Prof. Ahmed Shafik Elkhatib
05/11/2006, 09:52 PM
وحيد القرن* في الحديقة**
للكاتب الأمريكي جيمس ثيربر***
يحكى أنه في صباح مشرق ، كان رجل يجلس في الركن المخصص للإفطار في المطبخ، وابتعد الرجل ببصره عن البيض المقلي أمامه فرأى وحيد قرن أبيض اللون وذا قرن ذهبي يأكل الورد في الحديقة في هدوء ، وصعد الرجل إلى حجرة النوم حيث كانت زوجته مازالت نائمة فأيقظها ، قائلا : "هناك وحيد قرن في الحديقة يأكل الورد" ، ففتحت عينا واحدة تنم عن العداء ونظرت إليه قائلة : "إن وحيد القرن حيوان خرافي" ، وأدارت ظهرها إليه ، وسار الرجل في تباطؤ نازلا وخرج إلى الحديقة ، وكان وحيد القرن مازال هناك ، وكان الآن يأكل أزهار التوليب في تؤدة ، وقال الرجل وهو يرفع زهرة من أزهار السوسن ويعطيها له : "تفضل يا وحيد القرن" ، فأكلها وحيد القرن في جدية ، وصعد الرجل إلى الطابق العلوي في سعادة غامرة بسبب وجود وحيد القرن في حديقته ، وأيقظ زوجته مرة أخرى ، وقال : "لقد أكل وحيد القرن زهرة من أزهار السوسن" ، فجلست زوجته في الفراش ونظرت إليه في برود وقالت : "إنك مجنون ، وسوف أجعلهم يضعونك في مستشفى المجانين" ، فأخذ الرجل الذي لم يكن يحب كلمتي "مجنون" أو مستشفى المجانين" ، والذي ازداد كراهية لهما في صباح مشرق يوجد فيه وحيد قرن في الحديقة ، أخذ يفكر للحظة ثم قال : "سوف نرى." وسار متجها إلى الباب قائلا لها : "إن له قرنا ذهبيا في وسط جبهته"، ثم عاد إلى الحديقة ليشاهد وحيد القرن ، إلا أن وحيد القرن كان قد اختفى ، فجلس الرجل بين الورد واستغرق في النوم.
وبمجرد أن غادر الزوج المنزل ، نهضت الزوجة وارتدت ملابسها بأسرع ما تستطيع ، وكانت مسرورة جدا وقد التمعت عيناها ببريق الأنانية ، واتصلت هاتفيا بالشرطة ، واتصلت بطبيب أمراض نفسية ، وطلبت منهم أن يسرعوا إلى بيتها وأن يحضروا معهم قميص المجانين[1] ، وعندما وصل رجال الشرطة والطبيب النفسي جلسوا في مقاعد وأخذوا ينظرون إليها باهتمام عظيم ، فقالت : "لقد رأى زوجي وحيد قرن هذا الصباح" ، فنظر رجال الشرطة إلى الطبيب النفسي ونظر الطبيب النفسي إلى رجال الشرطة ، وأضافت : "لقد أخبرني أنه أكل زهرة سوسن" ، فنظر الطبيب النفسي إلى رجال الشرطة ، ونظر رجال الشرطة إلى الطبيب النفسي ، ثم قالت : "لقد أخبرني أنه كان له قرن ذهبي في وسط جبهته" ، وبإشارة رزينة من الطبيب النفسي ، قفز رجال الشرطة من مقاعدهم وأمسكوا بالزوجة ، وعانوا معاناة هائلة قبل أن يتمكنوا من التغلب عليها ، وذلك لأنها قاومت مقاومة رهيبة ، إلا أنهم قهروها في النهاية ، وبمجرد أن ألبسوها قميص المجانين ، عاد الزوج إلى البيت.
وسأله رجال الشرطة : "هل أخبرت زوجتك أنك رأيت وحيد قرن ؟" ، فردَّ الزوج : "بالطبع لا ، فوحيد القرن حيوان خرافي" ، فقال الطبيب النفسي : " هذا كل ما أردت معرفته ، خـذوها ، يؤسفني يا سيدي أن زوجتك مجنونة مثل طائر القيق"[2] ، وهكذا أخذوها وهي تسب وتصيح ، وعزلوها في مصحة ، وعاش الزوج في سعادة حتى النهاية.
--------------------------------------------------------------------------------
* وحيد القرن أو أحادي القرن حيوان خرافي له جسم فرس وذيل أسد وقرن وحيد في وسط جبهته. (المترجم)
** نُشرت في مجلة القصة ، العدد 50 (أكتوبر 1986 ، ص ص 20 – 21.
*** كاتب قصص قصيرة وكاتب مقالات وصحفي أمريكي ، ولد عام 1894 وتوفي عام 1961 ، وقد تحولت قصص عديدة له إلى أفلام سينمائية ، ومن بينها قصة "وحيد القرن في الحديقة" ، كما اشترك في كتابة مسرحية اسمها The Male Animal الحيوان الذَّكر لاقت نجاحا على مساح نيويورك سنة 1940 ، كما قُدم العديد من قصصه على مسارح برودواي في عامي 1955 و 1960.
