المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : على قارعة موجة



محمود النجار
01/10/2007, 04:10 AM
على قارعة موجة

ميتاً ولدتُ كأنني .. !
موتي يدقُّ عليّ روحي
كلما استيقظتُ من عقلي قليلا
هو يعتريني كل وقتٍ ..
بيدَ أنّ حضورَه الصوفيَّ
يحملُني إلى يوم جديدٍ
ألتقي فيه الحياةْ
ألقيتُ قابضتي القماشةََ
عن يديّ ..
خلعتُها عني
وكنتُ خشيتُ أني راقد جسداً
تبعثرُه نوايا القادمين من اللهاثْ
قد كنتُ جثماناً ، ظننتُ ..
خشيتُ من هذا البياضِ يحيط ُ بي ..
أصبحتُ في عمر الصبا ..
ألفيتُ موجَ البحر يتبعُني
كسربٍ من قطا فوق الرمالْ ..
فخشيتُه ، واشتدّ نبضُ القلبِ ..
خلتُ الرملَ يرصدُني ..
ويسعى نـحو أقدامي الصغيرةِ أن تخونَ القلبَ
أسقط بين أسماء الذين تعثروا بالموج يوما ..
لم أزل أخشى من البحر الممكّن بالشباكِ
وبالعواصفِ والقدرْ ..
أخشى العلاقة بين ماء البحر ؛
يفرشُ سحرَه فوق الرمال وبين غائلة القمرْ ..
أمتدُّ .. تمتدُّ المياهُ على مدى العينين ِ ..
تمشي تحت رجليّ النوايا السودُ
ينهملُ المطر ..
وأضيقُ ينحسرُ اللهاثُ
وتكتفي بالموج ناصيةُ السماء ِ
فينحني نصفَ انـحناءٍ
موجةٌ ٌأخرى وأرجعُ ..
كنتُ أرقبُ أن يدوّخني احترابُ الرمل والموج الذي
اقترف الجماجمَ والعظامَ بحنقهِ
في الأفقِ عاصفة ٌينوءُ بثقـْلها
قلعُ الشراع ِ
تموجُ خاصرةُ السفينةِ بالضجيج ِ
وتمّحي ..
أوجستُ ... لكن ما عبئتُ بلون خوفي
في الأفق كانَ ...
رأيتُ هالتـَه الكبيرة َ ..
قلتُ ذاك السندبادُ ، فإن سقطتُ
يمد لي يده القوية َ
كنتُ أحسبُني سأغرقُ ..
عدتُ محمولا على وهمي الصغير ِ ..
ولم أزل حياً ..
وأحذرُ أن أموتْ ..

يا سندبادُ
أتيتُ من أرض بعيدةْ
لم ينتهِ التطوافُ بعدُ
فلم تزل سفنُ الرحيل تجوب فوق الغيم ِ
أرصفةَ المنافي
حيث لا عشبٌ يغني
لا دمٌ يغلي ، ولا وجه قبيحٌ أو حسنْ
شيّدتُ فوق مشيئة اللاشيء أهرامي الهشيمة ْ
وأكلتُ طينَ الأرض ؛ أنبتَ ساعدي
الخُشُفَ القديمة ْ
أنْسيتُ وهـْجَ الياسمينِ
وصار حرفي كالحصى
وقصيدتي صارت صعيدا من حجارةْ
يا سندبادَ البحر ِ
ما عدت الفتى اليرجو النجاةَ إذا أفاق الموجُ يوما عابسا
قسّمتُ روحي بين هذا البحرِ والنهر المخيّط بالدماءْ
في دجلة المجروح ِ ..
في دمع ِ الرشيد تركتُ روحا طفلة ً
تسمو هناك مع الذين أتت قيامتُهم
فلم يتناثروا مثل الفراشِ ِ
ولم تقم للكاهن المنبوذ في أوصالهم نذرُ القيامة ْ ..
يا سندباد إذا احتوتكَ الأرضُ في بغداد والمدن الشهيدة ْ
فاذهب إلى أرواح من ماتوا
ورتـّلْ فوقهم آي الكتاب ِ
وقل لهم شعرا عن التاريخ ِ
والحرب المجيدةْ
لا تنسَ أن ترقى نوافذ َ سجنهمْ
اقرأ عليها آية الكرسيِّ ..
تجلُ بروحها ما وسوس الشيطانُ
في تفاحةِ الوعد الجديدةْ
قل للذين تبددتْ أحلامُهم :
طفل تمر عليه أحلامُ الصغار ِ
رأى الفراتَ وكلَّ أبناء العراق توضؤوا
صلّوا .. وجاء من السماء مؤذن في الناس :
" حي على الشهادة "
وغداً يخط البحر خاتمة الضياع
وآخر الأمواج تلفظ آخر النفط الذي قتل المحارَ
ويبرئ النهران أورام السياسة ْ
تصحو من الغثيان .. من هجع الجفون
براعم الرمانِ
والنخل الذي عقَمتهُ أشباح الظلام
يثوب من ثوب الجفاف
ويرتدي دفء الضلوعْ
فيذوب وجه الثلج في مدن الشمالِ
يرق لون الشمس في مدن الجنوبِ
فقل لهم يا سندباد
بأن في رهَب الظلام
جنى نهار ...

