تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الصحة العامة-تأريخ وتعريف



د.عبدالرحمن أقرع
23/08/2007, 01:46 AM
الصحة العامة-تأريخ وتعريف
د.عبدالرحمن أقرع

إهتم الإنسان بالصحة العامة على مستوى الفرد والمجتمع منذ فجر التاريخ ، و كانت الفطرة تقود خطاه على درب السلامة حينا ، والتعلم من ظواهر الطبيعة من حوله أحياناً أخرى. فقد تعلم الإنسان أن يفر من مصادر الوباء كالحرائق ، والماء الملوث . وتعلم أن من مصادر الطعام ما هو سام وما هو غيرذلك . وكان سلوك الحيوان من حوله احيانا له مُعلما وموجها.
ولربما في قصة ابني آدم – عليه السلام- في سورة الأعراف ، حين تعلم قابيل من الغراب كيفية مواراة جثة أخيه مثال ٌ جميل على تعلم الإنسان من المخلوقات بعضا من أسس الصحة العامة
وكان للأديان دورٌ في الحفاظ على الصحة بمنعها وتحريمها لبعضٍ مما يضر الجسم ويتناقض ومقومات الصحة ، كتحريم الخمر والميتة وذوات الناب والمخلب والخنزير ، وكان للأنبياء دورا رياديا في ذلك كما للحكماء والوعاظ ، إضافة إلى ما حملته الأديان من تعاليم تتعلق بالسلوك الإنساني تنسجم والمتطلبات الصحية على الصعيدين الجسماني والروحاني كالصوم والطهارة ، وغيرهما.
ومع تشكل المجتمعات الإنسانية الكبيرة اصبح الحفاظ على صحة الفرد والمجتمع منوطا بالقادة من زعماء وشيوخ قبائل وغيرهم. إلى أن شاعت الحضارة في الآفاق واصبح الإهتمام بالصحة العامة يتخذ أسسا جديدة ، وبرامج منظمة على ضوء من العلم الحديث.
كما وأخذ التلاقح الحضاري دوره في نقل العادات الصحية من مجتمعٍ لآخر.
ويذكر التاريخ أن الحضارة الرومانية نصت على ضرورة تحويل فضلات الإنسان بشكل حصيف للوقاية من المرض.
فكان الفراعنة –مثلا- أول من فرضوا على الجنود تقليد حلق الشعر.
أما الصينيون فقد مارسوا ما يشبه التطعيم عبر استنشاق الأصحاء القشرة المتشكلة حول بثور الجدري للحصول على مناعة من المرض في العام 1000 ق.م.
فيما حصل الأطفال على المناعة عبر إحداث خدوش في جبهة الطفل تطلى بالقيح المأخوذ من البثور. وقد وصلت هذه التقاليد على الغرب في بدايات القرن الثامن عشر الميلادي ، بيد ان ممارستها ظلت محدودة حتى العام 1821 م. حيث وضع اول لقاح للجدري على يد ادوارد جيرار.
كما عُرِف في عهد الرومان أن إزالة جثث الموتى في حالة انتشار الأوبئة سيخفف من انتشار العدوى ، ومع ذلك فقد كان لذلك تأثيره الضئيل إلى أن اهتدى الرومان إلى حرق أجزاء من المدن التي ينتشر فيها الوباء ، فكان ذلك أكثر جدوى ، ثم عرفت ظاهرة الحجر الصحي لاحقا في القرون الوسطى.
وقد تعلمت أوروبا الكثير من موجات الكوليرا التي اجتاحتها ما بين 1929- 1851 ، بيدَ أن أول أسس لعلم الأوبئة كان في العام 1854 على يد الطبيب الإنجليزي جون سنو الذي اعتبر آبار المياه مصدرا للكوليرا ، وتحدث عن وجود كائنات دقيقة تنقل بالماء وتسبب المرض فيما كانت النظريات السابقة تعتبر قلة النظافة هي السبب في انتشار وباء الكوليرا. مع أنه –وأبكر من ذلك- في العام 1681 اكتشف أنتون ليفنهوك الكائنات الدقيقة بعد اكتشاف المجهر .
بيدَ أن الفجر الجديد لعلم الصحة العامة أطل على أوروبا والعالم في العام 1880 على يد روبرت كوخ صاحب النظرية الجرثومية في انتشار الأوبئة ، ولويس باستور صاحب أولى اللقاحات الإصطناعية.
ثم تطور الكفاح ضد الأمراض المعدية والسارية عبر تطوير اللقاحات ، واكتشاف المضادات الحيوية ، الأمر الذي ادى الى تحسين الصحة العامة في المجتمعات لا سيما مجتمعات العالم الصناعي ، كما وقلت الإصابات الناجمة عن تحسين ظروف العمل والمواصلات وتطوير وسائل المواصلات وتنظيم قوانين السير ، مما أدى إلى تكثيف الإهتمام بمكافحة الأمراض المزمنة كأمراض القلب والشراين وغيرها.
بيدَ أن الصحة العامة في مجتمعات العالم الثالث لا تزال- وبكل أسف ترزح تحت أعباء الفقر والحرمان والنفوذ الإستعماري ، فلا يزال بين العالمين بون شاع، ففي الوقت الذي لا يزال العديد من دول العالم الثالث تكافح الأمراض السارية ، يتجه الغرب إلى تطوير نظريات وتطبيقات الصحة العامة على الصعيد الجماعي بعد أن أصبحت ثقافة معتادة على الصعيد الشخصي، وأخذت الحكومات والشعوب ومؤسسات المجتمع المدني هناك تحقق قفزات واسعة على صعيد تحسين ظروف العمل والبيئة الخارجية ، وظروف المسكن ، وغيرها.
تعريف الصحة العمة:-
حسب تعريف منظمة الصحة العالمية، فإن الصحة تعني : (حالة من السلامة على المستويات البدنية والنفسية والإجتماعية ، ولا تعني بالضرورة مضادة للمرض والإعاقة).فيما يعتقد بعض الخبراء قصور هذا التعريف وضرورة أن يشمل السلامة الروحية والغذائية والتعليمية.
أما الصحة العامة كعلم فهو حسب أحدث التعريفات : ( العلم الذي يهدف الى الوقاية من المرض ، وإطالة العمر ، والحفاظ على الصحة عبر جهود منظمة ، وخيارات معلومة للمجتمع والمنظمات العامة والخاصة واللجان والأفراد).
حقول علم الصحة العامة:-
تشمل ثلاثة حقول رئيسية هي:
1- علم الأوبئة
2- علم الإحصاء الصحي
3- الخدمات الصحية.
ومن حقوله الأخرى:
1- الصحة البيئية
2- الصحة المجتمعية
3- الصحة السلوكية
4- الصحة المهنية
يتبع

