المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اغتراب المبدعة العربية



صبيحة شبر
02/11/2006, 07:13 PM
اغتراب المبدعة العربية ، ما الأسباب ؟
تعاني المراة العربية المثقفة من أنواع مترابطة متشابكة من الاغتراب سواء في وطنها ، او في غيره من الأوطان التي تذهب اليها ، اذ لا يفهم الآخرون ما ذا تريد ان تقول / وماذا تقصد ه من أفكار ومعان ، فكلماتها المثقفة المستمدة مما اطلعت عليه من كتب ، وما آمنت به من وجهات نظر حين قراءاتها للنظريات العلمية والأدبية الحديثة والتي لم يتمكن الآخرون من الإطلاع عليها ، كما ان لغة المثقفة عالية المستوى ، رقيقة الأسلوب ، وقد لا يمكنها ان تجاري عامة الناس الذين لم يحصلوا على الثقافة العالية ،، ولم يطلعوا على الأسلوب الرفيع ، فان المراة المثقفة عادة تتهم انها تقول أشياء لاتفهم ، لانها تلجأ عادة الى المجاز والاستعارات ، في كلامها ، فتزين حديثها ، بما لا تستطيع الأذن العادية ان تلم به وتفهمه ، وتدرك المراد الحقيقي منه ،، بينما الرجل يحرص غالبا على ذكر الأمور التي يفهمها السامعون ، والسبب يعود الى تفشي الأمية بين صفوف النساء العربيات أكثر بكثير من انتشارها بين صفوف الرجال العرب ، كما ان الرجال عادة ما يكونون اكثر حرية في الاتصال بالثقافات العالمية بسبب السفر والصداقات التي يعقدونها ، بالاضاقة الى ان لغة المراة أكثر شاعرية من الرجل بسبب رهافة أحاسيسها ورقة مشاعرها المتأصلة بها ، وهذه الصفات مما لايمكن ان يخفى على المنصفين ، المراة المثقفة في محيط الأسرة والعمل قد تردد كلمات ثقافية ليس بمقدور السامعين ان يفهموها على حقيقتها ، فتتهم أحيانا إنها خيالية لاتفهم الواقع وتعيش في عالم غامض من المشاعر والاحاسيس ،،وإانها تحيا بعالم من اختراعها هي لا يدركه الواقعيون
المراة المبدعة في عالمنا العربي الإسلامي في مختلف مجالات الإبداع من كتابة ورسم ونحت وتمثيل وعزف ورقص ، كل هذه المجالات تعاني المراة العربية فيها من سياسة التهميش والإلغاء ، وتتهم المراة بها انها معقدة تقول أشياء لا يفهمها الحاضرون ، فإذا ما رسمت لوحة فنية اتهمت لوحتها انها تقول أشياء عديدة قد تكون اللوحة بعيدة عنها في واقع الأمر ، والمراة الكاتبة ان كتبت قصة او رواية اتهمت انها مارقة خرجت على ما تعارف عليه المجتمع الكريم منذ مئات السنين ، وقد تتهم انها تتحدث عن تجربتها الشخصية ، واذا ماكانت الشخصية الرائية او القصصية تتمتع ببعض الحرية ، طاب لبعض القراء او ممن يحلو لهم ان يصفوا أنفسهم انهم نقاد ،، انها تخون زوجها ان كانت القصة عاطفية وان تحدثت عن الخلافات الزوجية وهي كثيرة في مجتمعاتنا العربية اتهمت انها تسب زوجها ناشرة على الحبل خلافاتهما الزوجية ، ويتناسى أولئك المنتقدون ان التجربة الأدبية التي تجعل الأديب يكتب ليس شرطا بها ان يعيشها بنفسه اذ قد يكون قرأها ،، فأعجب بها ،، كما فعل الشاعر المعروف علي محمود طه عندما تحدث عن فتح الأندلس على يد القائد الشهير طارق بن زياد ، فان الشاعر لم يحضر حادثة فتح الأندلس وانما قرأ عنها وأعجب بها واستطاع ان يكتب لنا عن تلك التجربة الخالدة أعظم القصائد الشعرية وأجملها ، لهذا كانت تجارب المراة العربية ادبيا مقتصرة على الامور التي لاتسبب لها النقد والهجاء ووتكون بعيدة عن امكانية اتهامها ،،انها قد خرجت على التقاليد المعترف بها ، اغلب أديباتنا يتحدثن عن الحب العذري وعن النضال ضد الاستعمار ، تاركات المجالات الأخرى ، وعي متنوعة و جميلة فعلا ومن حق المراة العربية ان نحياها وتكتب عنها ، المراة العربية المبدعة مجالات الإبداع عندها محدودة ، على الضد من أخيها الرجل الذي نراه حرا بالتطرق الى كل الأمور ، المراة العربية تخشى من كلام الناس ومن الاتهامات التي يمكن ان توجه إليها من انها عاشت التجربة حقا ، لهذا نرى مجالات الإبداع لديها محدودة ومقصورة على الأمور التي لا تسبب نقدا او استهجانا من جاهل لم يتعلم بعد ما هو الأدب ؟ وما هي مميزات الإبداع ؟ ولا سيما في المجتمعات التي تشتد بها التقاليد الرجعية التي تقلل من شأن المراة ولا تعترف بحقها الطبيعي والعادل بتكافؤ الفرص ،،المراة العربية المبدعة تعاني من شعور بالغربة د=اخل وطنها ، فاذا ما اجبرت على ترك وطنها العزيز الى وطن اخر بديل نتيجة اسباب معينة فان احساسها بالغربة قد يتضخم وتزداد وطأته على نفسها المرهفة الزاخرة بالاحاسيس ، فهي تظل تحيا بالوطن وان ابتعدت عنه كثيرا ، وتبقى احلام ذلك الوطن البعيد والامه واوجاعه من الضخامة والكبر حيث لاتستطيع ان تنساها ، واذا ما حاولت ان تجد لها متنفسا به بعض الراحة ، فان تلك الالام والاوجاع ما تلبث ان تناديها ، وتحيط بحياتها لاتحدث عن نفسي مثلا
، فقد أرغمت في العراق مثلا على الهجرة منه الى أوطان بديلة رغبة بالأمان والهروب من البطش والتنكيل الذي تعرض له العراقيون ابان حكم الدكتاتورية الطويل ، والابتعاد عن الوطن يسلب المهاجر،، الشعور بالانتماء والدفء الذي يمنحه الوطن له بوجود الأحباب والأصدقاء والأهل والإخوة ، وان كنت احيا في وطن شقي ، يشاركني اللغة والاهتمامات والتاريخ المشترك ،، فان العراق بوضعه الحالي ينادي ابناءه ان يلبوا دعوته المتكررة بان ينقذوه مما الم به من خراب ،، والعراق اليوم يعاني من تصارع الاحزاب ومن انعدام الامن والأمان ، والشعور المتفاقم ان الأعداء المجهولين والمعلومين ،، ما فتئوا يتربصون بالإنسان البريء الأعزل وهو واقف حائر ،، لاحول لديه ولا قوة ن يساءل نفسه ماذا جنى ليعاقب هذا العقاب الأليم والقاسي دون ان يحظى بجواب شاف يضع حدا لعذاباته المتعددة التي مازالت تتزايد وتفتح فاها طالبة افتراس حيوات الآمنين ، وبلا ان يعثر على ضالته في معرفة الأسباب التي تجعل حياته قاسية اليمة بلا أي امل ان يكون الغد المشرق قريبا
المراة العربية المبدعة تعاني من تشعب الاهتمامات وتزايدها ، مما يسبب الإرهاق والتعب ، فهي تشتعل خارج المنزل لتساهم في إشباع طلبات الأسرة والأولاد ، وهذا العمل يأخذ منها الكثير من الوقت الذي يمكن ان تستغله في تنمية معلوماتها وتثقيف نفسها وصقل موهبتها ، كما ان المراة تتراكم عليها الأعباء المنزلية ، مما يسبب تعبها فلا تجد الوقت المناسب لكي تعنى بإبداعها ، فتضيع الفكرة وراء الفكرة وهي تلبي العديد من الطلبات التي يطلبها الاخرون منها وتنسى طلباتها التي قد تكون مصيرية واساسية
ان لنا ان نهتم بالإبداع وان نعنى به ، فهو ثروة للوطن وللناس وان لنا ايضا ان نهتم بالمراة المبدعة التي تتراكم عليها الأعباء فلا تدع لها وفتا كي تصقل ابداعها وتتقنه وتتغنن في موهبتها وايجاد السبل الكفيلة في ابراز كتاباتها في ثوب جميل ممتع قادر على التاثير وامتلاك الاعجاب ،، ان ما يدعو الى الابداع والى الاجادة به ان تكون العواطف في قلب المبدع حية قوية ، تاخذ بيده وتدفعه الى الكتابة والى الفنون الاخرى ، والمراة بما حباها الله من عواطف جياشة واحاسيس مرهفة ، تكون قادرة على التعبير عندما يكون قلبها عامرا بالدفء والمحبة والحنان ، اما اذا كانت تشكو الغربة والوحدة ، وتسهر لوحدها بعيدا عن الخلان والأصحاب ،وتكون حياتها سلسلة متواصلة من الاعمال المرهقة التي لامعين بها ولا مساعد ، لاروضة جميلة تكون في طريقها الشاق الطويل فتمنحها بعض الراحة ، ولا حبيب رحيم يشاركها همومها ، ويخفف عنها الاوجاع المتراكمة ، فان عاشت المراة العربية محرومة من الراحة ومن لمسات الحب الظليلة ،، فسوف يكون إبداعها مصبوغا بألوان الحرمان ، مغلفا ببرد الصقيع الذي تحياه يحدثها القلب دائما بمتاعب لازال الاهل يتلقونها في العراق مثلا وهي عاجزة تماما عن المساهمة بتخفيف الآلام والحيلولة دون تفاقم الأحزان ، فتترك الموهبة تذبل شيئا فشيئا دون ان تتمكن المبدعة من بذر بذور التفنن والتجميل التي لابد منها في كل فن ، والأدب في الصدارة منها والتي يجب العناية بجمال الشكل بالاضافة الى سمو المضمون ونبل المعاني واهميتها في الدفاع عن قيم العدالة والحق المبدع العربي يجد نفسه محروما من الوان متعددة من الحقوق التي يحظى بها المبدع في البلدان المتطورة ، من امكانية العيش المرفه الجميل ، والضمان الصحي ، والمعونة الاقتصادية ، ومن توفر الاعلام المشجع الذي ياخذ على عاتقه الاخذ بيد المبدع سواء كان فنانا ام اديبا ، كما يحظى بالحرية المتوفرة والتي لايعاقب عليها القانون
ويتكمن ان يحيا حياته ويتمتع بها متذوقا كل الطيبات التي حباها الله ، نجد كل هذا بينما المبدع العربي يعاني من كل شيء ، انعدام الحريات ، الغلاء الفاحش الذي يقضي على كل حلم في الرفاهية ان استطاع المبدع ان يحصل على العمل ، واكثر المبدعين في وطننا العربي يعانون من شظف العيش ان كانوا يحظون بالعمل ومن البطالة ان لم يتمكنوا من الحصول على تلك النعمة البعيدة المنال ، يعاني المبدع العربي من تشعب الاهتمامات وكثرتها ومن عدم الاهتمام به وبابداعه من مختلف وسائل الاعلام ، والمراة العربية في الصدارة دائما في التهميش وعدم فهم ابداعها او تشجيعه بالطريقة المناسبة وتعاني من ضياع حقوقها الكثيرة كما تعاني من عدم فهم الغالبية من الناس لمعنى ما تبدعه المراة العربية وكانها من جنس حكم عليه ابدا بالحرمان

