المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حوار حول القصة القصيرة جدا بمناسبة صدور مظلة في قبر



مصطفى لغتيري
03/11/2006, 12:44 AM
أجرى الحوار أحمد شكر.

مصطفى لغتيري قاص ينتمي إلى الجيل الجديد ..له الآن ثلاث مجاميع قصصية،أبدع و يبدع في القصة القصيرة ،والقصة القصيرة جدا ،كما يعمل على تقديم أعمال إبداعية بطريقته التذوقية الراقية ،بمناسبة صدور عمله الأخير مظلة في قبر كان هذا الحوار.

*قبل صدور العمل الجديد مظلة في قبر هناك إصرار على الحضور، وهناك مراكمة لمتن حكائي، ثلاث مجاميع قصصية ليس بالأمر الهين،كيف تقيمون الموضوع؟
- من خلال متابعتي للوضع الثقافي بشتى تجلياته،استنتجت أن الكاتب ملزم بالحضور الإيجابي والنوعي ..بمعنى أن ليس كل حضور مرغوبا فيه ،بل الحضور الذي يساهم في إثراءالمشهد الثقافي،من خلال المتابعة والتفاعل الإيجابي مع مختلف النصوص التي تجود بها قرائح مبدعينا،لهذا لا أتوانى في التعريف بالإبداع المغربي من خلال قراءات عاشقة للمتون الجديدة على الخصوص.أما فيما يتعلق بالتراكم الذي تحدثتم عنه،فأرى أن على الكاتب ،مادام اختار هذا الطريق الشاق ،عليه أن يسعى إلى مراكمة قدر من النصوص ،يساعد لا محالة – على رسم ملامحه الخاصة إبداعيا،ولا يتأتى ذلك إلا بالإصرار والعمل المستمر والمضني.

* هل أنتم راضون على الطريقة النشر والتوزيع التي تم بها إيصال مجاميعكم الثلاث إلى القارئ ؟
- أظن أن المعضلة الأساسية التي يعاني منها الكاتب في المغرب هي معضلة النشر، فالجميع أصبح على بينة من طبيعة العلاقة الملتبسة والمبهمة بين النشر والكتاب، لهذا – في رأيي – التجأ الكاتب المغربي إلى النشر الذاتي ، ورغم المجهودات المبذولة من طرف القطاع الحكومي في هذا المجال وخاصة فيما يتعلق بالكتاب الأول ، فإنه مطالب بالبحث عن صيغ أخرى لدعم الكتاب المغربي . أما بخصوص التوزيع ،فالملاحظ أن الكتاب لا يصل إلى القارئ المستهدف ،لهذا أرى أن تنكب وزارة الثقافة واتحاد كتاب المغرب على عقد شراكة مع وزارة التعليم لتوجه هذه الأخيرة مذكرات إلى مندوبيها قصد الإنفتاح أكثر على الكتاب المغربي و تشجيع الكتاب على الإلتقاء المباشر مع التلاميذ والطلبة والأساتذة للترويج للإبداع المغربي.

*كتابة القصة القصيرة جدا شكل كتابي أملته مجموعة من الشروط، كما أن هناك قلة من الأسماء أبدعت فيه .وها أنتم تنضمون إليهم لتعزيز الصفوف.كيف وجدتم ذلك ؟
- بالفعل إن القصة القصيرة جدا استقطبت في المدة الأخيرة أسماء عديدة ،خاصة من الجيل الجديد من الكتاب ،فهناك أسماء عرفت مجاميعهم القصصية النور و هم سعيد منتسب ومحمد تينفو وعبد الله المتقي ومصطفى لغتيري،ومنهم من ننتظر بفارغ الصبر أن يتجشموا عناء إصدار نصوصهم في كتب .الحقيقة إن انضمامي إلى كتاب القصة القصيرة جدا أسعدني ،أولا لأنني أكن الإحترام لهذه الأسماء المبدعة ،ثانيا لأنني استطعت أن أطور تجربتي الإبداعية بالدخول إلى مجال في الكتابة أجزم أنه يكشف إلى أي حد يكون الكاتب متمكنا من أدواته التقنية في الكتابة،وثالثا للإستقبال الجيد الذي حضيت به المجموعة من طرف الكتاب أولا والقراء ثانيا.

