المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حسين الاعظمي في ذكرى مرور 75عاما على الموسيقى العربية 7



حسين اسماعيل الاعظمي
05/08/2007, 04:49 PM
اخوتي ,
اصدقائي ,
اعــزتي ,
الكـــرام ..
الى كل الاخوة والاصدقاء من المتابعين والمطلعين على كل الاخبار في أي مجال من خلال الخدمات الكبيرة التي يقدمها اخوتنا في كل الشبكات الالكترونية من مجلات وصحف وجرائد .. اسمحوا لي ان اكتب لكم واطلعكم على مشاركتي في المنتدى العلمي في ذكرى مرور 75 عاما على اول مؤتمر للموسيقى العربية اقيم في القاهرة عام 1932 .. واليكم ما كتبت , مقسما اياه على شكل حلقات متتالية

اخوكم your,s
مطرب المقام العراقي singer of Iraqi maqam
حسين اسماعيل الاعظمي hussain ismail al aadhamy
عمان amman jordan
00962795820112 gabel al hussain
الاردن , عمان , جبل الحسين b.x 922144
, ص ب 922144 hussain_alaadhamy@yahoo.com



المقام العراقي في خمس وسبعين عاما







الحلقة (7)












قـيم فنية جماليـة

ان الغناسيقا بأسرها ، تستند الى القيم الفنية المتعارف عليها ، وهي في العادة قيم فنية وُجِدت كضرورات لحاجة المتلقي والمتذوق لهذه النتاجات ، ان عالم المُثل والقيم والأخلاق 19* والتربية والإرشاد .. هو في الحقيقة جزء من العالم الحي للنشاط الإنساني الذي يهدف الفنان الى تصويره في فنِّه . وهكذا لجأ المؤدون المقاميون الناجحون الى هذا التفاؤل الادائي 20* ، عندما كانوا في كثير من نتاجاتهم المقامية يعالجون قيماً جمالية لعالمِنا المعاصر ، وهكذا ايضا نرى ان المغنين المقاميين الكبار السابقين امثال احمد الزيدان (1832 – 1912) وحمد بن جاسم ابو حميد(1233هـ1298) وخليل رباز(1924 – 1904) وجميل البغدادي (1876-1953) وعباس كمبير الشيخلي(1883-1971) ورشيد القندرجي (1886 – 1945) ومحمد القبانجي (1901 – 1989) ونجم الشيخلي (1893- 1938) واللاحقين لهم كصدِّيقة الملاية (1900-1970) وجميل الاعظمي (1902 – 1967) وسليمة مراد (1905-1974) وسلطانة يوسف (1910- 1995) وشهاب الاعظمي (1918 – 1997) وعبد الهادي البياتي (1911-1974) ومجيد رشيد (1915- 1982) والاربعة الكبار حسن خيوكة ويوسف عمر وناظم الغزالي وعبد الرحمن العزاوي وغيرهم ، قد ابدعوا في التعبير عن حقبتهم الجمالية في زمنهم المعاش , رغم تميَّز رائد الابداع والتجديد محمد القبانجي والاربعة الكبار في تجاوزهم حقبتهم نحو تأملات المستقبل وهو ما اجمعت عليه كل الكتابات النقدية والاراء الفنية للمتخصصين والعاملين في الوسط المقامي …

على كل حال ، ثمة منطقية في القول ، بان المغني العصري قد استلهم اسلوبه الأدائي الخاص من هذه القيم ، في الوقت الذي يرى فيه الباحث ان يومنا هذا قد تضاءل فيه إيمان فناننا بما كان عليه في الماضي . فقد امست الحياة اسرع منه وحصلت فجوة جمالية ما انفكت تزداد وتتوسع , ليس في مجتمعنا فحسب , بل في كل المجتمعات رغم تفاوتها … وسيبقى الإعتماد على مواكبة هذه الجماليات وروح العصر الذي نعيشه على الإستثناءات الجمالية والإمكانيات الابداعية الفذة للقلَّة من الأفراد الفنانين الذين يوهبون فطرة التعبير عن حقبتهم ، بل عن مستقبلهم … الأمر الذي يساعد على تقريب او ردم هذه الفجوات في الرؤية الجمالية والذوقية … في محاولة جادة لتجديد القيم القديمة باساليب تؤثر في المتلقي المعاصر كأُمور هي من صلب حاضره المباشر وذات علاقة برغباته المعقدة …

