محمد فؤاد منصور
31/08/2007, 01:44 PM
الأخوة الأعزاء
وهذه محاولة أدبية جديرة بالإهتمام فقد دعا إليها الأستاذ عامر العظم على أن يتشارك فى كتابتها كل كتّاب واتا، أفتتحها عميد كتاب القصة فى واتا الأستاذ عبد الحميد الغرباوى ثم تتابع عليها نخبة ممتازة من الكتاب والشعراء غير أن الأمر تطلب أن يكون هناك منسقاً وأن تكون هناك خطة يمضى عليها العمل إلى نهايته فتوقف الكتّاب أو ربما زهدوا وتم على مايبدو التخلى عن المحاولة بعد عشرين مشاركة بعد الإنطلاق لكنها بقيت محاولة جديرة بالدراسة والمتابعة بل ومن الممكن الإتفاق على إكمالها إذا وضعت الضوابط اللازمة لذلك ، وهاهى المحاولة الكاملة أمامكم بعد ضم بعضها إلى بعض.
-----------
أبناء فى الصحراء
------------------
قصة الأستاذ/ عامر العظم
-------------------- (يكتبها نخبة من كتـّاب واتا)
1-على امتداد البصر، كثبان رمال، و نباتات، رغم قصرها، و نحافة سيقانها، أصرت إلا أن تعلن عن اخضرارها، و هي تنبثق برؤوسها المتوجة بنويرات صفراء و حمراء من عمق الرمال الحارة.. لعل جذورها ضاربة في الأعماق، حيث الماء.. و على صفحة الرمال، بدت آثار زواحف، هي خطوط تقاطعت فيما بينها، و آثار قوائم حيوانات، هي نقط كبيرة تقاربت أحيانا و تباعدت أخرى.. الغرباوي
2-وفي جسد الرمال المتهالكة، يأكل البصرَ سراب ينتهي، فيبدأ، وتغازل العين واحات في نزعها الأخير، تحف بها نُخيلات شاردة سعفاتها، بينما تقتحم هدأة النبض ضَوارٍ تلتهم الماء الآسن التهاما! ووسط سكون مخيف، تنمو زعقات لا يمكنك تمييزها، كونها تغادر الأذن إلى جحرٍ هنا، أو تناور البصر خلف جيفة هناك.. وعلى وقع الخوف، وفي رتابة الشهيق، يُطلّ من حيث لا تدري لسان سحليةٍ نسيها الموت، فترجُّ خطوتك، ويجفّ لها ريقك، ........- الفارع
3-بعض الجوارح، في الأعالي، فردت أجنحتها القوية سابحة في الفضاء ، غير آبهة بالحر، رؤوسها إلى تحت متأهبة ، يقظة، في حالة استنفار دائم للانقضاض على فريسة ، كشفت، بغتة، عن رأسها من عمق الرمال، أو ضلت طريقها فضاعت في متاهة و شساعة هذا الامتداد الذي يخال لرائيه كما لو أن لا نهاية له.. الغرباوي
4-قبل انتصاف النهار، والزوال يسعى لقطع الوقت وتجاوز اللهب الحارق في مساكن الهجير، هبَّت عاصفة هوجاء راحت تضرب بأجنهتها الطويلة رمال الصحراء بقوة متفردة تمردت على قانون الأنواء بثورة قاصمة ، فتجعل الريح تتقاذفها في كل اتجاهات الرهبة ، وصفيرُ أفواهها الواسعة يملأ الفضاء بما يشبه عواء الذئاب الجائعة ،فاهتزت الأجساد الصحراوية بعنف الضربات الريحية الموجعة ،واختلطت الظلال بلون الرمال والثورة الرملية تزداد اشتدادا.- بنت البحر
5-الرياح العاتية نحتت، على امتداد السنين الطويلة، من الصخور العارية أشكالا غريبة تسحر البصر وتشده إليها:
ها هنا يقف مارد جبار من زمن صراع آلهة الإغريق القديمة... وهناك يلهو قزم أفطس بخذاريف يؤلف منها هودجه الصغير...
بينما تنتصب صخرة أخرى، هناك، مسختها الريح عروسا لم تكتمل فرحة ليلة دخلتها...- غوردو
6-وعلى مرمى ظل مكتئب، تسافر سريّةٌ من نمل مهلهل الأجنحة إلى نهايات حلمها، تحمل هلى ظهورها المقوسة زوادة سوداء، تكاد تهدّها وطأتها.. وعند منعطف الظل مع انكساره، يتربّص ظبٌّ متخم بالجوع بفريسة مفترضة، فيغمض عينيه الغائرتين في حفرتين غير مهندستين جيدًا، ويمد لسانًا كأنه إبرة شيطان ذميم، ويفتح فمه للفح هواء السموم.. ينتظر... تتفاداه سريّةُ النمل.. وتتجاوزه سرايا الحياة.- الفارع
7-استحالت الدنيا إلى أصفر ينذر بقرب وقوع حدث جلل،الجو لا يزال حاراً ، و نداءات حيوانات،لا تبصرها عين، على صغارها معلنة حلول الليل فالعالم لا يرحم إما أن تكون آكلا ، أو تصبح مأكولا...حسن بشير
8-وتسافر العين متجولة كاشفة ، وتصل إلى أقصى الشمال ، ليعانق بصرها قبيلة عربية تدعي قبيلة ( صبح ) ....
