخ، وقد يوقظها من النوم ليلا كى تهدهده فوق سرير من القول الشعري، هذا الجنون المعقلن لا يكف عن النزيف بفلسطين، وبجنين، وبدم من كريات أنقى من دمعة.

ولأن محبة الصالون جمعتنا ذات مساء قصصي، ولأن التواصل ممكن رقميا، ولأن جنون القصيدة ميثاق بيننا، كان هذا الحوار:

* ماذا تقولين عن نفسك هوية ومطرا شعريا؟
- مليكة صراري: شاعرة مغربية، أعمل أستاذة لمادة اللغة العربية بالسلك الثاني، نشرت معظم قصائدى ببعض الجرائد الوطنية ، وإذا كان معظم الكتاب ينطلقون، فى أول بوح من وجهة الشعر،فانا قد بدأت بداية قيصرية انطلقت فيها من كتابة القصة غير أننى وجدت نفسى ذات قصيدة بين أحضان الشعر ولا أدرى كيف تسلل هذا الكائن الرقيق خلسة، طرد القصة وتعاقد معها على أن تزورنى بين الحين والآخر دون أن تفكر فى الإقامة من جديد، والى الآن لازالت ملتزمة بشروط الزيارة! ومازال الشعر مقيما بكل زوايا قلبى عشقته إلى درجة الجنون وسكننى حد الغواية وكنت أحفظه لأستمتع بخيوطه المطرية تغسل وجهى من أدران الحياة... ولم أكن آمل حفره فى ذاكرتى الى أن وجدتنى ذات قصيدة أبوح بوحا غريبا ودافئا وحزينا وداميا أحيانا،وكلما بحت أحسست أننى عدت الى الحياة بإحساس جديد، هذا هو الزائر الغريب الذى امتلكنى ليحررنى وحررنى ليمتلكني...

* لماذا تكتبين الشعر ؟ وما معنى أن تكونى شاعرة؟
- الشعر هو الذى يكتبنى وقد خطر ببالى أن أسأله ذات قصيدة لماذا يكتبني، فهددنى بالرحيل إن أنا أعدت السؤال... ولو كانت القصيدة تمهلنا لنسأل أنفسنا لماذا نكتب لما كتبنا ولكننا نكتب لأننا وجدنا أنفسنا متورطين فى الكتابة، كما وجدنا أنفسنا ذات يوم بأسماء لم نخترها.

أن تكون شاعرا فى زمن حجري، فهذا يعنى أنك ترى الأشياء بألف نافذة وألف رؤيا وتحمل فى قصيدة مركزة كتبتها بالدم أحزان العالم وتقلباته، أشعر قبل الكتابة أننى أحمل قنبلة قد تنفجر فى أى منطقة بداخلي، وحينما أكتب أرى دخانها الصافى يغمرنى ويتركز فى منطقة ما استعدادا للاشتعال.

* هل لديك طقوس معينة مرتبطة بالكتابة؟
- ليس! ت لدى طقوس قبلية للكتابة، فقد تداهمنى القصيدة كفعل الولادة دون سابق إن ذار، أكتبها أحيانا وفى يدى رائحة المطبخ، وقد توقظنى ليلا لأهدهدها على سرير الكلمات وقد تداهمنى فى الشارع، وأحيانا تبقى خبيئة الذاكرة إلى أن أجد القلم الذى يتعمد ركوب التيه فرارا من صداع الرأس.

القصيدة تنزل كاملة، برعدها وريحها ومطرها،وهناك قصائد تنزل قبل أن تتم شهرها التاسع. وقد تفتقر الى عضو ما غير أنها تظل قصيدة بشكل ما ليس بالضرورة أن يكون مشابها لشكل سابق.

* كيف تقبضين على الجملة الأولى؟
- تأتى القصيدة كاملة وتنساب كشلال ماء لا يسمح لك أن تحدد البداية ولا النهاية، المهم انك تكتب دفقة مطرية والسلام...

* هل تفكرين فى القارئ عندما تكتبين؟
- حينما أكتب لا أفكر إلا فى الكتابة، أما القارىء فأكتشفه من خلال تفاعله مع النص، وأدرك جيدا أننى جنيت على النص جناية والد أبى العلاء، لأننى سأعتقله فى الرف بعيدا عن الضوء الى أن يحتاج القاريء ذات قصيدة الى الصمت الذى تنسجه الكتابة...

* يرى البعض أن الشعر ضرورة والبعض يرى أنه ترف فكيف ترى مليكة الشعر؟ متى يعجز قلمك عن الكتابة؟
- الشعر بالنسبة إليّ سكن ولو خيرت بين أن أسكن قصرا أو قصيدة لنمت يقظة فى واحة ! الشعر أشرب الظل والصمت... وهو الهواء والحب والورطة الجميلة، والذين يعتبرونه ترفا أسائلهم متى كان الجرح من قبيل الترف... الشعر فينا وبنا يسرى فى خفاء وصمت ويكبر رغم انتمائه لعصر يبخل بقطرة حب فداء للكلمة المذبوحة بسياط الليل... الشعر حلول ونبض ولاشيء غير الشعر بالنسبة لى أنتزع بوحه من واجبات اليومى المشحون بالرتابة الشعر يظل شعرا مهما زحفت المبيدات... واكتسح المحو تفاصيل البوح...