على كل حال .. هناك شعور او تصوُّر او ادراك دائم من قبل الفــــنان خاصة والمتلقي عامة .. بأن عدم الرِّضى هذا يمثِّل حالة الفنون جميعا . هذا بالرغم مما انجزه كل من المغنين المبدعين او استاذهم الكبير محمد القبانجي قبلهم او حتى كل المبدعين الآخرين على قدر ابداعهم بصورة عامة .
ان على كل فنان ان يدرك استحالة وصول عصره ، او أي عصر آخر ، الى معرفة الحقيقة النهائية او المطلقة لواقع التعبير عن هذا العصر او ذاك .. لأن الزمن مستمر وان التحولات سائرة بلا هوادة .. ولكن تبقى محاولات الوصول الى اقصى ما نستطيع من الابداع والتطور ومواكبة العصر الذي نعيش فيه للِّحاق بالرَّكب الحضاري والتعبير عن حياتنا من ماضيها حتى حاضرها ومستقبلها
تـحولات جماليــة
ان الجماهير المتذوقة للغناسيقا قبل العقد الرابع من القرن العشرين ، كانت راضية عن جمالياتها ومقتنعة بالاساليب الأدائية المطروحة 21*… إلا أن ذلك الرِّضى اصبح منعطفا بعد مؤتمر القاهرة عام 1932 مع احتمال انطباق ذات الامر على مجمل الشعوب العربية , وبذلك فقد كانت الأسئلة التي بدى ان الفنانين قد طرحوها عن وعي او دون وعي ..

- ايّ من قيم الماضي الفنية والجمالية هي المناسبة ؟
- وعلى أي اساس تقوم تلك القيم ؟
- وهل هناك قيم جديدة يمكن ان نجعلها اكثر ملائمة
لحاضرنا ومستقبلنا .؟
- وهل هي ايضا مناسبة ؟
- او هل هي ذات ارتباط بالتعبيرعن ظروفــنا الحديثة والمعاصرة ؟22*

هذه الأسئلة ومثيلاتها ، كان يبدو انها تكمن وراء فنيَّة وجمالية وامكانية كل من حسن خيوكة ويوسف عمر والغزالي وعبد الرحمن العزاوي في العراق … او أي مبدع آخر حتى في المجالات الإبداعية الأخرى ، فنون او غير فنون , ان تأثير الاحداث الجسام هذه على المجتمع اثَّرت على المبدعين الراحلين كما انها بالتأكيد ستؤثِّر على سيماء وخلجات المعاصرين وتطبع على مجمل الانتاج مسحةً متميزة تدل على التأثير العميق لطبيعة هذه الاحداث , اما المبدعون فنظرة متفحصة الى خيوكة مثلاً نراه يعبِّر عن هذا التأثر في غنائه بهدوء بالغ وفي احساس دقيق من فيض العاطفة وشجن خلاب جميل بصدق واضح عن تجربة كبيرة وهامة في حياته … فهو يعبِّر عن مأساته ويعاتب التاريخ والقدر اجمل عتاب خُلُقي تعبيري , ومن خلالها يتبنى مآسي المجتمع عموما بروح رومانسية لا يُملُّ منها أبداً ، فهو يتخذ كل حياته مجالاً رحباً في بناء اسلوبه الأدائي في المقامات التي سجَّلها بصوته الرقيق
المضـامين الاسلوبية بعد 1932
ان اهم ما يميِّز المبدعين عموما في التعبير عن الحقيقة والواقع المعاش ، واهم ما يميِّز محمد القبانجي وتلاميذه المبدعين حسن خيوكة ويوسف عمر وناظم الغزالي وعبدالرحمن العزاوي او غيرهم من المؤدين المقاميين .. هو استعمال اسلوب تعبيري ندرك من خلاله انهم يدركون ويفهمون مشاكل المجتمع ، فيوسف عمر يعتمد على وسائل اسلوبيه محافظة على روح البيئة البغدادية واشد محافظة على الشكل المقامي باصوله التقليدية ، فمهمة يوسف عمر تبدو مهمة تاريخية كان واجبها نقل هذا التراث الغنائي والموسيقي من السابقين الى اللاحقين بكل امانه دون زيادة او نقصان من حيث الشكل , لكنه تلاعب في المضمون حيث عبَّر بصورة حاكى فيها اذواق عصره وكسب من خلالها جماهيرية طاغية .. ولعلَّ الأمر يقترب كثيرا من هذا المعنى بالنسبة الى المطرب عبد الرحمن العزاوي الذي كان يتمتع بشاعرية جميلة في تعبيره الأدائي اوصلته الى الجماهير بصورة مباشرة .
اما الغزالي فقد كان يعتمد على وسائل اسلوبية منوعة بين الوصف الافتراضي والمخاطبة المستفيضة للموضوع والحضور المسرحي والأناقة التي يهتم بها كثيرا وكذلك في اختيار مادة كلامه المغنى من كلمات الأغاني او الزهيريات23* او القصائد الشعرية ذات المفردات الغنائية والمعاني المناسبة.
على كل حال – ان أياً من المغنين المبدعين لايكتفي بمجرد تصوير بسيط لهذا الثالوث (الماضي والحاضر والمستقبل) بل ان كلاً منهم يرى ان موضوعه التعبيري قد صدق فيه وجاء عفويا وانعكاسا طبيعيا للواقع المعاش ورؤية متعددة الأشكال لهذه الأزمنة ..
ان غناء المقامات او الغناء التراثي بصورة عامة لايقوم على مبدأ توضيح اتجاهات وافكار يسبق توقعها ، بل العكس صحيح ، لأن الصدق في التعبير هو محور القضية ...






