المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حب على الشرفة



مجدي السماك
21/09/2007, 02:49 PM
عاش في مخيم بائس من مخيمات قطاع غزة ، و قد ورث الفقر المدقع عن أبيه ، كان أبوه يصل الليل بالنهار بحثا عن عمل ، و هو الذي كان مجاهدا قبل الهجرة . بعد موت أبيه أصبحت حياته أكثر قسوة ، و إن كانت طموحاته كبيرة وكثيرة و صعبة المنال ، أحداها هوامتلاك نظارة طبية ، و كان يقول لنفسه مواسيا لها : يكفي أنني أرى الاشياء القريبة ، أيختلف ما هو بعيد عما هو بين أيدينا . قد يكون محقا في ذلك ، لان رؤية ما هو بعيد مثل العلم بالغيب ، فإما أن تصاب بالبهجة أو بالشقاء ، قد تصاب بالأمل أو بالقنوط .
كان يقف بالقرب من المقهى المجاور لبيته بين الفينة و الأخرى ، عل أذنيه تلتقطان خبرا من المذياع أو التلفاز ، و امتلاك احدهما هو إحدى طموحاته أيضا ، و لكنه يخدع نفسه قائلا : لا جديد في هذه الدنيا . إذا امتلك النزر اليسير من الفلوس ، كان يجلس على كرسي في المقهى و يطلب كوبا من الحلبة ، و يستمع عن قرب إلى أخبار الانجازات التي يحققها المسؤولون ، و كلامهم المفعم بالأمل و المستقبل الزاهر .
استيقظ ذات صباح متأخرا بعض الشيء على غير عادته ، شرب الكثير من الماء بعد أن أخذ ملعقة من العسل الأسود ، هذه طريقته الخاصة لإيقاف طرقات الجوع على جدران معدته ، و وقف أمام الشباك المطل على شرفة جاره ، أطال التحديق ، اخذ قلبه يخفق بقوة ، لقد رأى فتاة تحرك يدها ، و تبعث بإشارة إليه ، ظل و اقفا مقابلا لها و يبادلها الإشارة بالإشارة . ذهبت به أحلامه إلى عالم أخر ، تخيل انه يقبلها و يلمس شعرها المسدل على كتفيها ، تزوجها بخياله و جاء بها إلى صندوقه المسمى بيتا ، و قد يصبح بيت الزوجية ، فيضطركلاهما للتنفس برئة و فتحة انف واحدة .
استمر الأمر على هذا الحال أسابيع عدة ، لقد أصبح لزاما عليه أن يمتلك نظارة طبية ، كي يراها بوضوح أفضل ، وضوح الحقيقة العارية . عدم امتلاكه للنظارة هو الحائل دون رؤية ملامح من أصبح بها متيما .
فكر مليا في اقصر السبل للوصول إلى مبتغاة ، باع خاتما ذهبيا ورثه عن أبيه ، لا يوجد سبيل أخر ، و لا مجال للتوفير ، عادة يضطر الفقراء إلى بيع ما هو ذكرى . اشترى النظارة ، تملكه إحساس بأنه امتلك خزائن كسرى ، أو مرصاد هابل . وقف كالعادة لينظر إلى محبوبته الفاتنة ، يا لهول ما رأى ! لقد رأى رجلا عجوزا طاعنا في السن يهش الذباب عن وجهه ، أصبح في صدمة ، كأنه لم يصدق نظارته التي حولت الحلم الجميل إلى حقيقة مرة ، ، لقد تاكد أنه يرى رجلا عجوزا و قد بلغ من العمر عتيا ، اخذ يفكر مليا فيما يجب عمله ، ثم حطم النظارة و القي بحطامها من النافذة ، و عاد ينظر إلى حبيبته في الشرفة كالعادة .
Magdi_samak@yahoo.com