صبيحة شبر

بنت الشهباء
02/11/2006, 08:20 PM
العزيزة الغالية
صبيحة شبر

موضوع في غاية الأهمية , وخاصة في زمننا الغابر هذا ...
فالمرأة المبدعة وللأسف ينظر إليها على أنها امرأة تعيش عالم الخيال , والأحلام , وبعيدة عن عالم الواقع ...
وخاصة إذا استرسلت في قلمها , وأجادت في وصف ما تحس وتشعر به ....
لكن هذا لا يعني أن هناك من ينظر إليها نظرة إعجاب وتقدير , وأنها تحاول أن تعمل لنفسها شأنا في وسط مجتمعها ...
يكفي يا أختي صبيحة أولا وأخيرا أن المرأة المبدعة في أيامنا هذه لا تكترث بالتوافه , والأمور البالية ... وتسعى جاهدة دون كلل ولا ملل للارتقاء والنهوض في سبيل أن تثبت للعالم كله أن المرأة العربية المسلمة تستطيع أن تصنع المعجزات إذا ما وظفت طاقاتها ومواهبها في سبيل خير البشرية جمعاء ...
وهذا بالتأكيد ليس بالأمر السهل ... بل إنه يحتاج منا إلى إرادة وعزيمة صلبة تدفعنا إلى الأمام ودون النظر إلى الوراء ...

لك مني خالص مودتي

صبيحة شبر
02/11/2006, 08:35 PM
العزيزة الغالية
صبيحة شبر

موضوع في غاية الأهمية , وخاصة في زمننا الغابر هذا ...
فالمرأة المبدعة وللأسف ينظر إليها على أنها امرأة تعيش عالم الخيال , والأحلام , وبعيدة عن عالم الواقع ...
وخاصة إذا استرسلت في قلمها , وأجادت في وصف ما تحس وتشعر به ....
لكن هذا لا يعني أن هناك من ينظر إليها نظرة إعجاب وتقدير , وأنها تحاول أن تعمل لنفسها شأنا في وسط مجتمعها ...
يكفي يا أختي صبيحة أولا وأخيرا أن المرأة المبدعة في أيامنا هذه لا تكترث بالتوافه , والأمور البالية ... وتسعى جاهدة دون كلل ولا ملل للارتقاء والنهوض في سبيل أن تثبت للعالم كله أن المرأة العربية المسلمة تستطيع أن تصنع المعجزات إذا ما وظفت طاقاتها ومواهبها في سبيل خير البشرية جمعاء ...
وهذا بالتأكيد ليس بالأمر السهل ... بل إنه يحتاج منا إلى إرادة وعزيمة صلبة تدفعنا إلى الأمام ودون النظر إلى الوراء ...

لك مني خالص مودتي
الصديقة المبدعة بنت الشهباء
اشكرك بالغ الشكر على المشاركة البديعة
حقا ان المراة اضحت لاتكترث بالتوافه من الامور واصبحت تتطلع الى ان تتبوأ
مكانا يليق بها وباجتهادها وابداعها
الرجال بعضهم يشجع ويساند
والبعض الاخر يضع العراقيل في وسط الطريق
والنوع الثالث ليس مكترثا ان احرزت المراة نجاحا
او فشلا ذريعا
اشكرك مرة اخرى
دمت عزيزتي بخير وتألق