د.عبدالرحمن أقرع
23/08/2007, 01:48 AM
والآن نبدأ بتناول الحقول العلمية للصحة العامة كلا على حدة:
1- علم الأوبئة
ترجمة وإعداد: د.عبدالرحمن أقرع


علم الأوبئة(إيبيديميولوجيا)
هو علم متخصص بدراسة العناصر التي تتعلق بالصحة والمرض على مستوى المجتمع، وتعتبر أساسا للإنطلاق من أجل التأثيرات الإيجابية على الصحة العامة والطب الوقائي ، كما وتعتبر حجر الزاوية في الوسائل العلمية الخاصة بالأبحاث المتعلقة بالصحة العامة، وتقوم في الأساس على مبدأ الطب المبني على تحليل الظاهرة، وتحديد المسار العلاجي المثالي للمارسة السريرية.
وتتدرج اعمال علماء الأوبئة المختصين من ملاحظة ظاهرة تفشي المرض ،إلى تصميم الدراسة،و جمع المعلومات وتحليلها بما يشمل تطوير نماذج إحصائية لاختبار الفرضيات وكتابة النتائج .
وربما قام علماء الأوبئة كذلك بدمج علوم أخرى في عملهم كعلم الحياة (البيولوجيا) لفهم مجريات المرض وآلياته، والعلوم الإجتماعية كالفلسفة وعلم الإجتماع من أجل فهمٍ أفضل لعوامل الخطر القريبة والبعيدة.