مجدي السماك
21/09/2007, 02:49 PM
عاش في مخيم بائس من مخيمات قطاع غزة ، و قد ورث الفقر المدقع عن أبيه ، كان أبوه يصل الليل بالنهار بحثا عن عمل ، و هو الذي كان مجاهدا قبل الهجرة . بعد موت أبيه أصبحت حياته أكثر قسوة ، و إن كانت طموحاته كبيرة وكثيرة و صعبة المنال ، أحداها هوامتلاك نظارة طبية ، و كان يقول لنفسه مواسيا لها : يكفي أنني أرى الاشياء القريبة ، أيختلف ما هو بعيد عما هو بين أيدينا . قد يكون محقا في ذلك ، لان رؤية ما هو بعيد مثل العلم بالغيب ، فإما أن تصاب بالبهجة أو بالشقاء ، قد تصاب بالأمل أو بالقنوط .
كان يقف بالقرب من المقهى المجاور لبيته بين الفينة و الأخرى ، عل أذنيه تلتقطان خبرا من المذياع أو التلفاز ، و امتلاك احدهما هو إحدى طموحاته أيضا ، و لكنه يخدع نفسه قائلا : لا جديد في هذه الدنيا . إذا امتلك النزر اليسير من الفلوس ، كان يجلس على كرسي في المقهى و يطلب كوبا من الحلبة ، و يستمع عن قرب إلى أخبار الانجازات التي يحققها المسؤولون ، و كلامهم المفعم بالأمل و المستقبل الزاهر .
استيقظ ذات صباح متأخرا بعض الشيء على غير عادته ، شرب الكثير من الماء بعد أن أخذ ملعقة من العسل الأسود ، هذه طريقته الخاصة لإيقاف طرقات الجوع على جدران معدته ، و وقف أمام الشباك المطل على شرفة جاره ، أطال التحديق ، اخذ قلبه يخفق بقوة ، لقد رأى فتاة تحرك يدها ، و تبعث بإشارة إليه ، ظل و اقفا مقابلا لها و يبادلها الإشارة بالإشارة . ذهبت به أحلامه إلى عالم أخر ، تخيل انه يقبلها و يلمس شعرها المسدل على كتفيها ، تزوجها بخياله و جاء بها إلى صندوقه المسمى بيتا ، و قد يصبح بيت الزوجية ، فيضطركلاهما للتنفس برئة و فتحة انف واحدة .
استمر الأمر على هذا الحال أسابيع عدة ، لقد أصبح لزاما عليه أن يمتلك نظارة طبية ، كي يراها بوضوح أفضل ، وضوح الحقيقة العارية . عدم امتلاكه للنظارة هو الحائل دون رؤية ملامح من أصبح بها متيما .
فكر مليا في اقصر السبل للوصول إلى مبتغاة ، باع خاتما ذهبيا ورثه عن أبيه ، لا يوجد سبيل أخر ، و لا مجال للتوفير ، عادة يضطر الفقراء إلى بيع ما هو ذكرى . اشترى النظارة ، تملكه إحساس بأنه امتلك خزائن كسرى ، أو مرصاد هابل . وقف كالعادة لينظر إلى محبوبته الفاتنة ، يا لهول ما رأى ! لقد رأى رجلا عجوزا طاعنا في السن يهش الذباب عن وجهه ، أصبح في صدمة ، كأنه لم يصدق نظارته التي حولت الحلم الجميل إلى حقيقة مرة ، ، لقد تاكد أنه يرى رجلا عجوزا و قد بلغ من العمر عتيا ، اخذ يفكر مليا فيما يجب عمله ، ثم حطم النظارة و القي بحطامها من النافذة ، و عاد ينظر إلى حبيبته في الشرفة كالعادة .
Magdi_samak@yahoo.com

أبويزيدأحمدالعزام
26/09/2007, 02:20 AM
جميل جدا اخ مجدي,,لابد ان لا نفرط في ذكرياتنا, وان لا نتسرع, وان كان الحلم جميلا فلنعشه دون ان نبحث عن الواقع وننصدم.
تحية

مجدي السماك
26/09/2007, 12:52 PM
تحياتي يا ابا هاجر
لا شك بان الحلم اجمل من الواقع ..لكن يجب تغيير الواقع ..تحياتي

فيصل الزوايدي
26/09/2007, 02:32 PM
قصة طريفة اخي مجدي السماك خاصة عندما اختار في النهاية أن يعيش في الوهم رغم انكشافه ..
دمت في خير
مع مودتي

مجدي السماك
26/09/2007, 09:36 PM
اخي فيصل الزوايدي ..تحياتي وشكري لمرورك الكريم
نعم يا اخي .. هناك من يفضل الوهم على الحقيقة بسبب قسوة الحياة
فيصبح الوهم هو الملجأ .. تحياتي لك

طه خضر
26/09/2007, 09:54 PM
تماما كجرعات البيثادين المهدّئة ، لا تحل مشكلة بل تأجلها .. ، يبدو أن بعض الناس كتب عليهم الشقاء منذ خلقوا لا لشيء ، فقط لكونهم يعيشون في فلسطين.

احترامي وتقديري ..

مجدي السماك
26/09/2007, 10:00 PM
اخي طه خضر ..شكرا لمرورك
يبدو ان الحلم لدى البعض افضل من مرارة الواقع
تحياتي لك