من ثمــار- 75 – عاما

(المقام المصنوع)
إن الفترات الزمنية التي ظهر فيها محمد القبانجي وتسجيلاته المقامية 1932 واللاحقين من بعده ، تعتبر إنعطافاً في الفن العراقي بحق , لوقوع بعض الأحداث الفنية المهمة ، منها تأسيس الإذاعة العراقية اوائل الثلاثينات وفي نفس الزمن تأسيس معهد الفنون الجميلة الذي تخرَّج منه ناظم الغزالي ممثلاً … وكان قد عاصر الغزالي منذ فترة الدراسة كزملاء في المعهد فنانون موسيقيون أصبحوا فنانين كباراً لهم شأن كبير في الموسيقى , إستطاعوا ان يُنهِضوا بالفن الموسيقي الى أعلى المراتب الفنية والعلمية والجمالية ، وخلاصة القول نلاحظ ان التسجيلات المقامية التي أُنجزت في الفترة المعاصرة لخيوكة والغزالي وعمر والعزاوي الواقعة في عقود الاربعينات والخمسينات والستينات من القرن العشرين ، كانت على نوعين من الأداء … اذ يمكن ان نلقي بعض الضوء على هذه التسجيلات من ناحية اخرى … حيث ان المقامات التي اداها المطربون المقاميون في الحقب السابقة لمؤتمر القاهرة عام 1932 ، كانت قد اديت كما وصلت كموروث غناسيقي من حيث الشكل والمضمون أباً عن جد ، من السابقين الى اللاحقين ، دون تدخل العقل بصورة مباشرة في ادائها ، وأعني بذلك انها أُدِّيت بوعي عفوي تلقائي تقليدي من حيث اداء القالب التراثي (form) مع الموسيقى , أي مقدمة موسيقية بسيطة او بدونها .. وهو ما نلاحظه في تسجيلات رشيد القندرجي ومغني جيله بل وحتى تسجيلات محمد القبانجي الاولى التي سجلها في المانيا في عشرينات القرن العشرين , كانت بداية جيدة لتطور العمل الفني بصورة عامة ثم يتابع الموسيقيون المطرب حتى نهاية المقام ثم تأتي الأغنية التي تتبع المقام (بسته)24 * دون ان نستمع الى وضع او إدخال تحليات او إضافات تذكر لمثل هذه الأعمال المقامية لأجل ابراز دور الموسيقى ، حتى يصل الأمر في معظم الأحيان الى إستغنائهم عن إجراء التمارين الكثيرة (البروفات) لأعمالهم قبل تسجيلها..!! 25* وهذا يعني من جانب آخر ان دور الموسيقى كان ثانوياً ..!! ولكن ما ان تخرَّج طلبة الدورات الأولى في قسم الموسيقى بمعهد الفنون الجميلة حتى ظهرت ثمرات طموحاتهم الفنية والذوقية ، فبدأوا اولاً باعداد مسبق للأعمال الغناسيقية بصورة عامة إعتمد على حيِّز جيد من التفكير الموسيقي ومن جماليات الذوق المعاصر وبصورة ملفتة للسمع والنظر .. ذي علاقات فنية متماسكة جماليا ، وبناء فخم من الإعداد المتقن ، بحيث عادت الى الموسيقى قيمتها الحقيقية , وأعتقد ان معظم المطربين المعاصرين لهذه الحقبة كان لهم حظَّاً في انتاج هكذا اعمال معدة فنياً وموسيقياً وقد أطلق على هذه المقامات من قبل النقاد والمتخصصين في الشان المقامي