المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نحو مفهوم..الحلقة الخامسة والأخيرة...التساؤلات والطروحات والشبهات و(المعاملة)



جميل أبو علي
04/08/2007, 10:04 PM
وما من كاتب إلا سيفنى....... ويبقي الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بخطك غير شيء ..... يسرك في القيامة أن تراه
اللهم اغفر لمؤلف هذا الكتاب وكاتبه ولمن يقرؤه ويساعد على نشره آمين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
لقد بحثنا في الحلقة السابقة (مطلبي كمسلم –المطلب للجميع) ونتابع ونقول بعد الإعتماد على الله سبحانه وتعالى
التساؤلات والطروحات والشبهات
ولكن وما إن تطرح الدعوة إلى الله والتمسك بالدين الإسلامي الحنيف, وتطبيق تعاليم الشريعة الإسلامية كحل لكل المشكلات في العالم أجمع , حتى ترى الأسئلة من كل ناحية ومن مختلف الجهات : من أهل الكتاب , وممن لا يؤمن بإله أصلاً, ومن المنافقين والكفرة , وحتى من المسلمين وغيرهم .
فإذا نظرت في هذه الأسئلة ترى منها ما يستحق الجواب والتفكير وترى منها ما لا يصح أن يطرح , وترى منها ما خرج وطرح عن حسن نية ومنها ما طرح عن سوء نية , ومنها ما يترتب عليه فائدة ما ومنها ما هو لمجرد الجدال فقط, منها ما خرج من أخ وصديق , ومنها ما خرج من عدو نكد , ومنها الاجتماعي والسياسي والأخلاقي والفكري .....الخ.
وها إني استعرض بعض هذه الأسئلة , لا للعرض فقط وإنما للإجابة عليها الإجابة الشافية الكافية إن شاء الله سبحانه وتعالى , وبقية الأسئلة تأتي تباعاً بعد ذلك كل في وقته المناسب فمن هذه الأسئلة مثلاً:
1- أنتم المسلمون تتكلمون عن سعادة أخروية غير السعادة الدنيوية وهي ما بعد الموت .
ونحن لا نؤمن بذلك بل ليس هناك سوى هذه الحياة التي نعيشها
2- ومنهم من يقول : نحن لا نمنع من التمسك بالدين ولا
نناقش في هذا الأمر ولك أن تعبد الله في الشكل الذي تراه فنحن من طرفنا نؤمن لك ما يتعلق بالدنيا , وندعوك إلى العمل معنا في هذا المجال , وفي المجال الديني والتعبدي اسلك الطريق الذي يعجبك , ومن الشعارات في هذا المقام " الدين لله والوطن للجميع
" ما لقيصر لقيصر وما لله لله"
3- ومنهم من يقول ليس كل المواطنين ينتمون إلى الإسلام بل منهم أصحاب ديانات أخرى فكيف نلزمهم بإتباع الدين الإسلامي ونسلبهم حرية الاعتقاد ونلزمهم بما لا يريدون ؟
4- ومنهم من يقول : أتريد أن ترجعنا إلى العصور الوسطى !
ونحن الآن في القرن الواحد والعشرين , ونسير في تطور مدهش وسريع في الاختراعات والمدنية, وما يصلح لتلك القرون لا يصلح الآن للتطبيق .
ولعل بعضهم يحتج هنا بقاعدة :" تتغير الأحكام بتغير الأزمان ".
5- ومنهم من يقول : نحن لا نؤمن بوجود نبي اسمه محمد صلى الله عليه وسلم ولذلك نحن ننكر رسالته أصلا .
6- ومنهم من يقول : نحن لا ننكر عليكم دينكم ولكن ننكر بعض المبادئ والأحكام والألفاظ , كلفظ أهل الذمة, وفرض الجزية وهذا ما يخالف المواطنة و المساواة بين الجميع .
