المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقبرة خمس نجوم



تيسير نظمي
14/09/2007, 08:08 PM
مقبرة خمس نجوم
قصة: تيسير نظمي
إهداء: إلى الشاعر دانييل لوفرس


حدثني قريبي القادم من الولايات أن لديه بعض الأفكار الاستثمارية التي ينوي عمل دراسات عليها قبل أن يخسر فلسا واحدا من رأس ماله، مثل دراسة الجدوى الاقتصادية ، واستطلاع الرأي ، والحصول على أرقام المسنين وتعداد من تجاوزت أعمارهم الخمسين من الذكور خاصة ومتوسط دخلهم وراح يستفيض دون أن يطلعني على أية فكرة من أفكاره حرصا على حقوق الملكية الفكرية. ولما رآني غير مهتم لحماسته الرأسمالية ونظرا لما تبقى لديه من مشاعر القرابة، بق البحصة وقال : مقبرة، مقبرة خمس نجوم في هذا البلد أفضل من تأسيس جامعة بكلفة عالية وتعقيدات الحداثة التي لن تصل إليها أية دولة من دول الشرق الأوسط، لا الكبير ولا الصغير.
فأدهشتني الفكرة حقا ورحت أسأله باهتمام عن تلك المقبرة في رأسه فراح يستعرض معرفته بالعادات والتقاليد لدينا في هذه المنطقة من العالم، وقال:
هل تعرف أننا – ويقصد رجال الأعمال- نخسر الملايين في تزمتنا بالعادات والتقاليد بدلا من أن ننشئ شركات خاصة لتقوم عوضا عنا بالمهمة؟ فقلت :كيف؟ وهنا استفاض طالبا مني الإصغاءحتى النهاية وبعد ذلك أقول له رأيي الذي لن يقدم أو يؤخر ما دمت غير شريك له لا بالفكرة ولا برأس المال.
قال: لقد لا حظت لديكم اهتماما غير عادي بالأموات عوضا عن الاهتمام بالأحياء وأن الموت كلفته لديكم عالية ماديا ونفسيا ومعنويا. فإعلانات التعازي من نعي ومشاركة عزاء وشكر لا يقرأها أحد ممن لا علاقة لهم بالمتوفى وهذا يمكن اختصار تكلفته عن طريق الهاتف النقال، فكل مشترك نقوم نحن كشركة بجمع المعلومات عنه وعن أرقام هواتف أقرباءه وأصدقاءه ومعارفه وزملاء عمله وجيرانه لنقوم عند وفاته بإرسال رسائل النعي وتحديد مكان وساعة الدفن تاركين لهم الرقم الممكن الاعتذار عليه، وبعد فترة نقوم تلقائيا بدعوة هؤلاء الذين تم مراسلتهم لحفل التأبين المقام على شرفه وشرف أهله وأنسبائه، سيكون بالطبع لدينا متحدثين ومقرئين ولغتهم العربية سليمة ويجيدون ما يلزم من اللغات الأجنبية ولهم زي موحد كذلك يتناسب مع حجم اشتراك المشمول بخدماتنا وسوف نريح أهله بانتداب محام من الشركة لتقسيم الإرث والممتلكات على الورثة وفق نظام يصون للمرأة حقوقها أيضا.
سوف نجعل أهل المتوفى يتفرغون للحزن وليس للمشاكل والمناكفات ، كما سنصون وضعهم الاجتماعي بمواصفات للخدمة التي نقدمها كأن نجعل للمشترك قبرا يكون موضوع حديث الناس لأيام وشهور من حيث نوعية الخط والحجر المستخدم لبناء الضريح وفسحة مزودة بالمقاعد لزواره في الأعياد والمناسبات كما سنكون لنا أفضلية باستخراج شهادات الوفاة والتبليغ عن الحالة وربما تسجيلها في الملفات وإدخالها على الحاسوب قبل الوفاة لتكون جاهزة، وبالتالي ما على الميت سوى أن يموت ويكون متفرغا لموته كي نرعى مستواه ونجعله غير منشغل سوى براحة البال وسوف نطور بالمناسبة الفن التشكيلي بالبلد إن نحن رسمنا على القبور بعض اللوحات المناسبة التي يفضلها الأهل والزوار وسنجعل كل شيء منظما في حفلات التأبين وبيوت العزاء وعلى الرقم الوطني وحسب المكانة الاجتماعية للرواد فلا يجوز أن يجلس الفقير المعوز قرب الغني الموسر حرصا على مشاعر الطرفين في هذه المناسبات.
ولما لاحظ امتعاضي وتجهمي المفاجئ استدرك قائلا أنه يقصد تنظيم العملية وعدم وجود فجوات هائلة في الاختصاص والثقافة والمستوى بين الحضور حيث لم تعد صلة القرابة العشائرية هي المعيار للربط بين اثنين مختلفين في كل شيئ سوى من اسم العائلة والحمولة في نهاية أسمائهم. فقلت له موضحا أن ليس هذا ما يزعجني ضاربا كفا بكف على طريقة استاذنا الجليل خليل السواحري طيب الله ثراه في شفا بدران حيث اختار المكان بنفسه حسب ما سمعت، وقلت هامسا : خرب بيت الشباب والله ما راح يلاقوا شيئ يعملوه عندما تباشر هذه الشركة أعمالها.
سمعني فاستفسر : أي شباب تقصد؟
طمأنته أنهم لا يفكرون بمزاحمته مثلما يزاحمون خصومهم في الانتخابات. لكنه ظل متحفزا لمعرفة هويتهم السياسية والمهنية وطبيعة عملهم بل واستفسر محتدا إذا ما كانوا قد حصلو فعلا على قطعة أرض لمشروعهم الذي عبرت عنه بضرب كفي ببعضهما البعض وبكلمة "خرب" بيت الشباب. فطمأنته أنهم ليسوا على تلك الدرجة من الدهاء التجاري ليزاحموه، لكنه ظل مصرا أن يعرف من يكونون. قلت له : لا تقلق أنت إنما أنا الذي من حقه أن يقلق الآن على رابطة لن تجد ما تفغله بعد اليوم للكتاب.
فاستبشر خيرا وانزاحت غمته وقال مبتسما : صحيح لقد نسيت أن أقول لك أننا سوف نطبع كتبا أيضا بالراحلين ونكتب عنهم كل كلام طيب وأنهم كانوا رحمهم الله مبدعين حتى – وابتسم- لو لم يكونوا كذلك وإذا كان المشترك على قد حاله تقوم شركتنا بطباعة سيرة حياته كما يكتبها الكتاب عندكم فقد لاحظت ذلك لديكم منذ سنوات وأنتم تجيدون هذه الصنعة والشهادة لله.

