المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الملحمة العمرية- سيرة الفاروق-رضي الله عنه-



د.عبدالرحمن أقرع
29/09/2007, 01:03 AM
تمهيد

فكرة راقت لي عبر مداخلات الأخوين الشاعرين (رياض بن يوسف) و(عيسى عدوي) إثرَ مداخلاتهما القيمة على قصيدتي (ثاني إثنين) ، إذ أوحيا لي بإحياء فن الملحمة الشعرية بقالب مسرحي تخليدا لتاريخ الخلفاء الراشدين وأعلام الأمة عليهم من الله الرضوان.
وعليه بدأت بنسج خيوط الفكرة بادئا بالفاروق عمر-رضي الله عنه- ، ولا أخفي وجلي وخوفي إذ ألجُ بابا من الفن لم ألجهُ من قبل ، غيرَ أن طمعي من الله-تعالى- بالأجر لحب صحابة محمد-عليهم الرضوان- قد قلص من خوفي ، ولن أعدم من الإخوة النقاد- وهم كثر والحمد لله- رأياً نافذةً أو نصيحة حكيمة.
وقد قررتُ نشرَ هذه الملحمة- إن صح التعبير- على فصولٍ في حلقات كي لا يتسرب الملل إلى نفس القارئ ، ولكي أستمد من آراء الإخوة تشذيبا وصقلا للفصول التي لم تنشر بعد.

د.عبدالرحمن أقرع
29/09/2007, 01:05 AM
الفصل الأول
الفاروق في جاهليته
المشهد الأول:
(سعيد بن زيد) إبن عمِّ عُمَر ، موثقٌ في الصحراء لأن عمرَ شدَّ وثاقه لدخولهِ في الإسلام
رمالً الفيافي
صَدى العابرينَ
حوافِر خيلٍ لفرسانِ مكةَ مروا هناكْ
هَجيرٌ هناكِ جفته الظِلال
أسيرٌ تزركشَ بالسوطِ ظُلماً
ويا عَجبي من غريبِ التناقُضِِ..
ذاكَ الأسيرُ
يُسمّى سعيدْ
سعيدٌ وفي معصميهِ القيودْ
سَعيدٌ تسربَلَ بالعِزِّ إذ قالَ ما رددتهُ الفيافي
وما أكدته هناكَ الشهودْ
تململَ ..
رَدَّدَ..
صاغَ بياناُ من جملتين
تشققَ جُرحٌ عن وَردتينِ
وأزهرَ فوقَ مسارِ السياطِ..
على ظهرهِ في الهجيرِ هناكْ
من الزهرِ سبع خزامى تفوحُ
بعطرٍ جديدْ
زبانيةٌ أسقطت من يديها
سياط التجبرِّ ذاكَ العنيدْ
دَنت من زهورِ الخزامى على جُرُفِ الجُرحِ..
تقرأ ما خطَّ بالعطرِ..
فوقَ جنوبِ الأسير
أزاهيرُ سبعاً أطلت حروفاً
(لا إلهَ إلا الله* محمد رسول الله)
المشهد الثاني: عمر في المسجد الحرامِ يقف خلفَ رسول اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلم ، وهو يقرأ (الحاقة)
ترانيمُ كالسحرِ تتلى هنالكَ...
في صحنِ بيتٍ بناهُ الخليلْ
ترانيمُ ليستْ كهمسِ السواحِرِ ينفثنَ شَرَّاً
يشتِّتُ شملَ الأحبةِ..
يهدِمُ ما شيدتهُ العقولْ
ترانيمُ ليستْ بشعرٍ تُلي في عُكاظََ
ولا رددتهُ الشواعِرُ..
عن حرقةِ العشقِ في حضنٍ غانيةٍ..
ذاتِ وجهٍ جميلٍ
وشعرٍ طويلٍ
وخدٍ أسيل
وليست بِسجعٍ
يرددهُ كاهِنٌ لاعِباُ بالحروفِ
ليلبِسَ بالممكنِ المستحيلْ
ترانيمُ تتلى
تباشِرُ قلباً
لتفتحَ للنورِ روزنةً في الفؤادِ العليلْ
كما البرقُ في مظلماتِ السحابِ...
أطَلَّ وميضاً تَلاهُ المَطَرْ
فأورَقَ في الأرضِ يبسُ الشجَرْ
كذلكَ في خافِقِ الفارِسِ الفذِّ أُنبِتَ للحقِّ زَهْرٌ
سقتهُ من العينِ ماءُ العِبَر
المشهد الثالث
في بيت اخت عمر وختنه يتلوان القرآن من صحيفة ومعهما خباب بن الأرت، وإذ يسمعون بمجيء عمر يختفي خباب في البيت ..ويدخل عمر:
عمر:
سمعتُ مِن البيتِ همساً
فماذا تديرانِ في السِّرِّ يا ابنةَ أمّي
وخِتنَ عُمَرْ
الأخت:
حَديثٌ نحدثُهُ بيننا
كما الزوجُ ناجى الحليلةَ في الخِدرِ ذاتَ سَحَرْ
عمر:
حَذارِ فقد حدثَّ القومَ انكما تصبآنِِ..
حذارِ فبأسي شديدٌ
وسيفي حديدٌ
لَهُ في المعامِعِ صِدقُ الخَبَرْ
وليسَ بمنقذكم إن صبأتمْ
مِنَ السيفِ قُربى لآلِ عُدَيٍّ
ولا نسبٌ لجدودِ عُمَرْ
ختن عمر:
هَبِ الحَقَّ في غيرِ دينكَ يا فارِسَ القومِ ..
يا مُقرءَ الوافدينْ
أكُنتَ تغطي الشموسَ المنيرةِ بالإصبَعَينْ
أكانَ لسيفِكَ بطشُ الطغاةِ...
وقَد أَلِفَ الناسُ منكَ العدالةَ يا ابنَ الأباةْ
أكنتَ تقايِضُ هذا الفناءُ بباقي النعيمْ
*عمر يثب على ختنهِ فيطأه وطأً شديدا ، وعندما تحاول اخته دفعه يضربها فيدمي وجهها.
صوت من وراء الستار:
تَوَقَفْ
وقِرْ بالهزيمةِ يا فارِسَ القومِ إذْ هَزَمتكَ الدِّماءْ
دماءُ النساءِ اللواتي
تحصنَّ بالطُّهرِ في زَمَنٍ سادَهُ الرِّجسُ ..
صُمَّت من القومِ أذنٌ
عنِ الحقِّ يتلى شجياً
يرتلهُ الأنبياءْ
توقفْ
فهذي الدماءُ التي قد أرَقتَ
هَوِيَةَ عارٍ
تطارِدُ لعنتها الجبناءَ..
صباحاً مساءْ
أخت عُمر بغضب:
هوَ الحقُّ في غيرِ دينِ الجدودِ
أتانا بهِ خاتِم المرسلينْ
أزالَ الغشاوةَ عن أعينٍ
عَمَتْ عن صراطِ الألى الراشدينْ..
لكي تتخبَّطَ في حِلكةِ التيهِ عَبرَ السنينْ
فَهَل يَسمعُ الصنمُ الأمنياتِ
تلتها النفوسُ بآهٍ ووَجدِ..
ودمعٍ سخينْ
وَهَل شيَّدَ السيفُ مِن أجلِ ماءٍ وعشبٍ يُسَلُّ ..
حضارةََ مجدٍ وعِزٍّ مكينْ
عمر(مُطرِقاً):
إليَّ بهذي الصحيفةِ فوراً
لَعَلَّ الحقيقة ما تقرأ ونْ
أخت عُمَرْ:
تَطَهَّر مِنَ الرِجسِ قبلَ القراءةِ..
هذا كتابُ الإلهِ المتينْ
يفيضُ بطهرٍ ونورٍ مبينْ
فحقٌ بأن لا يَمسُّ الكتابَ سوى الطاهِرونْ
*عمر يمضي فيتوضأ، ويعود مرتلا آي الكتاب من سورةِ طهَ ، ويتفكرْ:
لهذا الكلامِ عبيرُ النقاءِ
يُباشِرُ نَفساً جفاها الصفاءْ
فَتُجلى كما الأرضُ يغسلها الغيثُ..
ذاتَ مساءْ
فضمخها البِشرُ للخصبِ بعدَ طويلِ الجفاءْ
أرادَ الإلهُ السعادةَ للمؤمنينْ
وما أنزَلَ الوحيَ بالذكرِ كي يستبدَّ الشقاءُ..
هو اللهُ جَلَّ عَنِ الشركاءْ
هوَ اللهُ رحمنُ هذا الوجودِ
فحاشا لذاتِ الألهِ الفناءْ
فكيفَ لعبدٍ حباهُ المليكُ..
بخيرٍ يقابله بالجحودِ
يُكَذّبُ بالحقِّ بعدَ الجلاءْ
يصُدُّ المبشِرَ بالباقياتِ
ويهرَعُ مُستأثِراً بالبلاءْ
فبئسَ الهروعُ
وبِئسَ القضاءْ
*عمر يثِبُ واقفا ويقول: دلوني على محمد، فيخرج خباب بن الأرت من مخبئهِ قائلا: أبشر يا عُمَرْ.