محمد المهدي السقال
06/11/2006, 03:25 PM
اغتراب المبدعة العربية ، ما الأسباب ؟
تعاني المراة العربية المثقفة من أنواع مترابطة متشابكة من الاغتراب سواء في وطنها ، او في غيره من الأوطان التي تذهب اليها ، اذ لا يفهم الآخرون ما ذا تريد ان تقول / وماذا تقصد ه من أفكار ومعان ، فكلماتها المثقفة المستمدة مما اطلعت عليه من كتب ، وما آمنت به من وجهات نظر حين قراءاتها للنظريات العلمية والأدبية الحديثة والتي لم يتمكن الآخرون من الإطلاع عليها ، كما ان لغة المثقفة عالية المستوى ، رقيقة الأسلوب ، وقد لا يمكنها ان تجاري عامة الناس الذين لم يحصلوا على الثقافة العالية ،، ولم يطلعوا على الأسلوب الرفيع ، فان المراة المثقفة عادة تتهم انها تقول أشياء لاتفهم ، لانها تلجأ عادة الى المجاز والاستعارات ، في كلامها ، فتزين حديثها ، بما لا تستطيع الأذن العادية ان تلم به وتفهمه ، وتدرك المراد الحقيقي منه ،، بينما الرجل يحرص غالبا على ذكر الأمور التي يفهمها السامعون ، والسبب يعود الى تفشي الأمية بين صفوف النساء العربيات أكثر بكثير من انتشارها بين صفوف الرجال العرب ، كما ان الرجال عادة ما يكونون اكثر حرية في الاتصال بالثقافات العالمية بسبب السفر والصداقات التي يعقدونها ، بالاضاقة الى ان لغة المراة أكثر شاعرية من الرجل بسبب رهافة أحاسيسها ورقة مشاعرها المتأصلة بها ، وهذه الصفات مما لايمكن ان يخفى على المنصفين ، المراة المثقفة في محيط الأسرة والعمل قد تردد كلمات ثقافية ليس بمقدور السامعين ان يفهموها على حقيقتها ، فتتهم أحيانا إنها خيالية لاتفهم الواقع وتعيش في عالم غامض من المشاعر والاحاسيس ،،وإانها تحيا بعالم من اختراعها هي لا يدركه الواقعيون
المراة المبدعة في عالمنا العربي الإسلامي في مختلف مجالات الإبداع من كتابة ورسم ونحت وتمثيل وعزف ورقص ، كل هذه المجالات تعاني المراة العربية فيها من سياسة التهميش والإلغاء ، وتتهم المراة بها انها معقدة تقول أشياء لا يفهمها الحاضرون ، فإذا ما رسمت لوحة فنية اتهمت لوحتها انها تقول أشياء عديدة قد تكون اللوحة بعيدة عنها في واقع الأمر ، والمراة الكاتبة ان كتبت قصة او رواية اتهمت انها مارقة خرجت على ما تعارف عليه المجتمع الكريم منذ مئات السنين ، وقد تتهم انها تتحدث عن تجربتها الشخصية ، واذا ماكانت الشخصية الرائية او القصصية تتمتع ببعض الحرية ، طاب لبعض القراء او ممن يحلو لهم ان يصفوا أنفسهم انهم نقاد ،، انها تخون زوجها ان كانت القصة عاطفية وان تحدثت عن الخلافات الزوجية وهي كثيرة في مجتمعاتنا العربية اتهمت انها تسب زوجها ناشرة على الحبل خلافاتهما الزوجية ، ويتناسى أولئك المنتقدون ان التجربة الأدبية التي تجعل الأديب يكتب ليس شرطا بها ان يعيشها بنفسه اذ قد يكون قرأها ،، فأعجب بها ،، كما فعل الشاعر المعروف علي محمود طه عندما تحدث عن فتح الأندلس على يد القائد الشهير طارق بن زياد ، فان الشاعر لم يحضر حادثة فتح الأندلس وانما قرأ عنها وأعجب بها واستطاع ان يكتب لنا عن تلك التجربة الخالدة أعظم القصائد الشعرية وأجملها ، لهذا كانت تجارب المراة العربية ادبيا مقتصرة على الامور التي لاتسبب لها النقد والهجاء ووتكون بعيدة عن امكانية اتهامها ،،انها قد خرجت على التقاليد المعترف بها ، اغلب أديباتنا يتحدثن عن الحب العذري وعن النضال ضد الاستعمار ، تاركات المجالات الأخرى ، وعي متنوعة و جميلة فعلا ومن حق المراة العربية ان نحياها وتكتب عنها ، المراة العربية المبدعة مجالات الإبداع عندها محدودة ، على الضد من أخيها الرجل الذي نراه حرا بالتطرق الى كل الأمور ، المراة العربية تخشى من كلام الناس ومن الاتهامات التي يمكن ان توجه إليها من انها عاشت التجربة حقا ، لهذا نرى مجالات الإبداع لديها محدودة ومقصورة على الأمور التي لا تسبب نقدا او استهجانا من جاهل لم يتعلم بعد ما هو الأدب ؟ وما هي مميزات الإبداع ؟ ولا سيما في المجتمعات التي تشتد بها التقاليد الرجعية التي تقلل من شأن المراة ولا تعترف بحقها الطبيعي والعادل بتكافؤ الفرص ،،المراة العربية المبدعة تعاني من شعور بالغربة د=اخل وطنها ، فاذا ما اجبرت على ترك وطنها العزيز الى وطن اخر بديل نتيجة اسباب معينة فان احساسها بالغربة قد يتضخم وتزداد وطأته على نفسها المرهفة الزاخرة بالاحاسيس ، فهي تظل تحيا بالوطن وان ابتعدت عنه كثيرا ، وتبقى احلام ذلك الوطن البعيد والامه واوجاعه من الضخامة والكبر حيث لاتستطيع ان تنساها ، واذا ما حاولت ان تجد لها متنفسا به بعض الراحة ، فان تلك الالام والاوجاع ما تلبث ان تناديها ، وتحيط بحياتها لاتحدث عن نفسي مثلا
، فقد أرغمت في العراق مثلا على الهجرة منه الى أوطان بديلة رغبة بالأمان والهروب من البطش والتنكيل الذي تعرض له العراقيون ابان حكم الدكتاتورية الطويل ، والابتعاد عن الوطن يسلب المهاجر،، الشعور بالانتماء والدفء الذي يمنحه الوطن له بوجود الأحباب والأصدقاء والأهل والإخوة ، وان كنت احيا في وطن شقي ، يشاركني اللغة والاهتمامات والتاريخ المشترك ،، فان العراق بوضعه الحالي ينادي ابناءه ان يلبوا دعوته المتكررة بان ينقذوه مما الم به من خراب ،، والعراق اليوم يعاني من تصارع الاحزاب ومن انعدام الامن والأمان ، والشعور المتفاقم ان الأعداء المجهولين والمعلومين ،، ما فتئوا يتربصون بالإنسان البريء الأعزل وهو واقف حائر ،، لاحول لديه ولا قوة ن يساءل نفسه ماذا جنى ليعاقب هذا العقاب الأليم والقاسي دون ان يحظى بجواب شاف يضع حدا لعذاباته المتعددة التي مازالت تتزايد وتفتح فاها طالبة افتراس حيوات الآمنين ، وبلا ان يعثر على ضالته في معرفة الأسباب التي تجعل حياته قاسية اليمة بلا أي امل ان يكون الغد المشرق قريبا
المراة العربية المبدعة تعاني من تشعب الاهتمامات وتزايدها ، مما يسبب الإرهاق والتعب ، فهي تشتعل خارج المنزل لتساهم في إشباع طلبات الأسرة والأولاد ، وهذا العمل يأخذ منها الكثير من الوقت الذي يمكن ان تستغله في تنمية معلوماتها وتثقيف نفسها وصقل موهبتها ، كما ان المراة تتراكم عليها الأعباء المنزلية ، مما يسبب تعبها فلا تجد الوقت المناسب لكي تعنى بإبداعها ، فتضيع الفكرة وراء الفكرة وهي تلبي العديد من الطلبات التي يطلبها الاخرون منها وتنسى طلباتها التي قد تكون مصيرية واساسية
ان لنا ان نهتم بالإبداع وان نعنى به ، فهو ثروة للوطن وللناس وان لنا ايضا ان نهتم بالمراة المبدعة التي تتراكم عليها الأعباء فلا تدع لها وفتا كي تصقل ابداعها وتتقنه وتتغنن في موهبتها وايجاد السبل الكفيلة في ابراز كتاباتها في ثوب جميل ممتع قادر على التاثير وامتلاك الاعجاب ،، ان ما يدعو الى الابداع والى الاجادة به ان تكون العواطف في قلب المبدع حية قوية ، تاخذ بيده وتدفعه الى الكتابة والى الفنون الاخرى ، والمراة بما حباها الله من عواطف جياشة واحاسيس مرهفة ، تكون قادرة على التعبير عندما يكون قلبها عامرا بالدفء والمحبة والحنان ، اما اذا كانت تشكو الغربة والوحدة ، وتسهر لوحدها بعيدا عن الخلان والأصحاب ،وتكون حياتها سلسلة متواصلة من الاعمال المرهقة التي لامعين بها ولا مساعد ، لاروضة جميلة تكون في طريقها الشاق الطويل فتمنحها بعض الراحة ، ولا حبيب رحيم يشاركها همومها ، ويخفف عنها الاوجاع المتراكمة ، فان عاشت المراة العربية محرومة من الراحة ومن لمسات الحب الظليلة ،، فسوف يكون إبداعها مصبوغا بألوان الحرمان ، مغلفا ببرد الصقيع الذي تحياه يحدثها القلب دائما بمتاعب لازال الاهل يتلقونها في العراق مثلا وهي عاجزة تماما عن المساهمة بتخفيف الآلام والحيلولة دون تفاقم الأحزان ، فتترك الموهبة تذبل شيئا فشيئا دون ان تتمكن المبدعة من بذر بذور التفنن والتجميل التي لابد منها في كل فن ، والأدب في الصدارة منها والتي يجب العناية بجمال الشكل بالاضافة الى سمو المضمون ونبل المعاني واهميتها في الدفاع عن قيم العدالة والحق المبدع العربي يجد نفسه محروما من الوان متعددة من الحقوق التي يحظى بها المبدع في البلدان المتطورة ، من امكانية العيش المرفه الجميل ، والضمان الصحي ، والمعونة الاقتصادية ، ومن توفر الاعلام المشجع الذي ياخذ على عاتقه الاخذ بيد المبدع سواء كان فنانا ام اديبا ، كما يحظى بالحرية المتوفرة والتي لايعاقب عليها القانون
ويتكمن ان يحيا حياته ويتمتع بها متذوقا كل الطيبات التي حباها الله ، نجد كل هذا بينما المبدع العربي يعاني من كل شيء ، انعدام الحريات ، الغلاء الفاحش الذي يقضي على كل حلم في الرفاهية ان استطاع المبدع ان يحصل على العمل ، واكثر المبدعين في وطننا العربي يعانون من شظف العيش ان كانوا يحظون بالعمل ومن البطالة ان لم يتمكنوا من الحصول على تلك النعمة البعيدة المنال ، يعاني المبدع العربي من تشعب الاهتمامات وكثرتها ومن عدم الاهتمام به وبابداعه من مختلف وسائل الاعلام ، والمراة العربية في الصدارة دائما في التهميش وعدم فهم ابداعها او تشجيعه بالطريقة المناسبة وتعاني من ضياع حقوقها الكثيرة كما تعاني من عدم فهم الغالبية من الناس لمعنى ما تبدعه المراة العربية وكانها من جنس حكم عليه ابدا بالحرمان

صبيحة شبر

أختي
صبيحة شبر
تحية ود وتقدير
إنما هي دردشة
قصدت الافتتاح بتلك الكلمة , دفعا لكل تأويل يمكن أن يتسلل من بين ثنايا
الحروف .
أما بعد , فقد قرأت كتابتك حول اغتراب المبدعة العربية , فوجدتها مفعمة
بالحسرة حينا والتعليق حينا آخر , على ما آلت إليه وضعية المرآة مبدعة
و مثقفة تحت عنوان الاغتراب .
غير أن ما أثار الرغبة في التعليق , اتجاه العرض نحو التعميم , سواء
تعلق الأمر بالنموذج الذي أريد له أن يكون نتيجة / اغتراب المبدعة , أو
تعلق بالإطار الذي أريد له أن يكون علة , / سلطة الرجل .
هل نحن فعلا إزاء ظاهرة مطلقة , تتأسس على شروط موضوعية , يمكن
معها القول بالعلاقة الآلية بين السبب والنتيجة ؟
أليس ثمة تمييزا بين المرأة المبدعة والمرأة المثقفة ؟ علما بأن الإبداع
أدعى إلى التعلق بالحرية في الرؤية والتخيل الفني , بينما تتجه الثقافة
إلى الارتباط بالواقع في التحليل والتغيير .
لقد هيمن الانشغال باغتراب المرأة العربية , من زاوية لا أراها قد انفتحت
على خلفيات الظاهرة , في علاقتها بمتغيرات الواقع السياسي
والاقتصادي, فحصرت الاهتمام بالظرفي العابر في تجربتها الحالية , دون
ربط معاناتها بالصراع الخفي , كما تعبر عنه حاجة المجتمع العربي إلى
التحول , بعيدا عن تصنيفات الجنس ,
لذلك , جاءت كلمة أختي صبيحة شبر , متأثرة بالذاتي في معالجتها , بل
طغت نغمة الحسرة على تحليلها للظاهرة , لدرجة حصرها في التجربة
الشخصية , واعتبارها مثالا يمكن الاستئناس به في تفهم الأطروحة التي
انطلقت منها , أستدل على ذلك ببعض عباراتها , متمنيا ألا أكون قد
عزلتها عن سياقاتها :
" إن لغة المثقفة عالية المستوى ، رقيقة الأسلوب "
"إن لغة المرأة أكثر شاعرية من الرجل بسبب رهافة أحاسيسها ورقة
مشاعرها المتأصلة بها "
" المرأة العربية المبدعة مجالات الإبداع عندها محدودة "
" فقد أرغمت في العراق مثلا على الهجرة منه إلى أوطان بديلة رغبة
بالأمان والهروب من البطش والتنكيل الذي تعرض له العراقيون إبان حكم
الدكتاتورية الطويل ، والابتعاد عن الوطن يسلب المهاجر،، الشعور
بالانتماء والدفء الذي يمنحه الوطن له بوجود الأحباب والأصدقاء والأهل
والإخوة "
" يعاني المبدع العربي من تشعب الاهتمامات وكثرتها ومن عدم الاهتمام
به وبإبداعه من مختلف وسائل الإعلام ، والمرأة العربية في الصدارة
دائما في التهميش وعدم فهم إبداعها أو تشجيعه بالطريقة المناسبة
وتعاني من ضياع حقوقها الكثيرة كما تعاني من عدم فهم الغالبية من
الناس لمعنى ما تبدعه المرأة العربية وكأنها من جنس حكم عليه أبدا
بالحرمان "
أختي صبيحة شبر
في جملة :
" وان كنت احيا في وطن شقي ، يشاركني اللغة والاهتمامات والتاريخ
المشترك "
سقط حرف القاف في لفظة " شقي " , ولعلك تقصدين بدون شك " شقيق"
, وكم كنت أتمنى أن تبنى القراءة على سقوط ذلك الحرف , لعرض
وضعية المرأة المغربية مبدعة ومثقفة , فربما كانت للموضوع نكهة
أخرى , أقرب إلى ملامسة الواقع و أبعد عن التعميم والإطلاق.
سأكتفي بمثال على حالة المبدعة والمثقفة في المغرب , دونما حاجة إلى
التفصيل ,
إنه نموذج الراحلة " مليكة مستظرف " صاحبة رواية " جراح الروح
والجسد " و مجموعة " ترنتسيس " ,
ألا ترين معي أنها قضت مغتربة مبدعة ومثقفة , تحت مرأى ومسمع
رداء الصمت , من المبدعين والمثقفين , إلا من رحم ربك ؟
أخوك