مقبوله عبد الحليم
01/10/2007, 05:26 AM
صلّوا .. وجاء من السماء مؤذن في الناس :
" حي على الشهادة "
وغداً يخط البحر خاتمة الضياع
وآخر الأمواج تلفظ آخر النفط الذي قتل المحارَ
ويبرئ النهران أورام السياسة ْ
تصحو من الغثيان .. من هجع الجفون
براعم الرمانِ
والنخل الذي عقَمتهُ أشباح الظلام
يثوب من ثوب الجفاف
ويرتدي دفء الضلوعْ
فيذوب وجه الثلج في مدن الشمالِ
يرق لون الشمس في مدن الجنوبِ
فقل لهم يا سندباد
بأن في رهَب الظلام
جنى نهار ...


بسم الله
وقصيدة ابدعها الوجدان وخطها الاحساس في قلم انتشت الصفحات من صدق عناقه مع الورق
حقا ... اخذتني في ثناياها الى عالم من الاحساس بالكلمه وبالحرف ....
لاعيش فيها الاحداث
اجدت استاذنا التصور والشعر فيها والشعور
لا ابالغ ان قلت من اجمل ما قرأت لك
دمت مبدعا متالقا وشاعرا
تحاياي لك

سعيد نويضي
01/10/2007, 06:43 AM
بسم الله الرحمن الرحيم...

الأخ الأستاذ الشاعر محمود... قصيدة على قارعة موجة...قصيدة لبحر الحياة...جميلة بكل صدق...و لي قراءة أخرى إن شاء الله...

دمت بكل خير و في رعاية الله جل وعلا...

محمود النجار
01/10/2007, 07:19 PM
صلّوا .. وجاء من السماء مؤذن في الناس :
" حي على الشهادة "
وغداً يخط البحر خاتمة الضياع
وآخر الأمواج تلفظ آخر النفط الذي قتل المحارَ
ويبرئ النهران أورام السياسة ْ
تصحو من الغثيان .. من هجع الجفون
براعم الرمانِ
والنخل الذي عقَمتهُ أشباح الظلام
يثوب من ثوب الجفاف
ويرتدي دفء الضلوعْ
فيذوب وجه الثلج في مدن الشمالِ
يرق لون الشمس في مدن الجنوبِ
فقل لهم يا سندباد
بأن في رهَب الظلام
جنى نهار ...


بسم الله
وقصيدة ابدعها الوجدان وخطها الاحساس في قلم انتشت الصفحات من صدق عناقه مع الورق
حقا ... اخذتني في ثناياها الى عالم من الاحساس بالكلمه وبالحرف ....
لاعيش فيها الاحداث
اجدت استاذنا التصور والشعر فيها والشعور
لا ابالغ ان قلت من اجمل ما قرأت لك
دمت مبدعا متالقا وشاعرا
تحاياي لك


الأخت المثقفة المتألقة مقبولة عبد الحليم
أشكر لك من سويداء القلب مصافحة النص والتعليق عليه .
هذه القراءة الواعية تشي بسيدة عظيمة ومتلقية واعية .

بورك مدادك أختاه ..


محمود النجار

لطفي منصور
01/10/2007, 08:36 PM
تساءلت هل أنا أصافح شعر محمود أم أحتضن شعر السياب ...
تصوير مبدع لبعض معاناتنا ....تعانقت فيها الأسطورة مع الواقع ....
وتناجت فيها الأرض مع البحر والسماء .. فرسمت لوحة يتباهى الشعر بها ...
دمت متألقا دائما .

لطفي منصور

محمود النجار
03/10/2007, 02:04 AM
بسم الله الرحمن الرحيم...

الأخ الأستاذ الشاعر محمود... قصيدة على قارعة موجة...قصيدة لبحر الحياة...جميلة بكل صدق...و لي قراءة أخرى إن شاء الله...

دمت بكل خير و في رعاية الله جل وعلا...


أخي سعيد

أشكر لك قراءتك للنص ، وتعقيبك النسيمي عليه ..

بوركت أخي الفاضل .

محمود النجار

محمود النجار
04/10/2007, 02:53 AM
تساءلت هل أنا أصافح شعر محمود أم أحتضن شعر السياب ...
تصوير مبدع لبعض معاناتنا ....تعانقت فيها الأسطورة مع الواقع ....
وتناجت فيها الأرض مع البحر والسماء .. فرسمت لوحة يتباهى الشعر بها ...
دمت متألقا دائما .

لطفي منصور

لست أخي لطفي أول من قال لي أن شعرك يشبه شعر السياب .. !
أنا سعيد بأن هذه ربما المرة الرابعة التي أسمع فيها مثل هذا الرأي ..
قبل نحو اثني عشر عاما قالها لي الأديب والناقد محمد قعبور ..
صحيح أن كل شاعر يحب أن يكون له نفسه الخاص ونكهته المختلفة ؛ لكن قامة بدر شكر السياب الشعرية عظيمة ، وهو مدرسة قائمة بذاتها ، فهنيئا لي ما تلقيت منك من تأكيد على أنني من تلاميذ مدرسة السياب العظيمة ..
وللحقيقة والتاريخ أقول بأن قصيدة السياب ( أنشودة المطر ) كان لها أبلغ الأثر في نفسي وأحدثت تحولات في حياتي .. وقد ألقيتها في أمسية خاصة بقراءات لروائع الشعراء ، وعلق أحد المحررين الصحفيين في صحيفة الاتحاد الإماراتية على قراءتي للنص بأنها تشبه إلقاء السياب نفسه ؛ وقد كان لذلك أثر في نفسي أيضا ..

أشكر لك جزيلا ما علقت به على النص ..

أخوكم / محمود النجار

محمود النجار
04/10/2007, 02:53 AM
تساءلت هل أنا أصافح شعر محمود أم أحتضن شعر السياب ...
تصوير مبدع لبعض معاناتنا ....تعانقت فيها الأسطورة مع الواقع ....
وتناجت فيها الأرض مع البحر والسماء .. فرسمت لوحة يتباهى الشعر بها ...
دمت متألقا دائما .

