نورية العبيدي
05/10/2007, 11:48 AM
مقدمــــــــة
نبذ عن اختبار زوندي الاسقاطي
ماذا يعني أن تُستخدَم صور فوتوغرافية لتكون أداة لتشخيص سمات مرضية؟ وكيف يمكن أن تُعد مجموعة من ثمان وأربعين صورة أخذت في بداية القرن العشرين، "مقياسا صادقا" لتشخيص سمات نفسية؟ وهل يمكننا حقا أن نكتشف شيئا عميقا في شخص ما، بمجرد سؤاله أن يختار من ثمان وأربعين صورة ونسجل الأجوبة؟ هذه بعض الأسئلة التي تود الباحثة أن تضعها في مستهل هذا البحث؛ لمناقشة استخدام الصور الفوتوغرافية في التحليل النفسي وفي تشخيص أمراض عقلية من خلال اختبار نفسي هو اختبار زوندي.
ما اختبار زوندي، ومن معده؟ وأين طبق؟
إن اختبار زوندي هو تقنية إسقاطية سمي بهذا الاسم تبعا إلى معده الطبيب النفسي الهنغاري، ليبوت زوندي Szondi Lepot (1893- 1986). وكان هذا الاختبار قد نال شهرة واسعة في أوربا وفي أميركا بعد الحرب العالمية الثانية؛ وعلى الرغم من أن الاختبار تعرض في مستهل نشره إلى انتقادات من قبل حلقات مختلفة لأطباء نفسيين، إلا أنه اكتسب شيئا فشيئا مكانة مهمة لأن يكون تقنية إسقاطية وبخاصة خلال الخمسينات والستينات من القرن المنصرم. أما خلال السبعينات فقد أفل نجمه، إلا أنه لم يُهمل تماما، وبعث ثانية ليسطع نجمه عالميا منذ بداية الثمانينات ولا يزال مستخدما في بلدان عديدة مثل البرازيل، واليابان، وهنغاريا، وألمانيا، وأسبانيا، وفرنسا، ولاسيما في أميركا، فقد استخدم الاختبار على نطاق واسع في رسائل الماجستير Theses وأطاريح الدكتوراه Dissertations؛ وديموغرفيا، طبق الاختبار على عناصر عرقية مختلفة، وعلى الجنسين، وتبعا للمستوى الاقتصادي، وعلى المجموعات الدينية، وأطفال المدارس، والمراهقين الجانحين، ونزلاء السجون، وعلى اللاهوتيين، وطلبة الجامعة، والمرضى المصابين بالسكر، والمرضى المصابين بسرطان الثدي، والمصابين بأمراض عقلية (Milton, 2000, p.1).
زوندي، من هو؟
ولد ليبوت زوندي عام 1893 في هنغاريا. ونال شهادة في الطب من جامعة بودابست Budapest عام 1919. وقد شغل في تلك الجامعة، مناصب أكاديمية مختلفة في مجال الطب Medicine والطب النفسي Psychiatry بعد نيله الشهادة، وخلال تلك السنوات، توصل إلى وضع مذهب الحتمية الجينية genetic determinism، الذي صار فيما بعد مع التحليل النفسي الفرويدي الأساس لاختباره الذي نحن بصدد مناقشته. فقد توصل من خلال سلسلة المذهب الجيني، إلى نظرية عامة في القضاء والقدر predestination؛ أطلق عليها اسم "Shicksalanalyse" بالألمانية، و"Fate analysis" أو "analysis of destiny" بالإنكليزية، وتعني بالعربية "تحليل القدر". وأجبرته الحرب العالمية الثانية أن يغادر هنغاريا إلى سويسرا، حيث واصل تطوير نظريته واقتسم العمل في ذلك مع أطباء نفسانيين آخرين ومتخصصين في علم النفس في أرجاء العالم
(Milton, 2000, p.1).