* كيف هو حضور القصة القصيرة جدا في الساحة الإبداعية الوطنية ؟
- يوما بعد يوم يتعزز حضور هذا الجنس الإبداعي في الساحة الوطنية ،فبفضل انفتاح الكتاب على ما يروج في الساحة الأدبية العالمية ،ونتيجة للزخم الإبداعي الذي يعرفه مشهدنا الثقافي ،كان لابد أن يدلو الأدب المغربي بدلوه في هذا المجال . والمتتبع لمسار السرد المغربي يلاحظ أن القصة القصيرة جدا إضافة نوعية في المتن المغربي . فخصائصها الجمالية والتقنية أهلتها لاكتساب مكانة خاصة في الإبداع المغربي ،وهي واعدة على أكثر من مستوى ،لهذا أتوق شخصيا ،إلى تخلص بعض الكتاب من ترددهم للمساهمة في إغناء هذا النوع من الكتابة ، فهو بصراحة يفتح كوى جديدة على الذات والعالم ،إنه يتيح للكاتب اقتناص بعض اللمعات التي لا يمكن صوغها إلا ضمن هذا الجنس الأدبي.

* ماهي مساحات التقاطع بين قصيدة النثر والقصة القصيرة جدا ؟
- رغم قلة الإنتاج النقدي المهتم بالقصة القصيرة جدا في بلادنا ،إلا أننا نستطيع أن نتلمس بعض الخصائص المميزة لهذا الفن،ومن بينها التقاطع مع الأجناس الأدبية الأخرى،ومن بينها قصيدة النثر ،وهكذا يمكن القول إن القصة القصيرة جدا تستفيد من الشعر عامة على مستوى التكثيف ،أي في في بناء الجملة،وبالتالي فهي توظف الرمز والصورة وما إلى ذلك ،لكن يجب التنبيه إلى أن هناك فروقا جوهرية بينهما ،فالقصة القصيرة جدا تفقد هويتها إذا ما فرطت في سرديتها عكس قصيدة النثر،والحكاية نسغها،لذا نلاحظ أن الكثيرين ممن غامروا بكتابتها دون وعي بماهيتها،انزلقوا نحو الخاطرة أو قصيدة النثر.

*”مظلة في قبر” تستند في جزء كبير منها على التاريخ ،وتستحضر شخصيات تاريخية.إلى أي حد يتجاور التاريخي والإبداعي ،وكيف التلاقح بينهما ؟
- بالفعل ،لقد استندت بعض النصوص على التاريخ ليرفدها ببعض أحداثه و شخصياته ،حتى يسعفها ذلك في الإنكتاب وتعميق البعد الدلالي للمكتوب.ولا أخفيك أن الالتجاء إلى ذلك حتمته ضرورتان ،الأولى تقنية أعني أسلوبية والثانية دلالية .فيما يخص الجانب التقني ،فالقصة القصيرة جدا ،نظرا لقصر حجمها ،لا تسعف الكاتب في بناء شخصياته ،لهذا يتم التحايل على هذا الجانب باستدعاء شخصية من التاريخ مرسخة في ذهن القارئ ، فيكفي الإشارة إلى اسم الشخصية مثلا حتى ينبني لدى القارئ تصور حول الشخصية ،فيتخلص الكاتب من إحراج بناء الشخصيات، إذ يكفيه آنذاك الاشتغال على الجانب الذي يهمه في هذه الشخصية وهو غالبا ما يكون عرضيا ،لم يلفت إليه الاهتمام من قبل ،ولعل هذا ما يفجر الدهشة لدى المتلقي..أما من الناحية الدلالية ، فأرى أنه من العيب عدم استغلال المعطى التاريخي لأنه يزخر بالمعاني ،فإن حسن توظيفه سيغني –لا محالة- البعد الدلالي والإيحائي للنصوص.

