المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل كلمة ( تنور ) أعجمية أم عربية الاشتقاق ؟



أحمد الأقطش
28/09/2007, 04:05 AM
بحثت عن أصل هذه الكلمة فلم أجد في المعاجم العربية ما يروي الغليل .. فكانت هذه نتيجة بحثي ..

(التـنـُّور) الذي يُخبز فيه، يرى علماء اللغة أنه معرّب. فقال ابن دريد: التنور فارسي معرب، لا تعرف له العرب اسماً غير هذا. وروي عن ابن عباس أنه قال: التنور بكل لسان--عربي وعجمي. وقد استدل الأزهري في التهذيب على عجمته بما يلي: "قول من قال إن التنور عمّت بكل لسان، يدل على أن الأصل في الاسم عجمي فعربتها العرب، فصار عربياًَ على بناء فـعـُّـول. والدليل على ذلك أن أصل بنائه (تنر) ولا يعرف في كلام العرب لأنه مهمل".

وهذه اللفظة في الفارسية الفهلوية والأبستاقية هكذا (تنورا)، وهي دخيلة فيها عن الآرامية תנורא (تنورا)، وهي ذات اللفظة التي في السريانية ܬܢܘܪܐ (تنورا) والعبرية תנור (تنور). فإنك إذا حكمت بهذه الشواهد لقلت كما قال علماء اللغة إنها أعجمية معرّبة، وهو ما أراه أنا (كاتب هذه السطور) غير صحيح!!

فاللفظة عربية أصيلة لحماً ودماً، وميزانها مهمل لم يفطن إليه علماء اللغة. وبيان ذلك أن التاء في أول الكلمة ليست حرفاً أصيلاً كما توهموا جميعاً، ولكنها زائدة! لأن الجذر الأصلي هو (نور) وليس (تنر) التي التبس أمرها على القدماء!! فهذه التاء هي من بقايا البناء العربي العتيق المهمل، والاستدلال عليها من مثل هذه الكلمات التالية:

تنبال ــ على وزن (تفعال) وجذرها (نبل). عند سيبويه رباعي (تنبل)، وعند ثعلب ثلاثي (نبل). وأورده ابن منظور في كلا الموضعين!
تفراج ــ على وزن (تفعال) وجذرها (فرج). ذكرها ابن منظور في الثلاثي (فرج) والرباعي (تفرج)!
تمساح ــ على وزن (تفعال) وجذرها (مسح).
تيهور ــ على وزن (تفعول) وجذرها (وهر).
ترامز ــ على وزن (تفاعل) وجذرها (رمز). ذهب أَبو بكر إِلى أَن التاء فيها زائدة، وأَما ابن جني فجعله رباعيّاً، وذكرها ابن منظور في (رمز) و (ترمز)!
تغلس ــ على وزن (تفعل) وجذرها (غلس). ذكرها ابن منظور في الثلاثي (غلس) والرباعي (تغلس)!
ترجم ــ على وزن (تفعل) وجذرها (رجم). وذكرها ابن منظور في الثلاثي (رجم) والرباعي (ترجم)!
تسنيم ــ على وزن (تفعيل) وجذرها (سنم).
ترنوق ــ على وزن (تفعول) وجذرها (رنق). ذكرها ابن منظور في الثلاثي (رنق) والرباعي (ترنق)!
تلميذ ــ على وزن (تفعيل) وجذرها (لمذ). وأصحاب المعاجم على أنها رباعية (تلمذ)، والصحيح أن التاء زائدة.
من هنا ..
تنور ــ على وزن (تفعول) وجذرها (نور) وليس (تنر). وأصلها (تـنـْـوُور) حُذفت واوها وشُدّدت النون التي قبلها. والجذر (نور) دال على النار والنور معاً كما لا يخفى!

فهذه الكلمة عربية أصيلة ولكنها على بناء لغوي ممات له شواهد في اللغات العروبية الأخرى.

فهل يعاد إدراجها من جديد تحت (نور) أم تظل تحت مادة (تنر)!!

منذر أبو هواش
28/09/2007, 10:50 AM
التنور عند العرب وفي القرآن الكريم

حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ (هود 40)

فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ (المؤمنون 27)

قال أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال عندنا بتأويل قوله: (التنور) ، قول من قال: " هو التنور الذي يخبز فيه " ، لأن ذلك هو المعروف من كلام العرب، وكلام الله لا يوجه إلا إلى الأغلب الأشهر من معانيه عند العرب ، إلا أن تقوم حجَّة على شيء منه بخلاف ذلك فيسلم لها. وذلك أنه جل ثناؤه إنما خاطبهم بما خاطبهم به ، لإفهامهم معنى مَا خاطبهم به.

وفوران التنور نبع الماء وارتفاعه منه، وقد ورد في الروايات: أن أول ما ابتداء الطوفان يومئذ كان ذلك بتفجر الماء من تنور، و على هذا فاللام في التنور للعهد يشار بها إلى تنور معهود في الخطاب، ويحتمل اللفظ أن يكون كناية عن اشتداد غضب الله تعالى فيكون من قبيل قولهم: «حمي الوطيس» إذا اشتد الحرب.

وفي التنور أقوال أخر بعيدة من الفهم كقول من قال إن المراد به طلوع الفجر وكان عند ذلك أول ظهور الطوفان، وقول بعضهم: إن المراد به أعلى الأرض وأشرفها أي انفجر الماء من الأمكنة المرتفعة ونجود الأرض، وقول آخرين: إن التنور وجه الأرض هذا.