وقد اشتقت كلمة (إيبوديمولوجيا) من الكلمات الإغريقية (إيبي) ومعناها: (فوق ، على) و(ديموس) : (الشعب ، الناس) و(لوجوس: علم) وعليه يكون معناها الإصطلاحي : العلم الذي يتعلق بمجموع الناس) ، ومن هنا يستنبط المفهوم أنه علم خاص بالبشر ، ولكن هنالك أيضا :علم الأوبئة البيطري ، وعلم الأوبئة النباتي ، وعلم الأوبئة الميكروبي ..وغيرها.
تاريخ علم الأوبئة:-
يعتبر الطبيب الإعريقي (إبقراط) والد علم الأوبئة ، فهو أول من اعتقد بوجود علاقة بين حدوث انتشار الأمراض وبين العوامل البيئية ، فأوجد مصطلح (إنديمي) للمرض المنتشر في أمكنة دون غيرها، ومصطلح (إيبيديمي) للأمراض التي تنتشر في أزمنة دون غيرها.
ومن النظريات المبكرة في تفسير الظواهر المرضية ألقى بعض الفلاسفة كأفلاطون وروسو باللائمة على الترف والإسراف المجتمعيين ، كما وآزرهم في ذلك بعض النقاد الاجتماعيين كجوناثان سويفت.
وفي أواسط القرن السادس عشر الميلادي قام الطبيب الإيطالي (غيرولامو فراكاستورو) من مدينة فلورنسا الإيطالية بأول ما اعتمد كنظرية بوجود كائنات حية صغيرة لامرئية مسؤولة عن حدوث الأمراض ، واعتقد آنذاك بإمكانية انتقالها بالهواء ، وأنها تتكاثر ذاتيا ، وأنها تموت بالنار.وبذلك نقض نظرية الفاضل (غالينوس) في اعتبار المرض غازا ساما في أجساد المرضى ، وأصدر في العام 1534 كتابا بعنوان : (العدوى والأمراض المعدية) .
آنذاك كان ذلك الطبيب المبدع أول من ذكر دور النظافة الشخصية والعامة وضرورة تشجيعها لدرء المرض. ولم يكتب البرهان لتلك النظرية الرائدة إلا بفضل (أنطون فان ليفنهوك) الذي اخترع المجهر عام 1675م.
وفي عام 1662 قام مبدع آخر ، وهو( خردجي) بالمهنة وعالم هاوٍ رصين بنشر ما عرف ب( الملاحظات الطبيعية والسياسية على فواتير الموت) نشر فيها نظريات تحليل حالات الموت في لندن قبل ما عرف ب(الطاعون العظيم) حيث قدم فيها أولى الجداول الحيوية والتحليلات الإحصائية ، والتطورات الزمنية للعديد من الأمراض القديمة والجديدة . وبرهن بالتحاليل الإحصائية على العديد من النظريات ، فيما دحض أخرى كانت شائعة في وقته.
وفي العام 1854 ذاع صيت الطبيب الإنجليزي ( جون سنو) كطبيب عمل بشكل ملموس على تقليص موجة الكوليرا التي اجتاحت بلاده في العام المذكور ، حيث أشار إلى بئر ماء في منطقة (الشارع العريض) في لندن كمصدر للوباء ، وأوصى بإزالتها الأمر الذي أدى إلى نهاية الموجة. واعتبر ذلك بمثابة فتح جديد في علم الصحة العامة، ولربما يمكن اعتبارها الظاهرة المؤسسة لعلم الأوبئة.
ومن الرواد الآخرين في هذا المضمار يبرز جليا اسم الطبيب الدانمركي ( ب. أ. شليسنر) الذي ربط بين أعماله وبين الوقاية من تيتانوس المواليد في جزيرة آيسلندا.
وكذلك الطبيب الهنغاري (إغناز سيميلوايز) الذي أدت جهوده إلى خفض الوفيات في أوساط الأطفال الرضع في مستشفى فيينا لاتخاذه تدابيرا تعقيمية في المستشفى. وقد نشرت إنجازاته عام 1850 ، بيد أن أعماله لم يتم تقبلها من قبل زملائه آنذاك والذين قاموا بوقف الإجراءات ، وانحسرت الظاهرة حتى جاء الجراح الإنجليزي ( جوزيف ليستر ) الذي قام في العام 1865 باكتشاف المواد المعقمة على ضوء أعمال لويس باستور.

