المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نقض النظرية الديالكتيكية عند الشيوعين



معاذ أبو الهيجاء
13/10/2007, 06:53 PM
يقول علماء الشيوعية : إن الديالكتيك لا يعتبر الطبيعة تراكماً عرضياً للأشياء، أو حوادث بعضها منفصل عن بعض، أو أحدها منعزل مستقل عن الآخر، بل يعتبر الطبيعة كلاً واحداً متماسكاً، ترتبط فيه الأشياء والحوادث ارتباطاً عضوياً، ويتعلق أحدها بالآخر، ويكون بعضها شرطاً لبعض بصورة متقابلة. لذلك يعتبرون أن أي حادث من حوادث الطبيعة لا يمكن فهمه إذا نظر إليه منفرداً بمعزل عن الحوادث المحيطة به. إذ أن أي حادث في أي ميدان من ميادين الطبيعة يمكن أن ينقلب إلى عبث فارغ لا معنى له إذا نظر إليه بمعزل عن الشروط التي تكتنفه، وإذا فصل عن هذه الشروط. وعلى العكس يمكن فهم أي حادث من الحوادث وتبريره إذا نظر إليه من حيث ارتباطه ارتباطاً لا ينفصم بالحوادث المحيطة به. أي إذا نظر إليه كما تحدده وتكيفه الحوادث التي تحيط به. وهذا يعني أن الشمس مرتبطة ارتباطاً لا ينفصم بحركتها وبحركة الكواكب المحيطة بها، ويعني أن الإنسان مرتبط بالبلد الذي يعيش فيه ارتباطاً لا ينفصم، ويعني أن الحياة الموجودة في الكائن الحي مرتبطة بحلولها في الكائن الحي إن إنساناً أو حيواناً أو شجرة ارتباطاً لا ينفصم وأنه لا يمكن فهم الشيء إلا بالحادثة التي تكتنفه كما لا يمكن فهم الحادثة إلا بالشيء والأشياء التي تكتنفها. فيكون الشيء أو الحادثة كما تحدده الحوادث أو الأشياء التي تحيط به وليس كما تحدده ماهيته.
هذهه خلاصة رأيهم و هي :أن الطبيعة كل واحد متماسك ترتبط فيه الأشياء والحوادث فيما بينها ارتباطاً تاماً.

معاذ أبو الهيجاء
13/10/2007, 06:55 PM
و الرد عليها هو : هذا التصورما هو إلا فروض و تخيلات ، فإن الطبيعة هي مجموع الأجرام ومجموع النظام الذي تسير عليه، وبالنسبة لكوكب الأرض التي نعيش عليها هي عبارة عن القوانين التي تسير الأرض وما فيها من قابليات الحياة مع الأرض والأشياء التي عليها. فهذه الطبيعة أي الأشياء وقوانينها كل متماسك الأجزاء من حيث الكون كله، ومن حيث الأرض كلها، ومن حيث كل كوكب بوصفه كلاً. أما من حيث كل كوكب ومن حيث الأرض بالذات، فإنها في أشيائها الخاصة بها وقوانينها الخاصة بها غير مرتبطة بغيرها، بل هي من هذه الجهة منعزلة عن غيرها، وتعيش في وسط يتعلق بها وحدها من أشياء وقوانين، وإن كان ذلك يجري ضمن الإطار العام الجماع للكون. وكذلك الأشياء التي على الأرض مع قوانينها فإنها من حيث كل شيء فيما يتعلق به منفردة عن غيرها، ولكل شيء قوانين خاصة به، وغير مرتبط بغيره، وإن كان ذلك يجري ضمن قوانين الأرض ثم ضمن قوانين الكون، وهذا فيما يتعلق بالكوكب وبالأرض بالذات قد ظهر جلياً بشكل ملموس بعد رحلات الفضاء، حيث قد ثبت انقطاع الوزن عند وصول الشخص إلى مكان تعادل الجاذبيات فلم تعد جاذبية الأرض تؤثر عليه، إذ في النقاط التي تتعادل فيها جاذبية كوكبين أو أكثر تنعدم الجاذبية فيكون الشخص كأنه خرج من جاذبية الأرض فلم تعد قوانينها تؤثر عليه، وهذا يعني أن للأرض قوانين خاصة بها غير مرتبطة أي القوانين بغيرها أي بغير الأرض من الكواكب، وتجري بشكل منفرد، وإن كان لها قوانين أخرى مرتبطة بغيرها من الكواكب. فكل كوكب مرتبط مع غيره بقوانين، ومنفصل عن غيره بقوانين خاصة به غير مرتبطة بغيره. وهو فيما يتعلق بالأشياء والحوادث على الأرض واضح ملموس، فالزلازل في إيران لم يتأثر بها العراق، والبراكين في جهة لا تتأثر بها جهة أخرى لم يصل