لطفي منصور

لست أخي لطفي أول من قال لي أن شعرك يشبه شعر السياب .. !
أنا سعيد بأن هذه ربما المرة الرابعة التي أسمع فيها مثل هذا الرأي ..
قبل نحو اثني عشر عاما قالها لي الأديب والناقد محمد قعبور ..
صحيح أن كل شاعر يحب أن يكون له نفسه الخاص ونكهته المختلفة ؛ لكن قامة بدر شكر السياب الشعرية عظيمة ، وهو مدرسة قائمة بذاتها ، فهنيئا لي ما تلقيت منك من تأكيد على أنني من تلاميذ مدرسة السياب العظيمة ..
وللحقيقة والتاريخ أقول بأن قصيدة السياب ( أنشودة المطر ) كان لها أبلغ الأثر في نفسي وأحدثت تحولات في حياتي .. وقد ألقيتها في أمسية خاصة بقراءات لروائع الشعراء ، وعلق أحد المحررين الصحفيين في صحيفة الاتحاد الإماراتية على قراءتي للنص بأنها تشبه إلقاء السياب نفسه ؛ وقد كان لذلك أثر في نفسي أيضا ..

أشكر لك جزيلا ما علقت به على النص ..

أخوكم / محمود النجار

سعيد نويضي
10/10/2007, 11:10 PM
بسم الله الرحمن الرحيم...

الأخ الأستاذ محمود...

قصيدة على قارعة موجة...هي قصيدة لبحر الحياة...الحياة لحظات متوالية يشد بعضها بعضا كحلقات تولد و تموت بشكل تصاعدي كما تفعل أمواج البحر...فالبحر تعلو أمواجه ثم تنخفض لتنهض من جديد في حركة مستمرة لا السكون...لذلك تجد الإنسان المهووس بهذا العالم...بكل ما يحمل من تناقضات...بكل ما يحمل من أحلام و آمال...من آلام و من لذات...يصعد متمسك بأغلى ما لديه... روحه السامية...متكأ على عقله الخلاق...المتحد بعوالمه الروحية...فيستيقظ العقل كلما اقتحمته الحياة مع كل يوم جديد...فيخلع عنه ثوب البياض...فقد تبعثر أحلامه أهدافه جثث أولائك القادمين الذين يلهثون خلفه...بعدما كان في موته المنامي...خرج من سكونه المدجج بالشيب إلى عمر الشباب...المليء بالحركة...فخلت موج البحر يتبعني كسرب الحمام...حاملا كفني مما زاد من نبضات قلبي...حتى رمال الشاطئ...المفترض فيها الأمن و الأمان أحسست أنها تتبع خطواتي...قد تضع لي من فخاخ تسقط فيها قدماي...كما حدث لمن هم قبلي...فهو البحر بكل جبروته...بأمواجه التي تلعب بالحياة كأوراق من خريف العمر...لا زلت أخشى من لغته المفخخة بالشباك و العواصف و حتمية القدر...هو البحر بسحر جمال مائه حين يفرش على الرمال شفافية القمر...فيتيه بصري في الأفق...حيث يعانق الماء السماء...و تعلو موجتي تحملني فوق النوايا التي تشدني فتجعل السواد و اليأس و ما شابه تحت أقدامي...ينزل المطر عنوانا للفرح للخصوبة للنماء...بحيث تكون السماء صاحبة الفضل و المنة ماسكة بناصيتي...تقودني إلى حيث يشاء القدر الجليل...

تمر العواصف و تعود الاستقامة...لأن من شيم السنابل أن تفسح الطريق للرياح اللواقح...لكنها الريح المدمرة التي تسقط الجماجم...أكاد أسقط من ثقل الشراع...تطفو السفينة مع جبال البحر...تصارع الفناء...لا يقلقني خوفي...ففي الأفق أمل مثلما السندباد قاهر البحر...فحلمي البطولي سيمد لي يديه لأركب وهمي و أعود حيا...لأن من حقي العودة إلى أصلي إلى وطني إلى تراب عشيرتي و أهلي...

من هنا تبدأ المناداة لقاهر البحر...ذاك الشخص الحقيقةـ الأسطورة التي استطاع أن يحكي رفقة البحر قصصا بطولية في مناوشاته مع أمواج هذه الحياة...مناداة تعبت من الرحيل المتواصل بحثا عن استقرار حيث لاستقرار في ارض لا تعرف كيف يغني عشبي...و لا كيف يغضب دمي و يغلي...كل الوجوه متشابهة....تنقصها نكهة الجمال حتى يبدو الحسن من القبيح...و الجيد من الرديء...حتى الأشياء شيدتها فوق اللاشيء...سراب فوق سراب فوقه سراب...الأرض تعرفني من نباتها...هي وحدها تسري في سواعدي...فمرارة البعد أنستني ملامح الياسمين...و جعلت من حروفي حصاة لا تغني و لا تسمن من جوع...حتى قصيدتي غابت عنها خضرة السهول...فأمسيت حجرا صعيدا صلدا...يقذفني الطفل في وجه غضب البحر كي أحيا من جديد...

فما عاد العود غصنا بل لم يعد يرغب في النجاة...فكلما استيقظ وجد روحه بين بحر قاس و نهر أخاط وجوده بدم أبرياء من دجلة و الفرات...من عراق عزيز أصابته عاصفة من الفناء...موطن الرشيد كانت روحي طفلة...تكبر و تنمو مع من اقتربت قيامتهم...فلم يتناثروا بل ظلوا كالفراش مجتمعين حول بعضهم...حتى أنهم لم ينذر أحدا أي نذر للكاهن المنبوذ الآتي من هناك...