وفي بدايات القرن العشرين تم إدخال النظم الرياضية على علم الأوبئة على يدإثنين من الرواد هما : رونالد روس ، أندرسن غري ماكيندرك.
وفي العام 1954 نشرت اعمال الأطباء الإنجليز (ريتشارد دول) و(أوستن بارفورد هيل) والتي قدمت علاقة إحصائية قوية ربطت بين التدخين وسرطان الرئة.

د.عبدالرحمن أقرع
23/08/2007, 01:51 AM
وظيفة (علماء الأوبئة)
قليلة هي الجامعات في عصرنا هذا التي تقوم بتدريس (علم الأوبئة) كمساق لطلبة البكالوريوس ، وعليه فإن غالبية علماء الأوبئة هم أطباء بالمهنة ، أما الأقلية المتبقية فهم من حملة شهادات الماجستير في الصحة العامة أو الماجستير في علم الأوبئة.
وعليه فإن أخصائيي هذا العلم يمارسون وظيفتهم في الوقاية الصحية ، والحفاظ على الصحة العامة ضمن أطر مختلفة ومتنوعة. فالبعض منهم يعمل في الخطوط الأولى لملاحظة ودراسة الأوبئة عند انتشارها ومن ثم مكافحتها . أما البعض الآخر فيعمل ضمن منظمات وجامعات ومؤسسات غير ربحية مثل : (مركز مراقبة الأمراض والوقاية منها) و(هيئة الحفاظ على الصحة)في كندا مثلا.


تطبيقات علم الأوبئة:-
يوظف علماء الأوبئة حيزا من التصاميم الدراسية تتدرج من الملاحظة إلى التجريب وعادة ما تصنف بشكل عام إلى:
* دراسات وصفية
* دراسات تحليلية ( تهديف إلى مزيد من تجريب الروابط المهروفة أو العلاقات الإفتراضية)
* دراسات تجريبية ( تهدف للمزيد من التطبيقات العلاجية وغيرها)
وتهدف هذه الدراسات إلى الربط بين التعرض لعوامل (كالكحول والتدخين ، العناصر البيولوجية ، المواد الكيماوية، الضغط العصبي ، ) وبين المرض والموت الناجمين عن التعرض لهذه العوامل. ويعتبر تحديد العلاقة السببية بين التعرض لهذه العوامل وما ينتج عنه من المجالات الهامة في علم الأوبئة، حيث يستخدم علماء الأوبئة المعاصرون (المعطيات المرضية) كأداة هامة .
ويستخدم مصطلح المثلث الوبائي لوصف العلاقة بين العامل المرضي ، المتلقي (المريض) ، والبثيئة ، ليستخدم في بعد لتحليل تفشي الوباء.
علم الأوبئة كاستنتاج سببي:-
بالرغم من أن علم الأوبئة قد استعرض في فترة ما كتجميع للأدوات الإحصائية المستخدمة في إلقاء الضوء على الربط بين التعرض للعوامل المرضية من جهة وبين النتائج الصحية المترتبة ، إلا أن فهما أعمق لدور هذا العلم بدأ منذ اكتشاف( العلاقة السببية ).
فحقل هذه العلم متشعب ومعقد إذ يرتبط بعلائق مع علم الحياة ، وعلم الإجتماع، والرياضيات ، والإحصاء ، وعلم السلالات ، وعلم النفس ، بل وبالسياسة ، وعليه يصعب إيجاد معطياتٍ غاية في الدقة ، ومن ثم أصبح المصطلح الرئيس هو الإستنتاج.
فعلماء الأوبئة في العادة يعكفون على تسخير ركام المعلومات المجمَّعة ، وحيزا كبيرا من النظريات البيو-طبية والنفسو-إجتماعية بطرق متكررة من أجل خلق نظرية أو نشر أخرى، أو لاختبار فرضية ما ، ولإعطاء بيانات علمية حول ما إذا كانت علاقة ما سببية ، وكيفية كونها سببية ، مع تحري الدقة في ذلك كله.
وعليه فقد ذهب عالما الأوبئة روثمان وجرينلاند إلى اعتبار مفهوم : ( سبب واحد- مفعول واحد) مفهوما مغرقا في السذاجة. إذ أن معظم النتائج : مرضا كانت أو موتا تتم بواسطة سلسلة أو شبكة من الأسباب المشكلة والمركبة.

