المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لعبة الحظ



Prof. Ahmed Shafik Elkhatib
31/10/2006, 03:53 PM
لعبة الحظ
للكاتبة الأمريكية شيرلي جاكسون

نبذة عن الكاتبة :
شيرلي جاكسون (1919 - 1965) كاتبة أمريكية غزيرة الإنتاج ، أسهمت بالكتابة بانتظام في مجلة ذا نيويوركر على مدى عشر سنوات. وقد ظهرت قصة "لعبة الحظ" أول ما ظهرت في هذه المجلة ، ومنذ ذلك الحين أعيد نشرها في العديد من مجموعات القصص القصيرة ، كما تم تقديمها في الإذاعة والتليفزيون. وربما كنت هذه القصة أشهر قصص الكاتبة.

وتشتهر جاكسون أكثر ما تشتهر بقصصها ورواياتها التي تندرج تحن الجنس الأدبي المعروف باسم الـ "قوطى" Gothic الذي يتميز بجو من الرعب والغموض والتشويق ولكن وسط بيئة تتسم بالوداعة. وكثيراً ما تكون هناك بعض العوامل الخارقة للطبيعة. وتمثل هذا اللون روايتها لقد كنا دائماً نعيش في القلعة (1962) والتي لاقت نجاحاً كبيراً.

ومن أهم أعمال الكاتبة روايتان هما الحياة وسط الهمجيين (1953) وتربية الشياطين (1956) اللتان تصف فيهما بخفة ظل حياتها مع زوجها الناقد الأدبي ستانلي إدجار هايمان وأطفالهما الأربعة ، وهما الروايتان اللتان كان لهما فضل إرساء دعائم شهرتها الأدبية.



كان صباح اليوم السابع والعشرين من شهر يونيو صحواً ومشمساً ، ويشع بذلك الدفء المنعش الذي يميز أحد أيام عز الصيف ؛ وكانت الأزهار متفتحة عن آخرها ، وكانت الحشائش خضراء خضرة عميقة. وبدأ أهل القرية في التجمع في الميدان ، بين مكتب البريد وشاطئ النهر ، في حوالي الساعة العاشرة ؛ وفي بعض البلدان الصغيرة كان هناك عدد كبير من الناس حتى أن لعبة الحظ كانت تستغرق يومين وكان لابد من بدئها في اليوم السادس والعشرين من يونيو ، ولكن في هذه القرية ، التي كان عدد سكانها يبلغ حوالي ثلاثمائة شخص فقط ، كانت لعبة الحظ كلها تستغرق أقل من ساعتين ، حتى أنه كان من الممكن أن تبدأ في العاشرة صباحاً ومع ذلك تنتهي في وقت يسمح لأهل القرية بالعودة إلى منازلهم لتناول وجبة الظهيرة.

وتجمع الأطفال أولاً بطبيعة الحال. وكانت المدارس قد أغلقت أبوابها منذ فترة قصيرة وذلك لحلول إجازة الصيف ، وكان الشعور بالحرية يجثم في قلق على معظمهم ؛ وكانوا يميلون إلى التجمع سوياً في هدوء لبرهة قبل أن ينطلقوا في لعب صاخب بينما كان حديثهم مازال يدور حول حجرة الدراسة والمدرس ، والكتب وتوبيخات المعلمين. وكان بوبي مارتـن قد ملأ جيوبه بالحجارة بالفعل ، وسرعان ما احتذى الصبية الآخرون حذوه ، فاختاروا أنعم حجارة وأكملها استدارة ؛ وكان بوبي جونز وأخوه هاري ، وديكي يدلاكرويكس ـ وهو الاسم الذي كان القرويون ينطقونه "ديلاكروي" ـ كانوا قد صنعوا في النهاية كومة هائلة من الأحجار في أحد أركان الميدان وقاموا بحراستها من غارات الصبية الآخرين. ووقفت الفتيات إلى الجانب ، وهن يتحدثن فيما بين أنفسهن ، وهن ينظرن من فوق أكتافهن إلى الأولاد. بينما أخذ الأولاد الصغار جداً يتدحرجون في التراب أو كانوا يتعلقون في أيدي إخوانهم أو أخواتهم الأكبر سناً منهم.

