محمد فؤاد منصور
06/08/2007, 07:50 AM
الإدارة عند العرب
بقلم:دكتور/ محمد فؤاد منصور
الإدارة هى مشكلة المشاكل فى البلاد العربيةعليها يتوقف نجاح المؤسسة أو سقوطها فريسة للأرتجال والفوضى والمشكلة تكمن فى نظرة المدير لنفسه وفيما إذا كان يظن أنه منسق للعمل ومرشداًمرجعياً له بحكم الخبرة وطول المران أم انه يتصور نفسه شيئاً خارجاً عن العادة وبالتالى يجوز له مالايجوز لغيره فيتحول المنصب بالنسبة له إلى مغانم وأمتيازات تفوق الحصر وليس للآخرين منها نصيب.
المدير فى بلادنا ذات مصونة لاتمس ممنوع الأقتراب منها أو إطالة الحديث معها فذلك ليس من شروط الهيبة أو المكانة,ولاتوجد فى بلادنا معايير واضحة لإختيار المديرين..فالعملية من أساسها خبط عشواء,تقع فى باب الأستلطاف أكثر مما تحكمها معايير الكفاءة والخبرة وقوة الشخصية,قد يكون السبب فى إختيار المدير أنه قريب أو نسيب أو خفيف الظل أوقادر على إضحاك الرئيس الأعلى أو تملقه,وقد يكون السبب بالطبع أنه بالغ السخاء أوأنه يعرف آليات السوق وإتجاه الريح.
المدير لدينا يرى نفسه من طينة غير طينة الآخرين ومن معدن خلاف معدنهم,فماإن يتربع على دست الإدارة حتى يجعل لنفسه سكرتارية ويغلق من دونه باباً فباب لزوم الوجاهة والهيبة,وسرعان ماتحيط به كوكبة من الحواريين يرى بعيونها ويسمع بآذانها ولايبرم أمراً دون مشورتها والرجوع إليها,وهو كلما كان عزيزالمنال صعب الأتصال به كلما حافظ على مايلزم من المكانة والهيبة ومايحتاجه المنصب من وقار,فإن خلص إليه أحد نجح فى عبور السدود والمتاريس فهى إشارة سريعة أو كلمة مقتضبة,فإن أطال الوقوف أوأسهب فى الحديث فهى نهرة أو زجرة تنهى الموقف وتعزز المكانة.
وحديث المدير دائما يمضى فى أتجاه واحد,فهو مصدر التعليمات وأساس التوجيهات ومن عداه لايؤبه لرأيه ولاحق له فى إبداء إعتراض أو ملاحظة أو إقتراح,وسوف تكون من ذوى الحظوة لو هللت لأى رأى يبديه أو أستحسنت كل ملاحظة يلفت النظر إليها ولابأس عندئذ من كلمات تمدح الذكاء وتشيد ببعد النظر وتمجد العبقرية التى تسبق زمانها والتى جاءت على قدر.
إياك إن كنت مرءوسا أن تقول " أرى" أو " أقترح" أو عبارات من قبيل "لدى ملاحظات" أو "عندى تحفظات" فذلك من شأنه أن يطيح بك إلى أسفل الدرك وسوف تكون عندها من الطابور الخامس أو معوقى المسيرة أو المندسين ذوى الهوى.
كثيراً مايسمع المرشح لمنصب المدير نصائح من كافة الأتجاهات بهدف تقوية مكانته وتسهيل مهمته من قبيل :
إياك إن كنت مديراً أن تتبسط مع مرءوسيك أو أن تحاول تفهم مشاكلهم فسينظر إليك من هو أعلى منك على أنك أضعت هيبة الأدارة وأطحت بمصالح المؤسسة وأنك شخص "خِرع" لاشكيمة له سيتسبب فى المشاكل وسيجعل إدارته "سبهللة" , أما جمهور المتعاملين مع مؤسستك فعليك أن تكون فى معاملتك لهم حصيفاً بعيد النظر فإن كان الشخص المتعامل معك مهذباً مستكيناً فعليك ان تظهر له العين الحمراء و"تشيل وتحط"فيه حتى تبدو للآخرين ذو سطوة ومكانة يخشونها ويعملون لها ألف حساب,أما إذا كان من أصحاب الصوت العالى وبدا أنه لن تفيد معه طريقة التنمر والإستئساد فعليك أن تكون وديعاً مبتسماً لتكسب وده وتتقى شره ولابأس من أن تلبى مطالبه حتى لايرفع المظالم والشكايات ضدك أو يثور ثورة مضرية تذهب بهيبتك وتحط من قدرك.