المشهد الرابع:
عمر يعلن إسلامه بين في دارِ الصفا، ويطلق عليهِ اسمَ (الفاروق) فيكبر المسلمون تكبيرةٌ تسمع من طرفِ مكة
تكبيرات من خلفِ الستار..
هو النصرُ زَمجَرَ بينَ الربوعِ
تقهقَرَ زَيفُ الخديعةِ..
فَرتْ شياطينُ إنسٍ وَجِنٍ...
وأوقَدَتِ الأسدُ في ليلِ مكةَ أبهى شموعْ
فَشَعَ الضياءُ
لتذوي الرذيلةُ...
يأوي إلى الجُحرِ كَيدُ الهوامِ
يَفِرُّ الخنوعْ
هو الحقُّ آزرهُ الآيبُ الآنَ طوعاً
لدربِ الإلهِِ
غَشاهُ الخُشوعْ
فَنعمَ الرجوعُ لحضنِ الحقيقةِ..
دِفءِ المحبةِ
طهرِ الدموعْ
غدا الدينُ قلباً بنبضِ فَتِيٍّ
وفاروقُ مكّةَ صارَ الضلوعْ



*نهاية الفصل الأول*

لطفي منصور
29/09/2007, 10:20 AM
أعانك الله على هذا العمل ... وجزاك الله خير الجزاء ..
حوار متمكن ولغة جزلة والموضوع قدسي إيماني .
ملاحظة بسيطة...
لا يمس الكتاب سوى الطاهرين بدل الطاهرون
لك تقديري د. عبد الرحمن

لطفي منصور