المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فَصْلٌ جديدٌ في زمنٍ غابر



محمد بن ظافر الشهري
03/09/2007, 09:25 AM
فَصْلٌ جديدٌ في زمنٍ غابر

قـُرِعتْ نَعْلُ المُعَلِّمْ
فتـَلـَقـَّاهُ التلاميذُ يصيحونَ:
قِيَامْ!
تـَمْتـَمَ الأستاذُ في زَهْوٍ
ولَمْ يُلـْقِ السلامْ :
بل قعودٌ فقيامْ
فقعودٌ فقيامْ
فقيامْ!
لـَـقـَمَ الطُّعْمَ "أديبْ"
قعد الغافلُ في لمعةِ برقٍ ثم قامْ
قهقهَ الأستاذُ كالسَّاديِّ
إذ يُرْقِصُ سبَّابتهُ
تنفثُ في روعٍ "أديبٍ"
أَنْ تـَقـَدمْ!
وتـَلـَقـَّاه بلطمٍ
ثم ثـنـَّى في غضَبْ:
لِمَ خالفتَ القطيعْ؟
أيها الراضعُ من ثدي الشـَّغـَبْ
بئس مَنْ سماكَ زورًا بأديبٍ
يا ضديدًا للأدبْ
إنما ألفظُ كي تـسـمع مني وتطيعْ
لن تعيشَ العلمَ إلا
بعد أن تـُقـْبرَ في ذُلِّ الطلـَبْ
لِمَ تعصيني؟
أجِبْ!
والتلاميذُ تـَغـَشـَّاهمْ وُجُومٌ ..
طرِفَتْ أعينـُهمْ
حِذْرَ شراراتِ الغضبْ
رَسمَتـْهمْ ريشةُ الأستاذِ لوحاتٍ من الذعرِ
بلونٍ مكتئبْ
وحروفٌ هدَّها الغبنُ
تغذُّ السيرَ من صدرِ "أديبْ"
كلما جازتْ نشيجًا
في نشيجٍ تتعثرْ:
أيها الأستاذ قف أنت قليلا..
وتذكرْ..
حينما تقدرُ
أن الله أقدرْ
وتذكرْ ..
حينما يَحْملك الكِبْرُ على الطغيانِ
أن الله أكبرْ!
جحظتْ عينا المعلمْ
ومضى يُرْعِدُ غيظـًا..
ولِدَهـْـشٍ يتلعثمْ:
أيها الخائض في يَمِّ الحرامْ
قمْ على ساقٍ
وكرسيي على رأسكَ
وادع الله لي جهرًا وتكرارًا بطولِ العيشِ
حتى لا تنامْ!
أيها الطلابُ
إنْ لمْ تفهموا قولي
فإن السوط قد يُفـْهـِمُ
مَن يعجزُ عن فَهمِ الكلامْ
اجعلوا الأقربَ مني مجلسًا
فرقةَ حُفـَّاظِ النِّظامْ
وعريفَ الصفِّ -ما عاش- "أثيرًا"
فتـَنـَبَّه يا "عصامْ"
واحجبوا عني وجوهَ البؤس في الصفِّ
بطلاب ضخامْ
واحذروا أن تسخروا مني إذا ولـَّيتكمْ ظهري
فليْ خمسة أزواجٍ من الأعينِ في الخلفِ
وزوجٌ في الأمامْ
وعلى صلـْصَـلـَةٍ تـَكـْسِرُ غـُلَّ الانتظارْ
أنشدَ الأستاذُ زيفًا من زيوفِ الاعتذارْ:
أي بُنَيْ ..
انتهى الدرسُ فأمْسِكْ يا "أديبْ"
وإذا شئتَ فكـَرِّرْ خـُفـْيةً دعْواك لي
واستغفرِ اللهَ
لعلَّ الله لِيْ أنْ يستجيبْ!
وقـُمِ الآنَ على ساقيْكَ
واطرَحْ ما على رأسكَ مِنْ وِزْرٍ
ولا تفعلْ بمعروفِيْ أفاعيلَ اللئامْ
وبهذا ..
خـَتمَ الدرسَ وولـَّى
ورماهمْ قـبـْـلَ أن ينزاحَ عنهمْ بابتسامْ
كلـُّهـمْ ودَّعهُ مبتسمًا
لكنهُ يمقتهُ حَدَّ الحِمَامْ
كلهمْ ينعتهُ في السرِّ: مجرمْ!
فارقَ الجلادُ أسراهُ
وقد أرْبَتْ على رغبتهِ في قهرهمْ
رغبتـُهمْ في الانتقامْ

حسن المعيني
04/09/2007, 03:52 AM
أجدك تتمثل ببيت أبي الطيب المتنبي :
أنام ملء جفوني عن شواردها *** ويسهر الخلق جرّاها ويختصموا
وأنت تلقي بقصيدتك هذه في اليم في تابوتٍ لا تدري إلى أين سيقذفها الموج


يخيّل لي في فصلٍ كهذا أن واسع سعة وطننا العربي الكبير
وأن الموقف هو أكبر من أستاذٍ وتلميذ
هو في الحقيقة فصل مأساةٍ حقيقية تجرعنا الصاب من نابها
كلما قرعت أجراس الانتظام في طابور التبعية المقيتة
لكل ما هو غربي أو شرقي لا يعترف بمبدإٍ ولا عرفٍ ولا قيمةٍ نبيلة

تأكد أيها الشهري أن ذلك المعلم ( المعَلّم ) سيطوله عقابٌ مهين
وستركله بعيداً كل تلك الأقدام التي مشت إليه ذليلة منكسرة ذات يوم
وأديب ( الأديب ) سيصنع ملحمة بطولة منقطعة النظير وسيقتلع من أمامه
كل أولئك الضخام ليتبوأ بذلك المقاعد الأمامية في مدرسة الحريّة
وإدارة رعت مثل أولئك المعلمين ستعض على يديها حسرة وندامةً
يوم أن تجد نفسها وقد غدت لوحدها فجميع من حولها قد انفضوا عنها
وتركوها نهباً وغنيمةً باردة لعشاق الحرية التي حرموا منها زمناً


وتحية لك بحجم إيمانك بمبادئك يا محمد بن ظافر



نديم السها / حسن المعيني

محمد بن ظافر الشهري
07/09/2007, 04:45 PM
أخي الأستاذ الأديب
حسن المعيني
يسعدني حضورك النبيل
فلك مني جزيل الشكر
حفظك الله وسددك