المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ترجمة قصة "الصيف والشتاء" اليابانية



Prof. Ahmed Shafik Elkhatib
05/11/2006, 10:08 PM
3- الصيف والشتاء



كان اليوم الأخير في المهرجان الخيري الصيفي يقع في يوم أحد.

وكان زوج كايوكو قد ذهب في الصباح إلى دوري البيسبول الذي كان يجري في ملاعب المدرسة الإعدادية ، ورجع إلى البيت لتناول الغداء ، ثم عاد هناك مرة أخرى.

وحان الوقت لكي تفكر كايوكو في العشاء. وتذكرت شيئا. فقد كانت هناك دمية لعرض الأزياء في نافذة عرض أحد المحلات قرب منزل والديها. وكانت قد رأت الكيمونو الذي ترتديه اليوم على الدمية.

وكانت تمر بالمحل ذي الدمية في نافذته كل يوم وهي في طريقها للحاق بالترام متوجهة إلى عملها. وبالرغم من أن رداء الدمية كان يتم تغييره ليتوافق مع فصول السنة ، فإن الدمية كانت تتخذ الوضع نفسه دائما. وكان للمحل ذلك المنظر غير الأنيق الذي يميز أطراف البلدة. وشعرت كايوكو بالاكتئاب إلى حد ما بسبب الدمية التي لابد من أن تكون متخذة الوضع ذاته دائما.

ولكن بينما كانت تمر يوما بعد يوم ، بدأ يبدو لها أن التعبير على وجه الدمية كان دائم التغير. ثم بدأت في التفكير في أنه كان يساير إحساساتها هي. وفيما بعد بدأت تخمن إحساساتها الخاصة من التعبير الذي يرتسم على وجه الدمية. فكانت تنظر إلى الدمية صباحا ومساءً كما لو كانت عرافة تخبرها بحظها.

واستعدادا لخطبتها اشترت الكيمونو الصيفي الذي كانت الدمية ترتديه ، وذلك على سبيل التذكار.

وبدا لها أن الأضواء والظلال في حياتها كانت تذهب إلى أقصى مدى لها في تلك الأيام.

وعندما عاد في غسق المساء ، وذيل الكيمونو الخاص به معقود إلى أعلى ، كان وجهه محمرا تحت قبعته المصنوعة من القش.

"الجو حار. أشعر بدوار. الجو حار جدا."

"إنك تتصبب عرقا. اذهب وخذ حماما."

"ربما يجب عليَّ أن أفعل."

ولم يبد عليه أنه متحمس للفكرة ، ولكنه خرج إلى الحمام العمومي عندما ألقت كايوكو إليه بالصابون والمنشفة.

وشعرت أنها قد تم إنقاذها. فقد كان لديها باذنجان وضعته على شواية من السلك ، وكان من عادته في تلك الحالة أن ينزع غطاء ويرفع آخر وينتقد طريقتها في الطهي. وبدا أنه لا يعرف كم كانت تكره هذا التصرف.

وعندما عاد من الحمام ألقي بالصابون والمنشفة ورقد على أرضية الردهة. وبدا أكثر احمرارا وكانت أنفاسه تلهث بصورة أكبر مما كان من ذي قبل. وأحضرت وسادة ، ولاحظت أنه كان يعاني من تعب حقيقي.

"هل أُحضر لك منشفة باردة ؟"

"نعم."

وعصرت منشفة ووضعتها على جبهته. ثم فتحت بابا لتسمح للنسيم بالدخول وأخذت تُرَوِّح له بمروحة مطبخ كبيرة.

"لا داعي للترويح بشدة هكذا."

وقطب جبينه ووضع يديه على جبهته.

وتركت المروحة وجرت لشراء ثلج وضعته في كيس ثلج.

"إنه بارد جدا." ولكنه استسلم لإسعافاتها.

وخرج إلى الشرفة وتقيأ سائلا رغويا أبيض اللون. ودون أن ينظر إلى فنجان الماء المملح الذي أحضرته كايوكو له ، عاود الرقود.

"اذهبي وكلي." قال ذلك وأضاف : "لابد أنك جائعة."

وكان احمرار وجهه قد ذهب. وشحب لونه.

"من الأفضل أن تحضري دلوا وتزيليه." كان يتنفس بهدوء وسرعان ما نام.

وبعد أن نظرت لبعض الوقت إلى وجهه النائم ، بدأت في تناول عشائها وحيدة. وسمعت صوت قطرات المطر على السطح المصنوع من الصفيح ، وكان هذا بداية لسقوط مطر صيفي سريع.

"وماذا عن غسل الملابس ؟"

وكان صوت المطر قد أيقظه ، فأسرعت بوضع العودين اللذين كانت تتناول طعامها بهما.

"هل أعدت وضع الفلينة على زجاجة الساكي[1]؟" سألها عندما عادت من وضع الملابس في الغسالة.

وكانت قد نسيت ذلك أيضا. وبدا عليه أنه غير مسرور وتنهد وأغمض عينيه.

اليوم السيئ يظهر من أوله. وعلى ما يبدو فقد كانت هناك بعوضة داخل الناموسية. واستيقظت كايوكو وهي تشعر بالميل لحك جلدها. وأضاءت النور وانتظرت حتى تظهر البعوضة ولكنها ظلت مختفية. وأحضرت مروحة ورَوَّحَتْ على جانبي الناموسية ، ولكنها لم تستطع أن تعثر عليها. ربما استطاعت أن تفعل أفضل من ذلك في الظلام. وأطفأت الأنوار. وسرعان ما كانت البعوضة فوق جبهتها فضربتها ضربة عنيفة. وكانت حريصة على ألا تزعج زوجها.

ولما لم تستطع النوم ، خرجت إلى الشرفة وفتحت أحد الأبواب.