ويمتد البصر مقلعا إلى الجنوب ، فيقع على قبيلة أخرى تدعى قبيلة ( فراس ) ,,,
ويكتشف أن بينهما حرب ضروس ، أهلكت الأموال والنفوس ، من أجل لحم الغزلان والأرانب ، وفراء الغريريات والثعالب ....
لطفي منصور
9-بين "صبح" و"فراس" ملحمة...
ملحمة أحرقت الزرع، وأعجف لها الضرع، من دون أن يعلم لها أحد بداية إلا من وشوشة سرت همسا بين الشفاه...
تناقلتها من جيل لآخر ممتعضة حينا من خبر انكسار، ومزهوة حينا آخر من خبر انتصار...
وما بين مواسم "الانتصار" و"الانكسار" ساوت الملحمة بين "صبح" و"فراس" حتى بات كلاهما مهزوما...غوردو
10-شق ذلك الخلاف البشري على مجتمع الحيوان ، فتالمت له الثيران ،وبكت على حالهم الجرذان ...
فقرروا التدخل لإصلاح بنى الإنسان ، قبل أن يجرفهم الطوفان ، بعد أن أضلهم الشيطان ...
اجتمعت الحيوانات فقال قائلها : كما تشاهدون وتسمعون ... فنحن من جيراننا أرقى ، وفي تعاملنا أنقى ...
وعليه يجب أن نتدخل للصلح ، وإذا صمتنا يعتبر من المذمة والقبح ، فحق الجار على الجار واجب ، وإن كثرت منهم المصائب ...
لطفى منصور
11-وقفت جميلة بباب خيمتها تطل على مضارب العشيرة فى ضوء الصبح الطازج لحظة إنبثاق الشمس لتعانق أول مدارج السماء ،لكم عشقت هذه اللحظة النادرة وأنتظرتها بشغف ، الصمت والسكون يلفان المكان والأفق البعيد يمتد أمامها كخط طويل رسمته بإتقان ريشة فنان بارع ،عنده يتلاقى لون الصحراء الذهبى مع لون السماء الفيروزى ، لكم عشقت ذلك المكان منذ وجدت فيه حتى أنها لم تعد تدرى كم صباح مرّ عليها وهى تراقب خط الأفق البعيد وتسرح ببصرها فيما وراء الصحراء ، أشتاقت ، تمنّت ، عاشت حلماً مستحيلاً بأن ترى يوماً تلك العوالم البعيدة التى تحكى عنها الجدات فى أمسيات يقضينها تحت ضوء القمر ،عندها تتقافز فى عقلها عشرات الأسئلة التى تبقى بلا إجابة ،لكن الأهم من بينها كان دائماً هو كيف وصل العداء بين قبيلتها صبح وقبيلة فراس إلى هذا المدى من الخصام والمشاكسة.
... دكتور/ محمد فؤاد منصور
12-إنها تتذكًر , بل تئن متوجًعةً بالذكرى , متسربلة برداء الحزن السرمدى , ولآ تزال الصورة محفورةً فى ذهنها 0
لآ تفارقها بالرغم من تعاقب السنين , هاهى لآتزال تسمع الضجيج , صهيل الخيل , سنابك الجياد , قعقعة السيوف
تكسر الرماح , زئير الفرسان , فعلآ الغبار فى الجو حتى إسودً الأفق وتطاير شرر الغضب منذرا بالموت والعدم ,
والجدًة مناجى يعلو صوتها كزئير ألأسد تستحث الهمم :
( إقتلوا رحيّم كبيرهم 0إقتلوا رحيّم رأس ألأفعى...
)إبراهيم عبد المعطى
13-تـُقرر جميلة الفرار من أصوات الذكريات ، صور الدماء و الأشلاء إلى روح الطبيعة الهادئة
التي تنشر السلام في النفس و التوهج في الروح لأيّ كائن
يحتمي بها و يلوذ إلى رحابة أفقها المديد.
تمطتي في رشاقة صهوة جوادها رعد فتطير به
إلى الغدير القريب من مضارب قبيلتها "صبح"
لتسترخي بقوامها الممشوق و سلاسل شعرها
الكستنائي المخلوط بلون شمس الصحراء الذهبية.
تفرد وشاحها المخملّي على الرمال الساخنة ،
ترسل نظراتها الناعمة إلى صفحة الغدير الرقراق.
تشعر بحركة مفاجئة من خلفها تأتي من بين الشجيرات.
.إيمان عبد العظيم.
14-هاهو حبيبها وعدوها , نورها ونارها , حياتها ومماتها , برؤيته تاقت روحها للحياة ,
بنظراته الساحرة إنتعش كيانها للحب , بأنفاسه المتهدجة رقص فؤادها وإبتهج ,
لكن آه لو لمحوه , آه لو وقعت أعينهم عليه , إنه إبن عدوهم اللدود , إبن رحيّم
القاتل السفاح , لكنها إلتفتت نحوه كطائر يستقبل نور الصباح وبصوت رخيم عزب
يبعث الطرب فى آذان سامعيه... أ.عبد المعطى
15-قالت جميلة : كنت أفر منك إليك ، أفتش عن نفسي الهائمة لأجدك هنا تنتظرني !
