المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اكتشاف مقبرة الاسكندر الحلقة الرابعة



صلاح م ع ابوشنب
19/09/2007, 01:26 AM
اكتشــــاف مقبـــــرة الاسكندر الاكبـــــــــر
للباحث الاثرى صلاح محمد على الشهيربصلاح ابو شنب
( الحلقة الرابعــــــــــــة )


كانت مدينة الاسكندرية القديمه قد خططت تخطيطا هندسيا سهلا على طريقة تخطيط المدن اليونانيه ، حيث قام المهندس الذى عهد اليه بتخطيطها كرقعة الشطرنج وهى تتألف من شوارع طوليه مستقيمه تقطعها شوارع عرضيه مستقيمة ايضا ، ومن بين هذه الشوارع هناك شارعان رئيسيان كبيران ، كانا هما اكبر شارعين فى المدينة وكان كل شارع يحمل رقما من ارقام الابجديه الاغريقيه مضافا اليه اسم ملكة من الملوك ، وكان الشارع الرئيسى الطولى ويسمى الشارع الكانوبى وهو يمتد من شرق المدينة الى غربها ويتقاطع مع الشارع الرئيسى العرضى الذى كان يسمى عندئذ (شارع السوما ) ، أى شارع المقابر الملكيه .
وأقيم حول المدينة سور عظيم ضخم عليه ابراج قوية ومتينه على مسافات متقاربه وكان هذا السور يسير شمالا بحذاء الشاطىء من رأس لوخياس ( السلسلة حاليا ) حتى ميناء ( اينوستوس) غرب المدينة ، ثم ينحنى جنوبا مع ترعة الماء العذب الى اقصى الجنوب حيث ينحنى مرة اخرى ليصبح عمود دقلديانوس خارجه ويسير بعد ذلك جنوبا متجها الى الشرق حتى يقابل رأس لوخياس ثانيا عند الجنوب ، وبعد ذلك يتجه شمالا ليلتقى ببدايته عند رأس لوخياس كما بدأ أول مرة ( انظر الخريطه ) . ومن خلال ذلك نرى كأن المدينة كانت محجوبة بواسطة هذا السور سالف الذكر عن البحر شمالا وعن البحيرة جنوبا وعن القاهرة شرقا وعن الغرب والبحر غربا الامر الذى ادى الى بناء اربعة بوابات رئيسيه للمدينة هى الابواب الابع الكبيرة وهى كالاتى :
- باب الشرق ( شرق المدينة ) ومازال يسمى بهذا الاسم حتى الان مع تحريف بسيط حيث يقال له باب شرقى .
- باب الغرب ( غرب المدينة )
- باب الجنوب ( جنوب المدينة ) ويسمى حتى الان بباب سدره.
- باب البحر ( شمال المدينة ) وسمى ايضا باب بونابرت أو
- باب نابليون بسبب دخول نابليون وجيوشه من خلاله .
وكان اهالى الاسكندرية وغيرهم من الناس يدخلون ويخرجون من والى المدينة عبر هذه البوابات ، وكانت تغلق بالليل وتفتح بالنهار.