بم تأثر زوندي؟
تأثر زوندي تأثُّراً كبيراً بنظرية التحليل النفسي، وبالجانب البيولوجي والوراثي، وكان افتراض زوندي في اختباره، وفي اختيار العينة للصور الفوتوغرافية هو أن يكون على أساس العلاقة الجينية التي تربط المستجيب مع الشخص المتمثل في الصورة. وهذا يعني أن الشخص المتمثل في الصورة المختارة يعاني من اضطراب سيكترى
(disorder psychiatric a) وهذا متأصل كذلك في سلالة عائلة المستجيب، وفي حقيقة الأمر، فإن الهدف الرئيس لاختبار زوندي، هو الكشف عن "اللاشعور العائلي" familial unconscious الذي يحتوي على السلالة الكاملة للمستجيب. وعليه، فإن الناس على وفق نظرية زوندي محكومون بالقدر الذي تحدده صفات جيناتهم الكامنة
(Szondi, Moser, and Webb, 1959, p.7).
كيف يكون اختبار زوندي تقنية إسقاطية؟
يمكن أن يعد الاختبار تقنية إسقاطية. فقد وجد أن صور زوندي الفوتوغرافية تحقق شرطين أساسيين للاختبار الاسقاطي. الأول، أنه يستهدف الكشف عن الذات الداخلية inner self للفرد الذي يختار الصور. وثانيا، إن هذا الفرد هو غير واع بما يفعل. وبهذا المعنى فإن الاختبار هو حصيلة لنظرية زوندي. وإن الصور المستخدمة في اختبار زوندي لها قوة لإثبات نفسها بنفسها: "إنها تفترض أن الصور الممثلة لعوامل الدافع توجّه تداعيات العينة نحو مجالات الدافع التي تشكل جوهر الصور المعروضة" ( Szondi, 1952, p.23).
والخلاصة أن هذا التفسير للاختيار اصبح مثالا لمفاهيم كل من Urla and Terrys في تشخيص الانحراف embodied deviance، وفُهمت على أنها "معتقد خاص تاريخي وحضاري، حيث أن السلوك الاجتماعي الشاذ (كيفما يكُنْ) يظهر في مادية الجسمmateriality of the body ، على أنه سبب أو نتيجة، وإن أجوبة المستجيب خلال الاختبار تصبح إثباتا واضحا على انحرافه (Urla & Terry, 1995, p.2).
ما علاقة الهيئة الخارجية بالطبيعة الداخلية؟ ومتى استخدم التصوير الفوتوغرافي في مجال الطب النفسي؟
إن المعتقد الذي يقول أن الهيئة الخارجية للشخص تدل على طبيعته أو طبيعتها الداخلية هو معتقد سائد منذ زمن بعيد. وعلى أساس هذا الافتراض، فإن وجه الإنسان يعبر عن جوهر طبيعته. وعلم الفراسة Physiognomy هو فن يكشف مزاجاً أو ميزةً في الإنسان من مظهره الخارجي، وهو فن قائم منذ زمن بعيد ولا يزال لحد الآن. ولسنا بصدد تغطية التأريخ الكامل لعلم الفراسة؛ إلا أننا يمكن أن نقول أن نماذج تاريخية قد استخدمت علامات الوجه لوصف سمات نفسية منذ عهد أرسطو إلى كونفوشيوس Confucius إلى شكسبير (Zebrowitz 1997). وإن النظريات التي تدعم معتقدات ذوي الفراسة قد تغيرت عبر السنين، ومع ذلك، لا زالت في وقتنا الحاضر هنا وهناك، أفكارا ما، تدور حول تعبيرات الوجه؛ وإن لم يكن من المهم من أين أخذت، فإن الافتراض العام هو أنه يوجد ربط بين هيئة الوجه وخصائص العقل. وبقدر ما هنالك من فكرة عن كيفية النظر لـ "السواء" normality ، فإن هنالك ما يناظرها من فكرة تبين كيف