المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كلبُ الروم ولا رشيد!؟



مجاهد محمد
08/09/2007, 12:22 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لا أبالغ إذا قلت أننا نعيش عصر العقول المغزوة المحتلة، والمعايير المتخلفة، وللأسف يتربع كثير من هؤلاء على عروش الإعلام والثقافة والتوجيه الجماهيري. وأقول صدقت يا رسول الله إذ قلت: إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، وإذا وُسد الأمرُ غيرَ أهله فانتظر الساعة".
ألا ترى للبسطاء من أمثالنا إذا كتبوا عن دكتاتورية "الثوريين" وعن "الزعماء" والقادة العجب الذين أنزلوا بالشعب هزيمتي 1956م، و 1967م، ثم عهد التزوير والانحدار وتمزيق القانون . إذا قمنا بذلك تصدى هؤلاء الذين خلعوا على أنفسهم لقب "المثقفين" وصرخوا في وجوهنا "حرام عليكم (!!) لا تنبشوا القبور، فذاك عمل لا أخلاقي، وإهدار للوقت، ولنكن أبناء اليوم".
ولكن هؤلاء "المثقفين جدًّا، والمتفتحين جدًّا" يحلون لأنفسهم أن يصفوا الخلافة الراشدة بالجاهلية , ويقولون عن عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ بأنه نهب ميزانية الدولة، وعن عبد الله بن عباس إنه "المختلس الكبير" , ويقولون عن الفتح الإسلامي لبلاد الفرس والروم، بأنه كان استعمارًا ونهبًا وتخريبًا وتدميرًا، فإذا ما نهضنا لنقض هذه الافتراءات والأكاذيب جادوا علينا بألقاب التحجر والرجعية والتخلف والظلامية ومعاداة الفكر الحر والتنوير.
***
وكان الخليفة العباسي هارون الرشيد "146 ـ 193هـ" من أكثر الشخصيات التي تعرضت للتجريح والتشويه، فوصفه "المخربون فكريًا" بأنه كان متهتكًا عربيدًا سكيرًا، متفرغًا لملاذه ولياليه الحمراء، ومنذ أيام كتب واحد من هؤلاء وهو يصف حفل زفاف ابن كبير جدًّا ـ وهو حفل تكلف قرابة مليونين من الجنيهات مع أن الرقص، والغناء كان هدية أو "نقطة" من أصحابه ـ ".. لقد عاش المدعوون ليلة، ولا ليالي هارون الرشيد".
والأغرب من ذلك أن نقرأ لكاتب مشهور هو "شفيق جبري" مؤيدًا هذا الافتراء مستدلاً بأن هارون الرشيد مات دون الخمسين، ولو كان مستقيم السيرة بعيدًا عن التهتك لعاش أطول من ذلك!! عجيبة أيها الكاتب الكبير!! إن الأعمار ـ يا سيدي ـ بيد الله، وهي لا تخضع للمعادلات الرياضية، ولا الاعتبارات المنطقية، فمن التقاة الصالحين، من يموت في سن الشباب، أو الكهولة كعمر بن عبد العزيز الذي مات دون الأربعين.
ومن المفسدين الفاسدين المنحرفين من يعمر كأبي نواس الذي عاش إلى ما بعد الستين وأبي الفرج الأصفهاني الذي مات بعد بلوغه السبعين , ولو كانت الأعمار، بالصلاح والاستقامة لعاش الأنبياء والرسل آلاف السنين.
والحق ما قاله ابن خلدون عن الرشيد : أنه كان قائمًا بما يجب لمنصب الخلافة من الدين والعدالة، وصحابة العلماء والأولياء، والحرص على العبادة حتى إنه كان يصلي كل ليلة مائة ركعة نفلاً، وكان يحج عامًا، ويغزو في سبيل الله عامًا. وفي شبابه ولاه أبوه غزو الروم في القسطنطينية فصالحته الإمبراطورة "إيريني" , وافتدت منه مملكتها بسبعين ألف دينار تبعث بها إلى خزانة الخلافة كل عام.
ويهمنا في هذا السياق أن نشير إلى أن هذا الخليفة المسلم عاش حياته جليل القدر قويًا حاسمًا حازمًا مهيبًا، مخشي الجانب من أعداء الإسلام والدولة الإسلامية وللتدليل على هذا الملمح اكتفي بواقعة واحدة من تاريخه . وما أشد احتياجنا إليها في أيامنا هذه الذليلة المهينة المنكوبة المكروبة.
وخلاصتها أن القائد الرومي "نقفور" خلع الإمبراطورة "إيريني" بالقوة، ونصب نفسه إمبراطورًا للروم، وكان أول ما قام به كتابة رسالة شديدة اللهجة يطالبه برد كل الأموال التي دفعتها الإمبراطورة السابقة بأثر رجعي، وختمها بقوله "... وافتد نفسك بما يقع به المصادرة لك، وإلا فالسيف بيننا وبينك". فكتب إليه هارون الرشيد "بسم الله الرحمن الرحيم من هارون أمير المؤمين إلى نقفور كلب الروم، قد قرأت كتابك، والجواب ما تراه دون أن تسمعه والسلام".
وشخص من يومه على رأس جيشه، ودمر حصون الروم وقواتهم، فطلب نقفور الموادعة على خراج يؤديه كل سنة، فأجابه إلى ذلك، فلما رجع الرشيد من غزوته وصار بالرقة نقض نقفور العهد، وخان الميثاق معتقدًا أن سوء الأحوال الجوية وشدة البرد، وهطول الجليد، لن يمكن الرشيد من إعادة الكرة عليه، ولكن خاب ظنه، فقد عاد إليه الرشيد حتى "أناخ بفنائه" وهزمه هزيمة ساحقة، ولم يبرح حتى رضي، وبلغ أراد.
هكذا تعامل أمير المؤمنين هارون الرشيد مع نقفور كلب الروم.. إنه منطق القوة والشموخ والعزة الإسلامية التي لا تعرف التهاون والهوان.. في مواجهات الغرور والإثم والافتراء . وفي أيامنا هذه نرى "كلب الروم" تحت اسم جديد هو "باراك" , وشارون , وبيجن ,وغيرهم , وإن كان كل منهم يملك من الغرور والاستعلاء أضعاف أضعاف ما كان يملكه الكلب القديم نقفور، ومن سلوكيات الكلب الجديد أنه يتمطى، ويتصدى، ولا يجد منا رشيدًا يقف في وجهه، ولو ليوقف نباحه، أو يخفف من عدائه.
وكلب الروم الجديد لا يفعل ذلك ويتمادى فيه.. ويتمادى في التمادي إلا لأن "ساداتنا الكبار" يتمتعون بقابلية مدهشة لعطاءاته الكلبية.. فهو لا يشمخ بأنفه ويرفع رأسه إلا لأنه يرى أمامه رءوسًا خفيضة محنية، وأنوفًا تستلذ الرغام.
وهو لايعلي نبرة نباحه إلا لأنه يرى أمامه سادة مهذبين يغضون الأصوات والأبصار، وهو لا ينظر من عل في غرور واحتقار ووقاحة إلا لأنه يرى "سادة فحولاً" يمدون إليه الأيدي في ابتسامات عريضة ليفوزوا بصورة تذكارية معه.
ولنذكر أن من شرم الشيخ عاد كلب الروم إلى إسرائيل ليعلن فوزه بالضربة القاضية، وبالنقط لأنه يعلم أن ما اتفق عليه "سرًا" أكثر بكثير من المعلن للعالم والشعوب، ومن ذلك : ضرب حماس والجهاد. وإعادة القبض على المجاهدين الذين أطلقهم الشعب الفلسطيني من سجونهم بالقوة , و إجهاض الانتفاضة، وسحب السلاح الدفاعي من الفلسطينيين وخصوصًا الذين تقع قراهم حول المستوطنات.. وبتعبير آخر تهيئة الفلسطينيين للذبح والتدمير على يد قوتين غاشمتين: الجيش الصهيوني والمستوطنين الصهاينة، وكلهم الآن يحملون السلاح بعد أن وزعت عليهم حكومتهم مائة ألف قطعة سلاح.
ولنترك "الشرم والشرميين" ولننظر ماذا حدث بعد ذلك بساعات : الصواريخ تنهال على مخيمات الفلسطينيين في رفح. والطائرات العمودية تضرب الأطفال بالمدافع، والشهداء يسقطون , والدماء تسيل و والبيوت تدمر، والجرافات تمحو مزارع الزيتون من جذورها، ومع ذلك يتحدث "الشرميون" عن السلام. وحاليا ( في الأسبوع الثالث من إبريل 2007 ) يقوم كلاب الروم – الصهاينة – بمذابح إجرامية عاتية في جنين وغيرها
يا سادتنا الكبار جدًّا.. كونوا واقعيين واعتبروا بأحداث التاريخ.. وخذوا بالحل الهاروني مع كلب الروم القديم، واذكروا كذلك أن هذا الخليفة كان على "وفاق" مع أمته، كان عادلاً تقيًا نقيًا حازمًا عزيزًا أبيًا، وبمنهجه ـ سألتكم بالله ـ واجهوا كل.. كلاب الروم الجديدة، ومن حقنا أن نسألكم دائمًا: "أليس فيكم رجل رشيد"؟!!

