المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أجراس



فهد الخليوي
02/08/2007, 09:58 AM
خمسون حولا دقت اجراسها قبل لحظة , بين صخب جرس وآخر تقبع ارتعاشة مرهفة داخل مسرحية طويلة , يشدها قضيبان , هزلي وتراجيدي.
كان في تلك الليلة ضجرا , رغب لو تمطر السماء وتبلل الأرض وتنقر بزخاتها هياكل السيارات التالفة وبقايا الأخشاب المهملة وكميات العلب الفارغة المتناثرة علي جنبات الشوارع.
كان يحلم ان تمطر السماء وتثير في مشاعره عبق الذكريات الآفلة0
قاد سيارته باتجاه جنوب المدينة , كانت منظومة من النجوم مصطفة في السماء وقد نسجت عقدا ضوئيا تلاشى سريعا وسط غيوم بيضاء تمزقت كنتف القطن وسمحت لشفافية ضؤ بعيد بالتسرب بين فجواتها الباردة.
الأحياء القديمة جنوب المدينة ، تلتصق في بعضها كالتلال الرملية الصغيرة ، وتشيع عبقها الطيب الممزوج بالسكينة ولإستكانة.
للأمكنة في هذه الأحياء المتصلة بغوابر الأزمنة حضور متألق في ذاكرته.
عبر شارع ضيق ، أفضى به الى حيه القديم ،ها هو مسجد الحي عند بوابته الخشبية نعشان متقابلان لم يتغير مكانهما ثم مقهى(عبده اليماني) الذي رحل الى اليمن قبل سنوات وباع المقهى لأحد الهنود
توغل داخل الحي الى أن وصل لمنزله الصغير الذي تركه قبل ثلاثين عاما ، بسبب عجزه عن دفع اجره الشهري ،مالك المنزل أمهله يومين للبحث عن منزل آخر.
ـ آنذاك ـ جلب عشرات الكراتين ، من مرمى مستودعات الأغذية لشحن كتبه ، أما باقي ألأمتعة فأمكن شحنها بكيس صغير ، إبريق شاي من النحاس الأصفر، سخان كهربائي عتيق ، كوب من
الزجاج الباهت ، فراش من الإسفنج الهابط ، أقلام ، ناي , شريط غنائي ل (فيروز) ، وآخر ل(فوزي محسون).
أخذ يشحن الكتب ذات الحجم الأكبر (الوجود والعدم) يحتاج بمفرده لكرتون (الحرية سابقة للوجود العدم خارج الوجود) سارتر أديب وفنان أكثر منه فيلسوفا ومنظِرا.
(تدهور حضارة الغرب) لاشبنغلر ، ثلاثة أجزاء ، تحتاج لأكثر من كرتون (المدينة ليست نواة حضارة سكان المدن يكررون الحياة والموت بطريقة رتيبة وليس لهم علاقة بصنع الحضارة البتة) كيف؟
ستنتهي مهلة اليومين وأنت تقرأ قبل أن يجيبك هذا الموسوعي الجبار على سؤالك ،أما (هكذا تكلم زاردشت) فأقل حجما ويمكن شحنه مع بقية الكتب( على كل سائر أن يكون جسرا للمتقدمين وقدوة للمتأخرين) نيتشه 00 فيلسوف عظيم لا يتكرر.
أقلع عن همهماته وانهمك في ترتيب الكتب ، ذات الحجم الأكبر ، ثم الأوسط ، فالأصغر.
حمل كراتينه المدهشة وكيس متاعه الصغير ، ورحل عن هذا الحي قبل ثلاثين عاما.
إيقاعات حزينة وشجية ، تناغمت في فضاء روحه شعر أن ذاكرته تشتعل وتصهر المكان والزمان ، وكأنها تحيل حقبة توارت الى دقائق معدودات.
قاد سيارته متجها الى الشارع العام ، ثم سلك الطريق المؤدية الى البحر هناك وقف على الشاطئ منصتا لدمدمة البحر.

فيصل الزوايدي
02/08/2007, 04:29 PM
اخ فهد .. يوجد تفنن بديع في الوصف و قدرة على الاسهاب ..
مع المودة

ريمه الخاني
02/08/2007, 06:30 PM
قدرة على الوصف رائعه
تحيه لك

فهد الخليوي
02/08/2007, 10:18 PM
اخ فهد .. يوجد تفنن بديع في الوصف و قدرة على الاسهاب ..
مع المودة
أخ فيصل
أشكرك على مشاعرك الطيبة.

فهد الخليوي
02/08/2007, 10:25 PM
قدرة على الوصف رائعه
تحيه لك
العزيزة/ريمه
أسعدني رأيك بهذا النص.
دمت مبدعة.

نجوى الظافري
16/08/2007, 12:04 AM
عندما تصطخب أجراس العمر
ليس أمام المنصت لصخبها الا التأمل
هذه القصة زاخرة بلغة جميلة وصور ثرية.
أستاذي فهد
إعجابي بكل ماترسمه ريشتك من جمال.

فهد الخليوي
16/08/2007, 11:36 PM
عندما تصطخب أجراس العمر
ليس أمام المنصت لصخبها الا التأمل
هذه القصة زاخرة بلغة جميلة وصور ثرية.
أستاذي فهد
إعجابي بكل ماترسمه ريشتك من جمال.
أشكرك أختي العزيزة نجوى
على مشاعرك النبيلة
تحياتي

مسعد الحارثي
10/11/2007, 03:10 AM
في حقيبة العمر كتاب تبقى صفحاته مضيئة
مدى الدهر.
بهذه الأجراس ، يسمو البطل بثقافته
وعشقه للمعرفة الإنسانية.
عندما نكتشف أنه لا يملك من متاع الدنيا
عدا المتاع الأفضل والأجمل الذي يملكه
كل إنسان مثقف ومبدع يسعى لمعرفة الحقيقة
الغائبة ، ويثابر في سعيه للوصول إلى ضفاف المعرفة
والإبداع والجمال.
متاع البطل في قصة"أجراس" ليس متاعا للإستهلاك.
إنه مجموعة من الكتب الخالدة لكبار المبدعين في العالم.
وآلة موسيقية وأشرطة غنائية.
"أجراس" نص يعبر باقتدار عن فضاء مشرق وسط سماء
ملبدة بالغيوم.

فهد الخليوي
18/11/2007, 01:07 PM
القاص المبدع /مسعد الحارثي.
أثمن لك هذه القراءة الواعية والمضيئة لهذا النص
تقديري وامتناني.

فهد الخليوي
18/11/2007, 01:07 PM
القاص المبدع /مسعد الحارثي.
أثمن لك هذه القراءة الواعية والمضيئة لهذا النص
تقديري وامتناني.

ابراهيم اسعد
26/12/2007, 04:21 AM
الأستاذ فهد الخليوي
بكل صدق اسجل إعجابي بهذا النص
تمنياتي لك بالتوفيق والمزيد من الإبداع.

فهد الخليوي
07/01/2008, 11:21 PM
أخي الكريم ابراهيم أسعد..
مرورك هنا محل تقديري واعتزازي.

ناجي عزيز
09/01/2008, 06:33 PM
علي وقع أجراسك شعرت بأن عمر الإنسان يمضي بسرعة كلمح البرق
ولا يبقى منه راسخا سوى ماقدمه من معرفة وإبداع يساهمان في ديمومة الحياة إلى الأبد.
عاش إبداعك يافهد.

فهد الخليوي
14/01/2008, 02:05 PM
أخي ناجي
شكرا لمرورك الكريم.