المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : طفل يصرخ



صبيحة شبر
10/11/2006, 02:21 AM
طفل يصرخ

الطفل يصرخ بلا انقطاع ،،صوته الذي يعلو ،، بإلحاح ،، محاولا ان يستدر عطفك ،، يذهب سدى ،،فارقتك الرحمة المعهودة بك ،، أيتها المخلوقة البائسة ،،وزايلتك الرأفة ، وودعك عطف الأمهات ، المضروب به المثل ،، لماذا يعلو صراخ طفلك المسكين ، ولماذا تقفين عاجزة ؟؟لم لا تلقمينه ثديك ؟؟ فيسكت ،، ويرتاح وينام ، ويريحك من عناء صراخه المتواصل ، وأنينه الذي يعجزك إسكاته ،،هو ككل الأطفال ، ترضعهم الأمهات ،، فيسكتون ،، ما بالك أيتها المخلوقة ؟؟ لماذا تحرمين طفلك المسكين ، من عطف الأمهات وحنانهن ،، المنقطع النظير ،، يبكي صارخا بلوعة ، تقطع كبدك ،، لم لا تستجيبين الى طلبه البسيط ؟؟،، وتلبين استغاثته الباكية ، ولكن الصراخ العالي لا يدع لك مجالا للتفكير ، وبأي شيء تفكرين ؟؟ كل الأمهات يرضعن صغارهن ، يستوي بهذا كل إناث العالم ، وأنت ساكنة ،،تعجزين عن ابسط الأمور ، وأكثرها بداهة
ثديك يابس ،، جفت به مياه الحب ، وتركه ينبوع الحليب ،، وبقيت شجرة بلا ثمار ،،أيتها المخلوقة البلهاء ،، كيف يطاوعك قلبك الرؤوم ، ان تتركي طفلك صارخا يئن ، بلا توقف
- أعصابك المتوترة ،، جعلت حليبك مضرا ، لطفلك الجائع المسكين
أنت حائرة ، تعصف بك الأفكار ، تتصارع الآراء ،، تنهبك الهواجس والظنون ، تحلق بك المتاعب ، وأنت حيرى ،، عاجزة عن القيام بأي عمل ،، ينجيك من الحيرة الفتاكة ،، التي ألمت بك ، وأحاطتك من كل جانب ،،
تتأهبين لأخذ طفلك بين ذراعيك ، ولكن التحذيرات من ان يكون حليبك مضرا به ،، تمنعك آخر لحظة
الطفل يبكي بلوعة وألم ،، وأنت جالسة ، تحاولين ان تطعميه حليبا آخر ، ما زال طريا ،، صالحا للإرضاع
- حليبك قد أصابه توتر روحك ،، وغليان قلبك ، فانعدمت به القدرة على الإشباع
- طفلك المسكين يبكي ، وأنت تمسكين الرضاعة الصناعية ، علها تعينك في إشباع جوعه الدائم ، وحنينه الى قلبك المتوتر ، وتسألين نفسك دون ان تحظي بالجواب :هل يستطيع الحليب الاصطناعي ان يشبع حاجة الأطفال الى دفء الأمهات ؟؟