[1] قميص أو سترة بيضاء لها أكمام طويلة تُعقد نهايتها خلف ظهر المريض لمنعه من الحركة. (المترجم)
[2] من أسماء هذا الطائر الأخرى : الزُّرياب ، وأبو زُريق ، وهو طائر يشبه الغراب. (المترجم)
للكاتب الأمريكي جيمس ثيربر***
يحكى أنه في صباح مشرق ، كان رجل يجلس في الركن المخصص للإفطار في المطبخ، وابتعد الرجل ببصره عن البيض المقلي أمامه فرأى وحيد قرن أبيض اللون وذا قرن ذهبي يأكل الورد في الحديقة في هدوء ، وصعد الرجل إلى حجرة النوم حيث كانت زوجته مازالت نائمة فأيقظها ، قائلا : "هناك وحيد قرن في الحديقة يأكل الورد" ، ففتحت عينا واحدة تنم عن العداء ونظرت إليه قائلة : "إن وحيد القرن حيوان خرافي" ، وأدارت ظهرها إليه ، وسار الرجل في تباطؤ نازلا وخرج إلى الحديقة ، وكان وحيد القرن مازال هناك ، وكان الآن يأكل أزهار التوليب في تؤدة ، وقال الرجل وهو يرفع زهرة من أزهار السوسن ويعطيها له : "تفضل يا وحيد القرن" ، فأكلها وحيد القرن في جدية ، وصعد الرجل إلى الطابق العلوي في سعادة غامرة بسبب وجود وحيد القرن في حديقته ، وأيقظ زوجته مرة أخرى ، وقال : "لقد أكل وحيد القرن زهرة من أزهار السوسن" ، فجلست زوجته في الفراش ونظرت إليه في برود وقالت : "إنك مجنون ، وسوف أجعلهم يضعونك في مستشفى المجانين" ، فأخذ الرجل الذي لم يكن يحب كلمتي "مجنون" أو مستشفى المجانين" ، والذي ازداد كراهية لهما في صباح مشرق يوجد فيه وحيد قرن في الحديقة ، أخذ يفكر للحظة ثم قال : "سوف نرى." وسار متجها إلى الباب قائلا لها : "إن له قرنا ذهبيا في وسط جبهته"، ثم عاد إلى الحديقة ليشاهد وحيد القرن ، إلا أن وحيد القرن كان قد اختفى ، فجلس الرجل بين الورد واستغرق في النوم.
وبمجرد أن غادر الزوج المنزل ، نهضت الزوجة وارتدت ملابسها بأسرع ما تستطيع ، وكانت مسرورة جدا وقد التمعت عيناها ببريق الأنانية ، واتصلت هاتفيا بالشرطة ، واتصلت بطبيب أمراض نفسية ، وطلبت منهم أن يسرعوا إلى بيتها وأن يحضروا معهم قميص المجانين[1] ، وعندما وصل رجال الشرطة والطبيب النفسي جلسوا في مقاعد وأخذوا ينظرون إليها باهتمام عظيم ، فقالت : "لقد رأى زوجي وحيد قرن هذا الصباح" ، فنظر رجال الشرطة إلى الطبيب النفسي ونظر الطبيب النفسي إلى رجال الشرطة ، وأضافت : "لقد أخبرني أنه أكل زهرة سوسن" ، فنظر الطبيب النفسي إلى رجال الشرطة ، ونظر رجال الشرطة إلى الطبيب النفسي ، ثم قالت : "لقد أخبرني أنه كان له قرن ذهبي في وسط جبهته" ، وبإشارة رزينة من الطبيب النفسي ، قفز رجال الشرطة من مقاعدهم وأمسكوا بالزوجة ، وعانوا معاناة هائلة قبل أن يتمكنوا من التغلب عليها ، وذلك لأنها قاومت مقاومة رهيبة ، إلا أنهم قهروها في النهاية ، وبمجرد أن ألبسوها قميص المجانين ، عاد الزوج إلى البيت.
وسأله رجال الشرطة : "هل أخبرت زوجتك أنك رأيت وحيد قرن ؟" ، فردَّ الزوج : "بالطبع لا ، فوحيد القرن حيوان خرافي" ، فقال الطبيب النفسي : " هذا كل ما أردت معرفته ، خـذوها ، يؤسفني يا سيدي أن زوجتك مجنونة مثل طائر القيق"[2] ، وهكذا أخذوها وهي تسب وتصيح ، وعزلوها في مصحة ، وعاش الزوج في سعادة حتى النهاية.
--------------------------------------------------------------------------------
* وحيد القرن أو أحادي القرن حيوان خرافي له جسم فرس وذيل أسد وقرن وحيد في وسط جبهته. (المترجم)
** نُشرت في مجلة القصة ، العدد 50 (أكتوبر 1986 ، ص ص 20 – 21.
*** كاتب قصص قصيرة وكاتب مقالات وصحفي أمريكي ، ولد عام 1894 وتوفي عام 1961 ، وقد تحولت قصص عديدة له إلى أفلام سينمائية ، ومن بينها قصة "وحيد القرن في الحديقة" ، كما اشترك في كتابة مسرحية اسمها The Male Animal الحيوان الذَّكر لاقت نجاحا على مساح نيويورك سنة 1940 ، كما قُدم العديد من قصصه على مسارح برودواي في عامي 1955 و 1960.
[1] قميص أو سترة بيضاء لها أكمام طويلة تُعقد نهايتها خلف ظهر المريض لمنعه من الحركة. (المترجم)
[2] من أسماء هذا الطائر الأخرى : الزُّرياب ، وأبو زُريق ، وهو طائر يشبه الغراب. (المترجم)