الشارعـــان الرئيسيان وعلاقتهمـــــــا
بقبر الاسكندر والابواب الاربعة

(( من خلال ابحاثى وجدت أن هناك علاقه كبيرة تربط بين أبواب المدينة القديمه، وقبر الاسكندر والشارعين الرئيسيين والحيوية الاقتصاديه للمدينة))
فقد ثبت لى من خلال ما قمت به من أبحاث علمية أن المهندس الذى قام بتخطيط المدينة جعل الشارع الرئيسى الطولى يجرى شمال المدينة وبطولها وجعله هو الرابط الرئيسى الذى يربط باب الشرق بباب الغرب ، أى يربط شرق المدينة بغربها عن طريق ما يسمى بالشارع الكانوبى ، لاحظ الخرائط المرفقه .
كذلك جعل الشارع العرضى الرئيسى ( السوما) يجرى غرب المدينة وبعرضها وجعله هو الرابط الرئيسى الذى يربط باب البحر أو باب الشمال بباب الجنوب أو باب سدره أى يربط الميناء البحرى شمالا بالمرفأ النهرى جنوبا . والمعروف أن المرفأ النهرى كان عند باب الجنوب ( باب سدره حاليا ) ونتيجه لذلك نجد أن تقاطع اكبر شارعين فى المدينة القديمه كانا يشكلان اكبر ميدان بها وهو الذى كان يسمى الميدان الكبير ( MERON PEDION) وفيه اقيم ضريـــح الاسكنــدر الاكبـــــر.
كذلك كانت هناك علاقه وطيدة وشديدة بين تصميم هذه الشارعين وطبوغرافيه المدينة كلها ، وانى اعتقد ان المهندس المذكور لاحظ أن خليج الميناء الكبير ( MAGNOS PORTOS) ينحرف نحو الشمال الشرقى وان الجهة الغربية للميناء الكبير هى اكثر صلاحية لرسو السفن التجاريه عن الناحية الشرقيه ، وجزيرة فاروس التى سيكون لها بعد تخطيط المدينة القديمه أهمية بالغة وعظمى تشكيل مينائين كبيرين يقعان جميعا فى اقصى شمال غرب المدينة .
وقد ادى هذا الامر بل حتم تخطيط شارع يسمى الهبتاستا د ( أى السبعة فراسخ ) ليربط بين جزيرة فاروس الواقعة فى البحر وبين المدينة حيث يشكل لسانا طويلا ضاربا فى الماء مشكلا بوجوده مينائين كبيرين هما الميناء الشرقى والميناء الغربى .
وهكذا يصبح الهبتاستاد أو الهبتاستاديوم يشكل من جانبه الشرقى رصيفا لرسو السفن الاتيه الى الاسكندرية محملة بالبضائع الواردة الى الميناء . ومن البديهى ان العمليات التجاريه والمفاوضات فى الاشغال وكذلك عمليات الشحن والتفريغ كانت تتم فى هذا المكان أو بالقرب منه . وقد حتم هذا الوضع الاستيراتيجى أو لنقول العرضى للمدينة يبدا من نقطة باب البحر وينتهى عند نقطه باب المرفأ فى استقامه واحدة وهذا الطريق الرابط بين باب البحر وباب الطبوغرافى الجديد الزام المصممين على جعل الطريق الرئيسى المرفأ هو الذى كان يسمى بشارع السوما أو السيما حسبما ذكر ، وكانت البضائع الاتيه من القاهرة مثلا أو لنقل جنوب مصر والمراد تصديرها الى بلاد الفرنجه تأتى عبر البحيرة ثم تنقل فوق العربات التى تجهرها الخيول أو البغال أو حتى الحمير لتخرج من المرفأ النهرى حيث تسلك طريق السوما الذى سوف ينتهى بها الى باب البحر لكى تشحن فوق أظهر السفن المتجهة الى أوروبا . والعكس بالعكس ، وهكذا كان طريق السوما يشكل الرابط التجارى الحيوى فيما بين شمال المدينة وجنوبها .
(( ومما ذكرنا يتضح أن المنطقه الغربيه بطولها أى بشمالها وجنوبها هى القلب الحيوى النابض بالحياة الاقتصاديه للاسكندرية القديمه ، وذلك دون شك يجعل المنطقه الشماليه الغربيه والجنوبيه الغربيه اكثر مناطق المدينة ازدحاما بالسكان ، ومن تبرز أهميتها الكبرى)) .