أخي أحمد،

هذا ما ورد في المراجع. وقد وجدت أن الكلمة موجودة في اللغة التركية وفي لغة الأوردو هكذا (تندور) وهي تعني فرن الزرب أو الفرن المغلق، وهو ما يكون محفورا في الأرض، ثم توقد فيه النيران، وتوضع فيه الذبائح، ثم يتم غلقه إلى أن ينضج ما بداخله، فيؤخذ ويؤكل.

ودمتم،

منذر أبو هواش
:fl:

أحمد الأقطش
28/09/2007, 02:33 PM
أخي أحمد،

هذا ما ورد في المراجع. وقد وجدت أن الكلمة موجودة في اللغة التركية وفي لغة الأوردو هكذا (تندور) وهي تعني فرن الزرب أو الفرن المغلق، وهو ما يكون محفورا في الأرض، ثم توقد فيه النيران، وتوضع فيه الذبائح، ثم يتم غلقه إلى أن ينضج ما بداخله، فيؤخذ ويؤكل.

ودمتم،

منذر أبو هواش
:fl:ــ
الأساذ الفاضل
منذر أبو هواش
حُيّيت على النقل يا سيدي.
أما بخصوص (تندور) فيقول ف. عبد الرحيم محقق كتاب (المعرب للجواليقي): "وفي الأردية (تندور) بقلب إحدى النونين دالاً، وهو محرّف من الكلمة العربية" ا هـ.