كان ينبغي أن يكون هناك قمر ، ولكن السماء كانت ملبدة بالغيوم.

"عودي إلى الفراش." ، كان صوته يكاد يصرخ فيها. "لن تستطيعي النهوض في الصباح."

"هل كنت تبكين ؟" سألها عندما عادت ودخلت تحت الناموسية.

"أبكي ؟"

"ينبغي أن تفعلي."

"لماذا ؟"

وتقلب ، مشيحا بوجهه عنها.

كانت كايوكو تعاني من آلام في معدتها ، على ما يبدو بسبب محارات رديئة تناولتها في الليلة السابقة ، ولكنها لم تلزم الفراش. بل رقدت بجانب المدفأة في مواجهة زوجها.

وكانت تريد أن تعرف أخبار ميتشكو ، وكانت مُلحَّة قليلا في أسئلتها. وتحدث هو بهدوء وبطء.

"لقد أدركتُ لأول مرة أنها كانت تستلطفني عندما قلت إنه قد حان الوقت لكي نجد لها زوجا ، وأنه لابد من أن تخبرني أي صنف من الرجال كان يروق لها. وكانت تطهو عجة بيض لي ، على ما أظن. ولكنها لم تجب. إذن كيف كنت أعرف إذا كانت لا تريد أن تخبرني ؟ هكذا قلت. "شخص مثلك" ، قالت هي ، بهدوء شديد. ولم تنظر إليَّ. "مثلي أنا ؟ ولكنني أشرب." فقالت إنها لا تبالي بهذا إذا لم يكن يشرب أكثر مما أفعل أنا. ثم صَعَدَتْ إلى الطابق العلوي."

وكانت كايوكو قد سمعت القصة من قبل ، ولكنها كانت مولعة بها. وكانت ميتشكو ابنة عم زوجها.

وأبعدت القصة عقلها عن التفكير في الألم.

"وما رأيك فيها ؟"

"لا شيء. إذ إنها في نهاية المطاف ابنة عمي."

"إنك شخص متبلد الإحساس كثيرا ، لأنك تجعل فتاة مليحة تقول مثل هذا الشيء ثم لا تبالي."

"لقد كانت ضعيفة الصحة ولم أكن أحس بالرغبة في أن أتزوج منها. وما معنى الاهتمام إذا لم أكن أريد أن أتزوجها ؟"

"وماذا حدث لعجة البيض ؟"

"هل هذا هو ما تفكرين فيه ؟ أظن أننا أكلناها."

وربما كان زوج كايوكو قد راح يخبر ميتشكو كيف يتم طهي عجة البيض ، ولذا فإنها صعدت إلى الطابق العلوي ، وأكلها وحده بعد ذلك. وأحست كايوكو أن الأمر مسلٍ.

وقال : "ولكن إذا كان عليك الذهاب للتسوق فيحسن بك أن تفعلي ذلك. إن الساعة الرابعة بالفعل."

وفجأة بدت ريح الشتاء أعلى صوتا وازداد الألم سوءا.

وشعرت أنه أمر فظيع من جانبه إلى حد ما أن يبعث بها إلى الخارج في البرد ، وهو يعرف أنها لم تكن على ما يرام. ألم يكن يستطيع أن يرى الفرق بين أن تكون قوية بما فيه الكفاية حتى تضحك من قصته وأن تكون قادرة على الخروج ؟

وكانت فرائصها ترتعد. وتوقفت تحتمي بمظلة إحدى الحارات.

إن عدم الإحساس هذا ، هكذا طاف بذهنها ، كان يبين لها أنه ينظر إلى إحساساتها باعتبارها لا شيء على الإطلاق. ربما كانت ميتشكو ، التي عبرت عن مشـاعرها في تلك المرة الوحيدة ، بلا ذوق وبسماجة ، ربما كانت هي الاختيار الأوفق. ربما يحس في يوم من الأيام أن ميتشكو وحدها هي التي أحبته. ربما كان هناك شيء ما في طبيعته قد يجعل هذا اليوم يأتي.

وكان في الحمام عندما عادت.

ودخلتْ المطبخ. وسرت رعشة على طول عمودها الفقري مثل وابل من الماء البارد. وازداد الألم سوءا مرة ثانية. فذهبت إلى الفراش ، دون أن تفعل شيئا بخصوص العشاء.

"هل اشتد الألم ؟" سألها عندما عاد من الحمام. "هل عندك زجاجة ماء ساخن؟"

وهزت رأسها ، فأحضر زجاجة ماء ساخن. وكانت قلقة بخصوص العشاء.

"هذا لا يهم" ، قال هو ، وهو يغلق الباب خلفه.

وسمعته يصنع الشاي في الحجرة المجاورة. وكانت قد أخرجت كل شيء ، وكان دائما يعطيها دروسا ؛ ولكن على ما يبدو كان يزعجه كثيرا أن يضطر للطهي لنفسه. وكان الصوت الصادر عن عمل الشاي ينم عن النشاط وعن أنه كفء لهذا العمل.

أما إذا حكمنا من صورة ميتشكو ، هكذا فكرت كايوكو ، فإنها لم تكن تملك الكثير مما يؤهلها لأن تكون عروسا سوى أن صحتها جيدة. وغدا ، بلا شك ، سوف تغادر الفراش وتملأ حركتها المكان. ولكن هذا كان نوعا من الأفكار تعوزه الثقة ، مقارنة بالثقة القوية التي كانت تصدر عنه وهو يمضغ إحدى قطع المخلل.

وجال بخاطرها أنه كان يشكو أقل قليلا مما كان يفعل في الصيف الماضي.







--------------------------------------------------------------------------------

[1] شراب كحولي ياباني يصنع من الأرز المخمر ويقدم عادة وهو حار. (المترجم)