ينظر لـ "اللاسواء" abnormality. وليس هناك مكان ينطبق عليه هذا الافتراض بقوة أكثر من حالة الانحراف، إما على شكل أمراض عقلية، أو سلوك إجرامي أو على شكل قدرة عقلية؛ وبكلام آخر، قد يكون الافتراض أيضا بين الاعتلال النفسي Psychopathology وهيئة الشخص appearance. ويذكر & Terry Urla أن الأفكار العلمية والشعبية الغربية التي تعتقد أن الأفراد المتماثلين بانحرافهم اجتماعيا، قد يكونون مختلفين جسميا عن "السوي" هي أفكار متواترة بشكل غريب (Urla & Terry,1995, p.1). إن افتراض التفرس معتمد على مواصفات فعلية، ونظرة سريعة لبيانٍ ما، يمكن أن يكون أكثر توضيحا إذا كانت هناك صور مصاحبة للوصف. فحتى منتصف الخمسينات من القرن التاسع عشر، نظرت العلوم الطبية إلى وجوه الجنون faces of madness ويبدو ذلك واضحا من خلال الأمثلة الموضحة في الكتب المدرسية. وأساس النظرية في الفراسة كان قد قدمها بالتحديد في القرن الثامن عشر العالم السويسري Johan Casper Lavater (1741-1801)، وبقيت مؤثرة إلى القرن التالي (Zebrowitz, 1997). وعند النصف الثاني من القرن التاسع عشر، حلت الصور شيئا فشيئا مكان تلك الأساليب القديمة للبيان representation. فقد فحص داروين Darwin الصور الفوتوغرافية الخاصة بالمجانين في دراسته عن التطور "التعبير عن الانفعالات لدى الإنسان والحيوانات" (Darwin, 1965). ومهما يكن من أمر، فإن ما هو موثَّق حول استخدام الصور الفوتوغرافية في مجال الطب النفسي، يبيّن أن أول من استخدم الصور الفوتوغرافية في هذا المجال هو الطبيب النفسي الإنكليزي Hugh W. Diamond. فقد صور مرضاه عندما كان عالم فراسة ومراقباً مقيماً في قسم الإناث في ملجأ المجانين السري، على أنه إجراء ضمن عمله السريري ليطابق أصنافاً مشخصة مختلفة من الأمراض العقلية وقدم تقريرا موضحا عن عمله إلى جمعية لندن الملكية للطب في عام 1856 (Gilam, 1976, p.10). وقدم Gilman أمثلة أخرى تناولت تطبيقات للصور. ففي السبعينات من القرن التاسع عشر "صور نزلاء ملجأ الأيتام الذي كان يديره Thomas John Barnardo لتسجيل معدل التغيرات الجسمية physical التي تطرأ عليهم في بيئتهم الجديدة" (Gilman, 1976, pp.10-11). وفي الثمانينات من القرن نفسه، صور السير ويليام شارلس نزلاء في ملجأ Bethlehem. وهذا يعني أن هذه الممارسة لم تكن شيئا غير مألوف (Gilman, 1976, pp.10-11). وبمرور الوقت بدأ زوندي يطور نظرياته ويبني اختباره باستخدام التصوير الفوتوغرافي، حيث كان يعمل في مجال الطب النفسي، ويمارس كل ما هو متعارف عليه في المؤسسات الأكاديمية، كالتطبيق العملي للملاحظة، وتدوين ما يدعو إلى الاهتمام، وكان ذلك مترابطا بإحكام مع بنية علوم الطب النفسي Psychiatry (Tagg, 1993, p.5). وإذن، فليس هناك ما يدعو للدهشة إن كان التصوير الفوتوغرافي الذي تخلل بشكل عام كل مظاهر الحياة تقريبا، وبتأثيره في الحضارة، أن ينفذ لمجال كهذا (Ruby, 1981, pp.19-32).