خالص تحياتي وتقديري

الدكتور إلياس عطاالله
28/09/2007, 04:08 PM
سلامي للأستاذ أحمد ولكلّ المشاركين،
لا شكّ في أنّ الكلمة موضعُ خلاف من حيث التأثيل، وللمحاولة التنويريّة التي بدأها الزملاء مشكورين، أقول:
تَنُّور:
وردت الكلمة مرّتين في القرآن الكريم؛ قال تعالى: ﴿ حتى إذا جاء أمرُنا وفارَ التنّورُ قلنا احمل فيها من كلّ زوجين اثنين وأهلَكَ...﴾ ( هود: 40)، وقوله تعالى:﴿ فأوحينا إليه أن اصنعِ الفلكَ بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التنّورُ فاسلك فيها من كلّ زوجين اثنين وأهلَكَ إلا مَن سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنّهم مُغرَقون﴾ ( المؤمنون: 27).
لن نعنى بالقضيّة الدلاليّة للكلمة، فمعناها معروف، وتقابلها الكلمة العبريّة وبالأحرف نفسها والدّلالة نفسها תנור. يقول الفرّاء في شرحه لسورة هود في معاني القرآن: " ... هو تنّور الخابز..."، والقضيّة التي نحن بصددها هي أثل الكلمة: أهي من: " ت ن ر"؟ أم من: " ن و ر"؟
ذهب الأب اليسوعيّ في غرائب اللغة العربيّة إلى أنّ الكلمة آراميّة الأصلbeyt nouro أي مكان/ بيت النار، وعزّز العنيسي هذا الرأي في كتابه تفسير الألفاظ الدخيلة في اللغة العربيّة، قائلا إنّها منحوتة من" بيت نور" الآراميّتين، بإسقاط الباء والياء من كلمة بيت، وبقاء التاء ونور كلمة واحدة.
كان البستاني في محيط المحيط قد جعل أصلها ن و ر، وأنها مركّبة في العبرانيّة والسريانيّة من" تن" أي دخان، و" نور" أي نار، وهذا ما أورده جيزينيوس( Gesenius) في شرحه للكلمة، حيث قال إنّها من الأثل غير المستعمل ( תן- תנן) بمعنى دخان، و (נור) (Hebrew and Chaldee Lexicon of the Old Testament Scriptures) بمعنى نار، ولقد أشار البستانيّ أيضا إلى الرأي القائل بعربيّة أصلها؛ ن و ر/ ن ا ر، وهي تَنْوُور على وزن تَفْعُول، فاستثقلت الضمّة على الواو فهمزت، ثمّ حذفت وشُدِّدت النون. لا أعرف وجها لقلب الواو إلى همزة وحذفها، فإن كنّا سنحذف لحذفنا الواو المضمومة دون حاجة إلى أن نهمزها أوّلا... والظاهر أنّ البستاني أعاد ما ذهب إليه بعض اللغويّين القدامى من أمثال ثعلب، وكان أكثر من لغويّ قد رأى فسادا في ما ذهب إليه ثعلب، ومنهم ابن عصفور الإشبيلي الذي قال: " ... حُكي عنه أنّه قال في " تنّور": إنّ وزنه" تفعول" من النار، وذلك باطل إذ لو كان كذلك لكان تنوورا، والصّواب أنّه فَعُّول من تركيب تاء ونون وراء، نحو تَنَرَ وإن لم يُنطَق به"( أي الجذر). يراجع: الممتع في التصريف، 1: 30. وكان ابن سيده من قبل قد خطّأ رأي ثعلب قائلا إنّ الأصل ت ن ر، ولم يستعمل إلا في هذا الحرف ( أي الكلمة). وكان ابن منظور قد جعل الكلمة فارسيّة، ونقل عن الثعالبي: " وقول من قال إنّ التنّور عمّت بكلّ لسان يدلّ على أنّ الاسم في الأصل أعجميّ... على بناء " فعّول" ولا نعرفه في كلام العرب لأنّه مهمل"( تنظر مادّة تنر في اللسان).
لعلّ ابن جنّي كان أكثر القدماء وضوحا ودراية، وإن كان منطلقهم جميعا أو معيارهم القالب العربيّ واطّراد توالي التاء فالنون أولى فثانية في أثل عربيّ في الأفعال( إذ لم ترد في المعجمات العربيّة إلا تنأ وتنخ وتنن/ تنَّ وتنت، والكلمات الثلاث الأولى بمعنًى واحد وهو الإقامة بالمكان، وليس ببعيد أن تكون الأوليان نتاج قلب بين الخاء والهمزة)، ولكنّ ملاحظة ابن جنّي عن وفاق اللغات في بعض الألفاظ، وانتقالها بالتقارض، على غاية من الأهميّة، يقول:
" وذهب أحمد [ أي ثعلب صاحب المجالس] أيضا في تنّور إلى أنه تَفْعُول من النار- ونعوذ بالله من عدم التوفيق. هذا على سداد هذا الرجل وتميّزه من أكثر أصحابه - ولو كان تفعولاً من النار لوجب أن يقال فيه: تنوور؛ كما أنك لو بنيته من القول لكان: تقوولا، ومن العود: تعوودا. وهذا في نهاية الوضوح. وإنما تنّور: فعّول من لفظ " ت ن ر "، وهو أصل لم يستعمل إلا في هذا الحرف، وبالزيادة كما ترى... ويجوز في التنّور أن يكون فَعْنُولاً من ( ت ن ر )... ويقال: إن التنّور لفظة اشترك فيها جميع اللغات من العرب وغيرهم. فإن كان كذلك فهو طريف، إلا أنه على كل حال فَعُّول أو فَعْنُول؛ لأنّه جنس، ولو كان أعجميّا لا غير لجاز تمثيله( لكونه جنسا ولاحقا) بالعربيّ، فكيف وهو أيضا عربيّ؛ لكونه في لغة العرب غير منقول إليها، وإنما هو وفاق وقع، ولو كان منقولاً ( إلى اللغة العربيّة من غيرها ) لوجب أن يكون أيضا وفاقا بين جميع اللغات غيرها. ومعلوم سعة اللغات ( غير العربيّة )، فإن جاز أن يكون مشتركا في جميع ما عدا العربيّة، جاز أيضا أن يكون وفاقا وقع فيها. ويبعد في نفسي أن يكون في الأصل للغةٍ واحدة، ثم نقل إلى جميع اللغات؛ لأنّا لا نعرف له في ذلك نظيرا. وقد يجوز أيضا أن يكون وفاقا وقع بين لغتين أو ثلاث أو نحو ذلك، ثم انتشر بالنقل في جميعها. وما أقرب هذا في نفسي!؛ لأنّا لا نعرف شيئا من الكلام وقع الاتفاق عليه في كل لغة، وعند كل أمّة: هذا كلّه إن كان في جميع اللغات هكذا. وإن لم يكن كذلك كان الخطب فيه أيسر". ينظر: الخصائص 3: 285- 286. وممّن أورد التّنّور في مادّة " تنر" من أصحاب المعجمات الكلاسيكيّة: الخليل في العين، والجوهريّ في الصّحاح، والصاحب بن عبّاد في المحيط في اللغة، وابن منظور في لسان العرب، والزبيديّ في تاج العروس، والأزهريّ في تهذيب اللغة. أمّا المعجم الكبير- مجمع اللغة العربيّة، القاهرة- فقد أوردها في مادّة تنر مضيفا مقابلاتها العبريّة والآراميّة والأكّاديّة والسومريّة.
على إجماع تقريبا، الكلمة من المشترك، ومن أصل " تنر" لا " نور"، ولسنا على يقين إن كانت قد أعيرت من السومريّة إلى الأكّاديّة أو العكس، والصائت بعد حرف التاء غير متيقَّن منه، فلذا نكتبه tVanuru، وال V بعد التاء صائتٌ vowel لسنا متحقّقين من أصله، لأنّ السومريّين مالوا به إلى الكسرة tinur، وكذا الأمر في الأكّاديّة tinūru، أما في الآراميّة والعربيّة والعبريّة فمالوا إلى الفتح وتشديد النون: tanūrā، تَنُّور، תַּנּוּר( tannūr)، وإن كان الاسم موجودا، والأثل الثلاثيّ من الممات، فالقضيّة ليست بالغريبة، فاختفاء جذر وبقاء ما اشتقّ منه يعرف باسم سقوط أو نزع التصريف deflection، وهذه عمليّة تاريخيّة تمرّ بها الجذور، ولها في العربيّة جملة من البقايا، كغياب الأثل " وهب" بصيغتي الماضي والحاضر، وبقاء صيغة الأمر " هب" بمعنى افرضْ، وكذا غياب ماضي " ذرْ" و " دعْ" بمعنى اتركْ، وورودهما بالأمر والحاضر فقط، رغم الاجتهادات في القول بوجود الماضي وَدَعَ بمعنى ترك في شواهد شعريّة نادرة، أو في قراءة مَن قرأ: ﴿ ما ودَعَك ربّك وما قلى﴾ بتخفيف الدال في ودع.
لا نستطيع يقينا أن نعرف مَن أعار مَن، ولا نستطيع أن ننكر التوافق أو الاقتراض، فالأمر أوّلا وأخيرا رهن بمن من هذه الشعوب صنع التّنور/ الفرن وأطلق عليه هذه التسمية، ومتى؟... وفي مثل هذه الأمور، تأخذ المعجمات التاريخيّة أهميّتها.
مع خالص التحيّة
د. إلياس عطاالله

