معاذ أبو الهيجاء
13/07/2007, 11:47 PM
تحت راية القرآن
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على رسولنا الكريم الذي جاء بها على المحجة البيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك .
و ما الهلاك إلا بالابتعاد عن شرع الله و التحاكم للطاغوت .
يقول الله تعالى : ((16 وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ 17 الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ 18
كتب الأستاذ جواد مقال جديد يريد به الرد على ما كتبت في مقال سابق ، و مقاله الجديد يؤكد ما ذهبنا إليه من فهم و هو أن الأستاذ جواد ما هو إلا حامل لفكر الحضارة الغربية و أنه عدو للإسلام و المسلمين .
و مقاله هذا هو عين ما يريده الغرب أعداء الأمة الإسلامية بل هو عين ما أرداه كفار مكة و كل حاقد على الإسلام وهو عدم تحكيم شرع الله و هي دعوة النصارى و اليهود .
فالأستاذ يريد فصل الدين عن الحياة أي لا صلة لنا بالله و لا يوجد أي علاقة مع الله و أن القرآن ليس تبيان لكل شيء و أن الإسلام لا يحمل أنظمة حياة و لا تشريع فلا يوجد في الإسلام نظام حكم و لا نظام اقتصادي و لا نظام عقوبات و لا يجود دولة للإسلام و و وو و .
هذا هو أخطر ما في مقال الأستاذ جواد و هي دعوة صريحة- كدعوة كمال أتترك و هي دعوة كل علماني - من اجل فصل الدين عن الحياة و ما كلام الأستاذ جواد إلا حلقة في سلسلة الغزو الفكري و الثقافي على بلاد المسلمين .
و مع نقض كلام الأستاذ جواد إلا أنه مصر على الكتابة و الرد ، و مع أني أرى أن الفكر مقابل الفكر و الحجة مقابل الحجة و بصدام الأفكار و صراعها سيتبين للناس صدق الإسلام و صدق معالجات الإسلام و ضعف و تهافت الفكر العلماني و سيشرق نور الحقائق و يتبين لنا قوة الفكر الإسلامي و قوة القيادة الفكرية في الإسلام .
و سأقوم هنا بالرد على الأستاذ جواد أيضا مواصلا ضرب افكاره الفكرة تلو الفكرة .
أولا : يقول الأستاذ جواد ((وأنا أعلم أنَّ حواري معه يستوفي شروط "حوار الطُرْش"؛ لأنَّ محاوري لم يغادِر قريش، مكانا وزمانا.. مشكلات وحلولا، ضاربا صفحا عن حقيقة لا ريب فيها هي أنَّ الفكر، الذي يَنْظُر إليه القائلون به على أنَّه "يَصْلُح لكل زمان ومكان"، هو، بشهادة الواقع والتاريخ والحقائق الموضوعية، لا يَصْلُح لأيِّ مكان، ولا لأيِّ زمان. )
إذا كان الحوار معي هو حوار طرشان فإن الحوار معك بكل صدق هو حوار العميان و أنت لا ترى شيء من الإسلام و قد قال الله في حق من يقول قولك ((فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ))
في هذا النص يبين الأستاذ جواد أن الإسلام لا يصلح لعلاج مشاكل الإنسان و لكن كيف ؟
فقط على طريقة مصادرة الفكرة (الواقع والتاريخ والحقائق الموضوعية، لا يَصْلُح لأيِّ مكان، ولا لأيِّ زمان ) فقد شهد الواقع أن الإسلام لا يصلح للتطبيق أي أن الأحكام الشرعية التي جاءت في القرآن (الواقع يكذبها) وهذا كفر بالشريعة و كفر بالقرآن الكريم فكيف يكون الواقع مخالف لما جاء به القرآن الكريم من أحكام شرعية ؟
و أي حقائق موضوعية يتكلم عنها الله أعلم بها و لا نريد معرفتها لأن الله أنزل القرآن و به نور و رحمة و شفاء للناس و أمرنا أن نتحاكم للقرآن فكيف يأمرنا الله أن نتحاكم إلى أمر غير موجود ! .
و كيف يفسر لنا الأستاذ جواد الآيات التي تطلب أن نحكم بها شرع الله ؟
وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ
وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ
كيف يفسر لنا الأستاذ جواد هذه الآيات و عشرات مثلها ؟
و على قول الأستاذ جواد بفصل الدين عن الحياة يجب أن لا نحكم بما انزل الله و هذا مخالف للآية فوق يجب اتباع الأهواء و منها أهواء الأستاذ الفاضل .
و القرآن لم ينزل بالحق بل نزل بالباطل هذا ما يقودنا له فهم الأستاذ جواد .
و الحق يقال أن الأستاذ جواد غير مثقف بالإسلام و لا يعرف شيء في علم أصول الفقه و لا في علم التفسير و لا في علم الفقه بل لم يقراء في أنظمة الإسلام و لم يقراء في أحكام الحكم و الإجتماع و القضاء و هذا واضح أن ثقافته ضحلة جدا بحيث أنه لا يعرف شيء عن نظام الحكم في الإسلام و لم يقراء شيء عن تفصيلات دولة الخلافة .
ثانيا :
و"التأويل" إنْ أفاد في شيء فإنَّما يفيد في مطِّ ثياب طفلٍ لِنُلْبِسه إيَّاه وهو شاب، فتَتَمَزَّق شرَّ ممزق. ويا ليت صاحبنا اختار "تأويل النص" حلا، فلو فَعَل لهان الأمر؛ ولكنَّه بقي مُصِرَّاً مع مَنْ بقي مِنْ أشباهه ومُلَقِّنيه على "استنساخ" ما نسخته الحياة والواقع التاريخي، وكأن لا جديد تحت الشمس، وكأنَّ الواقع بحقائقه لا يعدو كونه "عجينة" في يده يُشكِّلها كما يشاء.
هذا النص يثبت بلا أدنى شك ما قلته فوق هو عدم دراية الأستاذ بالإسلام و لا يعرف شيء من أحكام الإسلام .
إننا لا نؤول احكام الإسلام حتى توافق الواقع و نحن نرى أن الواقع مصدر التفكير لا محل التفكير لأنه واقع فاسد يراد تغيره بأحكام الإسلام و لا نريد أن نغير حتى يوافق الواقع و نحن لسنا مدرسة توفيقية بين الإسلام و الحضارة الغربية .
و هذا الفرق بيينا و بينك أنك واقعي تريد أن تعيش الواقع الفاسد و تريد أن تستمد العلاج من الواقع الفاسد و نحن لا نرى أن الواقع مصدر المعالجات بل هو محل المعالجات .