أنت الداء و الدواء ، السـُم و الترياق ، النار و الماء !
كيف نلوذ بحبنا الوليد من هواء الكره المـُحمّل بغبار الدم و رماد الجثث ؟
إلى متى ستحتملنا الحياة بهذا الكم من البـُغض و التعصّب و الدمار ؟... إيمان.ع
16-لم ينبس 0
عشعشت عاصفةً صفراء ضاربةً للسواد فى أعماقه 0
إذداد نار جوفه إضطرابا , شعر بإحساس الأسى يمور فى صدره
حتى كاد أن يكتم أنفاسه 0 تقدًم نحوها , تراءى له خاطر سريع
وسط لجة الحيرة وألإرتباك كما يلتمع البرق فى السحاب المظلم
المكفهر همس فى رجاء... أ.عبد المعطى
17-وبعد أيتها الجميلة الرقيقة متى ينتهى هذا الليل الطويل ، أصبحنا نلتقى خلسة بعيداً عن الأنظار ولكن إلى متى؟أخشى أن يرانا أحد من آل صبح فيؤذيك أو يشى بسرنا، نفسى فداءً لك ولكن كل خشيتى أن يصبح حبنا الوليد قيداً يكبلك.أما آن الآوان لألتقى والدك وأحاول تقديم عربون المصالحة..
لم تدعه يكمل ، سارعت بوضع أناملها على شفتيه كأنما لتمنعه من الإستمرار وهمست فى هلع :
- بالله عليك يانزار قلت لك إن الوقت لم يئن بعد لخطوة كهذه فمازال أهلى يعتبرون والدك رحيّم عدوهم اللدود.... م.ف. منصور
18-يشـُدّ نزار ذراعه حول كتفها ، تشعرها ضمته برقته و خشونته فتحتمي بها في إستسلام.
يقول في صوت رزين ممزوج بنبرات حزن قادم من الماضي البعيد.
نزار : هل تعلمين جميلتي لماذا بدأ هذا الصراع اللانهائي بين قبيلتينا ، بسبب الحب !
هل تتصورين أن يكون الحب سبب للقتال الدامي ، هل يمكن للحب أن يصبح نار تأكل
كل ما يتنفس حولها من كائنات الصحراء و سكّان البرية؟
الحب الذي جمع بين جدتك مناجي و جدي رعد !
تبتسم جميلة بإبتسامة يــلـّفها السواد و هي تقول:
ألهذا أصرّت أن أسمي فرسي عندما ولد رعد!... إيمان.ع
19-أستأنف نزار حديثه المغموس بالشجن وهو يطيل النظر فى عينى جميلة الدعجاوين :
- ذات يوم حكى لى جدى رعد قصة طويلة كنت أظنها من الخيال عن فارس نبيل وحبيبته الحسناء وكيف وقفوا له بالمرصاد ، عندما وصف الحبيبة كان كأنه يصف عينيك اللتين أراهما الآن ..ياالله! ألان فقط أدركت لماذا لمحت دمعات تترقرق فى عينيه حين ذكرها ، وحين نبهته إلى أن الدموع بدأت تنساب على وجنتيه وسألته
- مالك ياجدى ؟
سارع فمسح دموعه بظاهر يده وقال لاشئ يابنى فقط القصة شديدة التأثير . ثم تضاحك حتى يصرف إنتباهى وقال:
_ لاعليك إنه محض خيال.
الآن أدرك أن جدتك مناجى كانت رائعة الحسن مثلك وأنه إنما كان يصف حبيبته حين كان يسامرنى .
ثم أبتسم نزار وهو يصلح بعض خصلات أسقطتها هبة ريح على جبين جميلة وقال:
- يبدو أن نساءكم أحتكرن الحسن بين القبائل وأن قدر رجالنا أن يكونوا أسرى لهن.... م.ف. منصور
20-استغيب جميله احد افراد قبيلتها بحث عنها بين افراد القبيله -- لم يجدها -- نظر على امتداد البصر -- لم يجد الا السراب
اهد ته شياطين الصحراء الى الغدير وجد جميله ونزار يتناجيان -- تذكر حكايات الاجداد -- تذكر موروثات الشرف والكرامه -- سد د رمحه وشهر سيفه -- وبدأت الحروب من جديد.
اجتمع شيوخ القبائل المجاوره وحاولو الصلح بين قبيلة صبح وفراس من اجل وقف نزيف الدم وعودة السلام الى الصحراء
اتفقوا على افضل حل هو ان ترتبط القبيلتان برباط النسب ووافقوا على زواج نزار من جميله
عمت الافراح ربوع الصحراء ولكن كعادة العرب لابد من معارض لابد من صوت يشذ عن الاجماع
تقدم ابن العم طالبا الزواج من جميله فهو احق بها من نزار واحتدم النقاش مره اخرى.