وسرعان ما بدأ الرجال في التجمع ، وهم يتفقدون أطفالهم ، ويتحدثون عن الزراعة والمطر والجرارات والضرائب. ووقفوا معاً ، بعيداً عن كومة الحجارة القابعة في الركن، وكانت نكاتهم هادئة فكانوا يبتسمون أكثر مما كانوا يضحكون. أما النساء ، اللاتي كن يرتدين فساتين منزلية باهتة الألوان وسترات صوفية ، فقد أتين بعد رجالهن بوقت قصير. وكن يحيين بعضهن البعض ويتبادلن بعض أحاديث النميمة وهُنَّ في طريقهن للحاق بأزواجهن. وسرعـان ما بدأت النساء ، وقد وقفن إلى جوار أزواجهن ، في النداء على أطفالهن ، وجاء الأطفال على مضض ، بعد أن كان لابد من النداء عليهم أربع أو خمس مرات. وأفلت بوبي مارتن من تحت يد أمه التي كانت تمسك به وجرى وهو يضحك ، عائداً إلى كومة الحجارة. ورفع أبوه عقيرته بحدة ، فأسرع بوبي بالعودة واتخذ مكانه بين أبيه وأكبر إخوته.

وكان يدير لعبة الحظ ـ وأيضاً الرقصات التربيعية* ، ونادى المراهقين ، وبرنامج عيد الهالوين** ـ السيد سمرز الذي كان لديه الوقت والطاقة ليكرسهما في خدمة الأنشطة الخاصة بالبلدة. وكان رجلاً ذا وجه مستدير ويتميز بالمرح ، وكان يدير محل الفحم ، وكان الناس يشعرون بالأسى من أجله لأنه لم يكن لديه أطفال وكانت زوجته امرأة سليطة اللسان. وعندما وصل إلى الميدان ، وهو يحمل الصندوق الخشبي الأسود ، سرت همهمة من الحديث بين القرويين ، ولوَّح لهم ونادى قائلاً : تأخرنا قليلاً اليوم ، أيها الناس". وتبعه مدير مكتب البريد ، السيد جريفز ، وهو يحمل كرسياً بلا ظهر أو ذراعين ذا ثلاث أرجل، وتم وضع الكرسي في وسط الميدان ووضع السيد سمرز الصندوق الأسود عليه. وظل أهل القرية بعيدين عن الصندوق ، تاركين مسافة بينهم وبين الكرسي ، وعندما قال السيد سمرز "هل يريد بعضكم أيها الناس أن يمد يد المساعدة ؟" كان هناك تردد قبل أن يتقدم رجلان هما السيد مارتن وأكبر أبنائه باكستر إلى الأمام ويثبتا الصندوق على الكرسي بينما كان السيد سمرز يقلِّب قصاصـات الورق فيه.

وكانت الأدوات الأصلية للعبة الحظ قد فُقدت منذ زمن بعيد ، وكان الصندوق الأسود الذي يرقد الآن على الكرسي قد بدئ في استخدامه حتى قبل أن يولد العجوز وورنر ، أكبر رجال البلدة سناً. وكان السيد سمرز كثيراً ما يتحدث إلى أهل القرية بشأن صنع صندوق جديد ، ولكن أحداً لم يرد أن ينقلب على التقاليد التي كان يمثلها ذلك الصندوق الأسود. وكانت هناك قصة متداولة مؤداها أن الصندوق الحالي قد صنع من بعض قطع الصندوق الذي سبقه، وهو الصندوق الذي تم صنعه عندما استقر الناس الأوائل لكي ينشئوا قرية في هذا المكان. وفي كل عام ، بعد لعبة الحظ ، كان السيد سمرز يبدأ في الحديث مرة أخرى عن صندوق جديد ، ولكن في كل سنة كان يُسمح للموضوع بأن يخبو دون أن يتم عمل أي شيء بشأنه. وكانت حالة الصندوق الأسود تزداد سوءاً كل سنة؛ فلم يعد الآن أسود تماماً ولكنه أصبح متشققاً بشكل سيئ على طول أحد جوانبه بحيث ظهر اللون الأصلي للخشب ، بينما كان في بعض الأماكن باهت اللون أو ملطخاً بالبقع.