هنا تعلو مقامات الروح لتسمو و تستمسك بالذي هو حق...فتدعو السندباد رمز التجوال و السفر عبر بغداد و المدن الشهيدة...تلك التي شيدت قصورها في جنة النعيم...فاقرأ على من ماتوا و لم يستشهدوا...ذكرهم بآيات الله عز و جل و بالشعر وبالتاريخ الذي يحكي عن حروب العز و المجد...اقرأ على نوافذهم التي يطلون منها خلسة كأنهم مسجونون...اقرأ عليهم الرقية عسى أن تبدد ما وسوس الشيطان لهم...فتفاحة الوعد الجديدة[و قد تكون تفاحة نيوتن]...
قل لؤلئك الذين تبخرت أحلامهم...أن طفل الفرات لم تعد أحلامه صغيرة و لا بحجم الصغار...فلقد توضأ من الفرات لما رأى الفرات يستجيب لنداء مؤذن السماء... فتوضئوا و صلوا مجيبين داعيا السماء...فكان النداء"حي على الشهادة" " حي على الجنة"...
فغدا البحر يكتب وثيقته الكبرى...ضياع من أضاعوا الأرض المقدسة...فلفظت الأمواج آخر من ركب براميل النفط و قتل المحار...راح البحار و تاهت السفينة وسط الأمواج...لما لفظه البحر...وجد النهران دجلة و الفرات قد قاما بتصفية مياه الحياة من أمراض السياسة...

كابوس من دوران و دوخة البحر و هجران النوم من الجفون...تعود براعم الرمان و جدائل النخيل الذي اغتصبتها أشباح الليل...تعلن ثوبثها من الجفاف...بحيث ارتوت من الفرات و دجلة لما خلصت من التلوث...فسرى الدفء بين الضلوع و انتعش القلب...فسرت حرارة الحب إلى الشمال...و أشرقت الشمس على الجنوب...في عناق دافئ من الوحدة و الشموخ... فاشرح لهم يا سندباد العصور أن في جوف الخوف من الظلام جني و شعاع و نور النهار...

الحكمة التي يستطيع الإنسان أن يستمدها من قصيدة على قارعة الموجة...أن الله جل و علا يأخذ بمن يطالب بحقه الشرعي و لو ركب الغرق...فحبل الله عز و جل ممدود من الأرض و البحر إلى السماء...و ما ضاع حق وراءه طالب...فمهما تلبدت الغيوم فوراءها شمس مشرقة بكل دفء بكل أمل...

دمت مبدعا مشرقا بألف خير و في رعاية الله جل و علا...:fl:

محمود النجار
11/10/2007, 02:56 PM
الأخ المبدع سعيد نويصي

أشكر لك هذه القراءة المميزة التي بذلت فيها من جهدك ووقتك ..
وأعدك بأن أعود ثانية للتعليق عليها ..

لك خالص مودتي

أخوكم / محمود النجار

مصطفى ربعي
12/10/2007, 09:09 AM
فيذوب وجه الثلج في مدن الشمالِ
يرق لون الشمس في مدن الجنوبِ
فقل لهم يا سندباد
بأن في رهَب الظلام
جنى نهار ...


قصيدة جميلة والله

محمود النجار
12/10/2007, 06:11 PM
الأخ الرائع الطيب / مصطفى محمد ربعي
بل عيناك وروحك هما الجميلتان ..

أشكر لك طيب معدنك ، وأصالة قلبك ..

دمت أخا عزيزا وإن اختلفنا ..

أشكرك جدا


أخوك / محمود النجار

طه خضر
14/11/2007, 11:31 PM
هكذا تبدو الجراح السامية عندما تشرئب من رحم المعاناة، وتعيش آلالام ومصائب الضعفاء أينما حلـّوا، أعجبني هذا التحليل العميق للكاتب الأستاذة نجاة الزباير في معرض نقدها لهذا النص المعبـّر :


تلصص قلمي على نصوص الشاعر الفلسطيني المتميز محمود النجار، فوقفت عند هذا النص الشعري الذي أثار تساؤلات عدة فوق هضبة هذه الكتابة.
في لغة تستوطن رَبْعَ المجاز، عَبَرَتْ إلينا قصيدة فوق سَفِينِ الغضب والموت؟، كيف لا يكون الأمر كذلك، وقد رمى بنا الشاعر منذ وقوفنا على أعتابه الشعرية فوق أرض يغمرها البكاء، حيث الحروف مسكونة بعوالم عفرها النواح، فهل هي أساطير خاصة تبني هياكل من سعير داخل النص الشعري الممدد على حافة الجرح، أم هو رذاذ صباح يلف ليلا أشعث ممزوج بالماء والدماء.؟

ولنبدأ من البداية...

ميتا ولدت كأنني..
موتي يدق علي روحي
كلما استيقظت من عقلي قليلا
هو يعتريني كل وقت
بيد أن حضوره الصوفي
يحملني إلى يوم جديد
ألتقي فيه الحياة.