مصطفى أبو وافية
21-أهل الصحراء بسطاء بساطة الطبيعة التى يعيشون فى قلبها فمشاعرهم واضحة وأفكارهم مباشرة ليس فيها أى تعقيد شأن السماوات المفتوحة على مصراعيها فوقهم والآراضى الشاسعة الممتدة من حولهم وقبيلتا صبح وفراس لم تستسلما لمساعى الصلح إلا خشية أن تسير الركبان بأن القبيلتين قد أدمنتا العداوة والبغضاء ، لقد طاش السهم الذى قُذف به نزار فلم يصب منه مقتلاً وحين قفز فى خفة إلى صهوة حصانه وأستلً سيفه كان المهاجم من آل صبح قد لاذ بالفرار،إقتراح الصلح بالزواج كان فكرة مفرطة فى سذاجتها قال بها من همسوا فى أذنه أن أدرك القوم فأبنة شيخ آل صبح قد وقعت فى عشق أبن شيخ آل فراس والعشق ينسى المحن فليكن الحل إذن أن يقترن أبناء الشيخين حقناً للدماء، أذعن أبناء القبيلتين فى تظاهر مر بالجنوح للسلم ولكن قفز الخاطر فى رأس أبن العم كأنه منحة من السماء فلن يقف أحد امام رغبة أبن العم فى الأقتران بجميلة، وهل بوسع أحد من أهل الصحراء أن يعترض على عرف صارت له قوة القانون، لذلك لم يكن هذا الطلب إلا بمثابة طوق النجاة من صلح رغم الأنف فمن للقبيلتين بنسيان دماء جرت بين الرمال حتى أحمرّت حباتها؟... م.ف. منصور
22- تدخل جميلة و هي في حالة مزرية من اليأس و الحزن و الألم الدفين فينهمر على وجنتيها شلالات من دموع ساخنة مـُلتاعة مليئة بالشجن محملة بفقدان الأمل الذي وأد الفرح بعد أن لاح في الأفق بوادر إمتزاجها بحبيبها نزار فأصبح سرابا في غمضة عين.
تدخل عليها الجدة مناجي بحدتها و جفاءها المعهود لترى حفيدتها في تلك الحالة.
مناجي : لقد نسيت من أنت ، أنت تعشقين نزار ابن رحيم شيخ قبيلة فراس !
يا للعار الذي أنزلته بنا ، هل هـان عليك شرفنا و كرامتنا إلى هذا الحد؟
ماذا أصابك ؟ ألم تجدي في البرية من يملك فؤادك غيره ؟
الموت أهون لك عندي من زواجك بهذا الخائن الجبان القاتل ابن السفاح.
تنظر لها جميلة من بين رموشها المـُبللة بماء دموعها الغزيرة
جميلة: ماذا عن جده أبو رحيّم ! هل كان سفاحا لأنه أحبك ، هل كان قاتلا
لأنه ملك قلبك و كيانك ، لقد ولّدتم العداوة و البغضاء بين القبيلتين في كنف
الحب و بين أحضان العشق ! هذا قدري أنا و نزار أن نعيد الحب و الوئام للصحراء بعد
أن أضعتموها بإستسلامكما و بدلتما بحبكما الأسود
رمالها الصفراء الناعمة إلى قوالب جامدة غارقة في الدماء.
لقد تركتما نار الغضب و الكره تأكل الزرع و الحرث بل أصبحت أنت يا جدتي
شعلة نيران لا تنطفئ تحرق الأخضر و اليابس بالبغض و التعصب بلا هوادة
إيمان عبد العظيم
23- أطرقت الجدة ( مناجى) فى أسى ظاهر، كانت تخشى على حفيدتها الجميلة من أن تلقى نفس مالقيته من ألم أو أن تتجرع كأس العذاب حتى ثمالته كماحدث لها من قبل ،أقض مضجعها السؤال الحائر ، هل تترك حفيدتها تعانى ماعانته هى فى شبابها من حب محكوم عليه بالموت حتى من قبل أن يبدأ؟ ،هل تترك ذلك البهاء يزوى فى صراع القبيلتين والذى بدأ ولم ينته؟..عادت بها الذاكرة إلى الوراء، تلمست آثار ( رعد )..ذلك الفارس النبيل الذى شغفها حباً ولكنه قضى بسبب ذلك الحب المستحيل .. تذكرت ملامحه الجميلة وبشرته البرونزية السمراء التى تستحيل كالنحاس اللامع تحت أشعة شمس الصحراء، كانت فتاة صغيرة رائعة الحسن حين أحبت( رعداً) دون أن تدرك العواقب ففارسها المحبوب متزوج من أبنة العم وله منها ولد فى سنى مراهقته، وحين مشى الوشاة بالخبر سرت فى القوم حمية التعصب للقبيلة، وأرسلت لها أبنة العم من يهددها ويطلب منها الأبتعاد عنه ،لكن الحب كان قدراً مقدوراً ،وكان قدرها أن تقع فى حب ( رعد ) دون أن تبصر العواقب، ومع ذلك فقد بذلت محاولة أخيرة قبل ان تفقده للأبد، حملت إليه مخاوفها وتوسلت إليه أن يبقى على زوجته وأولاده،ألمحت إلى نظرات الغضب والشرر المتطاير الذى لمحته فى عينى ( رحيم ) ولده المراهق.