في أواخر القرن الثالث عشر الهجري -التاسع عشر الميلادي- يا أستاذ جواد
حدث خطأ في فهم الشريعة الإسلامية لتطبيقها على المجتمع ، فصار الإسلام يفسر بما لا تحتمله نصوصه ليوافق المجتمع الحاضر ، وكان الواجب أن يغير المجتمع ليوافق الإسلام ، لا أن يحاول تفسير الإسلام ليوافق المجتمع ، لأن القضية هي أن هناك مجتمعا فاسدا يراد إصلاحه بمبدأ ، فيجب أن يطبق المبدأ كما هو ، ويغير المجتمع برمته تغييرا انقلابيا على أساس هذا المبدأ ، أي كان لزاما على المحاولين للإصلاح أن يطبقوا أحكام الإسلام كما جاءت ، دون نظر إلى المجتمع أو العصر أو الزمان أو المكان ، ولكنهم لم يفعلوا ذلك ، بل أولوا أحكام الإسلام ليوافق العصر . وقد أوغلوا في هذا الخطأ في الكليات والجزئيات . واستنبطوا قواعد كلية وأحكاما جزئية تتفق مع هذه النظرة ، إذ وضعوا عدة قواعد كلية خاطئة مثل> لا ينكر تغير الأحكام بتغير الزمان< ومثل > العادة محكمة< وغير ذلك ، وأفتوا بأحكام لا سند لها من الشرع ، بل أفتوا بأحكام تعارض نص القرآن القطعي . فأجازوا الربا القليل بحجة أنه غير مضاعـف وبحجة الضرورة لمال القاصر ، وصار القاضي الذي يسمى "القاضي الشرعي" يحكــــم بالربا في صناديق الأيتام ، كما صار القاضي الذي سموه "قاضيا نظاميا" يحكم بالربا أيضا ، وأفتوا بوقف الحدود ، وأجازوا أخذ قوانين العقوبات من غير الإسلام ، وهكذا وضعوا أحكاما تخالف الشرع بحجة موافقتها للعصر ، وضرورة أن يوافق الشرع كل عصر وكل زمان ومكان . وقد نتج عن ذلك أن أبعد الإسلام عن الحياة ، واتخذ أعداء الإسلام من هذا الفهم المغلوط وهذه الأحكام الباطلة وسيلة أدخلوا بها على المسلمين قوانينهم ومبادئهم دون أن يجد المسلمون فيها أي تناقض مع دينهم لما تركز في أذهانهم من جراء الفهم المغلوط ، أن الإسلام يتفق مع كل زمان ومكان ، وصار تأويل الإسلام على لسان الكثيرين ليوافق كل مذهب ، وكل مبدأ ، وكل حادثة ، وكل قاعدة ، ولو خالف مبدأ الإسلام ووجهة نظره ، فكان هذا مساعدا على إبعاد الإسلام عن الحياة . ولذلك كان إخفاق كل حركة إصلاحية تسير حسب هذا الفهم السقيم أمرا محتوما .
ثالثا : الأستاذ جواد لا يفرق بين الحضارة و المدنية فقوله هنا يدل أنه لا يفرق بينهم (أوَّلا، لستُ بنصير (أعمى البصر والبصيرة) لـ "الحضارة الغربية"، فإذا ناصرتها فإنني لا أُناصر فيها إلا ما أراه محتوى عالميا وإنسانيا، جاء إليها من غير مكان وزمان قبل أن يَظْهَر لصحابنا على أنَّه "غربيٌ خالص". وهو لو أمعن النظر في "التركيب الجيني" لتلك الحضارة، التي يلعنها ويعاديها، لاكتشف فيه "جينات" من الحضارة العربية والإسلامية ذاتها.
فهذا النص كافي لبيان أن الأستاذ جواد لا يعرف ماذا يؤخذ من الغرب و ما لا يؤخذ و لا يجوز أخذه و هنا سنقوم ببيان الفرق بين الحضارة و المدنية و ماذا يجوز أن نأخذ و ماذا لا يجوز أنا نأخذ و نوضح الفرق بين الحضارة الغربية و الحضارة الإسلامية .
هنالك فرق بين الحضارة والمدنية ، فالحضارة هي مجموع المفاهيم عن الحياة ، والمدنية هي الأشكال المادية للأشياء المحسوسة التي تستعمل في شؤون الحياة . وتكون الحضارة خاصة حسب وجهة النظر في الحياة ، في حين تكون المدنية خاصة وعامة .فالأشكال المدنية التي تنتج عن الحضارة كالتماثيل تكون خاصة ، والأشكال المدنية التي تنتج عن العلم وتقدمه والصناعة ورقيها ، تكون عامة ، ولا تختص بها أمة من الأمم ، بل تكون عالمية كالصناعة والعلم .
وهذا التفريق بين الحضارة والمدنية يلزم أن يلاحظ دائماً ، كما يلزم أن يلاحظ التفريق بين الأشكال المدنية الناجمة عن الحضارة ، وبين الأشكال المدنية الناجمة عن العلم والصناعة . وذلك ليلاحظ عند أخذ المدنية التفريق بين أشكالها ، والتفريق بينها وبين الحضارة . فالمدنية الغربية الناجمة عن العلم والصناعة لا يوجد ما يمنع من أخذها ، وأما المدنية الغربية الناجمة عن الحضارة الغربية فلا يجوز أخذها بحال ، لأنه لا يجوز أخذ الحضارة الغربية ، لتناقضها مع الحضارة الإسلامية ، في الأساس الذي تقوم عليه ، وفي تصوير الحياة الدنيا ، وفي معنى السعادة للإنسان .
أما الحضارة الغربية فإنها تقوم على أساس فصل الدين عن الحياة ، وإنكار أن للدين أثراً في الحياة ، فنتج عن ذلك فكرة فصل الدين عن الدولة . لأنها طبيعية عند من يفصل الدين عن الحياة ، وينكر وجود الدين في الحياة . وعلى هذا الأساس قامت الحياة ، وقام نظام الحياة . أما تصوير الحياة فانه المنفعة ، لأنها هي مقياس الأعمال ، ولـذلك كانت النفعية هي التي يقوم عليها النظام ، وتقوم عليها الحضارة ، ومن هنا كانت النفعية هي المفهوم البارز في النظام ، وفي الحضارة ، لأنها تصور الحياة بأنها منفعة . ولذلك كانت السعادة عندهم إعطاء الإنسان أكبر قسط من المتعة الجسدية وتوفير أسبابها له . ولهذا كـانت الحضارة الغربية حضارة نفعية بحتة ، لا تقيم لغير المنفعة أي وزن ، ولا تعترف إلا بالنفعية ، وتجعلها هـي المقياس للأعمال . وأما الناحية الروحية فهي فردية لا شأن للجماعة بها ، وهي محصورة في الكنيسة ورجال الكنيسة . ولذلك لا توجد في الحضارة الغربية قيم أخلاقية ، أو روحية ، أو إنسانية ، وإنما توجد قيم مادية ونفعية فقط . وعلى هذا الأساس جعلت الأعمال الإنسانية تابعة لمنظمات منفصلة عن الدولة ، كمؤسسة الصليب الأحمر ، والإرساليات التبشيرية ، وعزلت عن الحياة كل قيمة إلا القيمة المادية وهي الربح . فكانت الحضارة الغربية هي هذه المجموعة من المفاهيم عن الحياة .