ما العلاقة بين نظرية زوندي واختباره؟
يتبع :
:
نبذ عن اختبار زوندي الاسقاطي
ماذا يعني أن تُستخدَم صور فوتوغرافية لتكون أداة لتشخيص سمات مرضية؟ وكيف يمكن أن تُعد مجموعة من ثمان وأربعين صورة أخذت في بداية القرن العشرين، "مقياسا صادقا" لتشخيص سمات نفسية؟ وهل يمكننا حقا أن نكتشف شيئا عميقا في شخص ما، بمجرد سؤاله أن يختار من ثمان وأربعين صورة ونسجل الأجوبة؟ هذه بعض الأسئلة التي تود الباحثة أن تضعها في مستهل هذا البحث؛ لمناقشة استخدام الصور الفوتوغرافية في التحليل النفسي وفي تشخيص أمراض عقلية من خلال اختبار نفسي هو اختبار زوندي.
ما اختبار زوندي، ومن معده؟ وأين طبق؟
إن اختبار زوندي هو تقنية إسقاطية سمي بهذا الاسم تبعا إلى معده الطبيب النفسي الهنغاري، ليبوت زوندي Szondi Lepot (1893- 1986). وكان هذا الاختبار قد نال شهرة واسعة في أوربا وفي أميركا بعد الحرب العالمية الثانية؛ وعلى الرغم من أن الاختبار تعرض في مستهل نشره إلى انتقادات من قبل حلقات مختلفة لأطباء نفسيين، إلا أنه اكتسب شيئا فشيئا مكانة مهمة لأن يكون تقنية إسقاطية وبخاصة خلال الخمسينات والستينات من القرن المنصرم. أما خلال السبعينات فقد أفل نجمه، إلا أنه لم يُهمل تماما، وبعث ثانية ليسطع نجمه عالميا منذ بداية الثمانينات ولا يزال مستخدما في بلدان عديدة مثل البرازيل، واليابان، وهنغاريا، وألمانيا، وأسبانيا، وفرنسا، ولاسيما في أميركا، فقد استخدم الاختبار على نطاق واسع في رسائل الماجستير Theses وأطاريح الدكتوراه Dissertations؛ وديموغرفيا، طبق الاختبار على عناصر عرقية مختلفة، وعلى الجنسين، وتبعا للمستوى الاقتصادي، وعلى المجموعات الدينية، وأطفال المدارس، والمراهقين الجانحين، ونزلاء السجون، وعلى اللاهوتيين، وطلبة الجامعة، والمرضى المصابين بالسكر، والمرضى المصابين بسرطان الثدي، والمصابين بأمراض عقلية (Milton, 2000, p.1).
زوندي، من هو؟
ولد ليبوت زوندي عام 1893 في هنغاريا. ونال شهادة في الطب من جامعة بودابست Budapest عام 1919. وقد شغل في تلك الجامعة، مناصب أكاديمية مختلفة في مجال الطب Medicine والطب النفسي Psychiatry بعد نيله الشهادة، وخلال تلك السنوات، توصل إلى وضع مذهب الحتمية الجينية genetic determinism، الذي صار فيما بعد مع التحليل النفسي الفرويدي الأساس لاختباره الذي نحن بصدد مناقشته. فقد توصل من خلال سلسلة المذهب الجيني، إلى نظرية عامة في القضاء والقدر predestination؛ أطلق عليها اسم "Shicksalanalyse" بالألمانية، و"Fate analysis" أو "analysis of destiny" بالإنكليزية، وتعني بالعربية "تحليل القدر". وأجبرته الحرب العالمية الثانية أن يغادر هنغاريا إلى سويسرا، حيث واصل تطوير نظريته واقتسم العمل في ذلك مع أطباء نفسانيين آخرين ومتخصصين في علم النفس في أرجاء العالم
(Milton, 2000, p.1).