إليها تأثيرها. وما يجري على الحيوان لا يجري على الإنسان، فالحيوان يمشي على أربع، ويفقد الإدراك العقلي، ويعيش حسب الطاقة الحيوية من غرائز وحاجات عضوية، والإنسان يمشي على رجليه ويستعمل يديه على خلاف استعمال رجليه، ويملك الإدراك العقلي، وسلوكه في الحياة إنما هو حسب مفاهيمه وليس حسب غرائزه وحاجاته العضوية فحسب. وما عليه الجمادات غير ما عليه الكائن الحي فالجمادات لا تحتاج إلى غذاء والكائن الحي يحتاج إلى غذاء، والجمادات لا تحس وبعض الكائنات الحية تحس، والجمادات ليست لديها طاقة حيوية من غرائز وحاجات عضوية، وبعض الكائنات الحية لديها طاقة حيوية من غرائز وحاجات عضوية. ثم أن الإنسان نفسه يسير في الحياة من حيث الخلق على قوانين واحدة ولكنه يسير في معيشته وعلاقاته على أنظمة مختلفة، وهو يتمتع بالاختيار التام لما يريد من نظام، ومن تفكير ومن عيش. وليس مرتبطاً بالطبيعة ارتباطاً جبرياً، وليست هي التي تسيره في عيشه، بل هو الذي يسير من نفسه مختاراً. ومن هنا كانت هذه النقطة مجرد فرض. فإنهم لما رأوا أن الكون متماسك الأجزاء من حيث سيره ضمن قوانين معينة، وأن كوكب الأرض متماسك الأجزاء من حيث سيره ضمن قوانين معينة، قالوا إن الطبيعة كل متماسك الأجزاء، ونسوا أن هذه الكلية إنما هي في الكلية أي من حيث الكون كله، أي من حيث كليته أو من حيث كلية الشيء. أما من ناحية الأمور الخاصة بالأشياء فإنها متميزة عن غيرها، ومنفردة. فالأرض متميزة عن الزهرة ومنفردة وغير مرتبطة ارتباطاً حتمياً بقوانينها الخاصة، والحديد متميز عن الزئبق ومنفرد عنه وغير مرتبط به ارتباطاً حتمياً في قوانينه الخاصة مع أن كلاً منهما معدن، والإنسان متميز عن الحيوان وغير مرتبط به ارتباطاً حتمياً في قوانينه الخاصة مع أن كلاً منهما حيوان.. وهكذا. فالارتباط الحتمي في كل شيء بين أجزاء الكون وما يحويه غير موجود، بل الموجود هو الارتباط العام فقط.
فالكون وهو مجموع الكواكب، والإنسان، وهو هذا الحيوان الناطق، والحياة وهي الشي القائم في الكائن الحي هي مجموع العالم، فهي ككل مرتبط بعضها ببعض باعتبارها تكون العالم. فالإنسان يحيا في الكون فهو مرتبط بالكون والحياة، ولكن الحياة غير مرتبطة بالإنسان، والكون غير مرتبط بالحياة ارتباطاً جبرياً، والحياة إنما تقوم في الإنسان والحيوان والطير والحشرات والشجر والنبات وما شاكل ذلك، وهذه الأشياء تحيا في الكون فهي مرتبطة به، ولكن الكون غير مرتبط بهذه الأشياء، والإنسان غير مرتبط بهذه الأشياء ارتباطاً جبرياً. ومجموع الأجرام التي تشكل الكون مرتبط بعضها ببعض، فهي تشكل الكون، ولكن الأرض غير مرتبطة بالزهرة والشمس غير مرتبطة بعطارد ارتباطاً حتمياً من حيث جميع خواصها وما يتعلق بها. فيكون الوجود المدرك المحسوس مرتبط بعضه ببعض من حيث الكلية، أي من حيث أنها تكون العالم، ومن حيث أن الأرض بوصفها كلاً أي من حيث هي كوكب مرتبطة بالشمس، ومن حيث أن الإنسان بوصفه كلاً أي من حيث هو إنسان مرتبط بالأرض ومرتبط بالشمس ومرتبط بالحياة، ومن حيث أن الحياة بوصفها كلاً أي من حيث هي حياة مرتبطة بالكون ومرتبطة بالإنسان. فالوجود المدرك المحسوس بوصفه كلاً أجزاؤه الكون والإنسان والحياة مرتبط بعضها ببعض، وبوصف كل جزء من أجزائه يشكل كلاً منفصلاً عن الآخر مرتبط ككل بالآخر من ناحية كليته ومنفصل عنه من ناحية خواصه الخاصة به. فيكون الارتباط إنما هو بالكلية، ولكن كلاً من الكون والإنسان والحياة منفصل عن الآخر بما له من خاصيات وقوانين خاصة به غير مرتبطة بسواه.