بقلم د. جابر قميحة

ما رأيكم دام فضلكم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

جميل أبو علي
09/09/2007, 08:22 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أيها الأخ الفاضل (مجاهد محمد ) لقد قرأت هذا المقال الرائع وكل ظني أنك الكاتب ولكنني وجدت أن الكاتب إنسان آخر .
لم يتغير عندي شيء" فالدال على الخير له مثل أجر فاعله "
والإنسان الفاضل يوصل المواضيع الممتازة إلى أكبر شريحة في المجتمع فجزاك الله خيراًً.........
أما من جهة الموضوع أقول لك أخي الحبيب ولكل قراء المنتدى أيضا .
أخبار العظماء كهارون الرشيد وغيره نأخذها من كتب الثقات كما ذكر الكاتب . من أمثال ابن خلدون
ولا نأخذها من المستشرقين أو القصاص إلا بعد التدقيق بها والتحفظ
وأما ما كتبه عن المتأمركين والمتصهينين( فعيونهم حول) يا أخي
نسأل الله أن يصلحنا وإياهم وأن يجعلنا نسير على الصراط المستقيم.آآآمين
وفي الختام أشكرك وأهدي جزيل السلام إلى المؤلف ( د. جابر قميحة )
والسلام عليكم ورحمة الله وبركته
أخوكم : جميل أبو علي