لنتأمل هذا الرصد الدقيق للموت كلوحة مشنوقة في هيكل هذا النص الشعري، فنحن أمام قصيدة موشاة بحكي غائر في المتخيل، ولنعلن بصوت عال تساؤلا يتراقص في حَنجرة الكلام:
عن أي موت يتحدث الشاعر؟؟،وكيف يولد جارًّا نعشه فوق سنين عمره، أهو وهم أرادنا أن نسقط في مزالقه؟، أم يريد منا أن نتأهب ونحن نسافر في الأبعاد التي ترمي بنا فيها، مستمعين لتاريخه المطري المكتوب فوق قبر اشتعالاته.
إن تيمة الموت هذه ـأو عالم أورفيوسـ تمثل خيبة تعلقه فوق جسد المدينة النبوية، متصوفا أمام الزمن الآتي. كالنبع معانقا عروق الحياة، فهل نستشف من هذا الإيحاء مكر الشاعر الذي يحيلنا نحو تفاؤل جزئي، لنقول ما هذا إلا رفع لستارة الإثارة لمعانقة موقف درامي، يحثنا على أن نتنفس من البياض رائحة الوقت المنتشرة في نعش التذكر؟.

أم أن ذكر الموت مرتبط بتداعيات طفولية، معتبرا إياه حنينا للانتصار على واقع يناضل فيه أبناؤه بالحديد والنار؟.
أم تراه استسلام ذاتي لليأس ، يحاول من خلاله الشاعر وصف رهبة بلا هوية، قد تكون إشارة إلى انتشار الموت أفقيا ليشمل كل الأراضي المغتصبة وخاصة مدينة العراق؟.
فبين الولادة والصبا يقطع بنا الشاعر رحلة تتصبب هوسا ميثولوجيا.ولنبحر معه في كل الزوايا، معنا أشرعة تكتب فوق بقايانا بأبجدية ترتوي من حبر الغربة النفسية.
يقول:
أصبحت في عمر الصبا
ألفيت موج البحر يتبعني
كسرب من قطا فوق الرمال...
فخشيته، واشتد نبض الفؤاد
خلت الرمل يرصدني..
ويسعى نحو أقدامي الصغيرة أن تخون القلب
أسقط بين أسماء الذين تعثروا بالموج يوما..
لم أزل أخشى من البحر الممكن بالشباك
وبالعواصف والقدر
أخشى العلاقة بين ماء البحر؛
يفرش سحره فوق الرمال وبين غائلة القمر
أمتد..تمتد المياه على مدى العينين
تمشي تحت النوايا السود
ينهمل المطر
وأضيق ينحسر اللهاث
وتكتفي بالموج ناصية السماء
فينحني نصف انحناء
موجة أخرى وأرجع
كنت أرقب أن يدوخني احتراب الرمل والموج الذي
اقترف الجماجم والعظام بخنقه
إن الشاعر العربي محمود النجار يعرض وساوسه الذاتية لتشمل عالم الإنسان العربي، ليمنحنا نصا تتلوى منعرجاته مَكْفُوفَةَ الحلم ، تكتب فوق دفتر النزيف شظايا تقرأ قسمات الحاضر بأنامل مكسوة بالوهم. وتنفتح أكمام الخوف حين يتنقل بنا فوق شطآن الوجع، مترصدا صورا مخيالية تتحرك في دوائر وحلقات يتناثر فيها الرمز بكثافة.

