المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الطبلة الصغيرة - قصة قصيرة جدا / ابراهيم درغوثي / تونس



ابراهيم درغوثي
13/08/2007, 08:30 PM
الطبلة الصغيرة
قصة قصيرة جدا
ابراهيم درغوثي/ تونس

النوم يشدني إلى السرير شدا فلا أقدر على الفكاك منه ، وصوت يأتي من بعيد ... من نهاية العالم . وأنا بين اليقظة والنوم .أفتح عيني فأحس وكأن ظلام الدنيا كلها يجثم على صدري ، فأعود إلى النوم .
وصوت الطبلة يقرع أذني أقرب من المرة السابقة ، وأكثر وضوحا .
صوت حزين يستغيث من جديد ... استغاثة كأنها قادمة من أعماق بئر . والنوم يسرقني ، فلا أقدر على الخروج من أبوابه .
تحركت زوجتي النائمة بجانبي على السرير ، فوجدت توازني . وطرد الصحو سلطان النوم ، فأفقت وصوت الطبلة يدق داخل أذني بعنف . قفزت من على السرير ، وأضأت لمبة الكهرباء المعلقة في السقف ، فزاد صوت الطبلة عنفا . وسألت زوجتي وهي مغمضة العينين :
- ماذا دهاك ؟
فقلت لها مرتبكا :
- انصتي ، كأنني أسمع دقا على طبلة داخل الغرفة .
ردت متذمرة :
- اطفئ النور يارجل ، ودعنا ننام .
ورمت بغطاء الصوف فوق رأسها .
حين هممت بالرجوع إلى السرير ، اقتحم صوت الدق على الطبلة الغرفة ، فطار النوم من العيون . ونفضت زوجتي عنها الغطاء وجاءت تستجير بي، فطمأنتها وفتحت الباب .
وجدتها واقفة في البهو تحمل في يدها دربوكة ابني الصغير .
حين فاجأها الضوء ، رفعت يديها لتغطي عينيها ، فسقطت الطبلة على الأرض ، وتهشمت ، فأحدث صوت الفخار رنينا وخشخشة .
أقعت على مؤخرتها تجمع حطام الطبلة الصغيرة ... فاقتربت منها بلطف ، وربت على كتفيها .
كانت زوجتي قد أضاءت بيت نوم الأطفال ، وكان سرير أمي باردا كالثلج . قدتها برفق إلى الغرفة ، وأنمتها على السرير، ووضعت فوقها أغطية الصوف الثقيلة . فليل الشتاء بارد هذه الأيام .


dargouthibahi@yahoo.fr
www.arab-ewriters.com/darghothi/

زاهية بنت البحر
19/08/2007, 08:51 PM
والله أنت كاتب رائع القص أخي المكرم إبراهيم درغوثي .أصبت بداية بالخوف، ولكن الأغطية الثقيلة جعلتني أحس بدفء القلب ..دمت مبدعًا
أختك
بنت البحر

ابراهيم درغوثي
20/08/2007, 10:24 PM
أختنا زاهية
لا عاش من يخيقك يا أختاه
سنظل نكتب من القلب الى القلب
حتى نسعد قراءنا الأوفياء
دمت في سعادة

حنان الأغا
21/08/2007, 04:31 AM
أما أنا فقد ملأني شعور بالحزن . فالنهاية الناعمة التي تحاول الظهور بصورة يومية عادية تخفي وراءها حبا جارفا للأم التي تصبح مثل الطفل كلما كبرت أكثر.
قوية جدا ومؤثرة حركة التغطية الجيدة. ومؤثرة جدا هذه العبارة على بساطة شكلها :
وكان سرير أمي باردا كالثلج . قدتها برفق إلى الغرفة ، وأنمتها على السرير، ووضعت فوقها أغطية الصوف الثقيلة . فليل الشتاء بارد هذه الأيام .

مودتي درغوثي

ابراهيم درغوثي
22/08/2007, 12:09 PM
أختنا حنان
سعدت بهذه القراءة اللطيفة لنصي
شكرا يا غالية على هذه المشاعر النبيلة

الحاج بونيف
12/09/2007, 07:01 PM
أخي إبراهيم درغوثي
تحية خالصة
جميلة هذه الوقفة مع الأم التي كلما تقدم بها العمر ازدادت احتياجا إلى من يخدمها.. وهي مبعث الأفراح في البيت..
قص موفق باسلوب محكم ولغة في غاية الإحكام والجودة .. أخلص التحيات..

ابراهيم درغوثي
12/09/2007, 11:22 PM
العزيز الحاج بونيف
الأم هي الحياة يا صاحبي
هي من تعطي ولا تمن
ولا نعرف قيمتها الا رعد فوات الأوان
بعدما يغيبها الموت الى الأبد
ولكنها نظل تعيش في القلب أيها العزيز الى آخر رمق في الحياة

سعيد أبو نعسة
13/09/2007, 12:17 PM
أخي الكريم ابراهيم درغوثي
ما أروع أن تعيش الأم في كنف ابنها الذي يودها و يحسن إليها و يدللها كأطفاله تماما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( تعس عبد أدرك والديه أو أحدهما عند الكبر و لم يدخل الجنة )
قصة فيها من عبق الأمومة ما يثلج الصدور
دمت مبدعا

ابراهيم درغوثي
13/09/2007, 01:58 PM
عزيزي سعيد
الأم والأب أيضا لمن يعرف معنى الحب الكبير
عنوانان لهذا الحب
فهما من كانا سببا في النور الذي نعيش فيه
ومهما قدمنا للوالدين من بر قإننا لن نقدر على ايفائهما حقهما
دم في ألق أيها الغالي

فيصل الزوايدي
13/09/2007, 02:50 PM
أخي العزيز ابراهيم النهاية كانت آسرة على بساطتها في تقديمها لدرجة الحزن .. و انا ادعم الاخت زاهية بنت البحر في قسمها
مع مودتي

ابراهيم درغوثي
13/09/2007, 03:11 PM
عزيزي فيصل
الحزن الساكن في أعماقنا يصنع تاريخ الأدب
كيف لا
وأيامنا تمر من حزن الى آخر ؟؟؟

عبد الحميد الغرباوي
13/09/2007, 08:29 PM
أخي درغوثي منذ قليل قرأت رد الأديبة الجيوسي على سؤال طرحته في صفحتها تعليقا على قصتها...
فقد بدا لي أن عملها الإبداعي هو أقصوصة و ليس قصة قصيرة جدا، و جاء في ردها أن القصة القصيرة جدا في عرفها هي التي لا تتجاوز الصفحة الواحدة، وها أنا أقرأ لك هنا هذه التحفة الأدبية، و التي تشغل مقدار صفحة واحدة أو أقل بقليل ولكن أجزم أنها قصة قصيرة جدا. والسر في ذلك العبارات المصفاة بعناية، و المفردات المنتقاة بعناية و الأكثر بل و الأهم من كل ذلك القفلة المحكمة.
مودتي

ابراهيم درغوثي
13/09/2007, 09:29 PM
العزيز عبد الحميد
اعتز برأيك هذا في نصي هذا
فمثلك يزن الكلام بميزان كميزان الذهب
أجدد شكري وافتخاري برأيك السديد

هدى الجيوسي
13/09/2007, 10:14 PM
مشاعر دافئة جدآ تغلبت بجدارة على برد الشتاء القارص ....
رائعة بكل معنى الكلمة أستاذ إبراهيم.
كل تقديري.

ابراهيم درغوثي
14/09/2007, 12:06 AM
أختنا هدى
شكرا للطفك الجم
وفراءتك الرائقة لهذه القصة
دمت في ابداع