المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أبو الكلب - قصة قصيرة بقلم : موشي سميلانسكي / ترجمة : د . مح



د . محمد أيوب
08/11/2006, 12:39 AM
أبو الكلب
قصة قصيرة
بقلم : موشي سميلانسكي
ترجمة
د . محمد أيوب
أبو الكلب ، هكذا سموه ، على اسم كلبه الذي أحبه أكثر من أي شيء آخر ، كان اسمه عبد الله ، هكذا أسماه أبوه ، كان أبوه عبداً ، اشتراه أحد أفندية يافا من السوق في مصر ، وبعد سنوات طويلة تحرر الأب وتوجه للإقامة في إحدى القرى ورعى الضأن ، وعندما كان عبد الله رضيعا ماتت أمه ، وعندما أصبح باستطاعته أن يخرج مع القطيع إلى الحقل مات والده ، كان عمره آنذاك خمس سنوات .
كان عبد الله عبدا أسوداً مثل أبيه ، وهنا تكمن مصيبته ، ومع ذلك وجد له في الحياة نصيباً ، وفي القرية أصبح عبد الله راعي ضأن ، كانت القرية صغيرة جدا ، بيوت معدودة فوق الصخور قرب شاطئ البحر على الطريق بين يافا وقيسارية ، هذا هو كل ما في الأمر ، وفي هذه القرية كان عبد الله هو الأسود الوحيد ، كان الشباب يسخرون منه ، لقبوه بلقب العفريت الأسود ، وكانت النسوة يشحن بوجوههن عنه عندما يمر في الشارع ، وكان الأولاد يرجمونه بالحجارة ، لم يكن ذلك من باب الكراهية ، وإنما من باب شقاوة الأولاد ، وقد فعلوا مثل ذلك مع كلب عبد الله الذي كان أبيض اللون ، نعم كان كلب الراعي الأسود الصغير أبيضا ، ومن أجل ذلك أحبه كثيرا .
كان راعي الضأن يسير على شاطئ البحر عندما وجد كلبه الأبيض جوعانا يرتجف من البرد، وقد سر عبد الله بالكلب الذي وجده وكأنه وجد كنزا ، فقد سبب له لونه الأسود الكثير من الألم والشعور بالتفاهة ، فقد كان لديه شعور بأنه ينقصه شيء ما ، ولكنه لا يعرف كنهه ، ومذ كانوا يسخرون منه أو يضربونه ، أو عندما كان جوعانا لم يبك ، ولم يصرخ ، كان يتجه إلى إحدى الزوايا ويجلس هناك ، يدرك كيف أن كل شيء بداخله يؤلمه ، ليست الضربات ولا السخرية ولا الجوع ، وإنما شيء آخر .. الشعور بالوحدة ، ولكنه لم يدرك السبب ، ولا كيف يمكن أن ينادوه باسمه .
ومنذ أن وجد الكلب ، أدرك أنه وجد ما ينقصه ، ومنذ ذلك اليوم لم يعد وحيدا ، فقد أحب الكلب الأبيض صديقه الوحيد وحافظ عليه كثيرا .
وعندما يحصل على قليل من الخبز والأرز، كان يأكل الخبز ويعطي الأرز لكلبه ، أما إذا حصل على الخبز الجاف فقط فإنه يقسمه مناصفة بينه وبين كلبه ، كان الكلب صغيرا جدا ، أبيض ولكنه غير جميل ، وكان أطفال القرية يرجمونه بالحجارة كما كانوا يرجمون صاحبه ، ولكن عبد الله الذي لم يكن ينبس ببنت شفة عندما يسخرون منه أو يضربونه ، ولكنه كان يدافع عن كلبه بقلب ثابت ، يدرأ عنه بجسمه ويتلقى الضربات بدلا من الكلب ، وكان في الوقت نفسه يصرخ بالأولاد : ولكنه أبيض !
وفي أحد الأيام مرض الكلب ، ورفض أن يأكل من الخبز الذي أعطاه له صاحبه ، فسرق عبد الله قليلا من حليب الضأن الذي يرعاه وسقاه لكلبه، الأمر الذي لم يفعله لنفسه ولا مرة واحدة، وقد سمع أصحاب الضأن بذلك فأخذوا الكلب وضربوه حتى الموت .
وذات ليلة ترك عبد الله القرية التي ولد فيها ، كان عمره عند ذاك خمس عشرة سنة ، مشى حتى وصل إلى مضارب البدو ، وهناك بقي طيلة حياته .
لم يعد لديه كلب ، ولكن لقب أبو الكلب لازمه طيلة حياته ، وبين البدو لم يكن لونه مصدر إزعاج له ، لم يسخروا منه ولم يضربوه ، ذلك أنه كان يوجد بينهم من كان أسود اللون ، ومع ذلك وفي قرارة نفسه كان يشعر بالألم ، كان يتمنى أن يكون مثل الجميع ، ومذ كان طفلا ، كان يغسل جسمه بماء البحر المالح ويحكه بالرمل حتى الألم ، ثم يعود إلى القرية بقلب مفعم، ولكنه بمجرد أن يسمع الصغار ينادونه بالأسود يدرك أن الأمل لم يأت بعد .
وعندما كبر أدرك أنه لا يمكن أن يكون أبيضا ، ولذا بدأ يحلم بشراء زوجة بيضاء وأن يكون له أولاد بيض ، ولم يتخل عن هذا الأمل حتى أيامه الأخيرة ، حتى عندما أصبح مسنا ، ولكنه لم يستطع أن يشتري زوجة ولو كانت سوداء ، ذلك أنه لم يكن يملك ولا بروطة واحدة " جزء من مائة جزء من الليرة الإسرائيلية القديمة " فأجرة عمله كانت خبزا وطعاما وملابس قديمة ، ولم ير النقود إلا بعد أن بدأ اليهود يأتون إلى المنطقة ، ولكنها كانت نقودا قليلة ، وقد أصبح هو مسنا .
وفي أحد الأيام توجهت إلى البادية للبحث عن حارس لأشجاري ، وقد وافق الراعي الأسود المسن على المجيء معي ، وفي ليلة جلسنا معا على شاطئ البحر وقص علي قصة حياته ، وبعد أن انتهى من الكلام صمت لحظات معدودة ، عاد وكأنه تذكر أمرا هاما ، قال : كان الكلب أبيضا .