بم تأثر زوندي؟
تأثر زوندي تأثُّراً كبيراً بنظرية التحليل النفسي، وبالجانب البيولوجي والوراثي، وكان افتراض زوندي في اختباره، وفي اختيار العينة للصور الفوتوغرافية هو أن يكون على أساس العلاقة الجينية التي تربط المستجيب مع الشخص المتمثل في الصورة. وهذا يعني أن الشخص المتمثل في الصورة المختارة يعاني من اضطراب سيكترى
(disorder psychiatric a) وهذا متأصل كذلك في سلالة عائلة المستجيب، وفي حقيقة الأمر، فإن الهدف الرئيس لاختبار زوندي، هو الكشف عن "اللاشعور العائلي" familial unconscious الذي يحتوي على السلالة الكاملة للمستجيب. وعليه، فإن الناس على وفق نظرية زوندي محكومون بالقدر الذي تحدده صفات جيناتهم الكامنة
(Szondi, Moser, and Webb, 1959, p.7).
كيف يكون اختبار زوندي تقنية إسقاطية؟
يمكن أن يعد الاختبار تقنية إسقاطية. فقد وجد أن صور زوندي الفوتوغرافية تحقق شرطين أساسيين للاختبار الاسقاطي. الأول، أنه يستهدف الكشف عن الذات الداخلية inner self للفرد الذي يختار الصور. وثانيا، إن هذا الفرد هو غير واع بما يفعل. وبهذا المعنى فإن الاختبار هو حصيلة لنظرية زوندي. وإن الصور المستخدمة في اختبار زوندي لها قوة لإثبات نفسها بنفسها: "إنها تفترض أن الصور الممثلة لعوامل الدافع توجّه تداعيات العينة نحو مجالات الدافع التي تشكل جوهر الصور المعروضة" ( Szondi, 1952, p.23).
والخلاصة أن هذا التفسير للاختيار اصبح مثالا لمفاهيم كل من Urla and Terrys في تشخيص الانحراف embodied deviance، وفُهمت على أنها "معتقد خاص تاريخي وحضاري، حيث أن السلوك الاجتماعي الشاذ (كيفما يكُنْ) يظهر في مادية الجسمmateriality of the body ، على أنه سبب أو نتيجة، وإن أجوبة المستجيب خلال الاختبار تصبح إثباتا واضحا على انحرافه (Urla & Terry, 1995, p.2).
ما علاقة الهيئة الخارجية بالطبيعة الداخلية؟ ومتى استخدم التصوير الفوتوغرافي في مجال الطب النفسي؟
إن المعتقد الذي يقول أن الهيئة الخارجية للشخص تدل على طبيعته أو طبيعتها الداخلية هو معتقد سائد منذ زمن بعيد. وعلى أساس هذا الافتراض، فإن وجه الإنسان يعبر عن جوهر طبيعته. وعلم الفراسة Physiognomy هو فن يكشف مزاجاً أو ميزةً في الإنسان من مظهره الخارجي، وهو فن قائم منذ زمن بعيد ولا يزال لحد الآن. ولسنا بصدد تغطية التأريخ الكامل لعلم الفراسة؛ إلا أننا يمكن أن نقول أن نماذج تاريخية قد استخدمت علامات الوجه لوصف سمات نفسية منذ عهد أرسطو إلى كونفوشيوس Confucius إلى شكسبير (Zebrowitz 1997). وإن النظريات التي تدعم معتقدات ذوي الفراسة قد تغيرت عبر السنين، ومع ذلك، لا زالت في وقتنا الحاضر هنا وهناك، أفكارا ما، تدور حول تعبيرات الوجه؛ وإن لم يكن من المهم من أين أخذت، فإن الافتراض العام هو أنه يوجد ربط بين هيئة الوجه وخصائص العقل. وبقدر ما هنالك من فكرة عن كيفية النظر لـ "السواء" normality ، فإن هنالك ما يناظرها من فكرة تبين كيف ينظر لـ "اللاسواء" abnormality. وليس