7- ومنهم من يدعون إلى حل وسط , وهذا ما يدعو إليه بعض المسلمين وهو ما يسمونه – بالعمل على التقارب بين الأديان – وإذا ما تم الاتفاق على ذلك فليس من حاجة لفرض الإسلام نظاماً وحكماً وقوانين على المجتمع .
8- ومنهم من يقول : أتريدون أن تستبدلوا الدكتاتوريات الحالية بدكتاتورية الإسلام ؟
9- هل ستعطون إن حكمتم حرية الفكر والعقيدة والكلام للجميع ؟
10- هل ستعطون المرأة حريتها الكاملة وحقوقها المتنوعة في العمل والتعليم واستلام المراكز المتنوعة في السلطة والدولة ؟
11- هل ستنتجون الأفلام السينمائية وتسمحون بالأغاني والمراقص والأندية المتنوعة وهل ستسمحون بعرض كافة أنواع الأفلام المجلوبة؟
ومن الأسئلة التي يطرحونها أيضا :
12-إنكم لستم على اتفاق فيما بينكم بل فيما تدعون الناس إليه . فإلى أي إسلام تريدون منا الانتماء؟ والى أي إسلام تدعون إليه ؟
فهل تدعون الناس إلى إسلام سني أم إلى إسلام شيعي وبينهما من الخلافات الشيء الكثير والكبير والمستفحل ؟
وهناك أنواع من الأسئلة يطرحونها على شكل اقتراحات من ذلك :
1- انتم أيها المسلمون تبتغون غرضاً واحداً من دعوتكم الجميع للإسلام بل انتم تتسترون من وراء هذه الدعوة .
وما انتم في الحقيقة إلا مجموعة من المنتفعين تسعون وتعملون لتحقيق أمور ومكاسب سياسية . أي أنكم تريدون استلام الحكم والسلطة ووسائلكم هي الثورات والانقلابات لتحقيق هذا الغرض السياسي لا غير .
2- ثم كيف نستطيع أن نتقبل إسلامكم وانتم أصوليون ومتطرفون ومكفرون للناس ؟
3- وهل انتم اولاً وأخيرا سوى مجموعة من الإرهابيين ودينكم ومبادئكم تفرخ الإرهابيين دوماً !
4- ولهذا فنحن نطالبكم بتغيير مناهجكم الإسلامية والاستغناء عن كل ذلك بما نصدره إليكم من ديمقراطية غربية وأنظمة تنادي بالحرية والعدالة للجميع .
5- ونحن لا نريد من استعماركم والسيطرة على بلادكم سوى مصلحتكم والنهوض بكم وعندكم أمثلة على ذلك , وهو النهضة الكبيرة والنمو الاقتصادي والتقدم العلمي الكبير الذي حصل في اليابان وغيرها .
6- ولا تنسوا أيتها الدول العربية والإسلامية , أنكم تناصرون الإرهاب وتمتلكون أسلحة الدمار الشامل وهذا لا يمكن أن نسمح به .
7- ثم انتم اولاً واخيراً كثر , وتريدون القضاء على هذا الشعب المشرد والذي عانى الامرّين خلال تاريخه الطويل ونقصد " اليهود ودولة إسرائيل " بينما هم رجال سلم وسلام ولا يريدون إلا الأمن لشعبهم فقط .
وبمقابل كل ما سبق ماذا نسمع من العرب والمسلمين دولاً وحكومات وبعض المفكرين والإعلاميين :
1- خيارنا الاستراتيجي والوحيد خيار السلام .
2- الإسلام دين السلام .
3- نحن ندعو إلى الوسطية ونحن ضد الأصوليين والمتطرفين .
4- إن تلك الحركات الإرهابية التي تذكرونها نحن معكم ضدها ونحن لا نؤيدها : بل وان هؤلاء إسلاميين لا مسلمين .
5- وإننا" المسلمين " لا نريد من عملنا السياسة ولا نريد استلام السلطة .