محمد المهدي السقال
المغرب

دينا سليم
07/11/2006, 08:14 AM
عزيزتي صبيحة سبر
أعتقد أن هذا الموضوع يستحق العناية والأهتمام, خاصة عندما ترى المبدعة العربية نفسها مطوقة أو محصورة داخل أسوار الكلام.
عندما تطرقت الى ما معناه ( اللغة المختلفة) فهنا أردت الوقوف: اللغة المختلفة برأيي هي اللغة التي لا يريد المجتمع فهمها وحتى الاصغاء لقائلتها, لذلك نرى المبدعة تلتجيء الى الرمزية في التعبير, مبتعدة عن المباشرة لأنها تحس أنها مكبلة, معرضة, خائفة, وتحسب حسابات النتائج فبل وقوعها, لذلك إن حدث وحوكمت من زوجها والمجتمع على كلمة كتبتها فتستطيع التنصل بتحوير الكلمات الرمزية وتفسيرها كما تريد حرضا على انهيارها المعنوي والأسري !
لذلك نراها تغلق على نفسها الدائرة, تبتعد عن المجتمع كي تحمي نفسها من أمرين, أولا عدم اغتصابها بنظرات المجتمع القاسية , ثم لأنها تريد ممارسة الابداع في خلوة تستحقها, فالمبدعين رجالا كانوا أم نساء لا يستطيعون الاختلاط ولا يقدرون على الحياة الرتيبة التي دائما تكون قيد المجتمع وما يمليه من شروط.
لذلك أبسط التهم التي ستقال : " انهم شواذ " أو " مجانين" الخ
هذه الدائرة المغلقة تهيء للمبدعة المقيدة عالما جميلا رائعا, يخفف عن نفسها الضغوطات المعيشية والقيود التي يكبلها بها الرجل الذي هو وللأسف المجتمع بأكمله...
يتبع

دينا سليم
07/11/2006, 08:26 AM
عذرا لأني جزأت الاجابة بسبب عطل في جهازي .
الغربة: لنتحدث قليلا عن الغربة وأسبابها. هنالك الغربة في الوطن...
الغربة خارج الوطن...
الغربة المفروضة...
الغربة غير المفروضة...
أما عن الأسباب فالجواب واضح للجميع.
المبدعة التي تعيش الغربة داخل وطنها, في صميم بلدتها وفي قعر دارها, هي التي تعاني الأمرين في الحياة.
أشاركك الرأي يا صديقتي بالنسبة للغربة التي تعانين منها, حتى لو كنت في بلد شقيق جميل يحترمك ويقدرك, فأنتِ وللفخر ما زلت تنتمين الى العراقة والعراق الأصيل, لذلك تصرين على بعض الأبيات الشعرية لشاعر أغر ذاق معنى التغريب والغربة أيضا , في كل نهاية لمشاركاتك.
للأسف أنتِ تغربت بسبب النظام الديكتاتوري الذي استبد بكل المثقفين العراقيين الذين لاقوا حتفهم إما في الحروب أو في الطرقات كمتسولين, أو على مرأى أعين الغرباء, أو على حبل الاعدام.
نعم يا زميلتي, فجميعنا لاقينا ذات المصير, فلكل مبدعة ديكتاتور استبد بها وحاكمها وعذبها, لكل مبدعة (صدّام) .
أرجو مراعاة جرأتي من قبل الأصدقاء, فتعلمت أن أكون جريئة لذلك أنا أيضا في المنفى, لكن المنفى الذي أنا فيه كان منفى من محض اختياري...
يتبع

دينا سليم
07/11/2006, 08:35 AM
زميلتي صبيحة,
هذا الموضوع متشعب جدا, ومهما كتبنا عنه فستحاصرنا الكلمات, لذلك أقترح أن يجزأ حسب مواضيع حتى لا يكون الرد متشعبا وناقصا, مثلا إن حصل وأردنا التحدث عن " المنفى الاختياري" أن يحتل هذا العنوان بابا خاصة, الخ.
يمكننا الأخذ بعين الاعتبار مصلحة الرجل في التطرق للمواضيع, لأنني أشعر إن تكلمت كثيرا فسيأخذ مني الزملاء الذكور موقفا, لذلك لو تشارك معنا الأخوة في النقاش لسماع آرائهم.
يتبع

دينا سليم
07/11/2006, 08:44 AM
ردا الى الزميلة المبدعة بنت الشهباء,
أولا أريد أن أحييكِ يا زميلتي المبدعة, فأنا فخورة بأمثالك وبكتاباتك الثرية.
ثانيا: أعتب عليكِ لأنك تطرقت في كتاباتك الى المرأة المبدعة العربية (المسلمة)!
لماذا هذا التجزيء يا عزيزتي, ألا يكفينا من مصائب التقسيم الطائفي؟
عندما تطرقت الزميلة صبيحة الى هذا الموضوع لم تذكر لا مسلمة ولا مسيحية, فقد ذكرت (العربية) فقط, أليس جميعنا بشرا ننتمي الى كون انساني واحد !
تحياتي لكِ يا أختي في الكلمة والابداع والانسانية البحتة.

دينا سليم
07/11/2006, 08:49 AM
زميلي العزيز الأستاذ محمد المهدي السقال
تحية لك ولجميع الزملاء في المغرب الشقيق.
المغرب يا زميلي غير العراق وفلسطين!
وليس كل مثقفة هي مبدعة, يجب مراعاة الفرق, فهناك مثقفات, قارئات وصاحبات موقف لكنهن لا يستطعن كتابة حرف مما تتمتع بها المبدعة الموهوبة.
ولي كلام آخر في المستقبل القريب ان شاء الله, لأني أريد منح البعض الرد كي نستمر في هذا الحوار الشيق الذي بدأته زميلتي المبدعة صبيحة .
تحيات مودة

صبيحة شبر
07/11/2006, 08:58 PM
أختي
صبيحة شبر
تحية ود وتقدير
إنما هي دردشة
قصدت الافتتاح بتلك الكلمة , دفعا لكل تأويل يمكن أن يتسلل من بين ثنايا
الحروف .
أما بعد , فقد قرأت كتابتك حول اغتراب المبدعة العربية , فوجدتها مفعمة
بالحسرة حينا والتعليق حينا آخر , على ما آلت إليه وضعية المرآة مبدعة
و مثقفة تحت عنوان الاغتراب .
غير أن ما أثار الرغبة في التعليق , اتجاه العرض نحو التعميم , سواء
تعلق الأمر بالنموذج الذي أريد له أن يكون نتيجة / اغتراب المبدعة , أو
تعلق بالإطار الذي أريد له أن يكون علة , / سلطة الرجل .
هل نحن فعلا إزاء ظاهرة مطلقة , تتأسس على شروط موضوعية , يمكن
معها القول بالعلاقة الآلية بين السبب والنتيجة ؟
أليس ثمة تمييزا بين المرأة المبدعة والمرأة المثقفة ؟ علما بأن الإبداع
أدعى إلى التعلق بالحرية في الرؤية والتخيل الفني , بينما تتجه الثقافة
إلى الارتباط بالواقع في التحليل والتغيير .
لقد هيمن الانشغال باغتراب المرأة العربية , من زاوية لا أراها قد انفتحت
على خلفيات الظاهرة , في علاقتها بمتغيرات الواقع السياسي
والاقتصادي, فحصرت الاهتمام بالظرفي العابر في تجربتها الحالية , دون
ربط معاناتها بالصراع الخفي , كما تعبر عنه حاجة المجتمع العربي إلى
التحول , بعيدا عن تصنيفات الجنس ,
لذلك , جاءت كلمة أختي صبيحة شبر , متأثرة بالذاتي في معالجتها , بل
طغت نغمة الحسرة على تحليلها للظاهرة , لدرجة حصرها في التجربة
الشخصية , واعتبارها مثالا يمكن الاستئناس به في تفهم الأطروحة التي
انطلقت منها , أستدل على ذلك ببعض عباراتها , متمنيا ألا أكون قد
عزلتها عن سياقاتها :
" إن لغة المثقفة عالية المستوى ، رقيقة الأسلوب "
"إن لغة المرأة أكثر شاعرية من الرجل بسبب رهافة أحاسيسها ورقة
مشاعرها المتأصلة بها "
" المرأة العربية المبدعة مجالات الإبداع عندها محدودة "
" فقد أرغمت في العراق مثلا على الهجرة منه إلى أوطان بديلة رغبة
بالأمان والهروب من البطش والتنكيل الذي تعرض له العراقيون إبان حكم
الدكتاتورية الطويل ، والابتعاد عن الوطن يسلب المهاجر،، الشعور
بالانتماء والدفء الذي يمنحه الوطن له بوجود الأحباب والأصدقاء والأهل
والإخوة "
" يعاني المبدع العربي من تشعب الاهتمامات وكثرتها ومن عدم الاهتمام
به وبإبداعه من مختلف وسائل الإعلام ، والمرأة العربية في الصدارة
دائما في التهميش وعدم فهم إبداعها أو تشجيعه بالطريقة المناسبة
وتعاني من ضياع حقوقها الكثيرة كما تعاني من عدم فهم الغالبية من
الناس لمعنى ما تبدعه المرأة العربية وكأنها من جنس حكم عليه أبدا
بالحرمان "
أختي صبيحة شبر
في جملة :
" وان كنت احيا في وطن شقي ، يشاركني اللغة والاهتمامات والتاريخ
المشترك "
سقط حرف القاف في لفظة " شقي " , ولعلك تقصدين بدون شك " شقيق"
, وكم كنت أتمنى أن تبنى القراءة على سقوط ذلك الحرف , لعرض
وضعية المرأة المغربية مبدعة ومثقفة , فربما كانت للموضوع نكهة
أخرى , أقرب إلى ملامسة الواقع و أبعد عن التعميم والإطلاق.
سأكتفي بمثال على حالة المبدعة والمثقفة في المغرب , دونما حاجة إلى
التفصيل ,
إنه نموذج الراحلة " مليكة مستظرف " صاحبة رواية " جراح الروح
والجسد " و مجموعة " ترنتسيس " ,
ألا ترين معي أنها قضت مغتربة مبدعة ومثقفة , تحت مرأى ومسمع
رداء الصمت , من المبدعين والمثقفين , إلا من رحم ربك ؟
أخوك