الشاعر الفلسطيني المتميز محمود النجار

وهذا رصد لبعض ذبذبات الشاعر النفسية من خلال معجم يحتوي بعض التكرار، كإشراقات وفلتات يمتزج فيها سواد الحبر بآفاقه الحزينة الحابلة بالتوتر، والذي يستقي دلالاته من مرجعيات متعددة ومختلفة هو واقع العراق الذبيح، والمدن التي تسقط شهيدة الطغيان، ولنسمه معجم الخوف.
ميتا ـ موتي ـأموت
قد كنت جثمانا
خشيت ورد ثلاث مرات في النص
أخشى مرتين
أضيق
ما أزال أخشى
أوجست
اشتد نبض الفؤاد
أشباح الظلام (...)
لكن الشاعر حاول أن يستمد من قوته الداخلية دفقة من الشجاعة، فرغم أن النفس الملغمة بضباب روحي تستوحي علتها من واقع مهزوم، فهو يحيلنا نحو لوحة تحاول إعدام التيه والضياع بالتمسك بشِبَاك الشجاعة المحيطة بسفينة الحياة.راجيا الخلاص في تشبثه بمنقذ قد يأتي وكأنه ينتظر كودو.
لكن ما عبئت بلون خوفي
في الأفق كان..
رأيت هاته الكبيرة
قلت ذاك السندباد، فإن سقطت
مد لي يده القوية.
كنت أحسبني سأغرق
عدت محمولا على وهمي الصغير
ولم أزل حيا..
وأحذر أن أموت
ليبدأ نداء الاستغاثة بأحد الرموز الأسطورية المتربعة فوق عرش ألف ليلة وليلة، وكأن بيده الخلاص. إنها حيرة شاعر مشى في بحة السقوط المعنوي، و تسلق شرفات النجاة الوهمية. في زمن ماتت فيه النخوة العربية، وأصبح الوطن منفى كبيرا اختلطت ملامحه. لتستيقظ في قصيدته قبضة من كلام أصم تسافر به الرياح ذات الجهات الأربع.
يا سندباد
أتيتُ من أرض بعيدة
لم ينته التطواف بعد
فلم تزل سفن الرحيل تجوب فوق الغيم
أرصفة المنافي
حيث لا عشب يغني
لا دم يغلي، ولا وجه قبيح أو حسن(...)
وصار حرفي كالحصى وقصيدتي صارت صعيدا من حجارة.
يستمر الشاعر في الركض وراء النداء، ليعلن أن قسوة المد والجزر التي طاردته غريرا قد انكسرت. ربما لأن قلبه قد تعود على انتشار رائحة الموت !!
يا سندباد البحر
ما عدت الفتى الذي يرجو النجاة إذا أفاق الموج يوما عابسا
قسمت روحي بين هذا البحر والنهر المخيط بالدماء
في دجلة المجروح
في دمع الرشيد تركت روحا طفلة
تسمو هناك مع اللذين أتت قيامتهم
إذن؛ في هذا الطقس الإبداعي المغلف بالسخط، يطلق الشاعر صيحة عذاباته،وهو يفتح أمامنا جزرا ومحطات تترصد تاريخا ينسجه الظلام.وهذه القصيدة متمنطقة بأحزمة ناسفة، سلمت رايتها للحرف الحارق منذ البداية، ونظنها أرادت الانتحار في وجدان كل عربي، مترصدة وطنا ممسوخ الهوية بواسطة المغتصبين.
رؤية:
إن الشاعر الكبير محمود النجار.. بَحَّارٌ في الدجنة التي تعيشها الأمة العربية، يحلم بالنوارس المقيمة فوق عتبات الحرية، وهو يجر قدميه المنهكتين فوق رمال السُّعار، أمامه وجه الشرق مسكونا بالأسرار المبثوثة في بئر الاستغراب، بين الأقدام والرؤوس المتناثرة مثل الأشباح قرب صخور الليل.حيث تَنْشَقُّ شفتا الوطن عن دماء تلوث بياض الحلم.
وما البحر سوى المجهول الذي وقف بكل عمق أمام مرآته، مترقبا أحداثه التي جعلته مسجونا في توابيته،مُشَرِّحًا بلدا كان النفط سبب بلائه، لكن ما العمل؟ غير الصلاة على الشهداء. إنه الخلاص الروحي من هذا الثقل السيزيفي الذي جثم على روحه الشفيفة.
إذ لا خلاص من كل هذا الحزن بغير الدعاء لمن رحلوا وتَذَكُّرِ أمجادهم.
يا سندباد
إذا احتوتك الأرض في بغداد والمدن الشهيدة
فاذهب إلى أرواح من ماتوا
ورتل فوقهم آي الكتاب
وقل لهم شعرا عن التاريخ المجيد
قل للذين تبددت أحلامهم:
طفل تمرعليه أحلام الصغار
رأى الفرات وكل أبناء العراق توضؤوا
صلوا..وجاء من السماء مؤذن في السماء:
"حي على الشهادة"
وغدا يخط البحر خاتمة الضياع
وآخر الأمواج تلفظ آخر النفط الذي قتل المحار.
رجفة نهائية
لقد مر هذا النص الشعري بين ثنائية الموت والخوف، قادما من براكين وزلازل الواقع التي جرفت أحلام أمة بكاملها، فكان الشاعر محمود النجار فارسا بحق، إذ غزا مجازات الروح ممسكا بخنجر الاستعارات، مستريحا على حافة نهر اللفظ السهل الممتنع، ورمى بنا في سحر الصور الغنية بشعرية آسرة، والتي مرت كشريط سينمائي غائر في الآليات البلاغية الثرة، والتي تجاوزت التمثل البسيط للواقع المعاش.
لقد حاولنا بإيجاز الإبحار في ظلمات هذا النص المرهق، والذي عجزنا على الإحاطة ولو بالبعض من نهاراته، إذ يبقى مفتوحا على مرافئ تزحف فيها الغياهب والانكسارات. فهل سيحمل الغد أبوابا مسحورة تكسر الأصفاد، وتزرع ابتسامة الأطفال ربيعا ؟، نتمنى أن يكون الأمر كذلك...


لي عودة لقراءة متأنية من كل بدّ ..

احترامي وتقديري ..

طه خضر
14/11/2007, 11:31 PM
هكذا تبدو الجراح السامية عندما تشرئب من رحم المعاناة، وتعيش آلالام ومصائب الضعفاء أينما حلـّوا، أعجبني هذا التحليل العميق للكاتب الأستاذة نجاة الزباير في معرض نقدها لهذا النص المعبـّر :


تلصص قلمي على نصوص الشاعر الفلسطيني المتميز محمود النجار، فوقفت عند هذا النص الشعري الذي أثار تساؤلات عدة فوق هضبة هذه الكتابة.
في لغة تستوطن رَبْعَ المجاز، عَبَرَتْ إلينا قصيدة فوق سَفِينِ الغضب والموت؟، كيف لا يكون الأمر كذلك، وقد رمى بنا الشاعر منذ وقوفنا على أعتابه الشعرية فوق أرض يغمرها البكاء، حيث الحروف مسكونة بعوالم عفرها النواح، فهل هي أساطير خاصة تبني هياكل من سعير داخل النص الشعري الممدد على حافة الجرح، أم هو رذاذ صباح يلف ليلا أشعث ممزوج بالماء والدماء.؟

ولنبدأ من البداية...

ميتا ولدت كأنني..
موتي يدق علي روحي
كلما استيقظت من عقلي قليلا
هو يعتريني كل وقت
بيد أن حضوره الصوفي
يحملني إلى يوم جديد
ألتقي فيه الحياة.