قلت وقد راودتني الرغبة بالاشتراك: ماذا عن مشروع الجامعة الذي حدثتني عنه سابقا ؟ ألم يكن ذلك مجديا ؟
فواصل وقد اختفت عن وجهه الابتسامة:
كنت محقا عندما نصحتني أن أخفي أصولي العربية وأتصرف حسب مقتضيات الجنسية الأمريكية التي خسرت لأجلها قطعة الأرض التي ورثتها عن الوالد والتي لو ماتزال مسجلة باسمه لما اضطررت لدفع أضعاف ما بعتها به مضطرا عند عودتنا من الكويت ، فقد كنت مضطرا لبيعها، واليوم أصبحت مضطرا لشرائها كي نبني الجامعة عليها نظرا لموقعها الاستراتيجي ذاك. سهوت عن نصيحتك وتصرفت بطيبة فأحالوني إلى كل ما يدخروه لنا من روتين وفي كل مرة أراجع بها يقال لي أن الوزير مشغول ولم يطلع على طلبكم بعد، وانتهاء بأسعار الأراضي ،غيرت فكرة الاستثمار تلك بما أوحى لي به وضعك أنت.
فقلت مندهشا : وما هو وضعي بالضبط؟
فقال دون تردد: جئت اليوم أزورك.
قلت وأنا أفكر حقا بمبلغ الاشتراك في مشروعه الجديد ، ممن أستدينه، وكم هو، وهل سأحصل على تخفيض منه بصفة القرابة أو الماضي السحيق المشترك:
ما به وضعي ؟
قال: ألم أعدك بأن تكون عضوا في مجلس إدارة الجامعة التي كنت أنوي تأسيسها لديكم ؟
قلت: بلى ، هذا صحيح.
قال: أدركت بعد أن سمعت من الأقارب عما انتهيت إليه أنت وغيرك في البلد أنك أول من أوحت ظروفه لي بالفكرة وبأن أكافئك ،كأول عضو مشترك دون أن تسدد لنا اشتراكاتك الشهرية، بهذه الزيارة.
لم أفهم ما رمى إليه تماما، إلا بعد أن لحظت في عينيه تعابير الأسى والعزاء والحزن الحقيقي، وكنت قبل لقائه في الفندق أظن نفسي ما زلت حيا أرزق.



