المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آذان الصمت / قصة من الأدب الصيني الحديث ترجمه ابراهيم درغوثي / تونس



ابراهيم درغوثي
15/09/2007, 07:11 PM
قصة من الأدب الصيني الحديث
ترجمها عن الفرنسية : " ابراهيم درغوثي / تونس


آذان الصّمت
زهاو جينّيان

لاحظ أنّ كلّ المشاركين في الاجتماع كانوا يفكّون آذانهم الواحد بعد الآخر. هذه الآذان الشّبيهة بفوانيس كهرباء صغيرة كانت تلتصق على جانبي الرّأس بواسطة قطع حديد مشدودة ببراغي. كان يكفي الواحد منهم أن يحكّ منبت الأذن بيده فتفكّ بسهولة ويسر.
إنّه اكتشاف مذهل: أن تستطيع فكّ أذنيك عندما يثقل عليك هذر المحاضر ويطول حديثه فيما لا يعني فتختار الابتعاد عنه دون أن تتحوّل من مكانك.
فرفع يديه. وحاول قلع أذنيه . لكنّه لم يتمكّن من ذلك إلاّ بعد جهد جهيد ... ربّما لأنّها كانت محاولته الأولى. لكن ما فاجأ نظره هو أنّ وجدهما مغطّاتان بطبقة كثيفة من القذارة. فانهمك في فركهما وكأنّه يفرك أواني طبخ إلى أن انتزع من الدّاخل والخارج قشرة غليظة من القذى.
وأسف لأنّه لم يكن يعلم أنّ الآذان سهلة الاقتلاع والتّركيب وإلاّ لما كان ترك كلّ هذا الكم من الأوساخ يلتصق بأذنيه فيصمّهما ويكاد يحوّله إلى أطرش.
ونظر إلى المحاضر بقسماته المعبّرة وهو يقوم بدوره السّخيف فوق المنبر محرّكا يديه في كلّ الاتّجاهات.
كان بعد الحاضرين شديدي الخبث. فهم يفكّون آذانهم من حين لآخر فينظّفونها جيّدا ثمّ يعيدونها إلى مكانها. لوم يجد الخطيب ما يعيد في تصرّفهم. فالحكمة تقول إنّه كلّما جعلنا الآذان أنظف كلّما كان سمعنا أحدّ. إنّ برهان مقنع وغير قابل للاعتراض.
وأحسّ الرّجل بضربة خفيفة على كتفه فانتفض ظنّا منه أنّ المحاضر ذكر اسمه أو وجّه إليه ملاحظة. لكن لم يحصل شيء من هذا، ففي حقيقة الأمر كان جاره يحرّك شفتيه الرقيقتين ولكنّه لم يكن يسمع همسه فكأنّه يحادث أصمّا.
سارع الرجل إلى تركيب أذنيه فسمعه يقول:
- بما أنّك الكاتب الخاص للمحاضر، لماذا لا تسمع إليه بانتباه؟
- ليس في الأمر ما يُعيب. فأنا أعرف هذا الخطاب لأنّني كتبته بيدي.
- لماذا إذن وضعت فيه كلاما لا يفيد أحدا حتّى أنّك فضّلت عدم الاستماع إليه؟
- في الحقيقة، ما هذا بالخطاب الذي كتبته ! فلم تكن به كلّ هذه الأوراق. ولكنّه صار بهذا الطول بعد أن تداول عليه الخطباء درجة فدرجة.
حين انتهى المحاضر من قراءة التقرير ، رفع النّص عاليا وأعلن بصوت جهوري:
- أنا غير موافق على بعض النّقاط الواردة في هذا التّقرير: لكن هذه الجملة التي كان من الممكن أن تحدث بلبلة في الحضور لم تجد الصّدى المرجوّ، لأنّ أغلب المستمعين لم يكونوا قد وجدوا الوقت الكافي لإعادة تركيب آذانهم أو لأنّ آذانهم ما عادت قادرة على الاستماع بعد هذه الخطبة الطّويلة.

dargouthibahi@yahoo.fr
www.arab-ewriters.com/darghothi/

محمود ريا
22/10/2007, 08:15 PM
أستاذ إبراهيم:
كم نحن بحاجة إلى هذا "الاختراع" في بلادنا، فلو أننا نستطيع أن نفك آذاننا، و"نضرب" عن السمع لتمكنّا من معرفة الرجال بأفعالهم وليس بأقوالهم، ولكان أصحاب الخطب العصماء صرفوا الوقت الذي يهدرونه على تنميق خطبهم في ما يفيد هذه الأمة.
قصة رائعة تعبّر عن واقع الحال في معظم المجتمعات المتخلفة، وترجمة تنبض بالحياة وتنقل القارئ إلى "قاعة المهرجان" ليرى.. ولا يسمع.
حبذا لو اهتممتم بموضوع الأخطاء الإملائية البسيطة التي قد تشوّه المعنى أحياناً.
مع أطيب تحياتي
محمود

ابراهيم درغوثي
24/10/2007, 09:17 AM
شكرا يا سي محمود على القراءة الجميلة للنص
سنعمل على نلافي الاخطاء قدر جهدنا
مع الود والتقدير للعناية والمتابعة

حكيمة بالكاس
27/12/2007, 09:18 PM
اختراع عظيم هدا الدي يجعلك في معزل عن الخطابات والسجالات أثناء دورات البرلمان و أيام الانتخابات حيث الوعود الكادبة و العبارات الطنانة والأحاديث المدوية التي تنتهي بانتهاء موعد الاستحقاقات، فعند نهاية الانتخابات و صدور النتائج و أخد " كل دي حق حقه " يضع مسؤولونا هدا الجهاز للانعزال تماما عن أسئلة و انتظارات المواطنين.

ابراهيم درغوثي
27/12/2007, 09:36 PM
شكرا حكيمة على المرور و التمتع بهذا النص
مع الود الكبير

دعاء محمد رفعت
14/05/2008, 08:12 PM
استاذي
كالعاده رائع
اناا نريد هذا الاختراع بشدة
فكثير من الاحاديث والمقالات اصبحت مملة ومعاده ولا يوجد بها غير السرد الممل
جزاكم الله كل خير

ابراهيم درغوثي
14/05/2008, 11:55 PM
شكرا أختنا دعاء على القراءة
شكرا على التقدير

لك مودتي و تقديري