أما الحضارة الإسلامية فإنها تقوم على أساس هو النقيض من أساس الحضارة الغربية ، وتصويرها للحياة غير تصوير الحضارة الغربية لها ، ومفهوم السعادة فيها يختلف عن مفهومها في الحضارة الغربية كل الاختلاف . فالحضارة الإسلامية تقوم على أساس الإيمان بالله ، وأنه جعل للكون والإنسان والحياة نظاماً يسير بموجبه ، وانه أرسل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالإسلام ديناً ، أي أن الحضارة الإسلامية تقوم على أساس العقيدة الإسلامية ، وهي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقضاء والقدر خيرهما وشرهما من الله تعالى . فكانت العقيدة هي الأساس للحضارة ، فهي قائمة على أساس روحي .
أما تصوير الحياة في الحضارة الإسلامية فانه يتمثل في فلسفة الإسلام التي انبثـقت عن العقيدة الإسلامية ، والتي تقوم عليها الحياة ، وأعمال الإنسان في الحياة ، هذه الفلسفة التي هي مزج المادة بالروح ، أي جعل الأعمال مسيرة بأوامر الله ونواهيه ، هي الأساس لتصوير الحياة . فالعمل الإنساني مادة ، وإدراك الإنسان صلته بالله حين القيام بالعمل من كون هذا العمل حلالاً أو حراماً هو الروح . فحصل بذلك مزج المادة بالروح . وبناء على ذلك كان المسير لأعمال المسلم هو أوامر الله ونواهيه . والغاية من تسيير أعماله بأوامر الله ونواهيه ، هي رضوان الله تعالى ، وليس النفعية مطلقاً . أما القصد من القيام بنفس العمل فهو القيمة التي يراعى تحقيقها حين القيام بالعمل . وهذه القيمة تختلف باختلاف الأعمال . فقد تكون قيمة مادية كمن يتاجر بقصد الربح ، فان تجارته عمل مادي ، ويسيره فيها إدراكه لصلته بالله حسب أوامره ونواهيه ابتغاء رضوان الله . والقيمة التي يراعى تحقيقها من القيام بالعمل هي الربح ، وهو قيمة مادية .
وقد تكون القيمة روحية ، كالصلاة والزكاة والصوم والحج . وقد تكون القيمة أخلاقية ، كالصدق والأمانة والوفاء . وقد تكون القيمة إنسانية ، كإنقاذ الغريق وإغاثة الملهوف . وهـذه القيم يراعيها الإنسان حين القيام بالعمل حتى يحققها . إلا أنها ليست المسيرة للأعمال ، وليست المثل الأعلى الذي يهدف إليه ، بل هي القيمة من العمل وتختلف باختلاف نوعه .
وأما السعادة فهي نيل رضوان الله ، وليست إشباع جوعات الإنسان ، لأن إشباع جوعات الإنسان جميعها ، مـن جوعات الحاجات العضوية ، وجوعات الغرائز ، هو وسيلة لازمة للمحافظة على ذات الإنسان ، ولا يلزم من وجود السعادة . هذا هو تصوير الحياة . وهذا هو الأساس الذي يقوم عليه هذا التصوير . وهو الأساس للحضارة الإسلامية . وإنها لتناقض الحضارة الغربية كل المناقضة ، كما أن الأشكال المدنية الناجمة عنها تناقض الأشكال المدنية الناجمة عن الحضارة الغربية . فمثلاً : الصورة شكل مدني ، والحضارة الغربية تعتبر صورة امرأة عارية تبرز فيها جميع مفاتنها شكلاً مدنياً ، يتفق مع مفاهيمها في الحياة عن المرأة . ولذلك يعتبرها الغربي قطعة فنية يعتز بها كشكل مدني ، وقطعة فنية إذا استكملت شروط الفن ، ولكن هذا الشكل يتناقض مع حضارة الإسلام ، ويخالف مفاهيمه عن المرأة التي هي عرض يجب أن يصان ، ولذلك يمنع هذا التصوير لأنه يسبب إثارة غريزة النوع ويؤدي إلى فوضوية الأخلاق . ومثل ذلك أيضا ما إذا أراد المسلم أن يقيم بيتاً وهو شكل مدني ، فانه يراعي فيه عدم انكشاف المرأة في حال تبذلها لمن هو خارج البيت ، فيقيم حوله سوراً ، بخلاف الغربي فانه لا يراعي ذلك حسب حضارته . وهكذا كافة ما ينتج من الأشكال المدنية عن الحضارة الغربية كالتماثيل ونحوها . وكذلك الملابس ، فإنها إن كانت خاصة بالكفار باعتبارهم كفاراً لم يجز للمسلم أن يلبسها ، لأنها تحمل وجهة نظر معينة ، وان لم تكن كذلك بأن تعارفوا على ملابس معينة لا باعتبار كفرهم ، بل أخذوها لحاجة أو زينة فإنها تعد حينئذ من الأشكال المدنية العامة ويجوز استعمالها .
أما الأشكال المدنية الناتجة عن العلم والصناعة كأدوات المختبرات والآلات الطبية والصناعية ، والأثاث والطنافس وما شاكلها ، فإنها أشكال مدنية عالمية لا يراعى في أخذها أي شيء ، لأنها ليست ناجمة عن الحضارة ، ولا تتعلق بها .
ونظرة خاطفة للحضارة الغربية التي تتحكم في العالم اليوم ، ترينا أن الحضارة الغربية لا تستطيع أن تضمن للإنسانية طمأنينتها ، بل إنها على العكس من ذلك سببت هذا الشقاء الذي يتقلب العالم على أشواكه ، ويصطلي بناره . والحضارة التي تجعل أساسها فصل الدين عن الحياة خلافاً لفطرة الإنسان ، ولا تقيم للناحية الروحية وزناً في الحياة العامة ، وتصور الحياة بأنها المنفعة فقط ، وتجعل الصلة بين الإنسان والإنسان في الحياة هي المنفعة ، هذه الحضارة لا تنتج إلا شقاء وقلقاً دائمين ، فما دامت هذه المنفعة هي الأساس ، فالتنازع عليها طبيعي ، والنضال في سبيلها طبيعي ، والاعتماد على القوة في إقامة الصلات بين البشر طبيعي . ولذلك يكون الاستعمار طبيعياً عند أهل هذه الحضارة ، وتكون الأخلاق مزعزعة ، لأن المنفعة وحدها ستظل هي أساس الحياة . ولهذا فمن الطبيعي أن تنفي من الحياة الأخلاق الكريمة كما نفيت منها القيم الروحية ، وأن تقوم الحياة على أساس التنافس والنضال والاعتداء والاستعمار . وما هو واقع في العالم اليوم من وجود أزمات روحية في نفوس البشر ، ومن قلق دائم وشر مستطير ، خير دليل على نتائج هذه الحضارة الغربية ، لأنها هي التي تتحكم في العالم وهي التي أدت إلى هذه النتائج الخطيرة والخطرة على الإنسانية .