ثم أنه ليس كل ما في الوجود المدرك المحسوس مرتبطاً بالآخر، أي ليس الشيء محاطاً بكل شيء في الوجود، فقد تكتنف الشيء أشياء ولا تكتنفه أخرى، والأشياء التي تكتنفه ليس دائماً وجودها شرطاً في بقائه، فقد تكون شرطاً لذلك وقد لا تكون. فالإنسان يكتنفه الضوء ويكتنفه الهواء، ومن شروط حياته الماء والغذاء ولكن لا علاقة له بالزهرة ولا بالمريخ، وليس معدن النحاس شرطاً من شروط حياته ولا الزئبق شيء لا يحيا بدونه. وبهذا يبرز أن الإنسان مرتبط بأشياء في الكون وغير مرتبط بأشياء أخرى، وأن الأشياء التي يرتبط بها منها ما يكتنفه وضروري لحياته ومنها ما يكتنفه وليس ضرورياً لحياته، وقل مثل ذلك في الحيوان والكواكب والجمادات وغير ذلك. وهذا يعني أنه ليس كل ما في الوجود مرتبطاً بعضه ببعض، وما دام ليس مرتبطاً به فليس هو جزءاً من ذلك الشيء، وبالتالي لا يشكل وإياه كلاً، فيكون اعتبار الطبيعة كلاً، واعتبار كل جزء منها متعلقاً بالآخر مخالفاً لواقع ما عليه الأشياء في العالم ومخالف لواقع الوجود المدرك المحسوس.
والإنسان وإن كان الماء شرطاً من شروط حياته، ولكنه أي الإنسان ليس شرطاً من شروط بقاء الماء ماءاً، والهواء وإن كان يكتنف الإنسان، ولكن الإنسان لا يكتنف الهواء ووجود الإنسان وعدمه ليس شرطاً من شروط بقاء الهواء، وقل مثل ذلك في الحيوان والشمس والجبل وغير ذلك، فإنها في الأشياء التي ترتبط بها ليس حتمياً أن تكون تلك الأشياء مرتبطة بها أيضاً، فلا يكون كل من هذه الأشياء المرتبطة متوقفاً بقاؤه على الآخر. وبالتالي لا يكون فهمه متوقفاً عليه بل يمكن أن يكون فهمه منعزلاً عما هو مرتبط به، فيمكن فهم الإنسان منعزلاً عن الماء ولو كان يكتنفه ويمكن فهم الماء منعزلاً عن الإنسان، ويمكن فهم الشمس منعزلة عن الإنسان ويمكن فهم النبات منعزلاً عن الهواء.. وهكذا. وعليه يكون من الخطأ القول إنه لا يمكن فهم الشيء إذا نظر إليه منفرداً بمعزل عن الأشياء المحيطة به.
والإنسان تحيط به الأشياء من كواكب كالأرض والشمس ومن جمادات كالجبال والأنهار ومن الأشياء حية كالنباتات والطيور ومع ذلك فالذي يحدده ما هو، إنما هو حقيقته الإنسانية وليس الأرض والشمس والجبال والأنهار والنباتات والطيور التي تحيط به وهو غير مرتبط بالبلد الذي يعيش به، فقد يقوم هو بتغيير البلد إلى الوضع الذي يريده هو كما يحصل مع المصلحين الانقلابيين، وقد يغير البلد فيرحل إلى بلد آخر، فهو إذن غير مرتبط بما يحيط به ارتباطاً حتمياً لا ينفصم عنه بل هو منفصل تماماً عما يحيط به يكيف نفسه كما يريد. وعلى هذا يكون من الخطأ القول بأن الشيء أو الحادثة إنما يكون كما تحدده الحوادث والأشياء التي تحيط به، لأن الواقع أن الأشياء والحوادث إنما تحددها ماهيتها وليس الأشياء المحيطة بها. وبهذا كله يظهر خطأ النقطة الأولى.