الأردن-12/9/2007
www.nazmi.org

ريمه الخاني
15/09/2007, 02:48 PM
مقبرة، مقبرة خمس نجوم في هذا البلد أفضل من تأسيس جامعة بكلفة عالية وتعقيدات الحداثة التي لن تصل إليها أية دولة من دول الشرق الأوسط، لا الكبير ولا الصغير.
سلم قلمك وان كنت قد رايت انها اقرب لفن المقاله منه للقصص
تحيه لك وتقدير لغيرتك على شباب الامه
وزيارة للموقع ادناه

لطفي منصور
15/09/2007, 03:24 PM
أضحكتني والله يا أخ تيسير من أفكار قريبك الجهنميه ...
أكلوا الأحياء ولم يبق إلا الموتى ...
هذا التفكير الذي قادنا إلى الهاوية ..
لا يفكر مترفونا إلا بزيادة ترفهم على حساب المسحوقين ...

فكرة رائدة تنيش في صدور الجشعين ..
لنا الله .. اللهم أمتنا قبل أن ينشىء هذا المجنون مقبرته وينفذ فكرته .

لك كل تقديري أخي المكرم .

لطفي منصور

تيسير نظمي
17/10/2007, 10:26 AM
أعتذر للأحبة الذين قرأوا القصة وأشكر الزميلة ريمة الخاني التي لفتت نظري منذ البدء لما حفزني كناقد أن أكمل القصة على النحو التالي:

لاحظ هو ما دار بخاطري فشرع ليعزيني بنفسي يتحدث عن آخرين لا أدري مقصده في ذلك ، إن كان يريد إقناعي بالمشروع أم فعلا ليقوم بواجب العزاء الذي تمليه عليه صلة القرابة ، والأهم أيضا، التاريخ المشترك.
قال: هل تتذكر عادل سلامة ؟ ودون أن ينتظر الإجابة، واصل: كان يتنافس مع وليد الشمالية على المركز الأول، في الصف الثاني إعدادي، عام 1966 ، وكنت أنت ، متربعا على المركز الأول، في الصف الأول إعدادي .. هل تذكرته الآن ؟ حسنا لقد حمل منذ ذلك الحين إرث هزيمة الأنظمة العربية وكافح حتى أصبح طبيبا في مخيم البقعة، مع أنه لو لم يكن فلسطينيا لأصبح وزيرا للصحة في الأردن.
وقبل أن يتيح لي السؤال عن أخباره قال دون مقدمات: مات. مات دون أن تقوم رابطة الكتاب بحفل تأبين له أو لأكون منصفا نقابة الأطباء. فهل تشك للحظة أن من دأبت رابطة كتابكم العتيدة لأكثر من ست سنوات وما تزال على إقامة حفلات التأبين لهم كانوا أكثر نضالا وعلما وموهبة من كتاتيبكم الذين ليس مهما قيمة ما يكتبونه إبداعيا بقدر قيمة ما يتقاضونه على ترهاتهم من نقود. رابطة كتاب تحتفي بالموت بدل الحياة لا علاقة لها بالفنون الجميلة على الاطلاق، سواء كانت أدبا أم فنا تشكيليا أم موسيقى أم مسرحا. فهل تصدق أن 625 عضوا فيها وجدوا لانتظار التعزية بك وينتظر بعضهم أن تبتلعك الأرض لمجرد أنه غير قادر على أن يكونك دون خسارة ممتلكاته من الأراضي كما خسرتها أنت وكما خسرتها أنا في الضفتين ؟
عند هذه اللحظة بدأت أشعر أنني أيضا يتوجب علي تعزيته بوالده الذي سمعت أنه توفي في الكويت قبل أغسطس المشئوم بسنوات ومن محدثي بدأت أدرك أن والده وضع كل ثمرة شقائه في الخليج في قطعة أرض اضطر لبيعها هو لما وجد نفسه عاطلا عن العمل وهو المهندس قبل أن يصل الأردن عائدا من الكويت المحتلة ، ومن ثم، لم يعد ممكنا أن يعود لعمله السابق في الكويت المحررة، فلم يجد بدا سوى بيع الأرض التي ورثها عن أبيه ليتمكن من السفر إلى أميركا حيث يعمل أستاذا في إحدى جامعاتها الآن ونال الجنسية.
ظل يسهب في الحديث عن الماضي بما فيه الماضي الشخصي لي في سيلة الظهر وعن أسماء لم تسعفني الذاكرة في رسم أية ملامح لها بينما كنت أنا قد بدأت أقتنع بالفكرة لأنها تحصيل حاصل حيث تقوم بمهامها الرابطة دون أن يكون لنا حصة عادلة فيها حتى في التأبين فلماذا أستكثر عليه أن يشكل مؤسسة أو شركة عصرية تعفي رابطة للكتاب من مهامها في التأبين التي يتبروز أعضاؤها في الصحف بفضلها وفضل من رحلوا كمسؤولين جنبا إلى جنب مع الوزراء وأعضاء الحكومات والأمناء العامين للوزارات. أليس البلد بعد هذا كله مقبرة للكفاءات العائدة من الخليج؟
قبل سنة كنت قد قابلته بالصدفة في محل للانترنت وقد عرفني من ملامحي أولا كوني أكبره سنا قبل أن أعرفه، وراح يتحدث لي بحماس عن فكرة الجامعة والرسوم المخفضة لها وعن ضمانته العمل لخريجيها كونها مختصة بالتعلم عن بعد وبتكنولوجيا المعلومات وعن تصميمه لمبناها على شكل حاسوب ضخم على طريق المطار، واليوم ، بعد قضائه أقل من سنة في عمان ، يتحدث لي عن مقبرة !
ولو لم يتحدث عن مقبرة لتحدث عن مستشفى للطب النفسي يقدم لنزلائه خدمة غير الطعام البائس.لكنه في كل ما سمعه عني لم يكن يعرف أن عمري الأدبي يكبر الرابطة بسنتين حيث تأسست عام 1974 ولم تقبل بي عضوا فيها إلا صيف عام 2007 ولم يعرف أيضا لا هو ولا ورثة وينستون تشيرتشل أنني سجنت سنتين على ذمة لا ئحة دعوى بالشروع بالقتل مكررا ثلاث مرات كوني اتهمت بأنني دهست أصبع رجل بسيارتي وأنني ما زلت مشكوكا في أمري ومتهما بالعنف والإرهاب والجنون أو المرض النفسي لدى المحاكم الشرعية ورئيس سابق لاتحاد الكتاب العرب الذي كان مقره عمان. كل هذه العجائب السريالية لم تخطر له ولا لجورج بوش على بال، وهو يحسن الظن بالبلد إن نجح مشروعه دون أن يوصله للفحيص.
عند هذا الحد قاطعته قائلا: أنصحك للمرة الثانية ، أن تغادر البلد، لأن ورثة وينستون تشيرتشل سيقيمون دعوى عليك بسرقة المرحوم وورثته ، ذلك أن التاريخ نفسه سجل لهم حقوق الملكية الفكرية في وثائق كانت تعتبر سرية لأكثر من عقدين لأكثر من دولتين ، ليس من ضمنها أية دولة فلسطينية.
---------
انتهت كقصة قصيرة تبقى مفتوحة النهايات لكل المدفونين في الأردن
لأن بعض مهام بعض الصحفيين في الأردن أصبحت مثل عمل السيريلانكيات وأخص بالذكر الخادم المطيع لمضطهديه في جرية الدستور