محمد المهدي السقال
المغرب
الاخ العزيز محمد مهدي السقال
اشكرك بالغ الشكر على الاراء الوجيهة التي ذكرتهاواشاطرك الراي ان هناك فرقا بين المثقف والمبدع
ولعلي انطلقت من الذاتي الخاص
انما اعبر عن المبدعة العراقية
وعن المبدعة في المنطقة الممتدة من المحيط الى الخليج
والتي يسكن بها العرب والاكراد والتركمان والامازيغ في المغرب
اطلعت عن كثب على معاناة المبدعة المغربية
واجدها نفس المعاناة وان اختلفت في الدرجة وبعض التفاصيل
ومعاناة المبدعة ليس سببها الرجل فقط
وانما جملة من الاسباب
الاقتصادية والاجتماعية والسياسية
الرجل المبدع يعاني ايضا
وهناك بون شاسع بين المبدع الاوربي والمبدع في بلداننا
كما ان الفروق تكبر وتتضخم ان وازنا بين المبدعة الاوربية
والمبدعة في بلداننا
ولا اعني المبدعة العربية فقط وانما اقصد كل المبدعات
القاطنات في منطقتنا
اشكرك مرة اخرى
ودمت بخير ايها الاخ العزيز

صبيحة شبر
07/11/2006, 09:08 PM
عزيزتي صبيحة سبر
أعتقد أن هذا الموضوع يستحق العناية والأهتمام, خاصة عندما ترى المبدعة العربية نفسها مطوقة أو محصورة داخل أسوار الكلام.
عندما تطرقت الى ما معناه ( اللغة المختلفة) فهنا أردت الوقوف: اللغة المختلفة برأيي هي اللغة التي لا يريد المجتمع فهمها وحتى الاصغاء لقائلتها, لذلك نرى المبدعة تلتجيء الى الرمزية في التعبير, مبتعدة عن المباشرة لأنها تحس أنها مكبلة, معرضة, خائفة, وتحسب حسابات النتائج فبل وقوعها, لذلك إن حدث وحوكمت من زوجها والمجتمع على كلمة كتبتها فتستطيع التنصل بتحوير الكلمات الرمزية وتفسيرها كما تريد حرضا على انهيارها المعنوي والأسري !
لذلك نراها تغلق على نفسها الدائرة, تبتعد عن المجتمع كي تحمي نفسها من أمرين, أولا عدم اغتصابها بنظرات المجتمع القاسية , ثم لأنها تريد ممارسة الابداع في خلوة تستحقها, فالمبدعين رجالا كانوا أم نساء لا يستطيعون الاختلاط ولا يقدرون على الحياة الرتيبة التي دائما تكون قيد المجتمع وما يمليه من شروط.
لذلك أبسط التهم التي ستقال : " انهم شواذ " أو " مجانين" الخ
هذه الدائرة المغلقة تهيء للمبدعة المقيدة عالما جميلا رائعا, يخفف عن نفسها الضغوطات المعيشية والقيود التي يكبلها بها الرجل الذي هو وللأسف المجتمع بأكمله...
يتبع
العزيزة المبدعة ديتا سليم
اشكرك على الاضافات التي افدت بها موضوعي
لغة المبدعة في بلداننا تختلف عن لغة المبدع
لان البعض يحلو له ان يحاسب على كل كلمة تذكرها المبدعة
والعجيب ان حتى المبتدئين وطلاب المدارس يطيب لهم ان ينقدوا المبدعة نقدا هداما
ولقد لاحظت ان الزوج المبدع قليلا ما يقف بجانب زوجته المبدعة
بينما الزوج المثقف يقف بجانبها ويساندها
اضافتك من الغنى سوف ارد عليها مجزئة اياها
ودمت مبدعة خلاقة ايتها العزيزة

صبيحة شبر
07/11/2006, 09:17 PM
عذرا لأني جزأت الاجابة بسبب عطل في جهازي .
الغربة: لنتحدث قليلا عن الغربة وأسبابها. هنالك الغربة في الوطن...
الغربة خارج الوطن...
الغربة المفروضة...
الغربة غير المفروضة...
أما عن الأسباب فالجواب واضح للجميع.
المبدعة التي تعيش الغربة داخل وطنها, في صميم بلدتها وفي قعر دارها, هي التي تعاني الأمرين في الحياة.
أشاركك الرأي يا صديقتي بالنسبة للغربة التي تعانين منها, حتى لو كنت في بلد شقيق جميل يحترمك ويقدرك, فأنتِ وللفخر ما زلت تنتمين الى العراقة والعراق الأصيل, لذلك تصرين على بعض الأبيات الشعرية لشاعر أغر ذاق معنى التغريب والغربة أيضا , في كل نهاية لمشاركاتك.
للأسف أنتِ تغربت بسبب النظام الديكتاتوري الذي استبد بكل المثقفين العراقيين الذين لاقوا حتفهم إما في الحروب أو في الطرقات كمتسولين, أو على مرأى أعين الغرباء, أو على حبل الاعدام.
نعم يا زميلتي, فجميعنا لاقينا ذات المصير, فلكل مبدعة ديكتاتور استبد بها وحاكمها وعذبها, لكل مبدعة (صدّام) .
أرجو مراعاة جرأتي من قبل الأصدقاء, فتعلمت أن أكون جريئة لذلك أنا أيضا في المنفى, لكن المنفى الذي أنا فيه كان منفى من محض اختياري...
يتبع
الاخت العزيزة دينا سليم
غربتي اجبارية ، خرجت من بلدي الحبيب مضطرة ، فقد خيروني بين ان اكون حزبية وبعثية وبين ان اسجن
والسجن في بلادي بعني الضرب والتعذيب وان تكون شرطيا تشي بالاصدقاء والمحبين
فلم ارغب ان اكون ضحية ولا جلاد
وهربت وبقي العراق يحيا في دمي
وصفيت عائلتي وقتل من احبوني واحبهم
واعيش الان رعبا قاتلا مما يجري في بلدي الحبيب
مع ان لي العديد من الاصدقاء
احييك لشجاعتك ايتها العزيزة
دمت مبدعة وصديقة وشقيقة

صبيحة شبر
07/11/2006, 09:27 PM
العزيزة المبدعة دينا سليم
اعود مرة اخرةى لهذا الموضوع الذي لايمكن ان يستوفي الحديث فيه حقه
لقد عشنا في العراق دون ان نميز بين الاصدقاء
كان الاصدقاء مسلمين ومسيحين وصابئة
وعرب واكراد وتركمان
لم يكن العرافي يميز بين هؤلاء
وانا اعجب الان مما يحدث بالعراق من صراع طائفي
واجد انه صراع سياسي يراد به ان يرتدي لباسا طائفيا
كي تختلط الاوراق
المبدع يتعرض لكثير من الضغوطات
والمبدعة في منطقتنا تتعرض بصورة اشد واكبر
اعرف مبدعات كرديات ناطقات بالعربية
ومبدعات مغربيات امازيغيات ناطقات بالعربية ايضا
واحيانا تتراكم الاحباطات وتصبح من القوة بحيث لايمكن لاي مخلوق ان يواجهها بمفرده
تحية لقلمك المبدع الجميل ايتها العزيزة

الشربيني المهندس
07/11/2006, 11:28 PM
اود الاشارة باختصار الي نقاط عدة
هل هناك ادب رجالي وادب نسائي ..؟
هل المقصود بالسؤال هنا غربة الأديبة بمعني ابتعادها عن موطنها الادبي مجازا ..؟
أم ما اصطلح علي تسميته باغتراب الادب والضبابية والرمزية ..؟
ذكر الاستاذ السقال مأساة الاديبة المغربية مليكة عليها رحمة اللـه ومصيبة الموت
وماذا عن مأساة الموت حيا والقيود المفروضة علي الاديبات بالمشرق والمغرب العربي ..؟
رغم ما سبق يمكنني سرد اسماء العشرات من الاديبات العربيات ( شعرا وقصة ورواية ونقدا) بما يشعرك بالفخر من انتاجهن ..

صبيحة شبر
08/11/2006, 01:28 AM
اود الاشارة باختصار الي نقاط عدة
هل هناك ادب رجالي وادب نسائي ..؟
هل المقصود بالسؤال هنا غربة الأديبة بمعني ابتعادها عن موطنها الادبي مجازا ..؟
أم ما اصطلح علي تسميته باغتراب الادب والضبابية والرمزية ..؟
ذكر الاستاذ السقال مأساة الاديبة المغربية مليكة عليها رحمة اللـه ومصيبة الموت
وماذا عن مأساة الموت حيا والقيود المفروضة علي الاديبات بالمشرق والمغرب العربي ..؟
رغم ما سبق يمكنني سرد اسماء العشرات من الاديبات العربيات ( شعرا وقصة ورواية ونقدا) بما يشعرك بالفخر من انتاجهن ..
الاخ العزيز الشربيتي المهندس
اشكرك كثيرا على الاضافة الجميلة
لااميل الى التفريق بين الادب النسائي والادب الرجالي
يوجد ادب انساني
والمقصود بالاغتراب هو ان المبدع يكون غريبا بحيث لاتفهم معانيه المقصودة
الا للقليل
ويعني الابتعاد قسرا عن الاوطان وما توفره الاوطان من اشباع للعواطف
اتفق معك بوجود القيود المفروضة على الابداع
وخاصة امام النساء
ورغم كل المصاعب
يوجد الكثير مما يمكن ان نفخر بهم رجالا كانوا ام نساء
ودمت مبدعا وصديقا عزيزا