أحمد الأقطش
28/09/2007, 09:26 PM
سيدي الفاضل
الدكتور إلياس عطا الله

خالص تقديري وامتناني لهذه المساهمة العلمية الرائعة، فأنت أهل لذلك بلا مراء. واسمح لي ببعض الملاحظات:

** ما ذهب إليه رفائيل نخلة من أن أصل التنور هو (بيت نور) واهٍ ولا يستقيم مع تاريخ الكلمة وبنائها.

** ما ذهب إليه غيزينيوس في معجمه غير صحيح، إذ يقول في مادة (תנור تنور): مركبة من الكلمة المهملة (تن) أي موقد، و (نور) أي نار. اهـ ولا أدري أين ورد كون (تن) تعني موقداً!! فقد قال في مادة (תנן تنن): تنن أوقدَ، وجاء منها (أتون) أي موقد. اهـ فاعتبار (تنور) بهذا السياق كلمة مركبة ظاهر الفساد!

** القول بأن جذر الكلمة هو (تنر) غريب حقاً لاستحالة وجود مثل هذا الجذر العجيب! فالقول بأنه "لم يُنطق به" و "أصل لم يستعمل إلا في هذا الحرف" و "لا يعرف في كلام العرب " لا يشير إلا إلى خطأ اللغويين في افتراض تلاقي مثل هذه الحروف معاً بلا معنى!

** صيغة (تفعول) صحيحة وإن كانت نادرة، ومثالها (تيهور). انظر ماذا قال في لسان العرب مادة (تهر): التيهور موج البحر إذا ارتفع .. قال الأَزهري: التَّيْهُورُ (فَيْعُول) من الوَهْرِ قلبت الواو تاء (؟؟؟) وأَصله وَيْهُورٌ مثل التَّيْقُور وأَصله وَيْقُور. اهـ فجذر هذه الكلمة هو الثلاثي (وهر)، وميزانها الصحيح ليس (فيعول) بل (تفعول) وأصلها (توهور) قلبت الواو ياءً.

المثال الآخر لوزن (تفعول) هي الكلمة المهملة (ترجوم)، وهي مستعملة في الآرامية والعبرية، وجذرها (رجم) وليس (ترجم). وكذلك (تلموذ) من الجذر المهمل (لمذ)، وهو مستعمل في الآرامية والعبرية.

** وسأضرب لك مثالاً على إبدال حروف العلة وتشديد ما قبلها وهي كلمة (قيوم)، يقول لسان العرب في مادة (قوم):
وقال الفراء: صورة (القَيُّوم) من الفِعل (الفَيْعُول) .. وقال الفراء في (القَيِّم): هو من الفعل (فَعِيل)، أَصله (قَـوِْيـم) .. وقال سيبويه: (قَيِّم) وزنه (فَيْعِل) وأَصله (قَيْوِم)، فلما اجتمعت الياء والواو والسابق ساكن أَبدلوا من الواو ياء وأَدغموا فيها الياء التي قبلها، فصارتا ياء مشدّدة، وكذلك قال في (سيّد) و (جيّد) و (ميّت) و (هيّن) و (ليّن). قال الفراء: ليس في أَبنية العرب (فَيْعِل)، و (الحَيّ) كان في الأَصل (حَيْو)اً، فلما إجتمعت الياء والواو والسابق ساكن جعلتا ياء مشدّدة. اهـ

ثم قال بعد ذلك عن (القيَّام) و (القيِّم) و (القيـُّوم): وأَصلها من الواو (قَيْوامٌ) و (قَيْوِمٌ) و (قَيْوُومٌ)، بوزن (فَيْعالٍ) و (فَيْعِلٍ) و (فَيْعُول). اهـ

فانظر كيف أرجع (قيوم) إلى أصلها الصحيح (قيـْوُوم) بواوين، حُذفت أولاها وشـُدِّد ما قبلها. وفي هذا رد على من أنكر (تنوور)!

** الأوزان اللغوية موغلة في القدم وليست محدثة كما قد يظن، فلا عجب أن ترد في الأكادية بل والسومرية. وإن سنحت لي فرصة بإذن الله فسأعرض لعدد من المفردات السومرية ذات الطابع العروبي الصميم! في هذه الأثناء أشير إلى وجود بعض هذه الأوزان في المصرية القديمة أيضاً، مثل: (مخنقة) أي رقبة على وزن (مفعلة)!

** من براهين خطأ الجذر المفترض (تنر) أنه ليس له شواهد في هذه اللغات! وهو ما يؤكد مجدداً أن جذره الحقيقي هو (نور) الدال على المقصود لأن أصل النور هو الضوء أياً كان كما في اللسان، ومنه النار جذراً ومعنىً. وأن حذف الواو الأولى قديم، وبصيغة الكلمة النهائية (تنّور) انتقلت إلى اللغات غير العروبية.

والذي أراه أن ثعلب كما وصفه ابن جني: "سداد هذا الرجل وتميّزه من أكثر أصحابه" قد فطن إلى ما فطنتُ إليه. ولكم في (قيوم) آية!