ونظرة إلى الحضارة الإسلامية التي تحكمت في العالم منذ القرن السادس الميلادي حتى أواخر القرن الثامن عشر الميلادي ، ترينا أنها لم تكن مستعمرة ، وليس من طبعها الاستعمار ، لأنها لم تفرق بين المسلمين وغيرهم ، فضمنت العدالة لجميع الشعوب التي دانت لها طوال مدة حكمها ، لأنها حضارة تقوم على الأساس الروحي الذي يحقق القيم جميعها : من مادية ، وروحية ، وأخلاقية ، وإنسانية . وتجعل الوزن كله في الحياة للعقيدة . وتصور الحياة بأنها مسيرة بأوامر الله ونواهيه ، وتجعل معنى السعادة بأنها رضوان الله ، وحين تسود هذه الحضارة الإسلامية كما سادت من قبل ، فإنها ستكفل معالجة أزمات العالم ، وتضمن الرفاهية للإنسانية جمعاء .
هذا هو الفرق بين الحضارة و المدنية و قد وضحنا الأسس و المنطلقات الفكرية في الحضارة الغربية و الحضارة الإسلام و بهذا ضربنا قولك برمته و نقضنا ما هذبت إليه من قولك أن الحضارة الغربية جيناتها من الحضارة الإسلامية و هذا وحده كافي للرد عليك ردا مسكتا .
رابعا : نحن لا نريد ان نعيش في الواقع و معاذ الله إن كنت أنت تعرف الواقع الذي تعيشه فلو أدركت قيد أنمله واقع حياة المسلمين لما دعوتهم لفصل الدين عن الحياة .
خامسا : يقول الأستاذ جواد ما نصه ((وإنني لا أدعو "أبناء المسلمين" إلى ديمقراطية من نمط الديمقراطية التي سمحت لبوش وزمرته بأن يَحْكموا الولايات المتحدة، وأن يتحكَّموا، بالتالي، في العالم، متسربلين بـ "فكر" لا أراه مختلفا في الجوهر عن هذا الفكر الذي يقول به الأستاذ معاذ، فكلا الطرفين يَصْلُح مرآةً يرى فيها الآخر ذاته.
إنني لستُ من القائلين بـ "الديمقراطية الغربية" إلا بوصفها "درجة" في "سلَّم الحرية (الإنسانية)"، ينبغي لنا الوصول إليها قبل ومن أجل تخطِّيها
صعوداً.))
لقد بينا أن الديمقراطية ليست من الإسلام و هي تجعل الأمة مصدر التشريع و أن التشريع لله وحده و كان حري بك أن ترد على النقاط التي ذكرتها و التي نقضت كلامك كله في موضوع الديمقراطية .
سادساً : يقول (( وإنني، بكلام جامع مانع، أقول لكَ إنَّ كل فكر يريد له أصحابه أن يكون حرباً لا هوادة فيها على القيم والمبادئ الديمقراطية (العالمية) هو فكرٌ لحرب لا هوادة فيها على العرب، بوصفهم أُمَّة، وعلى حقِّهم القومي والديمقراطي، وعلى "الإنسان" العربي، وجودا وحقوقا. لقد نَبَذْتَ "الشعب" وحقوقه، "الإنسان" وحقوقه، إذ قُلْتَ وكأنَّكَ ابن السماء: "نرفض الديمقراطية لأنَّها تجعل السيادة للشعب"!
إنَّكَ ـ يا أستاذ معاذ ـ تلغي "الشعب"، إنْ لم يكن "وجودا" فـ "حقوقا"، لتجيء بـ "البقرات المقدَّسة"، وتُنصِّبها حُكَّاماً عليه باسم السماء، وكأنَّ "النظام السياسي" الذي تُبشِّرنا به هو الذي فيه، وبه، يمكن ويجب أن يتحوَّل "الشعب" إلى ما يشبه "قطيع الغنم"؛ لأنَّ مجتمعا يتحوَّل أبناؤه إلى "قطعان" هو وحده الذي يُنْجِب "الطغاة" من كل لون ونوع.
أقولها لكَ، وبالفم الملآن، نريد السيادة للشعب.. وللشعب وحده، ولو كان الشعب على ضلال سياسي.. لو كان لا يملك من الوعي السياسي إلا ما يجعله عدوَّا لمصالحه (الواقعية الحقيقية) فالشعوب كما الأفراد تتعلَّم من تجاربها، ومن تجاربها المُرَّة أوَّلا.
نريد للشعب، بإرادته السياسية الحرَّة، أن يكون المرجع الأعلى، فليس، في عالم السياسة، من شرعية تعلو تلك الشرعية المستمدَّة من "صندوق اقتراع ديمقراطي شفَّاف"، يُظْهِر الإرادة السياسية الحرَّة للشعب من غير زيادة أو نقصان، فالحكومة التي نريد إنَّما هي الحكومة التي تشبهنا، إيجابا وسلبا.
ونريد للشعب أن يكون هو وحده "مَصْدَر السلطات جميعا"، فكل سلطة لا يكون الشعب مَصْدرها إنَّما هي سلطة معادية للشعب ولو تلوَّنت بلون السماء، فالسماء تعلو الأرض إلا في السياسة، وفي كل أمر يخصُّ الشعب وعيشه.
إذا أردتَ السيادة لـ "الشرع" فلا سيادة لـ "شرع" إنْ هي ناقضت سيادة الشعب، فـ "الأرض والسماء كانتا رتقا ففتقناهما"، فلا تُعيد رتق ما فتقه الله.
وقد علَّمنا تاريخنا، أو الجانب المُظْلِم منه، أنَّ "سيادة الشرع" تؤول في الممارسة إلى "سيادة المشرِّع" الذي مهما سعى في إيهامنا أنَّ بينه وبين السماء قرابة يظل بشراً، لا يُشَرِّع إلا بما يُوافِق مصالحه الشخصية والفئوية الضيِّقة، وإن استعان بـ "السماء"، أبجدية، وقلما، وحبرا.
هذا الكلام الإنشائي شبعنا منه و هذا الخطاب العاطفي لكي تدغدغ مشاعر الناس بأنك تريد الحرية لهم و من هذا الكلام فالرد عليه ما يلي :
نعم نرفض الديمقراطية لأنها كفر بالإسلام و كفر بالقرآن و لن نستبدل الأعلى بالأدنى فقد جاء الله بأحكام للإنسان يجب أن يتقيد بها و هذه الأحكام الشرعية شاملة لكل زمان و مكان و إذا أحببت شرحت لك شيء منها و عندي القدرة أن أقدم لك علاج لأي مشكله في الدنيا لا يوجد لها حكم في الإسلام و أتحداك أنت و بوش أن تذكر لي مسألة لا يوجد لها حكم في الإسلام .