هناك مكان ينطبق عليه هذا الافتراض بقوة أكثر من حالة الانحراف، إما على شكل أمراض عقلية، أو سلوك إجرامي أو على شكل قدرة عقلية؛ وبكلام آخر، قد يكون الافتراض أيضا بين الاعتلال النفسي Psychopathology وهيئة الشخص appearance. ويذكر & Terry Urla أن الأفكار العلمية والشعبية الغربية التي تعتقد أن الأفراد المتماثلين بانحرافهم اجتماعيا، قد يكونون مختلفين جسميا عن "السوي" هي أفكار متواترة بشكل غريب (Urla & Terry,1995, p.1). إن افتراض التفرس معتمد على مواصفات فعلية، ونظرة سريعة لبيانٍ ما، يمكن أن يكون أكثر توضيحا إذا كانت هناك صور مصاحبة للوصف. فحتى منتصف الخمسينات من القرن التاسع عشر، نظرت العلوم الطبية إلى وجوه الجنون faces of madness ويبدو ذلك واضحا من خلال الأمثلة الموضحة في الكتب المدرسية. وأساس النظرية في الفراسة كان قد قدمها بالتحديد في القرن الثامن عشر العالم السويسري Johan Casper Lavater (1741-1801)، وبقيت مؤثرة إلى القرن التالي (Zebrowitz, 1997). وعند النصف الثاني من القرن التاسع عشر، حلت الصور شيئا فشيئا مكان تلك الأساليب القديمة للبيان representation. فقد فحص داروين Darwin الصور الفوتوغرافية الخاصة بالمجانين في دراسته عن التطور "التعبير عن الانفعالات لدى الإنسان والحيوانات" (Darwin, 1965). ومهما يكن من أمر، فإن ما هو موثَّق حول استخدام الصور الفوتوغرافية في مجال الطب النفسي، يبيّن أن أول من استخدم الصور الفوتوغرافية في هذا المجال هو الطبيب النفسي الإنكليزي Hugh W. Diamond. فقد صور مرضاه عندما كان عالم فراسة ومراقباً مقيماً في قسم الإناث في ملجأ المجانين السري، على أنه إجراء ضمن عمله السريري ليطابق أصنافاً مشخصة مختلفة من الأمراض العقلية وقدم تقريرا موضحا عن عمله إلى جمعية لندن الملكية للطب في عام 1856 (Gilam, 1976, p.10). وقدم Gilman أمثلة أخرى تناولت تطبيقات للصور. ففي السبعينات من القرن التاسع عشر "صور نزلاء ملجأ الأيتام الذي كان يديره Thomas John Barnardo لتسجيل معدل التغيرات الجسمية physical التي تطرأ عليهم في بيئتهم الجديدة" (Gilman, 1976, pp.10-11). وفي الثمانينات من القرن نفسه، صور السير ويليام شارلس نزلاء في ملجأ Bethlehem. وهذا يعني أن هذه الممارسة لم تكن شيئا غير مألوف (Gilman, 1976, pp.10-11). وبمرور الوقت بدأ زوندي يطور نظرياته ويبني اختباره باستخدام التصوير الفوتوغرافي، حيث كان يعمل في مجال الطب النفسي، ويمارس كل ما هو متعارف عليه في المؤسسات الأكاديمية، كالتطبيق العملي للملاحظة، وتدوين ما يدعو إلى الاهتمام، وكان ذلك مترابطا بإحكام مع بنية علوم الطب النفسي Psychiatry (Tagg, 1993, p.5). وإذن، فليس هناك ما يدعو للدهشة إن كان التصوير الفوتوغرافي الذي تخلل بشكل عام كل مظاهر الحياة تقريبا، وبتأثيره في الحضارة، أن ينفذ لمجال كهذا (Ruby, 1981, pp.19-32).
ما العلاقة بين نظرية زوندي واختباره؟
يتبع :
: