المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكايات من دمشق القديمة....



ريمه الخاني
09/07/2007, 01:17 PM
حكايات من دمشق القديمة....

http://univers-art.arabfunart.com/sirya_art2.jpg

(1)

أم فهمي..

نظر في فضاءها الرحب...
ونظر في مكانه...
ارتدى ملابسه...وعزم على زيارة أحياء مدينة دمشق القديمة...
اشتاق إلى منزل أجداده هناك...في حي القاعة الشهير من منطقة الميدان...حتى بئر السوق منه ....
كان له هناك ذكريات كثيرة...
معظم أهلها القدامى هجروها للحداثة...
جردتهم من أصولهم..لتزرع زيفا جميلا أضفت لهم لونا جديدا غير دافئ...
رائحة الماء المرشوش أمام المحال التجارية جعلته يتنفس بعمق..يشم هواء لن يجده في أي بقعه من العالم..
وصوت الفيروزيات وعبد الوهاب وأم كلثوم تتعانق لتشكل لوحة موسيقيه نادرة...
بوظة بكداش مع النسمات الباردة لم تترك من الشوق بقيه إلا أن يتذوقها ...رغم أن أمورا كثيرة تغيرت كوجوه الزبائن...لكنها لم تنقص من روعتها...
بيتهم الكبير العربي. .مازال يسمع منه صوت الأطفال صوت النسوة...طعم شجر الليمون...وجميع نسوته ينظفونه معا بمياه الفيجه العذبه...
يطبخون سويه...رائحة الطعام مازالت عالقة...
قد أبعدته عن كل هذا ظروف خارجه عن إرادته...
حسرة ما قبعت داخله تنهش عظامه...
لمح من بعيد امرأة بعباءتها الدمشقية القديمة السوداء....
.تقترب منه يبطئ...
نظر إليها قليلا..
.إنها رائحة الماضي...
ثم أشاح بنظره بعيدا يبحث عن بقية المشهد....
عندما أسرعت وأمسكت بتلابيبه...وكأنها رجل يقبع تحت السواد...
-أنجبت لك 8 أولاد....ولا تسلم؟يا خسارة العشرة...

تلملم أهل الحي...
-يا حيف على الرجال...
اندهش من هول المفاجأة...
وهي مازالت تكمل...
لم تعد تذكرني؟ حقك خرجت من حي الميدان ولم تعد تريد أن ترجع لأصلك...
حاول أن يفلت...
أتذكر كيف كنت تناديني عند ولادة أي طفل في عائلتك؟وكنت نسيت الموسى التي ولدت فيها 5000 طفل؟
كيف نهرتني ووبختني وقلعتني؟
الزحام يزداد....وهمهمة المارة يتصاعد...

صامت...
أنا الدايه أم فهمي ..بعد المستشفيات ما عاد أحدا يتعرف علي...
يا خسارة العشرة...
النساء ينكرن العشير؟والله عالمنا صار كله نساء...
قبل الأرض ومضى....


http://www.marmarita.com/images/upload/store/dams66_1.jpg
(2)
القدر يدق الباب...
كل يوم تقبع في غرفتها...تقلب أوجاعها بصمت...قيل لها الدين والأخلاق زينه...وهي مازالت على عهدها...
خرجت إنسانة قويه من هذا الجسد الناقص..
.قائدة لمجموعة رائعة من الفتيات...هي أكبرهن...
قد كانت يد والدتها اليمنى في التربية...
جميلة كانت...
أحلامها رسمتها لنفسها وحدها...تخصها فقط...
لكن حزنا ما قابع في داخلها صامتا لا ينطق...
صدئ بحنان...
دفاترها...لم يقرأاها أحد...
ودموعها جفت وغابت بإصرار...
أقوياء نحن عندما نحب أن نتحدى الظروف..
وما أضعفنا عندما نستسلم لها ...
دق الباب فجأة...
- هل هنا منزل فلان؟
- لا يا أخي غلطان
أدخلتها والدتها بعنف...
- منذ متى ونخرج بكاملنا ليرانا الغريب؟؟؟
حتى ولو لبسنا غطاء الصلاة...ينقصنا كلام الناس...

دخلت لم تنبث ببنت شفه...
منذ ذاك الوقت لم يعد الهاتف يصمت...
-ابني يريد خطبة ابنتك أختي..سبحان الله...

هي مخطوبه..لسنا بحاجة للمال لنزوج بناتنا...
-يا أختي الزواج إكمال للدين...
الإلحاح يأكل قلب ذاك الشاب ولم ييئس حتى ملته أمه...
أريدها....
وبعد جهد جهيد...
-البنت غير طبيعيه .ينقصها 5 أصابع في اليد...
أمي أريدها....

أم فراس

سمير الشريف
10/07/2007, 02:28 AM
الحنين للماضي ، أكان طفولة أم مكانا أم شخصيات حفرت بآثارها عميقا في ذاكرتنا، أصبحت فرعا من فروع الكتابة الابداعية، ليس كل من أمسك بالقلم ، مستطيع تصوير إحساساته بها.
نجحت( ريمه) هنا، وبجمل معبرة آسرة في شدنا لتك الذكريات الجميلة التي لا زالت تلفح بذكرياتها عقل الطفولة.
تصوير رائع، ولغة معبرة وحنين جارف لماض لا يزال يحتل الجميل فينا.....
شكرا للكاتبة الدؤوبة ...

ريمه الخاني
10/07/2007, 10:22 AM
الحنين للماضي ، أكان طفولة أم مكانا أم شخصيات حفرت بآثارها عميقا في ذاكرتنا، أصبحت فرعا من فروع الكتابة الابداعية، ليس كل من أمسك بالقلم ، مستطيع تصوير إحساساته بها.
نجحت( ريمه) هنا، وبجمل معبرة آسرة في شدنا لتك الذكريات الجميلة التي لا زالت تلفح بذكرياتها عقل الطفولة.
تصوير رائع، ولغة معبرة وحنين جارف لماض لا يزال يحتل الجميل فينا.....
شكرا للكاتبة الدؤوبة ...

اشكرك اولا استاذي
وثانيا نحن شعب نعشق الذكريات ونحن للماضي ولكن هل نحن مخلصين لكل هذا فعلا؟
تحيتي وتقديري

دعد كنعان
10/07/2007, 10:34 AM
جميل جداً.. انا قارئة ولست بكاتبة.. ولكني اشتممت جميع الروائح واستشعرت جميع الاحاسيس.. مع احترامي لاضافة الاستاذ الشريف القدير..

ريمه الخاني
10/07/2007, 10:44 AM
جميل جداً.. انا قارئة ولست بكاتبة.. ولكني اشتممت جميع الروائح واستشعرت جميع الاحاسيس.. مع احترامي لاضافة الاستاذ الشريف القدير..


سعدت بقرائتك اختاه...
واشكر من جديد استاذنا سمير
تحية دمشقيه

عبد الحميد الغرباوي
10/07/2007, 11:00 AM
جميل ما قرأت لك هنا العزيزة أم فراس..
عاد بي القهقرى سنوات إلى ماض عابق بروائح التوابل و الزيتون و الخضر و الشاي...
الأحياء في المدن العربية العتيقة تكاد تتشابه في كل شيء إلا في بعض الخصوصيات و التي هي ميزة تنفرد بها مدينة عتيقة دون أخرى..
سرد مليء بالدفء ...
مودتي
( أتمنى أن تكون الصورتان قد عكستا بعض ما جاء في نصيك الجميلين، و هما لدمشق القديمة)

لطفي منصور
10/07/2007, 12:19 PM
الأخت ريمة الخاني ........ تحية
لله درك ( أم قراس ) ! لقد حملني نصك من أحضان مدينة نابلس ..
إلى حضن دمشق التي قضيت فيها وصحبي أجمل سني حياتي ...
ها أنذا أتجول بصحبتك الكريمة في سوق الحميدية.....
وأمشي قدما لأعانق المسجد الأموي ...وفي طريق عودتي ....
وعلى يميني ... أتذوق بوظة بكداش .. إن كانت ما تزال مكانها ...
وبعدها أستمتع بشراب ( العرق سوس )الأصلي المبرد ...
ولكن تجوالي كان حيث أردت أنت ... وكما اشتهى قلمك ’’’’
حيث عبق الأصالة ... فأنا لم أزر دمشق منذ منتصف السبعينيات ...
لظروف ...... وأختم بقولي :

إليك دمشق أبعث نبض روحي ...... فقد أيقظت با ( ريما ) جروحي
ففي ( الميدان والقصاع) ذكرى .... تبث الحب في قلبي وروحي
وفي حي التجارة كان عشقي ...... وركن الدين والحي الفسيح