- والتحذيرات ما زالت تتوالى على مسامعك
- لا ترضعي طفلك من ثديك ،، حليبك أصابه التوتر ، تأثر بغليان دمك ، وفوران أعصابك ، فأضحى خطرا على سلامة طفلك
الطفل يبكي ، يأبى ان يأخذ الرضاعة ،، من يديك ، يريد ثديك ،،راغبا في لحظات من الحنان يقضيها بأحضانك الدافئة ،، لماذا تتوترين ؟؟ وكم يغلي دمك وتفور أعصابك ،، ويستبد بك القلق ، وطفلك الجميل ،، بين يديك يريد ان تلقميه ثديك ،، أصابعه البضة الصغيرة ، تحيط بصدرك ، وتمسك حلمتك ، لماذا يفور دمك ؟؟ وهذا المخلوق الوديع ،، يستكين بين يديك ، طامعا في بعض قطرات ، من حليبك الدافيء اللذيذ
- كوني هادئة ، ليشف حليبك في صدرك ، ويكون نافعا للإرضاع ، ان بقيت متوترة ، لا تسقيه من الحليب الثائر
الطفل يبكي ،، يتوالى صراخه ، الرضاعة الصناعية ما عاد يريدها ، يطلبك أنت أمه ، لتقومي بواجبك في إشباعه ، هذا طفلك الرقيق ، اللدن ،، الضعيف ، ما زال يستنجد بك ،، راغبا ان تمنحيه لحظات من عبق دفئك
- لااريد أطفالا ، ان تماديت في رغبتك ، ولم تتخلصي من هذا المعتوه ،، سوف أهجرك
أنت حائرة ، كيف يمكنك ان تسكتي ثورة الغليان التي استولت على أعصابك ، وتركتك نهبا لعواطف متصارعة داخلك
- ابتعدي عن التوتر قبل الرضاعة وأثناءها ، طفلك بحاجة الى هدوئك ، ليستمد شعوره من الحنان ، ابذلي جهدك ، ابعدي كل شيء عن فكرك ، طفلك هو الوحيد الذي يجب ان تفكري براحته
- لااريد أطفالا حمقى أغبياء ، تخلصي من هذا الجنين ، لأبق محبا لك
تراجعين سنين حياتك الآفلة ، وكلماته التي انطلقت كالسم تقض مضجعك:
- تكفلي أنت بالطفل ،، أنا راحل إلى بلاد بعيدة
الطفل يعلو صراخه ، وأنت في حيرة من أمرك ، أمور عديدة تهيج بك الأحزان ، وتراكم المخاوف ، تركك وحيدة ، وهذا الطفل الرقيق ،، ما زال يصرخ ، ضارعا ان تمنحيه صدرك الناهد الجميل
- اتركي متاعبك ، تخلي عن الهموم والأحزان ، خذي الطفل بين ذراعيك الجميلتين ، وألقميه قطرات من حنانك
الطفل يصرخ ،، طالبا حليبك الشهي ، وأنت تحاولين ،، لماذا تتوترين ؟؟ أ لأنه تركك ومضى ، متناسيا عواطفك ،، ورحل بعيدا
تتنفسين بعمق طاردة ،، مخاوفك ،، لم تتوترين ؟؟ ولم يحظى من هجرك بحبك ؟؟، وهذا المسكين بض العظام ،، يئن جوعا ، أليس من واجبك ان تمنحيه حنانك ، وان تكرميه من دفئك الذي هجره الآخر لا مباليا
- اهدئي ، تناسي أحزانك ، فكري بأمر واحد ان طفلك يريد أن تحضنيه ، لترضعيه حليبك اللذيذ
- الطفل يبكي ، لا تفكري بمن هجرك ، ولم يفكر حتى بتقديم المبررات لرحيله ، واستهان بحبك ، وبالطفل الجميل
- ذراعاك يحيطان بطفلك ، لم تعد صرخاته عالية ، تضعينه في حضنك ،، تمسكين صدرك الناهد ، وتضعين حلمتك في فمه ، يصمت الصراخ ، ويد رقيقة حانية تحيط بك ، لتزيل عنك الهموم ، وتبعد الأحزان ، وتصبحين قوية قادرة على النسيان


صبيحة شبر

د- صلاح الدين محمد ابوالرب
10/11/2006, 08:53 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الفاضلة صبيحة شبر

اسمحيلي ان اقتبس منك
( ويد رقيقة حانية تحيط بك ، لتزيل عنك الهموم )

أقول يكفي هذه الجملة التى تحمل من المشاعر والدفأ الشىء الكثير
هذه الجملة هي سر الحياة ..لا ينطق بها الا صاحب الاحاسيس
احيك على هذه القصة وعلى طريقة سرد الصراع الازلى

صبيحة شبر
11/11/2006, 01:17 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الفاضلة صبيحة شبر

اسمحيلي ان اقتبس منك
( ويد رقيقة حانية تحيط بك ، لتزيل عنك الهموم )

أقول يكفي هذه الجملة التى تحمل من المشاعر والدفأ الشىء الكثير
هذه الجملة هي سر الحياة ..لا ينطق بها الا صاحب الاحاسيس
احيك على هذه القصة وعلى طريقة سرد الصراع الازلى
الاخ العزيز صلاح الدين محمد ابو الرب
اطلالتك البهيجة اسعدتني
اشكرك كثيرا
دمت مع خالص مودتي

مصطفى لغتيري
11/11/2006, 02:00 AM
تتميزهذه القصة في رأيي بما يلي..
أولا - توظيفها لضمير المخاطب ،وهو ضمير قلما يلتفت إليه الكتاب ،رغم جماليته وعمقه الحكائي.
ثانيا - قوة تعابيرها العاطفية الجياشة،التي تناسب المقام هنا ، فشخصيتا الأم والرضيع لا يمكن إلا أن تثير العواطف.
ثالثا - وكعادة قصص مبدعتنا صبيحة شبر ،سلاسة الأسلوب ورقته.
تحياتي القلبية.