6- ثم نحن لا نمتلك أسلحة الدمار الشامل وتعالوا فتشوا .
7- إننا سنستجيب لتحذيراتكم لنا فلا نضرب الضربة الأولى , فنحن سندافع فقط .
8- إن الجهاد في الإسلام لم يشرّع إلا دفاعا عن النفس .
إلى غير ذلك من كلا القائمين الهجومية والدفاعية التي لها أول وليس لها آخر والتي سنبحثها ونجيب عليها كلها إن شاء الله سبحانه وتعالى .
والى نوع آخر من الأسئلة وهي :
1- لماذا لا ينصرنا الله سبحانه وتعالى بل كثيرا ً ما نراه ينصر أعداءنا علينا؟
2- لماذا فشلت بعض الدول التي اتخذت من الإسلام نظاماً وقانوناً وحكماً؟.
3- أليس فيما سبق وهذه الحالة التي نعيشها تقع في نطاق القضاء والقدر وان الله سبحانه قد كتب علينا ذلك فلا مجال لتغييره؟.
4- ولعل أهم انتقاد يطرح على المسلمين من قبل أعدائهم هو :
حينما نرى تطبيقكم أيها المسلمون لما تدعون الناس إليه , نرى أنكم أول وأكثر المخالفين له , وإننا لاننظر إلا إلى ماهو مطبق ومنفذ في الواقع , وما ذلك إلا لخلل موجود فيكم أو في دينكم , وبالتالي فالأحرى أن تنفذوا وتطبقوا انتم اولاً , ثم بعد ذلك تدعون غيركم كي يرى صدقكم فيما تدعون إليه .
أقول إن شاء الله سبحانه وتعالى سأحاول الإجابة على هذه الأسئلة والتساؤلات و الطروحات والتهديدات بما يتناسب مع كل منها من خلال رؤيتي الإسلامية ونسال الله سبحانه وتعالى الرشد و الصواب والنفع والفائدة للكل انه على كل شيء قدير.


1- المعاملة

لكي نوضح ما نريد توضيحه ولكي نصل إلى الصواب في ذلك إن شاء الله سبحانه وتعالى , وحتى يكون منطلقنا من أرضية يقر ويعترف بها الجميع , بغض النظر عن رضائهم عن النتيجة المترتبة على ذلك أم لا. كان لا بد من الانطلاق في البحث من مبدأ المعاملة.
فالبشر كل البشر يعترفون بأن الإنسان بحكم حياته ومحافظته على ذلك وتأمين أكبر طاقة للسعادة له خاصة ولغيره أحيانا, لا بد له من التعامل مع الغير . وقد ثبت فعلاً بأن الإنسان يتعامل مع نفسه ومع أسرته وأقربائه ومدينته.
ويتعامل الحاكم مع المحكوم والعكس , والحكام مع شعوبهم وبالعكس , والدول مع بعضها البعض , ولهذا ولكي يصل كل متعامل إلى تحقيق ما يصبوا إليه ويطلبه بالحق والعدل .
اعترف الناس وأقروا بل أنشئوا القوانين والدساتير والأنظمة على كل الصعد وكافة المجالات . الفردية والدولية . اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وتربوياً وعاطفياً ......الخ.
ولسان حال الجميع :إن لكل حق وعليه واجب , وان الأمر في نهايته لايعدو أن يكون حقا أو باطلا,وانه لابد لإعطاء كل ذي حق حقه من العدل . وهذا
ماطا لب به الجميع وسعوا إلى تحقيقه ولا اعتراض عليه على الأقل في الظاهر.
فإحقاق الحق وإبطال الباطل هو مطلب للجميع ومحط رضاهم الظاهر,
وعلى هذا لابد من معرفة الحق في كل قضية من القضايا وفي كل أمر من الأمور, وهذا بديهي إذ كيف يكون تطبيق وإحقاق حق دون معرفة الحق في القضية المطروحة والأمر المطلوب .