وأحكم السيد مارتن وابنه الأكبر باكستر تثبيت الصندوق على الكرسي إلى أن انتهى السيد سمرز من تقليب الأوراق بدقة بيده. ولما كان أهل القرية قد نسوا جزءاً كبيراً من الطقوس أو تخلوا عنه ، فقد نجح السيد سمرز في أن تحل قصاصات من الورق محل الرقائق الخشبية التي كانت مستخدمة على مدى أجيال سابقة. وكان السيد سمرز يجادل قائلاً إن قطع الخشب كانت مناسبة تماماً عندما كانت القرية صغيرة ، ولكن الآن وقد ارتفع عدد السكان إلى أكثر من ثلاثمائة ومن المحتمل أن يستمر في الارتفاع ، فإنه كان من الضروري استخدام شيء يمكن أن يوضع بشكل أكثر سهولة داخل الصندوق الأسود. وفي الليلة السابقة على لعبة الحظ، كان السيد سمرز والسيد جريفز قد قاما بإعداد قطع الورق ووضعها في الصندوق ، ثم أُخـذت بعد ذلك إلى خزانة شركة الفحم التي يمتلكها السيد سمرز وتم حفظها إلى أن استعد السيد سمرز لأخذها إلى الميدان في الصباح التالي. أما خلال بقية السنة فقد كان الصندوق يوضع بعيداً ، أحياناً في مكان ما ، وأحياناً في مكان آخر ؛ وكان قد وُضع لمدة عام في مخزن الحبوب الذي يملكه السيد جريفز ولمدة عام آخر أسفل المكاتب في مكتب البريد ، وأحياناً كان يوضع على رف في محل بقالة مارتن حيث يتركونه هناك.

وكان هناك قدر هائل من الأمور التي لابد من التأكد من تنفيذها بدقة قبل أن يعلن السيد سمرز عن افتتاح لعبة الحظ. فقد كانت هناك القوائم التي لابد من إعدادها ـ لرءوس الأسر الكبيرة ورءوس الأسر الصغيرة المكوِّنة لكل أسرة صغيرة ، وأعضاء كل أسرة صغيرة في كل أسرة كبيرة ، وهناك القَسَم الذي يؤديه السيد سمرز أمام مدير مكتب البريد، والذي بمقتضاه يصبح السيد سمرز الرئيس الرسمي للعبة الحظ ؛ وفي وقت من الأوقات ، كما يتذكر بعض الناس ، كانت هناك تراتيل من نوع معين يؤديها رئيس اللعبة ، وهي عبارة عن أغنيـة روتينية بلا نغم كانت تؤدي بشكل تلقائي عندما يحين وقت لعبة الحظ كل عام ، وكان بعض الناس يعتقدون أن رئيس لعبة الحظ كان من عادته أن يقف منتصباً تماماً عندما كان يتلوها أو يغنيها ، بينما اعتقد آخرون أنه كان من المفروض أن يمشي بين الناس ، ولكن منذ سنوات طويلة مضت سُمح لهذا الجزء من الطقوس بأن يتوارى. كما كانت هناك أيضاً تحية تقليدية كان لزاماً على رئيس لعبة الحظ أن يستخدمها في مخاطبة كل شخص يأتي لالتقاط ورقة من الصندوق ، ولكن هذا أيضاً تغير بمرور الزمن ، إلى أن شعر الناس الآن بأنه من الضروري أن يكتفي المسئول بالحديث إلى كل شخص يقترب. وكان السيد سمرز ماهراً في كل هذا ؛ وكان بقميصه الأبيض النظيف وسرواله الجينز الأزرق ، وقد استند بإحدى يديه بارتخاء على الصندوق الأسود ، كان يبدو مناسباً ومهماً تماماً وهو يتحدث حديثاً مطولاً إلى السيد جريفز وآل مارتن.