محمد أسليم
08/11/2006, 02:43 AM
أظن أن الغربة قدرٌ لازم المفكرين في جميع الأزمنة. فالفكر نخبوي بالطبيعة، والمجتمع سيتوقف تلقائيا عن الاشتغال إذا ما تحول جميع الناس إلى مفكرين. هؤلاء يتأملون، يطرحون أسئلة حول الكون، الوجود، أنفسهم، المجتمع، يكتبون، فينتهي بهم المطاف إلى الوقوف على حقيقة أنهم أشباه كائنات شاذة وسط «القطيع».
يمكن صياغة هذه الحقيقة بكل اطمئنان مادام لم يوجد، منذ بدء الخليقة وحتى اليوم، مجتمع جميع أفراده مفكرون (بالمعنى الدقيق لكلمة فكر).
هذا معطى عامّ أوَّلٌ.
الثاني: في المجتمعات العربية التي لازال معظمها، إن لم تكن كلها، تعيش فترة ما قبل الحداثة، حيث نسبة الأمية من أشد النسب ارتفاعا في العالم، وحيث البداوة ليست منتشرة في معاقلها الأصلية فحسب، بل وتمارس أيضا زحفا على المدن بحيث يمكن التأكيد بكل اطمئنان أننا نعيش في هذه المرحلة الانتقالية عملية «ترييف للمدن»، يصير الإحساس بالغربة لدى كل مثقف أقوى ربما أقوى من إحساس مفكري سائر العصور والبقاع المتقدمة من معمور اليوم؛ في معرض الحديث عن إحدى الدول العربية لم يتردد أحد ألمع المختصين في العلوم المستقبلية، بل رئيس الهيأة الدولية لهذا الفرع المعرفي، في التأكيد أن 70% من الأساتذة الجامعيين للبلد موضوع حديثه أميون. كيف ذلك؟ لا أظن الأمر يحتاج إلى شرح طويل؛ الغالبية العظمى «تبيض بيضتها الذهبية» المسماة بـ «رسالة جامعية»، ثم تطلق عالم البحث والدراسة تطليقا، كالطفل الذي يحرص على دفاتره حرصا شديدا حتى إذا اجتاز الامتحان ونجح ألقى بالدفاتر في القمامتين: القمامة المادية وقمامة الذاكر ذاتها فلا يعود يذكر مما كان يحفظ عن ظهر قلب قبل الامتحان شيئا... إذا كان لأمر على هذا النحو لدى ما يُفترض أن يكونوا علية القوم وصفوة المجتمع، بحكم قلتهم العددية فيه، فماذا ننتظر من المعلمين والأساتذة في كافة أسلاك التعليم؟؟ !!! وقال الشاعر: «كاد المعلم أن يكون رسولا»...
إذا كان الأمر على هذا النحو عامة، فما القول عندما نستحضر أحد عناصر التصنيف داخل فئة المثقفين، وهو الجندر هنا؟؟
الكتابة في المجال الإسلامي شأن قدسي حدد الموروث الكلاسيكي وضعها الاعتباري بدقة نادرة: الشعر ما قاله الأولون، النثر ما كتبه الأولون، وفوق ذلك كله فقد يكون ليس بالإمكان أحسن مما كان. وكان في البدء كلام الله الذي لا يمكن لأي خطاب أن يبعد عنه إلى حد إرساء قطيعة معه أو يقترب منه إلى حد التماهي معه و«الاختلاط» به إلا أن يكونا مارقين في اتجاهين يلقيان، على تضادهما الظاهر، في نقطة واحدة: السقوط في المحظور بشقيه القدسي والدنيوي.
هل يمكن تأسيس مكان للقول فيما وراء هذا الشِّرك محكَم النصب؟؟ هذا سؤال مطروح على الرجل، فما القول عندما يكون مزاول الكتابة «امرأة»، وللمرأة وضعها الاعتباري الآخر الذي لا داعي للإسهاب فيه؟ فهو مجال الحظر بامتياز...
وددت مما سبق الاتفاق مع أطروحة غربة المرأة الكاتبة في السياق العربي – الإسلامي، لكن، وفي الآن نفسه، اجتناب الانضمام إلى خانة ذارفي / ذارفات الدموع على هذا الوضع، واجتناب صياغة أي حل لهذا الوضع. ألم تكن للكتابة منذ البدء علاقة إشكالية مع الكون، فأحرى العالم أو المجتمع؟؟
محبتي
م. أسليـم

محمد المهدي السقال
08/11/2006, 04:26 AM
أظن أن الغربة قدرٌ لازم المفكرين في جميع الأزمنة. فالفكر نخبوي بالطبيعة، والمجتمع سيتوقف تلقائيا عن الاشتغال إذا ما تحول جميع الناس إلى مفكرين. هؤلاء يتأملون، يطرحون أسئلة حول الكون، الوجود، أنفسهم، المجتمع، يكتبون، فينتهي بهم المطاف إلى الوقوف على حقيقة أنهم أشباه كائنات شاذة وسط «القطيع».
يمكن صياغة هذه الحقيقة بكل اطمئنان مادام لم يوجد، منذ بدء الخليقة وحتى اليوم، مجتمع جميع أفراده مفكرون (بالمعنى الدقيق لكلمة فكر).
هذا معطى عامّ أوَّلٌ.
الثاني: في المجتمعات العربية التي لازال معظمها، إن لم تكن كلها، تعيش فترة ما قبل الحداثة، حيث نسبة الأمية من أشد النسب ارتفاعا في العالم، وحيث البداوة ليست منتشرة في معاقلها الأصلية فحسب، بل وتمارس أيضا زحفا على المدن بحيث يمكن التأكيد بكل اطمئنان أننا نعيش في هذه المرحلة الانتقالية عملية «ترييف للمدن»، يصير الإحساس بالغربة لدى كل مثقف أقوى ربما أقوى من إحساس مفكري سائر العصور والبقاع المتقدمة من معمور اليوم؛ في معرض الحديث عن إحدى الدول العربية لم يتردد أحد ألمع المختصين في العلوم المستقبلية، بل رئيس الهيأة الدولية لهذا الفرع المعرفي، في التأكيد أن 70% من الأساتذة الجامعيين للبلد موضوع حديثه أميون. كيف ذلك؟ لا أظن الأمر يحتاج إلى شرح طويل؛ الغالبية العظمى «تبيض بيضتها الذهبية» المسماة بـ «رسالة جامعية»، ثم تطلق عالم البحث والدراسة تطليقا، كالطفل الذي يحرص على دفاتره حرصا شديدا حتى إذا اجتاز الامتحان ونجح ألقى بالدفاتر في القمامتين: القمامة المادية وقمامة الذاكر ذاتها فلا يعود يذكر مما كان يحفظ عن ظهر قلب قبل الامتحان شيئا... إذا كان لأمر على هذا النحو لدى ما يُفترض أن يكونوا علية القوم وصفوة المجتمع، بحكم قلتهم العددية فيه، فماذا ننتظر من المعلمين والأساتذة في كافة أسلاك التعليم؟؟ !!! وقال الشاعر: «كاد المعلم أن يكون رسولا»...
إذا كان الأمر على هذا النحو عامة، فما القول عندما نستحضر أحد عناصر التصنيف داخل فئة المثقفين، وهو الجندر هنا؟؟
الكتابة في المجال الإسلامي شأن قدسي حدد الموروث الكلاسيكي وضعها الاعتباري بدقة نادرة: الشعر ما قاله الأولون، النثر ما كتبه الأولون، وفوق ذلك كله فقد يكون ليس بالإمكان أحسن مما كان. وكان في البدء كلام الله الذي لا يمكن لأي خطاب أن يبعد عنه إلى حد إرساء قطيعة معه أو يقترب منه إلى حد التماهي معه و«الاختلاط» به إلا أن يكونا مارقين في اتجاهين يلقيان، على تضادهما الظاهر، في نقطة واحدة: السقوط في المحظور بشقيه القدسي والدنيوي.
هل يمكن تأسيس مكان للقول فيما وراء هذا الشِّرك محكَم النصب؟؟ هذا سؤال مطروح على الرجل، فما القول عندما يكون مزاول الكتابة «امرأة»، وللمرأة وضعها الاعتباري الآخر الذي لا داعي للإسهاب فيه؟ فهو مجال الحظر بامتياز...
وددت مما سبق الاتفاق مع أطروحة غربة المرأة الكاتبة في السياق العربي – الإسلامي، لكن، وفي الآن نفسه، اجتناب الانضمام إلى خانة ذارفي / ذارفات الدموع على هذا الوضع، واجتناب صياغة أي حل لهذا الوضع. ألم تكن للكتابة منذ البدء علاقة إشكالية مع الكون، فأحرى العالم أو المجتمع؟؟
محبتي
م. أسليـم

الأخ والأستاذ
محمد أسليم
تحية تقدير
قبل السعي فيما قصدته من هذه المداخلة , ألتمس منك العذر في احتمال ما عنَّ لي بعد تأمل بعض العبارات , على أمل ألا أكون قد تعاملت معها بمعزل عن سياقاتها ,
سأبدأ بسؤال ظل يلح عليَّ , منذ ركبت هوس الكتابة مطية للارتحال إلى عوالم كنت أنسج ألوانها من وحي تخيلاتي المتماهية مع الواقع بأوسع قضاياه الوجودية :
هل الاغتراب اختيار أم اضطرار ؟
وهو سؤال مطروح على كل كائن مفكر بالقوة أو بالفعل , دون اعتبار للزمكان في شروطه التاريخية , أو احتساب لما يمكن أن يشكل مرجعا للنموذج المثال , و إلا تحقق السقوط في شرك إعادة الإنتاج عن وعي أو غير وعي .
لعلك لاحظت استعمالي لمصطلح " الاغتراب ", رغم أنه لم يرد في كلمتك البتة , رغبة في تجاوز لفظة " الغربة , باعتبارها في رأيي المتواضع لا ترقى إلى تمثل المعنى المتداول في شأنه ,
أما بعد :
" فالفكر نخبوي بالطبيعة " إذا كان القصد التميز والتمييز عن باقي الكائنات خارج دائرة الإنسان , أما إذا كان الأمر عائدا على الفصل داخلها , فإن ذلك قد يوحي بالميز على خلفية الاعتقاد في التسامي , وهو شكل من التعبير عن الكينونة يرفضه العقل قبل أن ترفضه الطبيعة.
أما و أن " البداوة ليست منتشرة في معاقلها الأصلية فحسب، بل وتمارس أيضا زحفا على المدن بحيث يمكن التأكيد بكل اطمئنان أننا نعيش في هذه المرحلة الانتقالية عملية «ترييف للمدن»، يصير الإحساس بالغربة لدى كل مثقف أقوى ربما أقوى من إحساس مفكري سائر العصور والبقاع المتقدمة من معمور اليوم "
فلا أرى كيف يمكن أن يكون النزوع من التبَدِّي نحو التحضر , مما يخشى على الفكر فيه , وجدلية الوجود تقتضي التحول وليس الثبات , وهنا أهمس فقط , ليت ما تأباه يتحقق , فيصبح الترييف واقعا في المدينة المعاصرة , فلربما انتفت علل الغربة , والتي لا تبدو إلا مفتعلة في سياق " التحضير " غير المرتبط بتربته الموضوعية... آنئذ , لا خوف على " من يفترض أن يكونوا علية القوم وصفوة المجتمع، بحكم قلتهم العددية فيه " لأنهم سيجدون تعبيرات أخرى عن كينونتهم , وهم داخل دائرة الإنسان وليس خارجها .
مرة أخرى , ألتمس منك العذر في احتمال ما عن لي بعد تأمل بعض العبارات , على أمل ألا أكون قد تعاملت معها بمعزل عن سياقاتها .
تحياتي الصادقة
محمد المهدي السقال
المغرب

