المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإسلام بين الحرب والسلام (الحلقة الثالثة )



جميل أبو علي
27/08/2007, 11:11 PM
وما من كاتب إلا سيفنى .....ويبقي الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بخطك غير شيئ.....يسرك في القيامة أن تراه
اللهم اغفر لمؤلف هذا الكتاب وكاتبه ولمن يقرؤه ويساعد على نشره آمين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
كنا قد وصلنا في بحثنا السابق إلى الحلقة الثالثة من بحث
(الإسلام بين الحرب والسلام) ونتابع ونقول بعد الاعتماد على الله تعالى
المراحل التي مرت بها الحركة الاسلامية
كان الرسول الكريم وحيدا ًفرداً , بحمل بين جوانحه ديناً يدعو الناس إلى عبادة الله وحده ., فكيف كان العرف عند العرب في ذلك الوقت ؟ كانت العصبية للعائلة اولاً , ثم القبيلة ثانياً , وكانت هناك عصبيات أخرى لا مجال لذكرها , فمن البديهي إذن أن تكون الدعوة أول ما تكون للأهل والعائلة والأقربين . فكان دين العقل والحق والمنطق أروع ممثل لهذه الحقيقة فقال تعالى : ((وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ {214})) الشعراء
وهكذا بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوا أقرب الناس إليه زوجته خديجة ,
صديقه وصاحبه أبا بكر الصديق , ابن عمه الذي يعيش في كنفه علي بن أبي طالب , مولاه زيد بن حارثه.
وجمع بني هاشم والمطلب وعبد مناف , ودعاهم إلى الإسلام , ثم بعد ذلك توجه إلى أبناء قبيلته , ثم إلى غيرهم من القبائل , ثم إلى ملوك الأرض المعروفين والأقرب إليه مكاناً في ذلك الوقت , استجابة لأمر الرب عز وجل :
((فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ {94} إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ {95})) الحجر
من ناحية ثانية
أ‌- كان وحيداً وآمن معه في البداية المستضعفين والفقراء ومن ليس عندهم حول ولا قوة ....
فكانت دعوة العقل والمنطق والحكمة , دعوة الدين الحق والرسول الحق والأتباع الحق سرية .....
ب- وما إن بلغ عدد المسلمين (40) شخصاً واسلم عمر بن الخطاب "رض" وكان حمزة بن عبد المطلب "رض" قد اسلم وآمن قبله , وتمكنت العقيدة من قلوب هؤلاء الأتباع والصحابة العظام , حتى أصبحت دعوة العقل والمنطق والحكمة , دعوة الدين الحق تقتضي الجهر بالدعوة .
ج- وما إن انقلب المسلمون وهاجروا إلى المدينة المنورة , وتكونت نواة الدولة المسلمة وأصبح بإمكان المسلمين تكوين جيش صغير حتى أذن لهم بالقتال , وكيف يؤذن لهم بالقتال قبل ذلك ....؟
وهل هذا ما يتناسب مع الدين الحق والدعوة الصحيحة قبل ذلك ؟
د- وكانت الحروب الدفاعية هو ما يتناسب مع تطور ونمو الحركة الإسلامية والدولة الإسلامية والجيش الإسلامي .
ه- حتى بين الرسول الكريم صلوات الله عليه وسلامه أن قريشاً لن تستطيع بعد ذلك غزو المسلمين أو ابتدائهم بقتال .
وهنا إذن قد أصبح المسلمون في عزة ومنعة , وقويت شوكتهم وطال باعهم, وأصبح جيشهم قوياً ,
اندفع المسلمون لقتال الأعداء في عقر دارهم , وكانت الحروب الهجومية هي ما يتناسب مع العقل و المنطق و الحكمة , وهكذا دوماً و أبداً هو دين الإسلام دين الحق دين العقل و المنطق و الحكمة , و دانت الجزيرة العربية بالإسلام . و كانت بعد ذلك حروب الفرس و الروم , حتى وصلت الجيوش الإسلامية إلى تخوم الصين شرقاً و إلى فرنساً غرباً.
التعليق والاستنتاج مما سبق
نكتفي إلى هنا بالسرد لكي نعلق على ما سبق :
هل كان الإسلام في كل ما سبق دين سلام أم دين حرب و قتال ؟ إذا قلنا انه دين حرب وقتال , وان الناس قد اسلموا بسبب قتالهم وحربهم . فسنقف أمام سؤال محير لا نستطيع الجواب عليه من هذا المنطق وذلك الادعاء وهو :
أ-الدليل على أن الإسلام دين سلام
أن اكبر دولة إسلامية في العصر الحاضر وهي اندونيسيا قد انتشر الإسلام فيها حتى عم أرجاءها كلها ... ولم يصل جندي مسلم واحد للقتال والحرب هناك .. فكيف اسلم كل هؤلاء ؟
وهل نستطيع أن نقول : انهم اسلموا عن طريق الحرب والقتال ؟فالإسلام إذن دين حرب وقتال ! فالجواب انه ليس من احد على وجه الأرض يستطيع إثبات ذلك .