م. فؤاد منصور
وهذه محاولة أدبية جديرة بالإهتمام فقد دعا إليها الأستاذ عامر العظم على أن يتشارك فى كتابتها كل كتّاب واتا، أفتتحها عميد كتاب القصة فى واتا الأستاذ عبد الحميد الغرباوى ثم تتابع عليها نخبة ممتازة من الكتاب والشعراء غير أن الأمر تطلب أن يكون هناك منسقاً وأن تكون هناك خطة يمضى عليها العمل إلى نهايته فتوقف الكتّاب أو ربما زهدوا وتم على مايبدو التخلى عن المحاولة بعد عشرين مشاركة بعد الإنطلاق لكنها بقيت محاولة جديرة بالدراسة والمتابعة بل ومن الممكن الإتفاق على إكمالها إذا وضعت الضوابط اللازمة لذلك ، وهاهى المحاولة الكاملة أمامكم بعد ضم بعضها إلى بعض.
-----------
أبناء فى الصحراء
------------------
قصة الأستاذ/ عامر العظم
-------------------- (يكتبها نخبة من كتـّاب واتا)
1-على امتداد البصر، كثبان رمال، و نباتات، رغم قصرها، و نحافة سيقانها، أصرت إلا أن تعلن عن اخضرارها، و هي تنبثق برؤوسها المتوجة بنويرات صفراء و حمراء من عمق الرمال الحارة.. لعل جذورها ضاربة في الأعماق، حيث الماء.. و على صفحة الرمال، بدت آثار زواحف، هي خطوط تقاطعت فيما بينها، و آثار قوائم حيوانات، هي نقط كبيرة تقاربت أحيانا و تباعدت أخرى.. الغرباوي
2-وفي جسد الرمال المتهالكة، يأكل البصرَ سراب ينتهي، فيبدأ، وتغازل العين واحات في نزعها الأخير، تحف بها نُخيلات شاردة سعفاتها، بينما تقتحم هدأة النبض ضَوارٍ تلتهم الماء الآسن التهاما! ووسط سكون مخيف، تنمو زعقات لا يمكنك تمييزها، كونها تغادر الأذن إلى جحرٍ هنا، أو تناور البصر خلف جيفة هناك.. وعلى وقع الخوف، وفي رتابة الشهيق، يُطلّ من حيث لا تدري لسان سحليةٍ نسيها الموت، فترجُّ خطوتك، ويجفّ لها ريقك، ........- الفارع
3-بعض الجوارح، في الأعالي، فردت أجنحتها القوية سابحة في الفضاء ، غير آبهة بالحر، رؤوسها إلى تحت متأهبة ، يقظة، في حالة استنفار دائم للانقضاض على فريسة ، كشفت، بغتة، عن رأسها من عمق الرمال، أو ضلت طريقها فضاعت في متاهة و شساعة هذا الامتداد الذي يخال لرائيه كما لو أن لا نهاية له.. الغرباوي
4-قبل انتصاف النهار، والزوال يسعى لقطع الوقت وتجاوز اللهب الحارق في مساكن الهجير، هبَّت عاصفة هوجاء راحت تضرب بأجنهتها الطويلة رمال الصحراء بقوة متفردة تمردت على قانون الأنواء بثورة قاصمة ، فتجعل الريح تتقاذفها في كل اتجاهات الرهبة ، وصفيرُ أفواهها الواسعة يملأ الفضاء بما يشبه عواء الذئاب الجائعة ،فاهتزت الأجساد الصحراوية بعنف الضربات الريحية الموجعة ،واختلطت الظلال بلون الرمال والثورة الرملية تزداد اشتدادا.- بنت البحر
5-الرياح العاتية نحتت، على امتداد السنين الطويلة، من الصخور العارية أشكالا غريبة تسحر البصر وتشده إليها:
ها هنا يقف مارد جبار من زمن صراع آلهة الإغريق القديمة... وهناك يلهو قزم أفطس بخذاريف يؤلف منها هودجه الصغير...
بينما تنتصب صخرة أخرى، هناك، مسختها الريح عروسا لم تكتمل فرحة ليلة دخلتها...- غوردو
6-وعلى مرمى ظل مكتئب، تسافر سريّةٌ من نمل مهلهل الأجنحة إلى نهايات حلمها، تحمل هلى ظهورها المقوسة زوادة سوداء، تكاد تهدّها وطأتها.. وعند منعطف الظل مع انكساره، يتربّص ظبٌّ متخم بالجوع بفريسة مفترضة، فيغمض عينيه الغائرتين في حفرتين غير مهندستين جيدًا، ويمد لسانًا كأنه إبرة شيطان ذميم، ويفتح فمه للفح هواء السموم.. ينتظر... تتفاداه سريّةُ النمل.. وتتجاوزه سرايا الحياة.- الفارع
7-استحالت الدنيا إلى أصفر ينذر بقرب وقوع حدث جلل،الجو لا يزال حاراً ، و نداءات حيوانات،لا تبصرها عين، على صغارها معلنة حلول الليل فالعالم لا يرحم إما أن تكون آكلا ، أو تصبح مأكولا...حسن بشير
8-وتسافر العين متجولة كاشفة ، وتصل إلى أقصى الشمال ، ليعانق بصرها قبيلة عربية تدعي قبيلة ( صبح ) ....