محمد المهدي السقال
17/11/2006, 04:01 PM
أظن أن الغربة قدرٌ لازم المفكرين في جميع الأزمنة. فالفكر نخبوي بالطبيعة، والمجتمع سيتوقف تلقائيا عن الاشتغال إذا ما تحول جميع الناس إلى مفكرين. هؤلاء يتأملون، يطرحون أسئلة حول الكون، الوجود، أنفسهم، المجتمع، يكتبون، فينتهي بهم المطاف إلى الوقوف على حقيقة أنهم أشباه كائنات شاذة وسط «القطيع».
يمكن صياغة هذه الحقيقة بكل اطمئنان مادام لم يوجد، منذ بدء الخليقة وحتى اليوم، مجتمع جميع أفراده مفكرون (بالمعنى الدقيق لكلمة فكر).
هذا معطى عامّ أوَّلٌ.
الثاني: في المجتمعات العربية التي لازال معظمها، إن لم تكن كلها، تعيش فترة ما قبل الحداثة، حيث نسبة الأمية من أشد النسب ارتفاعا في العالم، وحيث البداوة ليست منتشرة في معاقلها الأصلية فحسب، بل وتمارس أيضا زحفا على المدن بحيث يمكن التأكيد بكل اطمئنان أننا نعيش في هذه المرحلة الانتقالية عملية «ترييف للمدن»، يصير الإحساس بالغربة لدى كل مثقف أقوى ربما أقوى من إحساس مفكري سائر العصور والبقاع المتقدمة من معمور اليوم؛ في معرض الحديث عن إحدى الدول العربية لم يتردد أحد ألمع المختصين في العلوم المستقبلية، بل رئيس الهيأة الدولية لهذا الفرع المعرفي، في التأكيد أن 70% من الأساتذة الجامعيين للبلد موضوع حديثه أميون. كيف ذلك؟ لا أظن الأمر يحتاج إلى شرح طويل؛ الغالبية العظمى «تبيض بيضتها الذهبية» المسماة بـ «رسالة جامعية»، ثم تطلق عالم البحث والدراسة تطليقا، كالطفل الذي يحرص على دفاتره حرصا شديدا حتى إذا اجتاز الامتحان ونجح ألقى بالدفاتر في القمامتين: القمامة المادية وقمامة الذاكر ذاتها فلا يعود يذكر مما كان يحفظ عن ظهر قلب قبل الامتحان شيئا... إذا كان لأمر على هذا النحو لدى ما يُفترض أن يكونوا علية القوم وصفوة المجتمع، بحكم قلتهم العددية فيه، فماذا ننتظر من المعلمين والأساتذة في كافة أسلاك التعليم؟؟ !!! وقال الشاعر: «كاد المعلم أن يكون رسولا»...
إذا كان الأمر على هذا النحو عامة، فما القول عندما نستحضر أحد عناصر التصنيف داخل فئة المثقفين، وهو الجندر هنا؟؟
الكتابة في المجال الإسلامي شأن قدسي حدد الموروث الكلاسيكي وضعها الاعتباري بدقة نادرة: الشعر ما قاله الأولون، النثر ما كتبه الأولون، وفوق ذلك كله فقد يكون ليس بالإمكان أحسن مما كان. وكان في البدء كلام الله الذي لا يمكن لأي خطاب أن يبعد عنه إلى حد إرساء قطيعة معه أو يقترب منه إلى حد التماهي معه و«الاختلاط» به إلا أن يكونا مارقين في اتجاهين يلقيان، على تضادهما الظاهر، في نقطة واحدة: السقوط في المحظور بشقيه القدسي والدنيوي.
هل يمكن تأسيس مكان للقول فيما وراء هذا الشِّرك محكَم النصب؟؟ هذا سؤال مطروح على الرجل، فما القول عندما يكون مزاول الكتابة «امرأة»، وللمرأة وضعها الاعتباري الآخر الذي لا داعي للإسهاب فيه؟ فهو مجال الحظر بامتياز...
وددت مما سبق الاتفاق مع أطروحة غربة المرأة الكاتبة في السياق العربي – الإسلامي، لكن، وفي الآن نفسه، اجتناب الانضمام إلى خانة ذارفي / ذارفات الدموع على هذا الوضع، واجتناب صياغة أي حل لهذا الوضع. ألم تكن للكتابة منذ البدء علاقة إشكالية مع الكون، فأحرى العالم أو المجتمع؟؟
محبتي
م. أسليـم

إلى
الأستاذ الدكتور محمد أسليم

حول الرد على مداخلة

أثار موضوع الأستاذة صبيحة شبر حول " اغتراب المبدعة العربية " , حوارا جادا تميز بملامسة الإشكالية والوعي بأبعادها ,
وقد حاولت المساهمة بمداخلتين ,
فكان الرد على الأولى من طرف صاحبة عرض القضية ,
بينما بقي الرد الثاني على مداخلة الأستاذ محمد أسليم , يتيما من غير متابعة ,
ولست أدري ,
إن كان الصمت دليلا على الرضاء بما طرحته بخصوص كلمته ,
أم أن الأمر لا يعدو أن يكون تجاهلا لما لم يستحق التوقف من جديد ,؟
ومن يدري ؟
فقد لا يكون الأمر من هذا أو ذاك , وأن المسألة ببساطة , عائدة إلى انشغالات الدكتور التي أتفهمها ,
وبالتالي , ليس بالضرورة أن تكون ثمة متابعة لكل مداخلة .

محمد المهدي السقال

صبيحة شبر
17/11/2006, 04:23 PM
أظن أن الغربة قدرٌ لازم المفكرين في جميع الأزمنة. فالفكر نخبوي بالطبيعة، والمجتمع سيتوقف تلقائيا عن الاشتغال إذا ما تحول جميع الناس إلى مفكرين. هؤلاء يتأملون، يطرحون أسئلة حول الكون، الوجود، أنفسهم، المجتمع، يكتبون، فينتهي بهم المطاف إلى الوقوف على حقيقة أنهم أشباه كائنات شاذة وسط «القطيع».
يمكن صياغة هذه الحقيقة بكل اطمئنان مادام لم يوجد، منذ بدء الخليقة وحتى اليوم، مجتمع جميع أفراده مفكرون (بالمعنى الدقيق لكلمة فكر).
هذا معطى عامّ أوَّلٌ.
الثاني: في المجتمعات العربية التي لازال معظمها، إن لم تكن كلها، تعيش فترة ما قبل الحداثة، حيث نسبة الأمية من أشد النسب ارتفاعا في العالم، وحيث البداوة ليست منتشرة في معاقلها الأصلية فحسب، بل وتمارس أيضا زحفا على المدن بحيث يمكن التأكيد بكل اطمئنان أننا نعيش في هذه المرحلة الانتقالية عملية «ترييف للمدن»، يصير الإحساس بالغربة لدى كل مثقف أقوى ربما أقوى من إحساس مفكري سائر العصور والبقاع المتقدمة من معمور اليوم؛ في معرض الحديث عن إحدى الدول العربية لم يتردد أحد ألمع المختصين في العلوم المستقبلية، بل رئيس الهيأة الدولية لهذا الفرع المعرفي، في التأكيد أن 70% من الأساتذة الجامعيين للبلد موضوع حديثه أميون. كيف ذلك؟ لا أظن الأمر يحتاج إلى شرح طويل؛ الغالبية العظمى «تبيض بيضتها الذهبية» المسماة بـ «رسالة جامعية»، ثم تطلق عالم البحث والدراسة تطليقا، كالطفل الذي يحرص على دفاتره حرصا شديدا حتى إذا اجتاز الامتحان ونجح ألقى بالدفاتر في القمامتين: القمامة المادية وقمامة الذاكر ذاتها فلا يعود يذكر مما كان يحفظ عن ظهر قلب قبل الامتحان شيئا... إذا كان لأمر على هذا النحو لدى ما يُفترض أن يكونوا علية القوم وصفوة المجتمع، بحكم قلتهم العددية فيه، فماذا ننتظر من المعلمين والأساتذة في كافة أسلاك التعليم؟؟ !!! وقال الشاعر: «كاد المعلم أن يكون رسولا»...
إذا كان الأمر على هذا النحو عامة، فما القول عندما نستحضر أحد عناصر التصنيف داخل فئة المثقفين، وهو الجندر هنا؟؟
الكتابة في المجال الإسلامي شأن قدسي حدد الموروث الكلاسيكي وضعها الاعتباري بدقة نادرة: الشعر ما قاله الأولون، النثر ما كتبه الأولون، وفوق ذلك كله فقد يكون ليس بالإمكان أحسن مما كان. وكان في البدء كلام الله الذي لا يمكن لأي خطاب أن يبعد عنه إلى حد إرساء قطيعة معه أو يقترب منه إلى حد التماهي معه و«الاختلاط» به إلا أن يكونا مارقين في اتجاهين يلقيان، على تضادهما الظاهر، في نقطة واحدة: السقوط في المحظور بشقيه القدسي والدنيوي.
هل يمكن تأسيس مكان للقول فيما وراء هذا الشِّرك محكَم النصب؟؟ هذا سؤال مطروح على الرجل، فما القول عندما يكون مزاول الكتابة «امرأة»، وللمرأة وضعها الاعتباري الآخر الذي لا داعي للإسهاب فيه؟ فهو مجال الحظر بامتياز...
وددت مما سبق الاتفاق مع أطروحة غربة المرأة الكاتبة في السياق العربي – الإسلامي، لكن، وفي الآن نفسه، اجتناب الانضمام إلى خانة ذارفي / ذارفات الدموع على هذا الوضع، واجتناب صياغة أي حل لهذا الوضع. ألم تكن للكتابة منذ البدء علاقة إشكالية مع الكون، فأحرى العالم أو المجتمع؟؟
محبتي
م. أسليـم
الاخ العزيز
اتفق معك ان للكتابة ظروفها ، وان الكاتب محكوم بالغربة
ولكني اتحدث عن العالم العربي الاسلامي حيث ان الغربة مضاعفة
بالنسبة للرجل ، فكيف يكون الحال للمراة والمبدعة ايضا ؟
لابد انها تعاني الغربة بمختلف اشكالها
السياسية والاجتماعية وكونها امراة ايضا
اشكرك على المشاركة
دمت بخير