وفي اللحظة نفسها التي كف السيد سمرز فيها عن الكلام واستدار إلى القرويين المجتمعين، جاءت السيدة هتشنسون مسرعة على الطريق المؤدي إلى الميدان ، وقد ألقت بسترتها فوق كتفيها ، واتخذت مكانها في مؤخرة الحشد. "لقد نسيت تماماً أي يوم هذا" قالت ذلك للسيدة ديلاكرويكس التي كانت تقف إلى جوارها ، وضحكا هما الاثنتان بصوت خفيض. ومضت السيدة هتشنسون تقول : "لقد ظننت أن زوجي كان في الفناء الخلفي للمنزل يرص الخشب. ثم نظرت من النافذة فوجدت أن الأطفال قد انصرفوا فتذكرت حينئذ أن اليوم هو السابع والعشرون فجئت أجري". وجففت يديها في مريلتها وقالت السيدة ديلاكرويكس : "ومع ذلك ، فقد جئت في الوقت المناسب. إنهم مازالوا يتحدثون هناك".

واشرأب عنق السيدة هتشنسون لكي تتطلع إلى الحشد ورأت زوجها وأطفالها يقفون قـرب المقدمة. وربتت السيدة ديلاكرويكس على ذراعها على سبيل الوداع وبدأت تشق طريقها خلال الزحام. وأخذ الناس يفسحون لها الطريق عن طيب خاطر ليمكنوها من المرور ؛ وقال اثنان أو ثلاثة من الأشخاص ، بأصوات عالية بالقدر الذي يجعلها مسموعة خلال الحشد "ها هي زوجتك تأتي ياهتشنسون" و "يا بيل ، لقد تمكنت من الحضور أخيراً". ووصلت السيدة هتشنسون إلى زوجها ، أما السيد سمرز الذي كان في الانتظار فقد قال بمرح: لقد اعتقدنا أننا كنا سنبدأ بدونك ياتيسي". فقالت السيدة هتشنسون وهي تضحك "هل كنتم تريدونني أن أترك صحوني في الحوض ، أليس كذلك يا جو ؟" وسري ضحك خفيض خلال الحشد بينما كان الناس يعودون إلى موضعهم بعد وصول السيدة هتشنسون.

"حسناً ، الآن " قال ذلك السيد سمرز في وقار. "أظن أنه من الأفضل أن نبدأ ، وأن ننتهي من هذا الأمر ، حتى يمكننا العودة إلى العمل. هل هناك أي شخص غائب ؟"

"دونبار" قال عدة أشخاص. "دونبار ، دونبار".

ونظر السيد سمرز إلى قوائم الأسماء. "كلايد دونبار" قال ذلك. "هذا صحيح. لقد كُسرت ساقه ، أليس كذلك ؟ من الذي سيتولى السحب نيابة عنه ؟".

"أنا على ما أعتقد" قالت ذلك امرأة ، واستدار السيد سمرز لكي ينظر إليها. "الزوجة تسحب بدلاً من زوجها" قال السيد سمرز. أليس لكما ولد بالغ يفعل ذلك بدلاً منك يا جيني ؟" وبالرغم من أن السيد سمرز وكل شخص في القرية كان يعرف الإجابة معرفة تامة ، فقد كان من مهام المسئول عن لعبة الحظ أن يسأل مثل هذه الأسئلة وفقاً للتقاليد. وانتظر السيد سمرز وقد ارتسم على وجهه تعبير بالاهتمام المهذب بينما كانت السيدة دونبار تجيب عن السؤال.

"إن هوراس لم يبلغ السادسة عشرة" قالت السيدة دونبار بلهجة آسفة. "أعتقد أنني لابد من أن أحل محل زوجي هذا العام".