والله أعلى وأعلم

الدكتور إلياس عطاالله
29/09/2007, 12:10 AM
أخي الأستاذ أحمد،
حيّاك الله وبيّاك،
لست على خلاف معك في ما ذهبتَ إليه، وما أتيتُ به من آراء لا يعني اتّفاقي مع أصحابها في الأمر، وكي أوضح موقفي من الأمر- ولأنّني أعمل في موضوعة التأثيل- أقول إنّ أكثر ما يغيظني، هذا العشقُ " الشعوبيّ" لردّ عربيّتنا بقواعدها ومفرداتها إلى الآراميّة أو السريانيّة أو العبريّة كلّما وجدوا تشابها أثليّا ودلاليّا بين المفردات، ولقد أوردت في تعقيبي عددا من الأسماء، وما أكثرَها! وإلى هذا أشرت في معجمي الصادر عن مكتبة لبنان " معجم الأفعال الرباعيّة في العربيّة- تأثيلي ودلاليّ". أمّا ما تفضّلتَ به من الأوزان وقضايا الإعلال، فقد يكون كتاب التصريف للمازني، بشرح ابن جنّي: المنصف، وكتاب المخصّص لابن سيده، شفيعين لكلّ ما أوردتَه، ولا أشكّ في صدقه، وكون التنور من تنر العربيّة المماتة، أم من نور العربيّة الحيّة سيّانِ عندي، فقضيّتي في مثل هذه الأمور كموقفي من القيّام العربيّة العبريّة، والقيّوم العربيّة، فكلتاهما عربيّتان حتى لو أورد الفرّاء في معاني القرآن أن الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، كان يقرأ: " الله لا إله إلاّ هو الحيّ القيّام"( سورة البقرة: 255)- ينظر معاني القرآن: 3: 190. أمّا ما أورده جيزينيوس في المصدر المشار إليه فهو تن بمعنى دخان لا موقد، وإن كانت التن والثن والعشان العبريّات أو الآراميّات تعني الدخان، فإن العثان العربيّة حاملة لمعنى الدخان، ولمعنى الغبار، ولقد اخترت كلمة العثان عمدا، لأنّها من المظاهر العامّة، وليست اختراعا لهذا الشعب دون ذاك، ولذا أعجب من هؤلاء- ومن ذكرتُ منهم- الذين يريدون نزعها من العربيّة قسرا دونما دليل، ليدرجوها في الدخيل أو المعرّب.
ولك خالص الشكر والتقدير
د. إلياس عطاالله

jalalrai
29/09/2007, 12:57 AM
الأخوة الكرام،
أسعد الله ايامكم،

أحيلكم إلى الرابط. فقد يكون فيه بعض الفائدة:

http://en.wikipedia.org/wiki/Tandoor#Etymology
http://www.thefreedictionary.com/tandoor

The oldest example of a tandoor was found in the Harappa and Mohenjo Daro settlements of the ancient Indus Valley Civilization. In Sanskrit, the tandoor was referred to as kandu. The word tandoor comes from the Urdu words tandūr and tannūr; these are derived from very similar terms, viz. Persian tanūr (تنور), Arabic tannūr, Turkish Tandır and Azeri word təndir (which all have the same meaning as explained in the article). According to Dehkhoda Persian Dictionary the word has originated from Akkadian tinûru, Avestan tanûra and Pahlavi tanûr and as such, the term might be neither of Semitic nor Iranian origin and dates back to periods before migration of Aryan and Semitic people to Iranian plateau and Mesopotamia when they had been populated by their original native inhabitants.
د. راعي

أحمد الأقطش
29/09/2007, 06:34 PM
سيدي العزيز د. إلياس ،،

لا يخفى ما للعربية من أثر عميق على أخواتها الساميات كالآرامية والعبرية، ولهذا تجد غيزينيوس في معجمه يرد الكلمة إلى الجذر العربي قبل أي شيء ثم يتتبع ما طرأ على الكلمة من تطور في الدلالة. وهو بهذا استطاع فك الكثير من طلاسم المفردات العبرية التي كانت من المعضلات! ولا يزال هناك من الباحثين من يستند إلى العربية في إعادة ترجمة بعض الألفاظ الصعبة في العهد القديم العبري.

أما فيما يخص كلمة (تن) فقد قال إن معناها oven أي موقد وليس دخاناً، أما في الفعل (تنن) فقال to smoke أي يُدخِّن. والكلمة آرامية وليست عبرية. ويمكن مقابلتها بما في الجذر (سنن): سنسان من دخان يريد دخان النار.

لا حرمنا الله من علمك

ولك خالص عرفاني وتقديري

أحمد الأقطش
29/09/2007, 08:05 PM
سيدي الفاضل د. راعي

خالص التقدير على مساهمتك القيمة ..

وما ذهبوا إليه من أن أصل الكلمة ليس سامياً ولا إيرانياً بل للشعب الذي كان يسكن بلاد فارس قديماً ليس إلا افتراضاً نظرياً بلا قرينة ..

مودتي واعتزازي

الدكتور إلياس عطاالله
29/09/2007, 09:43 PM
أستاذي العزيز السيّد أحمد،
تحيّاتي،
ما تفضّلت به عن جيزينيوس هو الصوابُ، وهذا دأبه وأسلوبه، وهو أسلوب علميّ لوجه العلم، وكما أشرت، ثمّة عدد من الدارسين الذين ينهجون منهجه هذا بكلّ النزاهة، خلافا لمجموعة لها مآربها، وقد أدرج بين هؤلاء القس جرجس شلحت في كتيّبه" لغة حلب السريانيّة" الذي لم يبق لنا " ملكيّة" على شيء. لست من المؤمنين بالصفائيّة اللغويّة ولا بالاستعلاء اللغويّ، ولذا أقدّر كلّ من كتب ومعياره العلم، ومن هذا مثلا نجد أنّ من يعدّ المعجم التأثيليّ المحوسب يسير وفق مذهب علميّ، ولقد وجدت وأنا أعدّ لمعجمي الجديد، وأثناء بحثي عن الفعل توتن/ تيتن العاميّ بمعنى دخّن التتن أي التنباك ما يلي:

دَخَّنِ ٱلتِّتِنْ. وٱلتتن: اَلدُّخَانُ( نبات). التتن معرّبة عن توتون ٱلتركيّة بمعنى ٱلدّخان، وهو ٱلتبغ وٱلتنباك( تنباكو/ تُنْبِكِي التركيّتان)/ ٱلتمباك- وكلّها ترتدّ إلى أصل واحد-، الذي عرّبه بعض ٱلأطبّاء بكلمة ٱلطبّاق، كما ورد عند ٱلعنيسيّ في تفسير ٱلألفاظ ٱلدخيلة، مادّة تبغ. وٱلتنباكو هذه من ٱسم جزيرة تاباغو ٱلمكسيكيّة حيث كثرت زراعته، وٱلاسم شائع في لغات كثيرة، منها ٱلإنجليزيّة tobacco، وٱلإيطاليّة tabacco، وٱلألمانيّة Tabak، وٱلفرنسيّة tabac، وٱلعبريّة טַבָּק. ينظر في أصلها ٱلإسبانيّ وٱلتركيّ: العنيسي، وٱليسوعيّ في غرائب ٱللغة ٱلعربيّة، وٱلمعجم ٱلكبير. أوردها فريحة بضمّ ٱلتاءين في معجم ٱلألفاظ ٱلعاميّة، وٱعتمد على ٱلعنيسيّ في ردّها إلى ٱلتركيّة. ( تستطيع أن تتجاوز الفقرة المظلّلة بالأزرق)
قد يكون توتن على وزن فوعل من تتن ٱلشائعة، وقد تكون ٱلواو مأخوذة من الكلمة ٱلتركية توتون( فعلل)، ولست على يقين لأرجّح إحداهما، رغم ميلي إلى وزنها على ( فوعل) بزيادة ٱلواو، وهو وزن شائع في ٱلعربيّة، وقد يكون ٱللفظ ٱلتركيّ فيصلا في هذه ٱلحالة، فٱلكلمة ٱلتركيّة هي tütün، وحرف ٱل ü يلفظ ممالا نحو ٱلكسر، وعليه قد يكون ٱلفعل( تيتن) هو ٱلأصل، ومن هنا كتبها بعضهم بكسر ٱلتاءين، وكتبها آخرون بضمّهما. ونعود إلى ٱلتنباك ومقابلاتها غير ٱلعربيّة ٱلمذكورة لنرى ماذا يقول فيها غير ٱلعرب من ٱلدارسين؛ ورد في ٱلمعجم ٱلتأثيليّ ٱلمحوسب للّغة ٱلإنجليزيّة-Online Etymology Dictionary- أن ٱلكلمة من أصل إسبانيّ tabaco، وهي من لغات منطقة ٱلكاريـبيّ، وتعني لفافة أوراق ٱلتبغ، وٱلصيغة ٱلواردة في ٱلإيطاليّة مأخوذة عن ٱلعربيّة: الطُّـبّاق، وهو نوع من ٱلأعشاب ٱلطبيّة، ولفحص هذه ٱلإحالة إلى ٱلعربيّة عدت إلى تاج ٱلعروس، وفي مادّة طبق يوردُ ٱلزبيديّ ما يلي: " ... وٱلطُّبّاقُ كزُنّار( من حيثُ ٱلوزنُ): شجرٌ. قالَ أبو حنيفةَ: أخبرَني بعضُ أزْدِ ٱلسّراةِ قالَ: هو نحوُ ٱلقامةِ، ينبتُ متجاورًا، لا تكادُ ترى منه واحدةً منفردةً، له ورقٌ طوالٌ دقاقٌ خضرٌ تتلزّجُ إذا غُمِزَتْ، يضمَّدُ بها ٱلكسرُ فيجبَرُ، وله نَوْرٌ أصفرُ مجتمعٌ، ولا تأكلُه ٱلإبلُ... وفي حديثِ محمّدِ ابنِ ٱلحنفيّةِ- رحِمَه ٱللهُ تعالى-:" ... نافعٌ للسمومِ شربًا وضِمادًا، ومنَ ٱلجربِ وٱلحكّةِ وٱلحُمياتِ ٱلعتيقةِ، وٱلمغصِ، وٱليرقانِ وسُدَدِ ٱلكبدِ...". ينظَرُ لسان ٱلعرب أيضًا.
فعند أهل العربيّة ممّن ذكرتهم الكلمة معرّبة وأصلها تركيّ، وعند الدارس غير العربيّ الكلمة عربيّة... فتأمّل!
حماك الله
د. إلياس عطاالله

أحمد الأقطش
30/09/2007, 01:25 AM
سيدي الفاضل د. إلياس عطا الله

إعارة الكلمات واستعارتها بين اللغات لم تمر بمرحلة واحدة، بل قد يعاد تصديرها مرة أخرى إلى اللغة الأصلية بعد قرون من تحويرها!

وما قصة (دار الصناعة) ببعيدة! فقد تم تصديرها للعربية مرة أخرى عبر عدد من التحويرات في اللغات الأوربية انتهاءً بالتركية (ترسانة)!! فصيغة (ترسانة) معرّبة ولكن أصل الكلمة عربي! وقس على ذلك عدداً من الكلمات أخذناها بنطقها الأجنبي الحديث لا بأصلها العربي القديم!