محمد أسليم
12/12/2006, 02:03 AM
سأبدأ بسؤال ظل يلح عليَّ , منذ ركبت هوس الكتابة مطية للارتحال إلى عوالم كنت أنسج ألوانها من وحي تخيلاتي المتماهية مع الواقع بأوسع قضاياه الوجودية :
هل الاغتراب اختيار أم اضطرار؟
أخي العزيز،
لك أولا جزيل الشكر لتفاعلك مع هذه الوجهة للنظر. سؤالك هذا يبدو لي بمثابة شرك يكاد يعادل سؤال أيهما أسبق: البيضة أم الدجاجة؟ فالصيغة السابقة (الاغتراب) تنحو بالتأمل إلى توريط الذات في مسألة الغربة. كأن للغربة والذات وجودين منفصلين، كان بإمكانهما ألا يلتقيا إطلاقا لو لم تقم هذه الذات بينها وبين محيطها، بل وربما حتى بينها وبين نفسها مسافة جعلتها تشعر بمعاناة تصب في النهاية في الإحساس بـ «الغربة». الذات، في هذا المستوى، تبدو مسؤولة عن إحساسها ومعاناتها، ولعل اعتراضك على طرح «ترييف المدن» يصب في هذا الاتجاه. هكذا تبدو لي الأمور دون أن أستشير أي معجم ولو أن هذه العودة تكون ضرورية أحيانا لأن القواميس تشي لنا بالتعثرات الأولى للغة، للعلاقات الأولى للإنسان بالوجود.
في تقديري، الغربة شرط وجودي، إحساس ملازم للإنسان مثل ظله، لا يحول بينه وبينه سوى وهم الارتباط بالأرض فيما الحياة الحقيقية أكبر وأوسع من هذا المقام الذي قد لا يعدو مجرد ذرة في كون قد يستحيل علينا علىالدوام تبين حدوده وجوهره..



" الفكر نخبوي بالطبيعة " إذا كان القصد التميز والتمييز عن باقي الكائنات خارج دائرة الإنسان, أما إذا كان الأمر عائدا على الفصل داخلها, فإن ذلك قد يوحي بالميز على خلفية الاعتقاد في التسامي, وهو شكل من التعبير عن الكينونة يرفضه العقل قبل أن ترفضه الطبيعة.

في تقديري، ثمة طريق من شأنه أن يختصر رفع هذا اللبس. ما منشأ النعوت والصفات؟ هي يكفي أي امرئ أن يصف نفسه بـ «العالم» كي ينال هذه الصفة؟
العمل الفكري اختلف على الدوام عن العمل الجسدي بتطلبه مداومة الجلوس والاختلاء والقراءة، وبالتالي الانفصال بهذا القدر أو ذاك عن ضجيج الحياة اليومية وصخبها، وما كل أفراد المجتمع يقومون بهذا، ليس لعجز أصلي في الشرائح التي تزاول أشغالا يدوية، ولكن لأن اعتباطا ما، نشأ من مكان ما، شاء للمجتمع أن يسير على هذا النحو، أن يوزع الأدوار والمهام بين أفراده بحيث يتوقف عن السير إذا ما اشتغل الجميع بالتفكير والقراءة والكتابة ويتوقف كذلك عن الاشتغال إذا ما زاول جميع أفراده حرفا وأعمالا يدوية.
أراد سُقراط قلب هذا النظام بإنزال الفكر من برجه العاجي إلى الساحة العمومية، فقدم له المجتمع المكافأة التي نعرف جميعا، هي مكافأة غير متوقعة تماما. هل الرقمية الآن بصدد إحياء سقراط من رفاته؟ سؤال وحده المستقبل كفيل بالإجابة عنه.
في انتظار عودة لمسألة ترييف المدن،
محبتي

د. جمال مرسي
12/12/2006, 08:44 PM
الأخت الكريمة صبيحة شبر
أعتذر عن عدم متابعة هذا الموضوع الشيق من بدايته
و ما أن وقعت عيناي عليه اليوم وجدتني ألهث وراء كل حرف فيه معجباً بأسلوبك الرشيق في العرض و التحليل و المناقشة .
و أقول أن الأدب الانساني لا يتدزأ و لا يمكننا تقسيمه لأدب المرأة و أدب الرجل
فالرسالة واحدة و أسباب الابداع لا تتجزأ
و معاناة الطرفين تكاد تكون متشابهة و إن زادت قليلا على المرأة بحكم مسؤلياتها الأنثوية كما تفضلتِ
لكن أعتقد أن المبدع لا يحده زمان و لا مكان و الظروف النفسية و الاجتماعية المحيطة به ربما تكون سببا في ازدياد تألقه إبداعياً .
و أنا على سبيل المشاعر بل و معظم الشعراء تخرج أشعارهم من رحم المعاناة مثقلة بهمومنا و هموما أوطاننا مهما أختلفت جنسياتنا و مذاهبنا .
و اذكر أن ديواني الأول كان وليد الغربة ( الاختيارية و الإجبارية في نفس الوقت ) و لذا فقد حملته اسم غربة ليكون شاهدا على المعاناة التي يحس بها الأديب و المثقف و المبدع خارج وطنه الأم فتمنحه المزيد من الابداع كما لو كان في حضن وطنه تحت ظروف نفسية و اجتماعية أفضل .
أما أن يأتي المبدع أو المبدعة بما قد لا يفهمه الآخرون و كأنه يعيش في عالمه هو فقط فهذه المشكلة أصبحنا نعاني منها كثيرا حتى على مستوى المثقف العربي و أذكر أننا في إحدى الأمسيات الشعرية لشاعر عربي كبير دخلنا و خرجنا كما دخلنا لم نفهم شيئاً من طلاسمه و لما سألناه كان الجواب محزنا لنا جميعا " أنا لا يهمني أن يفهمني الجيل الحالي ، فقد تفهم أعمالي بعد خمسين أو مئة عام "
حينها تساءلنا ... لمن نكتب إذاً ؟
تحية طيبة
و موضوع شيق
تقبلي الود
د. جمال

صبيحة شبر
12/12/2006, 09:49 PM
الأخت الكريمة صبيحة شبر
أعتذر عن عدم متابعة هذا الموضوع الشيق من بدايته
و ما أن وقعت عيناي عليه اليوم وجدتني ألهث وراء كل حرف فيه معجباً بأسلوبك الرشيق في العرض و التحليل و المناقشة .
و أقول أن الأدب الانساني لا يتدزأ و لا يمكننا تقسيمه لأدب المرأة و أدب الرجل
فالرسالة واحدة و أسباب الابداع لا تتجزأ
و معاناة الطرفين تكاد تكون متشابهة و إن زادت قليلا على المرأة بحكم مسؤلياتها الأنثوية كما تفضلتِ
لكن أعتقد أن المبدع لا يحده زمان و لا مكان و الظروف النفسية و الاجتماعية المحيطة به ربما تكون سببا في ازدياد تألقه إبداعياً .
و أنا على سبيل المشاعر بل و معظم الشعراء تخرج أشعارهم من رحم المعاناة مثقلة بهمومنا و هموما أوطاننا مهما أختلفت جنسياتنا و مذاهبنا .
و اذكر أن ديواني الأول كان وليد الغربة ( الاختيارية و الإجبارية في نفس الوقت ) و لذا فقد حملته اسم غربة ليكون شاهدا على المعاناة التي يحس بها الأديب و المثقف و المبدع خارج وطنه الأم فتمنحه المزيد من الابداع كما لو كان في حضن وطنه تحت ظروف نفسية و اجتماعية أفضل .
أما أن يأتي المبدع أو المبدعة بما قد لا يفهمه الآخرون و كأنه يعيش في عالمه هو فقط فهذه المشكلة أصبحنا نعاني منها كثيرا حتى على مستوى المثقف العربي و أذكر أننا في إحدى الأمسيات الشعرية لشاعر عربي كبير دخلنا و خرجنا كما دخلنا لم نفهم شيئاً من طلاسمه و لما سألناه كان الجواب محزنا لنا جميعا " أنا لا يهمني أن يفهمني الجيل الحالي ، فقد تفهم أعمالي بعد خمسين أو مئة عام "
حينها تساءلنا ... لمن نكتب إذاً ؟
تحية طيبة
و موضوع شيق
تقبلي الود
د. جمال
المبدع العزيز الدكتور جمال مرسي
اشكرك على الاضافة الجميلة
بعض الناس لايفهم كلامه لانه بقصد التغريب
او انه لايملك شيئا يقوله
والبعض الاخر يفهمه بعض المثقفين
ولكن هل من واجب المبدع ان يكون سهلا مباشرا
كي يفهمه الجميع ؟
اظن ان لكل كاتب جمهوره كما يقولون
والا لم يكتب ان كان لايرغب بقراءة اعماله ؟
مودتي الخالصة ايها الاخ العزيز