أقول هنا لابد لمعرفة الحق في كل قضية من القضايا من التجرد عن كل ما يعيق الوصول إليه بل الاعتراف به أولا
فكم من معترف بالحقيقة باطناً منكرٌ لها ظاهراً . عدا عن المنكر لها ظاهراً وباطناً .وما ذلك إلاَّ لأن أمرا من الأمور وقف حائلاً بينه وبين ذلك ولم يستطيع التخلص منه .
فإذا استطاع الإنسان بعون الله سبحانه
أن يتجرد ويبتعد وينكر ويشجب كل ما يعيق الوصول إلى الحق والحقيقة . توصل إلى الحق بل الاعتراف به بل المطالبة بتطبيقه .
وقبل الخوض في لجج هذا البحث .
لا بد من توضيح بعض النقاط :
1- ليس كل معترف بحق قادراً على تحقيقه.
2- وليس كل منكر للحق ظاهراً منكراً له باطناً .
3- وليس كل عالم بالحق قادراً على جعل غيره يعترف ويطبق فالقادر على ذلك هو الله وحده .
4- وليس كل قادر على جعل الغير يعترف بشيء كان هذا بالضرورة حقاً بل لعله الباطل بعينه .
5- وليس كل ساكت معترفاً أو منكراً للحق , فقد يكون هذا أو ذاك وهناك ملاحظة لا بد من التنويه إليها وهي :
إن الله سبحانه وتعالى كرم الإنسان وحباه بكثير من إنعامه ولطفه وجعله خليفة له على هذه الأرض , ومكنه بما أعطاه من عقل وحواس بان يحسن المعاملة والتكيف مع هذا الكون بما فيه وبما يحقق له العيش والحياة حتى يأذن الله سبحانه وتعالى بانتهاء الحياة الدنيوية والانتقال إلى الحياة الأخروية .
وبعد فوسيلة الإنسان للمعاملة مع غيره في هذا الكون هي الحواس والعقل إذ بالعين يرى وبالأذن يسمع وباللسان يتكلم وبالعقل يعي ويميز ويفكر , وان هذه الأشياء تصل إلى الحق إن عمل كل منها في مجاله الصحيح ويخطئ إن عمل في غير مجاله .
ولا أدل على ذلك من الحكم على قطعة مستقيمة خارج الماء والحكم عليها ونصفها مغمور بالماء وذلك من خلال النظر , وكذلك الحكم على عذوبة الماء في حال الصحة والمرض . وذلك باللسان والأمثلة أكثر من الكثير .اخلص من ذلك إلى أمر على غاية من الأهمية ,
وهو أن الحكم هنا على ما هو مرئي وملاحظ , فكيف بالحكم على غيره مما هو ليس مرئياً ولا ملاحظاً؟ والحكم هنا على شيء ليس للمصلحة الذاتية أي دخل به فكيف بالحكم على ما تحدده وتتدخل به المصالح ؟ بل المتناقضة أيضا ؟
وانظر في هذا الأمر متفحصاً لا تجد عقلين على وجه الأرض يختلفان في فائدة الكهرباء والسدود والسيارات والعلوم المفيدة المتنوعة , ولكنك لا تجدهم قطعاً يتفقون على نظام حكم أو سياسة .....الخ.
فهذا يرى رأسمالية , وهذا يرى اشتراكية , وهذا يرى جمهورية , وهذا يرى ملكية.....الخ إذن فالسؤال هو :
كيف الوصول إلى الحق والحقيقة ؟
فأقول هذا الذي سنبحثه ونراه في البحوث اللاحقة إن شاء الله سبحانه وتعالى .


ملاحظة : إلى هنا نكون قد إنتهينا من الكتاب الأول ويليه بعون الله تعالى الكتاب الثاني وهو بعنوان الإسلام بين الحرب والسلام

وكتبه: جميل أبو علي