المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المرأة و المفهوم العربي الإسلامي



أسامه طلفاح
21/09/2007, 08:38 PM
كُتب الأقدمين مملوءة بالقصص التي تحدثنا على ما كانت تتمتع به المرأة العربية من كرامة ٍ و شجاعة ٍ و عفة ٍ وضبط للنفس ، و العرب كرمّوا المرأة منذ القدم و الأمثلة كثيرة على ذلك ، بلقيس ملكة سبأ مثلا ً ملكة ٌ عربية من اليمن ، و اليمن كما نعلم هي موطن العرب الأول ، موطن العرب الصرحاء الخلّص .

هذه الملكة تجسدت فيها شخصية المرأة الشجاعة و الحكيمة و الذكية فلقد ورد في التنزيل العزيز في سورة النمل آية "32" قوله تعالى " يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة ً أمرا ً حتى تشهدون" فهي تطلب الرأي و المشورة من سادة و أهل بلدها ، أهل اليمن آنذاك و قبل أكثر من ألفي عام تعمل بالديمقراطية قبل أن يعرف الناس هذا المفهوم الملون بألوان ٍ و مقاييس مختلفة .

و ممن بلغت مراتب علّية بين أهلهن و قومهن الكثير الكثير فهذه الخنساء تماضر بنت عمرو رضي الله عنها التي بكت و أبكت الناس جميعا ً في شعرها على أخيها صخر حتى أن الشاعر بشار بن برد قال إنها غلبت فحول الشعراء ، أما الشاعر الأموي جرير فكان يقول أنا أشعر الناس لولا الخنساء ، هذه المرأة الأديبة العفيفة المستشارة في أهلها و قومها كانت قدوة ً للرجال و النساء ، اختلفت عزيمتها و عزمها بعد إسلامها إذ حين أخبروها بنبأ استشهاد جميع أبناءها في معركة القادسية قالت " الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم" .

و ممن خلدهن التاريخ أمهات المؤمنين ، فهذه خديجة بنت خويلد رضي الله عنها كانت من أكبر تجّار مكّة المكرمة . و هذه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها و التي قال عنها نبينا و سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام " خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء " و الحميراء تصغير الحمراء و هي من النساء البيضاء . و من النساء العربيات المسلمات اللواتي كرمتهن أعمالهن و كرمهن الإسلام أم أيوب الأنصارية و أم الدرداء و رابعة العدوية و خوله بنت الأزور و هذه نسيبة بنت كعب المازنية في غزوة أحد تذّب عن رسول الله صلى الله عليه و سلّم بالسيف و ترمي بالقوس و أصيبت بجراح ٍ كبيرة .

و المرأة العربية و المرأة المسلمة كانت تشارك أهلها و تشارك زوجها في جميع أعمالهم و أفعالهم ، شاركت في الزراعة و الصناعة و شاركت في البيت و نراها في الحرب تقاتل و تداوي الجرحى و الأمثلة كثيرة . لم تكن المرأة العربية مرغمة على الزواج ممن لا ترغب حتى لو كان من عليّة القوم و سادتهم فهذه ميسون بنت بحدل الكلبية حينما كرهت عيشة المدينة و الحضارة في دمشق مع خليفة المسلمين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه تغنت بالشعر و قالت :

لبيت ٌ تخفق الأرواح فيه أحب إلّي من قصر ٍ منيف

و لبس عباءة ٍ و تقر عيني أحب إلي من لبس الشفوف ِ

و كلب ينبح الطراق دوني أحب إليّ من قط ٍ أليف ِ


حين قالت :

و خرق من بني عمّي نحيف ٌ أحب إلي من علج ٍ عنيف ِ

و الخرق هو الفتى النحيف ، أما العلج فهو الجاف الشديد من الرجال أو الحمار الوحشي من الدواب .و لكنها زيّنت قصيدتها ببيت شعر ٍ نردده على الدوام حين قالت : فما أبغي سوى وطني بديلا ً فحسبي ذاك من وطن ٍ شريف ِ فلمّا سمع ذلك معاوية رضي الله عنه قال : ما رضيت بنت بحدل حتى جعلتني علجا ً عنيفا ً ثم ردها إلى أهلها و هي أم للخليفة الثاني" يزيد بن معاوية"

و إذا كانت بنتنا و أختنا في هذه الأيام تطالب بالحرية و المساواة فهذه أمور لا ينكرها ديننا و لا تنكرها عروبتنا و لكن حريتنا جميعا ً نساء ً و رجالا ً حرية لا انفلات فيها و لا رفث و لا فسوق فيها و لا فحش ، حرية ٌ نلتزم فيها بآدابنا و قيمنا و ديننا الحنيف ، الحرية التي يتفاضل فيها الناس بالعمل الصالح الذي ينفع الفرد في دنياه و دينه ، حرية نسير فيها على الطريق القويم ، طريق النجاح و الفلاح ، طريق الخير و الجمال.

أحمد المدهون
01/01/2013, 12:48 PM
الأستاذ أسامه طلفاح،

أشكرك لهذه المقالة الجميلة بما حوته من لفتات طيبة.
المشكلة الآن أنّ الغرب يحاول أن يسوّق علينا بضاعته، متباكياً على المرأة وحقوقها، وهو الذي يمتهن كرامتها. أذكر أنني قرأت على لسان إحدى الغربيات أنها تتمنى أن تحصل على نصف ما تحصل عليه المرأة العربية من كرامة ومكانة اجتماعية - رغم ما أصابها من ثلمات بسبب بعض التقاليد المخالفة لقيم الإسلام التي أعلت من شأن المرأة وحريتها وكرامتها -.

تحياتي.