المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مدينة فارنا البلغارية: درة البحر الأسود



د.عبدالرحمن أقرع
23/08/2007, 01:31 AM
ملاحظة: ما يلي هو نص مقابلة صحفية اجرتها معي جريدة (العرب اليوم ) الأردنية ، ومجلة (الأهلي الإقتصادي)..أما ما يتلو من صور لفارنا فقد التقطتها بعدسة الموبايل هذا العام أثناء زيارتي لها .

http://www.latef.net/imgup/uploads/fb01c2e580.jpg
مدينة فارنا البلغارية لؤلؤة البحر الاسود ودرة فريدة على الأرض

حاوره : عادل محمود

* وأنت تحلق في سماء مدينة فارنا البلغارية.. بين نسيم البحر وصقيع الإغتراب : ما الذي توحي به إليك هذه المدينة في ليالي ونهارات الإغتراب ؟
قدمت إلى (فارنا) عام 1992..ومنذ ذلك التاريخ آمنتُ أن للمدنِ ألفة البشر تماما..بل وكأنها ذات أرواحٍ تأتلف معها إذا تعارفت أرواحكم ، وتختلف إذا تناكرت .فبعد أن حطت بي الطائرة الصغيرة ذات المراوح الصغيرة في مطار فارنا قادمة من صوفيا التي غشتني فيها أطياف من الكآبة حاطا فيها بعد وصولي من الوطن ..تلاشت كل أطياف الكآبة بلمسة ساحر مذ وصلت فارنا وداعب وجهي المرهق نسيم البحر المنعش باثا في روحٍ أتعبها الترحالُ روحَ جذلٍ افتقدتها طويلا.ولم أكن أدرك وأنا الفلسطيني الشاب ، غض الخبرة ، الذي يحمل حب فلسطين في كل خلية من كيانه..أن حب أخرى قد يتسلل ليحتل موقعا واو صغيرا في سويداء القلب...فكانت (فارنا) ببحرها وشمسها وغناء النوارس فوق صخور شاطئها ، وأنوار مصابيح الزوارق الخافتة تنبثق لتنصهر مع أنوار القمر الفضية ذات مساء، وبالعبق المميز الفائح من صفرة الأوراق المتساقطة على الشارع كل خريف ، وبالمرآى الفريد للثلج المندوف الأبيض المبرقع وجه الإرض بنقابٍ أبيض ، وبالصخب المحبب في ليالي رأس السنة الميلادية، وبالمكتبة العامة التي تشمخ على أرض الساحة الحمراء-سابقا- تزخر بأمهات الكتب بلغة لا يتعدى الناطقون بها الملايين العشرة في بلغاريا وخارجها.
فارنا..تلك التي كتبت عنها بالبلغارية قبيل وداعها :
لستِ مدينة ولا نقطة على خريطة
بل أنتِ لؤلؤة البحر الأسود
وأنت درة فريدة على الأرض
وهبة الربِّ لأبنائك.

والتي كتبت عنها بالعربية قبل لقائها من جديد هذا العام قائلا:

أي احتراقْ
أي احتِراقٍ سوفَ ينثرني شعاعا في فضاءاتِ التلاقي والعِناق
إذا التقت عيناي بالبحرِ المسجَّرِ بالحنينِِ وبالنقاء
وأي صمتٍ سوفَ يرسمُ دهشتي وقتَ اللقاء
في أعينٍ لنوارِسٍ بيضاءَ تصدُحُ بالسرورِ لمقدمي بعدَ الجفاء
وأيُّ (توليبٍ) سيزهِرُ حينَ يهطُلُ من عيوني الدمعُ يُمزَجُ بالرواء
يا صخرةً جالستها عمراً على شطِّ الأماني عندما
لملمتُ أشعاري لأنظمَ ألفَ عِقدٍ للتوددِ في سويعاتِ المساءْ
هلا أذنتِ بلثمِ وجهكِ حينَ يكسوهُ الغروبُ
بحلةٍ حمراءَ من شفقٍ تهدل فوقَ شطآنِ الصفاء
يا رملَ ذاكَ البحرِ هل ما زلت تحمِلُ بصمتي
إذ صغتُ من حباتِكَ الصفراءَ اسما للحبيبةِ لا يزلزله البلاء
وليسَ يبهَتُ بالسنينِْ
ولا بنشرِ للفصولِ على حبالٍ للقضاءْ
يا موجةً نفضت غُبار َالدمعِ حينَ دَنَوتُ ليلاً
وانتشى سربُ النوارِسِ حينَ هيَّجهُ قدومُ الأصدقاء
هلْ تحفظينَ وديعتي..هل تحفظينْ
همساً بثثتُ حروفَهُ في أذنِ ليلٍ سادهُ صمتُ البهاءْ