وسأضرب لك مثالاً عجيباً عريقاً مذهلاً هو كلمة (مصطكا).. ففي اللسان مادة (مصطك):
الأزهري في الثلاثي: وأما المَصْطَكا العِلْكُ الرومي فليس بعربي والميم أَصلية والحرف رباعي. ابن الأنباري: المَصْطَكاءُ.
وقال الجواليقي في المعرّب:
والمصطكا مقصور ــ قال ابن الأنباري: هو ممدود ــ علك رومي. وهو دخيل، وقد تكلمت به العرب.
قال ف. عبد الرحيم محقق المعرّب:
هو يوناني وأصله μαστιχη (مَسـْـتـِـخي) ومنه mastich و mastic بالإنكليزية.

وبالرجوع إلى المعاجم الإنجليزية وجدت ما يلي:

ETYMOLOGY: Middle English, mastic resin, from Old French mastich, from Latin mastichum, mastich, from Greek mastikhe, chewing gum, mastic, from mastikhan, to grind the teeth
The American Heritage® Dictionary of the English Language

ثم قال المعجم التأثيلي بخصوص هذا الاشتقاق:
from Gk. mastikhe, probably related to masasthai, to chew. The substance is used as a chewing gum in the East
Online Etymology Dictionary

فقد رد الكلمة إلى اليونانية (مستخي) التي فسّرها بأنها علك يُمضغ في الشرق! وجعلها المعجم الأمريكي من الفعل (مَـسْـتـِـخـَـن) أي مضغ. بينما ذهب المعجم التأثيلي إلى احتمال اشتقاقها من الفعل الذي يعني مضغ ولكنه كتبه (مسسثـى)! والذي أراه أن هذا الفعل في اليوناني اشتـُـق من الاسم وليس العكس.

أقول: الكلمة عربية أصيلة دخيلة في اليونانية، إذ هي من الفعل العربي (مضغ) ومنه (المضغة)! وكانت الضاد العربية تكتب بالصاد في الأبجدية الفينيقية والغين عيناً מצעה، والنطق الكنعاني للصاد /تس/، ومنها انتقل نطقها إلى اليونانية عبر تجارة اللبان العربي المشهور من أقصى جنوب الجزيرة العربية. ويمكن أيضاً النظر إلى حدوث قلب مكاني في الكلمة العربية (صمغ) بانتقالها إلى اليونانية (مستخي)! فهي عربية صميمة من أكثر من وجه!

والأمثلة على هذا النوع من إعادة التصدير كثيرة ولها عندي شواهد عدة.

خالص التقدير والاعتزاز

فاطمة مهاد
30/09/2007, 12:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى :
"كتاب فُصلت آياته قرآن عربيا لقوم يعلمون "

كلمة تنور ذكرت في القرآن و هذا القرآن أنزل بالغة العربية إذا الكلمة عربية فهل هذا صحيح ؟

محمود إبراهيم محمد علي
02/10/2007, 09:24 PM
أُمتعنا بهذه المناظرات الهادئة والهادفة حول أصل كلمة (تنور) وحولها انكشفت لنا صيغ صرفية ثرية ، هنيئا لواتا بهذه النخبة العربية الماجدة ، ومزيدا من المناظرات والإثراءات والإمتاعات..وليتقبل الجميع كل التقدير،،

سامي خمو
02/10/2007, 11:10 PM
الأخ العزيز أحمد الأقطش

أما فيما يخص كلمة (تن) فقد قال إن معناها oven أي موقد وليس دخاناً، أما في الفعل (تنن) فقال to smoke أي يُدخِّن. والكلمة آرامية وليست عبرية. ويمكن مقابلتها بما في الجذر (سنن): سنسان من دخان يريد دخان النار.

ليس صحيحا ما ذهب إليه جيزينيوس من إن كلمة تن تعني oven لأن هذه الكلمة تعني دخان حتما وهي مستعملة في يومنا الحاضر بهذا المعنى في اللغة السريانية المنحدرة من اللغة الأكدية ففي اللهجة السريانية الشرقية تلفط "تِنـّا" أما باللهجة السريانية الغربية فتلفظ "تِنو".

هذا بالنسبة لمقطع تن في كلمة تنور.

أما المقطع الثاني "نور" فتلفظ "نوورا" في اللهجة السريانية الشرقية أما في اللهجة السريانية الغربية فتلفظ "نوورو". واللافت للنظر إن كلمة "نوورا" أو "نوورو" تعني النار وهي تقتصر على هذا المعنى. وهذه الكلمة أيضا مستعملة في اللغة السريانية بهذا المعنى لحد يومنا الحاضر. وهذه الكلمة لا تعني "الضوء". لأن للضوء في اللغة السريانية كلمات أخرى مثل "بهرا" أو "نـَورا".

من هذا نستخلص إن كلمة "تنور" متأصلة في اللغة السريانية المنحدرة من اللغة الأكدية. لذلك فمن المرجح إن تنور ذات أصل أكدي. وقد وردت هذه الكلمة في القاموس الأكدي/الإنجليزي من تأليف Simo Parapola الصادر في هلسنكي فی عام 2002 بالخط المسماري وطريقة لفظها بالإنجليزية Tinuru ومعناها Oven.