وإذن فالحق أن الإسلام انتشر هناك دون حرب وقتال , وهذا اكبر دليل على أن الإسلام ليس دين حرب وقتال .
وإذا لم يكن الإسلام دين حرب , أي لم ينتشر عن طريق الحرب والقتال فهل هو دين سلام , انتشر عن طريق الدعوة السلمية فقط
ب- الدليل على أن الإسلام دين حرب
؟ وهنا نحن أمام تساؤل آخر لا يقل عما قبله غرابة وهو أن الرسول الكريم "ص"بقي (13) عاماً يدعو الناس سلماً فما آمن معه إلا القليل فضلاً عن استخدام المشركين والكفرة لكافة أنواع السياسات لدحر هذا الدين العظيم ودحر المتمسكين به , حتى كان آخر ما عزم المشركون على فعله في ذلك , هو عزمهم على اغتيال وقتل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فكيف يصح أن نقول الإسلام دين سلام , أي انتشر عن طريق السلام والمسالمة ...
هذا من جهة ومن جهة أخرى فتلك الحروب التي جرت بين المسلمين وغيرهم , والتي دارت رحاها اولاً للقضاء على الإسلام . كما في الحرب والجهاد الدفاعي .وثانياً : لنشر الدعوة الإسلامية والإسلام , كما في الحرب والجهاد الهجومي , وهل تلك الدماء التي هدرت كانت بسبب السلام , أم بسبب القتال والحرب والضرب ....
وهل تهدر الدماء وتسفك إلا في القتال والحروب والمعارك ؟ وهل ينفع في هذا المقام إلا قول الحق الذي يدعو إلى الدين الحق دين الإسلام ؟
ج- بطلان مقولة الجهاد لم يشرع إلا دفاعاً عن النفس والدولة الإسلامية
وهل حقيقة تلك الدعوة , إن الإسلام دين السلام , وان الحرب والجهاد الذي كان المسلمون يقومون به , ويجعلونه قمة سنام الإسلام , هو للدفاع عن النفس وعن الدولة الإسلامية ؟
فكيف نفسر وصول الجيوش الإسلامية المحمدية إلى تخوم الصين وحدود فرنسا ؟
وأين تلك الجيوش الإسلامية من المدينة المنورة أولاً , ومن الجزيرة العربية ثانياً , ومن الدولة العربية الواحدة ثالثاً؟
هل يصح مثل هذا الادعاء ....؟
وهل يصح أيضاً أن ندعي أننا نسمع بجيش يريد أن يغزونا فنذهب إلى بلادهم ونغزوهم ؟
وتصور أن الجيش الإسلامي لم ينهزم في بواتيه في فرنسا بقيادة عبد الرحمن الغافقي , أكنا نقف يا ترى ونتقهقر إلى الوراء , أم كنا نتابع الحرب والقتال والفتح الإسلامي ؟
ثم هل يصح أن نسمي تلك الحروب والفتوحات حرب إستباقية وما موقفنا هنا من أمريكا , وهي تحاول أن تستعمر هذا وتسيطر على ذاك , بل هي تحاول بسط سيطرتها وعنجهيتها على البشرية جمعاء بحجة الدفاع عن النفس والحرب الاستباقية والحفاظ على الأمن الأمريكي وحرب الارهابين ...!
هل نسلم لها وقد احتلت أفغانستان والعراق والحبل على الجرار ؟.
وهل بعد كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المسلمين لن يُغزو بعد الآن , استطاع جيش من الجيوش الوصول إلى المدينة المنورة حاضرة وعاصمة المسلمين في الزمن المحمدي , بل ما بعده أيضاً ؟
- وإذن وطالما أن الأعداء لن يستطيعوا عزواً المسلمين فهل كل ما جرى من الحروب بعد ذلك هو دفاع عن النفس ؟
- وماذا قال ربعي بن عامر لقائد الفرس حينما قال له الآخر : ماذا تريدون منا .....؟ وهو ما سنذكره بعد صفحة تقريباً
هل هذا الكلام يقوله من يريد الحرب الدفاعية لا الهجومية ....؟
ولو كان الأمر كذلك .. أي أن الفرس يعدّون ويريدون غزو المسلمين , أما كان الأحرى بربعي بن عامر أن يقول له : انتم من بدأتم بقتالنا ونحن هنا للدفاع عن أنفسنا وديارنا .
أم كانت الحقيقة غير ذلك والواجب غير ذلك ... فتبصر في الأمر . ولننتقل إلى طرح آخر كي يتوضح عندنا الجواب عما سبق بشكل شافي وكافي إن شاء الله سبحانه وتعالى فنقول :
وإلى اللقاء مع الحلقة التالية بعنوان (الدعوة إلى الإسلام) بعون الله سبحانه وتعالى
وكتبه : جميل أبو علي
algameel_55@hotmail.com