المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : منطقة خضراء في غزة دون قوات احتلال!



غالب ياسين
23/06/2007, 07:49 PM
المنطقة الخضراء التي تتوسط مدينة بغداد جيدا، غنية عن التعريف من حيث عدد الأسوار والأسيجة المستخدمة حولها وأحجام ترسانة الأسلحة التي يمتلكها أفراد الجيش الأمريكي والشرطة العراقية التي تحيط بها، ومدي التنسيق الاستخباراتي والأمني، من أجل الحفاظ علي أدني مقومات الوجود واطالة أمد البقاء الي أكبر قدر ممكن من الوقت، حتي يتسني لقوات الاحتلال الأمريكي تنفيذ مآربها وتحقيق ما تطمح لتحقيقه من مخططات علي الصعيدين السياسي والعسكري قبل انسحابها من العراق، محافظة علي ماء وجهها ـ ان استطاعت ـ ومنجزة القدر المستطاع من المشاريع، حتي ولو سحقت الحضارة والتراث والقيم وحتي البشر والشجر والحجر ببلدوزر أطماعها.
المقاومة العراقية، أدركت ذلك جيدا ومنذ البداية، حيث راحت تعد العدة وتتحين الفرص، بعد البحث عميقا لوجستيا في كيفية رفع جاهزية ضبط أعصاب المقاومين الاشاوس في الالتفاف وراء الحواجز تلو الحواجز دون الاحتكاك بالقوات المنتشرة، حيث أن مثل هذا الاحتكاك سيفشل الوصول الي قلب وعمق تلك المنطقة، حيث أن الهدف الأسمي من وراء ذلك كله هو ضرب تلك المنطقة في قلبها لرفع معنويات المقاومين في كافة أرجاء العراق، ومن أجل قهر واهانة القوات الغازية التي تتباهي بصمودها في هذا المكان بالذات، بعيدا عن أجواء المقاومة!
ما يجري في غزة ما بين الفينة والأخري من اقتتال وتخريب وحرق ودمار يثير الاستغراب والدهشة، وكأنه استكمال للدور الأمريكي الصهيوني في تعطيل مسار كل انجاز من شأنه طي ونسيان صفحات الاقتتال الماضي، لكي نعود لمربع الاشتباكات الأول، وحتي تعم الفوضي والنهب والسلب لمساعدة واغاثة أولمرت وانقاذه في اللحظة التي يظهر فيها كذبه وفقدانه وعريه من ثياب الأجندة والبرامج السياسية.
لماذا يغرد دحلان وزبانيته خارج السرب الفتحاوي، عند بداية انطـــــلاق أي شرارة اقتــــتال، ما الذي يريدونه من حماس بعدما فازت بجدارة واستحقاق، ثم تنازلت عن الكثير من حقوقها من أجل الوصول الي اتفاقات تنزع فتيل الأزمة من أجل وحدة الصف وتنقيته من الضغائن والأحقاد المبيتة التي ما فتـــــئت ما بين الحين والآخر أن تنخر كالسوس في ساق الجسد الفلسطيني؟
من هم الذين يحاصرون المناضلين ويحرقون عليهم بيوتهم في هذا الوقت، تحديدا؟
ولماذا يجري ذلك؟ أين الأجهزة الأمنية؟ أم أنها هي نفسها الضليعة في تفاقم شقة الخلافات والانقسامات؟ أليست هي المسؤولة بالدرجة الأولي والأخيرة عن الأمن والاستقرار؟
بيت رئيس الوزراء اسماعيل هنية لم يعد محصنا من رصاص الزعران عديمي الضمير والأحاسيس والمسؤولية، أما بيوت دحلان والزمرة الكبيرة من زبانيته من الملازم حتي العقيد والمقدم والعميد وأصحاب الألقاب التي ما أنزل الله بها من سلطان، فهي محصنة جيدا دون أي معاقبة ومتابعة أصحابها الغارقين في أوحال الفساد والتغاضي عن فتح ملفـــــاته النتنة، فلا سبيل من الوصول اليهم بسبب الترسانة الكبيرة من الأسلحة والقوي التي تحيطهم ليلا ونهارا دون انقطاع، وكأننا في منطقة خضراء أخـــــري تشبه تلك المقامة في بغداد، حيث تفعل هذه الفئة الضالة ما يحلو لها فعله دون محاسبة ومن لا يعجبه هذا الوضع المزري فليشرب من بحر غزة كما قال المرحوم عرفات، أو فليتفجر أشلاء من شدة الغيظ تجاه ما يجري علي الساحة الفلسطينية والعربية!
لطفي خلف
شاعر فلسطيني
loutfikhalaf@yahoo.com