ولعل كلمة "تنور" ذات أصل سومري لأن الحضارة السومرية سبقت كل الحضارات المكتشفة لحد الآن ومن المعروف إن السومريين أول قوم بدءوا بزراعة الحنطة والشعير. وأول من صنعوا الفخار الضروري لبناء التنور. وإن الأكديين ورثوا الكتابة المسمارية من السومريين.

مع فائق التقدير والاحترام،

سامي خمو

عبدالستارعبداللطيف الاسدي
03/10/2007, 01:10 AM
الاستاذ سامي المحترم

ان حدسك في محله ... ان الكلمة ذات اصل سومري اذ ورد في كتاب " من تراثنا اللغوي القديم - ما يسمى في العربية بالدخيل" تاليف المؤرخ العراقي المتخصص باللغات السومرية و الاكدية و البابلية و الذي له ترجمات لملاحم السومريين عن لغة المصدر العلامة الدكتور طه باقر رحمه الله ما نصه:

" تكتب كلمة التنور بعلامات مسمارية سومرية تعني بالدرجة الاولى النار و الخبز و الاتون .... و يرى باحثون آخرون ان كلمة تنورو الاكدية مقلوبة من الكلمة السومرية ترونــا التي تعني الموقد و الجدير بالذكر بهذا الصدد ان عدة نماذج من التنانير الطينية عثر عليها في اثناء التنقيبات الاثارية في العراق و هي تشبه بوجه اساسي التنور المستعمل في العراق الان و يرجع بعضها الى ازمان قديمة جدا مثل عصر العُـبيد ( في حدود 4000 ق. م ) " . ص 67- 68

و ان التاء في تنور ليست من الكلمة الاصل بل هي علامة تفيد معنى الخبز و النار وقد درجت اللغة السومرية و هي لغة مقطعية على استخدام علامات ذات دلالات معينة توضع اما قبل او بعد الكلمة اي اما بادئة او لاحقة للتدليل على فئة الكلمة فالمفردات المستخدمة للنجوم مثلا تسبق ببادئة تدل على النجوم و الكواكب و المفردات المستخدمة لدلالة على العرش و الملك مثلا تسبق ببادئة او تلحق بلاحقة عامة تفيد معنى الملوكية وهكذا بالنسبة للمفردات التي تعنى بالزراعة و الري و المفردات الخاصة باعضاء الجسم او الملابس او بناء الدور او الزواج او التجارة ...الخ و اغلب الظن ان هذه البوادئ و اللاواحق ما كانت تلفظ عندهم بل لها مهمة تصنيفية و من ابتكار الكهنة الكتبة و لكن يبدو ان هذه العلامات ادخلت ضمن الكلمة المقترنة بها فصارت تلفظ خاصة عندما انتقلت من السومريين الى جيرانهم الاكديين .. و هذا ما تأكده معلوماتنا عن اللغة الاكدية التي عممت البادئة " تا " مثلا لكل الاسماء ما له علاقة بالنار او ما ليس له علاقة بذلك مثل كلمة تبلية المستعملة في العراق للدلالة على الة يصعد او يرتقي الفلاح بواسطتها النخيل من الفعل بالو و الكلمة تركيس من الفعل ركساو اي ربط و تركيس تعني شد او ربط عذوق النخل المثمرة بعد التلقيح علما ان هاتين المفردتين ما زالتا مستعملتين في اللهجة العراقية بل ان مادة ركس موجودة بالعربية الفصحى و تعني شد و ربط و ركس البعير بالركاس اذا شده خطمه بالحبل الى رجليه .... و هناك عشرات المئات من الامثلة ...

و شكرا

أحمد الأقطش
03/10/2007, 04:10 AM
أود أن أشكر أساتذتي الأفاضل على مساهمتهم النافعة في هذا الموضوع الشيق ..

الأستاذ العزيز سامي خمو

أفضت فأجدت.. وأهل مكة أدرى بشعابها! واسمح لي ببعض التعقيبات:

** وردت كلمة (تنور) وكلمة (دخان) معاً في قول التوراة العبرية תַנּוּר עָשָׁן (تنور عشان) أي: تنور دخان (تكوين 15: 17)، وفي الترجوم الآرامي תַּנּוּר דְּתָנַן (تنور دتنان) أي: تنور دخان. فعُلم أن هذا مستقل عن ذاك.

** بخصوص (نور) فإن معناها بالآرامية (نار) كما تفضلت. أما "الضوء" فهو إشارة إلى الدلالة العربية، ففي لسان العرب مادة (نور):
والنُّورُ: الضياء. والنور: ضد الظلمة. وفي المحكم: النُّور الضَّوْءُ، أَيًّا كان، وقيل: هو شعاعه وسطوعه، والجمع أَنْوارٌ ونِيرانٌ؛ عن ثعلب. اهـ

فأنا كنت أتحدث عن دلالة (النور) في المعاجم العربية، لا سيما وأن (النار) تقع لغوياً تحت مادة (نور) أيضاً!

أما النور بمعنى الضوء فهو في الآرامية נהורא (نهورا) من الجذر (نهر) الذي جاءت منه كلمة (نهار).

** أما الأكادية فلا يخفى احتواؤها على آثار من اللغة العروبية الأم التي يطلق عليها العلماء Proto-Semitic وهي تلك السمات التي لا تزال قائمة في العربية الحديثة كالإعراب والمثنى وبعض المفردات اللغوية العجيبة! نحن نتحدث عن طبقات تحتانية يمكن الاستدلال عليها من الشواهد والتحليلات اللغوية المقارنة.

تقديري واعتزازي واحترامي