المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل يلغي النشر الإلكتروني دور الكتاب الورقي؟



محمد أسليم
02/11/2006, 02:15 AM
هل يلغي النشر الإلكتروني، خصوصاً بعد ولادة مؤسسات وهيئات نشر عربية تخص الكتاب ونشره، دور الكتاب العربي "المطبوع" وبصورة تدريجية فيما يشبه القتل البطيء أم أن الأمر عكس ذلك تماماً؟
http://arab-ewriters.net/bbforums/viewtopic.php?t=9



أمام مثل هذه الأسئلة يجب التمييز بين ثلاث مستويات للتوقع:
- مدى قصير، وأخر متوسط، وثالث بعيد.
الكتاب الورقي في الوقت الراهن لا زال مهيمنا، والسبب يعود، إضافة إلى عدم التحاق الركب الأعظم من مثقفي العالم العربي ومبدعيه ومثقفيه ومفكريه، بسبب من إقصاء ذاتي لا يد للسلطات فيه من قريب أو بعيد، يعود إلى الغياب التام شبه التام في مجموع الأقطار العربية لتوظيف التقنيات الجديدة للمعلومات والتواصل في مؤسساتها التعليمية، ومن ثمة فهي تواصل رفد هيمنة الكتاب الورقي.
- مدى متوسط يمكن أن يحتل الكتاب الرقمي مساحة معادلة لنظيره الرقمي في حقلي التعليم والثقافة على السواء.
- مدى بعيد يتوقع فيه المسؤول الكبير عن قطاع النشر في شركة ميكروسوفت نفسها أن يبدأ مع حلول عام 2021 (إن لم تخني الذاكرة)، وفيه سيدأ الكتاب الورقي دخوله الرسمي إلى المتحف..
ولنلتقط هنا أن البعد هنا ليس بالمعهود...
محبتي
م.أسليم



سيدي الفاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وحتى يتم تقصير اوتحقيق هذه الفترة الزمنيه على القائمين على علوم وفنون الشبكة العنكبوتية الاقرار بوجود معيقات والاقرار بوجود تقصير والاقرار بان هذا الامر عالميا وليس محليا
ان علوم وفنون الشبكة العنكبوتية مع توفرها للدراسة لكنها لازالت صعبة على الكثير الكثير من الناس ولا اقصد هنا الادباء فقط او الكتاب
وعلينا ان نقر ان نفرا ليس بقليل من المهتمين بالكتابة هم من القراء فقط وهذه الفئة يجب عدم اهمالها نهائيا لانها هي المتمسكة اكثر بالورق وهي التي تحدد متى يقف هذا الامر
هذا الامر ياسيدي مع صعوبته الاانه هو امر الغد واعتقد انه يحتاج الى نقاش مستفيض بل الى مؤتمر او ندوة موسعة
http://arab-ewriters.net/bbforums/viewtopic.php?t=9

ودمتم

أخي العزيز،
نعم الأمر صعب، ولكن النقاش بين المثقفين وحدهم لن يحل المشكلة بين عشية وضحاها إن كانت المشكلة موجودة أصلا لأن الأمر هنا يتعلق بحتمية لها نظائر في التاريخ. إن كان لابد من نقاش فيجب أن يكون بين الساسة لاتخاذ قرارات حاسمة وترسيع وتيرة الانتقال إلى هذه المرحلة الحتمية التي يعتبرها مؤرخو الكتاب أنفسهم «ثورة ثالثة للكتاب»، بعد:
- الثورة الأولى: جرت في القرن الرابع قبل الميلاد، وتمثلت في استبدال سند الكتابة الشائع آنذاك وهو «أوراق البردي» بالكوديكس، هذا الجسم المربع الذي نتعارف عليه باسم «الكتاب» والذي ألحق تغييرا جذريا بعملتي الكتابة والقراءة. لنا أن نتخيل المتاعب الجسدية التي كان يتجشمها الكاتب والقارئ، على السواء، لنص كتب في صفحة بردي يصل طولها عدة أمتار،وقبل ذلك المتاعب ذاتها التي كان يتجمسها كاتب نص في لوح طيني نادر الوجود، لا يتعدى طوله بضع سنتمرات وعرضه بضع سنتمرات أيضا..
- الثورة الثانية، حصلت في القرن الخامس عشر الميلادي عندما اخترع جتنبرغ المطبعة، وأدت إلى هذا الانتشار الواسع للكتاب والقراءة على صعيد الكوكب برمته، وكانت أصلا في تواصل غير مسبوق في التاريخ، أصلا في ظهور حركة الأنوار في فرنسا، والنزعة الإنسانية عموما، وعتبة للعالم الحديث الذي نعيش آخر حلقاته، أصلا في ظهور القراءة الصامتة وما تفرضه من عمليات ذهنية واستجابات استيعابية، لكن أيضا نقدية لم تكن تتيحها أزمنة القراءة الجهرية للمخطوط الذي كان يكلف الحصول عليه أموالا طائلة لدرجة أن قراءة الكتاب الواحد كانت تتم على جمع من المستمعين، كما نسمع لقصاصي الحلقات اليوم...
- أما الثورة الثالثة مدار الكلام الآن، فتفتح من الآفاق أمام الإنسان ما لا يعلمه إلا الله. ثمة من يتكلم الآن عن الانتقال من حضارة الكتاب إلى ما بعده، ليصير هذا المنجز نفسه مجرد حلقة في تاريخ الكتابة الطويل. وهؤلاء يرون أن الكتاب بشكله الحالي (الورقي) يمثل سجنا حقيقيا للكتابة، تحجيرا وتقييدا وتحنيطا لها. أمر يعيدنا على كل حال لنقاش عريق في التاريخ، شكل موقف الملك الفرعوني المعترض على الكتابة نفسها محطته الأولى، وموقف سقراط من الكتابة (يستعيده أفلاطون) محطتها الثانية، حيث اعتبر المعلم أن الكلمة الشفهية كلمة حية، يمكن للمتكلم دائما أن يوضح آراءه ويدافع عنها ويصححها فوريا، في حين ما أن تنتقل كلمته ذاتها إلى نص مكتوب حتى تصير كلمة «ميتة» يستحيل أن تصد أي هجوم عنها أو تبدد أي سوء تفاهم. وهذا أمر يحيلنا إلى نشأة العلوم التفسيرية والشارحة، كالنحو والبلاغة وسائر أدوات تحليل الخطاب التي لولا الكتابة لما كان لها وجود أصلا...
ويتجدد حديثنا في هذا الموضوع الهام.
محبتي