Saber Mahmoud
12/09/2007, 09:19 PM
نظــــــــرة
بقلم صابر محمود
توقف القطار قبل دخوله المحطة بكيلو مترات. كان الجو حارًا، نهض شاب من مقعده واتجه ناحية الباب، يدخن سيجارته، وينظر إلي ماء النيل الذي يتدفق في غزارة. وعلى بعد أمتار منه جلست سيدة تغسل أطباقًا ومن حواليها طست وصينيات وأكواب... ووقفت ابنتها التي لملت جلبابها بين ركبتيها كاشفة عن ساقين غائصتين في المياه؛ لتتمكن من السيطرة علي تلك الحصير التي فردتها فوق المياه وجعلت تعطيها الضربة تلو الأخرى بعصاها الجريدية.
لم تبال الفتاة براكبي القطار الذين ينظرون إليها من آن لآخر، لكنها ارتبكت واستولي عليها الاضطراب حينما رأت ذلك الواقف عند الباب ممسكًا بسيجارته، يرمقها بعينيه، يتفحصها: ثوبها الوردي، ساقيها الجميلتين...
تركت الحصير من يدها، وفكت جلبابها عن ركبتيها وأمسكت بطرفه حتى لا يبتل بالماء، وخففت من ضرباتها المتلاحقة. ثم أدارت رأسها بخفة لتراه وهو لا يزال يراقبها. نظرت إليه بغيظ للحظة جرف خلالها التيار الحصير بعيدًا عنها؛ فنزلت العصا في الماء؛ فتناثر لأعلى. تنبهت أمها فبدأت تعنفها وتحضها علي ملاحقة الحصير الذي بدأ يتوغل في الماء.
مدت الفتاة عصاها عن بعد لتجذب الحصير، لكنها لم تفلح. خاضت المياه تود لو ترفع جلبابها ويأبى حياؤها أن تفعل. تقدمت في حذر، ولمَّا أمسكت بالحصير غاصت احدي ساقيها في الماء؛ فاختل توازنها وكادت أن تسقط علي ظهرها، فجلست في الماء وكبحت صرخة في أعماقها، وطفقت تغمغم بشفتيها وتصب لعناتها علي من كان السبب. ولم تلتقط أنفاسها إلا حينما عبر فجأة القطار السريع الذي حال بينها وبين ذلك الشاب الذي ذعر وعاد إلي مجلسه بعد ألقي بسيجارته.
بقلم صابر محمود
توقف القطار قبل دخوله المحطة بكيلو مترات. كان الجو حارًا، نهض شاب من مقعده واتجه ناحية الباب، يدخن سيجارته، وينظر إلي ماء النيل الذي يتدفق في غزارة. وعلى بعد أمتار منه جلست سيدة تغسل أطباقًا ومن حواليها طست وصينيات وأكواب... ووقفت ابنتها التي لملت جلبابها بين ركبتيها كاشفة عن ساقين غائصتين في المياه؛ لتتمكن من السيطرة علي تلك الحصير التي فردتها فوق المياه وجعلت تعطيها الضربة تلو الأخرى بعصاها الجريدية.
لم تبال الفتاة براكبي القطار الذين ينظرون إليها من آن لآخر، لكنها ارتبكت واستولي عليها الاضطراب حينما رأت ذلك الواقف عند الباب ممسكًا بسيجارته، يرمقها بعينيه، يتفحصها: ثوبها الوردي، ساقيها الجميلتين...
تركت الحصير من يدها، وفكت جلبابها عن ركبتيها وأمسكت بطرفه حتى لا يبتل بالماء، وخففت من ضرباتها المتلاحقة. ثم أدارت رأسها بخفة لتراه وهو لا يزال يراقبها. نظرت إليه بغيظ للحظة جرف خلالها التيار الحصير بعيدًا عنها؛ فنزلت العصا في الماء؛ فتناثر لأعلى. تنبهت أمها فبدأت تعنفها وتحضها علي ملاحقة الحصير الذي بدأ يتوغل في الماء.
مدت الفتاة عصاها عن بعد لتجذب الحصير، لكنها لم تفلح. خاضت المياه تود لو ترفع جلبابها ويأبى حياؤها أن تفعل. تقدمت في حذر، ولمَّا أمسكت بالحصير غاصت احدي ساقيها في الماء؛ فاختل توازنها وكادت أن تسقط علي ظهرها، فجلست في الماء وكبحت صرخة في أعماقها، وطفقت تغمغم بشفتيها وتصب لعناتها علي من كان السبب. ولم تلتقط أنفاسها إلا حينما عبر فجأة القطار السريع الذي حال بينها وبين ذلك الشاب الذي ذعر وعاد إلي مجلسه بعد ألقي بسيجارته.