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على رسولنا الكريم الذي جاء بها على المحجة البيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك .
و ما الهلاك إلا بالابتعاد عن شرع الله و التحاكم للطاغوت .
يقول الله تعالى : ((16 وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ 17 الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ 18
كتب الأستاذ جواد مقال جديد يريد به الرد على ما كتبت في مقال سابق ، و مقاله الجديد يؤكد ما ذهبنا إليه من فهم و هو أن الأستاذ جواد ما هو إلا حامل لفكر الحضارة الغربية و أنه عدو للإسلام و المسلمين .
و مقاله هذا هو عين ما يريده الغرب أعداء الأمة الإسلامية بل هو عين ما أرداه كفار مكة و كل حاقد على الإسلام وهو عدم تحكيم شرع الله و هي دعوة النصارى و اليهود .
فالأستاذ يريد فصل الدين عن الحياة أي لا صلة لنا بالله و لا يوجد أي علاقة مع الله و أن القرآن ليس تبيان لكل شيء و أن الإسلام لا يحمل أنظمة حياة و لا تشريع فلا يوجد في الإسلام نظام حكم و لا نظام اقتصادي و لا نظام عقوبات و لا يجود دولة للإسلام و و وو و .
هذا هو أخطر ما في مقال الأستاذ جواد و هي دعوة صريحة- كدعوة كمال أتترك و هي دعوة كل علماني - من اجل فصل الدين عن الحياة و ما كلام الأستاذ جواد إلا حلقة في سلسلة الغزو الفكري و الثقافي على بلاد المسلمين .
و مع نقض كلام الأستاذ جواد إلا أنه مصر على الكتابة و الرد ، و مع أني أرى أن الفكر مقابل الفكر و الحجة مقابل الحجة و بصدام الأفكار و صراعها سيتبين للناس صدق الإسلام و صدق معالجات الإسلام و ضعف و تهافت الفكر العلماني و سيشرق نور الحقائق و يتبين لنا قوة الفكر الإسلامي و قوة القيادة الفكرية في الإسلام .
و سأقوم هنا بالرد على الأستاذ جواد أيضا مواصلا ضرب افكاره الفكرة تلو الفكرة .
أولا : يقول الأستاذ جواد ((وأنا أعلم أنَّ حواري معه يستوفي شروط "حوار الطُرْش"؛ لأنَّ محاوري لم يغادِر قريش، مكانا وزمانا.. مشكلات وحلولا، ضاربا صفحا عن حقيقة لا ريب فيها هي أنَّ الفكر، الذي يَنْظُر إليه القائلون به على أنَّه "يَصْلُح لكل زمان ومكان"، هو، بشهادة الواقع والتاريخ والحقائق الموضوعية، لا يَصْلُح لأيِّ مكان، ولا لأيِّ زمان. )
إذا كان الحوار معي هو حوار طرشان فإن الحوار معك بكل صدق هو حوار العميان و أنت لا ترى شيء من الإسلام و قد قال الله في حق من يقول قولك ((فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ))
في هذا النص يبين الأستاذ جواد أن الإسلام لا يصلح لعلاج مشاكل الإنسان و لكن كيف ؟
فقط على طريقة مصادرة الفكرة (الواقع والتاريخ والحقائق الموضوعية، لا يَصْلُح لأيِّ مكان، ولا لأيِّ زمان ) فقد شهد الواقع أن الإسلام لا يصلح للتطبيق أي أن الأحكام الشرعية التي جاءت في القرآن (الواقع يكذبها) وهذا كفر بالشريعة و كفر بالقرآن الكريم فكيف يكون الواقع مخالف لما جاء به القرآن الكريم من أحكام شرعية ؟
و أي حقائق موضوعية يتكلم عنها الله أعلم بها و لا نريد معرفتها لأن الله أنزل القرآن و به نور و رحمة و شفاء للناس و أمرنا أن نتحاكم للقرآن فكيف يأمرنا الله أن نتحاكم إلى أمر غير موجود ! .
و كيف يفسر لنا الأستاذ جواد الآيات التي تطلب أن نحكم بها شرع الله ؟
وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ
وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ
كيف يفسر لنا الأستاذ جواد هذه الآيات و عشرات مثلها ؟
و على قول الأستاذ جواد بفصل الدين عن الحياة يجب أن لا نحكم بما انزل الله و هذا مخالف للآية فوق يجب اتباع الأهواء و منها أهواء الأستاذ الفاضل .
و القرآن لم ينزل بالحق بل نزل بالباطل هذا ما يقودنا له فهم الأستاذ جواد .
و الحق يقال أن الأستاذ جواد غير مثقف بالإسلام و لا يعرف شيء في علم أصول الفقه و لا في علم التفسير و لا في علم الفقه بل لم يقراء في أنظمة الإسلام و لم يقراء في أحكام الحكم و الإجتماع و القضاء و هذا واضح أن ثقافته ضحلة جدا بحيث أنه لا يعرف شيء عن نظام الحكم في الإسلام و لم يقراء شيء عن تفصيلات دولة الخلافة .
ثانيا :
و"التأويل" إنْ أفاد في شيء فإنَّما يفيد في مطِّ ثياب طفلٍ لِنُلْبِسه إيَّاه وهو شاب، فتَتَمَزَّق شرَّ ممزق. ويا ليت صاحبنا اختار "تأويل النص" حلا، فلو فَعَل لهان الأمر؛ ولكنَّه بقي مُصِرَّاً مع مَنْ بقي مِنْ أشباهه ومُلَقِّنيه على "استنساخ" ما نسخته الحياة والواقع التاريخي، وكأن لا جديد تحت الشمس، وكأنَّ الواقع بحقائقه لا يعدو كونه "عجينة" في يده يُشكِّلها كما يشاء.
هذا النص يثبت بلا أدنى شك ما قلته فوق هو عدم دراية الأستاذ بالإسلام و لا يعرف شيء من أحكام الإسلام .
إننا لا نؤول احكام الإسلام حتى توافق الواقع و نحن نرى أن الواقع مصدر التفكير لا محل التفكير لأنه واقع فاسد يراد تغيره بأحكام الإسلام و لا نريد أن نغير حتى يوافق الواقع و نحن لسنا مدرسة توفيقية بين الإسلام و الحضارة الغربية .
و هذا الفرق بيينا و بينك أنك واقعي تريد أن تعيش الواقع الفاسد و تريد أن تستمد العلاج من الواقع الفاسد و نحن لا نرى أن الواقع مصدر المعالجات بل هو محل المعالجات .
