المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لا تقتلوا الحب بديعة بنمراح



بديعة بنمراح
30/07/2007, 08:15 PM
لا تقتلوا الحب
http://www.inanasite.com/bb/images/avatars/74.gif
الأديبة بديعة بنمراح

لكن هذا قرار صعب .. أرجو أن تعطي نفسك فسحة تفكير أخرى.
ـ آه ! طفح قلبي يا هدى ، فلم أعد أقوى على تحمل أي نوع من الأحزان.
بدت علا و كأنها تعاني من مرارات ثقيلة أفرجت عنها أخيرا بصرخة..
ـ و الأسرة ..و ابنتك .. و الناس ! هل خطر ببالك كيف ستواجهين كل هؤلاء؟
تفتي صديقتها هدى و هي تلبس رداء النصح و الإرشاد
ـ و أين كان كل هؤلاء ، عندما كنت و كلي حزن و أسى ، أواجه ليلي القاتم وحدي ، و أنا أشهد نجوم حبي تتساقط و تنطفئ؟!
ـ ليس بالحب وحده يحيا الإنسان يا علا ، جربي أن تعيشي حياة عادية ككل النساء تسعدين ..
و تحس علا بندم مرير ..كيف تخيلت أنها ستزيح عن صدرها صخور الألم ، بحديثها مع هدى؟ كيف هجست أنها سوف تهدأ و تطمئن بعد أن تبوح لها بمكنونات قلبها .. وها هي ذي تصفعها بكلمات مرصوفة بالشوك و الجراح..فتمر بالذاكرة عبارة لكاتب تحبه:" الأذى يتجلى عندما نرغب ممارسة حريتنا"
***

أبدا لم أر امرأة تصر على هدم بيتها ، كما تفعل هي ! تخاطب هدى زوجها وهي تلمح في عينيه أسئلة حيرى عن نتيجة لقائها بعلا.
ـ لكن الطلاق قد يكون أحيانا بلسما لجراحلت عظمى ..يوسوس نادر ، وعيونه مليئة بالتحدي.
ـ لا بد أنك مثلها تؤمن بأوهام العشق .. لا يا عزيزي ! هذا زمن القوة و سيادة المادة ، و المرأة في مجتمعنا يعيبها و يتقص من قيمتها أن تخوض في ذلك الشيء المخجل ، ..تطلقها الزوجة وكأنها زغرودة تشي بانتصارها.
ـ الآن فقط فهمت ، يقول علي بأسى ، كيف لم تبدر منك طول مدة ارتباطنا كلمة حب واحدة ، تدفئين بها مشاعري ، و فهمت أكثر معنى الإجلال الرهيب الذي تكنينه للمال!
أفكار بقيت مغلولة داخله منذ اكتسحت نفسه الحسرة على زيجة لم يخترها ، لكنه أفسح لها المجال كي ترى النور الآن.
***

هي الآن و زوجها وجها لوجه ، بينهما صمت جليل ..لكن وترا حزينا يخترق ذاك السكون ، يعزف بروعة قسوة الوداع .
ـ اصغ إلي جيدا يا علا ! ما تطالبين به أمر سهل بالنسبة إلي ، فأنا رجل على كل حال ، لا المجتمع ولا العائلة سيلومونني على خطوة مثل هذه .. لكن أنت..
ـ أنا امرأة .. تقاطعه الزوجة ، و الكل سيرمي اللوم علي ..لكني مصرة على كسر قيدي مهما حصل..
ـ وهل تسمين الحب الكبير الذي جمعنا قيدا يا علا ؟
ـ أرجوك لا تثر أشجاني يا هانئ ! لأني لا أريد أن أتذكر..صدقني لست نادمة على أيامنا معا ، و لا على المحبة التي ألفت بين قلوبنا ، لكني فعلا حزينة لأن ذاك الحب ضاع منا ..
ـ و لم لا نعط أنفسنا فرصة أخيرة ..أعدك أني سوف أتغير.. على الأقل من أجل ابنتنا.
ـ ضاعت كل الفرص يا أخي ، ولم يبق أمامنا سوى الفراق .. الفراق سيرحمنا من العذاب ، و يجعل كلا منا يمشي في طريقه و معه بقية احترام للآخر .
يكفهر وجه الزوج و تجحظ عيناه و هو يسمع مثل هذا الكلام من زوجته ، فيصب عليها رعوده و زلازله:
ـ يبدو أنك مصرة على قرارك ..أريدك أن تعلمي أنك سوف تندمين ..و الثمن ستدفعينه غاليا .. و غاليا جدا
تهمي العبرات على وجنتي علا دون إذن منها ، و يخفق قلبها وجفا بين الضلوع ، لا شك أن ملك سوف تصحو كعادتها كل صراخ ، و الدموغ تبللها .. أصبحت الوردة العبقة بالعطر و الفرح تهلوس في نومها! ا .....
تقترب علا من زوحها ، و تقول له بصوت خفيض ، و العبرات لما تجف من جفونها :
ـ وأنا أريدك أن تعرف أن صقيع عواطفك ، هو ما عكر العلاقات بيننا يوما بعد يوم ، إلى أن ذابت جمرة الحب العظيم الذي ألف بين قلوبنا ، و لم يبق بين أيدينا إلا رماد المشاعر .. و ها نحن نسكن إلى أحضان بعضنا في المساءات الحزينة دون أن نستشعر دفئا و لا حنانا ، بل يحس كل منا و هو بين يدي أليفه بالوحدة و الغربة .. ومع ذلك ، فقد دفعت الثمن أغلى مما تتصور ، أياما و سنينا من عمري ..
ـ و هل تحلمين عزيزتي أن تجدي الدفء و الحنان مع أليف غيري . بعد كل هذه السنين ؟ يقول الزوج و السخرية تتلألأ في عيونه .
ـ الأحاسيس ليست لها دعوة بالسنين .. تقول الزوجة ، و الإنسان في كل مرحلة من مراحل عمره ، يتوق لنفس حانية تجفف دمعاته ، و تمنحه إحساسا بجمال الحياة ..لكني لا أفكر الآن إلا في حريتي و حياة ابنتي ...
[/B]