لك كل التقدير

لطفي منصور

ريمه الخاني
10/07/2007, 01:29 PM
جميل ما قرأت لك هنا العزيزة أم فراس..
عاد بي القهقرى سنوات إلى ماض عابق بروائح التوابل و الزيتون و الخضر و الشاي...
الأحياء في المدن العربية العتيقة تكاد تتشابه في كل شيء إلا في بعض الخصوصيات و التي هي ميزة تنفرد بها مدينة عتيقة دون أخرى..
سرد مليء بالدفء ...
مودتي
( أتمنى أن تكون الصورتان قد عكستا بعض ما جاء في نصيك الجميلين، و هما لدمشق القديمة)

اولا ممتنة استاذي لقرائتك النص بدفء
ثانيا الصور في مكانها قد اضفت حلاوة لها ..
اشكرك من كل قلبي

ريمه الخاني
10/07/2007, 01:32 PM
الأخت ريمة الخاني ........ تحية
لله درك ( أم قراس ) ! لقد حملني نصك من أحضان مدينة نابلس ..
إلى حضن دمشق التي قضيت فيها وصحبي أجمل سني حياتي ...
ها أنذا أتجول بصحبتك الكريمة في سوق الحميدية.....
وأمشي قدما لأعانق المسجد الأموي ...وفي طريق عودتي ....
وعلى يميني ... أتذوق بوظة بكداش .. إن كانت ما تزال مكانها ...
وبعدها أستمتع بشراب ( العرق سوس )الأصلي المبرد ...
ولكن تجوالي كان حيث أردت أنت ... وكما اشتهى قلمك ’’’’
حيث عبق الأصالة ... فأنا لم أزر دمشق منذ منتصف السبعينيات ...
لظروف ...... وأختم بقولي :

إليك دمشق أبعث نبض روحي ...... فقد أيقظت با ( ريما ) جروحي
ففي ( الميدان والقصاع) ذكرى .... تبث الحب في قلبي وروحي
وفي حي التجارة كان عشقي ...... وركن الدين والحي الفسيح

لك كل التقدير

لطفي منصور

شاكرة عبق الأصاله من كلماتك واهلا بك في كل وقت....
فدمشق ترحب بكل العرب
محل بكداش مازل مرابطا في عرينه يستقبل كل الشعب العربي لذلك الزحام دائم....
اشكر ابياتك الرقيقة واسمح لي بنقلها لمنتداي مع شكري لكل من عقب وأضاف
وسأذكره حتما
تحية دمشقيه

عبد العزيز غوردو
10/07/2007, 03:13 PM
أختي المبدعة أم فراس:

من رحم التراث الجميل الدافق بالحياة، خرجت حكاياتك عن دمشق الأصيلة...

لتحكي احتضار دفء الحياة الحميمة، تحت ضربات الإسمنت المسلح البارد...

وتوقظ وجعا فينا دفينا، يشدنا إلى حنين الماضي، الذي نهرب منه كل يوم خطوة...

ثم نعود نأسف عليه لاحقا: نحن الذين خذلناه...

مودتي... حتى حدود الانبهار...

ريمه الخاني
10/07/2007, 05:46 PM
أختي المبدعة أم فراس:

من رحم التراث الجميل الدافق بالحياة، خرجت حكاياتك عن دمشق الأصيلة...

لتحكي احتضار دفء الحياة الحميمة، تحت ضربات الإسمنت المسلح البارد...

وتوقظ وجعا فينا دفينا، يشدنا إلى حنين الماضي، الذي نهرب منه كل يوم خطوة...

ثم نعود نأسف عليه لاحقا: نحن الذين خذلناه...

مودتي... حتى حدود الانبهار...

نعم تماما استاذي....
نحن خذلناه وخسرنا حضنا دافئا...
سعيدة باسقاطاتك الصحيحة
تحية دمشقيه

فهد الخليوي
05/08/2007, 12:28 AM
إبداع جميل
يعيد عبق التراث للذاكرة العربية.
دمت مبدعة.

ريمه الخاني
05/08/2007, 10:47 AM
إبداع جميل
يعيد عبق التراث للذاكرة العربية.
دمت مبدعة.

سعيدة بمرورك استاذي
تحية من دمشق