في أواخر القرن الثالث عشر الهجري -التاسع عشر الميلادي- يا أستاذ جواد
حدث خطأ في فهم الشريعة الإسلامية لتطبيقها على المجتمع ، فصار الإسلام يفسر بما لا تحتمله نصوصه ليوافق المجتمع الحاضر ، وكان الواجب أن يغير المجتمع ليوافق الإسلام ، لا أن يحاول تفسير الإسلام ليوافق المجتمع ، لأن القضية هي أن هناك مجتمعا فاسدا يراد إصلاحه بمبدأ ، فيجب أن يطبق المبدأ كما هو ، ويغير المجتمع برمته تغييرا انقلابيا على أساس هذا المبدأ ، أي كان لزاما على المحاولين للإصلاح أن يطبقوا أحكام الإسلام كما جاءت ، دون نظر إلى المجتمع أو العصر أو الزمان أو المكان ، ولكنهم لم يفعلوا ذلك ، بل أولوا أحكام الإسلام ليوافق العصر . وقد أوغلوا في هذا الخطأ في الكليات والجزئيات . واستنبطوا قواعد كلية وأحكاما جزئية تتفق مع هذه النظرة ، إذ وضعوا عدة قواعد كلية خاطئة مثل> لا ينكر تغير الأحكام بتغير الزمان< ومثل > العادة محكمة< وغير ذلك ، وأفتوا بأحكام لا سند لها من الشرع ، بل أفتوا بأحكام تعارض نص القرآن القطعي . فأجازوا الربا القليل بحجة أنه غير مضاعـف وبحجة الضرورة لمال القاصر ، وصار القاضي الذي يسمى "القاضي الشرعي" يحكــــم بالربا في صناديق الأيتام ، كما صار القاضي الذي سموه "قاضيا نظاميا" يحكم بالربا أيضا ، وأفتوا بوقف الحدود ، وأجازوا أخذ قوانين العقوبات من غير الإسلام ، وهكذا وضعوا أحكاما تخالف الشرع بحجة موافقتها للعصر ، وضرورة أن يوافق الشرع كل عصر وكل زمان ومكان . وقد نتج عن ذلك أن أبعد الإسلام عن الحياة ، واتخذ أعداء الإسلام من هذا الفهم المغلوط وهذه الأحكام الباطلة وسيلة أدخلوا بها على المسلمين قوانينهم ومبادئهم دون أن يجد المسلمون فيها أي تناقض مع دينهم لما تركز في أذهانهم من جراء الفهم المغلوط ، أن الإسلام يتفق مع كل زمان ومكان ، وصار تأويل الإسلام على لسان الكثيرين ليوافق كل مذهب ، وكل مبدأ ، وكل حادثة ، وكل قاعدة ، ولو خالف مبدأ الإسلام ووجهة نظره ، فكان هذا مساعدا على إبعاد الإسلام عن الحياة . ولذلك كان إخفاق كل حركة إصلاحية تسير حسب هذا الفهم السقيم أمرا محتوما .
ثالثا : الأستاذ جواد لا يفرق بين الحضارة و المدنية فقوله هنا يدل أنه لا يفرق بينهم (أوَّلا، لستُ بنصير (أعمى البصر والبصيرة) لـ "الحضارة الغربية"، فإذا ناصرتها فإنني لا أُناصر فيها إلا ما أراه محتوى عالميا وإنسانيا، جاء إليها من غير مكان وزمان قبل أن يَظْهَر لصحابنا على أنَّه "غربيٌ خالص". وهو لو أمعن النظر في "التركيب الجيني" لتلك الحضارة، التي يلعنها ويعاديها، لاكتشف فيه "جينات" من الحضارة العربية والإسلامية ذاتها.
فهذا النص كافي لبيان أن الأستاذ جواد لا يعرف ماذا يؤخذ من الغرب و ما لا يؤخذ و لا يجوز أخذه و هنا سنقوم ببيان الفرق بين الحضارة و المدنية و ماذا يجوز أن نأخذ و ماذا لا يجوز أنا نأخذ و نوضح الفرق بين الحضارة الغربية و الحضارة الإسلامية .
هنالك فرق بين الحضارة والمدنية ، فالحضارة هي مجموع المفاهيم عن الحياة ، والمدنية هي الأشكال المادية للأشياء المحسوسة التي تستعمل في شؤون الحياة . وتكون الحضارة خاصة حسب وجهة النظر في الحياة ، في حين تكون المدنية خاصة وعامة .فالأشكال المدنية التي تنتج عن الحضارة كالتماثيل تكون خاصة ، والأشكال المدنية التي تنتج عن العلم وتقدمه والصناعة ورقيها ، تكون عامة ، ولا تختص بها أمة من الأمم ، بل تكون عالمية كالصناعة والعلم .
وهذا التفريق بين الحضارة والمدنية يلزم أن يلاحظ دائماً ، كما يلزم أن يلاحظ التفريق بين الأشكال المدنية الناجمة عن الحضارة ، وبين الأشكال المدنية الناجمة عن العلم والصناعة . وذلك ليلاحظ عند أخذ المدنية التفريق بين أشكالها ، والتفريق بينها وبين الحضارة . فالمدنية الغربية الناجمة عن العلم والصناعة لا يوجد ما يمنع من أخذها ، وأما المدنية الغربية الناجمة عن الحضارة الغربية فلا يجوز أخذها بحال ، لأنه لا يجوز أخذ الحضارة الغربية ، لتناقضها مع الحضارة الإسلامية ، في الأساس الذي تقوم عليه ، وفي تصوير الحياة الدنيا ، وفي معنى السعادة للإنسان .
أما الحضارة الغربية فإنها تقوم على أساس فصل الدين عن الحياة ، وإنكار أن للدين أثراً في الحياة ، فنتج عن ذلك فكرة فصل الدين عن الدولة . لأنها طبيعية عند من يفصل الدين عن الحياة ، وينكر وجود الدين في الحياة . وعلى هذا الأساس قامت الحياة ، وقام نظام الحياة . أما تصوير الحياة فانه المنفعة ، لأنها هي مقياس الأعمال ، ولـذلك كانت النفعية هي التي يقوم عليها النظام ، وتقوم عليها الحضارة ، ومن هنا كانت النفعية هي المفهوم البارز في النظام ، وفي الحضارة ، لأنها تصور الحياة بأنها منفعة . ولذلك كانت السعادة عندهم إعطاء الإنسان أكبر قسط من المتعة الجسدية وتوفير أسبابها له . ولهذا كـانت الحضارة الغربية حضارة نفعية بحتة ، لا تقيم لغير المنفعة أي وزن ، ولا تعترف إلا بالنفعية ، وتجعلها هـي المقياس للأعمال . وأما الناحية الروحية فهي فردية لا شأن للجماعة بها ، وهي محصورة في الكنيسة ورجال الكنيسة . ولذلك لا توجد في الحضارة الغربية قيم أخلاقية ، أو روحية ، أو إنسانية ، وإنما توجد قيم مادية ونفعية فقط . وعلى هذا الأساس جعلت الأعمال الإنسانية تابعة لمنظمات منفصلة عن الدولة ، كمؤسسة الصليب الأحمر ، والإرساليات التبشيرية ، وعزلت عن الحياة كل قيمة إلا القيمة المادية وهي الربح . فكانت الحضارة الغربية هي هذه المجموعة من المفاهيم عن الحياة .
