المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لا يجوز أن تتغير الأحكام بتغير الزمان والمكان



معاذ أبو الهيجاء
14/07/2007, 11:45 PM
لا يجوز أن تتغير الأحكام بتغير الزمان والمكان

يسيطر على أذهان غالبية المسلمين في هذه الأيام اعتقاد مؤداه أن الإسلام مرن، وأنه يساير الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في كل زمان ومكان، وهو يتطور لينطبق في أحكامه على مقتضيات الأوضاع العصرية، ومتطلبات ما ألِفَه الناس واعتادوه في أيامنا هذه.

وهم يدّعون في سند دعواهم هذه بقاعدة يصفونها بأنها شرعية تقول: "لا يُنكَر تغير الأحكام بتغير الزمان"! وعلى أساس ذلك تجدهم يسايرون الواقع في سلوكهم، ويتكيفون بتصرفاتهم حسبما يقتضيه، فإن ذكّرتهم بأحكام الشرع قالوا إنها كانت لزمن معين، والإسلام يوجِب أن يكون الإنسان مجارياً لعصره! وعاملاً بما يلائم زمانه ومكانه!!.. فهم يبررون وجود البنوك الربوية والشركات المساهمة والتعامل معها، بأن ذلك مصلحة واقعية ولا بد من ليّ الإسلام ليقبلها، فهو مرن كما يفترون. وتبرّج النساء واختلاطهن بالغير لغير حاجة يقرّها الشرع، والسهر مع الغرباء في الحفلات لا بد من السماح به والرضى به لأنه من متطلبات العصر. وكيف يخالف الإسلام العصر والقاعدة الشرعية تقول: إن الإسلام يتغير بتغير الزمان والمكان؟! ذلك ما يدّعون. وتعدد الزوجات انتهى حكمه لأن الزمن لم يعد يستسيغ ذلك. وقطع يد السارق، ورجم الزاني أو جلده لا يجوز البحث بها لأنها لا تناسب ذوق زماننا هذا.
وهكذا تسير القاعدة وأمثلتها لتركَّز تماماً في أذهان المسلمين في حين أنها تخالف الإسلام مخالفة كلية، بل تنسف أصوله وفروعه، وتقضي على تشريعه وتطمس معالمه. وهي إنّما نشأت في آخر القرن التاسع عشر أيام شدة الانحطاط الفكري، ثم جاء الاستعمار فغذّاها حتى طغت بهذا الشكل العنيف.
إن الأحكام الشرعية في الإسلام أنظمة جاءت لمعالجة الإنسان في إشباع جوعاته الغريزية والعضوية، وقد خاطَبَنا بها الشارع في الكتاب والسنّة وهما مصدر الاستنباط الوحيد للأحكام الشرعية في الإسلام. فالحكم الشرعي هو خطاب الشارع المتعلق بأفعال العباد، وهو –أي الحكم الشرعي- لا بد أن يثبُت بالدليل أنه خطاب من الشارع، بمعنى أنه لا بد أن يكون مأخوذاً من النص الذي هو الآية أو الحديث، أو ما ثبت بالنص كإجماع الصحابة والقياس لعلّة شرعية. وعلى هذا كان مصدر الأحكام الشرعية واحداً لا غير، هو كتاب الله وسنّة رسوله، منهما تُستنبط المعالجات لحل مشاكل الناس وفض النزاع بينهم. فهل الزمان والمكان كتاب أم سنّة؟ وعلى أي أساس يجوز للإنسان أن ينظم معالجات نفسه، أو للأمّة أن تنظم علاقات مجتمعها بمقتضى الزمان والمكان، والله قد فرض أن يعالَج الواقع بالأحكام المستنبَطة من كتاب الله وسنّة رسوله؟
إن الشريعة الإسلامية في معالجتها للإنسان تقضي بدراسة واقع مشاكله ثم التعرف على حكم الله فيها باستنباطه من الكتاب والسنّة، أو ما أرشدا إليه. فواجب على كل مسلم عند تطبيق الشريعة على المجتمع أن يدرس المجتمع دراسة دقيقة ثم يعالجه بشرع الله، ويغيره تغييراً انقلابياً على أساس مبدأ الإسلام دون إقامة وزن للظروف والأحوال في مخالفة الشرع، فكل ما خالف الإسلام لا بد من إزالته، وكل ما أمر به الإسلام لا بد من تمكينه وجعله موضع التطبيق. فواقع المجتمع لا بد أن يكون مقيَّداً بأوامر الله ونواهيه، ولا يحل للمسلمين أن يتكيفوا حسب واقع زمانهم ومكانهم بل عليهم أن يعالجوا ذلك بكتاب الله وسنّة رسوله.
منقول