المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صـــــــــورة



Saber Mahmoud
09/10/2007, 08:31 PM
كانت تجلس في مواجهته عن غير بعد تلاعب طفلها الصغير. جلست إلي جوارها مجموعة من الشباب ، كانوا يأكلون ويطلقون ضحكات عالية. ولمَّا فرغوا من أكلهم، نهضوا لمغادرة المكان تاركين أكياسًا وعلبا فارغة... نظر باهتمام إلي المهملات. لاحظت هي الغضب البادي على وجهه فهمست لطفلها وأشارت إلي المهملات. وما كان منِّه إلا أن تبسم حين رأي الطفل يجري ويجمع العلب والأكياس في نشاط وخفة.

ظل يراقب الطفل باهتمام إلى أن ألقى بالمهملات بعيدًا. لاحظت اهتمامه بطفلها فتبسمت. لكنه فزع حين رآها تهرول مذعورة ناحية طفلها الذي تعثرت قدمه فسقط على الأرض، وظل يصرخ ويحرك قدميه كطير ينتفض بعد ذبحه، و لم يشأ أحد من الجالسين هناك أن يرفعه عن الأرض أو يهدأ من روعه. طفقت تكفكف دمع طفلها وتداعبه وتضمه إلي صدرها. ثم ذهبت به بعيدًّا. لكنها قبل أن تغادر المكان توقفت وهي في حالة من الغضب، ثم نظرت إليه بعينين متسائلتين و غمغمت بشفتيها وانصرفت.

ابراهيم درغوثي
12/10/2007, 12:24 AM
صابر محمود
بين رقة هذه الام و غلظة هذا الرجل
في مسرح الرجال
تدور أحداث هذه القصة
هذه القصة التي تجعلك تتساءل عن انسانية الانسان
في عالم بلا أخلاق

فيصل الزوايدي
12/10/2007, 12:31 AM
يا لها من صورة اخي صابر تفضح صورنا بعيدا عن مساحيق التجميل و الاقنعة
مع المودة

سعيد نويضي
12/10/2007, 03:26 AM
بسم الله الرحمن الرحيم...

الأستاذ صابر...قصة"صورة"...هي قصة الحوار الصامت حول واقع يحمل من عبثية الشباب... الذي لا يعطي أهمية لجمالية المكان...و في المقابل يجعل من الفرد "الناضج" عنوانا للحفاظ على نظافة و جمالية المكان...فالرجل لم يرقه المشهد...و في نظرته كان تعبيره...و المرأة بحدسها أدركت المقصود...فبادرت إلى تصحيح الوضع...بوضع كل شيء في المكان المخصص له...و أعطت إشارتها للطفل ليقوم بما كان يجب أن يقوم به الشباب... فكأنه وكل الأم بمسألة زرع هذا الشكل من السلوك في الأجيال القادمة...و إلى هنا كل شيء عادي...ما عدا "الحوار الصامت"...و كأن العيون تحمل من الكلمات ما يغنيك عن صوت اللغة...لكن عقدة القصة حين سقط الطفل بعدما وضع العلب و الأكياس في المهملات...فلم يتحرك احد من الحاضرين و كأنهم لا يعنيهم الأمر...فهرولت الأم بحكم غريزة الأمومة...و بحكم رحمة الأم بفلدة كبدها مسرعة إلى ابنها...و هنا روعة القصة... هي ما مر بخيالها من حمولة ثقافية كسبب لسقوط طفلها...فتساءلت و غمغمت أو همهمت ثم انصرفت...لأن ليس لديها ما يثبت ما ذهب به خيالها...

دمت مبدعا...فالثقافة الشعبية فيها من الحكم...ما يجعل الإنسان يسمي الله عز و جل في كل شيء...و في رعاية الله...

الدكتور سعد الطائي
12/10/2007, 05:32 PM
استاذ صابر محمود...سرد جذاب لاحداث قصة شائعة..مبروك
الدكتور سعد الطائي

Saber Mahmoud
12/10/2007, 09:25 PM
الأستاذ إبراهيم درغوثي
يسعدني دائما مرورك وتعليقك
نعم لقد غابت عن بعض الإنسان إنسانيته فاستحق اللوم.
لكن ماذا تقصد بقولك: " غلظة هذا الرجل"؟
في الحقيقة ما أردت له أن يكون غليظا؛ فقد فزعه سقوط الطفل وساءه موقف الرجال القريبين من الطفل ولم يساعدوه و لهذا نظرت إليه بعينيها المتسائلتين قبل أن تنصرف.
أنتظر ردك.
عيد سعيد وكل عام أنتم بخير!

Saber Mahmoud
12/10/2007, 09:28 PM
أخي فيصل
شكرًا لمرورك وتعليقك
كثيرون من يتشدقون بأقوال دون أفعال، وعلي العاقل أن يدرك الخطأ ويصوبه
عيد سعيد وكل عام أنتم بخير!

Saber Mahmoud
12/10/2007, 09:42 PM
الأستاذ سعيد نويضي
أسعدتني قراءتك الفاحصة لقصتي المتواضعة. نعم إنه الحوار الصامت الذي استمر حتى نهاية القصة: في البداية تفهمت الأم نظرة الرجل الغاضبة , ودفعت بابنها تزيل به الأذى وتعلمه، وقبل أن تغادر نظرت إليه متسائلة؛ فهو أقدر الموجودين هناك علي فهم ما بداخلها وما تشعر به من غضب، وغمغمت بشفتيها غضبًا من أولئك الرجال وربما غضبا منه لأنه لم يفعل شيئًا تجاههم: فليس الإصلاح بالتعاطف وحده. ثم انصرفت؛ لأنه لا يمكن البقاء بمكان كهذا، وهذا أضعف الإيمان.
هذه هي الصورة التي أردت أن ارسمها.
سعدت برؤيتك للقصة وسأسعد بتعليق جديد لك!
عيد سعيد وكل عام أنتم بخير!

Saber Mahmoud
12/10/2007, 09:56 PM
الدكتور سعد الطائي
أشكر لك جميل كلماتك، فمثلها هو الذي يدفعني إلي المزيد.
عيد سعيد وكل عام أنتم بخير!