المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حصالتي



حنين حمودة
03/09/2007, 10:13 PM
:hi: حصالتي

استيقظت بنشاط، وقفزت من سريري بسرعة، فقد كنت أنتظر هذا اليوم بشوق.
إنه اليوم الذي سنذهب فيه أنا والصديقات إلى معرض الكتب ‍
كسرت حصالتي ورحت اجمع ما جمعت فيها من عيديات، ومن بقايا مصروفي.
كانت الحصالة تحوي ورقة حمراء وحيدة، أما الباقي فكان من القطع النقدية التي تزن كثيرا في اليد، لكنها لا تزن أبدا في سوق البيع والشراء.
كانت أميمة تسخر من حرصي على وضع هذه "الخردة" كما تصفها في الحصالة.
كانت تقول: اشتري بها حبة علكة أفضل لك ‍‍
كانت تسخر، ولا تتصور صبري ومثابرتي.
قالت يوما وهي تخض الحصالة فترن القطع النقدية القليلة فيها: لو انك وضعتها في جيب حقيبتك لاستطعت في نهاية الأسبوع ان تشتري بها شيئا لطيفا.
لم أجبها لكنني واصلت حبس ما تسميه خردة في حصالة لا تفتح متى أريد، وإنما تكسر عند الحاجة.
عندما جاء وقت المعرض كانت حصالتي ثقيلة، وقد امتلأت إلى ما يفوق الثلاثة أرباع.
كتمت صرخة فرح في صدري وأنا أفتح قبضتي الممسكتين بحصالتي الفخارية، تاركة لها حرية السقوط على أرضية الغرفة.
انشقت الحصالة، وراحت القطع النقدية تتسرب منها بتتابع موسيقي وتستقر على السجادة. تربعت قربها على الأرض، وبعد أن وضعت قطعها المكسورة جانبا، أخذت سبابتي تلعب بالقطع النقدية وأنا أعد: 11،12، 13…
وعندما انتهيت صحت بما أوتيت من قوة: أمي .. أمي
فتحت أمي الباب ونظرت إلي، ثم نظرت إلى القطع المنثورة أمامي.
قلت بسعادة غامرة: إنها عشرة يا أمي. عشرة دنانير
أشرق وجه أمي بالإبتسام وقالت: وماذا ستفعلين بهذه الثروة؟
قلت بحزم: سأذهب إلى معرض الكتب.

حملت ثروتي في كيس، وأخذتها إلى البقالة القريبة.
قال لي البائع: بماذا أخدمك يا صغيرتي ؟
رفعت الكيس بقوة، ثم تركته ليحط على الطاولة أمامه. قلت:هذه فكة عشرة دنانير
فتح صندوق النقود، وأخرج لي ورقة بعشرة دنانير جديدة.
قلت له: شكرا ياعم، شكرا.
عصر ذلك اليوم، ذهبت أنا والصديقات إلى معرض الكتب. جذبتني الألوان إلى زاوية الأطفال على الفور، ورحت أبحث في تلك العناوين الشيقة. عناوين رائعة أتت من كل مكان، من سوريا من لبنان، من الأردن من العراق، من مصر ..
ورحت أبحث بجد فيها عن ضالتي، وكلما ظننت أنني وجدتها، وجدت غيرها .
وهكذا عدت يومها بعدد من الكتب، فلم يكن ضيق ذات اليد ليمنعني، ويقيد شهيتي.


23/10/‏2002‏-‏
حنين حمودة

محمد مقدم
03/09/2007, 11:03 PM
قصة معبرة يا أخت حنين ولكنك كسرت الحصالة مرتين في نفس اليوم!!!
ستبدو القصة أجمل لو استبدلت الكلمات" تخض, اجمع ما جمعت, لا تتصور مثابرتي, حبس,فكة"
بكلمات أخرى.
تقديري