د.عبدالرحمن أقرع
23/08/2007, 01:54 AM
مقاييس برادفورد هيل
ترجمة وإعداد: د.عبدالرحمن أقرع
في العام 1956 قام العالم البريطاني سير برادفورد هيل بوضع مقاييس ومعايير لتقييم ظواهر السببية ، والتي هي بمثابة خطوات إرشادية في البحث عن سبب المرض وربط المؤثر البيئي بمفعوله المرضي ، ولا يتعدى مفعولها أكثر من ذلك الأمر الذي أكده هيل نفسه عندما قال: ( ليس من مقاييسي التسعة هذه ما يصلح لتأكيد أو نفي نظرية الربط بين المؤثر والمفعول الناجم عن تأثيره . وهذا ما أشار إليه كذلك فيليبس وغودمان في العام 2004 اللذان اشارا إلى أنهما غالبا ما تعلما أو تم توجيهما إلى المقاييس التسعة لبرادفورد-هيل مع أن رؤية هيل نفسه لم تنص على تأكيدها كمقاييس مطلقة للربط السببي بين المؤثر والمفعول المرضي.
والمقاييس التسعه هي:
1- القوة:- حيث أن الربط الواهي بين المؤثر والأثر لا يعني ضحد العلاقة بينهما.
مثال: قلة المعطيات التي تربط الإسراف في شرب القهوة بسرطان البنكرياسلا يعني التحييد التام لتأثير كثرة تعاطي القهوة على إحداث سرطان البنكرياس.
2- الكثافة:-المعطيات المكثفة التي يتم من خلالها ملاحظة المعطيات بواسطة أشخاص مختلفين في أماكن مختلفة ولعينات مختلفة الأمر الذي يقوي العلاقة السببية بين المؤثر والأثر المرضي.
مثال: العلاقة بين التدخين وسرطان الرئة.
3- التخصص: تصبح السببية اكثر واقعية غذا تم الربط بين المؤثر والأثر المرضي في عينة سكانية محددة في بقعة جغرافية محددة دون وجود سبب آخر وجيه. وكلما ازدادت خصوصية الربط بين المؤثر والأثر كلما ازدادت احتمالية الربط السببي بينهما.
مثال-1: الربط بين نقص اليود وتضخم الغدد الدرقية في أماكن محددة.
مثال-2:الربط بين التسمم الرصاصي والتهابات الكبد المزمنة.
4- الزمن:- يحدث الأثر بمدة زمنية بعد التعرض للمؤثر ، وطالما هنالك ربط سببي بين المؤثر والأثر فإن الأثر المرضي سيحدث ولو بعد مرور الزمن، بعبارة أخرى ، فإن مرور مدة زمنية بعد التعرض للمؤثر قد يتلوه حدوث الأثر.
مثال: - الإصابة بسرطانات الدم بسبب التعرض للغبار الذري أو الإشعاعات النووية.
مثال-2: الإصابة بسرطان الرئة لدى مدخنين سابقين ، ولو بعد الإنقطاع عن التدخين...وهكذا.
5- درجة التحدر البيولوجية:كلما ازدادت نسبة التعرض للمؤثر ، كلما ازدادت معه احتمالية حدوث الأثر . ومع ذلك في حالات معينة فإن الظهور الكبير للمؤثر قد يحدث الاثر، وأحيانا يحدث العكس : فإن الوجود الكبير الملموس للأثر قدلا يؤدي إلى ظهورٍ للمؤثر.
مثال:انتشار سرطانات عنق الرحم في أوساط المومسات.
مثال-2: انتشار سرطان المثانة في أوساط العاملين في محطات البنزين
3- انتشار أورام غشاء الجنب (البلورا في أوساط العاملين في مصانع الزجاج)...وهكذا.
6- التزامن:- التزامن بين المعطيات الإيبيديمولوجية والفحوص المخبرية يزيد امكانية ربط الأثر يالمؤثر.
مثال: معطيات الكشوف الايبيديمولوجية والفحوص المخبرية ليرقان الكبد الوبائي.
وهنا جدير بالملاحظة ما ذكره (هيل) من أن عدم وجود مختبر كهذا فإنه لا يلغي قوة المعطيات الإيبيديمولوجية.
7- التجربة:- أحيانا من الممكن الوصول إلى تأكيد تجريبي للعلاقة.
مثال: علاقة الإيدز بالسلوك الجنسي غير المنظم.
8- التناظر: وجود عدة مؤثرات يمكن أن تؤخذ بعين الإعتبار.
مثال: علاقة التدخين والكحول ووجود المحرشات في الأطعمة...وعلاقة كل ذلك بالقرحة المعدية
9- القبول الظاهري: وجود علاقة معقولة بين الأثر والسبب قد تكون مساعدة، بيدَ أن هيل أشار إلى أن فهم آلية المرض ضئيلة بناءً على المعطيات العلمية الحالية.