ومن هنا ايضا استطيع ان أدحض الاقوال الداعيه الى ان الحى اللاتينى أو منطقة مرور شارع النبى دانيال هما اقرب المناطق التى يمكن أن يكون قبر الاسكندر موجود بها ، وهذا خطأ .
كان الداخل الى الاسكندرية القديمه والخارج منها يتحتم عليه المرور من هذا الشارع ( الشارع العرضى ) تماما مثل الاختلاف الذى نشأ حول اختيار مكان المسلة المصرية التى نقلت الى لندن فى العهد البائد حيث اختلفت الارآء حول المكان الذى يمكن نصبها فيه ، وفى نهاية الامر خضعوا للرأى الذى نادى بوضعها على نهر التيمس ليراها الداخل الى لندن والخارج منها على السواء .
(( وهكذا كانت الصورة كما وضحناها ورسمناها فى خيال القراء وفوق تلك السطور مبرهنة بالمنطق والدلائل الطبوغرافيه المؤكدة والتى ما تزال موجودة حتى وقتنا هذا . وهكذا يمكن للقارىء أن يتخيل أن وضع قبر الاسكندر ...
وضع قبر الاسكندر فى الميدان الكبير الذى تشكل من تقاطع الشارعين الرئيسيين للاسكندرية وهما شارع السوما والشارع الكانوبى وفيه ايضا اقيم المعبد الجنائزى الذى ضم الضريح ومكتبة لحفظ الوثائق الهامة ، وضع فى الميدان الكبير الذى لم يكن فى وسط المدينة كما زعم الكثيرين ، وانما المدان الكبير الذى تشكل من تقاطع الشارعين الرئيسيين كان اقرب الى الغرب منه الى الشرق ، ولذلك فانى اشجع القول التاريخى القائل بأن الميدان الكبير كان يقع فى سرة المدينة ، والسرة تقع فى جسم الانسان بنسبة واحد الى اثنين أى هى أقرب الى الرأس منها الى القدمين .. اليس كذلك ؟ وسرة المدينة ليس منتصفها بل هى اقرب الى الغرب منها الى الشرق وهذا هو الصحيح ، وشارع النبى دانيال الذى وضع منذ القدم وبالاحرى منذ قيام محمود الفلكى بالبحث عن القبر وحتى وقتنا هذا على مائدة التشريح وشرح حتى تهلهل لان الاوصاف الحقيقيه لشارع السوما لاتنطبق عليه مطلقا . وهنا يجدر بى الاشارة الى ما سبق لى أن اكدته مرارا وتكرار بأن الكثيرين قد تبعوا الكثيرين فى التنقيب فى هذا الشارع دول التمحيص والتدقيق لمعرفة أن كانت الاوصاف المعطاة تتطابق من الواقع من عدمه وهذا لم يحدث مطلقا .
ومن البديهى أن تصبح هذه المنطقه اكثر حيوية واهمية من الحى الشرقى نفسه الذى كان هو حى الطبقة الراقيه فى الاسكندرية ، ومن الغريب أن هذه المنطقه على اهميتها لم تأخذ الاهتمام الذى تستحقه حتى الان سواء كان ذلك من ناحية اعادة التخطيط أو التجميل – أى الا هتمام بالشكل الجمالى العام لها ، وما تزال حتى هذه اللحظة تزخر بالمبانى العتيقه جدا والمتهالكه والايلة للسقوط من تلقاء نفسها دون نظرة تذكر ، ومن الجدير بالذكر ايضا ان أغلب تلك المبانى الطاعنة فى العمر والضاربة فى القدم تحوى أسفل منها كنوزا ، اما مخفية عن عمد أو عن جهل بوجودها ، وقد سمعت ذلك مرارا وتكرارا من اهالى المنطقة الذين يؤكدون ذلك .
وهكذا وضعت المقبرة فى وسط الميدان الكبير بحيث يرى المشهد القادمون من باب البحر والاتون من باب البحيرة على السواء . ، ولا يمنع ذلك القادمين من باب رشيد أو ما اتفق على تسميته بباب الشرق الذى هو باب شرقى حاليا من رؤية الطريق المستقيمه التى هى الطريق الكانوبيه وهى طريق طويلة وقد سمى بالطريق الكانوبى نسبة الى منطقة كانوب فى حى ابى قير الحالى .

البقية فى الحلقة القادمه باذن الله