د.عبدالرحمن أقرع
24/07/2007, 02:24 AM
بصمات انثوية في سفر الطب العظيم
د. عبد الرحمن أقرع
أغنوديس-في الزمن الغابر للحضارة الاغريقية كات الممارسة الطبية حكرا على الرجال ، وظل الامر كذلك حتى خرقت امرأة اغريقية شجاعة جدار الصمت ، وانتزعت حقا لبنات جنسها في ممارسة هذه المهنة الانسانية النبيلة لتغير وجه التاريخ بعد ان تسلحت بالايمان بدورها في صياغة مفردات الحياة. تلك هي (أغنوديس) الاغريقية.
وان اختلف الممؤرخون في كينونة (أغنوديس) كوجه تاريخي حقيقي ، ام مجرد اسم من الاسماء التي تزخر بها الميثولوجيا اليونانية ، الا ان حكايتها التي أكدها (هيجينوس) احد الكتاب اللتين في القرن الاول للميلاد جديرة بأن تسرد ، بل وان تجسد مثلا للطموح المتقد الذي يصر على بلوغ الغاية مهما كانت التضحيات.
فقد كانت تلك الفتاة البكر مغرمة بدراسة الطب الذي حرم على بنات جنسها وفقا لقوانين مجتمعها الاغريقي وأعرافه ، الا ان ولوعها بذلك العلم الانساني السامي اوحى لها بأن تدبر أمرا ، فما كان منها الا ان تمسك بالمقص و تقص شعرها الذي هو رأسمال الجمال لكل فتاة في زمنها ، ثم لترتدي ملابس الرجال متنكرة تحاشيا للاصطدام بالعرف غير العادل ، لتصبح تلميذة (تلميذا) من تلامذة (هيروفيلوس)، ذلك الطبيب الاغريقي الذي عاش في القرن الثالث قبل الميلاد وذاع صيته كاول من وضع اسس علم التشريح للجسد البشري ، كما حظى بالخلود التاريخي لكونه مؤسس مكتبة الاسكندرية الطبية.
ودأبت (أغنوديس) على حضور دروسه حتى تعلمت الفن الذي طالما طمحت لاتقانه ، وان كلفها التنكر في هيئة الرجال ، وذات ليلة سمعت صوت امرأة تستغيث تحت وطأة الام الطلق ، فهرعت لمساعدتها ، ففاجأها رفض تلك المرأة لتلقي مساعدتها ظنا منها انها رجل رغم معاناة المخاض ، فابتسمت (اغنوديس) وخلعت عنها ثياب الرجال مظهرة مفاتنها الانثوية باعثة الطمأنينة في نفس المرأة التي استسلمت لعلاج امرأة مثلها بسكينة وسلام.
غير ان الامر ذاع فلم يرق للاطباء الذكور الذين صدمتهم حقيقة ان النساء لا يحبذن خدماتهم طالما ان امرأة من بنات جنسهن تتقن ما يتقنونه هم انفسهم، فاتهموا أغنوديس(الرجل) باغواء النساء ، كما اتهموا النساء بالتظاهر بالمرض ليحظين بالخلوة مع (اغنوديس) الامر الذي قاد اغنوديس أخيرا للمثول امام العدالة لتصم اذنيها سيول الاتهامات من الرجال الذين لم يتأنوا في كيل التهم جزافا ، فما كان منها الا ان خلعت ردائها الرجالي ثانية في قاعة المحكمة مثبتة هويتها الانثوية ، واذ اسقط في يد الرجال ، بدأوا نوعا اخر من الاتهامات وهذه المرة لكونها خالفت القانون بتعلم الطب المحرم على النساء.
وبين هرج و مرج سادا قاعة المحكمة دخلت نساء القادة الاغريق ليعلن بصوت واضح لا لبس فيه قائلات : ( ايها الرجال،لستم ازواجا بل اعداء اذ تدينون من وهبت لنا الصحة والحياة بفنها الذي حذقت فيه ، وتكيلون لها تهما هي منها براء) ، كان الصوت من الوضوح والحسم بمقدار ، مما دفع رجالات المجتمع وقادته للتشاور ومن ثم الخروج بقرار تعديل القوانين بما يسمح للنساء بتعلم وممارسة الفن الطبي.