نزار ب. الزين
11/11/2006, 02:04 AM
أختي الفاضلة الأديبة صبيحة
غريب أمر الشبان الذين هم على هذه الشاكلة ، ما أن تحمل نساؤهن حتى يقلبون لهن ظهر المجن ، بالتأكيد هي الأنانية الصرفة ، فواحدهم يريد زوجة تستمر بتدليله كما كانت أمه تفعل ، يريدها أن تنصرف إليه بكليتها دون أن يشاركه في حبه أو في خدمته و إرضاء رغباته أحد .
لقد مرت أمامي الكثير من مثل هذه العينات و وقفت تجاهها مذهولا ، قالها لي صريحة أحدهم : " أنا لا أحب الأطفال ، لا أحب صياحهم ، و لست مستعدا لتحمل مسؤولياتهم ! " بينما نجد آخرين يتحرقون شوقا لبسمة طفل !
أفلحت يا أختي باستثارة مشاعري و بالتأكيد هكذا ستكون مشاعر قرائك الآخرين .
دمت و دام إبداعك
نزار

صبيحة شبر
11/11/2006, 06:54 PM
تتميزهذه القصة في رأيي بما يلي..
أولا - توظيفها لضمير المخاطب ،وهو ضمير قلما يلتفت إليه الكتاب ،رغم جماليته وعمقه الحكائي.
ثانيا - قوة تعابيرها العاطفية الجياشة،التي تناسب المقام هنا ، فشخصيتا الأم والرضيع لا يمكن إلا أن تثير العواطف.
ثالثا - وكعادة قصص مبدعتنا صبيحة شبر ،سلاسة الأسلوب ورقته.
تحياتي القلبية.
المبدع العزيز مصطفى لغتيري
قراءتك الجميلة اسعدتني
اشكرك على الثناء
دمت مبدعا متوهجا

صبيحة شبر
11/11/2006, 06:56 PM
أختي الفاضلة الأديبة صبيحة
غريب أمر الشبان الذين هم على هذه الشاكلة ، ما أن تحمل نساؤهن حتى يقلبون لهن ظهر المجن ، بالتأكيد هي الأنانية الصرفة ، فواحدهم يريد زوجة تستمر بتدليله كما كانت أمه تفعل ، يريدها أن تنصرف إليه بكليتها دون أن يشاركه في حبه أو في خدمته و إرضاء رغباته أحد .
لقد مرت أمامي الكثير من مثل هذه العينات و وقفت تجاهها مذهولا ، قالها لي صريحة أحدهم : " أنا لا أحب الأطفال ، لا أحب صياحهم ، و لست مستعدا لتحمل مسؤولياتهم ! " بينما نجد آخرين يتحرقون شوقا لبسمة طفل !
أفلحت يا أختي باستثارة مشاعري و بالتأكيد هكذا ستكون مشاعر قرائك الآخرين .
دمت و دام إبداعك
نزار
المبدع القدير نزار ب.الزين
الناس معادن ايها العزيز
شكرا لتقييمك الجميل
دمت مبدعا للجمال

ظلال
12/11/2006, 12:08 PM
أستاذتي صبيحة
رائع تعبيرك عن حالة انسانية نراها ونسمعها ونحياها بجوارحنا كل يوم .
سرقتني الى عالمك وأنا اقرأها سطرا سطرا.
فتحية اجلال لك أستاذتي

صبيحة شبر
12/11/2006, 10:42 PM
أستاذتي صبيحة
رائع تعبيرك عن حالة انسانية نراها ونسمعها ونحياها بجوارحنا كل يوم .
سرقتني الى عالمك وأنا اقرأها سطرا سطرا.
فتحية اجلال لك أستاذتي
العزيزة المبدعة ظلال
اسعدني تقييمك الجميل
وكلماتك العابقة بالشذى
دمت بخير وسرور