* قصة “متاهة” حوار جميل مع الكتب في اقتفاءأثار نورها ،ألا يمكن تحوير ذلك واستحضار الكتابة في بحثها عن الانكتاب ؟
- إن خاصية الأدب الأكثر تألقا هي القابلية للقراءات المتعددة .وبالفعل يمكن النظر إلى القصة من هذه الزاوية ،فأنت تعرف جيدا ،بحكم ممارستك للكتابة الإبداعية،أن الكاتب ،مهما سود من صفحات يبقى دائما في صراع مرير مع الكتابة،تستفزه العبارة والكلمة بل والحرف في بعض الأحيان .إن الحوار الذي تحدثت عنه في القصة يحتفي بالقراءة في المقام الأول ،فلا كتابة بدون قراءة ،أقصد القراءة العميقة التي لا تكتفي بقراءة واحدة للنص بل تلك التي تعاني أشد العناء في اكتناه معاني النص وأشكاله الأسلوبية من خلال تكرار عملية القراءة مرات متعددة.

* يحضر الكتاب كمادة قصصية بكثرة في هذه المجموعة. هل ذلك تعبير عن سعة أفق وعن مقروء جيد أم هو توظيف لتراث بهي يزداد تألقا مع الأيام ؟
- تحضرني في هذا الصدد مقولة تعتبر الكتابة في أحد أبعادها عملية تناص مع نصوص سبقتها ،واستحضار كتب الذين سبقونا ترمي إلى أهداف متعددة ،منها ما هو جمالي فني ومنها ما هو دلالي معرفي ،فاختيار الكتاب الذي توظفه القصة لا يخلو من مقصدية ،فقد تكفي الإشارة إلى التوحيدي لتتداعى لدى القارئ مجموعة من الدلالات، لهذا فأنا أتفق معك في الجزء الثاني من السؤال ،فتوظيف التراث بشتى أشكاله وفي بعده الانساني يضفي على الكتابة ألقا يجعلها قريبة من الوجدان.

* إلى جانب استحضار المقروء ناقشت في إحدى القصص “احتمالات” صفة المثقف .ما هي صفات المثقف في نظرك اليوم .وهل بقي له من دور؟
- سأكون واهما إذا تحدثت عن المثقف بمعناه العضوي ،ذلك الذي يؤثر في المجتمع ويغيره ،فلقد استفاق الكثيرون من الأوهام وأصبح مجال المناورة لدى المثقف ضيقا إلى أبعد الحدود ،ولكن هذا لا ييعني أنني لا أومن بدور للمثقف . فمثلا بالنسبة للأديب أظن أنه يكفيه فخرا أن يطور أساليبه في الكتابة ويمضي بها قدما نحو الأمام ،لأن هذا يؤثر على الذائقة الأدبية لدى القراء وبالتالي فهو يقوم بدور في ترسيخ ثقافة التحديث والحداثة إن أقنع القراء بنصه ،ثم أومن كذلك بأن الحاسة النقدية لدى المثقف يلزمها أن تظل حادة كالسكين ،لأن ذلك ما يجعله محافظا على هويته كمثقف.

* من بين 57 قصة تضمها المجموعة هناك ثلاثة عناوين فقط تتكون عناوينها من كلمتين أما الباقي فهي مصوغة من كلمة واحدة .كيف يحضر العنوان في مجموعتكم .وماهي قوة إيحائه ؟
-تعتبر العناوين بالنسبة إلي وخاصة في القصة القصيرة جدا أساسية إلى حد بعيد،فهي تنتمي عضويا إلى النص ،بمعنى إن أي عنوان يصعب تغييره بغيره إلا في حالات قليلة جدا.في هذا النوع من الكتابة أراهن على التماسك العضوي بين العنوان والنص،بحيث تكون الدلالة مرتبطة إلى حد كبيربالعنوان،فلا أخفيك أن العناوين تطلبت مني جهدا كبيرا في بعض النصوص.

شوقي بن حاج
18/10/2008, 03:01 PM
الأستاذ / مصطفى لغتيري

حوار ثري يعد إضافة في منتدى ق.ق.ج في واتا

إنه يضفي التراكمية هنا ...

تقبل تحياتي

ناهد يوسف حسن
18/10/2008, 03:21 PM
حوار ممتع ومفيد مع الأديب المغربي
مصطفى لغتيري
تطرق فيه لأهم العوائق التي تقف أمام الكتاب في الكتابة والنشر
دام إبداعك أستاذ مصطفى لغتيري
ومبارك صدور
"مظلة في قبر"
وإلى مزيد من العطاء