أما الحضارة الإسلامية فإنها تقوم على أساس هو النقيض من أساس الحضارة الغربية ، وتصويرها للحياة غير تصوير الحضارة الغربية لها ، ومفهوم السعادة فيها يختلف عن مفهومها في الحضارة الغربية كل الاختلاف . فالحضارة الإسلامية تقوم على أساس الإيمان بالله ، وأنه جعل للكون والإنسان والحياة نظاماً يسير بموجبه ، وانه أرسل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالإسلام ديناً ، أي أن الحضارة الإسلامية تقوم على أساس العقيدة الإسلامية ، وهي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقضاء والقدر خيرهما وشرهما من الله تعالى . فكانت العقيدة هي الأساس للحضارة ، فهي قائمة على أساس روحي .
أما تصوير الحياة في الحضارة الإسلامية فانه يتمثل في فلسفة الإسلام التي انبثـقت عن العقيدة الإسلامية ، والتي تقوم عليها الحياة ، وأعمال الإنسان في الحياة ، هذه الفلسفة التي هي مزج المادة بالروح ، أي جعل الأعمال مسيرة بأوامر الله ونواهيه ، هي الأساس لتصوير الحياة . فالعمل الإنساني مادة ، وإدراك الإنسان صلته بالله حين القيام بالعمل من كون هذا العمل حلالاً أو حراماً هو الروح . فحصل بذلك مزج المادة بالروح . وبناء على ذلك كان المسير لأعمال المسلم هو أوامر الله ونواهيه . والغاية من تسيير أعماله بأوامر الله ونواهيه ، هي رضوان الله تعالى ، وليس النفعية مطلقاً . أما القصد من القيام بنفس العمل فهو القيمة التي يراعى تحقيقها حين القيام بالعمل . وهذه القيمة تختلف باختلاف الأعمال . فقد تكون قيمة مادية كمن يتاجر بقصد الربح ، فان تجارته عمل مادي ، ويسيره فيها إدراكه لصلته بالله حسب أوامره ونواهيه ابتغاء رضوان الله . والقيمة التي يراعى تحقيقها من القيام بالعمل هي الربح ، وهو قيمة مادية .
وقد تكون القيمة روحية ، كالصلاة والزكاة والصوم والحج . وقد تكون القيمة أخلاقية ، كالصدق والأمانة والوفاء . وقد تكون القيمة إنسانية ، كإنقاذ الغريق وإغاثة الملهوف . وهـذه القيم يراعيها الإنسان حين القيام بالعمل حتى يحققها . إلا أنها ليست المسيرة للأعمال ، وليست المثل الأعلى الذي يهدف إليه ، بل هي القيمة من العمل وتختلف باختلاف نوعه .
وأما السعادة فهي نيل رضوان الله ، وليست إشباع جوعات الإنسان ، لأن إشباع جوعات الإنسان جميعها ، مـن جوعات الحاجات العضوية ، وجوعات الغرائز ، هو وسيلة لازمة للمحافظة على ذات الإنسان ، ولا يلزم من وجود السعادة . هذا هو تصوير الحياة . وهذا هو الأساس الذي يقوم عليه هذا التصوير . وهو الأساس للحضارة الإسلامية . وإنها لتناقض الحضارة الغربية كل المناقضة ، كما أن الأشكال المدنية الناجمة عنها تناقض الأشكال المدنية الناجمة عن الحضارة الغربية . فمثلاً : الصورة شكل مدني ، والحضارة الغربية تعتبر صورة امرأة عارية تبرز فيها جميع مفاتنها شكلاً مدنياً ، يتفق مع مفاهيمها في الحياة عن المرأة . ولذلك يعتبرها الغربي قطعة فنية يعتز بها كشكل مدني ، وقطعة فنية إذا استكملت شروط الفن ، ولكن هذا الشكل يتناقض مع حضارة الإسلام ، ويخالف مفاهيمه عن المرأة التي هي عرض يجب أن يصان ، ولذلك يمنع هذا التصوير لأنه يسبب إثارة غريزة النوع ويؤدي إلى فوضوية الأخلاق . ومثل ذلك أيضا ما إذا أراد المسلم أن يقيم بيتاً وهو شكل مدني ، فانه يراعي فيه عدم انكشاف المرأة في حال تبذلها لمن هو خارج البيت ، فيقيم حوله سوراً ، بخلاف الغربي فانه لا يراعي ذلك حسب حضارته . وهكذا كافة ما ينتج من الأشكال المدنية عن الحضارة الغربية كالتماثيل ونحوها . وكذلك الملابس ، فإنها إن كانت خاصة بالكفار باعتبارهم كفاراً لم يجز للمسلم أن يلبسها ، لأنها تحمل وجهة نظر معينة ، وان لم تكن كذلك بأن تعارفوا على ملابس معينة لا باعتبار كفرهم ، بل أخذوها لحاجة أو زينة فإنها تعد حينئذ من الأشكال المدنية العامة ويجوز استعمالها .
أما الأشكال المدنية الناتجة عن العلم والصناعة كأدوات المختبرات والآلات الطبية والصناعية ، والأثاث والطنافس وما شاكلها ، فإنها أشكال مدنية عالمية لا يراعى في أخذها أي شيء ، لأنها ليست ناجمة عن الحضارة ، ولا تتعلق بها .
ونظرة خاطفة للحضارة الغربية التي تتحكم في العالم اليوم ، ترينا أن الحضارة الغربية لا تستطيع أن تضمن للإنسانية طمأنينتها ، بل إنها على العكس من ذلك سببت هذا الشقاء الذي يتقلب العالم على أشواكه ، ويصطلي بناره . والحضارة التي تجعل أساسها فصل الدين عن الحياة خلافاً لفطرة الإنسان ، ولا تقيم للناحية الروحية وزناً في الحياة العامة ، وتصور الحياة بأنها المنفعة فقط ، وتجعل الصلة بين الإنسان والإنسان في الحياة هي المنفعة ، هذه الحضارة لا تنتج إلا شقاء وقلقاً دائمين ، فما دامت هذه المنفعة هي الأساس ، فالتنازع عليها طبيعي ، والنضال في سبيلها طبيعي ، والاعتماد على القوة في إقامة الصلات بين البشر طبيعي . ولذلك يكون الاستعمار طبيعياً عند أهل هذه الحضارة ، وتكون الأخلاق مزعزعة ، لأن المنفعة وحدها ستظل هي أساس الحياة . ولهذا فمن الطبيعي أن تنفي من الحياة الأخلاق الكريمة كما نفيت منها القيم الروحية ، وأن تقوم الحياة على أساس التنافس والنضال والاعتداء والاستعمار . وما هو واقع في العالم اليوم من وجود أزمات روحية في نفوس البشر ، ومن قلق دائم وشر مستطير ، خير دليل على نتائج هذه الحضارة الغربية ، لأنها هي التي تتحكم في العالم وهي التي أدت إلى هذه النتائج الخطيرة والخطرة على الإنسانية .