بـ (المقامات المصنوعة او المقام المصنوع) ولعل المطربين المبدعين, والغزالي على وجه الخصوص , كانوا أوْفر حظاً في إنتاج اعمالهم بهذا الإسلوب الفني . وبلاشك ان الرؤية الجمالية والاحساس الكبير بفنية الاداء التي يمتلكها ناظم الغزالي بالفطرة يشاركه كذلك حسن خيوكة في هذا الأمر إضافة الى الزميلين الآخرين يوسف عمر وعبد الرحمن العزاوي قد ساهمت هي الاخرى متفاعلة مع مضامين وجهود العمل الغنائي الذي قاموا بادائه وسُجِّل لهم كمقامات عراقية ستبقى تسمع الى زمن يطول كثيرا …
وضمن هذا الموضوع يجدر بنا ان ننتبه عند سماعنا المقامات التي انجزها ناظم الغزالي الى انها ظاهرة فريدة من نوعها من حيث الاداء الفني والتأملات الرومانسية التي كان رائدها حسن خيوكة والذي كان ناظم الغزالي معجبا به26* , ومقامات الغزالي مثل مقام الحويزاوي ومقام البنجكاه(سلّمه رست) ومقام الصبا ومقام المخالف ..
وفي مقام الحويزاوي (سلَّمه حجاز)الذي يغنيه الغزالي بقصيدة للبهاء زهير , نلاحظ قيمة الإعداد الموسيقي ودوره الفني في النـــــــتاج مع اغنية (وشبان مني ذنب) ..
ويصل ناظم الغزالي قمة ادائه الفني في مقام البنجكاه الذي بزَّ فيه من ناحية الاداء الفني كل معاصريه بقصيدة جعفر الحلي ..
وكذلك مقامات حسن خيوكة مثل مقام الرست بإعداده المميَّز ومقام الدشت ومقام الأوج ومقام المدمي والشعر مع الابوذية27* ..
إضافة الى المقامات التي اداها يوسف عمر مثل مقام العجم عشيران والأشعار مع الأبوذيات ومقام الإبراهيمي(سلّمه بيات) ومقام الكرد ..
وكذلك مقامات عبد الرحمن العزاوي مثل مقام الحكيمي(سلّمه هزام) ومقام الشرقي رست ..
تسجيلات مقامية تعتبر خطوة الى الأمام في سبيل تنمية العنصر الذوقي والجمالي ، ان هذه التسجيلات في منحاها الإعدادي الفني التي سار عليها معظم المعاصرين واللاحقين من المؤدين المقاميين ، كانت منعطفاً ابداعياً جديداً بحق…
ان حيرة بعض من الجماهير الذين يكنُّون أقل إحترام للإبداع والتجديد. تنتج عن ميل مجتمع شديد التمسك والمحافظة على الشكليات والتقليديات للإبقاء على جماليات إنتهى رونقها ، واذواق وتعابير باتت صلتها بالحياة الحاضرة واهية او شبه معدومة او معدومة في بعض الأحيان … عكس ميول مجتمع يمتلك وعياً ثقافياً ورؤية متحررة الى إنكار كل بناء تعبيري جمالي شكلي تقليدي مستهلك فقدَ مقوِّمات وجوده في العصر الراهن .
هذه هي المتناقضات التي فتش عنها الباحث وسال عنها واطلع على المصادر في التسجيلات المقامية التي خلفها لنا كل المؤدين تقليدين وتجديدين .. إنها دراما بين الجميع .. دراما يحتدم صراعها على طول الزمن بين القديم والجديد ، وهذا هو شأن الحياة وإحساسنا بها.