تيسير نظمي
18/10/2007, 09:29 AM
قبل 24 ساعة من مؤتمر "روح المقاومة في الأدب" الذي يفترض أن يحضره أول ناقد عربي السلطات الأردنية تصاب بالسعار الديمقراطي وتحجب مواقع انترنت
عمان-عاجل من حركة إبداع
لم نفاجأ قبل مؤتمر تورز Tours بأسبوعين تقريبا بالحظر الذي قامت به السلطات الأردنية على مواقع حركة إبداع على الانترنت فقد كان هذا متوقعا منذ أن ضاقت حكومة معروف البخيت ذرعا بالديمقراطية حتى الشكلية منها والمسيطر عليها تماما بعد التحذيرات التي تلقتها الأردن من التوسع ببمارسة الديمقراطية منذ عام 1993 وحل مجلس النواب آنذاك وفرض قانون الصوت الواحد، وقد قامت آنذاك السفارة الأميركية بتبليغ التحذير!! لكن ما فوجئنا به فجر اليوم الموافق 18 من تشرين أول /أكتوبر هو حظر آخر على مواقع ذات صلة بحركة إبداع ومنها موقع "دنيا الوطن" في غزة-فلسطين دون سائر المواقع الصهيونية والمرتبطة والمشبوهة ومواقع الجنس والتعريص السياسي منه والأخلاقي التي لا تمانع السلطات الأردنية في انتشارها بينما تمنع مواقع حرة وجادة وتحجب بكل صفاقة المواقع المصنفة على أنها لنشطاء سياسيين. هذا وحذرت حركة إبداع الشركة الأجنبية التي تقوم بالتصنيف من مغبة تصنيفاتها وخدماتها التي تتعارض مع حريات النشر والتعبير في بلد يدعي أنه سوف يفتح يوم الأحد المقبل 21 من تشرين أول باب التسجيل للانتخابات النيابية فيه،، وحذرت إبداع من أن الاستمرار بهذا المنع سيؤدي للانتقال للعمل السري الذي لا أحد يمكنه التكهن بنتائجه إذا ما اضطرت لذلك.
ويشار إلى أن الدخول لموقع حركة إبداع الثقافية غير ممكن من خلال جميع حواسيب وزارات ودوائر ومؤسسات الحكومة الأردنية منذ أكثر من أسبوعين.