د.عبدالرحمن أقرع
23/08/2007, 01:56 AM
التداخلات العدلية والقانونية لعلم الأوبئةحسب القوانين الأمريكية فإن معطيات علم الأوبئة لا تكفي وحدها لتثبت أن الربط السببي غير موجود بشكل عام ، بل بالعكس قد يؤخذ بهذه المعطيات في المحاكم الأمريكية في الحالات الخاصة (الفردية) كمرجعية لتأكيد وجود رابط سببي بين الأثر والمؤثر بناءً على توازن الإحتمالات.
وهنا يتم الإستعان بعلم الأوبئة لإثبات أن عاملا ما قد يتسبب ، ولكن لا يتم الإستعانة بهذا العلم للجزم بأن العامل المذكور هو المتسبب في إحداث المرض.
فمثلا : علاقة التدخين بسرطان الرئة : فإنه يتم الإستعانة بالمعطيات (الإيبيديمولوجية) لتعزيز احتمالية تسبب التدخين بشكل عام في إحداث السرطان ، ولكن لا يتم الإستعانة بهذه المعطيات كدليل إثباتي جلي وساطع على تسبب التدخين في إصابة مريضٍ بعينه بسرطان الرئة.
بعبارة أخرى فإن علم الأوبئة يؤخذ قانونيا بعين الإعتبار لدى تأكيد (احتمالية) تسبب عامل ما بالمرض في أوساط الناس ككل، ولكن لا يؤخذ به كدليل قاطعٍ لإدانة عاملٍ ما في التسبب بهذا المرض لدى مريضٍ محدد.
وهذا الذي يتم تعريفه في بعض الأحيان بِ (السببية المحددة) ، لا يزال خارج مدى علم الأوبئة.
وهنا نلحظ تحديدا في صلاحيات هذا العلم للربط بين المؤثر والأثر المرضيين من وجهة النظر القانونية المحضة ، وإبقائه خارج لعبة (العدالة).
علم الأوبئة والدفاع عن الحقوق:-

ويقصد بالدفاع هنا: التوصيات المتخذة لتحديد المشاكل غير المحلولة ذات العلاقة بالصحة العامة ، سواءً كانت على صعيد التخطيط او الممارسة ، أو حتى النظرية..أو بعبارة أخرى:.
الدفاع عن الحقوق الخاصة والعامة من أجل الوصول إلى مستوى صحي رفيع للفرد والمجتمع ، عبر تحديد عنصر الخلل على المستويات النظرية ، أو التخطيطية ، أو التنفيذية وذلك له تداخلاته مع علم الأوبئة ، سواءً على الصعيد الفردي : كتغيير النظام الغذائي للعامل مثلا ، أو على الصعيد الجماعي كسحب مواد سلعٍ غذائية من السوق . وذلك من أجل صيانة حق الفرد والمجتمع في التمتع بنمط صحي سليم.عبر مساعدة الناس في اتخاذ القرارات الصائبة فيما يتعلق بصحتهم.