زاهية بنت البحر
27/11/2006, 04:02 AM
ظلَّ مخلصًا للكلب الأبيض ,محبًا للون الأبيض , حالمًا باللون الأبيض
هذا الأسود الجلد هو أبيض القلب , ومن آذوه بيضُ الجلود سودُ القلوب
قصة جميلة مأساة
لك الشكر والتقدير أخي المكرم د.أحمد أيوب
أختك
بنت البحر

د . محمد أيوب
01/12/2006, 02:44 AM
ظلَّ مخلصًا للكلب الأبيض ,محبًا للون الأبيض , حالمًا باللون الأبيض
هذا الأسود الجلد هو أبيض القلب , ومن آذوه بيضُ الجلود سودُ القلوب
قصة جميلة مأساة
لك الشكر والتقدير أخي المكرم د.أحمد أيوب
أختك
بنت البحر
شكرا لك أختي العزيزة ، أقدم اعتذاري عن تأخري في الرد لظروف صعبة مررت بها
مودتي وتقديري
د . محمد أيوب

د- صلاح الدين محمد ابوالرب
01/12/2006, 08:40 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفاضل د. محمد ايوب
شكرا على هذه الترجمة
سؤالى هل هي من الادب العبري
هل تدلنا بشىء عن المؤلف
احيانا تكون الكتابة بقصد اثارة نعرة او نشر فكرة سيئة مع انها قد تكون من الواقع لكن تثبيتها امر اخر
فهل هذه من النوع الذي يحاول تشويه الصورة العربية
اعذرني ياسيدي فالقصة ليهودي كما اعتقد يغمز فيها عن الظروف العربية
شكرا كثيرا وارجو ان تترجم لنا الكثير
فاسلوبك في الترجمة يدل على براعة ادبية
تحية

د . محمد أيوب
18/12/2006, 11:50 AM
أخي العزيز د . صلاح الدين
القصة لكاتب يهودي عنصري يحقد على العرب ويصر على تشويه صورتهم وإظهار سلبياتهم والطعن في إنسانيتهم ، وقد نشرت في سلسلة جيشر لتعليم المهاجرين اليهود اللغة العبرية وتكوين أفكارهم عن العرب ، وهو غير الكاتب يزهار سميلانسكي اليساري الذي كتب قصة فيلم خربة خزعة والذي حمل فيه العصابات الصهيونية مسئولية طرد الفلسطينيين من ديارهم على عكس وجهة النظر الإسرائيلية الرسمية التي تقول إن الفلسطينيين تركوا ديارهم طوعا ودون إكراه ، وقد منعت الحكومة بث الفيلم في القناة الإسرائيلية الثانية فترة طويلة حتى صدر حكم من المحكمة العليا ببث الفيلم .
مودتي وتقديري
د . محمد أيوب

د- صلاح الدين محمد ابوالرب
19/12/2006, 10:11 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفاضل الدكتور محمد ايوب
اشكرك على السرد التوضيحي الذي يعيدني الى المربع الاول
اعرف عدوك
يعتقد البعض اننا تخطيناها
الحقيقة اننا تجاهلناها
بارك الله بك

د . محمد أيوب
20/12/2006, 08:21 PM
شكرا لك من القلب ، من عرف لغة قوم أمن مكرهم ، ولكي نعرف أي شعب يجب علينا أن ندرس آدابه لنعرف كيف يفكر أفراده .لكن آفة العلم النسيات والترك ، فاللغة الكتسبة تموت إذا لم تستخدم للأسف .