لنتأمل هذا الرصد الدقيق للموت كلوحة مشنوقة في هيكل هذا النص الشعري، فنحن أمام قصيدة موشاة بحكي غائر في المتخيل، ولنعلن بصوت عال تساؤلا يتراقص في حَنجرة الكلام:
عن أي موت يتحدث الشاعر؟؟،وكيف يولد جارًّا نعشه فوق سنين عمره، أهو وهم أرادنا أن نسقط في مزالقه؟، أم يريد منا أن نتأهب ونحن نسافر في الأبعاد التي ترمي بنا فيها، مستمعين لتاريخه المطري المكتوب فوق قبر اشتعالاته.
إن تيمة الموت هذه ـأو عالم أورفيوسـ تمثل خيبة تعلقه فوق جسد المدينة النبوية، متصوفا أمام الزمن الآتي. كالنبع معانقا عروق الحياة، فهل نستشف من هذا الإيحاء مكر الشاعر الذي يحيلنا نحو تفاؤل جزئي، لنقول ما هذا إلا رفع لستارة الإثارة لمعانقة موقف درامي، يحثنا على أن نتنفس من البياض رائحة الوقت المنتشرة في نعش التذكر؟.

أم أن ذكر الموت مرتبط بتداعيات طفولية، معتبرا إياه حنينا للانتصار على واقع يناضل فيه أبناؤه بالحديد والنار؟.
أم تراه استسلام ذاتي لليأس ، يحاول من خلاله الشاعر وصف رهبة بلا هوية، قد تكون إشارة إلى انتشار الموت أفقيا ليشمل كل الأراضي المغتصبة وخاصة مدينة العراق؟.
فبين الولادة والصبا يقطع بنا الشاعر رحلة تتصبب هوسا ميثولوجيا.ولنبحر معه في كل الزوايا، معنا أشرعة تكتب فوق بقايانا بأبجدية ترتوي من حبر الغربة النفسية.
يقول:
أصبحت في عمر الصبا
ألفيت موج البحر يتبعني
كسرب من قطا فوق الرمال...
فخشيته، واشتد نبض الفؤاد
خلت الرمل يرصدني..
ويسعى نحو أقدامي الصغيرة أن تخون القلب
أسقط بين أسماء الذين تعثروا بالموج يوما..
لم أزل أخشى من البحر الممكن بالشباك
وبالعواصف والقدر
أخشى العلاقة بين ماء البحر؛
يفرش سحره فوق الرمال وبين غائلة القمر
أمتد..تمتد المياه على مدى العينين
تمشي تحت النوايا السود
ينهمل المطر
وأضيق ينحسر اللهاث
وتكتفي بالموج ناصية السماء
فينحني نصف انحناء
موجة أخرى وأرجع
كنت أرقب أن يدوخني احتراب الرمل والموج الذي
اقترف الجماجم والعظام بخنقه
إن الشاعر العربي محمود النجار يعرض وساوسه الذاتية لتشمل عالم الإنسان العربي، ليمنحنا نصا تتلوى منعرجاته مَكْفُوفَةَ الحلم ، تكتب فوق دفتر النزيف شظايا تقرأ قسمات الحاضر بأنامل مكسوة بالوهم. وتنفتح أكمام الخوف حين يتنقل بنا فوق شطآن الوجع، مترصدا صورا مخيالية تتحرك في دوائر وحلقات يتناثر فيها الرمز بكثافة.