علم الأوبئة والإدارة الصحية العامة:-

إن تطبيقات علم الأوبئة ونتائج تحليلاته تشكل رفداً هاماً لخلق الإطار المحكم لإدارة الوضع الصحي في المجتمع من قبل الوزارات والمؤسسات المتخصصة حكوميةً كانت أو مؤسسات مجتمعٍ مدني ذات علاقة.
الإدارة الصحية هنا تحيط بالفعاليات التالية:-
1- تقييم الوضع الصحي والإحتياجات الصحية لمجتمع معين.
2-تقييم الأدوات والأنشطة اللازمة للإرتقاء بالوع الصحي العام لذلك المجتمع وتنفيذها.
3-توفير الخدمات الصحية بفاعلية وكفاءة لأفراد المجتمع المذكور بما يتلاءم والقيم الثقافية والسياسية والصحية للمجتمع ككل.

والإدارة العصرية على هذا النمط ليست بالسهلة ، بل هي أمر في غاية التعقيد إذ تتطلب العديد من الأدوات والمهارات الطبية ، والسياسية ، والتقنية ، والرياضية من أجل تحقيق الغايات المذكورة أعلاه.ومن اللبنات المهمة للتحقيق يأتي علم الأوبئة بتحليلاته وتطبيقاته ليشكل عاملا اساسيا مهما في بناء الإدارة الصحية المذكورةحيث يتضافر مع علم الإدارة منأجل توفير الرعاية الصحية الفاعلة والكفوة للإرتقاء بالوضع الصحي والأخذ بيد الناس للوصول إلى الوضع الصحي المطلوب.
وهذه المهمة الإدارية تتطلب توظيف المعطيات الإيبيديمولوجية المتعلقة بعناصر الخطر على الصحة ، وإمكانيات حدوثها وتفشيها ، والإحصائيات المتعلقة بذلك ، إضافة إلى تلك الإحصائيات المتعلقة بنسبة الوفيات المترتبة على المرض ، وتوظيف ذلك كله لخدمة منظومة إدارية لا تكتفي بمواجهة الأخطار الراهنة على الصحة العامة فقط ، بل وتتعدى ذلك من أجل التخطيط لدرء أخطارٍ مستقبلية محتملة.

ومن الأمثلة على المؤسسات العالمية التي تستنبط معطيات علم الأوبئة وتوظيفها في خدمة الإدارة الصحية العامة :(الإستراتيجية الكندية لضبط السرطان) ، ( البرنامج الصحي الكندي لضبط التدخين) ، (المبادرة الكندية لدراسات ضبط التدخين) ، وغيرها الكثير.

حيث تستخدم هذه المنظمات إطارا إداريا يدعى( حياة في خطر) ويشمل التحليل الكمي لعلم الأوبئة ، والإحصاء الحيوي ، والبحوث العملية للهيئات الصحية ، إضافة إلى الإقتصاد لتؤدي ما يلي:
* قياس ودراسة التأثير المستقبلي لتأثير المرض على المرض على السكان ، مع الأخذ بعين الإعتبار إحتمالية ظهور أمراض جديدة.ويشمل ذلك معلومات عن ظهور الأمراض ، تفشيها، حالات الوفاة المبكرة، وفقدان الحياة كما ونوعا عبر حالات الإعاقة والموت.
*قياس تأثيرات المرض على القوى العاملة ، بنفس المقاييس والإعتبارات السابقة.
*قياس ودراسة تأثيرات المرض على الإقتصاد في القطاعين العام والخاص ، كتأثيراتها على كلفة الرعاية الصحية ، والأرباح والدخل القومي، وضرائب الدخل الفردي ، وكلفة التأمين الصحي ...الخ.

يتبع

ثابت الياس
15/01/2008, 03:57 PM
مشكور اخي الدكتور

ثابت الياس
15/01/2008, 03:57 PM
مشكور اخي الدكتور