ويمتد البصر مقلعا إلى الجنوب ، فيقع على قبيلة أخرى تدعى قبيلة ( فراس ) ,,,
ويكتشف أن بينهما حرب ضروس ، أهلكت الأموال والنفوس ، من أجل لحم الغزلان والأرانب ، وفراء الغريريات والثعالب ....
لطفي منصور
9-بين "صبح" و"فراس" ملحمة...
ملحمة أحرقت الزرع، وأعجف لها الضرع، من دون أن يعلم لها أحد بداية إلا من وشوشة سرت همسا بين الشفاه...
تناقلتها من جيل لآخر ممتعضة حينا من خبر انكسار، ومزهوة حينا آخر من خبر انتصار...
وما بين مواسم "الانتصار" و"الانكسار" ساوت الملحمة بين "صبح" و"فراس" حتى بات كلاهما مهزوما...غوردو
10-شق ذلك الخلاف البشري على مجتمع الحيوان ، فتالمت له الثيران ،وبكت على حالهم الجرذان ...
فقرروا التدخل لإصلاح بنى الإنسان ، قبل أن يجرفهم الطوفان ، بعد أن أضلهم الشيطان ...
اجتمعت الحيوانات فقال قائلها : كما تشاهدون وتسمعون ... فنحن من جيراننا أرقى ، وفي تعاملنا أنقى ...
وعليه يجب أن نتدخل للصلح ، وإذا صمتنا يعتبر من المذمة والقبح ، فحق الجار على الجار واجب ، وإن كثرت منهم المصائب ...
لطفى منصور
11-وقفت جميلة بباب خيمتها تطل على مضارب العشيرة فى ضوء الصبح الطازج لحظة إنبثاق الشمس لتعانق أول مدارج السماء ،لكم عشقت هذه اللحظة النادرة وأنتظرتها بشغف ، الصمت والسكون يلفان المكان والأفق البعيد يمتد أمامها كخط طويل رسمته بإتقان ريشة فنان بارع ،عنده يتلاقى لون الصحراء الذهبى مع لون السماء الفيروزى ، لكم عشقت ذلك المكان منذ وجدت فيه حتى أنها لم تعد تدرى كم صباح مرّ عليها وهى تراقب خط الأفق البعيد وتسرح ببصرها فيما وراء الصحراء ، أشتاقت ، تمنّت ، عاشت حلماً مستحيلاً بأن ترى يوماً تلك العوالم البعيدة التى تحكى عنها الجدات فى أمسيات يقضينها تحت ضوء القمر ،عندها تتقافز فى عقلها عشرات الأسئلة التى تبقى بلا إجابة ،لكن الأهم من بينها كان دائماً هو كيف وصل العداء بين قبيلتها صبح وقبيلة فراس إلى هذا المدى من الخصام والمشاكسة.
... دكتور/ محمد فؤاد منصور
12-إنها تتذكًر , بل تئن متوجًعةً بالذكرى , متسربلة برداء الحزن السرمدى , ولآ تزال الصورة محفورةً فى ذهنها 0
لآ تفارقها بالرغم من تعاقب السنين , هاهى لآتزال تسمع الضجيج , صهيل الخيل , سنابك الجياد , قعقعة السيوف
تكسر الرماح , زئير الفرسان , فعلآ الغبار فى الجو حتى إسودً الأفق وتطاير شرر الغضب منذرا بالموت والعدم ,
والجدًة مناجى يعلو صوتها كزئير ألأسد تستحث الهمم :
( إقتلوا رحيّم كبيرهم 0إقتلوا رحيّم رأس ألأفعى...
)إبراهيم عبد المعطى
13-تـُقرر جميلة الفرار من أصوات الذكريات ، صور الدماء و الأشلاء إلى روح الطبيعة الهادئة
التي تنشر السلام في النفس و التوهج في الروح لأيّ كائن
يحتمي بها و يلوذ إلى رحابة أفقها المديد.
تمطتي في رشاقة صهوة جوادها رعد فتطير به
إلى الغدير القريب من مضارب قبيلتها "صبح"
لتسترخي بقوامها الممشوق و سلاسل شعرها
الكستنائي المخلوط بلون شمس الصحراء الذهبية.
تفرد وشاحها المخملّي على الرمال الساخنة ،
ترسل نظراتها الناعمة إلى صفحة الغدير الرقراق.
تشعر بحركة مفاجئة من خلفها تأتي من بين الشجيرات.
.إيمان عبد العظيم.
14-هاهو حبيبها وعدوها , نورها ونارها , حياتها ومماتها , برؤيته تاقت روحها للحياة ,
بنظراته الساحرة إنتعش كيانها للحب , بأنفاسه المتهدجة رقص فؤادها وإبتهج ,
لكن آه لو لمحوه , آه لو وقعت أعينهم عليه , إنه إبن عدوهم اللدود , إبن رحيّم
القاتل السفاح , لكنها إلتفتت نحوه كطائر يستقبل نور الصباح وبصوت رخيم عزب
يبعث الطرب فى آذان سامعيه... أ.عبد المعطى
15-قالت جميلة : كنت أفر منك إليك ، أفتش عن نفسي الهائمة لأجدك هنا تنتظرني !