الشاعر الفلسطيني المتميز محمود النجار

وهذا رصد لبعض ذبذبات الشاعر النفسية من خلال معجم يحتوي بعض التكرار، كإشراقات وفلتات يمتزج فيها سواد الحبر بآفاقه الحزينة الحابلة بالتوتر، والذي يستقي دلالاته من مرجعيات متعددة ومختلفة هو واقع العراق الذبيح، والمدن التي تسقط شهيدة الطغيان، ولنسمه معجم الخوف.
ميتا ـ موتي ـأموت
قد كنت جثمانا
خشيت ورد ثلاث مرات في النص
أخشى مرتين
أضيق
ما أزال أخشى
أوجست
اشتد نبض الفؤاد
أشباح الظلام (...)
لكن الشاعر حاول أن يستمد من قوته الداخلية دفقة من الشجاعة، فرغم أن النفس الملغمة بضباب روحي تستوحي علتها من واقع مهزوم، فهو يحيلنا نحو لوحة تحاول إعدام التيه والضياع بالتمسك بشِبَاك الشجاعة المحيطة بسفينة الحياة.راجيا الخلاص في تشبثه بمنقذ قد يأتي وكأنه ينتظر كودو.
لكن ما عبئت بلون خوفي
في الأفق كان..
رأيت هاته الكبيرة
قلت ذاك السندباد، فإن سقطت
مد لي يده القوية.
كنت أحسبني سأغرق
عدت محمولا على وهمي الصغير
ولم أزل حيا..
وأحذر أن أموت
ليبدأ نداء الاستغاثة بأحد الرموز الأسطورية المتربعة فوق عرش ألف ليلة وليلة، وكأن بيده الخلاص. إنها حيرة شاعر مشى في بحة السقوط المعنوي، و تسلق شرفات النجاة الوهمية. في زمن ماتت فيه النخوة العربية، وأصبح الوطن منفى كبيرا اختلطت ملامحه. لتستيقظ في قصيدته قبضة من كلام أصم تسافر به الرياح ذات الجهات الأربع.
يا سندباد
أتيتُ من أرض بعيدة
لم ينته التطواف بعد
فلم تزل سفن الرحيل تجوب فوق الغيم
أرصفة المنافي
حيث لا عشب يغني
لا دم يغلي، ولا وجه قبيح أو حسن(...)
وصار حرفي كالحصى وقصيدتي صارت صعيدا من حجارة.
يستمر الشاعر في الركض وراء النداء، ليعلن أن قسوة المد والجزر التي طاردته غريرا قد انكسرت. ربما لأن قلبه قد تعود على انتشار رائحة الموت !!
يا سندباد البحر
ما عدت الفتى الذي يرجو النجاة إذا أفاق الموج يوما عابسا
قسمت روحي بين هذا البحر والنهر المخيط بالدماء
في دجلة المجروح
في دمع الرشيد تركت روحا طفلة
تسمو هناك مع اللذين أتت قيامتهم
إذن؛ في هذا الطقس الإبداعي المغلف بالسخط، يطلق الشاعر صيحة عذاباته،وهو يفتح أمامنا جزرا ومحطات تترصد تاريخا ينسجه الظلام.وهذه القصيدة متمنطقة بأحزمة ناسفة، سلمت رايتها للحرف الحارق منذ البداية، ونظنها أرادت الانتحار في وجدان كل عربي، مترصدة وطنا ممسوخ الهوية بواسطة المغتصبين.
رؤية:
إن الشاعر الكبير محمود النجار.. بَحَّارٌ في الدجنة التي تعيشها الأمة العربية، يحلم بالنوارس المقيمة فوق عتبات الحرية، وهو يجر قدميه المنهكتين فوق رمال السُّعار، أمامه وجه الشرق مسكونا بالأسرار المبثوثة في بئر الاستغراب، بين الأقدام والرؤوس المتناثرة مثل الأشباح قرب صخور الليل.حيث تَنْشَقُّ شفتا الوطن عن دماء تلوث بياض الحلم.
وما البحر سوى المجهول الذي وقف بكل عمق أمام مرآته، مترقبا أحداثه التي جعلته مسجونا في توابيته،مُشَرِّحًا بلدا كان النفط سبب بلائه، لكن ما العمل؟ غير الصلاة على الشهداء. إنه الخلاص الروحي من هذا الثقل السيزيفي الذي جثم على روحه الشفيفة.
إذ لا خلاص من كل هذا الحزن بغير الدعاء لمن رحلوا وتَذَكُّرِ أمجادهم.
يا سندباد
إذا احتوتك الأرض في بغداد والمدن الشهيدة
فاذهب إلى أرواح من ماتوا
ورتل فوقهم آي الكتاب
وقل لهم شعرا عن التاريخ المجيد
قل للذين تبددت أحلامهم:
طفل تمرعليه أحلام الصغار
رأى الفرات وكل أبناء العراق توضؤوا
صلوا..وجاء من السماء مؤذن في السماء:
"حي على الشهادة"
وغدا يخط البحر خاتمة الضياع
وآخر الأمواج تلفظ آخر النفط الذي قتل المحار.
رجفة نهائية
لقد مر هذا النص الشعري بين ثنائية الموت والخوف، قادما من براكين وزلازل الواقع التي جرفت أحلام أمة بكاملها، فكان الشاعر محمود النجار فارسا بحق، إذ غزا مجازات الروح ممسكا بخنجر الاستعارات، مستريحا على حافة نهر اللفظ السهل الممتنع، ورمى بنا في سحر الصور الغنية بشعرية آسرة، والتي مرت كشريط سينمائي غائر في الآليات البلاغية الثرة، والتي تجاوزت التمثل البسيط للواقع المعاش.
لقد حاولنا بإيجاز الإبحار في ظلمات هذا النص المرهق، والذي عجزنا على الإحاطة ولو بالبعض من نهاراته، إذ يبقى مفتوحا على مرافئ تزحف فيها الغياهب والانكسارات. فهل سيحمل الغد أبوابا مسحورة تكسر الأصفاد، وتزرع ابتسامة الأطفال ربيعا ؟، نتمنى أن يكون الأمر كذلك...


لي عودة لقراءة متأنية من كل بدّ ..

احترامي وتقديري ..

م . رفعت زيتون
17/11/2007, 11:34 AM
..
.

يبدو يا استاذنا

أننا يجب أن نعيد النظر فيما نكتب

فما نقرأه هنا فيه وخز ٌ يحفزنا على مراجعة الذات

وإعادة صياغة أنفسنا من جديد وهذه كلمة حق كان يجب

أن تقال وهذا ليس عيبا ً ...........

ولكن عذرنا أننا ما زلنا نتعلم

..
يعجبني دائما رد استاذنا سعيد
فهو يجلّي أحيانا بعض المبهمات التي
لم نفهمها كما يجب ان نفهمها
واحب دائما أن أقرأ بعد قراءته

لكما شكري وحبي

.

م . رفعت زيتون
17/11/2007, 11:34 AM
..
.

يبدو يا استاذنا

أننا يجب أن نعيد النظر فيما نكتب

فما نقرأه هنا فيه وخز ٌ يحفزنا على مراجعة الذات

وإعادة صياغة أنفسنا من جديد وهذه كلمة حق كان يجب

أن تقال وهذا ليس عيبا ً ...........

ولكن عذرنا أننا ما زلنا نتعلم

..
يعجبني دائما رد استاذنا سعيد
فهو يجلّي أحيانا بعض المبهمات التي
لم نفهمها كما يجب ان نفهمها
واحب دائما أن أقرأ بعد قراءته

لكما شكري وحبي

.

محمود النجار
20/11/2007, 10:18 PM
أخي طه خضر
أشكر لك هذا النقل ، وقد تفاجأت أن الأستاذة نجاة الزباير قد أدرجت هذه الدراسة في موقعنا أيضا ، لكننا لم ننتبه لها .
فهي موجودة في منتدى دراسات أدبية ونقدية هنا :
http://www.arabswata.org/forums/showthread.php?t=20277

أشكرك أخي الكريم ثانية ، وممتن لاهتمامك .


محمود النجار