إذا عرض عليك أحد مرءوسيك أمراً لاتفهمه فحذار من محاولة الفهم أو طرح أسئلة قد تكشف جهلك المطبق فهذا من شأنه أن يبعث الرضا والنشوة فى نفوس المرءوسين ويجعلهم يجترئون عليك,إفتعل مشكلة لتصيح وتهلل وتجمع الأوراق وتشخط فى الواقف أمامك حتى ينصرف تاركاً الموضوع الذى جاء من أجله لتدرسه على مهل محاولاً فهم غوامضه دون اللجوء لمن هم أدنى منك,لابد أن تكون صورتك دائماً فى اذهانهم أنك"أبو العرّيف" الذى لايخفى عليه شئ , إن الجهل يغطيه الصياح وعدم المعرفة يتكفل بها "الشخط والنطر",ولاتسأل كيف يمكنك أن تفتعل مشكلة تبدو ذريعة لفتح "البربخ" الذى هو توبيخك للمرءوس فوسائل التذرع والتحجج لاتنتهى,ياسلام لو عندك بعض الإلمام البسيط بقواعد النحو,ستجرى عيناك سريعاً على السطور لتلتقط إسم إن أو خبر كان أوفاعلاً أنقلب مفعولاً ًأو ماشابه وعندها تكون الفرصة الذهبية لإستعراض العضلات وإظهار الجهل الفادح للمرءوس ,فإن لم تجد فليكن الخط الذى هو"نبش فراخ" الذريعة الثانية لإفتعال المشكلة والخروج من الموقف بسلام,فإن لم يكن لاهذا ولاذاك فإليك الذريعة المضمونة وهى ضرورة أن يسلم الأوراق للسكرتارية على"سركى"فهذه هى أصول الشغل, المهم أن تحوم حول الموضوع دون الدخول فيه أو مناقشة تفاصيله.
إياك أن تكون من ذلك النوع من المديرين الذى يهلك نفسه في إدارته أو يستهلك طاقته فى حل مشاكل الإدارة أو المواطنين,إنك بذلك تكون قد حكمت على نفسك بأن تُدفن حياً دون أن يشعر بك أحد,المفروض أن تقضى وقتك كله أو معظمه فى عمل رحلات مكوكية بين مقر إدارتك والإدارة أو الإدارات الأعلى ,تعرض مشكلة..,تستفسر عن موقف..,توقع بعض الأوراق الهامة.., إن هذا من شأنه أن يجعلك فى الصورة دائماً ويميزك عن غيرك ويجعل منك شخصاً مألوفاً لايغيب عن الذاكرة بحيث يقفز أسمك إلى بؤرة الأهتمام لدى أى تغيير أو تصعيد أو مكافأة,إن المدير من النوع الأول لايمكن أن يخطر على البال وسوف يتحمل المتاعب و"القرف" دون أن يحظى حتى بالذكر الحسن.
هذه هى صورة الإدارة فى البلاد العربية وتلك نصائح الناصحين وربما لهذا نتأخر نحن بينما يتقدم العالم من حولنا ولهذا أيضا نفشل غالباً فى إدارة الأزمات أوالإدارة بالأهداف أو ماشابه من فنون الإدارة لأننا نعتمد على فن الإدارة بالبركة أوبإرهاب العاملين ,مع أن الأصل فى المدير أنه منسق لجهود العاملين معه من أجل غاية واضحة المعالم ,المدير الناجح هومن يستطيع أن يخلق الإنتماء للمؤسسة لاالهرب منها وهو فى سبيل هذه الغاية يقسو أحياناً ويتعاطف فى أحيان ٍ أخرى ولكن دون أن تهتز الدفة فى يده أو يغيب عنه الهدف.