أنت الداء و الدواء ، السـُم و الترياق ، النار و الماء !
كيف نلوذ بحبنا الوليد من هواء الكره المـُحمّل بغبار الدم و رماد الجثث ؟
إلى متى ستحتملنا الحياة بهذا الكم من البـُغض و التعصّب و الدمار ؟... إيمان.ع
16-لم ينبس 0
عشعشت عاصفةً صفراء ضاربةً للسواد فى أعماقه 0
إذداد نار جوفه إضطرابا , شعر بإحساس الأسى يمور فى صدره
حتى كاد أن يكتم أنفاسه 0 تقدًم نحوها , تراءى له خاطر سريع
وسط لجة الحيرة وألإرتباك كما يلتمع البرق فى السحاب المظلم
المكفهر همس فى رجاء... أ.عبد المعطى
17-وبعد أيتها الجميلة الرقيقة متى ينتهى هذا الليل الطويل ، أصبحنا نلتقى خلسة بعيداً عن الأنظار ولكن إلى متى؟أخشى أن يرانا أحد من آل صبح فيؤذيك أو يشى بسرنا، نفسى فداءً لك ولكن كل خشيتى أن يصبح حبنا الوليد قيداً يكبلك.أما آن الآوان لألتقى والدك وأحاول تقديم عربون المصالحة..
لم تدعه يكمل ، سارعت بوضع أناملها على شفتيه كأنما لتمنعه من الإستمرار وهمست فى هلع :
- بالله عليك يانزار قلت لك إن الوقت لم يئن بعد لخطوة كهذه فمازال أهلى يعتبرون والدك رحيّم عدوهم اللدود.... م.ف. منصور
18-يشـُدّ نزار ذراعه حول كتفها ، تشعرها ضمته برقته و خشونته فتحتمي بها في إستسلام.
يقول في صوت رزين ممزوج بنبرات حزن قادم من الماضي البعيد.
نزار : هل تعلمين جميلتي لماذا بدأ هذا الصراع اللانهائي بين قبيلتينا ، بسبب الحب !
هل تتصورين أن يكون الحب سبب للقتال الدامي ، هل يمكن للحب أن يصبح نار تأكل
كل ما يتنفس حولها من كائنات الصحراء و سكّان البرية؟
الحب الذي جمع بين جدتك مناجي و جدي رعد !
تبتسم جميلة بإبتسامة يــلـّفها السواد و هي تقول:
ألهذا أصرّت أن أسمي فرسي عندما ولد رعد!... إيمان.ع
19-أستأنف نزار حديثه المغموس بالشجن وهو يطيل النظر فى عينى جميلة الدعجاوين :
- ذات يوم حكى لى جدى رعد قصة طويلة كنت أظنها من الخيال عن فارس نبيل وحبيبته الحسناء وكيف وقفوا له بالمرصاد ، عندما وصف الحبيبة كان كأنه يصف عينيك اللتين أراهما الآن ..ياالله! ألان فقط أدركت لماذا لمحت دمعات تترقرق فى عينيه حين ذكرها ، وحين نبهته إلى أن الدموع بدأت تنساب على وجنتيه وسألته
- مالك ياجدى ؟
سارع فمسح دموعه بظاهر يده وقال لاشئ يابنى فقط القصة شديدة التأثير . ثم تضاحك حتى يصرف إنتباهى وقال:
_ لاعليك إنه محض خيال.
الآن أدرك أن جدتك مناجى كانت رائعة الحسن مثلك وأنه إنما كان يصف حبيبته حين كان يسامرنى .
ثم أبتسم نزار وهو يصلح بعض خصلات أسقطتها هبة ريح على جبين جميلة وقال:
- يبدو أن نساءكم أحتكرن الحسن بين القبائل وأن قدر رجالنا أن يكونوا أسرى لهن.... م.ف. منصور
20-استغيب جميله احد افراد قبيلتها بحث عنها بين افراد القبيله -- لم يجدها -- نظر على امتداد البصر -- لم يجد الا السراب
اهد ته شياطين الصحراء الى الغدير وجد جميله ونزار يتناجيان -- تذكر حكايات الاجداد -- تذكر موروثات الشرف والكرامه -- سد د رمحه وشهر سيفه -- وبدأت الحروب من جديد.
اجتمع شيوخ القبائل المجاوره وحاولو الصلح بين قبيلة صبح وفراس من اجل وقف نزيف الدم وعودة السلام الى الصحراء
اتفقوا على افضل حل هو ان ترتبط القبيلتان برباط النسب ووافقوا على زواج نزار من جميله
عمت الافراح ربوع الصحراء ولكن كعادة العرب لابد من معارض لابد من صوت يشذ عن الاجماع
تقدم ابن العم طالبا الزواج من جميله فهو احق بها من نزار واحتدم النقاش مره اخرى.
