المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة (اخبار بلا صوت)



د- صلاح الدين محمد ابوالرب
02/11/2006, 10:34 PM
أخبار بلا صوت


من المجموعة القصصية اخبار بلاصوت


يحتد النقاش، وترتفع الأصوات في جميع أمور الحياة ،عندما يجتمع كبار السن في العمارة، في إجتماع شبه يومي في شقة أحدهم ... وفي ذلك اليوم سار كل شىء كما كان يسير في الماضي ، نفس طريقة النقاش ، نفس اللهجة ، نفس النبرة العالية من الصوت، ولكن وفي لحظة شرود عابرة ... سرق أحدهم نظرة لجهاز التلفزيون وهو يقدم نشرة الأخبار طبعاً بلا صوت حتى لا يغطي صوت المذيع على أصواتهم ..

لقدكانت الصور المرافقة للخبر هي التي بدأت تشد إنتباهه، فصمت وتوقف عن متابعة حديثه الذي كان قد بدأه ، ولما كانوا يسمعون وينتظرون بقية الكلام ، انتبهوا لصمته وتابعوا نظراته التى كانت متسمرة بجهاز التلفاز.. يسود الصمت والكل يتابع المناظر، ويراقب الصور التى استمرت بالظهور ، منهم من كان يمتص الدخان من سيجارته، وقد نسي أنه لا يلبس طقم الأسنان ، فيزداد تجويف خده للداخل مع شدة الإنفعال.... ويتمتم أحدهم ( لكم الله يا أهل فلسطين لقد دمرت بيوتكم )...

ويرد الآخر( أنظر للجندي قاتله الله كيف يسحب الشاب ليدخله في عربة الإعتقال..قطع الله يدك يا بعيد)... ويشرب الشاي، وفجأة يرتفع صوت أحدهم بحدة الثائر،،،(..اريد ملعقة سكر الا يكفي المرارة التي نشعر بها في بكاء هذه المرأة الفلسطينية التي تذكرنا بمرارة عام 48 وقسوة 68.)...وتحشرج صوته ،وبدأت دمعه تتحرك على وجنته وهو ينظر لشوارع البلدة القديمة ، للجدران، للأطفال .. شهق صاحب السيجارة وهو يرى الجنود تنهال بالبنادق ضرباً على شيخ وصل التراب لشعرات لحيته البيضاء، وخلفه صبية صغيرة تبكي لما يفعلوه بجدها الشيخ الكبير ..

سحب نفساً طويلاً وقال الا يكفي العذاب والمرارة، حتى تجعلونا نتفرج على أخبار الدمار في فلسطين، وتخفون صوت الجهاز، بالله عليك ارفع الصوت قليلاً حتى نسمع ما يحدث في فلسطين ... ويرتفع الصوت شيئاً فشيئاً.... علا صوت المذيع وهو يقول " كانت هذه الصور، هى أثار الدمار والخراب اللذي تركته احداث هذا اليوم في بغداد..."

فتح الجميع أفواههم وصمتوا مشدوهين.وسقطت السيجارة من فم الشيخ المسكين ....

اشرف الخريبي
09/11/2006, 12:42 PM
جميل هذا النص
يختزل الزمن ويعتمد بنية مكثفة وموحية
مبدعة
فتح الجميع أفواههم وصمتوا مشدوهين.وسقطت السيجارة من فم الشيخ المسكين ....
وجميلة النهاية من الناحية الفنية


محبتى
اشرف

د- صلاح الدين محمد ابوالرب
09/11/2006, 07:35 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الفاضل أشرف الخريبي

جميل تعليقك
ومشكور مرورك
وكلماتك هي البديعة

زاهية بنت البحر
10/12/2006, 11:01 AM
ويعيد التاريخ نفسه , وصورتتوالى صامتة ,والناس من ألمهم شاخصون لايستطيعون فعل شيء ,إلى متى سيستمر هذا الصمت , والجثث تملأ الشوارع لايفرقون بين صغير ولاكبير ؟الشاهد على التاريخ مازال حيًا ..سيروي لأحفاده ماكان ,وليته يشهد ماسيكون رغم ارتجاف سنوات عمره بالحزن ,والوجع والخوف ..مشيتُ بحسرتي في مدامع الثكالى وشرايين المبتلين ,لأسمع هدير الثورة في بركانٍ غائرٍ لايستكين..
خرجت بانطباعٍ خاص من هذه القصة..ولكم أخشى أن يعيد التاريخ نفسه مراتٍ ومراتٍ وتتساقط السجائر من أفواه المسنين مرات ومرات..أيضًا ..
لك شكري وتقديري أخي المكرم د.صلاح الدين محمد أبو الرب
أختك
بنت البحر

عبلة محمد زقزوق
10/12/2006, 11:25 AM
لن أنكر على نفسي دهشتي وسقوط فكي لإسفل عدة مرات عندما اشاهد التلفاز بصمت عندما يخيب ظني واكتشف ان الأحداث الدامية والتي ارى صورها امامي ما هي إلا بأرض عربي آخر دارت الدوائر عليها هي الأخرى .
تقديري لمداد وحرف صادق جاء في صورة قصة مشوقة جمعتنى انا وافراد العمارة بتلك الشقة عالية الذكر .
مع وافر التقدير أخي الفاضل د.صلاح الدين محمد أبو الرب

مصطفى لغتيري
10/12/2006, 06:01 PM
قوة الرسالة التى تغيى الكاتب إيصالها ،لم تؤثر أبدا على فنية القصة..
مثير توظيفك أخي د صلاح الدين لتكسير أفق انتظار القارئ ،لتعميق الرسالة.
فما يحدث في فلسطين هو نفسه ما يحدث في العراق إن لم يكن قد تجاوزه..
وكأني بالكاتب يربط بين مصير الدولتين ،والمسكوت عنه المصير العربي بأكمله،لاحظ مثلا التذكير بحربي 48 و67 ..
التماهي بين المأساتين يشير أن المتسبب فيهما واحد وإن اختلفت الأسماء.
لقد أبدعت ياصديقي.
تحياتي القلبية.

د- صلاح الدين محمد ابوالرب
11/12/2006, 07:43 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفاضلة زاهية بنت البحر
ان كان التاريخ يعيد نفسه
فسيندحرون
سنرفع رؤسنا من جديد
المشكلة متى سيعيد التاريخ نفسه؟
وهل يعيد التاريخ نفسه بارادته؟
والاهم هل نحن نستحق ان يعيد التاريخ نفسه لاجلنا؟
خذى صورة مغايرة لمجلس العجائز ..وقد تكون في الشقة المجاورة او حتى في غرفة الابناء المجاورة
وهم يتفرجون على قنوات ذوات الرايات الحمر؟؟؟؟
شكرا على مرورك وعلى كلماتك الحية دائما
تحية

د- صلاح الدين محمد ابوالرب
11/12/2006, 07:47 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفاضلة عبلة محد زقزوق
وتقديري واعتزازى لمرورك على هذه الكلمات
ولك الشكر
تحية

د- صلاح الدين محمد ابوالرب
12/12/2006, 07:50 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفاضل مصطفى لغتيري
ان عمق قراءتك للنصوص جميل جدا بل هو نص ابداعي بذاته
ان اكثر ما نخشاه ان يكون الالتباس فيما بعد بين اكثر من مدينه لا قدر الله
اشكرك على مرورك
تحية