* متى يلوذ قلمك إلى الصمت؟
- حينما تضرب الكلمات عن الصمت يلتف قلمى فى خيبته الى أن تأذن له الكلمات بالبوح، وأذكر هنا أبا تمام حين شبه لحظة عصيان الكلمة باقتلاع ضرس.. حينما تغادر الكتابة الى غير وجهة ألبس برودة الانتظار الى ان تتلاشى حرارة الفنجان لتعود الى فنجانها مشتعلة... وليست هناك مواسم تختارها الكتابة للهجرة أو البوح...

* وماذا عن الصالون الأدبي، وأنت من المشاركين فيه؟
الصالون الأدبى هدية ثمينة لمدينة الدار البيضاء التى كادت تختنق بدخان السيارات العجوزة والشاحنات النافثة للغضب على وجوه العابرين... كدت أجزم أن المقاهى رتبت بمعدل مقهى واحدة لكل بيت، والآن أحلم بصالون لكل حي، و! الصالون الأدبى بث حركة فى قلب الإبداع ولمّ شمل المبدعين ونفض الغبار عن النكرات و... وهو أمام تحد كبير سنعمل جميعا على تجاوزه بالدعم المعنوى من كل المبدعين على اختلاف حساسيتهم، الصالون باقة ورد تحملها المدينة بأكفها البيضاء هدية لكل نسمة ابداع...

الصالون بيت المطرودين الى جنة الهذيان

* سرق الصباح.. طفولة أمي.. ماقصة هذا العنوان؟
- العنوان هو آخر مافكرت فيه، وقع اختيارى على عنوان لقصيدة بالديوان هى اختزال فى صورتها الأولى لعالم الصباح، المغلق الذى تقضيه النساء متنقلات بين واجبات البيت التى لايسعها الصباح وقبل أن يتممن واجباتهن الصباحية يكون الصباح قد سرق حيويتهن واختفى، والعنوان منفتح على عدة دلالات وربما وجدت الليل بديلا عن الصباح فى قصيدة لوحة وربما وجدت الليل متواطئا مع الصباح،وربما وجدتنى أخاصم الليل وأصالحه صباحا كما أخاصم الصباح لأصالحه ليلا وربما لم تجد شيئا على الإطلاق... هى علاقتى بالزمن كلما تلاشى شدنى اليه حنين عارم...

* ماذا تمثل المفردات التالية فى شعر مليكة ووجدانها؟
-الأرض: هى انتماؤنا الكونى وحينما لايمتلك الشاعر أرضا بقيمها الجماعية السامية،يسكن القصيدة أو تسكنه.
الحجر: جوهرة على جبين الأرض، تهزم ا! لشر والخير
الصهيل والشمس: يتجانسان فى حرارتهما رغم انفصال العلوى عن السفلي
الصباح: وهل يعود هذا الصباح؟
ثم إن المعجم الذى اخترته لم أرسمه مسبقا بدلالة معينة.

* دائما تكررين مفردات مثل الليل،عنترة، الارض، الطفل؟
- التكرار هو شكل من أشكال التوازى فى الشعر أولا، وثانيا لأن هذا الديوان كان يحلم ببطولة الزمن العربى الأسير، ولذلك يحضر الليل وعنترة والأرض وتحضر الطفولة المتورطة فى الانتماء، حتى اذا غاب عنترة بحثا عن شعاع ناب عنه الليل...

* بعض قصائد المجموعة تتخللها لوحات بالأبيض والأسود، بالمناسبة، الايكفيك حلم القصيدة؟
- اللوحات المرافقة لبعض النصوص أتمنى ألا تكون مشوشة على القصائد وهى تحاول أن تكتب النص أو تضيئه، وأعتقد أن القصيدة فى عصرنا الحالى ضحية عصر الصورة الذى ضيق الخناق على الكلمة المرسومة بالحروف.

* مليكة صراري، والرسم، أى علاقة؟
- أعشق الرسم وأتأسف لأننى لاأجيده، وهناك تقاطع كبير بين الرسم بالريشة والكلمة طبعا

* فلسطين، تكاد تحضر كثيرا فى قصائدك؟
- فلسطين ذلك الجرح الذى لم يكتب له أن يكف عن النزيف، فقد ارتبط ديوانى بأحد! اث جنين، وتاريخ ميلاد معظم قصائد الديوان ارتبط بهذه الفترة وحمل غصتها كما حمل غصة العراق فى دفقة واحدة ولكنها غزيرة الحزن.

* ما الصدى الذى تركته هذه المجموعة الشعرية؟
- مجموعتى الشعرية لقيت استحسانا من قبل الأصدقاء والصديقات الذين أعرفهم رغم أن توزيعها لم يتجاوز حدودا ضيقة لأننى اكتفيت بالاستعانة -فى توزيعها- بالأصدقاء فقط وأعرف أن ديوانا فى حقيبة ما قد ينشر فيروساته الوهمية لتأكل حلم الحقيبة، لذا أضربت الدواوين عن حمل الحقائب،فحملت ديوانى فى قلبى مدى الحياة.

* ماجديد مليكة؟
- مشروع ديوان خرجت به من الشعر إلى الشعر، وربما كانت بدايته فى نهاية الديوان الأول

* بصمة أخيرة تضعينها فى هذا الحوار؟
- قد تفتح الكلمات صدر المساء لتترك برودة الزمن وترحل إلى حيث يحترق الشعراء شعرا وحبا، مع الشكر لورطتك الجميلة فى علبة الكلمة...

ريمه الخاني
18/06/2007, 09:37 AM
تحية لكاتبتنا
وخاصة انها ربة منزل
بالتوفيق

ابراهيم خليل ابراهيم
14/02/2008, 05:00 AM
تحية لك ايها الاخ العزيز على هذه المحاورة الجميلة
وتحية الى المغرب الحبيب