"هذا صحيح" قال ذلك السيد سمرز. وكتب ملاحظة على القائمة التي كان يمسك بها. ثم سأل : "هل الفتى واتسون سيشترك في السحب هذا العام ؟"

ورفع فتى طويل وسط الحشد يده. "أنا هنا" قال الفتى. "إنني سأتولى السحب نيابة عن أمي كما أنني سأسحب لنفسي". وأخذت عيناه تطرفان في عصبية وخفض رأسه عندما كان عدة أشخاص في الحشد يقولون أشياء مثل : "أنت فتى طيب يا جاك" و "يسرني أن أرى أن أمك لديها رجل يفعل ذلك".

"حسناً" قال السيد سمرز "أظن أن كل شخص هنا" هل يتفضل السيد وورنر بالسحب ؟

"أنا هنا" قال صوت ، وأومأ السيد سمرز

* * *

وألم بالحشد سكوت مفاجئ بينما كان السيد هتشنسون يتنحنح وينظر إلى القائمة. ونادى قائلاً : "هل الجميع مستعدون ؟ الآن سوف أقرأ الأسماء ـ أرباب الأسر أولاً ـ ويأتي الرجال ويأخذ كل واحد منهم ورقة من الصندوق. احتفظوا بالأوراق مطبقة في أيديكم دون النظر إليها إلى أن ينتهي كل فرد من أخذ دوره. هل كل شيء واضح ؟" .

وكان الناس قد فعلوا ذلك مرات كثيرة جداً حتى أنهم كانوا يستمعون نصف منتبهين إلى التعليمات ؛ وكان معظمهم هادئين ، وهم يبللون شفاههم ، دون أن ينظروا حولهم. ثم رفع السيد سمرز إحدى يديه عالياً وقال : "آدمز". وأخرج رجل نفسه من وسط الزحام وتقدم. "أهلاً يا ستيف" قال السيد سمرز وقال السيد آدمز "أهلاً يا جُو". وابتسم كل منهما للآخر بظرف ولكن بعصبية. ثم وصل السيد آدمز إلى الصندوق الأسود وأخرج ورقة مطبقة. وأمسك بها بقوة من أحد أطرافها وهو يستدير عائداً بسرعة إلى مكانه وسط الزحام ، حيث وقف بعيداً قليلاً عن أسرته ، دون أن ينظر إلى يده.

"ألان" نادى السيد سمرز. "أندرسون … بنثام".

"يبدو أنه لم يعد هناك وقت على الإطلاق بين ألعاب الحظ" قالت ذلك السيدة ديلاكرويكس للسيدة جريفز في الصف الخلفي. "إن الأمر يبدو كما لو كنا قد انتهينا من اللعبة الأخيرة في الأسبوع الماضي فقط".

"إن الوقت يمضي سريعاً بالتأكيد" قالت السيدة جريفز.

"كلارك … ديلاكرويكس".

"ها هو زوجي يذهب" قالت السيدة ديلاكرويكس. وحبست أنفاسها بينما كان زوجها يتقدم.

"دونبار" قال السيد سمرز ، واتجهت السيدة دونبار بثبات إلى الصندوق بينما قالت واحدة من النسوة "تقدمي يا جيني" وقالت أخرى "ها هي ذي تذهب".

"حان دورنا" قالت السيدة جريفز. وأخذت تتطلع بينما كان السيد جريفز يأتي من جانب الصندوق ، ويحيى السيد سمرز في جدية ، ويختار قصاصة ورق من الصندوق. والآن ، على امتداد الحشد كان هناك رجال يمسكون بالقصاصات الصغيرة المطبقة في أيديهم الضخمة، وهم يقلبونها في عصبية. ووقفت السيدة دونبار وابناها معاً ، وقد أمسكت السيدة دونبار بقصاصة الورق.

"هاربوت … هتشنسون".

"انهض يا بيل الجالس هناك" قالت السيدة هتشنسون ، وضحك الناس القريبون منها.

"جونز".