طه خضر
30/07/2007, 08:23 PM
أستاذتنا المكرّمة ..

أراكم تتحدثون عن واقع لا أملك إلا أن اقول إني عشته في يوم من الأيام ..

قراءة سريعة ولي عودة بقراءة متأنّية علـّي أوفي النص الرائع قليل مما يستحق ..

كل الإحترام والتقدير ..

عبد الحميد الغرباوي
30/07/2007, 09:16 PM
برؤية واقعية، و ببناء حواري متوثر، تنقل لنا الأديبة بديعة بنمراح ( التي غابت عنا ردحا من الزمان) الفصل الأخير من حياة انتهت باليأس ، بالفشل...
حياة كان بطلاها يعتقدان ( أو يتوهمان) أنهما يعيشان قصة حب جارف...
الأبرز في هذه القصة هو العنوان: لا تقتلوا الحب...
فهو نداء لكل الأسر، لكل الأزواج أن يعملوا من أجل الحفاظ عليه، حمايته...و أعني بذلك (الحب)...
شخصيا لي رأي في الرباط الذي يربط بين زوجين و نسميه ( الحب)...طرحته في مكان آخر من منتديات (واتا)..
حييت أختي بديعة، و أتمنى ألا تطول غيبتك مرة أخرى...

بديعة بنمراح
30/07/2007, 09:44 PM
الأخ المبدع روح و قلم
أشكر لك المرور الكريم ، و الكلمات الرقيقة.
انتظر عودتك و قراءتك بشوق.
مودتي

بديعة بنمراح
30/07/2007, 09:50 PM
الصديق المبدع عبد الحميد الغرباوي
أولا ، أشكر لك اهتمامك و سؤالك.. و الله غيبتي كانت غصبا عني. و أعدك أن لا تتكرر إن شاء الله.
ثانيا ، سرني مرورك المبهج و قراءتك العميقة.
كل الود لك و التقدير العميق

محمد فؤاد منصور
30/07/2007, 11:53 PM
الأخت العزيزة بديعة بنمراح
فى نص جميل يمتاز بقدرة فائقة على إمتلاك ناصية الحكى دخلت بنا إلى مشكلة العلاقة الزوجية المتأزمة دون مقدمات فوجدنا أنفسنا من أول سطر داخل الحدث نتابعه مشفقين على الحب المنهار ، هى مشكلة لاتخلو منها علاقة زوجية فيما أظن حين يتحول الحب من درجة الغليان إلى الفتور فالبرود تبدأ الحياة الزوجية فى التحلل فالفناء مالم يبدأ الشريكان فى التمسك بمشاعر العشرة والسكن والمودة التى أمرنا بها الخالق وهو أعلم بطبائعنا.. أجدت تقديم الصورة بشكل جاذب ولافت للنظر فشكراً لك وعود حميد.
دكتور/ محمد فؤاد منصور
الأسكندرية :fl:

بديعة بنمراح
31/07/2007, 11:53 AM
الأخ العزيز المبدع محمد فؤاد منصور
أبهجتني قراءتك المنأنية لقصتي ، و كلماتك المعبرة ،و غوصك في أعماق النص.
فعلا أخي الكريم ، لو تمسك الأزواج بالود و المشاعر النبيلة ، و الثقة لما انهار كل شيء جميل بينهم.
شكرا لانك كنت هنا. شكرا لمساعرك النبيلة.
مودتي و تقديري للدكتورفؤاد

حسن البقالي
01/08/2007, 12:31 AM
الأديبة بديعة بنمراح
ما لفت انتباهي أن قصتك ناهضة أساسا على الحوار ,بينما هي ترصد لأجواء لانعدام الحوار ؟ألم يكن المونولوج أكثر ملاءمة لطبيعة "الحدث"؟
مجرد سؤال سيدتي, لا يروم أكثر من إثارة نقاش حول القصة..
تحيتي..

بديعة بنمراح
01/08/2007, 04:07 PM
الاخ المبدع حسن البقالي
سررت بمرورك و ملاحظتك.
طبعا احترم رأيك و أقدره .
مودتي

أميرة شاهين
14/08/2007, 03:46 AM
الكاتبة الرائعة بديعة:


حقا ان القصة بديعة و مؤلمة في نفس الوقت و لكنها واقع مرير يعيشه الكثيرون , ان الحب لكي يستمر بعد الزواج يحتاج لكثير من الجهد و الاصرار و التسامح يحتاج لبراكين من النار لتكسر جبال الجليد , حظا موفقا في كل كتاباتك التالية:fl:

بديعة بنمراح
15/08/2007, 03:33 AM
:hi:

الأخت المبدعة أميرة
سعيدة جدا بالتعرف عليك
مرورك الكريم أبهجني. و سرتني قراءتك لنصي ، و كلماتك الصادقة.
كل الود و التقدير

طه خضر
26/08/2007, 07:06 PM
ماذا سيكون رأي أديبتنا إذا علمت أن ما طرحته متجذّر في مجتمعاتنا حتى النخاع ؟؟!!

إن خيبة الأبناء وانحراف البنات ، وأحيانا خيانة الأزواج ومن خلفهن الزوجات هو نتاج طبيعي

لإنعدام الحب وهروب الألفة من عش الزوجيّة ، وأجزم أن الكل مشترك في هذه الجريمة ،

ولا نبرّأ منها أحدا ، أبتداء من الأم والأب الذان حكّما العادات والتقاليد البالية في تربية أبناءهم

ومرورا بالمشرّع الوضعي الذي سن القوانين التي تبيح الزواج على عواهنه وبغض النظر عن الأعمار

والتفاوت الإجتماعي والفروقات الطبقيّة وأنتهاء بالشاب الذي سمح لنفسه أن يستعبد الأنثى ومن وراءه أيضا

الأنثى نفسها التي لم ترى بالزواج إلا فستانا ابيض وأساور ذهب وقضاء لشهوة جامحة .

هي اذا مشكلة مستعصية وتبدو كأن لا حل لها إلا ببرنامج طويل الأمد يبدأ مع الصغار وتوعيتهم عبر المناهج الدراسية

بداية ولا يستثني الكبار الذين هم أس البلاء ومكمن الداء ..

أديبتنا المميّزة ..

هذه قراءة بسيطة لمشكلة تبدو أبسط ، لكنها نار تلظـّى تحت رماد لا يلبث أن يعاود اشتعاله ..

كل الإحترام والتقدير ..

طــه خــضر ..!!

بديعة بنمراح
27/08/2007, 03:06 AM
:fl:

المبدع العزيز طه
تشرفت بمعرفة اسمك
أشكر لك قراءتك المعمقة و تحليلك..
دمت بهيا.. مودتي

عبد العزيز غوردو
28/08/2007, 01:04 AM
العزيزة المتألقة بديعة

حوار أسيان... شق ابتسامة حزينة في نهاية محطة غاب عنها الحب...

وحضر فيها الجليد بقوة...

تهاني... ومودتي

بديعة بنمراح
28/08/2007, 02:35 PM
:fl:

المبدع المتألق عبد العزيز
أصبحت انتظر طلّتك ، و أصبحت حروفي تشتاق لعبير حرفك.
صدقا أخي ، أصبح الجليد يرمح بين خلايا العلاقات الحميمية في مجتمعاتنا .
شكرا لمرورك و قراءتك.. أسعدتني.
كل الود