ونظرة إلى الحضارة الإسلامية التي تحكمت في العالم منذ القرن السادس الميلادي حتى أواخر القرن الثامن عشر الميلادي ، ترينا أنها لم تكن مستعمرة ، وليس من طبعها الاستعمار ، لأنها لم تفرق بين المسلمين وغيرهم ، فضمنت العدالة لجميع الشعوب التي دانت لها طوال مدة حكمها ، لأنها حضارة تقوم على الأساس الروحي الذي يحقق القيم جميعها : من مادية ، وروحية ، وأخلاقية ، وإنسانية . وتجعل الوزن كله في الحياة للعقيدة . وتصور الحياة بأنها مسيرة بأوامر الله ونواهيه ، وتجعل معنى السعادة بأنها رضوان الله ، وحين تسود هذه الحضارة الإسلامية كما سادت من قبل ، فإنها ستكفل معالجة أزمات العالم ، وتضمن الرفاهية للإنسانية جمعاء .
هذا هو الفرق بين الحضارة و المدنية و قد وضحنا الأسس و المنطلقات الفكرية في الحضارة الغربية و الحضارة الإسلام و بهذا ضربنا قولك برمته و نقضنا ما هذبت إليه من قولك أن الحضارة الغربية جيناتها من الحضارة الإسلامية و هذا وحده كافي للرد عليك ردا مسكتا .
رابعا : نحن لا نريد ان نعيش في الواقع و معاذ الله إن كنت أنت تعرف الواقع الذي تعيشه فلو أدركت قيد أنمله واقع حياة المسلمين لما دعوتهم لفصل الدين عن الحياة .
خامسا : يقول الأستاذ جواد ما نصه ((وإنني لا أدعو "أبناء المسلمين" إلى ديمقراطية من نمط الديمقراطية التي سمحت لبوش وزمرته بأن يَحْكموا الولايات المتحدة، وأن يتحكَّموا، بالتالي، في العالم، متسربلين بـ "فكر" لا أراه مختلفا في الجوهر عن هذا الفكر الذي يقول به الأستاذ معاذ، فكلا الطرفين يَصْلُح مرآةً يرى فيها الآخر ذاته.
إنني لستُ من القائلين بـ "الديمقراطية الغربية" إلا بوصفها "درجة" في "سلَّم الحرية (الإنسانية)"، ينبغي لنا الوصول إليها قبل ومن أجل تخطِّيها
صعوداً.))
لقد بينا أن الديمقراطية ليست من الإسلام و هي تجعل الأمة مصدر التشريع و أن التشريع لله وحده و كان حري بك أن ترد على النقاط التي ذكرتها و التي نقضت كلامك كله في موضوع الديمقراطية .
سادساً : يقول (( وإنني، بكلام جامع مانع، أقول لكَ إنَّ كل فكر يريد له أصحابه أن يكون حرباً لا هوادة فيها على القيم والمبادئ الديمقراطية (العالمية) هو فكرٌ لحرب لا هوادة فيها على العرب، بوصفهم أُمَّة، وعلى حقِّهم القومي والديمقراطي، وعلى "الإنسان" العربي، وجودا وحقوقا. لقد نَبَذْتَ "الشعب" وحقوقه، "الإنسان" وحقوقه، إذ قُلْتَ وكأنَّكَ ابن السماء: "نرفض الديمقراطية لأنَّها تجعل السيادة للشعب"!
إنَّكَ ـ يا أستاذ معاذ ـ تلغي "الشعب"، إنْ لم يكن "وجودا" فـ "حقوقا"، لتجيء بـ "البقرات المقدَّسة"، وتُنصِّبها حُكَّاماً عليه باسم السماء، وكأنَّ "النظام السياسي" الذي تُبشِّرنا به هو الذي فيه، وبه، يمكن ويجب أن يتحوَّل "الشعب" إلى ما يشبه "قطيع الغنم"؛ لأنَّ مجتمعا يتحوَّل أبناؤه إلى "قطعان" هو وحده الذي يُنْجِب "الطغاة" من كل لون ونوع.
أقولها لكَ، وبالفم الملآن، نريد السيادة للشعب.. وللشعب وحده، ولو كان الشعب على ضلال سياسي.. لو كان لا يملك من الوعي السياسي إلا ما يجعله عدوَّا لمصالحه (الواقعية الحقيقية) فالشعوب كما الأفراد تتعلَّم من تجاربها، ومن تجاربها المُرَّة أوَّلا.
نريد للشعب، بإرادته السياسية الحرَّة، أن يكون المرجع الأعلى، فليس، في عالم السياسة، من شرعية تعلو تلك الشرعية المستمدَّة من "صندوق اقتراع ديمقراطي شفَّاف"، يُظْهِر الإرادة السياسية الحرَّة للشعب من غير زيادة أو نقصان، فالحكومة التي نريد إنَّما هي الحكومة التي تشبهنا، إيجابا وسلبا.
ونريد للشعب أن يكون هو وحده "مَصْدَر السلطات جميعا"، فكل سلطة لا يكون الشعب مَصْدرها إنَّما هي سلطة معادية للشعب ولو تلوَّنت بلون السماء، فالسماء تعلو الأرض إلا في السياسة، وفي كل أمر يخصُّ الشعب وعيشه.
إذا أردتَ السيادة لـ "الشرع" فلا سيادة لـ "شرع" إنْ هي ناقضت سيادة الشعب، فـ "الأرض والسماء كانتا رتقا ففتقناهما"، فلا تُعيد رتق ما فتقه الله.
وقد علَّمنا تاريخنا، أو الجانب المُظْلِم منه، أنَّ "سيادة الشرع" تؤول في الممارسة إلى "سيادة المشرِّع" الذي مهما سعى في إيهامنا أنَّ بينه وبين السماء قرابة يظل بشراً، لا يُشَرِّع إلا بما يُوافِق مصالحه الشخصية والفئوية الضيِّقة، وإن استعان بـ "السماء"، أبجدية، وقلما، وحبرا.
هذا الكلام الإنشائي شبعنا منه و هذا الخطاب العاطفي لكي تدغدغ مشاعر الناس بأنك تريد الحرية لهم و من هذا الكلام فالرد عليه ما يلي :
نعم نرفض الديمقراطية لأنها كفر بالإسلام و كفر بالقرآن و لن نستبدل الأعلى بالأدنى فقد جاء الله بأحكام للإنسان يجب أن يتقيد بها و هذه الأحكام الشرعية شاملة لكل زمان و مكان و إذا أحببت شرحت لك شيء منها و عندي القدرة أن أقدم لك علاج لأي مشكله في الدنيا لا يوجد لها حكم في الإسلام و أتحداك أنت و بوش أن تذكر لي مسألة لا يوجد لها حكم في الإسلام .