"إنهم يقولون" قال ذلك السيد آدمز للعجوز وورنر الذي كان يقف إلى جواره "إنهم هناك في القرية الشمالية يتحدثون عن التوقف عن لعبة الحظ". وأطلق العجوز وورنر صوت ازدراء. "إنهم عصبة من الحمقى المجانين" قال ذلك. "إذا استمعت إلى الشباب ، فإنه ليس هناك شيء حسن بما فيه الكفاية بالنسبة لهم . إن الشيء التالي الذي ستسمعه هو أنهم يريدون العودة إلى العيش في الكهوف ، ولم يعد أحد يعمل ، والعيش بتلك الطريقة فترة من الزمن. ولقد كان هناك قول شائع يقول : "لعبة الحظ في يونيو تجعل الحبوب تنضج سريـعاً". إن أول شيء تعرفه هو أننا جميعاً سوف نأكل عشب الطيور المغلي وجوز البلوط. لقد كانت هناك لعبة حظ دائماً". أضاف قائلاً بفظاظة. "من الأمور السيئة أن نرى جو سمرز الصغير هناك يتبادل النكات مع الجميع".

"لقد كفت بعض الأماكن بالفعل عن لعبة الحظ" قال السيد آدمز.

"لا شيء سوى المتاعب في ذلك" قال العجوز وورنر بحدة. "شلة من الحمقى صغار السن".

"مارتين". وأخذ بوبي مارتن يرقب والده وهو يتقدم.

"أوفردايك … بيرسى".

"ليتهم يسرعون" قالت السيدة دونبار لابنها الأكبر. "ليتهم يسرعون".

"لقد أوشكوا على الانتهاء" قال ابنها.

"فلتستعد لكي تجري لإبلاغ أبيك" قالت السيدة دونبار.

ونادى السيد سمرز اسمه هو ثم تقدم بانضباط واختار قصاصة من الصندوق. ثم نادى "وورنر".

"العام السابع والسبعون الذي اشترك فيه في لعبة الحظ" قال العجوز وورنر وهو يشق طريقة وسط الزحام. "المرة السابعة والسبعون".

"واتسون" وخرج الفتى الطويل مرتبكاً من قلب الزحام. وقال شخص ما : "لا تكن عصبياً يا جاك" وقال السيد سمرز : "لا تتعجل يا بني".

"زانيني".

وتلى ذلك وقفة طويلة ، وقفة كتم فيها الجميع أنفاسهم إلى أن قال السيد سمرز وهو يرفع قصاصة الورق الخاصة به في الهواء ويقول : "حسناً أيها الرفاق". ولمدة دقيقة لم يتحرك أحد، ثم فُتحت جميع القصاصات. وفجأة ، بدأت جميع النسوة في الكلام في نفس واحد وهن يقلن : "من هو ؟" "من الذي كانت من نصيبه ؟" "هل هم آل دونبار ؟" "هل هم آل واتسون ؟" ثم بدأت الأصوات تقول : "إنه هتشنسون. إنه بيل". "لقد كانت من نصيب بيل هتشنسون".

"اذهب وأبلغ أباك" قالت السيدة دونبار لولدها الأكبر.

وبدأ الناس ينظرون حولهم بحثاً عن آل هتشنسون. وكان بيل هتشنسون يقف في هدوء ، وهو يحملق في الورقة التي كانت في يده. وفجأة صاحت تيسي هتشنسون في السيد سمرز : "أنت لم تمهله وقتاً كافياً لكي يأخذ الورقة التي يريدها. لقد رأيتك. وهذا لم يكن عدلاً !"

"كوني ذات روح طيبة يا تيسي" صاحت السيدة ديلاكرويكس ، بينما قالت السيدة جريفز "لقد أخذنا جميعاً الفرصة نفسها ".

"فلتصمتي يا تيسي" قال بيل هتشنسون.

"حسناً ، أيها الناس" قال السيد سمرز "لقد تم هذا سريعاً إلى حد ما ، والآن ينبغي أن نسرع أكثر قليلاً لكي ننتهي في الوقت المحدد". ونظر إلى قائمته التالية. "يا بيل" قال ذلك "أنت تسحب نيابة عن أسرة هتشنسون. هل لديكم أية أسرة صغيرة أخرى في آل هتشنسون ؟"

"هناك دون وإيفا" صاحت السيدة هتشنسون. "فلتجعلهما يأخذان فرصتهما !".