مصطفى أبو وافية
21-أهل الصحراء بسطاء بساطة الطبيعة التى يعيشون فى قلبها فمشاعرهم واضحة وأفكارهم مباشرة ليس فيها أى تعقيد شأن السماوات المفتوحة على مصراعيها فوقهم والآراضى الشاسعة الممتدة من حولهم وقبيلتا صبح وفراس لم تستسلما لمساعى الصلح إلا خشية أن تسير الركبان بأن القبيلتين قد أدمنتا العداوة والبغضاء ، لقد طاش السهم الذى قُذف به نزار فلم يصب منه مقتلاً وحين قفز فى خفة إلى صهوة حصانه وأستلً سيفه كان المهاجم من آل صبح قد لاذ بالفرار،إقتراح الصلح بالزواج كان فكرة مفرطة فى سذاجتها قال بها من همسوا فى أذنه أن أدرك القوم فأبنة شيخ آل صبح قد وقعت فى عشق أبن شيخ آل فراس والعشق ينسى المحن فليكن الحل إذن أن يقترن أبناء الشيخين حقناً للدماء، أذعن أبناء القبيلتين فى تظاهر مر بالجنوح للسلم ولكن قفز الخاطر فى رأس أبن العم كأنه منحة من السماء فلن يقف أحد امام رغبة أبن العم فى الأقتران بجميلة، وهل بوسع أحد من أهل الصحراء أن يعترض على عرف صارت له قوة القانون، لذلك لم يكن هذا الطلب إلا بمثابة طوق النجاة من صلح رغم الأنف فمن للقبيلتين بنسيان دماء جرت بين الرمال حتى أحمرّت حباتها؟... م.ف. منصور
22- تدخل جميلة و هي في حالة مزرية من اليأس و الحزن و الألم الدفين فينهمر على وجنتيها شلالات من دموع ساخنة مـُلتاعة مليئة بالشجن محملة بفقدان الأمل الذي وأد الفرح بعد أن لاح في الأفق بوادر إمتزاجها بحبيبها نزار فأصبح سرابا في غمضة عين.
تدخل عليها الجدة مناجي بحدتها و جفاءها المعهود لترى حفيدتها في تلك الحالة.
مناجي : لقد نسيت من أنت ، أنت تعشقين نزار ابن رحيم شيخ قبيلة فراس !
يا للعار الذي أنزلته بنا ، هل هـان عليك شرفنا و كرامتنا إلى هذا الحد؟
ماذا أصابك ؟ ألم تجدي في البرية من يملك فؤادك غيره ؟
الموت أهون لك عندي من زواجك بهذا الخائن الجبان القاتل ابن السفاح.
تنظر لها جميلة من بين رموشها المـُبللة بماء دموعها الغزيرة
جميلة: ماذا عن جده أبو رحيّم ! هل كان سفاحا لأنه أحبك ، هل كان قاتلا
لأنه ملك قلبك و كيانك ، لقد ولّدتم العداوة و البغضاء بين القبيلتين في كنف
الحب و بين أحضان العشق ! هذا قدري أنا و نزار أن نعيد الحب و الوئام للصحراء بعد
أن أضعتموها بإستسلامكما و بدلتما بحبكما الأسود
رمالها الصفراء الناعمة إلى قوالب جامدة غارقة في الدماء.
لقد تركتما نار الغضب و الكره تأكل الزرع و الحرث بل أصبحت أنت يا جدتي
شعلة نيران لا تنطفئ تحرق الأخضر و اليابس بالبغض و التعصب بلا هوادة
إيمان عبد العظيم
23- أطرقت الجدة ( مناجى) فى أسى ظاهر، كانت تخشى على حفيدتها الجميلة من أن تلقى نفس مالقيته من ألم أو أن تتجرع كأس العذاب حتى ثمالته كماحدث لها من قبل ،أقض مضجعها السؤال الحائر ، هل تترك حفيدتها تعانى ماعانته هى فى شبابها من حب محكوم عليه بالموت حتى من قبل أن يبدأ؟ ،هل تترك ذلك البهاء يزوى فى صراع القبيلتين والذى بدأ ولم ينته؟..عادت بها الذاكرة إلى الوراء، تلمست آثار ( رعد )..ذلك الفارس النبيل الذى شغفها حباً ولكنه قضى بسبب ذلك الحب المستحيل .. تذكرت ملامحه الجميلة وبشرته البرونزية السمراء التى تستحيل كالنحاس اللامع تحت أشعة شمس الصحراء، كانت فتاة صغيرة رائعة الحسن حين أحبت( رعداً) دون أن تدرك العواقب ففارسها المحبوب متزوج من أبنة العم وله منها ولد فى سنى مراهقته، وحين مشى الوشاة بالخبر سرت فى القوم حمية التعصب للقبيلة، وأرسلت لها أبنة العم من يهددها ويطلب منها الأبتعاد عنه ،لكن الحب كان قدراً مقدوراً ،وكان قدرها أن تقع فى حب ( رعد ) دون أن تبصر العواقب، ومع ذلك فقد بذلت محاولة أخيرة قبل ان تفقده للأبد، حملت إليه مخاوفها وتوسلت إليه أن يبقى على زوجته وأولاده،ألمحت إلى نظرات الغضب والشرر المتطاير الذى لمحته فى عينى ( رحيم ) ولده المراهق.
م. فؤاد منصور