دكتور/محمد فؤاد منصور-الإسكندرية
بقلم:دكتور/ محمد فؤاد منصور
الإدارة هى مشكلة المشاكل فى البلاد العربيةعليها يتوقف نجاح المؤسسة أو سقوطها فريسة للأرتجال والفوضى والمشكلة تكمن فى نظرة المدير لنفسه وفيما إذا كان يظن أنه منسق للعمل ومرشداًمرجعياً له بحكم الخبرة وطول المران أم انه يتصور نفسه شيئاً خارجاً عن العادة وبالتالى يجوز له مالايجوز لغيره فيتحول المنصب بالنسبة له إلى مغانم وأمتيازات تفوق الحصر وليس للآخرين منها نصيب.
المدير فى بلادنا ذات مصونة لاتمس ممنوع الأقتراب منها أو إطالة الحديث معها فذلك ليس من شروط الهيبة أو المكانة,ولاتوجد فى بلادنا معايير واضحة لإختيار المديرين..فالعملية من أساسها خبط عشواء,تقع فى باب الأستلطاف أكثر مما تحكمها معايير الكفاءة والخبرة وقوة الشخصية,قد يكون السبب فى إختيار المدير أنه قريب أو نسيب أو خفيف الظل أوقادر على إضحاك الرئيس الأعلى أو تملقه,وقد يكون السبب بالطبع أنه بالغ السخاء أوأنه يعرف آليات السوق وإتجاه الريح.
المدير لدينا يرى نفسه من طينة غير طينة الآخرين ومن معدن خلاف معدنهم,فماإن يتربع على دست الإدارة حتى يجعل لنفسه سكرتارية ويغلق من دونه باباً فباب لزوم الوجاهة والهيبة,وسرعان ماتحيط به كوكبة من الحواريين يرى بعيونها ويسمع بآذانها ولايبرم أمراً دون مشورتها والرجوع إليها,وهو كلما كان عزيزالمنال صعب الأتصال به كلما حافظ على مايلزم من المكانة والهيبة ومايحتاجه المنصب من وقار,فإن خلص إليه أحد نجح فى عبور السدود والمتاريس فهى إشارة سريعة أو كلمة مقتضبة,فإن أطال الوقوف أوأسهب فى الحديث فهى نهرة أو زجرة تنهى الموقف وتعزز المكانة.
وحديث المدير دائما يمضى فى أتجاه واحد,فهو مصدر التعليمات وأساس التوجيهات ومن عداه لايؤبه لرأيه ولاحق له فى إبداء إعتراض أو ملاحظة أو إقتراح,وسوف تكون من ذوى الحظوة لو هللت لأى رأى يبديه أو أستحسنت كل ملاحظة يلفت النظر إليها ولابأس عندئذ من كلمات تمدح الذكاء وتشيد ببعد النظر وتمجد العبقرية التى تسبق زمانها والتى جاءت على قدر.
إياك إن كنت مرءوسا أن تقول " أرى" أو " أقترح" أو عبارات من قبيل "لدى ملاحظات" أو "عندى تحفظات" فذلك من شأنه أن يطيح بك إلى أسفل الدرك وسوف تكون عندها من الطابور الخامس أو معوقى المسيرة أو المندسين ذوى الهوى.
كثيراً مايسمع المرشح لمنصب المدير نصائح من كافة الأتجاهات بهدف تقوية مكانته وتسهيل مهمته من قبيل :
إياك إن كنت مديراً أن تتبسط مع مرءوسيك أو أن تحاول تفهم مشاكلهم فسينظر إليك من هو أعلى منك على أنك أضعت هيبة الأدارة وأطحت بمصالح المؤسسة وأنك شخص "خِرع" لاشكيمة له سيتسبب فى المشاكل وسيجعل إدارته "سبهللة" , أما جمهور المتعاملين مع مؤسستك فعليك أن تكون فى معاملتك لهم حصيفاً بعيد النظر فإن كان الشخص المتعامل معك مهذباً مستكيناً فعليك ان تظهر له العين الحمراء و"تشيل وتحط"فيه حتى تبدو للآخرين ذو سطوة ومكانة يخشونها ويعملون لها ألف حساب,أما إذا كان من أصحاب الصوت العالى وبدا أنه لن تفيد معه طريقة التنمر والإستئساد فعليك أن تكون وديعاً مبتسماً لتكسب وده وتتقى شره ولابأس من أن تلبى مطالبه حتى لايرفع المظالم والشكايات ضدك أو يثور ثورة مضرية تذهب بهيبتك وتحط من قدرك.