حسام الدين نوالي
08/09/2007, 02:59 PM
الأخت المبدعة حنين..
في هذا النص يتنامى السرد خطوة خطوة نحو بناء حكاية الزمن.
الحصالة في نهاية المطاف هي "بعد زمني"، هي رؤية تتجاوز المضارع البسيط، وتبني أبراجها من النقط الصغيرة المستمرة، .. إنها سير أفقي متواصل، تماما مثل الزمن في الحكاية، هو زمن مستمر لا ينكسر ، يتوجه رأسا إلى غاية ما، هي "يوم معرض الكتب،.. الكتب التي ليست من المضارع في شيء، هي رحيل إلى الماضي، والثقافة والفكر والأسلاف..
هكذا فانطلاق النص من أساس زمني مضارع هو سبيل نحو فهم الماضي،.
ولا أريد أن أخوض هنا في الدراسات الفكرية التي تؤسس للنهضة من خلال فهم مرحلة معينة، "الجابري، العروي، طرابيشي.." لكن أجد في النص صدى للتربية على "الزمن"، التربية على بناء أبعاد الاستشراف، والانتظار..
وكالعادة، فالنص يحمل بصمتك الجميلة من بساطة التناول سواء للموضوع أو اللغة أو للدراما الداخلية في الحكاية،.. وخلف كل هذا، وخلف المتعة المتحققة من جودة التواصل مع النص، هناك مادة أخلاقية مرافقة.
مع مودتي وتقديري

ابراهيم درغوثي
15/09/2007, 06:39 PM
في تونس نقول يا حنين " فليس مع فليس يولي كديس "
وفد أصدح للبنية كدسا من الفلوس أمتعت به نفسها
ولماذا ؟
بكدس من الكتب
جميل جدا أن نحول أطفالنا من شراء الحلويات والمشروبات الغازية
الى شراء الكتب .

حنين حمودة
29/09/2007, 05:54 PM
استاذي ابراهيم
اسعد دائما لمرورك.
لقد اصبح لدي "كديسا " على ذلك،
جزيل شكري

طه خضر
29/09/2007, 06:00 PM
أية طفلة هذه التي تنسى دنيا ( الحاجات) والحلويات وتتجه إلى الكتب ..؟؟

هي لا شك موجودة وفي مكان ما ..

دمت مبدعة ..

ابتهال مصطفى
01/10/2007, 11:34 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الصديقة الحنونة حنين
امتعتني قصتك واعادتني الى زمان طفولتنا ،
كم اشفق على اطفال اليوم ، عندهم كل شي لكن داخلهم خواء
اعانكم الله يا كتاب ادب الطفل على هذه المسؤولية الجسيمة وهي استمالة اطفالنا الى قراءة القصص البريئة وتصفح مجلات الاطفال
وفقك الله ياعزيزتي
دمت لنا

حنين حمودة
01/10/2007, 05:44 PM
لماذا نتجه الى الحلويات كأولوية؟
اليست التربية؟!

الحاج بونيف
12/02/2008, 11:44 PM
أختي الفاضلة/ حنين حمودة
تحية طيبة
أقصوصة تربوية ناجحة ذات مغزى سلوكي عميق يحث على الاقتصاد والتوفير ليوم الحاجة..
وبأسلوب مشوق ولغة في متناول الأطفال..
مودتي وتقديري.:fl:

هيمى المفتي
05/09/2008, 08:44 AM
الأستاذة حنين

قصة جميلة ومفيدة

أظن أنها كانت ستبدو أكثر تأثيراُ في نفس الطفل لو أنك وضعت بطلتك -لبضع لحظات- في موقف محزن: الشك من نتيجة عملها.. ربما مثلاً -وهي تتحدث عن القطع الثقيلة ذات القيمة المالية القليلة - يساورها الشك في قيمة ما جمعت، وتظن أنها حرمت نفسها الحلويات وأشياء كثيرة مقابل القليل ثم تفاجأ بأنها جمعت عشرة دنانير كاملة وتفرح بالكتب الكثيرة التي وجدتها..
شيء آخر يؤثر في الطفل بقوة وهو أن يرى النقيض.. وبما أنك أشرت إلى الصديقة التي تسخر منها فمن الأفضل لو أننا رأينا بشكل ما أن هذه الصديقة لم تستطع شراء كل ما تريد..

كل الشكر لك