هل تذكرينْ
يا غادةَ المُدِنِ العريقةِ عبرَ آلافِ السنين
أحضانُ ليلِكِ كم سقتْ جفنيَ دفئا في ليالي الصيفِ ..آهِ ..
كم سقت نسمات بحرِكِ وجهَ بؤسي ليلكاً
أوّاهُ..ليتَكِ تذكُرينْ
أترى عيونكِ قد سلت وجهي وقد طالَ الغيابْ
أترى أنامِلكِ الرقيقة سوفَ تعبث من جديدٍ
تنزعُ الشيبَ الذي غرستهُ أعوامُ الصِعابْ
أي احتِراقٍ سوفَ ينثرني شعاعا في فضاءِ الاقترابْ
وأي فرْحٍ سوفَ يكتبني قصيدا
حيثُ ماءُ البحرِ حِبرُكْ
وحيثُ ساحِلُكِ الكِتابْ
هي ثاني أكبر المدن البلغاريا..وأكبر ميناء بلغاري ..تقع على ساحل البحر الأسود في الجزء الشمالي الشرقي لبلغاريا..وتعد مركزا ثقافيا رفيعا تعقد فيه مهرجانات فنية وثقافية بشكل سنوي وأشهرهما مهرجان (صيف فارنا) ومهرجان السينما السنوي المتعارف عليه باسم –الحب جنون- )، وعاصمة سياحية تنتشر في محيطها المصايف الفخمة الراقية مثل (ألبينا) و(الرمال الذهبية-زلاتني بياستسي) و(الصداقة-دروجبا) حيث يأمها السواح من مختلف أرجاء العالم.. كما وتضم عددا من الجامعات ومعاهد التعليم العالي في كافة التخصصات بما فيها جامعتي الأم (جامعة طب فارنا) التي تلقيت فيها علومي الطبية الأولى لسنواتٍ سبع. يبلغ عدد سكانها قرابة النصف مليون نسمة .وهي من المدن العريقة حيث يضم أحد متاحفها التاريخية أقدم كنز ذهبي في العالم...كان اسمها الأول في القرن السادس قبل الميلاد (أوديسوس) وهو اسم قلعة جثمت على الساحل أيام التراقيين، وظلت تعرف بذلك الإسم رغم تتالي الحكام والحضارات ، واحتفظت بذات الإسم أثناء وقوعها تحت سيطرة البيزنطيين ، وفي نهاية القرن السادس الميلادي دمرت قلعة (أوديسوس ) لتستعيد (فارنا اسمها الإغريقي القديم والذي ما زالت تعرف به إلى يومنا هذا.أطلق على فارنا إسم ستالين تيمنا بالقائد السوفيتي (جوزيف ستالين ما بين عام 1949-1956) والطريف في الأمر أن الاسم تشترك به عدة مدن وقرى في إيطاليا وروسيا وصربيا وحتى الولايات المتحة إلا أنها أسماء تخبو بالوهج الساحر لفارنا البلغارية.عشت بين ربوعها مرحلة النضوج ، وتفتقت أكمام الشباب على أرضها ، ومن معين علومها الطبية نهلت ، أحببت أهلها وأحبوني ، بيد أن الحب الأول فلسطين هو من امتلك قياد القلب فشدني نحوه مودعا مدينة عشقتها والذاكرة حبلى بكل جميل فيها ليتمخض شعرا بلغة أبنائها بعد الفراق:
مرت أعوامٌ ..عسيرٌ على النفسِ عدها
مذ رحاتُ عنكِ بعيدا
حين رحلت بصمتٍ وقد جفت في الحلقِ الكلمات
وعندما صعدت إلى القطارِ السريع
بكيت بحرقةٍ لتنساب الدموع
آهٍ أيها البحر الأسود
آهٍ يا ذاكَ الثلج الأبيض
آهٍ يا تلك الحقول الخضراءٍ
آهٍ يا ذلك الساحل الذهبي
وأنتم يا أبناء فارنا وبناتها
لو تعلمون أنني أحملكم بين الأهداب
كلما رمشت من الجفون
هذا العام عدتُ إلى فارنا محاضرا لإلقاء محاضرة علمية في نفس القاعة التي تلقيت علومي الأولى فيها طالبا..لتنتعش الذكريات..مع فارق بسيط..أنني أنا من اعتليت المنصة فيما كان المستمعون هم أساتذتي الأفذاذ الأول.

د.عبدالرحمن أقرع
23/08/2007, 01:34 AM
1- على مشارف مدينة فارنا
http://www3.0zz0.com/2007/06/24/23/28122777.jpg


2- شاطئ فارنا
http://www.latef.net/imgup/uploads/b48cac82b4.jpg


3- مبنى إذاعة فارنا
http://www3.0zz0.com/2007/06/24/23/37905061.jpg

د.عبدالرحمن أقرع
23/08/2007, 01:36 AM
4- فارنا ليلا
http://www.latef.net/imgup/uploads/8c3882a497.jpg


5- شاطئ صيد الهواة-فارنا
http://www.latef.net/imgup/uploads/6ca3e283e2.jpg


7- مدخل الجامعة الطبية لمدينة فارنا
http://www3.0zz0.com/2007/06/24/23/47383289.jpg