إذا عرض عليك أحد مرءوسيك أمراً لاتفهمه فحذار من محاولة الفهم أو طرح أسئلة قد تكشف جهلك المطبق فهذا من شأنه أن يبعث الرضا والنشوة فى نفوس المرءوسين ويجعلهم يجترئون عليك,إفتعل مشكلة لتصيح وتهلل وتجمع الأوراق وتشخط فى الواقف أمامك حتى ينصرف تاركاً الموضوع الذى جاء من أجله لتدرسه على مهل محاولاً فهم غوامضه دون اللجوء لمن هم أدنى منك,لابد أن تكون صورتك دائماً فى اذهانهم أنك"أبو العرّيف" الذى لايخفى عليه شئ , إن الجهل يغطيه الصياح وعدم المعرفة يتكفل بها "الشخط والنطر",ولاتسأل كيف يمكنك أن تفتعل مشكلة تبدو ذريعة لفتح "البربخ" الذى هو توبيخك للمرءوس فوسائل التذرع والتحجج لاتنتهى,ياسلام لو عندك بعض الإلمام البسيط بقواعد النحو,ستجرى عيناك سريعاً على السطور لتلتقط إسم إن أو خبر كان أوفاعلاً أنقلب مفعولاً ًأو ماشابه وعندها تكون الفرصة الذهبية لإستعراض العضلات وإظهار الجهل الفادح للمرءوس ,فإن لم تجد فليكن الخط الذى هو"نبش فراخ" الذريعة الثانية لإفتعال المشكلة والخروج من الموقف بسلام,فإن لم يكن لاهذا ولاذاك فإليك الذريعة المضمونة وهى ضرورة أن يسلم الأوراق للسكرتارية على"سركى"فهذه هى أصول الشغل, المهم أن تحوم حول الموضوع دون الدخول فيه أو مناقشة تفاصيله.
إياك أن تكون من ذلك النوع من المديرين الذى يهلك نفسه في إدارته أو يستهلك طاقته فى حل مشاكل الإدارة أو المواطنين,إنك بذلك تكون قد حكمت على نفسك بأن تُدفن حياً دون أن يشعر بك أحد,المفروض أن تقضى وقتك كله أو معظمه فى عمل رحلات مكوكية بين مقر إدارتك والإدارة أو الإدارات الأعلى ,تعرض مشكلة..,تستفسر عن موقف..,توقع بعض الأوراق الهامة.., إن هذا من شأنه أن يجعلك فى الصورة دائماً ويميزك عن غيرك ويجعل منك شخصاً مألوفاً لايغيب عن الذاكرة بحيث يقفز أسمك إلى بؤرة الأهتمام لدى أى تغيير أو تصعيد أو مكافأة,إن المدير من النوع الأول لايمكن أن يخطر على البال وسوف يتحمل المتاعب و"القرف" دون أن يحظى حتى بالذكر الحسن.
هذه هى صورة الإدارة فى البلاد العربية وتلك نصائح الناصحين وربما لهذا نتأخر نحن بينما يتقدم العالم من حولنا ولهذا أيضا نفشل غالباً فى إدارة الأزمات أوالإدارة بالأهداف أو ماشابه من فنون الإدارة لأننا نعتمد على فن الإدارة بالبركة أوبإرهاب العاملين ,مع أن الأصل فى المدير أنه منسق لجهود العاملين معه من أجل غاية واضحة المعالم ,المدير الناجح هومن يستطيع أن يخلق الإنتماء للمؤسسة لاالهرب منها وهو فى سبيل هذه الغاية يقسو أحياناً ويتعاطف فى أحيان ٍ أخرى ولكن دون أن تهتز الدفة فى يده أو يغيب عنه الهدف.
دكتور/محمد فؤاد منصور-الإسكندرية