"البنات يسحبن مع أسر أزواجهن ، يا تيسي" قال السيد سمرز في رفق. "أنت تعرفين ذلك تماماً كما يعرفه الجميع".

"هذا لم يكن عدلاً" قالت تيسي.

"أعتقد أنه لم يكن عدلاً يا جو" قال بيل هتشنسون بندم. "ابنتي تسحب مع أسرة زوجها ، وهذا من العدل فحسب. وليست لي أسرة أخرى سوى أطفالي".

"إذن ، فيما يتعلق بالسحب للأسرة الكبيرة فإنه أنت" قال السيد سمرز على سبيل التوضيح. "وفيما يختص بالسحب للأسرة الصغيرة ، فإنه أنت أيضاً. هل هذا صحيح ؟"

"صحيح". قال بيل هتشنسون.

"كم طفلاً يا بيل ؟" سأل السيد سمرز بشكل رسمي.

"ثلاثة" قال بيل هتشنسون. "هناك بيل الصغير ، ونانسي ، والصغير ديف. وتيسي وأنا"

"حسناً ، إذن" قال السيد سمرز. " يا هاري ، هلا تفضلت بإعادة تذاكرهم إلى الصندوق ؟"

وأومأ السيد جريفز ورفع قصاصات الورق. "ضعها في الصندوق إذن" أصدر السيد سمرز توجيهاته. "خذ تذكرة بيل وأدخلها".

"أعتقد أنه يجب أن نبدأ" قالت السيدة هتشنسون ، بكل الهدوء الذي كان في استطاعتها. "أقول لك إن هذا لم يكن عدلاً. إنك لم تعطه وقتاً كافياً للاختيار. لقد رأى كل الناس ذلك".

وكان السيد جريفز قد أخذ القصاصات الخمس ووضعها في الصندوق ، وألقى بكل القصاصات عدا تلك على الأرض ، حيث تسلمتها الريح ورفعتها عن الأرض.

"أنصتوا جميعاً" قالت السيدة هتشنسون للناس الملتفين حولها.

"مستعد يا بيل ؟" سأل السيد سمرز ، وبنظرة واحدة سريعة إلى زوجته وأطفاله ، أومأ برأسه.

"تذكروا" قال السيد سمرز. "خذوا القصاصات واحتفظوا بها مطبقة إلى أن ينتهي كل فـرد من أخذ واحدة. يا هاري ، فلتساعد الصغير ديف". وأخذ السيد جريفز يد الصبي الصغير الذي توجه عن طيب خاطر معه إلى الصندوق. "خذ ورقة من الصندوق يا ديفي" قال السيد سمرز. ووضع ديفي يده داخل الصندوق وضحك. "خذ ورقة واحدة فقط" قال السيد سمرز. "يا هاري، فلتمسكها له". وتناول السيد جريفز يد الطفل وأخذ القصاصة المطبقة من القبضة المحكمة عليها وأمسكها بينما كان الصغير ديف يقف إلى جواره وينظر إليه في فضول.

"الدور على نانسي" قال السيد سمرز. وكانت نانسي في الثانية عشرة ، وتنفس زملاؤها في المدرسة بشدة عندما كانت تتقدم وهي تضرب تنورتها بيدها ، وأخذت قصاصة من الصندوق بشكل رقيق. "بيل الصغير" قال السيد سمرز ، وكاد بيلي الذي كان وجهه أحمر وقدماه ضخمتين يُسقط الصندوق وهو يُخرج قصاصة منه. "تيسي" قال السيد سمرز. وترددت لمدة دقيقة ، وهي تنظر حواليها في تحدٍ ، ثم زمت شفتيها واتجهت إلى الصندوق. وانتزعت ورقة منه وأمسكت بها خلف ظهرها.

"يا بيل" قال السيد سمرز ، فوصل بيل هتشنسون إلى الصندوق وأخذ يتحسسه من الداخل، ثم أخرج يده في النهاية وبها قصاصة الورق.

وساد الحشد الهدوء. وهمست فتاة : "آمل ألا تكون نانسي" ووصل صوت الهمس إلى أطراف الحشد.