د. عبد الرحمن أقرع
أغنوديس-في الزمن الغابر للحضارة الاغريقية كات الممارسة الطبية حكرا على الرجال ، وظل الامر كذلك حتى خرقت امرأة اغريقية شجاعة جدار الصمت ، وانتزعت حقا لبنات جنسها في ممارسة هذه المهنة الانسانية النبيلة لتغير وجه التاريخ بعد ان تسلحت بالايمان بدورها في صياغة مفردات الحياة. تلك هي (أغنوديس) الاغريقية.
وان اختلف الممؤرخون في كينونة (أغنوديس) كوجه تاريخي حقيقي ، ام مجرد اسم من الاسماء التي تزخر بها الميثولوجيا اليونانية ، الا ان حكايتها التي أكدها (هيجينوس) احد الكتاب اللتين في القرن الاول للميلاد جديرة بأن تسرد ، بل وان تجسد مثلا للطموح المتقد الذي يصر على بلوغ الغاية مهما كانت التضحيات.
فقد كانت تلك الفتاة البكر مغرمة بدراسة الطب الذي حرم على بنات جنسها وفقا لقوانين مجتمعها الاغريقي وأعرافه ، الا ان ولوعها بذلك العلم الانساني السامي اوحى لها بأن تدبر أمرا ، فما كان منها الا ان تمسك بالمقص و تقص شعرها الذي هو رأسمال الجمال لكل فتاة في زمنها ، ثم لترتدي ملابس الرجال متنكرة تحاشيا للاصطدام بالعرف غير العادل ، لتصبح تلميذة (تلميذا) من تلامذة (هيروفيلوس)، ذلك الطبيب الاغريقي الذي عاش في القرن الثالث قبل الميلاد وذاع صيته كاول من وضع اسس علم التشريح للجسد البشري ، كما حظى بالخلود التاريخي لكونه مؤسس مكتبة الاسكندرية الطبية.
ودأبت (أغنوديس) على حضور دروسه حتى تعلمت الفن الذي طالما طمحت لاتقانه ، وان كلفها التنكر في هيئة الرجال ، وذات ليلة سمعت صوت امرأة تستغيث تحت وطأة الام الطلق ، فهرعت لمساعدتها ، ففاجأها رفض تلك المرأة لتلقي مساعدتها ظنا منها انها رجل رغم معاناة المخاض ، فابتسمت (اغنوديس) وخلعت عنها ثياب الرجال مظهرة مفاتنها الانثوية باعثة الطمأنينة في نفس المرأة التي استسلمت لعلاج امرأة مثلها بسكينة وسلام.
غير ان الامر ذاع فلم يرق للاطباء الذكور الذين صدمتهم حقيقة ان النساء لا يحبذن خدماتهم طالما ان امرأة من بنات جنسهن تتقن ما يتقنونه هم انفسهم، فاتهموا أغنوديس(الرجل) باغواء النساء ، كما اتهموا النساء بالتظاهر بالمرض ليحظين بالخلوة مع (اغنوديس) الامر الذي قاد اغنوديس أخيرا للمثول امام العدالة لتصم اذنيها سيول الاتهامات من الرجال الذين لم يتأنوا في كيل التهم جزافا ، فما كان منها الا ان خلعت ردائها الرجالي ثانية في قاعة المحكمة مثبتة هويتها الانثوية ، واذ اسقط في يد الرجال ، بدأوا نوعا اخر من الاتهامات وهذه المرة لكونها خالفت القانون بتعلم الطب المحرم على النساء.
وبين هرج و مرج سادا قاعة المحكمة دخلت نساء القادة الاغريق ليعلن بصوت واضح لا لبس فيه قائلات : ( ايها الرجال،لستم ازواجا بل اعداء اذ تدينون من وهبت لنا الصحة والحياة بفنها الذي حذقت فيه ، وتكيلون لها تهما هي منها براء) ، كان الصوت من الوضوح والحسم بمقدار ، مما دفع رجالات المجتمع وقادته للتشاور ومن ثم الخروج بقرار تعديل القوانين بما يسمح للنساء بتعلم وممارسة الفن الطبي.