"إن الأمور ليست كما كانت" قال العجوز وورنر بصوت واضح. "إن الناس ليسوا كما كانوا".

"حسناً" قال السيد سمرز. "افتحوا الأوراق. يا هاري ، فلتفتح ورقة الصغير ديف".

وفتح السيد جريفز قصاصة الورق فسرت تنهيدة عامة خلال الحشد عندما رفعها واستطاع كل شخص أن يرى أنها كانت خالية. وفتح نانسي وبيل الصغير ورقتيهما في الوقت نفسه ، وانفرجت أساريرهما وضحكا وهما يستديران إلى الحشد ويرفعان قصاصتيهما فوق رأسيهما.

"تيسي" قال السيد سمرز. وتلت ذلك فترة صمت ، ثم نظر السيد سمرز إلى بيل هتشنسون، وفض بيل ورقته وأراها للناس. وكانت خالية.

"إنها تيسي" قال السيد سمرز ، وكان صوته خفيضاً. "فترنا ورقتها يا بيل".

وتوجه بيل هتشنسون إلى زوجته وانتزع قصاصة الورق من يدها. وكانت هناك بقعة سوداء عليها ، البقعة السوداء التي كان السيد سمرز قد وضعها في الليلة الماضية بقلم الرصاص الداكن في مكتبه بشركة الفحم. ورفعها بيل هتشنسون ، وسرى الاضطراب في الحشد.

"حسناً أيها الناس" قال السيد سمرز. "فلننته بسرعة".

وبالرغم من أن أهل القرية كانوا قد نسوا الطقوس وفقدوا الصندوق الأسود الأصلي ، إلا أنهم كانوا مازالوا يتذكرون استخدام الحجارة. وكانت كومة الحجارة التي صنعها الصبية في وقت سابق جاهزة ، فكانت هناك حجارة على الأرض مع قصاصات الورق المتطايرة التي خرجت من الصندوق. واختارت السيدة ديلاكرويكس حجراً كبيراً حتى أنها اضطرت لرفعه بكلتا يديها واستدارت إلى السيدة دونبار وقالت : "هيا بنا. أسرعي".

وكان مع السيدة دونبار حجارة صغيرة في كلتا يديها ، وقالت وقد تقطعت أنفاسها : "لا أستطيع الجري على الإطلاق. اسبقيني وسوف ألحق بك".

وكان مع الأطفال حجارة بالفعل ، وأعطى شخص ما الصغير ديف هتشنسون حصيات قليلة.

وكانت تيسي هتشنسون تقف الآن في وسط مكان خال ، وقد مدت يديها في يأس بينما بدأ أهل القرية في التحرك نحوها. وقالت : "هذا ليس عدلاً". ثم أصابها حجر على جانب رأسها.

وكان العجوز وورنر يقول : "هيا بنا ، هيا بنا ، جميعاً".

وكان ستيف آدمز في مقدمة حشد أهل القرية ، وقد وقفت السيدة جريفز إلى جانبه.

"هذا ليس عدلاً ، هذا ليس صحيحاً". وصرخت السيدة هتشنسون ، ثم انهالوا عليها جميعاً.













--------------------------------------------------------------------------------

* رقصة يؤديها الراقصون وهم على صورة مربع يتكون كل ضلع منه من رجل وامرأة. (المترجم)

** عيد كل القديسين الذي يحتفل به الأطفال يوم 31 أكتوبر فيرتدون أزياء كرنفالية وينحتون القرع العسلي، ويقومون بحيل غير ضارة. (المترجم)

سلمان العضياني
17/12/2006, 05:11 PM
اشكرك اخي العزيز على الترجمة الرائعة
وايضا القصة الجميلة

اتمنى اخي لو تزودني برابط للقصة على الانتر نت

اكرر شكري لك

Prof. Ahmed Shafik Elkhatib
17/12/2006, 10:23 PM
الشكر لك على القراءة والإطراء.
لا أعرف للقصة رابطا، فقد ترجمتها من كتاب.
تحياتي.